الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

التطرف في أوروبا ـ عندما تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف(ملف)

أبريل 30, 2024

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI  ـ ألمانيا  وهولندا

ملف التطرف في أوروبا – عندما تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف

تصفح الملف pdf  ملف التطرف في أوروبا – عندما تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف

يتناول الملف بالعرض والتحليل عودة ظهور ر التطرف من جديد في أوروبا في اعقاب حرب غزة، ويناقش الملف أسباب ظهور التطرف في أوروبا ونزوح الشباب في أوروبا نحو التطرف العنيف، و‏كيف تؤثر سياسات الدول الداخلية ومواقفها المزدوجة على صناعة الكراهية التي تنعكس على الأمن المجتمعي لدول أوروبا. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. ألمانيا ـ كيف تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف
  2.  التطرف في فرنسا، كيف ساهمت ازدواجية مواقف الحكومة بنشر التطرف؟
  3. ‏التطرف في بلجيكا وهولندا ـ سياسات حكومية ساهمت بنشر التطرف
**

1- ألمانيا ـ كيف تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف

ساهمت المواقف السياسية المزدوجة لدول أوروبا عامة، وفي ألمانيا خاصة بالتعامل مع الحرب في غزة، في استغلال الجماعات المتطرفة لتك الأوضاع، كذلك توجه بعض الشباب نحو التطرف، وهذا تتحمله الحكومات والدول الأوروبية. كذلك تنامى الانقسام في ألمانيا حول ازدواجية المعايير فيالتعامل مع حرب غزة، فهناك من يرى موقف ألمانيا كازدواجية معايير، يينما يراه آخرون مصلحة وطنية لألمانيا، ماجعل ألمانيا في مرمى الجماعات المتطرفة وفي حالة تأهب خشية وقوع هجمات إرهابية.

الدعم الألماني العسكري والسياسي لإسرائيل

يعد الدعم الألماني السياسي والعسكري لإسرائيل أحد الأسباب الرئيسية في تنامي التطرف . اجتمعت أحزاب الإئتلاف الحاكم والمعارضة في ألمانيا على التنديد بالهجوم الإيراني مع تجديد الدعم “الراسخ” لإسرائيل ولأمنها. يرى مراقبون أن هذا الملف قد يلقي بمزيد من الضغوط والانتقادات على حكومة المستشار “أولاف شولتز” على خلفية موقفها الداعم لإسرائيل، والذي ينطلق من اعتبار أن أمن إسرائيل مصلحة وطنية وأمن قومي لألمانيا.

كانت ألمانيا واحدة من ضمن (15) دولة أوقفت تمويلها للأونروا بسبب مزاعم أن واحدا من العاملين فيها كان ضالعا في هجمات السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل. تقول البروفيسورة “ماريتا أوير” المديرة التنفيذية لمعهد “ماكس بلانك” للتاريخ القانوني والنظرية القانونية، “إن المصلحة الوطنية تعني دائما تقديم المصلحة على القيم”. ولهذا “فهناك الكثير من التعقيد، ولكن يتم التخلص من كل التعقيد بسبب الخلط بين المفهومين”.

رفضت الحكومة الألمانية في يناير2024 تهمة ارتكاب “أعمال الإبادة” التي وجهتها جنوب إفريقيا لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، محذرة من “الاستغلال السياسي” لهذه التهمة وأن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة”. تضع ألمانيا أمن إسرائيل في “جوهر” سياستها الخارجية، حيث اقتنت إسرائيل (30%) من المعدات العسكرية، في العام 2023 من ألمانيا، وارتفعت مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل، التي بلغت قيمتها (326.5) مليون دولار، (10) مرات عن العام 2023.

أكد الفريق القانوني الألماني أمام محكمة العدل الدولية في أبريل 2024 أن معظم صادرات ألمانيا لإسرائيل هي معدات عسكرية ذات طبيعة ثانوية وليست أسلحة وذخائر، وأسلحة الحرب كالدبابات تتطلب ترخيصين من وزارتين على الأقل وترخيص آخر فيدرالي قبل السماح بتصديرها وتخضع لشروط صارمة.

أشارالفريق القانوني الألماني أمام محكمة العدل الدولية أن نحو (25%) من صادرات السلاح لم يكن هدفه الاستخدام في إسرائيل بل إعادة تصديره لدول أخرى. برلين. وأصدرت (4) تراخيص لتزويد إسرائيل بالسلاح لكنها لم تكن أسلحة قتالية، والمسيرات التي تحدثت عنها “نيكاراغوا” كانت في إسرائيل وجنودنا تدربوا عليها هناك”.

عبرّ أغلبية الألمان عن اعتقادهم بعدم وجود مبرر لما يقوم به الجيش الإسرائيلي في غزة بالرغم دعم برلين المطلق لإسرائيل في الحرب الدائرة بقطاع غزة، وحسب الاستطلاع في 16 يناير 2024، فقد أجاب (25%) منهم بـ”نعم” عل هل للأعمال العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مبرِّر رغم سقوط العديد من الضحايا المدنيين؟. فيما أجاب (61%) الباقون بـ”لا”، أما (14%) فلم يكن لهم رأي بقولهم: “لا أدري.

سياسات مزدوجة للتعامل مع حرب غزة

ساهمت السياسات المزدوجة للتعامل مع حرب غزة في تزايد انجذاب الشباب في ألمانيا نحو التطرف، وإلى الجماعات المتطرفة. يرتفع الجدل في ألمانيا حول ازدواجية المعايير، فمن جانب، يرى سياسيون موقف ألمانيا كازدواجية معايير، يينما يراه آخرون واجب على ألمانيا ومصلحة وطنية. حظرت السلطات الألمانية المسيرات المؤيدة للفلسطينيين لمدة شهر تقريبا بعد بدء الحرب. كما وجهت بعض الدول اتهامات لإلمانيا بإسكات الأصوات المؤيدة للفلسطينيين. ويخشى الناشطون أن تكون حرية التعبير على المحك.

تعاملت الحكومة الألمانية “بنوع من الحذر” مع الحصيلة التي تعلنها حركة حماس للضحايا منذ بدء الحرب. شدّد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” على أن الدول الاوروربية تواجه مشاعر عداء متزايدة بسبب اتهامات بالتحيز لإسرائيل وازدواجية المعايير بشأن الحرب في غزة.

