الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

مكافحة التجسس ـ العوامل الأساسية لحماية الأمن القومي

مكافحة التحسس
مارس 25, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

بون ـ  إعداد وحدة الدراسات والتقارير (26)

مكافحة التجسس ـ العوامل الأساسية لحماية الأمن القومي

 تفرض المتغيرات السياسية الراهنة على الدول اتخاذ إجراءات صارمة لحماية أمنها القومي وتعزيز قدرتها على مواجهة أي محاولات تجسس عسكري أو إلكتروني في ضوء احتدام الموقف الغربي الروسي من جانب والأمريكي الصيني من جانب آخر. وخلال الثلاث سنوات الأخيرة ارتفعت حدة الاتهامات بين كبرى دول العالم بشأن توسع عمليات التجسس خاصة مع زيادة نشاط الهجمات الإلكترونية خلال فترة جائحة كورونا نظراً لاستغلال الهاكرز التقدم التكنولوجي وإقبال المستخدمين المتزايد على شبكة الإنترنت.

يجبر التجسس المعاصر دول العالم على زيادة تسليح جيوشها والاتجاه إلى تشكيل تحالفات جديدة وتقوية التحالفات القائمة، بجانب تطوير علاقاتها مع دول الجوار وزيادة التعاون التجاري والاقتصادي المتبادلين مع الدول الصديقة بهدف تقوية جبهتها ضد أي محاولات تجسس، ومن هنا تأتي أهمية تطوير أدوات مكافحة التجسس الأساسية لتعزيز الدول مكانتها وحماية أمنها القومي.

الدفاع والتسلح

رغم أن عمليات التجسس المعاصرة أخذت منحى جديد في الوسائل المستخدمة لجمع المعلومات والبيانات عبر شبكة الإنترنت ومهاجمة المواقع الإلكترونية الحكومية وقطاعات الاقتصاد والاستخبارات والدفاع، إلا أن عامل تعزيز التسلح التقليدي مازال عاملًا رئيسيًا في حماية أمن الدول القومي ووسيلة ردع لأي محاولات تجسس، لذا غيرت عدة دول في القارتين الأوروبية والآسيوية من استراتيجيتها الدفاعية وزاد معدل الإنفاق العسكري عالميا خلال عامين 2022 و2023، واتجهت بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وإيطاليا والسويد والمجر وبلجيكا والدنمارك لتخصيص (2%) من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري، وعلى نفس النهج ضاعفت اليابان من إنفاقها الدفاعي ليصل (2%) من الناتج الإجمالي بحلول عام 2027 وبموازنة تبلغ نحو (330) مليار دولار لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية تحسبًا لتكرار سيناريو أوكرانيا في جزيرة تايوان.

التسلح التقليدي

تعد ألمانيا نموذجًا في تغير العقيدة العسكرية عقب الحرب الأوكرانية التي لفتت الانتباه إلى تطوير القوة الدفاعية والهجومية لدى الجيوش، وفي 28 يونيو 2022 أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده ستمتلك أكبر جيش أوروبي تقليدي في حلف الأطلسي بموجب الاستثمارات العسكرية الضخمة التي أقرها، عقب الموافقة على إنشاء صندوق استثنائي بقيمة (100) مليار دولار وتخصيص ما بين (70) إلى (80) مليار يورو سنوياً لميزانية الإنفاق العسكري. وحرصت فرنسا على إعادة صياغة قانون البرمجة العسكرية وتحديد (400) مليار دولار بين عامي 2024 و2030 من أجل تسليح الجيش. واتجهت المملكة المتحدة لزيادة ميزانيتها الدفاعية بنحو (2.5%) بحلول عام 2030 إضافة إلى زيادة الاستثمار في القتال الجوي.

وقبل بدء الحرب، وصل الإنفاق العسكري الروسي إلى (4.1%) من الناتج المحلي في عام 2021، حيث تعد روسيا خامس أكبر منفق على السلاح في العالم، وعملت الولايات المتحدة على زيادة الإنفاق على البحث العسكري بنسبة (24%) في الفترة من 2012 إلى 2021، وفي 23 ديسمبر 2022، وقعت الولايات المتحدة أكبر ميزانية عسكرية في تاريخها بقيمة (858) مليار دولار للإنفاق على الأسلحة والطائرات ورواتب الجنود.ولم تغيب الصين عن سباق التسلح التقليدي، بل أعلنت في 5 مارس 2023 رفع ميزانيتها العسكرية إلى (7.2%) لهذا العام، كخطوة ضمن استراتيجية تحديث الجيش الصيني بشكل كامل بحلول 2035 بهدف جعله متفوقًا عسكريًا بحلول 2049.تجسس ـ أهمية بالونات التجسس بجمع المعلومات، النَّمُوذَجُ الصيني

