الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ هل يتدخل الناتو لحماية القوات الفرنسية في حالة  وجودها في أوكرانيا؟

Nato
أبريل 26, 2024

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا

أمن دولي ـ هل يتدخل الناتو لحماية القوات الفرنسية في حالة  وجودها في أوكرانيا؟ (ملف)

الملف نسخة pdf

يتناول الملف العرض والتحليل احتمالية تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حرب أوكرانيا إذا ما أرسلت فرنسا قوات عسكرية إلى أوكرانيا، ويناقش الملف خيار إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في المستقبل، ويستعرض القدرات العسكرية والنووية الفرنسية، والحضور السياسي الفرنسي دولياً. كما يستشرف الملف الرد الروسي على إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا، وتحليل المخاطر والتداعيات لهذا السيناريو. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. أمن دولي ـ هل يتدخل الناتو لحماية الجنود الفرنسيين في أوكرانيا؟
  2. أمن دولي ـ كيف سيكون الرد الروسي على إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا؟
  3. أمن دولي ـ وجود جنود فرنسيين في أوكرانيا، المخاطر والتداعيات؟

**

1- أمن دولي ـ هل يتدخل الناتو لحماية الجنود الفرنسيين في أوكرانيا؟

تشعر فرنسا بالقلق بسبب ضعف القوات الأوكرانية، وطول أمد حرب أوكرانيا، وقد سبق وناقشت السلطات الفرنسية في العام 2023 بسرية تامة مسألة إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا. وذلك في أعقاب الإخفاقات التي رافقت الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا على مواقع روسية. أثار قرار الرئيس “إيمانويل ماكرون” جدلا كبيرا داخل حلف شمال الأطلسي وبين الدول الأعضاء برفضه استبعاد “من حيث المبدأ” خيار إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا مستقبلا.

القدرات العسكرية والنووية الفرنسية

تحتل فرنسا المرتبة الرابعة كدولة نووية في العالم، وذلك من حيث الرؤوس النووية، حيث تمتلك فرنسا ما يبلغ من نحو (300) رأس نووية، وذلك بعد تقليصها من حوالي (540) رأسا نوويا في عهد الحرب الباردة. تنص العقيدة العسكرية الفرنسية على ضرورة وجود من واحدة إلى أربع غواصات نووية فرنسية في المحيط الأطلسي دائما لضمان الأمن القومي لها ولأوروبا.

يحتل الجيش الفرنسي المرتبة الثانية بين أقوى الجيوش في أوروبا، والمرتبة السابعة على مستوى العالم. تمتلك فرنسا برنامجا للأسلحة للفترة (2019-2024) يسمح لها باستعادة القدرات، وكذلك التكيف مع الوضع والأزمات الحالية دوليا لاسيما حرب غزة وأوكرانيا. الأمر الذي قد يجعل الجيش الفرنسي الجيش الأول على المستوى الأوروبي. تشير الإحصائيات إلى أن عدد جنود الجيش الفرنسي يبلغ حوالي (415) ألف جندي بينهم (205) آلاف جندي عامل و(35) ألف جندي احتياطي إضافة إلى (175) ألف فرد. يجعل حجم الإنفاق الدفاعي الفرنسي بين أكثر (11) دولة إنفاقا على جيوشها في العام 2022 بميزانية تقدر بـ (40.9) مليار دولار.

الحضور السياسي الفرنسي دوليا

تُعدُّ فرنسا أحد الأعضاء الاثنتي عشرة المؤسسة لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وقد احتضنت أوّل مقر دائم لها في عاصمتها باريس في الخمسينيات والستينيات. يبلغ عدد العناصر الفرنسيين العاملين في جميع الهياكل والوكالات التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في الوقت الراهن زهاء (780) عنصرا. تحتل فرنسا المرتبة الثالثة من بين المساهمين في الميزانيتين العسكرية والمدنية لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

يتكون مجلس الأمن من “15” عضوا، دول خمس دائمة العضوية: الصين، فرنسا، روسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. تلك الدول لها حق قض النقض “الفيتو”. استخدمت فرنسا حقّها في الفيتو عدة مرات على سبيل المثال استخدمته فرنسا العام 1989 بشأن الأوضاع في بنما، وفي عام 2003 هدّدت فرنسا بالنّقض بما يتعلّق بالغزو الأمريكي للعراق، مسبّباً التوتر في العلاقات بين فرنسا والولايات المتّحدة الأمريكيّة.

خيار إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في المستقبل

أثار الرئيس “إيمانويل” ماكرون جدلا كبيرا برفضه استبعاد “من حيث المبدأ” خيار إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في المستقبل، في ختام مؤتمر باريس الذي جمع قادة الدول المتحالفة مع أوكرانيا وأغلبها أوروبي. أوضح رئيس أركان القوات البرية الفرنسية الجنرال “بيير تشيل” في 14 مارس2024 أن تصريحات الرئيس الفرنس “ماكرون” حول احتمال إرسال قوات إلى أوكرانيا هي في المقام الأول رسالة سياسية واستراتيجية موجهة إلى روسيا توحي بالاستعداد لمثل هذا الأمر.