ألغت السلطات الألمانية “مؤتمر فلسطين” الذي كان من المفترض أن ينعقد في برلين ابتداءً من 12 أبريل 2024، وعزت الشرطة تفريق الحشد بعد أن تحدث سياسي في المؤتمر المنعقد منعته الشرطة من ممارسة النشاط السياسي في ألمانيا بسبب معاداته للسامية. وطُلب من ما يصل إلى (250) مشاركا في المؤتمر مغادرة موقع الحدث، ما دفع مئات الألمانيين للتظاهر احتجاجا على إلغائه.

السيناريوهات المحتملة لتنفيذ هجمات إرهابية في ألمانيا

أشار تقرير إلى أن حرب غزة تسببت في زيادة المخاوف الألمانية من “الإرهاب الإسلاموي المتطرف” في 24 فبراير 2024. حيث قفز التهديد الذي يشكله “الإرهاب الإسلاموي المتطرف” إلى المرتبة الثانية. أكدت وزارة الداخلية الألمانية في 17 مارس 2024 إن السيناريوهات المفترضة لشن هجمات إرهابية خلال “EURO 2024” تشمل محاولات إطلاق طائرة مسيرة محملة بمتفجرات، وشن هجمات على أفراد الشرطة أو على البنى التحتية، كمحطات المترو واحتجاز رهائن، وكذلك شن هجوم كيميائي أو بيولوجي أو نووي. أمن دولي ـ هل يتدخل الناتو لحماية الجنود الفرنسيين في أوكرانيا؟

ما زالت ألمانيا في حالة تأهب خشية وقوع هجمات منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023، فيما حذّر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية في البلاد من أن خطر وقوع هجمات من هذا النوع “حقيقي وأعلى مما كان عليه منذ فترة طويلة. ويسود القلق خصوصا حيال حدوث أي خروقات أمنية فيما تستعد لاستضافة مباريات ضمن بطولة كأس أوروبا في كرة القدم اعتبارا من يونيو حتى يوليو 2024.

أثرت حرب ومقتل آلاف المدنيين في قطاع غزة على الأمن في ألمانيا، ويظهر ذلك من خلال من الإحصاءات المتعلقة بالتطرف ذات الدافع السياسي في 15 أبريل 2024. سجلت الشرطة (5154) عملا في جميع أنحاء البلاد يشتبه فيها بدوافع معادية للسامية، وهو عدد أكبر بكثير مما كان عليه في العام 2023. تم الإبلاغ عن (765) جريمة معادية للسامية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2024. وأصيب (53) شخصا في جرائم معادية للإسلام في ألمانيا العام 2023. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2024، أحصت الشرطة (9) أشخاص.

تنامي التطرف على منصات التواصل الاجتماعي

كشفت دراسة في 15 فبراير2024 مدى انتشار خطابات التطرف والكراهية الرقمية فمن بين (3000) مشارك أعمارهم (16) عاما فما فوق، قال (50%) منهم إنهم يتجنبون التعبير عن أنفسهم سياسيا والمشاركة في المناقشات بسبب الخوف. هناك (50%) من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم تعرضوا لخطابات تطرف وكراهية على الإنترنت مرة واحدة على الأقل، وأبلغ (13%) منهم عن تعرضهم للعنف. محاربة التطرف ـ عوامل النزوح نحو التطرف

أكدت “يوليانه زايفرت” سكرتيرة الدولة بوزارة الداخلية في 24 يناير 2024 أن “لكن بالطبع من الواضح أننا نعيش في أوقات صعبة بشكل خاص عندما تنظر إلى حرب روسيا ضد أوكرانيا، وعندما تنظر إلى حرب غزة، وعندما تنظر أيضا إلى التحديات الجديدة”الاستعدادات مستمرة منذ عدة أشهر، منذ أكثر من عام، ويمكنك التأكد من أننا مستعدون جيدًا للغاية.

محاولات الجماعات المتطرفة لتجنيد الشباب في ألمانيا

خلقت حرب غزة في 20 أكتوبر 2023 فرصة للجماعات المتطرفة للدعوة إلى التطرف أو التحريض أو الدعاية أو التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي. دعت مجموعة “Muslim Interaktiv” لتنظيم العديد من الاحتجاجات والمظاهرات في 20 أكتوبر 2023. وينسب ذلك إلى حزب التحرير، المحظور في ألمانيا منذ عام 2003 واستخدمت في تلك المظاهرات رموز وأعلام تنظيم “القاعدة” و”داعش”.

ذكرت خبيرة التطرف “كلوديا دانتشكي” أن الاحتجاجات التي شهدتها مدينة “هامبورغ” “بشكل جديد تمامًا” أظهرت أنه ينبغي أيضا حظر المنظمة التي خلفتها “Muslim Interaktiv”. وأضافت “دانتشكي” : “إن الاستخدام الجماعي لهذه الأعلام فقط يجب أن يزود السلطات الأمنية بالأدلة الكافية”. وتوضح “دانتشكي” أن عدم ظهور الأعلام الفلسطينية في المظاهرة يدل على أن المجموعة غير مهتمة بمعاناة الفلسطينيين. وأضافت “إنهم يستغلون الوضع الحالي في إسرائيل وقطاع غزة لإثارة مشاعر الشباب ونشر أيديولوجيتهم”.

المتطرفون يستغلون حرب غزة 

وتظاهر أكثر من 1000 إسلاموي في هامبورغ، ويطالبون بإقامة “الخلافة”. وترى الوزيرة فيسر أن الدولة عليها واجب منع التطرف. وشارك أكثر من ألف شخص في مسيرة نظمها إسلاميون في هامبورج  يوم 27أبريل 2024. وفي منطقة سانت جورج، احتجوا على سياسة الإسلاموفوبيا المزعومة والحملة الإعلامية المزعومة في ألمانيا . وبحسب المعلومات الواردة من مكتب هامبورغ لحماية الدستور، فإن الشخص الذي سجل التجمع هو مقرب من مجموعة “مسلم إنتراكتيف”، المصنفة على أنها ذات إيديولوجية متطرفة مؤكدة. ويمكن قراءة شعارات مثل “ألمانيا ” ديكتاتورية القيم” أو “الخلافة هي الحل” على الملصقات. واتهم المتحدثون السياسيين ووسائل الإعلام بـ “الأكاذيب الرخيصة” و”التقارير المضللة” التي تهدف إلى وصم جميع المسلمين في ألمانيا بأنهم إسلاميين على خلفية حرب غزة.

