الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف في ألمانيا ـ أهمية تدريب الأئمة وتدريس الدين الإسلامي (ملف)

تدريب الأئمة
أكتوبر 24, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات

يتناول الملف بالعرض والتحليل جهود ألمانيا في محاربة التطرف وسياساتها في تعزيز الاندماج وحرية العقيدة. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. محاربة التطرف ـ أهمية تخريج أئمة من الكلية الإسلامية في ألمانيا
  2. محاربة التطرف في ألمانيا ـ تدريس مادة الدين الإسلامي
  3.  محاربة التطرف ـ حرية العقيدة في الدستور الألماني

1- محاربة التطرف ـ أهمية تخريج أئمة من الكلية الإسلامية في ألمانيا

واجهت الحكومة الألمانية معضلة كبيرة بما يتعلق بملف الأئمة، حيث أن غالبية الأئمة في ألمانيا أتوا من دول خارجية لخدمة أجندات سياسية، كما أنهم افتقروا إلى معرفة اللغة الألمانية والبيئة الثقافية والاجتماعية المحلية في ألمانيا، ولم ينجحوا في الرد على القضايا الفقهية العامة للمسلمين في ألمانيا. لذلك تعتبر كلية الإسلام “إسلام كوليدج” في ألمانيا أول مؤسسة يتم إنشاؤها لتدريب الأئمة داخلياًً باللغة الألمانية

كلية الإسلام في ألمانيا “إسلام كوليدج” النشأة والتأسيس

تأسست كلية الإسلام “إسلام كوليدج” في نهاية العام 2019، حيث أنطلق مشروع تأهيل الأئمة في ألمانيا عبر كلية الإسلام “إسلام كوليدج” في “أوسنابروك” في 15 يونيو 2021، يستمر المشروع لمدة (5) سنوات. كان من المفترض أن تنطلق كلية الإسلام “إسلام كوليدج” في أبريل العام 2020، إلا أن جائحة “كورونا” عرقلت انطلاقة المشروع، وجرت أول الدروس في المكتبة الواسعة التي تضم (12) ألف مؤلف تم شراؤها من جمهورية مصر العربية.

تعد كلية الإسلام “إسلام كوليدج” أول مؤسسة يتم إنشاؤها على مستوى الجمعيات وبالتعاون مع علماء دين إسلاميين من ألمانيا، وذلك لتدريب رجال دين ومرشدين روحيين إسلاميين باللغة الألمانية، ويشارك في المشروع (5) مؤسسات ألمانية، وهي :

  • المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا
  • المجلس المركزي للمغاربة
  • اتحاد الجماعات المالكية
  • جماعة البوشناق الإسلامية
  • اتحاد المسلمين في ولاية “نيدرزاكسن”

يشارك في الكلية كل عام حوالي (35) شاباً وفتاة، يدرسون (7) اختصاصات مختلفة، حيث يتم تأهيلهم فيها نظرياً وعملياً. تتضمن المناهج الدراسية في الكلية تدريس وإعداد الخطبة، وتلاوة القرآن الكريم، والعناية الرعوية، والتثقيف السياسي، وممارسة العبادات، والتربية الرعوية، والعمل الاجتماعي بالإضافة إلى العمل في مجال الدعم، والرعاية النفسية في المشافي أو السجون الألمانية.

التمويل : يمول المشروع وزارة العلوم في ولاية “نيدرزاكسن”، وبشكل أساسي وزارة الداخلية الاتحادية بحوالي مليون يورو. تدعم السلطات الفدرالية ومقاطعة “ساكسونيا السفلى” التي يقع فيها معهد الدراسات الإسلامية، هذا البرنامج مالياً في بلد يقدر فيه عدد المسلمين بحوالي (6.7%) من عدد السكان الإجمالي. الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ الواجهات ومصادر التمويل

شروط الالتحاق : من شروط الالتحاق بالكلية، يجب أن يكون المتقدم حاصل على شهادة جامعية في العلوم الإسلامية، ويفضل أن يكون ذلك من جامعة ألمانية، إضافة كل من يحمل شهادات من جامعات في الخارج، يمكن الاعتراف بها في ألمانيا. كما تسعى كلية الإسلام “إسلام كوليدج” أيضاً إلى قبول أشخاص لا يحملون شهادات في العلوم اللاهوتية، إلا أنهم ينشطون ويعملون فعلياً في مجتمعات ومؤسسات إسلامية ألمانية.

تخرجت الدفعة الأولى من كلية الإسلام “إسلام كوليدج” المكونة من (26) خريجا الذين أكملوا تدريبهم ضمن البرنامج الحكومي الألماني لتدريب الأئمة المسلمين الذي يوفره معهد الإسلام في السادس أكتوبر 2023. يقول “كريستيان فولف ” الرئيس الألماني السابق الذي يشغل منصب رئيس مجلس أمناء كلية الإسلام “إسلام كوليدج” “يتم تدريب أئمة في ألمانيا باللغة الألمانية، هذا أمر لم يحدث من قبل”. ويرى “فولف” أن هذا الأمر كان يجب أن يحدث منذ فترة طويلة وذلك نظراً لوجود ملايين المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، وأكد “فولف” أنه “إسهام كبير في الاندماج”.

غالبية الأئمة في ألمانيا من دول خارجية

واجهت ألمانيا معضلة كبيرة، حيث أن غالبية الأئمة في ألمانيا أتوا من دول خارجية، ويتلقون الإعداد في دولهم الأم التي تدفع رواتبهم. فهناك (50%) من رجال الدين في الولايات الألمانية الذين تتراوح أعدادهم بين (2000 و2500) ينتمون إلى منظمات تتبع دول خارجية وتدير مئات المساجد في ألمانيا، فحوالي (80 إلى 90 %) من الأئمة من دول شمال إفريقيا وألبانيا ويوغوسلافيا السابقة. وفي غالبية الأحيان يأتي هؤلاء إلى ألمانيا لفترة (4 إلى 5) سنوات بعضهم مع تأشيرة دخول سياحية من دون أن يعرفوا البيئة الثقافية والاجتماعية المحلية في ألمانيا.

