بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات
يتناول الملف بالعرض والتحليل أهمية الحفاظ على أمن الخليج العربي والبحر الأحمر ومضائق هرمز وباب المندب خلال الأزمات والحروب للحفاظ على استمرار الملاحة الدولية وامدادات الطاقة للعالم. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- أمن دولي ـ مخاطر تهديد حرية الملاحة في الخليج العربي خلال الحروب والنزاعات
- أمن دولي ـ انعكاسات الحروب والنزاعات الدولية على حرية الملاحة في مضيق هرمز
- أمن دولي ـ أهمية باب المندب والقرن الإفريقي خلال الحروب والنزاعات الدولية
- أمن دولي ـ القوة الأمريكية والدولية في الخليج العربي والبحر الأحمر
1- أمن دولي ـ مخاطر تهديد حرية الملاحة في الخليج العربي خلال الحروب والنزاعات
أحتل الخليج العربي مركز الصدارة لبؤر الصراعات في الشرق الأوسط، وحالة عدم الاستقرار في الخليج العربي نتج عنها كثيراً تهديداً لقطع إمدادات الطاقة وتعطيل حركة الملاحة البحرية التجارية إقليمياً ودولياً، ولمواجهة هذه التهديدات، أجمعت الدول الغربية لاسيما الدول الأوروبية على أن الأمن البحري في الخليج يمثل مصلحة استراتيجية لأوروبا والعالم. شهدت مياه الخليج سلسلة توترات كان آخرها احتجاز الحرس الثوري الإيراني في الثالث من مايو 2023 ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق “هرمز” الاستراتيجي. ومع كل نزاع دولي أو حرب، تتجه الأنظار نحو الملاحة البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر والممرات البحرية الأخرى منها باب المندب.
الخليج العربي وأهميته
يمتد الخليج العربي من شط العرب شمالا، حتي خليج عمان جنوباً بطول (965) كيلومتر، وتبلغ مساحته ما يزيد عن (200) ألف كم مربع، فيما يتراوح عرضه بين (370) كم في بعض المواضع إلى (55) كم عند مضيق هرمز. يقع على الخليج العربي ثماني دول وهم سلطنة عمان، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، والكويت، والعراق، وقطر، وإيران، ومملكة البحرين، ويتصل مباشرة ببحر العرب الذي يتصل بالمحيط الهندي.
تكتسب منطقة الخليج العربي أهميتها من كونها مصدراً للطاقة، وتملك أكبر مخزون من احتياطي للنفط والغاز، ما يجعل مستقبل إمدادات الطاقة مرهون بضمان أمنها واستقرارها وذات أهيمة جيوسياسية للكثير من القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يفسر على الأرجح ارتباطها بالحروب والتقلبات السياسية.
توتر في الخليج العربي بسبب حقول الطاقة
يعد لـ”حقل الدرة أهمية” استراتيجية كبيرة، ليس على المستوى الاقتصادي بحسب، بل كذلك على المستوى السياسي. يقدر احتياطي الغاز القابل للاستخراج من هذا الحقل بنحو (200) مليار متر مكعب. تصاعد التوتر في الخليج العربي في 6 يوليو 2023 بعدما هددت طهران بمواصلة عمليات التنقيب عن الغاز في “حقل الدرة”، وتجددت التوترات بين الكويت وإيران بشأن أحقية التنقيب فيه ما لم يتم ترسيم الحدود البحرية في المنطقة التي يقع فيها. السعودية على خط النزاع المتعلق بتقاسم حقل الدرة للغاز، وأكدت أنها والكويت فقط تملكان حق استغلال الثروات الطبيعية في “حقل الدرة”. القوة البحرية المحتملة، لمواجهة القرصنة الإيرانية في مياه الخليج ؟
الملف النووي وتوتر في الخليج العربي
تصاعد التوتر في 21 يونيو 2022 بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، على خلفية قرار غربي يدين طهران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك لاستهداف إيران لسفينتين عسكريتين أميركيتين في مياه الخليج. حيث اقتربت ثلاثة زوارق إيرانية من السفنتين بصورة مباشرة، ما أدى إلى إصدار إشارة تحذير للزوراق الإيرانية.
قادت الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً تتمثل مهمته حماية الملاحة في منطقة الخليج من اعتداءات تعرّضت لها سفن، واتُّهمت إيران بالوقوف خلفها. بعضوية ست دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا. يضم التحالف الآن تسع دول بعد انضمام ليتوانيا ورومانيا. رفض الأوروبيون بشكل خاص الانضمام للتحالف أملا في الحفاظ على الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” العام 2018.
يمثل أي اتفاق نووي بين إيران والدول الكبرى نقطة تحوّل في العلاقات بين طهران وجيرانها، خصوصا في منطقة الخليج العربي، الذين سيتأثرون سلبا أو إيجابا بوضعية طهران في ظل رفع العقوبات وتدفق مئات مليارات الدولارات من عوائد النفط، ومن المرجح أن تكون هناك فرصا تجارية واقتصادية واعدة بين عدة دول خليجية وإيران. . هل تسعى امريكا للسيطرة على مسالك الملاحة البحرية الإستراتيجية.
تهديدات لحرية الملاحة في الخليج العربي
تبادلت طهران وواشنطن الاتهامات على خلفية سلسلة حوادث في مياه الخليج العربي، بما في ذلك هجمات على سفن وإسقاط طائرة مسيّرة ومصادرة ناقلات نفط. شهدت مياه الخليج سلسلة توترات كان آخرها احتجاز الحرس الثوري الإيراني في الثالث من مايو 2023 ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق “هرمز” الاستراتيجي.
تعزز الولايات المتحدة الأمربكية وجودها العسكري في مياه الخليج في مواجهة تهديدات إيران المتزايدة للسفن وناقلات النفط، وعبر مؤخرا (3000) آلاف جندي أميركي مياه البحر الأحمر باتجاه القواعد الأميركية في الخليج، في وقت حذّرت القوات الدولية المشتركة التي تقودها الولايات المتحدة، السفن التجارية والناقلات من الاقتراب من المياه الإيرانية. أعلنت الولايات المتحدة في 12 مايو 2023 إرسال تعزيزات عسكرية إلى الخليج في ظل “تهديدات” إيرانية متزايدة لسفن في مياه المنطقة الغنية بالنفط. يأتي ذلك في أعقاب احتجاز طهران ناقلتي نفط في مياه الخليج، إحداهما كانت متجهة إلى الولايات المتحدة.
أفاد “دانيال بنعيم” نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شبه الجزيرة العربية في مقابلة “بأن الولايات المتحدة الأمريكية عززت من تواجدها عسكرياً في منطقة الخليج العربي بشكل مؤقت، مؤكداً أن بلاده لا تسعى للتصعيد أو الصراع في المنطقة، ولكن “من أجل حماية حرية الملاحة أمام تهديدات إيران” في 21 سبتمبر 2023.
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، في 15 مايو 2023 رفضها الاتهامات الأمريكية المكررة ضد إيران حول أمن الملاحة في مياه الخليج العربي. تقول الخارجية الإيرانية، إن هذه “الاتهامات مرفوضة تماماً ولا أساس لها”، مضيفة أن “إيران، البلد الأكثر تأثيرا في توفير أمن الخليج والمياه الإقليمية والدولية وتعمل باستمرار على ضمان المرور الأمن للسفن عبر هذا المضيق”.
تداعيات تهديد الملاحة في مياه الخليج العربي
يضم الخليج العربي على اثنتين من أهم الممرات البحرية في العالم وهما مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله ما يقرب من سدس إنتاج النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم سنوياً، بالإضافة إلى مضيق باب المندب، الذي يمر عبره ما يقرب من (17) ألف سفينة تجارية سنوياً في 29 سبتمبر 2022.
