بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات
يتناول الملف بالعرض والتحليل استراتيجيات الدفاع في الاتحاد الأوروبي، ودوره في النزاعات الدولية، وسياسات الاتحاد الأوروبي في التوسع وحماية الأمن القومي والاقتصادي ومكافحة التهديدات السيبرانية. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- أهداف إستراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة للتسليح الجماعي
- الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجية تعزيز صناعات الدفاع
- الاتحاد الأوروبي ـ تعزيز القوة العسكرية في الحملات الانتخابية
1- الاتحاد الأوروبي ـ السعي للعب دور أكبر في الحروب والنزاعات الدولية
كشفت جائحة “كورونا”، وحرب أكرانيا، وحرب غزة، والهجمات الإلكترونية، كذلك الهجمات على البنية التحتية، بالإضافة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية ، ومخاطر التغير المناخي أن الاتحاد يحتاج إلى إصلاح سياساته الأمنية لمواجهة هذه التحديات، وللعب دورا أكبر في القضايا الدولية. يسعى الاتحاد الأوروبي في تخصيص موارده، وزيادة مساهمات الدول الأعضاء في ميزانية الاتحاد، لبناء كتلة جيوسياسية أكثر تماسكا لمواجهة تلك التحديدات.
انضمام دول جديدة للاتحاد يرتبط بتكاليف وموارد كبيرة
يكون انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، مرتبطًا بتكاليف كبيرة للتكتل. وهناك دول مثل بولندا أو دول البلطيق يشعرون بالقلق إذ يمكن أن يتحولوا من دول تتلقى المساعدات إلى دول يترتب عليها التزامات مالية. تكون هناك تواريخ محددة لانضمام الجبل الأسود وألبانيا ومقدونيا الشمالية، أيضا من أجل احتواء النفوذ الروسي والصيني في البلقان. وبالنسبة لصربيا وكوسوفو، فإن الاحتمالات متواضعة إلى حد ما، لأن الصراعات العرقية تقوض أي تقدم.
أشار تقرير في 24 أبريل 2024 إلى أن وضع المرشح الذي مُنح لـ”أوكرانيا ومولدوفا والبوسنة والهرسك وجورجيا”، ومفاوضات الانضمام التي مع مقدونيا الشمالية وألبانيا، يشكلان اختراقات إيجابية لسياسة توقفت لسنوات، بسبب “إرهاق التوسيع”، والذي ربما ساهم فيه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأضاف التقرير أن تكاليف ضم أوكرانيا ودول أخرى إلى الاتحاد سوف تكون باهظة لأنها ما زالت أكثر فقرا إلى حد ما، ولكن ثبت أن إبقائها خارج التكتل سوف يكون أكثر تكلفة، فيما يتصل بأمن الاتحاد الأوروبي.
زيادة المساهمات وإعادة توزيع الأموال لإصلاح طريقة الانتخابات
بحث زعماء الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2023 الإصلاحات التي يتعين على التكتل تنفيذها حتى يتمكن من قبول بلدان جديدة. وبين ما تنص عليه تشمل المشاريع الأولية لهذه الإصلاحات، حرمان دول الاتحاد من حق النقض في مجلس الاتحاد الأوروبي، وتوسيع كبير لصلاحيات المفوضية الأوروبية وغيرها من الهياكل الأوروبية فوق الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، زيادة مساهمات الدول الأعضاء في ميزانية الاتحاد بشكل كبير وإعادة توزيع الأموال داخل الميزانية.
أيد المشرعون الأوروبيون اقتراحا لإصلاح طريقة انتخابب نواب البرلمان الأوروبي من خلال آلية تسمح لمواطني الاتحاد الاوروبي بأن تكون لهم كلمة في اختيار ممثلي الهيئات العليا في الاتحاد الأوروبي. يدعو أعضاء البرلمان الأوروبي أيضا إلى نظام مكون من مجلسين من شأنه أن يعزز دور البرلمان وعكس الأدوار الحالية في انتخاب رئيس المفوضية.
يوضح “جانيس إيمانويليديس” الخبير في “مركز السياسة الأوروبية” (EPC)، أن منصب رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي ليس سوى جزء من حزمة شاملة يجب اتخاذ قرار بشأنها؛ إذ يتعين التفاوض على رئاسة المجلس الأوروبي ومنصب ممثل الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي ورئاسة البرلمان الأوروبي. وكل تلك المناصب والمواقع تتطلب الإجماع بين الدول الأعضاء. وقد يعرقل ذلك رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو خصم سياسي لأورزولا فون دير لاين. ويقول المحلل السياسي: “سيطالب بالتأكيد بثمن”. ويضيف: “وبعد ذلك يحتاج الأمر إلى موافقة البرلمان الأوروبي”.
تٌعتبر الصحة والدفاع وحرب أوكرانيا والصراعات في الشرق الأوسط يجعل التصويت أكثر أهمية من أهم القضايا في الحملة الانتخابية. أظهر استطلاع للرأي أن (40%) من الأوروبيين يرون أن تعزيز الوزن العالمي للكتلة “أولوية” بينما يعتقد (42%) أن ذلك يجب أن يكون “مهما ولكن ليس أولوية”. ويرى (18%) فقط من المشاركين أن الهدف “ثانوي”.
تعزيز موارد الاتحاد الأوروبي لحماية الأمن الاقتصادي
وضعت المفوضية الأوروبية، في يناير 2024 خططاً لتعزيز الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي تشمل التدقيق في الاستثمارات الأجنبية. كذلك وضع ضوابط أكثر تنسيقاً على الصادرات ووصول التكنولوجيا إلى المنافسين مثل الصين إذا شكلت خطراً أمنياً. وسلطت الضوء على سياسة “إزالة المخاطر” وهي سياسة تهدف إلى تقليل الاعتماد الاقتصادي على الصين التي ينظر إليها التكتل بمزيد من الشكوك بسبب علاقاتها الوثيقة بروسيا.