أكد رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، الجنرال “تييري بوركارد”، إنه لا ينبغي لروسيا أن تتوقع من الغرب أن يقتصر دعمه لأوكرانيا على توريد الأسلحة. بينما تقول ألمانيا ودول أوروبا الوسطى إنها لن ترسل قوات إلى أوكرانيا.

ترى “جوليا غرينيون” أستاذة القانون في جامعة “لافال في كيوبيك” أن “سنكون طرفا في النزاع لأننا سنشتبك مع قوات مسلحة ضد عدو مشترك”، ويوضح خبير مقرب من وزارة القوات المسلحة أن “هذا سيكون بمثابة إعلان حرب على روسيا”.

تشير استطلاعات الرأي في مارس 2024 إلى(57%) من الفرنسيين يرون أن الرئيس الفرنسي تصرف بشكل خاطئ عندما طرح فكرة إرسال الجيش إلى أوكرانيا. وأنه قد يولد خلافات مع الدول الغربية ويزيد من مستوى التوتر في العلاقات الفرنسية الروسية. وعارض (51%) تخصيص 3 مليارات يورو لدعم أوكرانيا كجزء من اتفاقية التعاون الأمني. أمن دولي ـ ماحقيقة وجود جنود الناتو في أوكرانيا؟

عدد القوات الفرنسية المرسلة لأوكرانيا

كشف جهاز المخابرات الروسية الخارجية في 19 مارس 2024، أن فرنسا تقوم بإعداد وحدة عسكرية لإرسالها إلى أوكرانيا، في المرحلة الأولية ستصل إلى حوالي (2000). وأكدت على وجود عسكريين فرنسيين موجودون بالفعل بشكل غير رسمي في أوكرانيا، وتكبدوا خسائر على يد القوات الروسية. بينما أكدت وزارة الدفاع الفرنسية إن هذه المعلومات هي “جزء من الاستخدام المنهجي للمعلومات المضللة للرأي العام”. أمن دولي ـ الناتو وروسيا، هل من مواجهة في البحر الأسود ؟ 

أسباب إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا

يمكن القول أن هناك عدة عوامل لإرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا منها

رأب الصدع بين حزب “ماكرون” والمعارضة” : استخدم “إيمانويل ماكرون” حرب أوكرانيا لرأب الصدع بين حزبه والمعارضة، حيث يتهم المنافس الرئيسي، حزب التجمع الوطني، بالإفراط في الولاء لروسيا. ويريدون إجبار زعيم الحزب “جوردان بارديلا ” على تحديد مساره: ما إذا كان يدعم سلطات كييف الحالية أم لا.

تحقيق مكاسب سياسية في الانتخبات الأوروبية : كذلك الرغبة في تسجيل نقاط سياسية في الانتخابات المقبلة للبرلمان الأوروبي، كون هذه الانتخابات قد تؤشر لملامح الحقبة المقبلة التي ستشهد انتخابات رئاسية لن يشارك فيها الرئيس “إيمانويل ماكرون” بحكم الدستور الذي يمنع ثلاث ولايات متتالية.

الصراع الروسي الفرنس في أفريقيا : لا يمكن فصل سبب إرسال قوات فرنسية لأوكرانيا عن تنامي النفوذ الروسي في إفريقيا وضلوع روسيا متمثلة في مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة فيه. حيث باتت المواجهة بين فرنسا وروسيا لا تقتصر على ساحات حرب أوكرانيا أوكرانيا، وإنما تتوسع رقعتها في القارة إفريقيا.

استعادة قيادة أوروبا: يرى “إيمانويل ديبوي” رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا أن “ماكرون” يريد استعادة قيادة أوروبا بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الفرنسية تسليمها مساعدات عسكرية لأوكرانيا تصل إلى 2.6 مليار يورو. تريد باريس تأكيد زعامتها فيما يتعلق بضمان الأمن ودعم كييف.

حلف شمال الأطلسي وإطالة الحرب في أوكرانيا

تعد تلميحات الرئيس الفرنسي ” إيمانويل ماكرون” بإرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا أحد الأسباب المستقبلية لطول أمد حرب أوكرانيا. ما قد يؤدي إلى عواقب صعبة للغاية بالنسبة للغرب، فضلا عن أنها قد تؤدي إلى حرب محتملة بين الناتو وروسيا والمواجهة النووية، وما يزيد من تلك المخاوف امتلاك روسية الأسلحة اللازمة لضرب أهداف أخرى في البلدان الغربية.

يبدو أن إدارة لرئيس الأمريكي “جو بايدن” ليست حريصة على ملاحظة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن القوات الغربية يمكن أن تدافع بشكل مباشر عن أوكرانيا في مرحلة ما. تقول المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي “أدريان واتسون” “لقد كان الرئيس “جو بايدن” واضحا في أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات للقتال في أوكرانيا”. وتابعت أن الحصول على ما يقرب من (60) مليار دولار من المساعدات العسكرية لكييف، التي أقرها الكونجرس، هو “الطريق إلى النصر”.

أثار الجدل الدائر حول تصريحات “ماكرون” تساؤلات حول الوحدة داخل حلف شمال الأطلسي، ومن الممكن أن تؤدي المواقف المختلفة للدول الأعضاء إلى توترات داخل التحالف. ويكمن التحدي في إيجاد نهج مشترك يضمن الأمن في المنطقة من دون المزيد من توتر العلاقات مع روسيا.