يقول المحلل السياسي الأميركي “بيرمان” في 15 ديسبمر2022 بشأن تهديد الملاحة في الخليج العربي وغلق مضيق هرمز بأن أي “إغلاق للمضيق سيعد أمراً خطيراً جداً، وله تداعيات كبيرة على أسواق النفط العالمية، وسيدفع بزيادة أسعار النفط في الوقت الذي تشعر فيه أوروبا وإفريقيا ودول الشرق الأوسط بالقلق من ارتفاع تكاليف الطاقة مع قدوم فصل الشتاء”. وتابع أن هذه المعادلة “تفهمها إيران جيداً، وترى أنها تمنحها نفوذاً كبيراً على الغرب، وهو ما يجعل الطاقة قضية سياسية هامة للولايات المتحدة”. أمن دولي – قوة بحرية أمريكية في البحر الأحمر والخليج، المهام والأهداف
التقارب الخليجي مع إسرائيل وإيران
ترغب إيران والسعودية في إعادة ترتيب علاقتهما، ويتوقع أن يكون للتقارب بين الدولتين آثار إقليمية ودولية هائلة. إذ لسنوات، واجهت إيران والسعودية بعضهما البعض على جبهات متعددة، وإن كان ذلك في الغالب بشكل غير مباشر. ووفقاً للاتفاقية الجديدة، سيعيد الجانبان فتح السفارات، وتدعو الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين إيران، ودول مجلس التعاون الخليجي، وبدء مناقشات حول بناء إطار أمني إقليمي جديد.
يقول “ماركوس شنايدر” رئيس المشروع الإقليمي للسلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمؤسسة “فريدريش إيبرت” المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، إن الاتفاقية هي بالتأكيد نجاح للدبلوماسية الإيرانية. ويضيف “شنايدر” في 14 مارس 2023 “بالنسبة للنظام الإيراني، هذه خطوة للخروج من العزلة الدولية في وقت تتدهور فيه العلاقات مع الغرب من سيئ إلى أسوأ”.
تسعى بعض دول الخليج لإحداث تقارب مع إسرائيل، وذلك للحصول على تنازلات من واشنطن بما في ذلك ضمانات أمنية ودعم لبرنامج نووي مدني لبعض الدول والحصول على أسلحة، وكخطوة إيجابية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحل الدولتين.
**
2- أمن دولي ـ انعكاسات الحروب والنزاعات الدولية على حرية الملاحة في مضيق هرمز
يعد مضيق هرمز من الممرات المائية المهمة والاستراتيجية، فلا يوجد مكان في العالم أكثر أهمية لإمدادات النفط العالمية من المضيق، لا سيما بعد حرب أوكرانيا. شهد مضيق “هرمز” حالياً وخلال السنوات الماضية، العديد من التوترات بين إيران والدول الغربية ودول الخليج، وتعرضت العديد من السفن وناقلات النفط لهجمات وعمليات احتجاز، وغالباً ما تهدد إيران بإغلاق المضيق كورقة ضغط سياسية، لإن إغلاق المضيق يكون بمثابة تهديد كبير للاقتصاد، والأمن الدولي والإقليمي.
مضيق هرمز وأهميته
يقع مضيق “هرمز” في جنوب الخليج العربي، ويفصله عن مياه خليج عمان وبحر العرب. يحده من الشمال إيران ومن الجنوب سلطنة عمان. يحمل المضيق اسم جزيرة “هرمز” التي تقع في مدخله، كما يوجد أيضاً في مدخل المضيق عدة جزر متنازع عليها إقليمياً. يبلغ عرض المضيق (50) كيلومتراً، وعمق المياه فيه (60) متراً، وعرض ممري الدخول والخروج فيه (10.5) كيلومتر.
يمر حوالي (40%) من الانتاج العالمي من النفط عبر مضيق “هرمز”، ويستوعب من (20 إلى 30) ناقلة نفط يومياً، ويعتبر في نظر القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها. تصف إدارة معلومات الطاقة الأميركية مضيق “هرمز” بأنه “أهم ممر عبور للنفط” في العالم، وأن المضيق لن يفقد أهميته، وأن امتلاك إيران لمنفذ بديل لتصدير البترول جعلها أكثر جرأة في بحر العرب. أمن دولي ـ أهمية الخليج العربي خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية
تصاعد التوتر في مضيق “هرمز” دولياً
أجرت طهران مناورات بحرية وجوية وبرية مشتركة في الخليج في 30 ديسمبر 2022، بالقرب من مضيق “هرمز” الاستراتيجي. شمل التدريب عمليات جمع المعلومات، وكذلك عمليات الاستطلاع، كذلك أجرت تجارب على طائرات مسيرة هجومية جديدة في المنطقة الساحلية.
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية في الثالث من أغسطس 2023 أن وزارة الدفاع الأمريكية تدرس نشر جنود على متن السفن التجارية المبحرة عبر مضيق “هرمز”، وهو ما سيكون عملاً غير مسبوق، بهدف منع الاحتجاز والهجوم على السفن، كما يعمل الأسطول الخامس على تعزيز التعاون الأمني البحري الدولي بين هيئة الأمن البحري الدولي والتوعية البحرية الأوروبية في مضيق “هرمز”.
حذر الاتحاد الأوروبي من احتمال هجوم على السفن التجارية في مضيق “هرمز” في 12 أغسطس 2023. وجّهت اتهامات لطهران بتنفيذ موجة هجمات استهدفت السفن منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، خاصةً مع فرض عقوبات عليها. تلك الهجمات عادت إلى الواجهة في أبريل 2023 عندما احتجزت إيران سفينة تحمل النفط لشركة “Chevron Corp”، ومن ثم احتجزت ناقلة ” Niovi” في مايو 2023. هل تسعى امريكا للسيطرة على مسالك الملاحة البحرية الإستراتيجية.
توتر إقليمي في مضيق هرمز
تشكّل جزر “طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى” نقطة توتر بين طهران وأبوظبي، جددت دولة الإمارات العربية المتحدة مطالبها لإيران إلى إنهاء أزمة الجزر الإماراتية الثلاث، كما شكّلت قضية الجزر ملفا بالغ الحساسية بالنسبة الى طهران، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، في 11 أكتوبر 2023، أن الجزر الثلاث “أبوموسى، وطنب الكبرى وطنب الصغرى” هي جزء لا يتجزأ وأبدي من الأراضي الإيرانية”، رافضة أي مزاعم بشأنها بشكل قاطع. وذلك رداً على البيان الختامي للاجتماع المشترك بين وزراء الخارجية الـ (27) للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بأن الجزر الثلاث جزء لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة.
تنامي القلق من توسيع نفوذ الصين في مضيق هرمز
تصاعدت التحذيرات في الرابع من فبراير 2023 من أن الشركات الصينية تعزز وجودها بالقرب من مضيق “هرمز” في الشرق الأوسط، ما قد يزيد من مخاطر حدوث صراع مع الولايات المتحدة في أحد أكثر ممرات نقل النفط ازدحاماً في العالم. استثمرت بكين مليارات الدولارات في خطوط أنابيب النفط، ومحطات التخزين على طول الخليج العربي، ما أثار مخاوف لدى مسؤولي الأمن القومي الأميركي الذين يخشون أن يمنح ذلك، بكين تأثيراً خطيراً في نقطة الالتقاء الرئيسية لشحنات البترول.