يرى الأستاذ في معهد الدراسات السياسية بباريس “ألكسندر بابايمانويل” في 24 أبريل 2024 أن “ثمة تقليداً طويلاً للاستخبارات الصينية موجهاً إلى وضع اليد على رصيد معرفي وبراءات اختراع ومواد فكرية استراتيجية”. وبقيت أوروبا لفترة طويلة غافلة عن هذه الظاهرة أو متجاهلة لها. وأضاف أن “إدراك ذلك جاء متأخراً، نتيجة عدد من العوامل، منها السذاجة وثقة مسرفة في عولمة مثالية واهمة”. الاستخبارات ـ هياكل الاستخبارات والأمن والدفاع داخل الاتحاد الأوروبي ـ ملف
أهداف طموحة لصناعة الدفاع وحماية الحدود الأوروبية
اتفق المفاوضون من البرلمان الأوروبي في فبراير 2024 ومجلس دول الأعضاء على إصلاح اتفاقية “شنغن”، وإدخال تعديلات تتعلق بفرض وتوسيع الضوابط على الحدود الداخلية والخارجية لهذه المنطقة، بموجب الإصلاح الجديد، ستتمكن أية دولة من فرض الرقابة على حدودها، لمدة عامين قابلة للتمديد عاما واحدا، في حالة وجود تهديد خطير لأمنها. ويتعين على هذه الدول تقييم مدى ضرورة هذه الضوابط، وتحديد ما إذا كانت هناك تدابير بديلة يمكن اتخاذها لتحقيق الأهداف.
قدمت مفوضية الاتحاد الأوروبي أهدافا طموحة لصناعة الدفاع الأوروبية. إنها تريد من الدول الأعضاء شراء الأسلحة بشكل جماعي أكثر، وأن يكون معظم الشراء من شركات أوروبية فقط. يعتقد “ديك زاندي”، كبير الباحثين في معهد “كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية” في مارس 2024، أن هذا أمر طموح للغاية، خاصة في ضوء الأرقام التي تم الحصول عليها في السنوات الأخيرة. ففي عام 2021 مثلا، تم شراء حوالي (18%) من المنتجات الدفاعية بشكل مشترك من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكانت الدول الأعضاء قد حددت بالفعل هدفا بنسبة(35%) في عام 2007. مكافحة الإرهاب داخل الاتحاد الأوروبي ـ كيفية التعاون الأمني
تطوير الأدوات لمكافحة التهديدات السيبرانية
وافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على قواعد جديدة لتعزيز الأمن السيبراني داخل الاتحاد في ديسمبر 2023. نصّ التشريع الأوروبي على وجوب اعتماد الشفافية في ما يتعلق بالعيوب التي قد يتبين وجودها، إذ ستكون الشركات ملزمة بتوثيقها والإبلاغ عن طريقة التعامل معها. ودشّنت شركة غوغل في ملقا (جنوب إسبانيا) أكبر مركز للأمن السيبراني لها في أوروبا، المسئول عن تطوير أدوات لمكافحة التهديدات السيبرانية بالتعاون مع مؤسسات وشركات أوروبية بعد عد مركزَي “ميونخ” المتخصص في مواضيع الخصوصية والسرية، و”دبلن” المخصص للمحتوى يوضح “رودريغو دا كوستا” المدير التنفيذي لـ EUSPA، أن “مركز الاتحاد الأوروبي لتبادل المعلومات الفضائية وتحليلها يوفر بيئة آمنة للشركات لتبادل المعلومات طوعًا حول موقف أمني محدد أو التماس التوجيه بشأن تنفيذ الأمن والحوكمة للتطبيقات الفضائية”.
استراتيجية شاملة جديدة للتعامل مع التغير المناخي
اعتمدت المفوضية الأوروبية في العام 2023 استراتيجية شاملة جديدة للتعامل مع التهديدات التي يمكن أن يمثلها تغير المناخ والتدهور البيئي على مجالات السلام والأمن والدفاع. تحدد الاستراتيجية أولويات رئيسية؛ أبرزها التخطيط واتخاذ القرار والتنفيذ من خلال تحليل يمكن الوصول إليه بشأن العلاقة بين المناخ والأمن. تفعيل الاستجابة لتحديات المناخ والأمن في العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي. من بين أمور أخرى من خلال دمج العلاقة بين المناخ والأمن في تحليلات الصراعات الإقليمية والوطنية وتعزيز التكيف مع المناخ وتدابير التخفيف للعمليات المدنية والعسكرية للدول الأعضاء والبنية التحتية.
أشار تقرير في 11 مارس2024 أن المخاطر التي تفرضها التغييرات المناخية تنمو بشكل أسرع داخل الاتحاد وأن العديد من المجالات معرضة للخطر، من المالية العامة والبنية التحتية إلى الصحة والبيئة. يمثل ارتفاع درجات الحرارة تهديدا فيما يتعلق بنقل الطاقة حيث تؤثر الحرارة على خطوط الكهرباء ويمكن أن تؤثر الفيضانات أيضا على أنظمة إنتاج الطاقة في جنوب أوروبا.
تخصيص الموارد لإبرام اتفاقيات للحد من الهجرة
ضم “اتفاق الهجرة واللجوء” الجديد (10) قوانين تمت صياغتها بعد مفاوضات استمرت لسنوات ويهدف لدفع بلدان الاتحاد الأوروبي التي تختلف أولوياتها الوطنية، للتحرك معا في مسائل الهجرة، بالاستناد إلى القواعد ذاتها. وتغلبت الكتل السياسية الرئيسية في البرلمان على معارضة أحزاب اليمين المتطرف واليسار المتشدد لتمرير ميثاق الهجرة واللجوء الجديد. ومن المقرر أن تدخل إجراءات الاتفاق حيز التنفيذ في عام 2026، بعد أن تحدد المفوضية الأوروبية في الأشهر المقبلة كيفية تطبيقها.
وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع مصر اتفاقية هجرة في 19 مارس 2023 من خلال تخصيص 200 مليون يورو لإدارة مسألة الهجرة وكافحة الإرهاب. تقول “ANA PALACIO” المحاضرة الزائرة في جامعة “جورج تاون” ووزيرة خارجية أسبانيا السابقة “لا شك أن الحاجة إلى التغيير كانت ملحة. وفي العام 2023 وحده، عبر نحو (380) ألف شخص حدود الاتحاد الأوروبي دون تصريح ــ وهو أعلى رقم منذ عام 2016 ــ كما طلب (1.14) مليون شخص اللجوء. ولطالما دعت “دول الوصول” الرئيسية ــ مثل اليونان وإيطاليا وأسبانيا ــ إلى توزيع أكثر عدالة لطالبي اللجوء في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي. ملف الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجيات الطاقة والمناخ
**
2- الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجية تعزيز صناعات الدفاع
يسعى الاتحاد الأوروبي جاهداً لتعزيز قدراته الدفاعية وتحقيق الاستقلالية في مجال الأمن والدفاع، في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة على الساحة الدولية. وتأتي خطط الاتحاد لتعزيز صناعات الدفاع كخطوة حاسمة في هذا الاتجاه، تهدف إلى خلق قاعدة صناعية دفاعية قوية وفعالة تضمن أمن الدول الأعضاء وتُقلّل من الاعتماد على مصادر خارجية. وقد أدى اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى تسريع وتيرة خطط الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراته الدفاعية، حيث أبرزت الحاجة إلى قدرة عسكرية أوروبية موحدة وقوية لردع أي عدوان محتمل.
استراتيجية جديدة للتسلح الجماعي
كشف الاتحاد الأوروبي عن الاستراتيجية الجديدة للصناعات الدفاعية في مارس 2024. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجال الدفاع، وتقوية قاعدة التصنيع الدفاعي الأوروبية، وخفض الاعتماد على الواردات العسكرية من خارج الاتحاد الأوروبي. وقد أدت الأزمة الأوكرانية إلى تسليط الضوء على نقاط الضعف في قدرات الدفاع الأوروبية، بما في ذلك التشرذم في الإنفاق الدفاعي، والاعتماد على الواردات العسكرية من خارج الاتحاد الأوروبي. تهدف المفوضية الأوروبية إلى زيادة نسبة مشتريات الأسلحة بشكل جماعي من قبل الدول الأعضاء من 40٪ بحلول عام 2030 إلى 60٪ بحلول عام 2035. تسعى المفوضية إلى تشجيع الاستثمار في البحث والتطوير الدفاعي، وتعزيز التعاون بين الشركات الأوروبية، وخلق قاعدة صناعية دفاعية أكثر قدرة على المنافسة. تُريد المفوضية تقليل الاعتماد على الواردات العسكرية من دول مثل الولايات المتحدة، وضمان حصول الدول الأعضاء على المعدات العسكرية التي تحتاجها للدفاع عن نفسها.الاتحاد الأوروبي ـ السعي للعب دور أكبر في الحروب والنزاعات الدولية
تتضمن الاستراتيجية عددًا من المبادرات لتحقيق أهدافها، منها، إنشاء هيئة جديدة للشراء المشترك. ستكون هذه الهيئة مسؤولة عن تنسيق احتياجات الدول الأعضاء من الأسلحة، وتسهيل الشراء المشترك، وضمان حصول الدول الأعضاء على أفضل قيمة مقابل أموالها. كما ستقدم المفوضية حوافز مالية للدول الأعضاء لشراء الأسلحة من شركات داخل الاتحاد الأوروبي. وستخصص المفوضية 1.5 مليار يورو للفترة من 2025 إلى 2027 لدعم البحث والتطوير الدفاعي في مشاريع مشتركة بين الدول الأعضاء. ستدعم المفوضية إنشاء مشاريع مشتركة وبرامج تعاون بين الشركات الأوروبية العاملة في مجال الدفاع.
تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال الدفاع، وتعزيز قدرتها على المنافسة مع القوى العالمية الأخرى مثل الولايات المتحدة والصين. تعتمد دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على دول أخرى، خاصة الولايات المتحدة، لتلبية احتياجاتها الدفاعية. تسعى الخطط إلى توحيد القواعد الصناعية الدفاعية في الدول الأعضاء، وخلق سوق أوروبية موحدة للمعدات الدفاعية. قد تواجه الخطط صعوبة في التنفيذ بسبب اختلاف الأولويات الوطنية للدول الأعضاء. تتمتع الدول الأعضاء بقواعد صناعية دفاعية متباينة من حيث الحجم والكفاءة، مما قد يُعيق التعاون المشترك. تُواجه بعض الدول الأعضاء قيودًا مالية قد تُعيق قدرتها على زيادة الإنفاق الدفاعي.
قالت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية مارغريت فيستاجر، في 9 مارس 2024 إنه في الأشهر الستة عشر الأولى منذ بداية أوكرانيا في فبراير 2022، “أنفقت الدول الأعضاء أكثر من 100 مليار يورو على عمليات الاستحواذ الدفاعية”. “تم إنفاق ما يقرب من 80٪ من هذا المبلغ خارج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، الذي يعد القوة الدافعة وراء صناعة دفاعية أقوى في الاتحاد الأوروبي، إنه من الضروري أن يتراجع الاتحاد عن قاعدته الصناعية الخاصة. “هل ستكون هذه أخبارًا سيئة للولايات المتحدة” صناعة الدفاع، صناعة الدفاع الكورية؟ لا أعرف. وما نعرفه هو أننا بحاجة إلى زيادة قدرتنا على إنتاج ما هو مطلوب. وبالمناسبة، اليوم علينا أن نكون صادقين، الولايات المتحدة. لا يمكنها توفير ما هو ضروري، خاصة فيما يتعلق بالذخيرة”. والآن، وفي ظل تزايد حزم موسكو، أصبحت الحاجة إلى تعزيز الدفاع أكثر وضوحاً من أي وقت مضى.