توجد مواقف مؤيدة لإسرائيل ومؤيدة للفلسطينيين في المشهد اليساري المتطرف الألماني فالمشهد منقسم في هذا الصدد، ويحشد الجانبان للمشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات، ولكن بشكل عام فإن عدد الأحداث المتطرفة اليسارية صغير. يستغل المتطرفون اليمينيون الألمان الوضع الحالي للتحريض ضد المسلمين والمهاجرين. هناك جماعات يمينية تتخذ إجراءات ضد المسلمين وضد الهجرة ككل، وأن الهجمات على المسلمين غالبا ما تمر دون أن يلاحظها أحد في الأماكن العامة. يؤكد “مارسيل فورستيناو” الخبير في السياسة والتاريخ المعاصر في 29 نوفمبر2023 أن اليمين المتطرف في ألمانيا يستخدم حرب غزة للتحريض ضد المسلمين والمهاجرين. محاربة التطرف في أوروبا ـ صناعة الكراهية، تقييم المعايير والتحديات. بقلم جاسم محمد

 

**

2-  التطرف في فرنسا، كيف ساهمت ازدواجية مواقف الحكومة بنشر التطرف؟

تشهد أوروبا منذ بداية حرب غزة 7 أكتوبر 2023 تصاعداً ملحوظاً في ظاهرة التطرف. تعود أسباب هذا الارتفاع إلى العديد من العوامل المعقدة التي تتضمن التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تعتبر حرب غزة حدثًا مؤثرًا بشكل خاص، حيث أدت التوترات الناجمة عنها إلى تصاعد المشاعر العدائية والتمييز العرقي في البلدان الأوروبية ومنها فرنسا. التي تشهد تزايداً ملحوظاً في حالات التطرف. يستغل المتطرفون هذه الظروف لترويج أفكارهم المتطرفة وجذب المزيد من المؤيدين. ينبغي أن يتعامل المجتمع الفرنسي مع هذه الظاهرة بجدية ويعمل على تعزيز التسامح والتفاهم الذي يعداها للحد من انتشار التطرف.

نشرت الجماعات المتطرفة منذ 7 أكتوبر 2023 بيانات تحريضية، تهدف إلى إعادة تنظيم صفوفها، والتخطيط لهجماتها، والبدء بنشاط في تجنيد مقاتلين جدد. وقد عرضت وسائل الإعلام الخاصة بهم صوراً مؤلمة لأطفال فلسطينيين استشهدوا لطمس الفروق بين الدفاع المبرر عن قضية نبيلة وبين تطرفهم وعنفهم  مستغلين، بعبارة أخرى، الوضع المضطرب على الأرض لتعزيز أيديولوجيتهم المناهضة للغرب. والوصول إلى جمهور أوسع، وتثير هذه التهديدات قلق الحكومات الأوروبية.

الموقف الفرنسي من حرب غزة

زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل في 24 أكتوبر2023، بعد أكثر من أسبوعين من الهجمات التي نفذتها حماس وقال الإليزية إن الهدف هو تقديم الدعم الكامل لتل أبيب. ومع استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة دعم ماكرون بشكل مستمر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. خلال زيارته لتل أبيب بدأ ماكرون زيارته بلقاء عائلات الضحايا الفرنسيين في اعتداء 7 أكتوبر، بما في ذلك عائلات المفقودين التسعة، في صالة بمطار بن غوريون. كما دعم حزب التجمع الوطني، وهو أكبر حزب معارضة في البرلمان الفرنسي والذي يتقدم على الوسطيين بزعامة إيمانويل ماكرون في الانتخابات الأوروبية 2025، بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر وما تلاها من قصف لغزة.

أعلن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه 18 يناير 2024 أن فرنسا لا تدعم الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية والتي تتهمها بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. وقال سيجورنيه أمام البرلمان إن “اتهام الدولة العبرية بارتكاب إبادة جماعية يتجاوز عتبة أخلاقية…لا يمكن استغلال مفهوم الإبادة الجماعية لغايات سياسية”.

استضافت باريس في 28 يناير 2024  محادثات بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وقطريين ومصريين بشأن صفقة مقترحة لإطلاق المزيد من الرهائن وهدنة طويلة الأمد. وكان هذا الحدث مثالاً جيداً للدور الذي لعبته فرنسا في أزمة غزة، ومد الجسور بين اللاعبين الغربيين والشرق أوسطيين على الرغم من نفوذها المحدود على الأرض. وقد كان النهج الذي اتبعته فرنسا في التعامل مع أزمة غزة موضع انتقادات من كلا الجانبين. وقد استنكر بعض المراقبين المسار الذي يرون أنه موات بشكل متزايد لإسرائيل، في حين اتهم آخرون باريس بخرق الصف مع الغرب. من جانبها، تدعو فرنسا إلى “موقف متوازن” يقوم على ثلاث ركائز: الأمنية، والإنسانية، والسياسية.محاربة التطرف في أوروبا ـ أزمة الهوية، الأسباب والمعالجات

ازدواجية السياسات الحكومية

تواجه فرنسا، كغيرها من الدول الأوروبية، تحديات جمة في مكافحة التطرف، وتثير بعض السياسات الحكومية المتبعة في هذا الصدد اتهامات بالازدواجية.  تُوجه انتقادات لتركيز الحكومة الفرنسية بشكل كبير على التطرف الإسلامي، بينما تتجاهل أشكالًا أخرى من التطرف، مثل التطرف اليميني أو معاداة السامية. واجهت قوانين مثل “قانون مكافحة الانفصال” و”قانون مكافحة الإسلام السياسي” انتقادات لكونها تُقيد الحريات المدنية وتُستهدف المسلمين بشكل غير متناسب. تتهم بعض الجهات الحكومة الفرنسية بممارسات تمييزية ضد المسلمين، مثل الاستنكاف عن توظيفهم في وظائف حكومية معينة أو ممارسات التوقيف والتحقق من الهوية.  تُتهم الحكومة الفرنسية أحيانًا بالتغاضي عن خطاب الكراهية والعنف من قبل جماعات اليمين المتطرف، أو حتى التعاون معها في بعض الحالات.