تملك الصين مصالح كبرى في مضيق “هرمز”، فهي تعدّ من أكبر مستوردي النفط. فنحو (25%) من النفط الذي يتم تصديره يومياً عبر المضيق، يذهب إلى الصين؛ مما يجعله منطقة جغرافية مهمة للغاية بالنسبة إليها. من هنا، يمكن فهم أبعاد برنامج التعاون الإيراني – الصيني الذي وقع في مارس من العام 2021، والذي هو عبارة عن اتفاق تعاون تجاري واستراتيجي لمدة (25) عاماً بين البلدين، والذي لا توجد الكثير من التفاصيل حوله سوى، أن الصين تستثمر الصين (400) مليار دولار في الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الزمنية للاتفاق، مقابل أن تمدها إيران بإمدادات ثابتة وبأسعار منخفضة للغاية من النفط. أمن دولي – قوة بحرية أمريكية في البحر الأحمر والخليج، المهام والأهداف
تقارب خليجي إيراني
يذكر أن الولايات المتحدة كانت لها السبق لتشجيع المملكة العربية السعودية، و إيران في عام 2021 على بدء محادثات لإنهاء القضايا الشائكة بينهما، وفي محاولة للحد من التوترات بينهما، وكذلك لدفع مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية. رعت الصين مفاوضات بين السعودية وإيران، في وقت كانت فيه علاقة بكين مع مجموعة من الحكومات الغربية متوترة إلى حد كبير بسبب ملفات مثل التجسس، وتايوان، والتقارب مع روسيا، حيث ترى الصين أن التقارب ضمن طموحات توسيع النفوذ العالمية. أثبتت الصين نفسها كقوة وسيطة رئيسية في الشرق الأوسط ، كما أن من مصلحة طهران إخراج الأمريكيين من المنطقة أو على الأقل تقليص نفوذهم .
تقارب خليجي إسرائيلي
تشير التقديرات في التاسع من أغسطس 2023 أنه من غير المرجح أن تتسرع دول الخليج العربي، لا سيما المملكة العربية السعودية، في عقد صفقة مع الحكومة الإسرائيلية وإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، وذلك على غرار ما فعلت بعض دول الخليج في عام 2020، وأفادت التقارير أن من أهم شروط التفاوض والتقارب السعودي الإسرائيلي :
- إعداد منصة جديدة للصواريخ الباليستية، وشراء رؤوس نووية، إضافة لليورانيوم الذي تود السعودية تخصيبه في المملكة.
- تخفيض السعودية علاقاتها مع الصين، وخاصة منع إنشاء قواعد عسكرية صينية على الأراضي السعودية.
- تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين، وتعزيز مبدأ حل الدولتين، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
الاتفاق النووي وغلق مضيق “هرمز”
أكد “أنتوني بلينكن” وزير الخارجية الأميركية، إن “إيران تبدو إما غير راغبة أو غير قادرة على القيام بما هو ضروري للتوصل إلى اتفاق”، وأن طهران “تواصل محاولة إدخال قضايا خارجة عن الاتفاق في المفاوضات تجعل الاتفاق أقل احتمالا. لكن من المؤكد أن ما رأيناه مؤخرا هو خطوة إلى الوراء بعيدا عن احتمال وجود أي نوع من الاتفاق على المدى القريب” في 20 سبتمبر 2022. يبنما أكدت إيران في 20 سبتمبر 2023 إن على الولايات المتحدة أن تثبت “حسن نواياها وعزمها” على إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم في 2015.
أبقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 17 أكتوبر 2023 إجراءاتها التقييدية على إيران بموجب نظام عقوبات منع الانتشار النووي. اتخذ المجلس الأوروبي خطوات قانونية للإبقاء على العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في بادئ الأمر على أفراد، وكيانات ضالعة في أنشطة نووية، أو صواريخ باليستية، أو مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
يمكن في حين فشل الاتفاق النووي من الناحية النظرية أن تحاول إيران غلق مضيق “هرمز” من خلال نشر سفنها الحربية أو زراعة ألغام، والذي من شأنه أن يؤدي إلى فقد إمكانية الوصول إلى الأسواق بطريقة شبه كلية. ومن المرجح أن يؤدي إلى انخفاض إمدادات شحنات النفط المصدرة بنحو (30%)، فيما ستنخفض إمدادات النفط الإجمالية بنحو (20%). ومن المتوقع أن يحول مسار بعض شحنات النفط ونقلها عبر خطوط أنابيب تمت توسعتها على خلفية المخاوف من وقوع صراع بين الغرب وإيران، لكن قدرات الأنابيب الاستيعابية تبقى محدودة، وهي أكثر تكلفة، ما يساهم في ارتفاع أن أسعار النفط .
يوضح “إيلان بيرمان” المحلل السياسي الأميركي، أن “توقيت الرسائل الإيرانية التي تشبه بالون الاختبار تأتي في وقت تتدهور فيه العلاقات مع الغرب بسبب انهيار المحادثات النووية، ناهيك عن تشدد المواقف الأوروبية بسبب دور طهران في حرب أوكرانيا”. ويبين أن النظام الإيراني “يتجه نحو مواقف أكثر صدامية مع الغرب، ولذلك يحاول إثبات أنه قوة لا يستهان بها من الناحية الاستراتيجية”.
**
3- أمن دولي ـ أهمية باب المندب والقرن الإفريقي خلال الحروب والنزاعات الدولية
يحظى أمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر باهتمامات دولية وإقليمية متزايدة. وقد أصبح مضيق باب المندب، الذي يقع بين منطقة القرن الإفريقي المكتظة بالصراع وشبه الجزيرة العربية، وساحة البحر الأحمر، ساحة للتنافس الإقليمي ومنصة انطلاق لأعمال القرصنة والإتجار بالبشر والإرهاب. وتؤكد المخاوف الأمنية على امتداد السواحل، إلى جانب تنامي الاهتمام بالاستثمارات في منطقة القرن الإفريقي على ضرورة حماية حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة البحرية.
القرن الإفريقي.. موقع جغرافي استراتيجي
يقصد بمنطقة القرن الإفريقي – جغرافيا- ذلك الجزء الممتد على اليابسة الواقع غرب البحر الأحمر وخليج عدن على شكل قرن، وهو بهذا المفهوم يشمل أربع دول هي الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، بينما تتسع المنطقة أكثر عند النظر لها من زاوية سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا. ووفقاً لهذا المفهوم فإنها تمثل منطقة شرق إفريقيا المتحكمة بمنابع النيل والمسيطرة مداخل البحر الأحمر وخليج عدن، وهي إن لم تكن جزءاً رئيسياً من القرن الإفريقي فهي امتداد حيوي له.
تقدر مساحة القرن الإفريقي بمفهومه الضيق (الصومال، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا) نحو (1.9) مليون كيلومتر مربع. ويبلغ عدد سكانها نحو (200) مليون نسمة. ويضم المجال البحري للقرن الإفريقي الموارد الطبيعية مثل احتياطيات النفط والغاز والحياة البحرية والشحن وخدمات الموانئ. ويقدر المحللون أن الصومال تمتلك حوالي (110) مليارات برميل من احتياطيات النفط في الداخل والخارج، مما يجعلها سابع أكبر حائز لاحتياطيات النفط في العالم. علاوة على ذلك ، يقال إن الصومال لديها ما يقرب من (440) تريليون قدم من الغاز البحري ، مما قد يجعلها رابع أكبر مالك لاحتياطيات الغاز على مستوى العالم.
كما يضم القرن الإفريقي أكثر من 8 موانئ بحرية متطورة في القرن الإفريقي في إريتريا وجيبوتي والصومال والسودان وكينيا على البحر الأحمر، تتمثل أبرزها في الآتي:
– ميناء بورتسودان : يعتبر الميناء الرئيس في السودان. وبورتسودان هو المنفذ البحري الوحيد للسودان التي تمر تجارتها عبره، ويمكن الاعتماد عليه من قبل بعض الدول الحبيسة مثل جنوب السودان وأوغندا والكونغو الديمقراطية. كما أنه يتوسط البحر الأحمر، ويعد ممرًّا مهمًّا للبحر المتوسط عبر قناة السويس ما يجعله قريبًا من تطورات التجاذبات الدولية والإقليمية في شرق المتوسط، وفي أحداث ليبيا، وهو ما جعل موسكو تندفع نحو إنشاء قاعدة لوجستية لقواتها فيه. ويمكن الربط بينه وبين أهم الموانئ السعودية المطلة على البحر الأحمر، التي تبعد عنه بنحو (250) كم.