وترى صوفيا بيش زميلة في برنامج أوروبا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الاستراتيجية لا يمكن أن تنجح إلا إذا تم تمويلها بشكل جيد. وتقول إن المفاوضات المتعلقة بميزانية الاتحاد الأوروبي صعبة للغاية. حيث تتنافس حكومات كل دولة عضو على أولوياتها الاستراتيجية ومصالحها الضيقة. وسوف يكون من الصعب، على سبيل المثال، إقناع تلك الدول الأعضاء التي أصيبت بالشلل بسبب احتجاجات المزارعين بخفض الإنفاق الزراعي في الاتحاد الأوروبي لصالح الدفاع، أو تلك الدول الأعضاء التي لا تملك شركات دفاع كبيرة بأنها سوف تستفيد من مبادرات الاتحاد الأوروبي. لكن تمويل الاتحاد الأوروبي للدفاع على المدى الطويل هو السبيل الوحيد للمضي قدما.
تحويل صناعة الأسلحة الأوروبية إلى وضع “اقتصاد الحرب”
برزت الحاجة الملحة لتعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا منذ بداية الأزمة الأوكرانية في فبراير 2022. ودفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة نحو تحويل صناعة الأسلحة الأوروبية إلى “اقتصاد حرب”. وقد كشفت الحرب عن نقاط ضعف في القدرات الدفاعية الأوروبية، حيث اعتمدت دول الاتحاد بشكل كبير على واردات الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية. أدت التوترات المتزايدة مع روسيا، بالإضافة إلى ظهور قوى عسكرية جديدة، إلى زيادة الشعور بالحاجة إلى الاستقلالية الدفاعية. تسعى خطط “اقتصاد الحرب” أيضًا إلى تقليل الاعتماد على الواردات الدفاعية، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار التكنولوجي. تعهدت الدول الأعضاء في الاتحاد بزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل ملحوظ. تُبذل الجهود لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجال البحث والتطوير والإنتاج المشترك للأسلحة. يتم العمل على تبسيط قواعد الشراء المشترك للأسلحة من أجل تسريع العمليات وزيادة الكفاءة. تُقدم الدول أيضًا حوافز للشركات لزيادة الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الدفاع.الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجية الأمن الاقتصادي
يتوقع أن يؤدي “اقتصاد الحرب” إلى زيادة كبيرة في إنتاج الأسلحة الأوروبية. من المتوقع أن تخلق خطط “اقتصاد الحرب” مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة في قطاع الدفاع. من المرجح أن يؤدي التركيز المتزايد على البحث والتطوير إلى تسريع الابتكار في مجال التكنولوجيا الدفاعية. يثير البعض قلقًا من أن يؤدي “اقتصاد الحرب” إلى سباق تسلح جديد في أوروبا. تثار أيضًا مخاوف بشأن التأثيرات الاجتماعية والأخلاقية لزيادة الإنفاق على الأسلحة. يُعد تحويل صناعة الأسلحة الأوروبية إلى “اقتصاد حرب” خطوة كبيرة ذات عواقب بعيدة المدى.وعدت مفوضية الاتحاد الأوروبي بمبلغ إجمالي قدره 1.5 مليار يورو للأعوام من 2025 إلى 2027 لجعل صناعة الدفاع الأوروبية أكثر قدرة على التكيف. وهناك أيضا إمكانية استخدام أرباح الأموال الروسية في الاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا.
يعتقد ديك زاندي، كبير الباحثين في معهد كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية، أن هذا أمر طموح للغاية، خاصة في ضوء الأرقام التي تم الحصول عليها في السنوات الأخيرة. ففي عام 2021 مثلا، تم شراء حوالي 18 بالمئة من المنتجات الدفاعية بشكل مشترك من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكانت الدول الأعضاء قد حددت بالفعل هدفا بنسبة 35 بالمئة في عام 2007. ويتوقع ديك زاندي أن تلقى هذه الاستراتيجية استحسان الدول الأعضاء، لأنها شاركت في تطويرها. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتم إقرار القانون فعليا.
مخاوف من خطة بروكسل لتعزيز التمويل المشترك للدفاع
يواجه اقتراح الاتحاد الأوروبي لتعزيز التمويل المشترك للدفاع معارضة من دوله المحافظة مالياً، مما يثير تساؤلات حول جدوى التوسع السريع في القدرات الصناعية للقارة. تسعى أغلب الدول الأعضاء إلى تعزيز الدفاع الأوروبي وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، بينما تبرز خلافات حول دور المفوضية الأوروبية في إدارة الصناديق المشتركة الجديدة المخصصة للدفاع. تعكس هذه التحفظات صعوبة توسيع القدرات العسكرية لأوروبا في ظل الضغوط المالية العامة والانقسامات حول مزايا تمكين بروكسل في مجال السياسة الدفاعية. يُعارض بعض الدبلوماسيين الأوروبيين بشدة فكرة سيطرة المفوضية على هذا المجال، ويرون أن إصدار سندات دفاعية مشتركة من قبل الدول الأعضاء الـ27 “محض خيال”. ويرى آخرون أن الحكومات وشركات الدفاع هي من يجب أن تقود هذه الجهود، دون تدخل مفرط من المفوضية.الاتحاد الأوروبي ـ كيفية التعامل مع تداعيات حرب غزة؟
قدمت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين خطة مفصلة لقطاع الدفاع في أوروبا تشمل: تشجيع المشتريات المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي. دعم بروكسل للأسلحة الحيوية من الناحية الاستراتيجية. ضمان مستويات معينة من الإنتاج. إنشاء صندوق جديد لدعم شركات الدفاع الصغيرة. تُواجه هذه الخطة مقاومة من دول مثل ألمانيا وهولندا، اللتان لا تؤيدان إصدار ديون جديدة. من ناحية أخرى، تدعم فرنسا إصدار ديون مشتركة بقيمة 100 مليار يورو لتمويل الاستثمارات الدفاعية. يُنتظر تحديد جدول زمني للخطة، والتي تتطلب موافقة أغلبية دول الاتحاد الأوروبي. تُعد هذه التطورات مؤشراً على التحديات التي تواجهها أوروبا في مساعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية. تم إنشاء صندوق بقيمة 7 مليارات يورو لدعم المشتريات المشتركة للأسلحة وبرامج البحث والتطوير. تم إطلاق برنامج جديد لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجال تطوير القدرات الدفاعية. تم تبسيط قواعد الشراء المشتركة للأسلحة من أجل تسريع العمليات وزيادة الكفاءة. تم إطلاق مبادرة جديدة لتشجيع الشركات على الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الدفاع.