لا يعني مشاركة قوات دولة عضو في “الناتو” إلى جانب الجيش الأوكراني في الصراع مع روسيا، فإن مشاركتها هذه لن تشملها المادة (5) من ميثاق “الناتو” للدفاع الجماعي”. حيث أن الدفاع الجماعي لبلدان الحلف يعني الدفاع عن أراضي دوله إن تعرضت لهجوم روسي.  أمن دولي ـ البحر الأسود، الاستعداد للتصعيد في حرب أوكرانيا (ملف)

**

2- أمن دولي ـ كيف سيكون الرد الروسي على إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا؟

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 27 فبراير 2024، بشأن احتمال لإرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا لمواجهة روسيا حالة جدل دولي واسعة. وترفض الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إرسال أي قوات للمواجهة المباشرة في روسيا منذ بداية الأزمة في فبراير 2022. وقد تعهدت روسيا من جهتها بالرد بشكل مباشر على تواجد أي قوات أوروبية في أوكرانيا في ضوء ما صرح به ماكرون، ما أثار تخوفات من احتمالات حدوث مواجهة مباشرة بين الغرب وروسيا. الأمر الذي سيخلف تداعيات سياسية واقتصادية خطرة على المستوى الدولي.

كيف ردت روسيا؟

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 27 فبراير 2024، إن إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا “لا يمكن استبعاده”. وذلك بعد استضافته مؤتمراً في باريس بشأن دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. حيث ناقش الزعماء الأوروبيون إمكانية إرسال قوات لمساندة الجيش الأوكراني. ودفعت تعليقاته عدداً كبيراً من الدول الغربية الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى القول إنها ليس لديها مثل هذه الخطط. في حين حذر الكرملين من أن الصراع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة سيكون لا مفر منه إذا أرسل الأعضاء الأوروبيون في الناتو قوات للقتال في أوكرانيا.  وحذر حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 29 فبراير 2024، من أن أي قوات يرسلها إلى أوكرانيا ستواجه نفس نهاية جيش نابليون بونابرت الكبير الذي انتهى غزوه لروسيا عام 1812 بالموت والهزيمة.

حذر رئيس مجلس النواب الروسي ماكرون من إرسال قوات إلى أوكرانيا، قائلا إنها ستواجه نفس مصير جيش نابليون. أدلى رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين، وهو عضو في الدائرة الداخلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بهذه التصريحات في منشور على تيليجرام. حذر الكرملين حلفاء كييف الأوروبيين من أن إرسال قوات للقتال في أوكرانيا سيؤدي إلى “حتمية” الحرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويقول الكرملين إن ماكرون يثير التدخل الفرنسي في أوكرانيا. وانتقد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن عدم استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا، لكنه قال إن وزارة الخارجية الفرنسية تراجعت منذ ذلك الحين عن هذا الاقتراح. وقال ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحفي لفلاديمير بوتين، للصحفيين إن: “ماكرون يواصل تصعيد تورط فرنسا المباشر في الحرب في أوكرانيا، وهو ما لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع مصالح الشعب الفرنسي”. قال جهاز المخابرات الروسي SVR في 19 مارس 2024 إن فرنسا تخطط لإرسال 2000 جندي وأنهم سيكونون  “أهدافاً مشروعة” إذا “جاءوا إلى “عالم روسيا”.ملف أمن دولي ـ ما احتمالية انخراط الناتو بحرب ضد روسيا؟

هل تصعد روسيا من قدراتها العسكرية في حرب أوكرانيا؟

تُظهر روسيا بالفعل تصعيدًا في قدراتها العسكرية في حرب أوكرانيا. عززت روسيا بشكل كبير وجودها العسكري في أوكرانيا منذ بدء الحرب. تشير التقديرات إلى أن روسيا لديها الآن ما بين 150 و 200 ألف جندي في أوكرانيا، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن 100 ألف جندي كانوا متواجدين في بداية الحرب. بدأت روسيا باستخدام أسلحة أكثر قوة في حرب أوكرانيا، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والقنابل الفراغية. كما زادت روسيا من استخدام المدفعية والطائرات بدون طيار في القصف على المدن الأوكرانية.

لقد حوّلت روسيا تركيزها العسكري مؤخرًا إلى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، حيث تسعى للسيطرة على منطقتي لوهانسك ودونيتسك. شنّت روسيا هجمات مكثفة على هذه المناطق، مستخدمةً قوتها العسكرية الجوية والبحرية والبرية بشكل مكثف. تُواصل روسيا تطوير أسلحة جديدة ونشرها في ساحة المعركة في أوكرانيا. على سبيل المثال، نشرت روسيا مؤخرًا صاروخًا فرط صوتي جديد يُطلق عليه اسم “كينزال”. ألمحت روسيا إلى أنها قد تكون على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية في حرب أوكرانيا، مما أثار قلق المجتمع الدولي بشكل كبير.أمن دولي ـ ما احتمال المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا؟

ما احتمالات استخدام روسيا للسلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا؟

يبقى احتمال استخدام سلاح نووي تكتيكي من جانب روسيا قائماً، خاصة إذا شعرت أن وجودها مهدد بشكل خطير، فقد تكون أكثر عرضة لاستخدام الأسلحة النووية. ويرتبط هذا الخيار أيضا باستمرار أو تكثيف الدعك العسكري الغربي لأوكرانيا أو تدخل دول الغرب في الحرب بشكل مباشر. إذا زادت الدول الغربية من دعمها العسكري لأوكرانيا أو تدخلت مباشرة في الحرب، فقد تُصبح روسيا أكثر عرضة لاستخدام الأسلحة النووية. يعتمد قرار استخدام الأسلحة النووية على النوايا والحسابات الداخلية للقيادة الروسية، وهو أمر يصعب التكهن به.