– ميناء عصب الإريتري : يقع في أقصى جنوب البلاد، ويتمتع بموقع استراتيجي مهم، لقربه الجغرافي من مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يبعد عنه بمقدار (20) ميلًا بحريًّا. كما يقترب من الحدود اليمنية، وبعض الموانئ اليمنية مثل ميناء المخا الذي يبعد عنه بحوالي (40) ميلًا بحريًّا.
– ميناء مصوع الإريتري : يُعد الميناء الرئيس في إريتريا، وهو الأكبر مساحة والأكثر نشاطًا مقارنة بميناء عصب. ويتوسط الساحل البحري الإريتري، وتتزايد أهميته الاستراتيجية بسبب موقعه القريب من مضيق باب المندب، وكذلك اليمن ومنطقة الخليج العربي.
– ميناء جيبوتي: يقع عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي، وهو أحد موانئ التصدير الرئيسة في شرق إفريقيا. كما يُعد حلقة وصل وبوابة مهمة لأسواق بلدان شرق ووسط إفريقيا ومركزًا إقليميًّا لنقل البضائع. ويطل على مضيق باب المندب الذي يتمتع بأهمية جيواستراتيجية كبيرة، وتعتمد عليه بكين بوصفه أحد الموانئ الرئيسة في شرق إفريقيا ضمن مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها عام 2013.
– ميناء بربرة: يقع في إقليم أرض الصومال، وهو من أقدم الموانئ الصومالية، وتُجرى بعض التوسعات في الميناء لاستيعاب المزيد من الحاويات والبضائع. ويوصف هذا الميناء بأنه مفتاح البحر الأحمر. ويمثل عامل الاستقرار الأمني لأرض الصومال حافزًا قويًّا للاعتماد على الميناء مستقبلًا، تجاريًّا وعسكريًّا، كما يُنظر إليه كبديل مستقبلي محتمل لميناء جيبوتي في المنطقة.
– ميناء مقديشو: يعد أكبر الموانئ في الصومال، ويمكنه التعامل مع مختلف أحجام السفن التجارية. ويتمتع بأهمية استراتيجية كونه يطل على ساحل المحيط الهندي، كما أنه يقع ضمن الحزام الاستراتيجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
– ميناء بوصاصو: هو ثاني أكبر ميناء في الصومال بعد مقديشو، ويطل على خليج عدن. ويتميز بالقرب من مدخل مضيق باب المندب، وفي مواجهة الساحل البحري اليمني، وتحديدًا ميناء المكلا.
– ميناء هوبيو: يقع في شمال شرق الصومال بالقرب من خليج عدن ومضيق باب المندب، ويمثل حلقة وصل بين شمال الصومال وجنوبه. ويمكن أن يمثل بوابة عبور للصادرات النفطية من إقليم أوجادين في إثيوبيا إلى العالم الخارجي.
– ميناء مومباسا: يُعد من أكبر الموانئ في شرق إفريقيا، ويعتبر مركزًا إقليميًّا لشرق ووسط إفريقيا، ويتوقع أن يكون قادرًا على التعامل مع (110) مليون طن من البضائع بحلول عام 2040 مقارنة بـ (22) مليون طن سنويًّا في الوقت الراهن، واستقبال أكثر من (2.6) مليون حاوية بحلول عام 2025. كما يخدم الميناء دول أوغندا ورواندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
– ميناء لامو: يقع شمال ميناء مومباسا في كينيا، ويتألف من (32) مرسى، ويمكن استغلاله كمنفذ للدول الحبيسة. وهو جزء من مشروع “لابسيت” الممر الذي يربط بين جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا، ما يمنحه مزايا عدة كبوابة ومركز للنقل في منطقة شرق إفريقيا. أمن دولي ـ أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية
مضيق باب المندب.. الأهمية الجيوسياسية
مضيق باب المندب، ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط. وهو يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في إفريقيا، ويتوسط القارات الخمس. وما يميزه أنه يصل البحرَ الأحمر بخليج عدن، وبحر العرب، والمحيط الهندي من جهة، والبحر الأبيض المتوسط من الجهة الأُخرى، كما يأتي اليمنُ في قلب مشروع “الحزام والطريق” أَو ما يعرف بـ “طريق الحرير”، نظراً لأهميّة موقعه، وامتلاكه عدداً من الموانئ، والجزر المتناثرة وعددها (130) على هذا الطريق، مثل ميناءَي عدن والمخاء اللذين يتوسطهما مضيق باب المندب، وجزيرة بريم التي تتوسط المضيق.
تحول باب المندب منذ افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق إفريقيا.
ومما زاد أهمية الممر، أن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، هو (16) كيلومتراً وعمقها (100-200) متر، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الاتجاهين. علماً أن المسافة بين ضفتي المضيق هي (30) كيلومتراً من رأس منهالي في الجانب الآسيوي إلى رأس سيان في الجانب الإفريقي.
ويحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً (3.3) مليون برميل نفط، وتمثل (4%) من الطلب العالمي على النفط. كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره (21) ألف سفينة سنوياً أي ما يعادل (10%) من الشحنات والبضائع البحرية العالمية ، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا. ويعبر المضيق شحنات تقدر بنحو (700) مليار دولار أمريكي سنويًا من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط. كما يمر (1.5) مليون برميل من النفط الخام يوميًا عبر الممرات المائية الاستراتيجية، حيث يتم تصدير ما يقرب من (10%) من إجمالي النفط الخام السعودي إلى أوروبا عبر هذا الممر المائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكمية الأكبر من الخام الأوروبي الوارد من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط الكبير يمر عبر منطقة البحر الأحمر.
تنافس دولي جيواستراتيجي للسيطرة على القرن الإفريقي وباب المندب
زاد من أهمية منطقة مضيق باب المندب الإستراتيجية كونها تمثل منطقة اتصال مع شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، فالموانئ وحاملات النفط والغاز والاتجار بالبضائع والأسلحة وعبور الأشخاص عوامل جعلت منها نقطة جذب وتركيز واهتمام من أطراف دولية وإقليمية عديدة تتصارع للحصول على موقع استراتيجي فيه، وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية. ولذلك تحتشد في منطقة القرن الإفريقي القواعد العسكرية، فمثلاً؛ في جيبوتي وحدها تسعُ قواعد عسكرية لست دول مختلفة، وفي الصومال خمس قواعد، اثنتان منها للإمارات وواحدة لتركيا، وفي إريتريا قاعدتان، واحدة إسرائيلية وأخرى إماراتية.
الولايات المتحدة
أصبحت الولايات المتحدة بعد حرب الخليج الثانية تُولي القرن الإفريقي أهمية جيوسياسية إستراتيجية كبرى، وتجلى اهتمام واشنطن -التي تتمسك بمقولة “الربط بين الأمن القومي الأميركي وأمن الطاقة النفطية” وحصلت بذلك على قدرة مضافة للتحكم في منابع الطاقة بالمنطقة أكثر منذ أواخر القرن الماضي. وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية القاعدة العسكرية “ليمونير” في جيبوتي، عام 2007، وهي مسؤولة عن العمليات والعلاقات العسكرية مع الدول الإفريقية، وبلغ تعداد قواتها ما يقارب من(4000) جندي، وأصبحت مقراً لقواتِ “أفريكوم” في المنطقة، ومهمتها مراقبة المجال الجوي والبحري والبري للسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن.
كما توجد في الصومال قاعدة “باليدوغل” الجويّة الأميركية في محافظة شبيلي السفلى التي قرر الرئيس بايدن تعزيزها بـ (500) جندي لمساعدة القوات الحكومية على محاربة المتطرفين. فيما تحدثت مصادر عن وجود قواعد عسكرية سرية لها بالقرن الإفريقي وما حولها، وتتحدث عن وجود قاعدتين بحريتين في كينيا (مومباسا ونابلوك). وفي إثيوبيا توجد قاعدة (أربا مينش) الجوية لـ الطائرات بدون طيار منذ عام 2011، ومهمتها الاستطلاع والتجسّس في شرق إفريقيا.