وترى دانييلا شوارزر، عضو المجلس التنفيذي لمؤسسة برتلسمان، ومديرة سابقة للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية أن الزعماء الأوروبيون قد أهدروا الفرصة لتوضيح خططهم لتعزيز ركيزة حلف شمال الأطلسي الأوروبية، وتأسيس قدر أعظم من الردع في القارة، وتثبيت الاستقرار في الجوار، وتطوير صناعة دفاع أوروبية قوية بمعنى الكيفية التي يراعون بها أمنهم. وتقول إن الفرصة التالية أمام الزعماء الأوروبيين لإثبات جديتهم ستكون في قمة حلف شمال الأطلسي في شهر يوليو 2024. إذا لم تستجمع أوروبا قواها دفاعيا فقد نتذكر عام 2024 باعتباره العام الذي هُـجِـرت فيه أوكرانيا، وتفكك التحالف عبر الأطلسي
**
3- الاتحاد الأوروبي ـ تعزيز القوة العسكرية في الحملات الانتخابية
لطالما واجه الاتحاد الأوروبي السنوات الماضية انتقادات مستمرة، بشأن سياساته الخارجية وإدارة العلاقة داخل حلف الناتو ومع الولايات المتحدة، وقدرته على الاستقلالية في القرارات الخاصة بالأمور الدفاعية، كثفت الدول الأعضاء بالاتحاد مشاوراتها العامين الماضيين، لاتخاذ خطوات جادة بشأن دعم القدرات العسكرية والصناعات الدفاعية المشتركة، مع اقتراب الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024، والتخوف من فرص التيارات اليمينية المتطرفة في الانتخابات وسيطرتها على النتائج، في ضوء استطلاعات الرأي التي تشير إلى تفوق هذه التيارات على حساب باقي الأحزاب التقليدية.
تصحيح مسار الاتحاد الأوروبي
كشف الصراع الراهن بين روسيا والغرب، عن ثغرات في خطط أوروبا العسكرية وقدراتها على تصنيع الأسلحة، لتخلي أغلب الدول عن زيادة الإنتاج العسكري وتطبيق التجنيد الإجباري، ووافق المجلس الأوروبي في 21 مارس 2022، على وثيقة البوصلة الاستراتيجية بعد تعديلات أجريت عليها وفقاً للمتغيرات الجيوسياسية بالقارة، وانضمت دولة مثل سويسرا للوثيقة بعد تخليها عن الحياد الذي تبنته في 1992. واتفقت الـ 27 دولة بالتكتل على تعزيز سياسة الأمن والدفاع بحلول 2030، بجانب إنشاء قوة انتشار سريع تابعة للاتحاد يبلغ تعدادها (5) آلاف جندي، ودعم العمل والاستثمار والشراكة والحماية بين دول التكتل.
رؤية المفوضية الأوروبية لاستغلال تيارات اليمين المتطرف نقطة ضعف السياسات العسكرية بالانتخابات الأوروبية، جعلتها تستبق الحملات الانتخابية بإصلاح الوضع، وقدمت في 19 يوليو 2022 مقترحاً لإنشاء أداة لتعزيز صناعة الدفاع الأوروبية عبر عمليات الاستحواذ المشتركة (Edirpa) بقيمة (500) مليون يورو. وفي 18 يناير 2023 وضعت أسس مشاريع تطوير مشتريات الأسلحة المستقبلية بمضاعفة الميزانية لتصل إلى (1.5) مليار يورو. وجددت إيطاليا في 7 يناير 2024، دعوة تشكيل جيش أوروبي موحد توكل له مهام الحفاظ على السلام ومنع النزاعات في أوروبا.
تلقى مبادرة “درع السماء الأوروبية” التي أطلقتها ألمانيا في 23 يوليو 2022، بترحيب (15) دولة بحلف الناتو، بعد موافقة مجلس الاتحاد السويسري في 10 أبريل 2024، على مشاركة بلاده بالمبادرة التي تهدف لبناء نظام متكامل للدفاع الجوي والصاروخي بأوروبا. وفي 3 أبريل 2024 دعا وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا، لتعزيز القدرات العسكرية الأوروبية، ما يتطلب إبرام عقود ملزمة طويلة الأجل بجداول زمنية واضحة والتزامات مالية ثابتة، وضمانات شراء من الحكومات الأوروبية، وأن إنفاق (2%) من الناتج المحلي على الدفاع يكون مجرد بداية.