تُعتبر معالجة الحكومة الفرنسية للتطرف اليميني غير كافية مقارنةً بتعاملها مع التطرف الإسلامي، مع تخصيص موارد أقل وبرامج وقائية محدودة. ازدياد نفوذ اليمين المتطرف: شهدت فرنسا في السنوات الأخيرة ازديادًا في نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة، دون سن سياسات فعالة لكبح جماحها. تُوجه انتقادات لفرنسا لتعاونها مع دول أخرى في مكافحة التطرف، خاصةً دول شمال إفريقيا، حيث تُتهم بقبول ممارسات تلك الدول المُقيدة للحريات المدنية. تُتهم فرنسا بتطبيق معايير مزدوجة في تعاونها الدولي، حيث تُظهر تساهلاً أكبر مع بعض الدول في مجال حقوق الإنسان بينما تُشدد على تلك المعايير مع دول أخرى.ألمانيا ـ كيف تساهم السياسات الحكومية بنشر التطرف

واقع التطرف في فرنسا

يُعد التطرف ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه في فرنسا، تتجلى بأشكال مختلفة، تشمل، أولاً التطرف اليميني، الذي يتميز بنظرة قومية متشددة، ومعارضة الهجرة، والإسلاموفوبيا، والميل إلى السلطوية. وقد شهدت فرنسا ازديادًا ملحوظًا في نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل “التجمع الوطني” بقيادة مارين لوبان. ثانيًا، التطرف الإسلامي، الذي يتبنى أفكارًا متشددة للإسلام، ويسعى إلى تطبيقها بشكل صارم، غالبًا ما باستخدام العنف. شهدت فرنسا خلال السنوات الماضية هجمات إرهابية نفذها متطرفون إسلاميون. وثالثاً، التطرف اليساري الذي يتبنى أفكارًا ثورية معادية للرأسمالية، ويدعو إلى التغيير الجذري للمجتمع. شهدت فرنسا نشاطًا لجماعات يسارية متطرفة، مثل “الحركة الاجتماعية” و “اللجان المناهضة للفاشية”.

عوامل مساهمة في زيادة التطرف

هناك عدة أسباب تشكلت لتنامي ظاهرة التطرف الإسلاموي واليميني في فرنسا. أولاً، يعزى ذلك إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية، حيث يعاني بعض المجتمعات الفرنسية من التهميش والبطالة، مما يؤدي إلى الشعور بالاستبعاد والغضب. ثانياً، يلعب التأثير الإعلامي دورًا كبيرًا في تعزيز هذه الظاهرة، حيث يتم ترويج الأفكار المتطرفة والمتطرفين على نطاق واسع، مما يؤدي إلى تأثير سلبي على الشباب وتشجيعهم على المواقف المتطرفة. وأخيرًا، التوترات الثقافية والدينية تلعب أيضًا دورًا في تكوين هذه الظاهرة، حيث يواجه المجتمع الفرنسي تحديات في التعايش مع التنوع الثقافي والديني، مما يؤدي إلى زيادة الانقسامات وانعدام الفهم المتبادل. هذه العوامل مجتمعة تساهم فيتنامي ظاهرة التطرف الإسلاموي واليميني في فرنسا.

خريطة الهجمات المتطرفة من 7 أكتوبر 2023

شهدت فرنسا خلال هذه الفترة بعض الحوادث المُقلقة ذات الدوافع المتطرفة منذ 7 أكتوبر 2023. قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، فب 5 ديسمبر2023 إنه تم تسجيل أكثر من 1500 عمل معاد للسامية في شهر نوفمبر 2023، بعد شهر واحد من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أي ثلاثة أضعاف ما تم تسجيله في عام 2022 بأكمله. وأدى ذلك إلى اعتقال 600 شخصًا داخل فرنسا. كما تصاعدت الكراهية على الإنترنت ضد اليهود والمسلمين. ارتفع المحتوى المعادي للسامية بنسبة 1000 بالمائة تقريبًا على (X) ، خلال شهر واحد، كما تم الإبلاغ عن زيادة كبيرة في معاداة السامية وكراهية الإسلام على موقع يوتيوب ، فيحين زاد المحتوى المعادي للمسلمين بنسبة 300% في الأسبوع الذي أعقب هجوم حماس. في 26  يناير 2024 اعتقل رجل يبلغ من العمر 20 عامًا في مدينة مرسيليا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي. و10 فبراير 2024: طعن رجل شرطة بسكين في مدينة نانت. وُصف المهاجم بأنه “مُتأثر بالأفكار المتطرفة”. و15 مارس 2024: إضرام النار في مسجد في مدينة ليل. لم تقع إصابات، لكن تمّ تصنيف الحادث على أنه هجوم ذو دوافع معادية للمسلمين. وفي 27 أأبريل 2024: حاول رجل دهس رجال شرطة بسيارته في ضاحية كولومبوس بباريس. تمّ اعتقال المشتبه به بتهمة “محاولة اغتيال أشخاص مسؤولين عن سلطة عامة فيما يتعلق بمشروع إرهابي”.ملف التطرف في أوروبا ـ حرب غزة تغذي الإسلاموفوبيا والكراهية

الذئاب المنفردة

تشكل الذئاب المنفردة الإرهابية خطرًا متناميًا في فرنسا. تعتبر هذه الظاهرة المقلقة استنزافًا لأمن البلاد واستقرارها. تتميز الذئاب المنفردة بتنفيذ أعمالها الإرهابية بشكل فردي، مما يجعلها أكثر صعوبة في التعقب والكشف عنها قبل وقوع الهجمات. تستخدم هذه الجماعات التكتيكات المتطورة والعنف المتزايد لتحقيق أهدافها المتطرفة. يرى مسؤولو الأمن الأوروبيون خطرا متزايدا لشن هجمات من قبل إسلاميين تحولوا إلى التطرف بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، ومن المرجح أن يأتي التهديد الأكبر من مهاجمين “ذئاب منفردة” يصعب تعقبهم. وقال أكثر من عشرة مسؤولين في المخابرات والشرطة في خمس دول أوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا إنهم يزيدون من مراقبة المتشددين الإسلاميين.

يُساعد انتشار الأفكار المتطرفة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على جذب الأفراد المنعزلين إلى التطرف. قد يلجأ بعض الأفراد الذين يعانون من الشعور بالتهميش والبطالة وقلة الفرص إلى التطرف كوسيلة للتعبير عن غضبهم وإحباطهم. قد يؤدي ضعف التواصل الاجتماعي والعلاقات الأسرية إلى شعور بعض الأفراد بالوحدة والعزلة، مما يجعلهم عرضة للتطرف. تُعزز السلطات الفرنسية من إجراءاتها الأمنية لمراقبة الأفراد المشتبه بهم ومنع وقوع الهجمات. تُسن قوانين وتُتخذ إجراءات لمكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت وفي وسائل الإعلام. تُنفذ برامج تهدف إلى الوقاية من التطرف وتعزيز التسامح والاحترام بين مختلف أفراد المجتمع. تُقدم خدمات الدعم النفسي للأفراد المعرضين لخطر التطرف. يصعب على السلطات تحديد “الذئاب المنفردة” بسبب عدم وجود سلوكيات أو سمات مميزة واضحة.