بشكل عام، يُعدّ استخدام روسيا للسلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا احتمالًا خطيرًا. وقد أوضحت الدول الغربية أن أي استخدام للأسلحة النووية من قبل روسيا سيواجه ردًا صارمًا وعواقب وخيمة. تمتلك روسيا ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية التكتيكية. وهي صواريخ وقذائف أصغر حجمًا وأقل قوة من الأسلحة النووية الاستراتيجية. وتهدف الأسلحة النووية التكتيكية إلى استخدامها في ساحة المعركة لتحقيق أهداف عسكرية محددة. ومع ذلك، حتى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية سيكون له عواقب كارثية، مما قد يتسبب في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية.

هل تصعد روسيا تهديداتها بتوسيع رقعة الحرب؟

تُظهر روسيا بالفعل بعض المؤشرات على أنها قد تُوسّع رقعة الحرب . وذلك من خلال عدة مؤشرات منها: اتهمت روسيا ليتوانيا بمنع عبور البضائع إلى كالينينغراد، وهي منطقة روسية معزولة تقع بين بولندا وليتوانيا. حذّرت روسيا من أنها قد تتخذ إجراءات مضادة، مما أثار قلق حلف الناتو والدول الغربية. كذلك أعربت روسيا عن قلقها بشأن الوضع في مالدوفا، وهي دولة مجاورة لأوكرانيا.

ترتبط روسيا بعلاقات تاريخية مع منطقة ترانسنيستريا داخل مالدوفا، مما أثار مخاوف من أن روسيا قد تسعى إلى التدخل في مالدوفا. كذلك زادت روسيا من نشاطها العسكري في بحر البلطيق، مما أدى إلى تصعيد التوتر مع الدول الأعضاء في حلف الناتو مثل بولندا وإستونيا ولاتفيا. يعتمد مسار الحرب على العديد من العوامل، بما في ذلك، مقاومة القوات الأوكرانية.

هل يحق لروسيا أن توجه ضربات إلى فرنسا؟

إذا أصبحت فرنسا منخرطة في الحرب المباشرة فإن روسيا يحق لها من الناحية النظرية، توجيه ضربات إليها. تحظر القوانين الدولية استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى دون مبرر قانوني. ينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه يجب على الدول حل النزاعات سلميًا وتجنب استخدام القوة العسكرية. تتمتع فرنسا وروسيا بعلاقات دبلوماسية رسمية، والهجوم على فرنسا سيكون انتهاكًا صارخًا لهذه العلاقات. أي هجوم على فرنسا من قبل روسيا سيؤدي إلى تصعيد كبير للحرب وقد يُشعل حربًا عالمية. ستتخذ الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأعضاء في حلف الناتو، إجراءات قوية ضد روسيا إذا هاجمت فرنسا. لا يوجد أي مبرر قانوني أو أخلاقي لروسيا لمهاجمة فرنسا، في الوقت الراهن.

وأي هجوم من هذا القبيل سيكون له عواقب وخيمة على روسيا والعالم بأسره.  فرنسا عضو في حلف الناتو، وهو تحالف عسكري دفاعي. وذلك يعني أن أي هجوم على فرنسا سيُعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء في حلف الناتو، والمرجح أن يتسبب في رد عسكري قوي من قبل الحلف. بالإضافة إلى ذلك، تُمتلك فرنسا ترسانة نووية قوية، والمرجح أن تُستخدم هذه الترسانة للدفاع عن النفس في حال تعرضها لهجوم.

هل يحصل ذلك على الواقع الميداني؟

تشير غالبية التقديرات إلى أن الصراع لن يتوسع إلى هذا الحد لكن سقف التهديدات الروسية سوف يكون أكبر ضمن مبدأ الردع والردع المضاد. ترفض الدول الأوروبية والولايات المتحدة المقترح تماماً، ما يعني أن احتمال تنفيذه أمر بعيد. شدد المستشار الألماني أولاف شولتز 28 فبراير 2024 أنه لن يتم إرسال “أي جندي” إلى أوكرانيا سواء من الدول الأوروبية أو من الحلف الأطلسي. وأوضح أن “ما تم الاتفاق عليه منذ البداية ينطبق أيضا على المستقبل، وهو أنه لن تكون هناك قوات على الأراضي الأوكرانية مرسلة من الدول الأوروبية أو دول الناتو”. قال البيت الأبيض 28 فبراير 2024 إن الولايات المتحدة لن ترسل قوات للقتال في أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون “الرئيس بايدن كان واضحاً بشأن هذا الأمر وهو أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات للقتال في أوكرانيا”. واستبعد الحلف الأطلسي نفسه إرسال أي قوات إلى ساحة المعركة. وقال مسؤول في الحلف 28 فبراير 2024 إن “الناتو والحلفاء يقدمون مساعدة عسكرية غير مسبوقة لأوكرانيا. قمنا بذلك منذ العام 2014 وانتقلنا إلى وتيرة أعلى بعد الحرب. لكن ليس هناك أي خطط لنشر قوات قتالية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأرض في أوكرانيا”.