تنظر فرنسا إلى الانتخابات كنقطة محورية في البناء الأوروبي لصعود التيارات الشعبوية، وأشار استطلاع رأي لمؤسسة “أوبينين واي”، إلى حصول الغالبية الرئاسية على (19%) من الأصوات، مقابل (29%) لحزب التجمع الوطني الفرنسي. وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 25 أبريل 2024، على تراجع أوروبا في مواجهة القوى الكبرى والتغيرات الجيوسياسية، داعياً لبناء مفهوم استراتيجي لدفاع أوروبي، والحصول على قرض أوروبي للاستثمار في التسلح، وإعطاء الأولوية للموردين الأوروبيين في شراء المعدات العسكرية.أمن دولي – الناتو وأوروبا.. سياسية دفاعية جديدة
استراتيجية أوروبية جديدة للدفاع
أصبحت سياسة الأمن والدفاع المشتركة شغل الاتحاد الأوروبي الشاغل الفترة الأخيرة، ما دفعه للإعلان عن استراتيجية جديدة للدفاع، وفي 28 فبراير 2024 دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى استراتيجية جديدة لصناعة الدفاع للرد على التحديات الأمنية المتعلقة بشراء الأسلحة والذخيرة في أوروبا، مؤكدة أن السيادة الأوروبية تعني تحمل المسؤولية والاستعداد للدفاع عن مصالحها. وترتكز الاستراتيجية الأوروبية على زيادة الإنفاق الدفاعي، وطرح مقترح بدء محادثة حول استخدام الأرباح غير المتوقعة من الأصول الروسية المجمدة، لشراء معدات عسكرية مشتركة لأوكرانيا.
تعتمد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على الترويج لتحسين قدرات الاتحاد العسكرية بتعيين مفوض دفاع في المفوضية المقبلة، خلال حملتها الانتخابية للفوز بفترة ولاية ثانية في الانتخابات المقبلة. وتوافقت تصريحات منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والذي يشغل منصب نائب رئيس المفوضية أيضاً، مع موقف فون دير لاين، بالتأكيد أن مهام هذا الشخص هو صناعة الدفاع بأوروبا. ووضعت المفوضية الأوروبية في 5 مارس 2024، هدفاً رئيسياً يتعلق بشراء ما لا يقل عن (40%) من المعدات العسكرية بشكل مشترك بحلول عام 2030، مع تخصيص (1.5) مليار يورو للفترة من 2025 إلى 2027 لجعل الصناعة الأوروبية أكثر قدرة على التكيف. ويرى كبير الباحثين في معهد كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية ديك زاندي، أن هذه الأرقام مؤشر جيد على تغيير الاتحاد سياسته الدفاعية للأفضل، خاصة وأنه تم تحديد (35%) من المعدات العسكرية في 2007، وتم شراء (18%) من المنتجات الدفاعية بشكل مشترك من دول التكتل في 2021.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ تزايد المخاوف بشأن الانتخابات القادمة
خطط الأحزاب للانتخابات الأوروبية
كشف استطلاع رأي لموقع “يورونيوز” في 27 مارس 2024، أن أكثر من ثلث الناخبين الأكثر تشككاً في الاتحاد الأوروبي، يعتقدون أنه يجب إعطاء أولوية لسياسة دفاعية مشتركة. وأشار استطلاع لشركة “إبسوس” تم إجرائه على (26) ألف من الناخبين في الاتحاد، أن ما يقرب من نصفهم يؤيدون تجميع القوى العسكرية، الأمر الذي يتوافق مع برنامج رئيسة المفوضية الأوروبية الانتخابي. وبانطلاق الحملات الانتخابية الأوروبية في مارس 2024، وسط مخاوف من صعود التيار اليميني المتطرف والانقسام حول حرب أوكرانيا، ركزت بعض الأحزاب في مقدمتها حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي على التسلح الضخم لدى الاتحاد، نظراً لاقتناع الحزبان بتغير الوضع الأمني الأوروبي بعد حرب أوكرانيا وحاجة أوروبا إلى أجندة أمنية شاملة.
تضمنت وثيقة البرنامج الانتخابي للاتحاد الأوروبي (25) صفحة، لتوضيح الرؤية المستقبلية للقوة الدفاعية للاتحاد، بالاعتماد على سياسة خارجية وأمنية مشتركة أفضل، تجعل من أوروبا لاعباً قادراً للتصدي لأي تحديات، وإنشاء قوات مسلحة أوروبية مدمجة في هيكل حلف الناتو. وأشارت الوثيقة إلى أن الأمر يتطلب العمل الجماعي في إطار اتحاد دفاعي أوروبي معزز، مع وضع المملكة المتحدة في الاعتبار، كونها قوة عسكرية أوروبية رائدة ما يعني أهمية دمجها بأفضل طريقة.
وتتوافق هذه الوثيقة مع رؤية الحزبين (الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي) حول جعل أوروبا أكثر استقلالية وقادرة على الصمود، مع الإشارة إلى أن الشراكة عبر الأطلسي ومع الولايات المتحدة يجب أن تظل قوية، في ظل صعود القوى المتطرفة المناهضة للمشروع الأوروبي القائم على أسس الليبرالية والديمقراطية. ويعتبر الاتحاد الانتخابات الأوروبية المقبلة، بأنها خطوة لازدهار القارة لمواجهة إعادة تشكيل القوى العظمى بالعالم، في ضوء تحديات أمنية وتكنولوجية ومناخية، لذا يحرص الاتحاد على أن يحافظ على الناخبين الأساسيين، بتقديم برنامجه القائم على تطوير المعدات العسكرية مثل الدبابات المقاتلة والطائرات بدون طيار وحاملات الطائرات بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين، برصد ميزانية طويلة الأمد لتحقيق هذا الهدف.