صناعة الكراهية داخل فرنسا

تشكل قضية معقدة ومتنوعة، حيث تنطوي على عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية. على الرغم من التزام فرنسا بحقوق الإنسان والمساواة، إلا أنها تواجه تحديات في مجال تعاملها مع التعددية الثقافية والدينية. تظهر بعض الأحداث العنيفة والتمييز والتحامل بين المجتمعات المختلفة داخل البلاد. لذا، من المهم أن تعمل فرنسا على تعزيز التفاهم والتسامح بين أفراد المجتمع، وتعزيز الحوار والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز التعليم وتقديم فرص التواصل والتفاعل الإيجابي بين الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لمكافحة الكراهية والتمييز، وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين في فرنسا.التطرف ـ الأيديولوجية أساس عمل الجماعات الإسلاموية المتطرفة

**

3- ‏التطرف في بلجيكا وهولندا ـ سياسات حكومية ساهمت بنشر التطرف

وضع التصعيد الراهن في منطقة الشرق الأوسط، أوروبا أمام اختبار جديد يتعلق بدورها في لعب دور الوسيط دولياً لتهدئة الموقف، وقدرتها على مواجهة تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على المجتمع والأمن القومي الأوروبي، إضافة إلى إدارة الأوضاع السياسية وتحقيق استراتيجية التوازن بين دعم إسرائيل ومنع تدهور الوضع الإنساني في غزة، لاسيما وأن مواقف الحكومات الأوروبية من حرب غزة، تسببت في تصاعد خطاب الكراهية، والجرائم المتعلقة بدوافع متطرفة نابعة من التعاطف مع إسرائيل وأخرى ناتجة عن التضامن مع غزة.

بلجيكا

عودة ظاهرة التطرف بعد حرب غزة

‏تعد بلجيكا نموذجاً مختلفاً بين دول أوروبا في طبيعة التهديدات التي تواجهها منذ عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، وما تبعها من قصف وحصار إسرائيلي على قطاع غزة، خاصة وأن بلجيكا تضم أحياء ينتشر فيها متطرفون إسلاميون، وينظر إليها كبؤر كامنة حاضنة للتطرف، يتجدد ظهوره مع كل فترات سياسية مضطربة يشهدها العالم. وأشار السياسي والدبلوماسي الأمريكي ألكسندر ماندال في 11 فبراير 2024، إلى أن مظاهر التطرف تخيم على بروكسل رغم مرور نحو (8) سنوات على الهجمات الدامية التي شهدتها أوروبا، منوهاً في تحقيقه بصحيفة “‘لوجورنال دوديمانش” إلى ديكورات ومكتبات بيع كتب ومحال تجارية تضم مظاهر التطرف الإسلاموي، التي تستغل قوانين الدولة المتعلقة بحرية الاعتقاد، ما يزيد المخاوف من استغلال الجماعات الإسلاموية المتطرفة حرب غزة لنشر أفكارها بين الشباب. وأكد حميد بنيشو ضابط الشرطة السابق في المنطقة الشمالية لبروكسل، أنه بالرغم من اختفاء بعض المظاهر الدينية، و استبدال بعض الشباب المتطرفين ملابسهم المعتادة ببذلة رسمية، إلا أن الأفكار ربما لم تتغير، لاسيما مع تجدد الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

أكد مركز تكافؤ الفرص في بلجيكا المعني بمكافحة العنصرية، ارتفاع مثير للقلق في عدد التقارير الخاصة بالجرائم المتعلقة بالصراع بين إسرائيل وحماس وسجل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 7 ديسمبر 2023، (91) بلاغاً متعلقاً بحرب غزة، ويمكن تصنيف (9) حوادث كجرائم كراهية، وحملت (66) حادثة إشارات مباشرة إلى الأصل اليهودي، بينما حملت (8) حالات إشارات إلى أصل معتقدات دينية إسلامية. ونوه مدير المركز إلس كيتسمان، إلى أنه أكثر من نصف هذه التقارير جاءت عبر شبكة الإنترنت، مطالباً بتحليل ومعالجة خطاب الكراهية الذي لا يمكن تبريره بالوضع في الشرق الأوسط، وشدد على أن بلاده مع الحق في حرية التعبير عن الرأي، ولكنها ترفض التحريض على العنف والتمييز جراء خلفية معينة متطرفة. لذا أطلقت بلجيكا آلية التنسيق الحكومية الدولية الجديدة لمكافحة معاداة السامية، بهدف التصدي لخطابات الكراهية. وكشفت التقارير عن عودة ظاهرة الكتابة على الجدران والعبارات المعادية للسامية، وفتحت بلجيكا تحقيقاً في 24 نوفمبر 2023، حول تشويه نحو (85) قبراً يهودياً بمدينة شارلروا.

ذكرت هيئة التنسيق البلجيكية لتحليل التهديدات (CUTA) في 27 نوفمبر 2023، أن زيادة التقارير المتعلقة بالتهديدات ضد اليهود، أدت لزيادة اليقظة الأمنية، خاصة وأنه ورد (70) تقريراً عن تهديدات، نصفهم معاديين للسامية عبر حوادث صغيرة النطاق بالشارع البلجيكي، وأخرى على شبكات التواصل الاجتماعي، لذا صنفت الاستخبارات البلجيكية (64) فرداً على أنهم متطرفين يمينيين، واخضعت (702) فرداً للمراقبة الأمنية.محاربة التطرف في أوروبا ـ تدابير وسياسات في أعقاب حرب غزة

لماذا يميل الشباب نحو التطرف ؟

رغم أن مواقف بلجيكا تبدو أكثر اتزاناً عن باقي دول أوروبا، في التعامل مع دعم إسرائيل، إلا أن المواطن البلجيكي لا يستطيع التمييز بين هذه المواقف وسياسات الاتحاد الأوروبي ككل في التصدي لممارسات إسرائيل، وفي 18 أكتوبر 2023 تم اعتقال طالب لجوء فلسطيني في بروكسل، بعد يوم من زيارته لمنظمة تخص مساعدة المهاجرين وحديثه عن التخطيط لهجوم انتحاري. وانتقد نواب معارضون حكومة بلادهم بعدم التدخل لمحاربة معاداة السامية، عقب زيارة رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إلى إسرائيل في ديسمبر 2023، وحثه لحكومة بنيامين نتنياهو بضرورة توخي الحذر في قتل المدنيين، وتأكيده على أهمية إيصال المساعدات لقطاع غزة، وتجمع (4000) شخص في بروكسل في 11 ديسمبر 2023، للتنديد بمعاداة السامية، وأكدوا رفضهم لجميع أشكال العنصرية، وأحدثت المسيرة انقساماً بين السياسيين البلجيكيين والجالية اليهودية، بعد انتقاد الجالية للأحزاب بتشجيعهم لمعاداة السامية.