3- أمن دولي ـ وجود جنود فرنسيين في أوكرانيا، المخاطر والتداعيات؟

رغم الاتهامات المستمرة من جانب روسيا لحلف الناتو، بالتحضير لمواجهة مسلحة مباشرة معها، إلا أن الحلف يبدو حذراً من التدخل في حرب أوكرانيا، رغم الدعم العسكري والسياسي الواضح لكييف منذ شن روسيا العملية العسكرية في 24 فبراير 2022. ولكن تسببت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة، بشأن احتمالية إرسال قوات غربية لأوكرانيا، في إثارة غضب روسيا التي استغلت الأمر، لتلوح من جديد باستخدام السلاح النووي كوسيلة ردع للغرب. ومن هنا سارع الناتو لتوضيح موقفه من تصريحات ماكرون، تجنباً لأي تداعيات غير محسوبة العواقب على العلاقة مع روسيا وعلى أعضاء الحلف.

هل يدخل الناتو في حرب مباشرة ضد روسيا؟

كان من المتوقع أن المقترح الفرنسي حول مشاركة قوات غربية في حرب أوكرانيا، سيلقى قبولاً من أعضاء الناتو، ولكن المواقف جاءت مغايرة لهذه التوقعات. وفي 27 فبراير 2024 أكد البيت الأبيض، أن بلاده لن ترسل قوات للقتال بأوكرانيا، وفي 9 مارس 2024، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون معارضته لهذا الطرح، رغم اعتراف بلاده بإرسال عدداً صغيراً من الأشخاص لدعم القوات الأوكرانية في التدريب الطبي. وشدد المستشار الألماني أولاف شولتز، على أنه لن يتم إرسال أي جندي لكييف سواء من دول أوروبا أو من الحلف الأطلسي. وأكدت الحكومة الإيطالية، على أن دعم أوكرانيا لا يعني وجود قوات في ساحة الحرب، محذرة من أن يتحول الوضع لحالة حرب مع روسيا. وتوافقت إسبانيا والتشيك والسويد وسلوفاكيا، على الرفض التام للمقترح الفرنسي. أما بولندا التي ظهر تضارب في تصريحات مسؤوليها، حيث قال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي، إن هناك أفراد عسكريين من الناتو متواجدين بأوكرانيا دون تحديد بلدانهم، مرحباً بالفكرة، إلا أن الحكومة البولندية أكدت عدم وجود خطط لإرسال قواتها للحرب.

استبعد حلف الناتو إرسال أي قوات للمعركة، وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، إن “هذه حرب، لأوكرانيا الحق في الدفاع عن نفسها، ولدينا الحق في دعمها”. وسرعان ما سعت فرنسا لتوضيح موقفها بعد انتقادات أوروبية وأمريكية وأيضاً فرنسية، وأوضح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، أن على الغرب دراسة تحركات جديدة لدعم كييف، مثل عمليات نزع الألغام والعمليات السيبرانية، وإنتاج أسلحة على الأراضي الأوكرانية، منوهاً إلى أن هذه المهام قد تتطلب وجوداً بأوكرانيا، دون الانخراط في العمل الحربي، بينما أشار وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، عدم التوصل لإجماع حول تنفيذ عمليات إزالة الألغام والتدريب العسكري بأوكرانيا، بعيداً عن الخطوط الأمامية للقتال.مكافحة الإرهاب ـ ما خطر المقاتلين الأجانب بصفوف أوكرانيا؟

الأساس القانوني لتدخل الناتو بالحرب

تنص المادة (5) من ميثاق تأسيس الناتو، على أن الهجوم المسلح ضد دولة أو أكثر من الدول الأعضاء في أوروبا أو أمريكا الشمالية، يعد هجوماً ضد الحلف، ويصبح من حق كل دولة الدفاع عن النفس أو الدفاع الجماعي المعترف به، في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة. ويساعد الناتو الدولة أو الدول التي تتعرض للهجوم، بالتصرف بشكل منفرد أو بالتكاتف مع باقي الدول، واستخدام القوات المسلحة لاستعادة الأمن في منطقة شمال الأطلسي. ووضعت المادة كحجر زاوية لبناء الحلف في 1949 لمواجهة الاتحاد السوفيتي وقتها. وتأتي المادة (6) مكملة للمادة (5)، حيث تنص على أن الهجوم المسلح على أي عضو بالحلف، يعد هجوماً على باقي الأراضي في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذا الوضع لا ينطبق على أوكرانيا كونها ليست عضواً بحلف الناتو.