أعلنت ” نانسي فيزر” وزيرة الداخلية الألمانية ، أنها تريد الحد بشكل كبير من تأثير الأئمة الأجانب على الجاليات الإسلامية في ألمانيا، بالإضافة إلى التركيز على تدريب الأئمة المحليين في 22 ديسمبر 2022. ذكرت ” فيزر” أريد أن أخفض تدريجياً إرسال الحكومة للأئمة من الخارج إلى ألمانيا بهدف إنهائها تماماً”. تعتبر “فيزر” أنه من المهم فيما يتعلق بسياسة الاندماج أن يخدم المزيد من الأئمة الذين نشأوا في ألمانيا وتدربوا على اللغة الألمانية المجتمع الإسلامي. محاربة التطرف ـ أهمية تجفيف مصادر التمويل

معرفة اللغة الألمانية إجبارية للأئمة

عانت ألمانيا من عدم وجود مخطط واضح لإتمام التأهيل المحلي للأئمة. كذلك شكلت اللغة حاجزاً كبيراً، وعلى هذه النقطة بالذات عملت الحكومة الألمانية. خططت وزارة الداخلية الألمانية لتعديل قانون الإقامة، وأكدت على أن معرفة اللغة الألمانية إجبارية للأئمة الذين يرغبون في القدوم إلى ألمانيا. وهذا الشرط  يظهر أيضا في قائمة لوزارة الدفاع الألمانية حيث عُلِمَ أن القائمين المسلمين على الرعاية الروحية الذين يرغبون بالعمل في الجيش الألماني يجب أن يتقنوا الألمانية، وأن يتوفروا على شهادة للدراسات الإسلامية من جامعة معترف بها رسمياً.

كانت قد خططت وزارة الدفاع الألمانية في العام 2019 عن ضرورة تعيين أئمة في الجيش للجنود المسلمين في صفوفها حين طالب المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، السياسيين الألمان، وصناع القرار في الحكومة الألمانية بتأمين الرعاية الروحية الإسلامية للجنود المسلمين في الجيش الألماني، إذ يترواح عدد الجنود المسلمين في الجيش الألماني من ( 3 إلى 4) آلاف جندي.

شدد ” المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا” على أن هناك حاجة كبيرة إلى وجود أئمة مؤهلين في مجتمعات المساجد في ألمانيا، في 30 سبتمبر 2023. وأكد “أيمن مزيك” المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا على “إن الحاجة إلى رعاية روحية تتوافق مع العقيدة الإسلامية باتت مطلباً ملحاً لهؤلاء الجنود”، وأشار إلى استعداد المجلس الأعلى للمسلمين للتعاون مع الحكومة في هذا المجال. ووفقاً للقانون الألماني، لكل جندي الحق في الرعاية الروحية، وممارسة شعائره الدينية دون عائق. وتقدم الكنائس البروتستانتية، والكاثوليكية في الجيش الألماني الرعاية الروحية العسكرية للجنود، وأقاربهم.

توجيه الأئمة لخدمة الأجندات السياسية

أفادت تقارير استخباراتية أن بعض الأئمة تصرفوا بناء على أوامر من البعثات الدبلوماسية لدول للتجسس على المعارضين، وأن الكثير من الأئمة يوعظون في ألمانيا ضد اندماج المسلمين فيها. واجهت ألمانيا مشكلة كبيرة تتمثل في أنّ الخريجين من المؤسسات التعليمية لتعليم الدين الإسلامي في البلاد لم ينجحوا في الرد على القضايا الفقهية العامة، ومواجهة الصعوبات المؤسسية، كما أن المساجد ليست لديها قدرات مادية لدفع رواتب هؤلاء الخريجين بالشكل الذي يناسبهم، ما يتيح للجماعات المتطرفة فرصة السيطرة عليها وبالتالي توجيه الخطاب الديني لخدمة الأجندات السياسية. ملف: الإخوان المسلمين في ألمانيا ـ مساعي حكومية للحد من أنشطة الجماعة

**

2- محاربة التطرف في ألمانيا ـ تدريس مادة الدين الإسلامي

يمثل تعليم الدين الإسلامي في المدارس الألمانية أهمية كبيرة فيما يتعلق بإدماج ومشاركة السكان المسلمين، ويساهم في مكافحة تطرف الشباب. وقد مرت عشر سنوات على إدراج تدريس مادة التربية الإسلامية بالمدارس الألمانية. ولاية شمال الراين وستفاليا كانت السباقة في هذه الخطوة ثم تبعتها ولايات أخرى. ومع ذلك، ما زالت عملية تدريس الإسلام في المدارس الألمانية تواجه الكثير من العقبات والإشكاليات .

واقع المسلمين في ألمانيا

يعيش ما يقارب من خمسة ملايين مسلم في ألمانيا، على الرغم من أن لا أحد يعرف العدد الدقيق لأنه لا يوجد تسجيل مركزي للمسلمين. يتمتع الإسلام بثاني أكبر عدد من الأتباع في ألمانيا بعد المسيحية التي تأتي في المرتبة الأولى. وهذا يعادل تقريبا (5.5%) من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم حوالي (82) مليون نسمة. والإسلام في ألمانيا متنوع ، يشمل مذاهب مختلفة مع تفسيرات مختلفة للدين. غالبية المسلمين هم من السنة (73.3%)، فيما تشكل المجموعة الثانية (10.9%) مسلمين لا يعرفون إلى أي حركة ينتمون، وينتمي (7.8%) من المسلمين إلى العلوية، و (4%) من المسلمين في ألمانيا شيعة، و(1.3%) أحمديون، و (1.2%) ينتمون إلى ديانات أخرى.