وتحسباً لاغلاق مضيق باب المندب من قبل إيران والجماعات الموالية لها في المنطقة رداً على حرب غزة ، أعلن الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية، في 19 أكتوبر 2023 وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار وجندي أمريكي إلى الشرق الأوسط، ودخول السفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس باتان” وسفينة الإنزال “يو إس إس كارتر هول”، البحر الأحمر عبر قناة السويس، ولفت البيان وقتها إلى أن منطقة عمليات الأسطول تشمل الخليج العربي وخليج عُمان والبحر الأحمر، وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.
تحتفظ فرنسا بأكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها خارج حدودها في جيبوتي. وينتشر نحو (1500) جندي في القاعدة ويقومون بمهام مكافحة الإرهاب وحراسة الممرات البحرية القريبة.
وهناك قاعدة بريطانية في منطقة بيدوا يتمّ فيها تدريب القوات الصومالية، كما تسعى بريطانيا إلى إقامة قاعدة في أرض الصومال (منطقة أعلنت انفصالها دون أي اعتراف دولي).
روسيا
و تسعى روسيا للعودة إلى القرن الإفريقي، وذلك عبر البوابة الإريترية. حيث وقّعت إريتريا، في 10 يناير 2023، مذكرة تفاهم مع روسيا تنص على ربط مدينة مصوع الإريترية الساحلية مع قاعدة البحر الأسود البحرية سيفاستوبول ، ويتيح هذا الاتفاق لموسكو استغلال ميناء مصوع الإريتري تمهيدًا لإقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة في البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب.
إسرائيل
وقد وجدت إسرائيل مجالاً حيوياً في تلك المنطقة الحيوية، فأسست وجوداً عسكرياً وأمنياً كما طورت من علاقاتها السياسية مع بعض أنظمة تلك المنطقة وخاصة النظام الإريتري والأوغندي كي يتيح لها كسرَ دائرة العزلة العربية، ورصد أي نشاط عسكري عربي ضدها، واستخدام التفوق الإسرائيلي لكسر أي حصار عربي مستقبلاً ضدها وضد سفنها في البحر الأحمر ومدخله الجنوبي؛ وبالتالي ضمان الاتصال والأمن للخطوط البحرية العسكرية والتجارية من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، والحيلولة دون أن يكون البحر الأحمر بحراً عربياً خالصاً. ومنذ عام 2016، أنشأت “إسرائيل” سراً قاعدة استخبارات إلكترونية متقدمة في إريتريا لمراقبة مضيق باب المندب الاستراتيجي، الذى تنتقل عبره معظم شحنات النفط الخليجية في طريقها إلى العملاء في جميع أنحاء العالم، حَيثُ تقع القاعدة على أعلى جبل في البلاد، إمبا سويرا، خارج العاصمة أسمرة، وهي تراقب أنشطة “أنصار الله” في اليمن.
وتعاظمت الأهمية الإستراتيجية للقرن الإفريقي بعد اندلاع الحرب في اليمن وتدخل التحالف العربي عسكرياً بقيادة المملكة السعودية للتصدي لتوسع النفوذ الإيراني. وتقاطع ذلك مع مصالح مجموعة من الدول (أميركا وإسرائيل وبعض دول الخليج) لمواجهة تهديدا إيران المحتملة.
الصين
ولم تكن الصين كقوة عظمى بعيدة مما يجري هناك، فقد حاولت منذ تغلغلها في القارة الإفريقية عموماً وفي منطقة القرن الإفريقي خصوصا، فبنت قاعدة بحرية في جيبوتي بحجة مكافحة القرصنة وضمان أمن باب المندب. وهي تعد القاعدة الوحيدة خارج الأراضي الصينية، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 2017، أي بعد أربع سنوات من إعلان الرئيس الصيني عن مبادرة “حزام واحد طريق واحد”، التي باتت تعرف بطريق الحرير الجديد.
وتهدف المبادرة إلى الربط بين الصين وأوروبا ووسط آسيا والشرق الأوسط عبر أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، يشمل بناء طرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية. على الرغم من أن المبادرة تبدو تنموية واقتصادية في المقام الأول، إلا أن الدراسات تتفق على أن الهدف الرئيسي منها هو زيادة نفوذ الصين الجيوسياسي، على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى توزيع القوة والثروة أيضاً. بالطبع يمر طريق الحرير الجديد بباب المندب، وسبق أن وقّعت الصين مع حكومة الحوثيين اتفاقية عام 2019.
تركيا
وعلى المستوى الإقليمي، سعت تركيا هي الأخرى لتعزيز وجودها عبر البوابة الصومالية ، وتعد القاعدةُ العسكرية التركية التي تم افتتاحُها عام 2017 الأهمَّ في الصومال وأكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم، وعلى الرغم من أن تركيا أعلنت أن الهدفَ من إنشاء القاعدة هو تدريبُ الصوماليين؛ ليشكلوا نواة للقوات الصومالية مستقبلًا، إلا أن هذه القاعدة كان وراءها العديد من الأهداف الأُخرى، أهمُّها السيطرةُ على “القرن الإفريقي” وممر البحر الأحمر التجاري، ومضيق باب المندب؛ كونه المعبَرَ البحريَّ الرئيسَ لتجارة النفط العالمية؛ وما يمثله من خطورة لأمن الخليج.
إيران على الجانب الآخر تأمل في بسط نفوذها على باب المندب عن طريق دعمها للحوثيين، الأمر الذي يضعها موضع الاتهام بنقل صراعاتها مع دول الخليج إلى مضيق باب المندب بعد الهيمنة على مضيق هرمز.
أطلق الحوثيون الصواريخ على البحرية الأمريكية خلال عام 2016 بالقرب من باب المندب، وكيف قاموا ويقومون بزراعة الألغام البحرية بشكل عشوائي في المياه الإقليمية، وكيف قاموا باستخدام قوارب مفخخة مسيرة عن بعد للهجوم على مدينة المخا في البحر الأحمر في 2017، ومهاجمة سفن سعودية في ميناء الحديدة في 2018، وكيف هاجموا مؤخرا مينائي النشيمة في محافظة شبوة، والضبة بمحافظة حضرموت، واستهدفوا ناقلة نفطية في ميناء قناة النفطي بشبوة منتصف نوفمبر 2022.
تفاجأ البنتاغون في 19 أكتوبر 2023، بإطلاق سلسلة من الطائرات بدون طيار الهجومية وصواريخ كروز بعيدة المدى من اليمن، والتي يقول مسؤولو الدفاع الأمريكيون إنها كانت متجهة إلى إسرائيل ولكن اعترضتها مدمرة الصواريخ الأمريكية يو إس إس كارني فوق البحر الأحمر. ولاحقاً هدد رئيس حكومة الإنقاذ في اليمن التابعة لجماعة الحوثيين عبد العزيز صالح بن حبتور في 22 أكتوبر 2023، إنهم سيستهدفون السفن الإسرائيلية التي تعبر باب المندبفي البحر الأحمر في حال تواصل القصف على قطاع غزة. أمن دولي ـ أهمية الخليج العربي خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية
تدابير حماية أمن خطوط الملاحة الدولية في باب المندب
شكلت البحرية الأمريكية والبريطانية في أبريل2022 فريقاً أمنياً جديداً مع عدد من الدول الحليفة لمراقبة البحر الأحمر ومحاولة تثبيت استقرار الملاحة وتأمين خط التجارة الدولي المهم عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن.
ومنذ مايو 2022 تقوم عدد من الدول الأوروبية على رأسها فرنسا بالدعوة الى تمديد صلاحيات بعثة الرقابة الأوروبية على مضيق هرمز الذي تشكل بداية 2020 من ثمانية دول أوروبية ليشمل البحر الأحمر نزولاً الى الخليج الهندي عبر مضيق باب المندب..