عند تفعيل المادة (5) يمكن للحلفاء تقديم أي شكل من أشكال المساعدة، سواء عسكرية أو مالية، ويعد التزاماً فردياً لكل عضو يحدد المساعدة الضرورية من وجهة نظره. ورغم التوافق على مبدأ المساعدة التبادلية، لكن كان هناك خلافاً حول طريقة تنفيذه، وأرادت دول أوروبا التأكد من مساعدة الولايات المتحدة تلقائياً في حال تعرضها لهجوم، لكن رفضت الأخيرة التعهد بهذا البند، ما انعكس على صياغة المادة.

لم يستخدم الحلف المادة (5) إلا مرة واحدة، واتخذ تدابير جماعية في بعض الحالات، ومع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، نفذ الناتو أكبر زيادة في الدفاع الجماعي منذ الحرب الباردة، وضاعف حجم قوة الاستجابة التابعة له (3) مرات. وفي الحرب الراهنة عزز من قوة الردع والدفاع، ووضع الآلاف من القوات الإضافية في حالة تأهب قصوى. فالمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، لا تمنع الدول من حق الدفاع بشكل منفرد أو جماعي عن نفسها، في حال الهجوم المسلح على أحد أعضاء المنظمة، حتى يتخذ مجلس الأمن الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، ويتم إبلاغه بالتدابير التي اتخذتها الدول الأعضاء للدفاع عن أنفسهم.

أكد خبراء هيئة البحوث بالبرلمان الألماني، في 29 مارس 2024، أن نشر أحادي لقوات بأوكرانيا، لن يجعل الناتو طرفاً في الحرب، وفي حال انخراط القوات الفرنسية لصالح كييف، سيعتمد على المادة (51) لميثاق الأمم المتحدة، ويصبح مسموحاً بموجب القانون الدولي، ولا يعني تفعيل المادة (5) للناتو. بينما في حال هجوم روسيا على أهداف في فرنسا، يصبح مخالفاً للقانون الدولي ويلزم الناتو بتفعيل المادة (5).أمن دولي ـ هل تستشعر أوروبا مخاطر تصعيد حرب أوكرانيا؟

أسباب تمنع من التصعيد المباشر بين الناتو وروسيا؟

عدم استعداد الناتو: تشير تقديرات عسكرية لخبراء، إلى أن إعادة إنتاج ما استنزفته حرب أوكرانيا، يتطلب سنوات خاصة لبعض الأسلحة الثقيلة، وأعلنت دول الناتو الشرقية، نفاد مخزون المعدات السوفيتية. وتعاني بعض الدول المصدرة للأسلحة من نقص في راجمات الصواريخ، بينما تعمل ألمانيا على إعادة بناء جيشها ويحتاج لسنوات، وتعاني بريطانيا من نقص في الجنود والتسليح، ما يعني عدم جاهزيتها لخوض أي حرب.

الانقسامات داخل الناتو: أصبحت فرنسا بمعزل عن باقي أعضاء الحلف بمقترحها الأخير، ما يجدد الخلافات بداخله، وظهر انقسام بين أوروبا الشرقية والغربية حول تحمل مسؤولية تسليح أوكرانيا. وأثارت تصريحات دونالد ترامب حول دفاع الناتو عن أوروبا في حال وصوله للبيت الأبيض قلق بعض الأعضاء، في ظل الخلاف حول حجم الإنفاق الدفاعي لدول الحلف، وظهور رغبة أوروبية بتأسيس جيش أوروبي موازي، إضافة إلى عدم التوافق حول الأمين العام الجديد للناتو.

قضايا أخرى شائكة: تريد واشنطن أن تحتفظ بقوتها العسكرية، تحسباً لأي مواجهة مع الصين وتحديداً في تايوان، وفي الوقت نفسه تعطي اهتماماً إلى دعم إسرائيل والحرب على غزة، وتنشغل أيضاً أوروبا بالتوترات في البحر الأحمر، وتبعاتها في ضوء تهديدات تنظيم داعش باستهداف دوري الأبطال الأوروبي.

 أصوات داعية الى التهدئة والتفاوض

ظهرت في نوفمبر وديسمبر 2023، محاولات غربية للعودة إلى المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، كنتيجة لمباحثات مالطا لتشجيع أوكرانيا على تقديم تنازلات لإنهاء الحرب. وفي وقت تتراجع فيه ألمانيا وفرنسا عن لعب دور الوسيط، في أعقاب المكالمة المسربة لضباط ألمان حول ضرب جسر القرم، ومطالبة فرنسا بإرسال قوات لأوكرانيا، تتصدر سويسرا المشهد بدعوة جديدة للتفاوض، وفي 10 أبريل 2024 أعلنت سويسرا عقد قمة سلام بشأن أوكرانيا، يومي 15- 16 يونيو 2024، لتضم ما بين (80) إلى (100) دولة، بناءً على طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يناير 2024. وتخطط سويسرا إلى خلق تفاهم بين الدول المشاركة لتحقيق سلام دائم وعادل في أوكرانيا، مستفيدة من الضغوط التي تمارس على طرفي الحرب للعودة إلى المباحثات. ولم تقتصر مشاورات سويسرا على الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، بل شملت “الجنوب العالمي” مثل الصين والبرازيل والسعودية والهند وجنوب إفريقيا، لوضع إطار مناسب لمشاركة روسيا في القمة، رغم رفض روسيا لخطة أوكرانيا للسلام، ووصفها للمؤتمر المرتقب بمحاولة لحشد دعم دول الجنوب لصالح كييف، مؤكدة عدم مشاركتها بالمؤتمر.