يوجد في ألمانيا اثنتي عشرة جمعية إسلامية وسبع جمعيات مسجدية على مستوى الدولة، و(2800) مسجد على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، هناك ما بين (70 – 80) منظمة وحركة إسلامية في ألمانيا أقل طائفية وأكثر تمايزًا على المستوى الوطني.  محاربة التطرف ـ ماذا عن ازدراء الأديان في ألمانيا؟

أهمية تعليم الدين الإسلامي

يتم التأكيد على أهمية تعليم الدين الإسلامي من خلال الحجج الديموغرافية، والاجتماعية؛ حوالي خُمس المسلمين في ألمانيا أي ما يقارب مليون نسمة تقل أعمارهم عن (15) عاماً، وربع آخر تتراوح أعمارهم بين (15 – 25) عاماً. وهذا يعني أن المجموعة المستهدفة المحتملة للتعليم الديني الإسلامي في المدارس كبيرة نسبياً ، ومن المتوقع أن تستمر في النمو، أيضاً نتيجة لتحركات اللاجئين من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وبالتالي، يمكن أن يكون للتعليم الديني الإسلامي في المدارس أهمية كبيرة فيما يتعلق بإدماج ومشاركة السكان المسلمين. وكثيراً ما لا يؤدي التعليم الديني في المساجد هذه الوظيفة.

تؤكد وزارة الثقافة في ولاية سكسونيا السفلى أن الهدف من تدريس مادة الإسلام في المدارس هي مساعدة الطلاب على التفكير في ديانتهم بشكل نقدي. وتضيف الوزارة بهذا الخصوص “تدريس الدين الإسلامي يقدم للطلاب والطالبات المسلمين في التعليم الرسمي الفرصة للتفكير في دينهم ضمن سياق الحياة في مجتمع غربي والتي غالبا ما تكون مطبوعة بالطابع المسيحي. والهدف هو تطوير القدرة على تقييم الأحكام الدينية”.

يجادل الخبراء، أن التعليم الإسلامي له تأثير حاسم على جيل الشباب المسلم في ألمانيا، ويساهم مساهمة مهمة في مكافحة تطرف الشباب، حيث يتعلم الشباب المسلم قيم ألمانيا ، والتسامح وتقدير أتباع الديانات الأخرى، وكذلك يعزز قيم المساواة بين النساء والرجال، ويشجع على تفكيك التحفظات بين المسلمين والمسيحيين والمسلمين واليهود.

تدريس الدين الإسلامي

وفقاً للمادة (7 الفقرة 3) من الدستور الألماني فإن لجميع الأديان الحق في تدريس الدين في المدارس. هذا ينطبق أيضاً على حوالي مليون تلميذ وتلميذة يدينون بالدين الإسلامي في ألمانيا. ولأن الإسلام غير معترف به كـ ” دين ” رسمياً في المجتمع الألماني، فإن الولايات الألمانية تبحث عن آليات قانونية وسياسية لإدخال تدريس الدين الإسلامي في المدراس. ويبحث ممثلو هذه الولايات عن طرق لحث ممثلين عن المسلمين للمشاركة معهم في ذلك.

تعود الاعتبارات الأولية لإدخال التعليم الديني الإسلامي في المدارس إلى سبعينيات القرن العشرين، دون أي مبادرات ملموسة في البداية. والسبب في ذلك هو توظيف العمال المهاجرين، وكثير منهم مسلمون، من تركيا وإدراك أنهم يريدون البقاء في ألمانيا بشكل دائم مع عائلاتهم. وعلى الرغم من أن المؤتمر الدائم لوزراء التعليم والشؤون الثقافية في عام 2011 قد اعترف بضرورة التعليم الديني الإسلامي ووعد به، إلا أن التعليم الإسلامي الذي ترعاه الدولة في المدارس لا يزال جديداً نسبياً.

وقد كانت ولاية شمال الراين وستفاليا أكثر الولايات المغامرة، بوصفها أول ولاية اتحادية في ألمانيا في العام الدراسي 2012/2013 تقوم بتدريس الدين الإسلامي لمعتنقيه في نحو (44) مدرسة ابتدائية تضم (2500) تلميذاً وتلميذة. وبعد عشر سنوات وبحسب بيانات وزارة التربية والتعليم في الولاية، تقدم حالياً قرابة (233) مدرسة على مستوى الولاية دروساً في الإسلام إلى حوالي (24,000) تلميذ وتلميذة. وهو ما يعادل حوالي (5%) من مجموع (457) ألفاً منهم في مدارس ولاية شمال الراين وستفاليا.

وفيما بعد التحقت ولايات أخرى بهذه المبادرة، أبرزها ولاية بافاريا، وآخرها ولاية سارلاند، التي بدأت مؤخراً بتدريس مادة التربية الإسلامي لتلاميذ الصف الأول بعدد من مدارسها. وفي 2023، يتم تقديم التعليم الإسلامي في المدارس في تسع ولايات فيدرالية من أصل (17) ولاية. في حين أن الولايات الفيدرالية الشرقية الخمس لا تقدم مثل هذه الخدمة، فإن هامبورغ وبريمن تقدمان تعليماُ دينياُ غير طائفي.

بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء فرص متتالية لدراسة اللاهوت الإسلامي. يتم تدريس هذا الموضوع الآن في (13) جامعة ألمانية وكلية لتدريب المعلمين. والهدف من ذلك هو ضمان جودة التدريس وضمان أن يقوم بالتدريس مدرسو الدين الذين تم تدريبهم علمياً في الجامعات الألمانية. محاربة التطرف في أوروبا ـ دور التعليم عند الشباب

تقدم بسيط في تعليم الدين الإسلامي 

عدد التلاميذ في التعليم الديني الإسلامي آخذ في الازدياد، وفقاً لبحث أجري في يوليو 2023 من قبل وزارتي التعليم والشؤون الثقافية في الولايات الاتحادية. في غضون ثلاث سنوات، ارتفع العدد في جميع أنحاء البلاد من حوالي (60,000) إلى حوالي (69,000) تلميذ، ومع ذلك، فإن الزيادة صغيرة للغاية بشكل عام. جزء صغير فقط من جميع التلاميذ المسلمين يلتحقون بالتعليم الديني الإسلامي.

يبلغ المعدل في بافاريا حوالي (11%)، بينما في بادن فورتمبيرغ وراينلاند بالاتينات يبلغ حوالي (4%) فقط، وفي شمال الراين وستفاليا، الولاية الأكثر اكتظاظاُ بالسكان المسلمين في ألمانيا، فإن المعدل أقل بقليل من (6%). بينما في ولايات ألمانيا الشرقية الخمس، لا توجد دروس دينية خاصة للمسلمين على الإطلاق، في حين تعتمد ولايات المدن الألمانية الغربية هامبورغ وبريمن على التعليم الديني المشترك بين الطوائف.

وقد انتقد مدير معهد اللاهوت الإسلامي بجامعة أوسنابروك بولنت أوجار في 28 أغسطس 2023 ضعف التعليم الديني الإسلامي في المدارس الألمانية، مشيراً إلى إنه مع وجود إجمالي مليون ونصف طالب مسلم، فمن “السخيف” تماماً أن (69) ألفًا فقط تلقوا تعليماً دينياً إسلامياً. أي بنسبة (4.6%)، فيما أن من الطبيعي أن يتم تدريس الدين الإسلامي بنسبة (60 – 70%) “.

اشكاليات تعيق عملية التدريسما بين مسؤولية الدولة والجمعيات الإسلامية

ما زالت عملية تدريس الإسلام في المدارس الألمانية تواجه الكثير من العقبات والإشكاليات المرتبطة بطريقة بلورة مادة “التربية الإسلامية” وتوافقها مع الدستور الألماني من جهة، ومن جهة أخرى بتشكيلة الجمعيات والمؤسسات الإسلامية وعدم اتفاق العديد منها على منهاج مشترك.

يختلف إدخال التعليم الديني الإسلامي من ولاية إلى أخرى. في حين أن بعض الولايات الفيدرالية قد وجدت طرقاً للتعاون مع الطوائف الدينية، فإن البعض الآخر يقدم تعليمه الديني الخاص مع استبعاد المجتمعات الدينية الإسلامية. في معظم الولايات، تدعم المجالس الإسلامية الاستشارية تصميم التعليم الديني الإسلامي في المدارس وكذلك البحوث اللاهوتية الجامعية والتدريس. وبهذه الطريقة، فإن المجتمعات المسلمة أو الممثلين في المجالس الاستشارية يشاركون بشكل غير مباشر في القضايا المتعلقة بالمحتوى التعليمي والموظفين المدرسين.

بينما ترفض ولايات فيدرالية اشراك الجمعيات الإسلامية في تعليم الدين الإسلامي، ويعكس هذا إلى اختلاف التوجه السياسي للعديد من هذه الجمعيات، ولعل أبرزها اتحاد “ديتيب” الإسلامي التركي بألمانيا والجدل حول كونه “الذراع الممتد” للدولة التركية وتأثيره على محتوى دروس التربية الإسلامية. في ولاية هيسن، على سبيل المثال، في عام 2020، تم تعليق التنظيم المشترك للتعليم الديني مع المجتمع الديني الإسلامي (DİTİB Hessen e.V) مؤقتاً لأنه، من وجهة نظر وزارة التعليم في ولاية هيسن، يتأثر اتحاد ديتيب بالدولة التركية بطريقة لا يتم تحديد مبادئها ذاتياً.

ولم يتم استئناف التعليم الإسلامي الطائفي المصمم بشكل مشترك في ولاية هيسن إلا بعد دعوى قضائية رفعها اتحاد ديتيب وأمر من المحكمة الإدارية في كاسل في مايو 2022.  ومع ذلك، أكد وزير التعليم والشؤون الثقافية في ولاية هيسن على الشكوك حول استقلالية ديتيب هيسن وأعلن عن زيارات صفية مرافقة من جانب وزارة التعليم والشؤون الثقافية.

أما في شمال الراين وستفاليا، حلت “لجنة” محل “المجلس الاستشاري” السابق لممثلي المسلمين في عام 2021. كانت اللجنة تتألف إلى حد كبير من حكومة الولاية آنذاك وأربع جمعيات إسلامية رئيسية ممثلة في المجلس الاستشاري السابق وهي: الاتحاد التركي الإسلامي لمعهد الدين (DİTİB)، والمجلس الإسلامي لجمهورية ألمانيا الاتحادية (IRD)، والمجلس المركزي للمسلمين (ZMD)، ورابطة المراكز الثقافية الإسلامية (VIKZ. أما اللجنة الجديدة المشكلة في 2021 فلم تتضمن جمعيتين كبيرتين هما: المجلس المركزي للمسلمين (ZMD)، ورابطة المراكز الثقافية الإسلامية (VIKZ)، وبدلاً من ذلك، أصبحت المجتمعات الإسلامية الأصغر حجماً والأكثر رسوخاً إقليمياً جزءاً من اللجنة. ويُسمح للمنظمات بترشيح ممثليها للجنة، لكن هذه تتطلب موافقة وزارة التربية والتعليم.