أعلن الجيش المصري في ديسمبر 2022 تولي قواته البحرية مهام دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن، إثر توليها للمرة الأولى قيادة “قوة المهام المشتركة 153 الدولية”. وهذه القوة تضم كلا من مصر والسعودية والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأميركية، ويتركز نطاق عملها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وتكمن أهمية حماية الملاحة في باب المندب في أن عشر التجارة العالمية تمر بهذا المضيق، وهناك رغبة لزيادة هذه النسبة خاصة تجارة مصادر الطاقة والنفط بعد الحرب الروسية الأوكرانية. أمن دولي- قوة بحرية أمريكية في البحر الأحمر والخليج، المهام والأهداف
**
4- أمن دولي ـ القوة الأمريكية والدولية في الخليج العربي والبحر الأحمر
أعاد التصعيد الراهن بين إسرائيل وحركة حماس، منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي والبحر الأحمر إلى الواجهة من جديد، ما يعني أن الاهتمام الدولي وفي مقدمته الاهتمام الأمريكي سينصب على هذه المنطقة خلال الأشهر المقبلة، لاسيما وأن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر تمثل نقطة محورية في الخريطة السياسية الدولية، كونها ممر مائي بالغ الأهمية بالنسبة لحركة التجارة العالمية، لذا تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون للحفاظ على تواجدهما في هذه المنطقة، في ظل التطورات السياسية المتسارعة بين الغرب وروسيا من جانب، واستمرار حالة التوتر القائمة بين طهران وواشنطن من جانب آخر.
القوى البحرية الدولية في الخليج والبحر الأحمر
ساهمت أهمية البحر الأحمر والخليج العربي، في تعزيز انتشار قوة بحرية دولية متمثلة في (10) دول أجنبية في مقدمتها الولايات المتحدة بالمنطقة، نظرا لأن البحر الأحمر يعد خطاً حيوياً لوجستياً لواشنطن في نقل القوات والمعدات العسكرية من أوروبا للمحيط الهندي لشرق آسيا، الأمر الذي دفعها لتأسيس قاعدة عسكرية قرب مضيق باب المندب في 2002، ومع تصاعد التوتر مع طهران أسست قوة عسكرية دولية تحت مسمى ” قوة الواجب المشتركة 152″.
حرصت واشنطن على إرسال قوات وعدد من القطع البحرية وطائرات حربية، إلى ممرات التجارة الدولية في الخليج والبحر الأحمر، ويتخذ الأسطول الخامس الأمريكي من المياه الإقليمية المقابلة للبحر الأحمر والخليج العربي قاعدة له، ويضم عدداً من الغواصات البحرية والمقاتلات وحاملة طائرات.
أعلنت البحرية الأمريكية في 15 أبريل 2022، عن تشكيل قوة باسم “CTF-153” بهدف حماية الأمن البحري الدولي ودعم القدرات البحرية الأمريكية في هذه المنطقة، حيث تعد القوة الرابعة في القوات البحرية المشتركة “CMF”، وتركز على مكافحة أنشطة الجهات غير المشروعة والإرهاب في البحر الأحمر والخليج العربي.
تنظم هذه القوة البحرية الجديدة دوريات في البحر الأحمر والمياه المحيطة باليمن، وتضم نحو (8) سفن، وفي 24 مايو 2022 أكد قائد الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية الأدميرال براد كوبر، أن الأسطول سينشر (100) مركبة بحرية مسيرة في الخليج العربي بحلول صيف 2023، بهدف زيادة قدرات استطلاع المخاطر وسرعة التعامل معها، عبر الأنظمة غير المزودة بالأشخاص وتقنية الذكاء الاصطناعي.
أرسلت الولايات المتحدة في مارس 2023 طائرات عسكرية للمنطقة، استكمالاً للتعزيزات الأمنية في الخليج العربي والبحر الأحمر، كما نشرت قوات إضافية من مشاة البحرية “المارينز” ومقاتلات “إف 35″ و”إف 16” والمدمرة “يو إس إس توماس هاندر” في يوليو 2023.
أعلن الأسطول الأمريكي الخامس في 7 أغسطس 2023، عن وصول أكثر من (3) آلاف جندي أمريكي للبحر الأحمر على متن سفينتين حربيتين، لذا اتهمت طهران واشنطن بإثارة حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، خاصة بعد تأكيد الأخيرة بأن هذا التحريك بهدف تهدئة التوتر الإقليمي الناجم عن ممارسات إيران ومصادرتها للسفن التجارية بالمنطقة.
بتصاعد المشهد بين إسرائيل وحركة حماس، دفعت الولايات المتحدة بالسفينة الأمريكية “يو أس أس كارني” إلى البحر الأحمر في 19 أكتوبر 2023.
أعلنت الخارجية الفرنسية في 21 يونيو 2020، عن موافقة (8) دول أوروبية على إنشاء بعثة لمراقبة الملاحة البحرية في مضيق هرمز تحت مسمى “إيماسو EMASOH”، بهدف تخفيف حدة التوتر وخلق بيئة آمنة للملاحة البحرية في البحر الأحمر والخليج، لاسيما وأنها ليست قوة عسكرية ولا يتمحور دورها في مهام هجومية.
ضمت المبادرة الفرنسية دول (بلجيكا وفرنسا وألمانيا واليونان والبرتغال وهولندا وإيطاليا) بالإضافة إلى النرويج، للقيام بدوريات بحرية في الممر المائي بـ (7) سفن ووحدة مراقبة جوية، وفي مارس 2022 باتت المهمة تحت قيادة بلجيكا.
حرصت فرنسا وألمانيا على قيادة العملية الأوروبية في منطقة الخليج، دون الاعتماد على الوجود الأمريكي في المنطقة نفسها، تحسباً من أن تصبح هذه الخطوة رسالة معاداة لإيران وأن تدخل أوروبا في دائرة التوتر بين طهران وواشنطن، لذا أسست فرنسا قاعدة “معسكر السلام” بالقرب من مضيق هرمز في مايو 2009، ويستمر عمل الفرقاطة الفرنسية في إطار عمل ” قوة سي تي إف 150″ وهو تحالف دولي للقوات البحرية هناك. أمن دولي ـ أهمية الخليج العربي خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية
أرسلت بريطانيا في 16 فبراير 2023، “كاسحة الألغام البحرية المسيرة ” RNMB Harrier لمياه الخليج العربي، في إطار برنامج “السلاح الخاص بقدرات صيد الألغام البحرية MCH”، والانتقال من مرحلة عمل كاسحات الألغام التي يديرها البحارة، إلى القطع البحرية المسيرة بدون طواقم بحرية.
توسع عمل البحرية البريطانية، حتى تمكنت من مصادرة صواريخ مضادة للدبابات بمساعدة البحرية الأمريكية في 2 مارس 2023، وأعلنت البحرية البريطانية أنه تم استهداف صواريخ إيرانية تستخدم في صناعة الصواريخ البالستية، وكانت على متن قارب في مياه الخليج أثناء تهريبها.
أهداف ومهام القوة البحرية الأمريكية
– تأمين ممرات الملاحة الدولية في منطقة الخليج والبحر الأحمر والمسطحات المائية المجاورة لها، في إطار سياق تكاملي مع قوة العمل المشتركة الدولية في المنطقة.
– مواجهة التهديدات البحرية المتعلقة بنشاط التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة والقرصنة، وأعمال التهريب والتجارة بالبشر وتجارة الأسلحة والمخدرات.
– تحقيق سيطرة بحرية أمريكية أوسع وأكبر نطاق بمنطقة الخليج والبحر الأحمر.
– خلق هامش حركة أكبر للقوات الأمريكية من المنطقة إلى جنوب شرق آسيا، إذا استدعى الأمر ما يقلل أعباء وتكلفة ومدة انتقال القوات.
– الاستعداد لأي تحولات جيوسياسية في المنطقة، خاصة مع التقارب السعودي الإيراني الأخير الذي تم برعاية صينية، ما يثير المخاوف لدى الولايات المتحدة في ظل الصراع الراهن مع الصين وامتداد أمد الحرب الأوكرانية.