الموقف من حرب غزة

دارت تصريحات المسؤولين البلجيكيين بين إدانة عملية حركة حماس، ورفض العقاب الجماعي للفلسطينيين، وقدم البرلمان البلجيكي مسودة قانون لحظر التجارة مع المستوطنين بالأراضي الفلسطينية. وشددت بلجيكا على ضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لغزة، وطالبت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر الحكومة في 8 نوفمبر 2023، بفرض عقوبات على إسرائيل والتحقق في قصف المستشفيات ومخيمات اللاجئين بغزة، داعية لزيادة تمويل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للتحقيق في عمليات القصف. وطالب رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو في 10 نوفمبر 2023، الاتحاد بدراسة منع الإسرائيليين المتطرفين الذين يدعون للعنف ضد الفلسطينيين من زيارة أوروبا. وأعلنت وزيرة الخارجية البلجيكية حجة لحبيب في 2 فبراير 2024، استدعاء سفيرة إسرائيل ببلادها، بعد غارات طالت مكاتب وكالة التنمية البلجيكية بغزة.

أبدت بلجيكا رغبتها في 11 مارس 2024، للتدخل في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بالقطاع الفلسطيني، وتقديم تفسير للمادة (2) من الاتفاقية الأممية لعام 1948 بشأن “جريمة الإبادة الجماعية”. وأيدت بلجيكا في 28 أكتوبر 2023، قرار الأمم المتحدة للبدء في هدنة إنسانية بغزة، وكانت في مقدمة الداعيين لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن في 24 يناير 2024. وأعلنت في 3 أبريل 2024 أنها ستدرس الاعتراف بدولة فلسطين، وأكدت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر في 20 أبريل 2024، أن بلادها ستقود مراجعة الاتفاقية التي تمنح إسرائيل امتيازات تجارية بسوق الاتحاد الأوروبي، وستشارك في رعاية قرار لدعم العضوية الأممية الكاملة لفلسطين.

واقع التطرف بعد حرب غزة

تبعات حرب غزة طالت بلجيكا بشكل متسارع، وفي 16 أكتوبر 2023 قال المدعي الاتحادي إن شخصا أعلن نفسه متشدداً يستلهم أفكاره من تنظيم “داعش” قتل بالرصاص مواطنين سويديين في وسط بروكسل، وتمكنت الشرطة بعدها بيومين من قتل هذا الشخص. وفي 10 نوفمبر 2023 اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب شخصين، يشتبه في انضمامهما لجماعة يمينية تخطط لهجمات وتحرض على العنف، وكتب متطرفون عبارات تهديد على جدران معابد يهودية في بلجيكا، وحذرت وزيرة الداخلية البلجيكية أنيليس فيرليندن في 2 يناير 2024، من تهديد طويل الأمد للأمن الأوروبي في حال طال أمد حرب غزة، بعد حصول محللين على معلومات استخباراتية عن الأنشطة الناجمة من هذا الصراع. وأوقفت الشرطة في 3 مارس 2024، بالغاً و(3) قاصرين للاشتباه في تبادلهم رسائل تتعلق بالتخطيط لهجوم إرهابي، وأعلنت الهيئة البلجيكية المكلفة بتحليل التهديد الإرهابي “أوكام” في 27 مارس 2024، أنها ترصد (650) شخصاً باعتبارهم متطرفين، وينتمي منهم (88%) لتيارات إسلاموية ، و(9%) لليمين المتطرف، و(2%) للتطرف اليساري.ملف: أمن دولي – حرب غزة وتداعياتها الأمنية دولياً

هولندا

عودة ظاهرة التطرف بعد حرب غزة

أشارت هيئة رقابة هولندية في 9 نوفمبر 2023 إلى ارتفاع الأعمال المعادية للسامية (800%) منذ 7 أكتوبر، وتعد هذه النسبة أعلى عن المتوسط الشهري المسجل خلال السنوات الـ (3) الماضية. وتم رصد تهديدات لطلاب يهود بإحدى المدارس الهولندية، وربطت الأجهزة الأمنية بين هذه الحوادث وتصاعد خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد حرب غزة. وارتفع التهديد الإرهابي إلى الدرجة الرابعة جراء استعداد جماعات إسلاموية لشن هجمات إرهابية، واستخدمت تنظيمات مثل داعش والقاعدة حرب غزة، لكسب متعاطفين معها لتنفيذ هجمات، ورصدت السلطات الهولندية حوادث فردية تستهدف اليهود في بعض الأحياء، وفي 27 مارس 2024 وصفت (3) سيدات، سيدة يهودية بـ “قاتلة أطفال” عقب انتشار منشورات بالمنطقة تشير إلى أن أبنة السيدة جندية إسرائيلية.

لماذا يميل الشباب نحو التطرف ؟

حذرت المفوضية الأوروبية في 5 نوفمبر 2023، من تصاعد الحوادث المعادية للسامية في جميع أنحاء أوروبا بعد رصد حالات عنف ضد اليهود بهولندا. وتسببت حرب غزة في تأجج ظاهرتي معاداة السامية والإسلاموفوبيا، ورفعت منظمات حقوقية في 4 ديسمبر 2023، دعوى قضائية ضد المحكمة الهولندية، لتزويد هولندا لإسرائيل بقطع لطائرات (إف-35)، محذرة من تواطؤها بجرائم حرب محتملة. وحاولت أمستردام تبرئة نفسها، بالتأكيد على أنها لا تملك سلطة للتدخل في عمليات التسليم كونه جزءاً من دور واشنطن لتزويد جميع الشركات ببرنامج “إف-35” بالقطع العسكرية، وتستضيف هولندا أحد المستودعات لأجزاء هذه الطائرات المملوكة لواشنطن.

جاءت هذه الأحداث مع صعود اليمين المتطرف بهولندا في الانتخابات الأخيرة، ما منح السياسي اليمني خيرت فيلدرز فرصة، للربط بين الهجرة والإرهاب، الأمر الذي يزيد التطرف داخل المجتمع الهولندي، لذا شهدت أمستردام مظاهرات للناشطين من الجاليات العربية والمسلمة في 10 مارس 2024 للتنديد بمشاركة الرئيس الإسرائيلي في افتتاح “المتحف الوطني للهولوكست” وندد رئيس الجالية الفلسطينية بهولندا أيمن نجمة بدعم الحكومة لإسرائيل، مشيراً إلى أنه (70%) من الشباب الهولندي أبدوا اهتماماً بفلسطين، ما أدى لتغيير في الخطاب السياسي الهولندي تدريجياً.