انتقدت أكبر الطوائف الدينية الإسلامية استبعاد الجمعيتين الرئيسيتين والتأثير الأكبر لحكومة الولاية. كان هناك انتقاد بأن المنظمات الأصغر التي تمثل عدداً قليلاً من المسلمين قد منحت نفس حقوق التصويت التي تتمتع بها المجتمعات الدينية التي تمثل الغالبية من المؤمنين. كما انتقدت شرط موافقة وزارة التعليم، إذ من شأن ذلك أن يقيد حقوق المجتمعات الإسلامية من المشاركة في تقرير المصير. كون الدولة أعطت لنفسها حق تحديد محتوى التعليم الديني الإسلامي، عكس ما يحدث بالنسبة للتعليم الديني المسيحي، حيث تقرر الكنائس المحتوى بنفسها.

اشتكى حزب الخضر في برلمان ولاية بافاريا من عدم تدريس الدين الإسلامي في المدارس الثانوية ، فمن غير المفهوم لماذا لم يتم تدريس المادة بعد في الصفوف من (11 – 13) من المدارس النحوية والمدارس الثانوية المهنية.” لذلك، يجب تقديمه في جميع أنواع المدارس وفي جميع الصفوف. محاربة التطرف ـ أهمية تخريج أئمة من الكلية الإسلامية في ألمانيا

نقص عدد المدرسين المؤهلين

تشتكي أغلب المدارس الألمانية من أن عدد المدرسين المتخصصين بهذا المجال قليل، كما أقرت بذلك وزيرة التعليم في ولاية شمال الراين وستفاليا، التي قالت في تصريحات للإعلام الألماني، إن هناك حاجة ماسة إلى رفع عدد المدرسين المتخصصين وتوسيع تعليم الدين الإسلامي في المدارس، وهو ما يحتاج إلى برامج جامعية تمتد كل منها على فترة خمس سنوات وفقًا لمستشاري التعليم الألمان.

تتخذ الولايات الفيدرالية تدابير مختلفة لتدريب المعلمين. وتقوم بافاريا وشمال الراين وستفاليا بتدريب المعلمين الجدد في الجامعات. لا توجد فرص تدريب في سارلاند وراينلاند بالاتينات وشليسفيغ هولشتاين. يوجد في برلين علم اللاهوت الإسلامي في جامعة هومبولت.

ومن أجل زيادة تعزيز التوسع في التعاليم الإسلامية بافاريا، أصبح المعلمون الذين كانوا لا يزالون يعملون على أساس محدد المدة خلال المشروع التجريبي دائمين. بالإضافة إلى ذلك، يتم تقديم مؤهل للمعلمين الآخرين حتى يتمكنوا أيضاً من تدريس الموضوع.

كما بدأت العديد من الولايات والمدن الألمانية تأسيس معاهد وأقسام للتعليم الديني الإسلامي في المؤسسات الأكاديمية، في تحركات قوية لقطع الطريق على التأثيرات الخارجية ومواجهة التمدد المتطرف. وبحسب التقارير الألمانية، كان من بين هذه الجامعات “إرلاجن-نورمبرج، ومونستر وبادربورن”، التي دشنت أقسام لتدريس علوم الإسلام وفق معايير صارمة للبحث والتدريس والمعرفة التي يتم تقديمها.

ولمواجهة العجز في الأعداد، أطلقت السلطات الألمانية مشروعًا مهمًا لإعداد كوادر دينية، حيث انضم نحو (50) رجلاً وامرأة لبرنامج معهد الإسلام فى أوسنابروك شمال غرب ألمانيا، والذي يمتد التدريب فيه لشغل وظيفة إمام لسنتين.

**

3- محاربة التطرف ـ حرية العقيدة في الدستور الألماني

تستوعب ألمانيا جنسيات وثقافات مختلفة منذ عقود طويلة، في أعقاب استقبالها أعداد كبيرة من المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لذا حرصت على إقرار قوانين ومواد داخل الدستور الألماني، تنص على حرية الاعتقاد وتضمن ممارسة الشعائر الدينية بحرية تامة. واهتمت السلطات الألمانية أن يضم الدستور مواداً تضمن حرية الاعتقاد، وتعزز عملية اندماج المسلمين في المجتمع، وتمنع أي محاولات استغلال من قبل الجماعات الإسلاموية المتطرفة لأي ثغرات في القوانين وملف الاندماج، بهدف استقطاب المسلمين لها ولأفكارها المتطرفة، ومن هنا أصبحت نقطة حرية العقيدة أولوية لدى ألمانيا في سياساتها في مكافحة التطرف.

الدستور الألماني

يعد الدستور الألماني نموذجاً للدساتير في العالم التي تضمن حرية الأديان، حيث تنص المادة الـ (4) من الدستور على ضمان حرية الدين والعقيدة والضمير، إضافة إلى حرية ممارسة الشعائر الدينية، ومنع إكراه أحد على المشاركة في الخدمة العسكرية بما يتعارض مع معتقداته، وتعمل القوانين الاتحادية على تنظيم التفاصيل المتعلقة بتطبيق المادة.

تحظى هذه المادة بأهمية بالغة فيما يتعلق بالحرية الدينية، لاسيما مع تراوح عدد المسلمين من ذوي الأصول المهاجرة الذين يعيشون في ألمانيا ما بين (5.3) إلى (5.6) ملايين مسلم خلال عام 2021، ما يمثل (6.4%) إلى (6.7%) من إجمالي عدد سكان ألمانيا، وهي زيادة تقدر بنحو (900) ألف مسلم عن عام 2015.