– تعزيز واشنطن مكانتها دولياً مع استمرار إرسال رسائل مباشرة إلى إيران، للضغط في عدة ملفات خلافية بينهما وعل رأسها الملف النووي الإيراني.
أهداف ومهام القوة البحرية الأوروبية
– فرضت الحرب الأوكرانية وتبعاتها من تأثر إمدادات الطاقة الروسية، على أوروبا للبحث عن موردين جدد للطاقة، وتتخذ دول أوروبا من الانتشار البحري في المنطقة وسيلة لضمان أمن الطاقة وتعزيز العلاقة مع الموردين في الشرق الأوسط.
– الحفاظ على الأمن البحري في الخليج يعد مصلحة استراتيجية واقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي.
– مراقبة الوضع البحري في المنطقة للتصدي لأي توترات إقليمية.
التهديدات التي تواجه القوة البحرية الدولية
– التهديدات الإيرانية: ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب، أن إيران تمثل تهديداً لأمن الملاحة في البحر الأحمر والخليج والأمن الإقليمي، وأشار قائد الأسطول الخامس الأميركي الأدميرال براد كوبر، إلى أن القوة البحرية المنتشرة بالمنطقة تستهدف تقويض الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية التي تستهدف بعض السفن في المياه الإقليمية.
– أنشطة الجماعات المسلحة: أكدت الولايات المتحدة أن جماعات الحوثي الموالية لإيران تعد تهديداً أمنياً للإقليم بأكمله، لذا تستهدف القوى البحرية الأمريكية محاصرة جماعة الحوثي ومنع وصول الأسلحة لها، وتمكنت من مصادرة (9) آلاف قطعة سلاح في 2021 لهذه الجماعة.
– الأنشطة غير المشروعة: باتت منطقة البحر الأحمر والخليج العربي مسرحاً لأعمال التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر، باستغلال التنظيمات المتطرفة مثل جماعة حزب الله ومجموعات الجريمة المنظمة، الوضع الملتبس في المنطقة والخلاف القائم بين طهران وواشنطن لصالحهم.
–التهديد الصيني: توسع العلاقة بين الصين وشركائها في المنطقة، يزيد المخاوف لدى الولايات المتحدة من أن تحل الصين محلها هناك، وتوسع نفوذها العسكري ومن ثم الاقتصادي والسياسي، ما يصب لصالحها في القضايا الخلافية مع واشنطن، خاصة بعد أن لعبت بكين دوراً واضحاً في تقريب وجهات النظر بين طهران والرياض. أمن دولي ـ أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية
التوتر في منطقة الخليج والبحر الأحمر
– استولى الحرس الثوري الإيراني على طائرتين أمريكيتين، بواسطة طائرات دون طيار قبل أن يعيد إطلاقهما مرة أخرى في 2 سبتمبر 2022.
-هاجمت طائرات بدون طيار تابعة لجماعة الحوثيين في 21 أكتوبر 2022، ناقلة النفط “نيسوس” عند ميناء الضبة النفطي الجنوبي باليمن.
– هاجمت طائرة بدون طيار إيرانية الصنع سفينة تجارية في خليج عمان في 18 نوفمبر 2022.
-هاجمت طائرات بدون طيار تابعة لجماعة الحوثيين في 18 مارس 2023 سفينة تجارية يونانية.
-أعلنت البحرية الأمريكية احتجاز إيران لناقلتي نفط في نهاية إبريل ومطلع مايو 2023 في مياه الخليج، وفي المقابل أكدت إيران أنها سعت لاعتراض ناقلة نفط ترفع علم جزر البهاماس اصطدمت بسفينة إيرانية وتسببت في إصابات خطيرة لـ (5) من طاقم السفينة، ونفت أي محاولات للاستيلاء على ناقلات نفط قبالة عُمان.
– أعلنت البحرية الأمريكية في 6 يوليو 2023، احتجاز الحرس الثوري الإيراني سفينة تجارية، يحتمل أن تكون متورطة في أنشطة تهريب في المياه الدولية في منطقة الخليج.
-حذرت البحريتان الأمريكية والبريطانية في 13 أغسطس 2023، السفن من المرور بمضيق هرمز قرب المياه الإيرانية، وفي المقابل نوه وزير الخارجية الإيراني ناصر كنعاني إلى أن نشر قوات أمريكية جديدة في المنطقة هو لصالح واشنطن فقط.
– أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في 20 أكتوبر 2023، اعتراض البحرية الأمريكية (3) صواريخ في البحر الأحمر أطلقتها جماعة الحوثيين، مرجحة أن الصواريخ كانت تستهدف إسرائيل.ملف : الملف النووي الإيراني و إنعكاساته على أمن الخليج العربي و البحر الأحمر
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– يكتسب الخليج العربي أهميته من أنه من المناطق التي تمتلك أكبر مخزون احتياطي للنفط والغاز، يمر من خلاله معظم إنتاج النفط العالمي وممر للتجارة العالمية.
– لا يزال الاستقرار الأمني في منطقة الخليج العربي يلقي بظلاله على الاهتمام وعلى الأمن العالمي، نظراً لأن الاستقرار الأمني الإقليمي والدولي مرهون باستقرار الأمن في الخليج العربي.
– ضغطت دول الخليج العربي على واشنطن لاتخاذ خطوات أكثر قوة لردع طهران، بعد تهديد الملاحة في مياه الخليج العربي، تهديد إمدادات الطاقة خلال العام 2023، حيث تشير التقديرات تعرض (15) سفينة تجارية للعديد من الدول خلال الأعوام الـ15 الماضية.
– يعكس انسحاب بعض دول الخليج من التحالف الأمريكي في مياه الخليج حجم الخلاف مع واشنطن، وأنها أخفقت في فعل ما يكفي لردع الهجمات، وهذا مايفسر تعزيز يعض دول الخليج روابطها مع الصين وإيران.
– تنظر إيران إلى التعاون الأمني بين القوي الدولية والإقليمية ودول الخليج العربي على أنه مصدر تهديد، ما قد يشجع طهران على تكثيف برنامجها النووي وتصعيد الهجمات في مياه الخليج العربي.
– من المرجح أن يكون هناك اتفاق دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران، وقد يكون كبديل أكثر فاعلية في ضمان الاستقرار الأمني دولياً وإقليمياً، ولإحياء الملف النووي الإيراني.
– بات متوقعاً بعد تنامي النفوذ الصيني والروسي في منطقة الخليج العربي، وأن تراجع الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجيتها في منطقة الخليج العربي، وذلك لإعادة الثقة والتعاون إلى مساره الصحيح.
**
– يعد مضيق “هرمز” من الممرات المائية المهمة والإستراتيجية بالعالم لتجارة النفط، و أيضاً بالنسبة لمصدري النفط الرئيسيين في منطقة الخليج، حيث أن (20%) من الإمدادات العالمية ستتعطل إذا تعطل مرور سفن النفط والطاقة عبر مضيق هرمز.
– شهد مضيق “هرمز” توتراً كبيراً بين إيران والدول الغربية ودول الخليج، فضلاً عن تعرض بعض من السفن التجارية وناقلات النفط لهجمات وعمليات احتجاز على وقع التصعيد بين طهران، وواشنطن.
– تشعر دول الخليج العربي بأهمية الممر المائي لتوصيل نفطها إلى الأسواق وتشعر بالقلق بشأن نوايا إيران في المنطقة على نطاق أوسع، وتعتبر إيران مضيق “هرمز” ورقة ضغط سياسية كلما توترت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ولاحت نذر المواجهة بينهما، تعلن إيران وأنها قادرة على إغلاق المضيق متى شاءت.
– تنظرالولايات المتحدة الأمريكية إلى فكرة إنشاء القواعد الصينية على طول مضيق “هرمز” على أنها تهديد غير مقبول للأمن القومي لواشنطن. ترى الدول الأوروبية أن تركيز الصين على مضيق “هرمز” قد يفتح الطريق لبسط وجود الصين في الخليج، وأن يمنح الصين معلومات استخباراتية حول الوقود أو تحركات السفن.