الموقف من حرب غزة

تأرجح موقف هولندا من أحداث غزة، وفي 16 أكتوبر 2023 قال رئيس وزراء هولندا مارك روته، إن “عمليات إسرائيل ضد حماس ضرورية، ولكن يلزم تنفيذها في نطاق القانون الدولي” وامتنعت في 27 أكتوبر 2023 عن التصويت على القرار الأممي بشأن الهدنة بغزة، ما أثار غضب (200) موظف بالقطاع العام ليتقدموا بطلب للحكومة لحث إسرائيل على وقف قصف غزة، وانتقدت وزيرة العدل ديلان يسيلغوز هذا الطلب، مؤكدة أن السياسيين هم الذين يحددون الخط السياسي. واستمرت هولندا في تزويد إسرائيل بقطع طائرات “إف-35” بعد أن قضت محكمة لاهاي بأن هذا القرار هو سياسي يجب ألا يتدخل فيه القضاء. ودعت الخارجية الهولندية في 21 نوفمبر 2023، إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي، وامتنعت هولندا في 12 ديسمبر 2023، عن التصويت على مشروع قانون وقف إطلاق النار بغزة بالأمم المتحدة، وبالرغم من هذا الموقف أعلنت في يناير 2024 رفضها دعوات تهجير الفلسطينيين، مجددة دعوة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وحذرت في الأمم المتحدة من تدهور وضع سكان غزة.التطرف في أوروبا ـ حرب غزة تزيد الإسلاموفوبيا

واقع التطرف بعد حرب غزة

رفع جهاز مكافحة الإرهاب الهولندي في 12 ديسمبر 2023، مستوى التأهب لمواجهة التهديدات الإرهابية لثاني أعلى درجة، قبل 3 أيام من توقيف أشخاص بهولندا يشتبه في انتمائهم لحماس والتخطيط لهجمات على مؤسسات يهودية. ومع تصاعد المخاوف من تفاقم الوضع، سحب الزعيم اليميني الهولندي المتطرف خيرت فيلدرز في 9 يناير 2014، مقترحات فرض حظر على المساجد وقيود على الحقوق الأساسية للمسلمين. وأكدت المخابرات الوطنية الهولندية في 23 أبريل 2024، أن التهديدات التي تستهدف هولندا ترتبط بشكل متزايد بالاضطرابات العالمية في مقدمتها حرب غزة، منوهة إلى أنها أحداث تثير المتطرفين بعد حوادث حرق القرآن في 2023.

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– تواجه ألمانيا تهديدات معقدة ومتوترة بسبب حرب غزة وأوكرانيا والهجوم الإسرائيلي على إيران، حث منحت تلك الأزمات مختلف الجماعات المتطرفة في ألمانيا فرصة لنشر التطرف.

– يعد الدعم الألماني السياسي والعسكري لإسرائيل، بالإضافة إلى السياسات المزدوجة للتعامل مع حرب غزة، من أبرز الأسباب والعوامل الرئيسية التي أدت إلى تنامي التطرف في ألمانيا وانجذاب الشباب إلى الجماعات المتطرفة.

– لا يمكن مقارنة الوضع في ألمانيا بالفترة من 2015 إلى 2017، عندما كان هناك خطر متزايد لوقوع هجمات إرهابية، ومن الممكن أن يشعر الأفراد بالانجذاب إلى الدعايا المتطرفة على منصات التواصل الاجتماعي.

– نجحت ألمانيا في الحد من العمليات الإرهابية بالرغم من تنامي التطرف، لكنها لم تنجح في إيجاد معالجات حقيقية للحد من التطرف، سواء على أرض الواقع أو منصات التواصل الاجتماعي.

– أصبح دعم ألمانيا اللاّمشروط لإسرائيل مُحرجاً وبشكل متزايد، بعد أن أيدت الحرب على غزة، ما قد يؤثر مستقبلا على صناعة الكراهية والتطرف التي تنعكس على الأمن المجتمعي في ألمانيا.

– من المرجح أن يكون مشهد وسيناريو العمليات الإرهابية للذئاب المنفردة محدود خاصة ما قبل وخلال بطولة “EURO 2024″، ‏أما تهديد “داعش ـ خراسان” لتنفيذ عمليات تكتيكية معقدة في ألمانيا على غرار ما حدث في موسكو، يبدو أنه احتمال ضعيف لكن عمليات الطعن وارده جدا.

– ينبغي على المانيا أن تعمل على إيجاد معالجات حقيقية للحد من التطرف وأن لا تتعامل بازدواجية مع القضايا الدولية ومنها حرب غزة، ذلك بجانب اتخاذ إجراءات ضد أي نوع من خطابات التطرف والكراهية، وتفكيك الهياكل عن طريق حظر الأنشطة والجمعيات والعمل بشكل مكثف على كافة عوامل التطرف والسيناريوهات المحتملة للتهديدات الإرهابية.

**

– يشهد التهديد الإرهابي في أوروبا تطورات مقلقة خلال عام 2024، تتمثل في تنوع مصادر التهديد وازدياد وتيرة الهجمات وخطورتها. لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدًا رئيسيًا في أوروبا، حيث يسعى إلى إعادة تنظيم صفوفه وتنفيذ هجمات ضد الأهداف الأوروبية. تُشكل الجماعات المتطرفة اليمينية، مثل “الحركة الوطنية” في فرنسا و”بي جي دي” في المملكة المتحدة، تهديدًا متزايدًا بسبب تنامي نفوذها وأفكارها العنيفة. تُشكل الهجمات التي ينفذها “الذئاب المنفردة” تهديدًا خطيرًا بسبب صعوبة التنبؤ بها ومنعها. تُستخدم منصات الإنترنت لنشر الدعاية المتطرفة وتجنيد الأفراد والتخطيط للهجمات.

– قد تؤدي مشاعر عدم الثقة في الحكومات والمؤسسات الأخرى إلى لجوء بعض الأفراد إلى التطرف. قد تتطور أشكال التطرف في المستقبل، مع ظهور تهديدات جديدة مثل: ازدياد استخدام الإنترنت لشنّ هجمات إرهابية ونشر الدعاية المتطرفة. ازدياد حدة التطرف اليميني وخطورته.

– يجب معالجة التطرف من خلال نهج شامل يتناول الجذور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذه الظاهرة. يجب على السلطات إيجاد توازن دقيق بين الحاجة إلى مكافحة “الذئاب المنفردة” وحماية الحريات المدنية، مثل حرية التعبير. كما تتطلب مكافحة “الذئاب المنفردة” تعاونًا دوليًا وثيقًا لتبادل المعلومات والتنسيق الجهود.