تحرص ألمانيا على تطبيق المادة المتعلقة بحرية الاعتقاد، وساهمت المحكمة الدستورية في تحويل القانون الأساسي إلى دستور متكامل ومندمج مع المجتمع، وفي نهاية أربعينيات القرن الماضي بدأ ظهور مسمى “الوطنية الدستورية” بين الألمان، وهو يعني إدراك المواطنين أهمية الدستور وأنه جزء من هويتهم ويضمن لهم الحقوق الأساسية، وتدريجياً وفي مطلع التسعينيات ومع إجراء أول انتخابات ديمقراطية، أكدت ألمانيا على وحدتها بتفعيل الدستور ومواده التي تحمي حريات الأديان.

يكفل الدستور الألماني لكل المواطنين الحق في اختيار المعتقد الديني، وتنظر الدولة إلى كافة الأديان بحيادية تامة وتتعامل معها بتسامح، وفي الوقت نفسه تتعاون مؤسسات الدولة مع المؤسسات الدينية المختلفة، مع الانفتاح على مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، لدعم فكرة دمج الأقليات في المجتمع وفي مقدمتها المسلمين، لذا شاركت وزارة الخارجية الألمانية متمثلة في قسم “الدين والسياسة الخارجية” في مؤتمر منظمة “أديان من أجل السلام RfP”، في أغسطس 2019، لدعم العمل المشترك بين الأديان لمواجهة الأزمات والحروب في العالم. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية الإسلام والإسلام السياسي. ملف

تشريعات وبرامج تدعم حرية الاعتقاد والاندماج

تعمل السلطات الألمانية طوال الوقت على تحسين برامج الاندماج للمسلمين، وإقرار تشريعات وسن قوانين من شأنها تفعيل حرية الأديان التي يكفلها الدستور الألماني.

برنامج “نيست NEST”

أطلقت ألمانيا في مايو 2019 برنامج نيست، بهدف تقديم رعاية مجتمعية للمهاجرين واللاجئين، بالتعاون مع منظمات الرعاية الاجتماعية والدينية، لمساعدة المهاجرين على الاندماج في المجتمع، حيث أكدت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في يوليو 2022 على استمرار عمل البرنامج في أهدافه خلال 2023.

سوق العمل

بعد استقبال ألمانيا موجة لجوء وهجرة قياسية في 2015 و2016، عملت على منح المهاجرين واللاجئين فرصة للعمل لتحقيق الاندماج، حيث أشارت إحصائيات في 2020 إلى أنه نحو (65%) من اللاجئين يمتلكون وظيفة، وتظل اللغة الألمانية عائقاً أمام المهاجرين للالتحاق بالوظيفة، ما دفع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف” في 2020 إلى توفير دورات تدريبة لتعلم اللغة الألمانية، ومساعدة المهاجرين للتغلب على أي صعوبات في عملية الاندماج بالمجتمع.

خطة دمج

وضعت ألمانيا في مارس 2021 خطة عمل وطنية للدمج، بمشاركة سياسيين ومنظمات المجتمع المدني، لوضع أنشطة تعليمية ومجتمعية لمكافحة أي تمييز وعنصرية بسبب الدين أو العرق، وتعزيز اندماج المهاجرين المسلمين كجزء من المجتمع.

الجنسية الألمانية

شجعت الحكومة الألمانية في مايو 2021، المهاجرين والأجانب المقيميين في ألمانيا، على الاستفادة من حقهم في الحصول على الجنسية في حال اكتمال الشروط المطلوبة، الأمر الذي يشير إلى تشجيع الحكومية الألمانية للمهاجرين وللمسلمين على المشاركة في الحياة السياسية.

رفع الأذان

رفع مسجد كولونيا المركزي في 14 أكتوبر 2022، لأول مرة الأذان بعد اتفاق مع الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية “DITIB”، يسمح برفع الأذان في (35) مسجداً في كولونيا يوم الجمعة لمدة (5) دقائق وبشرط ألا يتجاوز مستوى الصوت لأكثر من (60) ديسيبل وعلى مسافة (100) متر ولمدة عامين.

جاء هذا الاتفاق بمبادرة من رئيسة بلدية كولون هنرييت ريكر، التي أكدت على أن السماح لنداء المؤذن هو علامة على الاحترام، استناداً على القوانين الألمانية التي تنص على أن نداء الصلاة حق من الحقوق الأساسية للفرد وضمن الحريات الدينية وممارسة الشعائر. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية التكامل والاندماج الأجتماعي . بقلم داليا عريان

السماح للمحجبات بالعمل

 أكدت السلطات الألمانية في 29 مارس 2023، أنه سيتم السماح للمعلمات المسلمات في برلين بارتداء الحجاب، في أعقاب رفض المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية طعناً قدمته حكومة ولاية برلين، على حكم بشأن عدم جواز حظر ارتداء المعلمات المسلمات للحجاب دون مبرر.

يعد هذا القرار بداية لإعادة النظر في قانون الحياد الصادر في عام 2005، الذي يحظر ارتداء موظفي الخدمة المدنية الملابس والرموز الدينية أثناء تأديتهم للعمل، حيث أشارت لجنة خبراء من مجلس الشيوخ في برلين في سبتمبر 2022، إلى أن قانون الحياد يروج للتمييز ضد المحجبات من دون مبرر موضوعي.