– يمثل عدم غلق مضيق “هرمز” بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، أولوية، وذلك لضمان عدم ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، خاصة وأن حرب أوكرانيا أصبحت تضغط على اسواق الطاقة إقليميا ودوليا.
– من المستبعد مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي أن تعتمد الولايات المتحدة على القوة العسكرية لإقناع طهران بالتراجع. حيث أن التدخل عسكرياً قد يعطل بعض شحنات النفط بين إيران والدول الغربية، وهو مصدر آخر محتمل لتصعيد التوترات.
– بات متوقعاً في ظل تصعيد الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، أن لا تتسرع دول الخليج في عقد صفقات مع الحكومة الإسرائيلية، أو لإقامة علاقات كاملة مع تل أبيب.
**
**
– يعد مضيق باب المندب من أهم الممرات المائية على مستوى العالم لدوره في الربط بين التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب، وقد ازدادت أهميته مؤخراً نظراً إلى ما تمر به المنطقة من توترات وصراعات، وبالتالي تسعى عديد من القوى الإقليمية والدولية إلى بسط نفوذها في هذه المنطقة الإستراتيجية، ونتج عن ذلك تزايد أعداد القواعد العسكرية في القرن الإفريقي.
– يمثل أمن البحر الأحمر وأمن الموانئ البحرية دافعًا قويًّا لتعزيز الحضور الدولي في القرن الإفريقي بحجة المساهمة في ضمان حرية الملاحة الدولية، وتأمين مرور التجارة الدولية، ومكافحة عمليات القرصنة عند مضيق باب المندب وخليج عدن، وصد التهديدات الأمنية والإرهابية، كما أن هناك رغبة جماعية لدى القوى الدولية ليصبح الحزام الساحلي الذي يضم إريتريا وجيبوتي والصومال ساحلًا آمنًا لضمان سلامة التجارة بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر
– نظراً لأهميته الاستراتيجية والتنافس على النفوذ على البحر الأحمر والدول التي تعتمد عليه في التجارة والعبور، أصبح القرن الإفريقي جزءاً لا يتجزأ وحلقة وصل بين الأنظمة الأمنية في الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط. وبالتالي، فإن التطورات في القرن الإفريقي لا تشكل هذه المناطق فحسب، بل تؤثر أيضا بشكل مباشر على بيئاتها السياسية والاقتصادية والأمنية.
– يمكن أن يؤدي وجود العديد من المستثمرين المحتملين إلى زيادة المنافسة، ما قد يؤدي إلى سباق على الاستثمارات وزيادة التدفقات المالية إلى قطاع البنية التحتية في دول القرن الإفريقي، وفي هذا السياق، يظل استقرار أمن المنطقة النسبي مرهونًا بعدم تطور التنافس الدولي والإقليمي فيها إلى صراعات أو صدامات بين القوى الفاعلة، ما يدفع نحو مزيد من العسكرة للمنطقة، يظل السباق على الموانئ البحرية في القرن الإفريقي قائمًا في ضوء احتدام التنافس الدولي، والرغبة في بناء النفوذ في بلدان المنطقة.
– تظل منطقة البحر الأحمر مسرحاً للصراع الدولي مع عدم الاستقرار السياسي والسيولة الأمنية لبعض الدول كالصومال واليمن، أو لضعف الحكومات وقلة مواردها كجيبوتي التي تحصل على نحو (200) مليون دولار سنوياً من تأجير موانئها.
**
– المتغيرات الراهنة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، واحتمالية تصاعد أبعاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يزيد من احتدام المنافسة الدولية على منطقة البحر الأحمر والخليج العربي بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين إضافة إلى إيران، خاصة وأن هذا التصعيد غير المسبوق منذ سنوات بين حركة حماس وإسرائيل، يتزامن مع استمرار الحرب الأوكرانية والتي تستمر معها بالتبعية أزمتي الطاقة والغذاء، ما يزيد من أهمية منطقة الخليج والبحر الأحمر لتأمين حركة التجارة الدولية ومصادر جديدة للطاقة.
– تدخل منطقة الخليج والبحر الأحمر إلى بؤرة الضوء من جديد، هذا يعني إرسال الولايات المتحدة والصين وأوروبا مزيد من القوة البحرية والسفن والأسلحة للمنطقة، تحسباً لأي تطورات في المشهد وسط توقعات باجتياح بري إسرائيلي لقطاع غزة، وتهديدات من جانب إيران والجماعات التابعة لها بالمنطقة من حركة حماس وحزب الله وجماعة الحوثيين، بالرد الفوري في حال اتخاذ إسرائيل هذه الخطوة.
– تحذيرات إيران الواضحة بشأن استمرار التصعيد الإسرائيلي في عزة، في ظل تواجد أمريكي في البحر الأحمر والخليج، يجعلنا نقترب من سيناريو الحرب بالوكالة، ما يزيد من احتمالية اتساع رقعة الصراع، ودخول أطراف إقليمية ودولية جزءاً من هذا الصراع.
– تجدد الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في الوقت الراهن، ينعكس بالطبع على شكل توازنات القوى الدولية التي باتت تتشكل من جديد، في ظل طموح صيني ورغبة روسية في إعادة تكوين عالم متعدد الأقطاب.
– تتشبث إيران بنفوذها في هذه المنطقة، كورقة ضغط في الملف النووي وأيضاً لحماية الجماعات الموالية لها، لاسيما وأنها تخسر نفوذها في الصراع القائم بين أرمينيا وأذربيجان.
– بات من المتوقع أن تشهد المنطقة مزيداً من التوترات بين إيران والجماعات التابعة لها، والقوات الأمريكية المتواجدة هناك، ما يجبر واشنطن على إعادة صياغة استراتيجيتها تجاه المنطقة من الناحية العسكرية والمواءمات السياسية، وهو الأمر الذي سيؤثر على إدارتها لبعض الملفات العالقة كالملف النووي الإيراني والحرب الأوكرانية والصراع في تايوان.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=91766
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
U.S., Iranian military vessels have near miss in Persian Gulf
https://tinyurl.com/4uprev5f
A New Order in the Middle East?
https://tinyurl.com/4ne4tek5
US sending F-16 fighter jets to protect ships from Iranian seizures in Gulf region
https://tinyurl.com/3pxamzdp
تهديدات إيرانية جديدة.. تصدير أزمة الاحتجاجات عبر مضيق هرمز
https://tinyurl.com/mk259dz9
**
A New Order in the Middle East?
https://tinyurl.com/4ne4tek5
China’s Mideast buildup stirs security worries for U.S.
https://tinyurl.com/d3r78dxx
وول ستريت جورنال: مسؤولون أمريكيون وسعوديون توصلوا إلى خطوط عريضة بخصوص التطبيع مع إسرائيل
https://tinyurl.com/2s3fxzvk
9 معلومات مهمة عن مضيق هرمز الذي يمر عبره ثلث امدادات النفط في العالم
https://tinyurl.com/m5ju8fm7
**
Geopolitical hotspot: Significance of the Red Sea
https://2u.pw/qsI3Rwo
Security of the Red Sea Arena and Strait of Bab Al Mandab
https://2u.pw/cBgJ4K0
?Why do so many foreign powers have military bases in Djibouti
https://2u.pw/IPin7DG
واشنطن ترسل غواصة مزودة بصواريخ موجهة إلى الشرق الأوسط “
https://2u.pw/CWIGOpo
**
واشنطن ترسل 3000 جندي أمريكي إلى البحر الأحمر “لردع نشاط إيران”
http://bit.ly/3rT2S94
US Navy adds new task force to patrol Red Sea
https://bit.ly/490jjB2
Threats and Challenges to Trade in the Red Sea: Should Europe Be Concerned?
https://bit.ly/45AOGix
إيران تنفي اتهام البنتاغون لها بمحاولة الاستيلاء على ناقلتي نفط قبالة عُمان
https://bit.ly/46W42zm