أسباب اهتمام الاتحاد الأوروبي بتعزيز الدفاع قبل الانتخابات
الحرب الأوكرانية: حفز التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لدول أوروبا، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي كان يستهدف تصنيع مليون قذيفة مدفعية سنوياً حتى الآن، ولكنه لم ينتج سوى نصف الرقم، وقد يصل الإنتاج إلى (1.4) مليون قذيفة سنوياً بحلول نهاية ديسمبر 2024.
توحيد قوة الاتحاد الأوروبي: تهدف الاستراتيجية الدفاعية الجديدة إلى منع التشرذم، نظراً لأن الدول الـ 27 تزود جيوشها بأسلحة لا تتوافق مع أسلحة دول الاتحاد، ما يعني أن التكتل لا يشكل قوة شرائية جماعية. وأكدت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريت فيستاغر، أن الاستراتيجية تضمن قدرة صناعة الدفاع الأوروبية بشكل أسرع وجماعي.
تحقيق الاستقلالية الأوروبية: أنفق الاتحاد أكثر من (100) مليار يورو على المعدات العسكرية منذ بداية الحرب الأوكرانية وحتى يونيو 2023، وأنفق (80%) من هذا المبلغ خارج دول التكتل، واتجه (60%) منه للشركات المصنعة بالولايات المتحدة، والهدف إنفاق ما لا يقل عن (50%) من أموال الدول الأعضاء المخصصة للمعدات الدفاعية داخل الاتحاد، تحقيقاً لمزيد من الاستقلالية للتسلح الأوروبي، للتخوفات من متغيرات في ديناميكيات الانتخابات وفوز المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات المقررة في نوفمبر 2024، لذا يخطط الاتحاد لإنشاء هيئة جديدة تتألف من المفوضية وممثل الشؤون الخارجية ورئيس وكالة الدفاع الأوروبية والدول الأعضاء، لتحديد احتياجات الدول عند شراء الأسلحة وأن يصبح الشراء المشترك للأسلحة هو القاعدة.أمن قومي ـ تداعيات حرب أوكرانيا على أوروبا (ملف)
هل تنجح خطة تعزيز الدفاع؟
أوضح الأمين العام لاتحاد الصناعات الجوية والأمنية والدفاعية بأوروبا جان باي، دعمه الكامل لتحسين الدفاع والصناعات العسكرية بالقارة، ولكن يتوقف النجاح على موقف الدول الأعضاء واستعدادها للخطوة. وتحتاج الاستراتيجية لدعم الدول والتصويت لصالح القانون الذي ينفذها. ويتوقع كبير الباحثين في معهد كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية ديك زاندي، توافق الاتحاد على تعزيز الصناعات الدفاعية، رغم أن الأمر يتطلب من الدول الأعضاء خفض ميزانياتها في الإنفاق الاجتماعي. بينما ترى مديرة قسم شمال أوروبا بمركز المجلس الأطلسي للأبحاث آنا فيزلاندر، أن القرار يعتمد على الإرادة السياسية للدول. وتشير دراسة لمعهد” إيفو” الألماني للأبحاث الاقتصادية، إلى إمكانية أن تصل دول أوروبا لمستوى (2%) من الإنفاق العسكري بتقليص النفقات الحكومية الأخرى بما يقل عن نقطة مئوية.
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– حقق التعاون مع دول الشرق الأوسط في مجال السيطرة على الهجرة الغير شرعية نجاحا كبير من خلال تخصيص الموارد اللازمة، والاتفاقيات لضوابط أكثر صرامة، لضمان الحد من عدد قوارب المهاجرين الغير شرعيين التي تنطلق من هناك.
– مما لا شك فيه أن التحول الديمقراطي وسيادة القانون من المبادئ التي لا يمكن المساس بها، كما هي الحال مع النهج القائم في عملية التوسعة ومفاوضات انضمام دول جديدة للاتحاد الأوروبي.
– تسعى استراتيجيات الاتحاد الأوروبي في تخصيص مواردها لبناء كتلة جيوسياسية أكثر تماسكا، وتعزيز استقلالها الاستراتيجي، ومن نواح أخرى، تمثل هذه الاستراتيجية استجابة أوروبية لسلسلة من الصدمات الخارجية، سواء كانت تتعلق بحرب أوكرانيا، أو ضوابط التصدير الأميركية خارج الحدود الإقليمية، أو التوترات المتزايدة بشأن تايوان.
– بات متوقعا أن يعمل الاتحاد الأوروبي خلال الفترات القادمة على تكييف الهيكل المؤسسي للاتحاد الأوروبي حتى يتمكن من معالجة هذه المخاطر، وزيادة الثقة بين الدول الأعضاء لتسهيل تبادل المعلومات في ضوء الانقسامات الداخلية في الاتحاد الأوروبي وتعزيز دوره دوليا0.
– من المرجح أن ينشئ الاتحاد الأوروبي أدوات مالية مشتركة لتمويل مبادرات الأمن الاقتصادي، وأن يتخذ إصلاحات موسعة على مستوى التكتل، حيث أن أن الفشل في إقرار الإصلاحات يعزز اليمين المتطرف الذي من المتوقع أن يصبح قوة أكبر في البرلمان الأوروبي.
**
– تُمثّل خطط الاتحاد الأوروبي لتعزيز صناعات الدفاع خطوة هامة نحو تحقيق الاستقلالية والأمان بالرغم من التحديات التي تواجهها. وبفضل التعاون والالتزام من قبل الدول الأعضاء، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يطور قاعدة صناعية دفاعية قوية وفعالة تُساهم في ضمان أمنه واستقراره على المدى الطويل.
– تعتبراستراتيجية الاتحاد الأوروبي للصناعات الدفاعية خطوة طموحة نحو تعزيز التعاون الدفاعي في أوروبا وخفض الاعتماد على الواردات العسكرية من خارج الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية سيعتمد على قدرة المفوضية على التغلب على التحديات، والحصول على دعم وتعاون الدول الأعضاء والشركات الأوروبية.