شروط روسيا وأوكرانيا للتفاوض

رغم تأكيد روسيا على تفضيلها لعودة المباحثات، وإعلان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في 11 أبريل 2024، انفتاح بلاده على المفاوضات، إلا أنها تتمسك بشروطها دون أي إمكانية للتنازل عنها. وتشترط موسكو استسلام أوكرانيا ونزع السلاح، والاحتفاظ بالمناطق الأربع التي سيطرت عليها في سبتمبر 2022 إضافة إلى شبه جزيرة القرم، بجانب تعديل أوكرانيا دستورها، بحيث ينص على العودة لسياسة الحياد، ونبذ الانضمام لأي حلف عسكري، في إشارة لحلف الناتو. بينما تتمثل شروط أوكرانيا في انسحاب روسيا من كافة الأراضي الأوكرانية، والإفراج عن الأسرى وخضوع روسيا للمحاكمة على ما وصفته بـ “جرائم حرب”، والحصول على ضمانات أمنية كشرط للسلام، ومنع موسكو من شن هجوم مستقبلي ضدها. أمن دولي ـ ما فرصة التفاوض بين روسيا وأوكرانيا؟

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– تحتل فرنسا المرتبة الرابعة كدولة نووية دوليا، كما يحتل الجيش الفرنسي المرتبة الثانية على المستوى الأوروبي، والمرتبة السابعة على المستوى الدولي.

– تعد فرنسا على المستوى السياسي من الثلاث الأوائل المساهمين في الميزانيتين العسكرية والمدنية لمنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وتملك حق نض الفيتو داخل مجلس الأمن الدولي.

– يمكن القول أن هناك عدة عوامل لإرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا أهمها رأب الصدع بين حزب “ماكرون” والمعارضة”، تحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات الأوروبية، التنافس الجيوسياسي بين روسيا وفرنسا في إفريقيا، كذلك، استعادة قيادة أوروبا.

– يبدو أن تدخل حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا أصبح مجرد آراء ويأتي بيان ماكرون أيضا في وقت تم فيه تخفيف الموقف الأمريكي بشأن دعم أوكرانيا بسبب الخلافات الحزبية في الكونجرس.

– تنقسم مواقف الدول الأوروبية بشأن أوكرانيا بشدة ومن الواضح أن المواقف الأوروبية متباينة، وخاصة بين الدول الأوروبية الثلاث الكبرى.

– من المحتمل أن يشكل نشر القوة تحديا لوجستيا كبيرا، وسيتطلب الأمر زيادة سريعة في إنتاج الذخائر والمركبات، فضلا عن التردد والانقسام الغربي الذي يدعم روسيا.

– بات من المرجح في حال إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا أن تتسبب في استمرار الحرب طوال عام 2024، وليس مستبعدا أن تستمر إلى ما لا نهاية.

لا توجد خطط لحلف شمال الأطلسي لنشر قوات قتالية على الأرض في أوكرانيا. لذلك من المتوقع أن لن يحمي الحلف قوات أي بلد عضو بمن فيها فرنسا إن أرسلت إلى أوكرانيا، حيث لا يشمل ميثاق الحلف حماية قوات أعضائه خارج أراضيها.

**

– تلميح إيمانويل ماكرون إلى احتمال نشر قوات غربية في أوكرانيا هو أحدث خطوة في المواجهة المتصاعدة بين موسكو وباريس. لكن من الواضح أن المقترح غير متفق عليه، وأن الدول الأوروبية والولايات المتحدة لا ترغب في تصعيد الصراع مع روسيا أو ازلاق الأزمة إلى مواجهة عسكرية مباشرة بينهما.

– يدرك الحلفاء الغربيون وروسيا خطورة انزلاق الحرب إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين وما سيترتب عليه من تداعيات غاية في الخطورة على الأمن والسياسة والاقتصاد العالمي، في وقت يعاني فيه العالم أزمات متعاقبة ومركبة، لذلك يحاول كل طرف ضبط النفس والبعد تماما عن أية مسارات للتصعيد من شأنها جر الطرفين إلى حرب جديدة.

– تسعى الدول الأوروبية للإبقاء على المساعدات العسكري والاقتصادية المقدمة لكييف، وما تزال ترهن عليها رغم فشل الهجوم المضاد، وتأمل دول التحالف الغربي في تحقيق نصر لأوكرانيا أو عدم انتصار روسيا بحد أدنى، وربما يختلف واقع الحرب عن تلك الطموحات حيث تشير غالبية التقديرات للتفوق الروسي في الحرب.

– قد تتضاءل قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على التصعيد المستقبلي. يجب على صناع القرار في الولايات المتحدة وحلفائها التخطيط للرد على التصعيد الروسي مع السعي للحفاظ على قنوات الاتصال الدبلوماسية والعسكرية مع روسيا التي يمكن أن توقف دوامة التصعيد. لذلك الحفاظ على تماسك حلف الناتو أمر بالغ الأهمية لمواصلة الدعم لأوكرانيا وردع التصعيد الروسي.