أول مستشار في شؤون الإسلام

نظراً لأن ألمانيا تضم نحو (2800) مسجد، وتظهر خلافات حول سمات بناء المساجد متعلقة بالمآذن، لذا تم تعيين حسين حمدان أول مستشار رسمي في شؤون الإسلام في ألمانيا في 26 أغسطس 2023، للمساعدة على حل الخلافات بين الجمعيات الإسلامية والسلطات المحلية للولايات، خاصة وأنه شديد الحرص على إشراك المسلمين وتحديداً الشباب في المشاريع المجتمعية.

الموقف الألماني من حرية الاعتقاد

تعد الحرية الدينية جزءاً أساسياً من سياسات الحكومة الألمانية، لتعزيز حقوق الإنسان وفقاً للقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، وتعتبر السلطات الألمانية أن ضمان حرية المعتقد أمر ضروري، ويشمل حق الشخص في تكوين واختيار معتقد وممارسته بحرية تامة سواء بشكل فردي أو مع آخرين، إضافة إلى ضمان الحق في تغيير الانتماء الديني للفرد، وحرية عدم الانتماء لأي دين ومعتقد.

أشار التقرير الثاني للحكومة الألمانية الصادر في 28 أكتوبر 2020، إلى ضرورة تطبيق حق الإنسان في حرية المعتقد، وسبل التعاون بين الأديان وقدرتها على دعم مفاهيم حرية الدين.

تلتزم ألمانيا بجانب شركاء من الاتحاد الأوروبي، بالتوسع في تعزيز الضمان العالمي لحرية الاعتقاد، والحوار بين الثقافات لصالح فهم أفضل بين الناس من مختلف الديانات، كما صادقت على إرشادات الاتحاد الأوروبي بشأن حماية حرية الأديان الذي تم اعتماده في يونيو 2013. ملف: محاربة التطرف – أزمة الهوية والاندماج والتكامل في أوروبا

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– يوجد في ألمانيا أكثر من (2000) جمعية تابعة لمساجد، وأتى أغلبية الأئمة من الخارج ولم يتمموا تكوينهم في ألمانيا. لذلك سعت السلطات الألمانية لتقويض تأثير الأئمة الذين تدعهم دول خارجية على المساجد الألمانية، عبر إعداد أئمة يحملون شهادة تخرج ألمانية، إلى جانب تشديد إجراءات الإقامة في ألمانيا وتعزيز الاندماج المجتمعي لهم.

– شددت الحكومة الألمانية على إلمام الأئمة باللغة الألمانية ومعرفة نظام التعليم الألماني، بالإضافة إلى المعرفة عن الثقافة والإلمام بالنظام الاجتماعي والسياسي في ألمانيا، وذلك شريطة الالتحاق بكلية الإسلام في ألمانيا “إسلام كوليدج”، وحتى يمكنهم من التجاوب مع حاجات المسلمين في ألمانيا.

– يمكن القول أن كلية الإسلام في ألمانيا “إسلام كوليدج”، ربما تكون خطوة في الاتجاه الصحيح لتأهيل الأئمة، ومحاربة التطرف، إلا أن جميع الخطوات التي يمكن أن تقود إلى تأهيل مستقل لأئمة المساجد في ألمانيا مازالت بعيدة المنال.

– بات متوقعاً يساهم إعداد الأئمة في ألمانيا على المدى البعيد على عدم تلقى التبرعات والمنح من منظمات خارجية وحكومات أجنبية، ما يقلل من احتمالية الترويج إلى أيديولوجيات متطرفة، وأجندات سياسية، وأن تكون أكثر فعالية على الرد على القضايا الفقهية العامة للمسلمين في ألمانيا.

– ليس من المستبعد أن يعاني الخريجون والخريجات من كلية الإسلام في ألمانيا “إسلام كوليدج” من عدة مشكلات، بسبب دعم الكلية من خمس هيئات إسلامية فقط. ومن غير المؤكد حصول الخريجين والخريجات من الكلية على فرصة عمل في المساجد الإسلامية.

**

– يعيش ما يزيد عن خمس ملايين مسلم في ألمانيا، ويدرس مليون تلميذ مسلم في المدارس الألمانية. هناك طلب كبير على التعليم الإسلامي. أدخلت بعض الولايات الفيدرالية “الدين الإسلامي” أو “التعليم الديني الإسلامي” كمادة مدرسية، بينما تدير ولايات أخرى مشاريع تجريبية. في بعض الولايات الفيدرالية، لم يتم تقديم التعليم الإسلامي بعد.

– ما يقارب عشر سنوات مرت على إدراج تدريس مادة التربية الإسلامية بالمدارس الألمانية. ولاية شمال الراين وستفاليا كانت السباقة في هذه الخطوة ثم تبعتها ولايات أخرى حتى وصلت تسع ولايات ألمانية. ومع ذلك، فإن عدد التلاميذ آخذ في الانخفاض، وكذلك عدد المدارس التي تقدم التعليم الإسلامي.

–  استكمالاً لمشروع تدريس الإسلام في المدارس الألمانية الذي انطلق فعليًا في السنوات الأخيرة، جاءت خطوة تدريس علوم الإسلام في الجامعات، وبدأت العديد من الولايات والمدن الألمانية تأسيس معاهد وأقسام للتعليم الديني الإسلامي في المؤسسات الأكاديمية.

– ما زالت عملية تدريس الإسلام في المدارس الألمانية تواجه الكثير من العقبات والإشكاليات المرتبطة بطريقة بلورة مادة “التربية الإسلامية” وتوافقها مع الدستور الألماني من جهة، ومن جهة أخرى بتشكيلة الجمعيات والمؤسسات الإسلامية وعدم اتفاق العديد منها على منهاج مشترك. كما تواجه المدارس الألمانية نقص في عدد المعلمين المتخصصين بالدراسات الإسلامية.