– يتوقع أن يؤدي الشراء المشترك إلى خفض التكاليف وتحسين نوعية المعدات. وأن يؤدي زيادة الاستثمار في البحث والتطوير إلى تطوير تقنيات دفاعية متقدمة. ومن المتوقع أن تخلق هذه الاستراتيجية فرص عمل جديدة في قطاع الدفاع الأوروبي، كما ستؤدي هذه الاستراتيجية إلى تحسين قدرات الدفاع الأوروبية بشكل عام. من المتوقع لأيضًا أن تؤدي الخطة إلى زيادة كبيرة في القدرات الدفاعية لأوروبا. كما ستُعزز الخطة التعاون بين الدول الأعضاء في مجال الدفاع. كذلك تُساهم الخطة في تعزيز الأمن الأوروبي بشكل عام.
– قد تواجه المفوضية الأوروبية صعوبات في إقناع جميع الدول الأعضاء بالانضمام إلى هذه الاستراتيجية، وقد لا تكون الأموال المخصصة كافية لتحقيق جميع أهداف الاستراتيجية.قد تواجه عملية التنسيق بين الدول الأعضاء والهيئات المختلفة صعوبات.
– ربما تُواجه الخطة مقاومة من بعض الدول الأعضاء التي تفضل الحفاظ على سيطرتها الوطنية على قدراتها الدفاعية. قد تواجه الخطة صعوبات في التمويل، خاصة في ظل الضغوط المالية التي تواجهها العديد من الدول الأعضاء. قد تُؤدي التغييرات الجيوسياسية غير المتوقعة إلى تغيير مسار الخطة.
**
– أصبح الاتحاد الأوروبي مجبراً على تحديد مستوى الإنفاق العسكري والالتزام بالاستراتيجية الدفاعية الجديدة، نظراً للضغوط الداخلية على الحكومات من قبل التيارات اليمينية المتطرفة، التي تستغل الثغرات المتعلقة بسياسات الأمن والدفاع الأوروبي والعلاقة مع الولايات المتحدة، لتحمل الأنظمة الحالية مسؤولية الحرب على أوكرانيا، وتبعاتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، من أجل تعزيز فرصهم في الانتخابات الأوروبية المقبلة، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على نفوذهم في الانتخابات العامة والمحلية داخل دول الاتحاد.
– التحذيرات الفرنسية حول خطورة الوضع الأمني على أوروبا وضرورة تعزيز القدرات العسكرية، يصب في صالح الحملات الانتخابية للأحزاب التقليدية المنافسة لحزب التجمع الوطني، الذي يتفوق في استطلاعات الرأي المتعلقة بالتصويت، لذا سنشهد احتدام في التصريحات بين الأحزاب الفرنسية وحالة من الاستقطاب للناخبين الفترة المقبلة.
– إن مخاوف الاتحاد من سيطرة اليمين المتطرف على المناصب القيادية بداخله، تدفع دول مثل ألمانيا وفرنسا للتنسيق مباشرة، في إطار البرنامج الانتخابي للتكتل، والبدء في اتخاذ خطوات جادة نحو مسألة قوانين التجنيد الإجباري وتحسين قدرات قواتها العسكرية، مع إبرام اتفاقيات دفاعية مع بريطانيا، وحثها على الانضمام لمقترح تشكيل جيش أوروبي موازي، بهدف تعزيز موقف الاتحاد أمام حلف الناتو وبالأخص الولايات المتحدة في مسألة الاستقلالية الدفاعية.
– تصبح الأزمات الاقتصادية والعلاقة مع الولايات المتحدة تحديات أمام استراتيجية أوروبا الدفاعية، لتقليص حجم شراء الأسلحة والمعدات الأمريكية، والاتجاه نحو الإنتاج والتصنيع العسكري، ما يعني اتجاه الاتحاد الأوروبي نحو إنهاء هيمنة واشنطن على الجيوش الأوروبية، ما ينتج خلافات داخل الناتو، وربما تعول الولايات المتحدة على محاولة إقناع دول شرق أوروبا باستمرار الاعتماد على الأسلحة الأمريكية، الأمر الذي يهدد وحدة ورؤية التكتل.
– زيادة ميزانية الإنفاق العسكري، تضغط أغلب ميزانيات دول الاتحاد المتعلقة بالإنفاق الاجتماعي، ما قد يتسبب في زيادة الاضطرابات داخل قطاعات حيوية، وهي نقطة تستغلها التيارات اليمينية المتطرفة طوال الوقت، لنشر أفكارها وتسليط الضوء على نقاط الضعف في خطط الحكومات الحالية، لذا يجب أن تراعي دول الاتحاد التنسيق المشترك معاً لتنفيذ خطة الإنفاق الدفاعي، دون المساس بباقي بنود الموازنة العامة للدول.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=93714
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
الهوامش
The European Union’s Economic Security Strategy Update
https://tinyurl.com/5emzvz73
Euroviews. If the EU wants to be a global power, it needs a new ‘Big Bang’ and a union of 36
https://tinyurl.com/4uxs7cra
Interest in EU election higher this time around, poll shows
https://tinyurl.com/3cwwfr2e
نظرة مستقبلية لعام 2024: خمسة تحديات تنتظر الاتحاد الأوروبي.
https://tinyurl.com/264dfzua
**
EU aims to shift European arms industry to ‘war economy mode’
Understanding the EU’s New Defense Industrial Strategy
Better together: The European effort on joint defense projects
هل تتعامل أوروبا بأي قدر من الجدية مع أمور الدفاع؟
**
أهداف إستراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة للتسليح الجماعي
‘Europe is mortal,’ Macron warns as he calls for more EU unity and sovereignty in landmark speech
“تعزيز الدفاع” بمواجهة روسيا يهدد الإنفاق الاجتماعي في أوروبا
Neutral Switzerland joins European Sky Shield defence project