**

– لا توجد خطط للناتو في اللحظة الراهنة لأي مواجهة عسكرية مع روسيا، في ضوء نفاد أسلحته وعدم الاستعداد لخوض أي حرب، خاصة وأن الولايات المتحدة باتت تعاني من نقص مخزونها، بجانب رفض الكونجرس لتمرير حزمة المساعدات المنتظرة لأوكرانيا، إضافة إلى أن دول أوروبا لا تريد اتساع رقعة الصراع في القارة، ومعاناة الجيش البريطاني من قصور لا يمكنه من دخول أي معارك.

– إعادة بناء الجيوش الأوروبية تحتاج لنحو (5) أعوام أو أكثر، وربما بعد هذه السنوات تصبح أوروبا قادرة على أي مواجهة عسكرية. ومن غير المنطقي أن تظل الحرب الأوكرانية مستمرة طوال هذا الوقت، لأن هذا يعني استنزاف كافة قدرات حلف الناتو في المعارك، ما قد يتسبب في تأخر تسليح جيوش الحلف ويشجع روسيا على مهاجمة أي دولة من أوروبا الشرقية، التي كانت تخضع للاتحاد السوفيتي سابقاً.

– دعوة باريس لإرسال قوات غربية لكييف، جددت مخاوف الناتو من لجوء روسيا إلى السلاح النووي، لذا أعلنت الدول الأعضاء موقفها الرافض للمقترح بشكل واضح. فإن اتخاذ قرار بإرسال قوات لحرب أوكرانيا، يتطلب تجهيزات لوجستية لنقلهم، ولن تتم هذه المهمة إلا أن من خلال الولايات المتحدة وبريطانيا، وفرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا وإسبانيا، وهم بالأساس رافضين للفكرة، ما يجعل تنفيذها شبه مستحيل.

– من المتوقع أن تتراجع فرنسا عن تنفيذ هذا المقترح، بعد انتقادات داخل وخارج الحلف، لإدراكها أن مشاركة قواتها في الحرب لن تجبر الناتو للتدخل، وفي الوقت نفسه لا تريد باريس أن تقع في خضم الصراع وحدها، لذا ستسعى لضبط تصريحات مسؤوليها حول التصعيد مع روسيا.

– بالنظر إلى شروط موسكو وكييف بشأن التفاوض، نجد أن أغلبها مرفوضة من وجهة نظر الطرف الآخر، ما يعني أن التنازل يجب أن يكون من قبل الجانبين، ولكن تبقى المعضلة في النقاط التي يمكن أن تتنازل عنها كل من روسيا وأوكرانيا، وستحدد بحسب المعادلة في ميدان المعركة، والقدرات العسكرية للجيشين الروسي والأوكراني.

– رغم تراجع الدور الألماني والفرنسي في التواصل مع الجانب الروسي، إلا أن أي خطوات تتخذها أي دولة سواء من أوروبا أو دول الجنوب، لاحتواء الحرب الراهنة، ستجد دعماً من جانب الدولتين، لاسيما وأن أوروبا كانت الأكثر تضرراً من المعارك سياسياً واقتصادياً وأمنياً.

– ستلعب سويسرا دوراً مهماً لعودة المحادثات بين الغرب وروسيا، وربما يسهم دخول دول الجنوب على خط الوساطة في تقريب وجهات النظر، للعلاقات القوية التي تربطها بروسيا، ما يعني أن الفترة المقبلة ستشهد عدة مفارقات تتعلق بالتصعيد العسكري بين كييف وموسكو، في ضوء إعلان الأولى للتخطيط لهجوم مضاد ثانٍ، وتقدم عسكري روسي ملحوظ، وجهود وساطة دولية مكثفة للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=93528

الهوامش

الانتخابات الأوروبية.. أي انعكاسات على السياسية الفرنسية والأوروبية في ظل تصاعد اليمين المتطرف؟

https://tinyurl.com/sx6p999k

2024 Military Strength Ranking

https://tinyurl.com/5b87ezu8

French military chief backs Macron over possibility of sending troops to Ukraine

https://tinyurl.com/bdfeshsy

Macron defends idea of potentially sending troops to Ukraine as allies distance themselves

https://tinyurl.com/523sfdv9

**

Putin allies tell Macron: Any French troops you send to Ukraine will suffer fate of Napoleon’s army

https://bitly.ws/3hWue

‏Russia to Macron: Don’t be Napoleon

https://bitly.ws/3hWuk

Kremlin says Macron is raising French involvement in Ukraine

https://bitly.ws/3hWun

Russia Warns Of Direct Conflict With NATO If Troops From Alliance Members Fight In Ukraine

https://bitly.ws/3hWus

رفض أمريكي وأوروبي لمقترح ماكرون إرسال قوات إلى أوكرانيا

https://bitly.ws/3hWuU

**

هل ينخرط الناتو بحرب مباشرة مع روسيا في أوكرانيا؟

https://bit.ly/4aP8xxx

Germany, NATO rule out sending troops to Ukraine as Russia rebukes Macron

https://bit.ly/3PUsBXp

Collective defence and Article 5

https://bit.ly/4aQvoJ7

Germany and Poland say they’re not sending troops to Ukraine

https://bit.ly/3Jf5UcD

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

23 أبريل 2024

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...