– بات مرجحاً استمرار العمل على توسيع خطة تعليم الدين الإسلامي في المدارس الألمانية و باللغة الألمانية ليشمل الولايات الألمانية جميعها، ضمن استراتيجية عامة لمحاربة التطرف وتعزيز التعايش.

**

– تأتي ألمانيا في مقدمة دول العالم التي نجحت في وضع قواعد، لضمان حرية الاعتقاد وفقاً للدستور والتشريعات القانونية، ما يجعلها مساحة آمنة للكثيرين من المهاجرين والمسلمين، ويتيح الفرصة لتحقيق عملية اندماج المسلمين والأقليات في المجتمع الألماني، ما يحافظ على تماسك المجتمع والأمن القومي، في ظل تزايد مخاطر التهديدات القادمة من الجماعات الإسلاموية المتطرفة من جانب، والجماعات اليمينية المتطرفة من جانب آخر.

– نصوص مواد الدستور الألماني المتعلقة بمسألة حرية المعتقد، تضمن للجميع حق الاحتفاظ بحرية اختيار معتقداتهم، مع حق الانخراط في أي أنشطة مجتمعية وسياسية في المجتمع، وفي الوقت نفسه يحافظ القانون الأساسي للدولة الألمانية على عدم المساس بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، ما يحقق توازن في شكل النظام الديمقراطي والأمن المجتمعي.

– تعد التجربة الألمانية في تطوير التشريعات والإجراءات المتعلقة بعملية دمج المسلمين، من أكثر التجارب الأوروبية الناجحة في تحقيق طفرة في اندماج المسلمين داخل المجتمع والحياة السياسية، رغم الحملة التي تشنها الجماعة الإسلاموية المتطرفة ضد سياسات الحكومة الألمانية بشأن الاندماج، ولكن عملت ألمانيا على مدار العقد الأخير في تحسين دور المؤسسات الإسلامية والتواصل الدائم معها من أجل حماية حقوق المسلمين في ممارسة الشعائر الدينية، عبر قرارات رفع الأذان ببعض المساجد يوم الجمعة وفقاً للقوانين الألمانية، وتعيين مستشار لشؤون الإسلام كحلقة وصل بين الجمعيات الإسلامية والسلطات الألمانية.

– برامج رعاية وتأهيل المهاجرين واللاجئين تمثل نقطة رئيسية ومهمة، في عملية دمج المسلمين داخل المجتمع، لأنها ترتكز على منحهم فرص تعلم اللغة الألمانية ومن ثم إتاحة فرص العمل دون أدنى تمييز، لذا سعت ألمانيا منذ موجات نزوح عامي 2015 و2016 في تحسين هذه البرامج وتسهيل عملية قبول المهاجرين بها.

– تفسح ألمانيا المجال أمام المسلمين للمشاركة في الحياة السياسية والمجتمعية، لذا أسندت مهمة مساعدة المسلمين على الاندماج من خلال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، والذي نجح في توفير دورات الاندماج والمراكز الاستشارية لمناقشة أي صعوبات تتعلق بالدمج.

– تعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة في ألمانيا مؤشراً، على مشاركة المسلمين في الحياة السياسية واقتناعهم بأهمية التواجد داخل الوسط السياسي وبناء المجتمع، وارتفعت نسبة مشاركة المرشحين المسلمين في قوائم الأحزاب السياسية في انتخابات سبتمبر 2021 مقارنة بأي انتخابات سابقة، وانعكس هذا الأمر في استطلاعات الرأي الأخيرة التي كشفت عن أن (81%) من المسلمين يرون أن الديمقراطية الحل الأمثل في الحكم، ما يؤكد على نجاح سياسات ألمانيا في ملف اندماج المسلمين.

– ينبغي على السلطات الألمانية تكثيف الجهود، للتصدي لأي تحديات تعرقل عملية دمج المسلمين في المجتمع وتهدد أسس الدستور والقانون الأساسي للدولة الألمانية، وفي مقدمة هذه التحديات تغلغل الجماعات الإسلاموية المتطرفة بين المسلمين، ونشر أفكارها المتطرفة التي تسعى لعزل المسلمين عن باقي المجتمع الألماني، إضافة لانتشار الإسلاموفوبيا وأفكار معارضة لعملية دمج المسلمين والتي تتبناها تيارات اليمين المتطرف.

رابط مختصر ..  https://www.europarabct.com/?p=91649

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

Germany plans to end practice of importing imams from Turkey, abroad
https://tinyurl.com/5cc82p8y

Imam werden in Deutschland
https://tinyurl.com/52ne73pb

تخريج أول دفعة أئمة من الكلية الإسلامية في ألمانيا
https://tinyurl.com/4w8xaz9s

تأهيل الأئمة لإسلام من أجل ألمانيا
https://tinyurl.com/26hfdtts

**

بعد عشر سنوات.. إلى أين وصل تدريس الإسلام في ألمانيا؟
https://2u.pw/195Wqxo 

Islamunterricht an öffentlichen Schulen in Deutschland
https://2u.pw/Y5IVCvM 

Islamischer Religionsunterricht nur für einen Bruchteil aller muslimischen Schüler
https://2u.pw/OSBRNDF 

تدريس مادة الدين الإسلامي في 75 مدرسة بولاية ألمانية
https://2u.pw/rADvcRV

**

شاهد: لأول مرة مسجد كولونيا المركزي يرفع الأذان في ألمانيا
https://bit.ly/3F92Wo0

ارتياح بين مسلمي ألمانيا بعد السماح للمحجبات بالعمل في مدارس برلين
https://bit.ly/46JiMS8

المادة الرابعة: حرية الأديان
https://bit.ly/3tmqPWp

Meet Germany’s first Islamic affairs consultant
https://bit.ly/3LW06q2

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...