– تلعب وسائل الإعلام دورًا هامًا في تشكيل الرأي العام حول التطرف، لذا يجب عليها توخي الدقة والموضوعية في تغطيتها. مكافحة التطرف في أوروبا مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومات والمجتمع المدني والأفراد. من خلال اتباع نهج شامل يركز على كلمن الوقاية والقمع، يمكن للمجتمعات الأوروبية التصدي لهذه الظاهرة وتعزيز التسامح والاحترام.

– مسألة ازدواجية السياسات الحكومية في مواجهة التطرف معقدة ودقيقة، ولا يمكن إصدار أحكام قاطعة دون النظر إلى السياق والسجل التاريخي لكل حالة. من الضروري إجراء تحليلات نقدية موضوعية للسياسات الحكومية، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف وجهات النظر ومصالح جميع الأطراف المعنية.

– سياسات دول أوروبا تجاه غزة تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل وتأثير على التطورات السياسية والاجتماعية في المنطقة. يعود تزايد التطرف في المنطقة إلى عدة عوامل، بما في ذلك الصراع الطويل والمستمر في غزة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هناك. يجب أن تتبنى دول أوروبا سياسات تعزز الاستقرار والسلام في المنطقة، وتعمل على توفير الدعم اللازم لإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الفرص الاقتصادية والتنمية في غزة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تسعى هذه الدول للتوسط في عملية السلام وتعزيز الحوار بين الأطراف المعنية للتوصل إلى حل سياسي عادل يضمن السلام والاستقرار في المنطقة.

– يُعد التطرف تحديًا كبيرًا تواجهه فرنسا، لكن من خلال الجهود المتضافرة من قبل الحكومة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، يمكن التصدي لهذه الظاهرة ومعالجة جذورها. لا تقتصر مكافحة التطرف والإرهاب على الإجراءات الأمنية، بل يجب معالجة جذور هذه الظاهرة، مثل الشعور بالتهميش والتمييز، من خلال سياسات اجتماعية واقتصادية فعالة. يجب على السلطات إيجاد توازن دقيق بين الحاجة إلى مكافحة التطرف وحماية الحريات المدنية، مثل حرية التعبير والتجمع.

**

– تعد بلجيكا من أكثر الدول الأوروبية المعرضة لتهديدات إرهابية، نظراً لانتشار أعداد كبيرة من المتطرفين هناك، ما يجعل حرب غزة فرصة للتنظيمات المتطرفة لإعادة تموضعها في أوروبا، خاصة بعد تراجع الهجمات الإرهابية السنوات الماضية.

– تصاعد اليمين المتطرف في هولندا يعزز من تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية، مع طول أمد حرب غزة، لذا ستصبح هولندا بؤرة حاضنة للمتطرفين الفترة المقبلة، ما يمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومة لتحقيق التوازن في مواقفها تجاه إسرائيل ودعم المدنيين بغزة، لاسيما وأنها تواجه انتقادات مختلفة بين دعمها لإسرائيل وسياساتها في مواجهة خطاب الكراهية.

– تنامي التطرف في بلجيكا وهولندا معاً، يزيد المخاوف من تكوين الجماعات الإسلاموية المتطرفة وتيارات اليمين المتطرف شبكات عابرة للحدود، الأمر الذي يهدد الأمن القومي لدول أوروبا.

– موقف بلجيكا الداعم للمدنيين في غزة، لم يمنع من تصاعد خطاب الكراهية واحتمالية وقوع حوادث إرهابية تستهدف اليهود وأخرى تستهدف المسلمين، وفي المقابل تسببت ازدواجية هولندا من حرب غزة، في زيادة العنصرية ضد الجاليات اليهودية والمسلمة، ما يحمل مؤشرات خطيرة لتحول هولندا من ملاذ التسامح إلى بؤرة تطرف.

– ملاحظ اتخاذ بلجيكا وهولندا إجراءات استباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية الناجمة عن حرب غزة، ولكن يبدو أن هذه السياسات لن تمنع من وقوع هجمات يمينية متطرفة وأخرى بواسطة ذئاب منفردة، وربما تشير تهديدات تنظيم داعش لاستهداف البطولات الرياضية في أوروبا، عقب الهجوم الدامي الذي شهدته موسكو في مارس الماضي، إلى أن المرحلة المقبلة ستمثل تحدياً أمنياً ومجتمعياً لدول أوروبا وفي مقدمتها بلجيكا وهولندا.

-تذكرنا معطيات المشهد العالمي من اضطرابات وصراعات محتدمة في مناطق متعددة، وتحديداً في الشرق الأوسط، بسيناريو صعود تنظيم داعش في سوريا والعراق خلال 2014، وتبعاته بموجة إرهاب غير مسبوقة استهدفت عواصم أوروبا في أعوام 2015 و2016 و2017، ما يدق ناقوس الخطر بشأن ضرورة أن تنتهج أوروبا سياسة موحدة ضد التصعيد الراهن، ومحاولة الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تهدئة مستدامة وفورية في غزة.

رابط مختصر ..  https://www.europarabct.com/?p=93566

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

Diese radikalen Islamisten griffen die Polizei an
https://tinyurl.com/4zbdwdt2

Auswirkungen des Terrorangriffs der HAMAS gegen Israel auf die Sicherheitslage in Deutschland
https://tinyurl.com/3nn5j9xn

Krieg in Nahost bedroht Sicherheit in Deutschland
https://tinyurl.com/2urwrurb

Kann Deutschland im Gaza-Krieg neutral sein?
https://tinyurl.com/5f6r5zfh

**

Macron’s explosive home front in the Gaza war

https://politi.co/4aLOssi

The Gaza War and the Danger of Extremism

https://bit.ly/4dawT6M

?Is the Israel-Hamas War Spilling Over Into Europe

https://bit.ly/3UrmlZH

?Is the Israel-Hamas War Spilling Over Into Europe

https://bit.ly/3JsBROH

**

الفكر المتطرف لا يزال كامنا في أحياء العاصمة البلجيكية

https://bit.ly/4b0fk7J

Militant Islamist attacks in Belgium

https://bit.ly/3UoHeow

Belgium detains two far-right terror suspects

https://bit.ly/3Qch1XJ

“Netherlands accused of war crimes complicity for Israeli military supplies

https://bit.ly/49R2asG

Antisemitic acts rise eightfold in Netherlands since Oct. 7, Dutch watchdog reports

https://bit.ly/3xHlsU1

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...