أنماط تسلح جديدة

تطورت الأسلحة بتطور أدوات التجسس، ولجأت دول مثل بولندا وسلوفاكيا إلى تسليح جيوشها بمنظومات قتالية متطورة، كما توجهت كوريا الجنوبية ودول أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا إلى تحديث الذخائر والمنظومة الصاروخية التكتيكية بهدف تأهيل قواتها إلى خوض أي معركة تقليدية وإلكترونية أو لصد أي عمليات تجسس. وتدريجيا تحولت أنظار العالم إلى مناطيد التجسس والطائرات المسيرة وصواريخ الكروز والأقمار الاصطناعية العسكرية المخصصة في عمليات التجسس والاستطلاع، عقب تزايد الطلبات الروسية والأمريكية والصينية على هذه الأسلحة المتطورة.

الجغرافيا السياسية

تلعب الجغرافيا دورًا مهمًا في رسم السياسات ومن ثم التحكم في تجنب الحروب، ومن هنا ظهر مفهوم الجغرافية السياسية “الجيوبوليتيك” الرابط بين الحقائق المكانية وعملية التحول السياسي، ويصبح توطيد العلاقات مع دول الجوار إقليمياً ودولياً ضرورة لمنع أي حروب أو محاولات تجسس، وفي الوقت نفسه يصبح إعادة تشكيل الجغرافية السياسية لأي دولة أو منطقة وسيلة لإضعافها أو إعادة لترتيب موازين القوى من جديد.

وبنهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، برز دور الجغرافية السياسية في تشكيل نظام عالمي جديد وتأثيرها على الأمن القومي للدول، حيث خسرت روسيا نحو مليوني ميل مربع من أراضيها وقتها، وتدريجيا انضمت بعض الأراضي إلى حلف الناتو أو شكلت تعاون قوي مع الولايات المتحدة خارج الحلف، الأمر الذي اعتبرته روسيا تهديدًا لها على مدار العقود الماضية، وبطبيعة الحال فرضت الجغرافية السياسية نفسها أيضاً على روسيا في  18 مارس 2014 بقرار ضم شبه جزيرة القرم وإعلان الحرب ضد أوكرانيا في 24 فبراير 2022، ما يشير إلى مخاوف روسيا من التمدد الغربي وحصار حدودها الجغرافية وأيضا نفوذها السياسي في هذه المنطقة.

وتؤكد المتغيرات السياسية الأخيرة، على أن عامل الجغرافيا لم يتراجع دوره في الحفاظ على الأمن القومي نظراً لتأثيره المباشر على تحديد القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية للدول، رغم أن عمليات التجسس وأدواته أصبحت عابرة للحدود والقارات بحكم التطور التكنولوجي.الأمن القومي في زمن العولمة ـ التهديدات والمخاطر

الاقتصاد والتنمية المستدامة

 وجهت الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية 2008 والتغيرات المناخية وجائحة كورونا والحرب الأوكرانية العالم، إلى مفهوم التنمية المستدامة لتنويع مصادر سلاسل الإمدادات الغذائية والاعتماد على مصادر طاقة متجددة، تجنبًا لاستخدام الظروف الاقتصادية كثغرة لتهديد أمن الدول القومي، خاصة وأن ضمان أمن الطاقة والغذاء ضرورة لضمان استقرار الدول سياسيًا وعسكريًا ما يمكنها من مجابهة أي خطر عسكري. ونظراً لأن التنمية المستدامة تحمل أبعاداً سياسية أيضاً بجانب الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لذا فهي لا تقل أهمية عن التسلح في ردع عمليات التجسس. ويسهم الاقتصاد القائم على التنمية المستدامة في زيادة قوة الدولة، في حال التعرض لتقلبات اقتصادية طارئة أو كوارث طبيعية أو زيادة سكانية، لا سيما وأن بعض وكالات الاستخبارات تستغل الاقتصاد كهدف استراتيجي للضغط على الخصم أو اختراق نظامه التجاري.

وتقوم التنمية المستدامة على ثلاث ركائز: –

الجانب الاقتصادي: التوازن بين استخدام الموارد غير المتجددة وضمان معدلات الإنتاج.

الجانب الاجتماعي: تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع الواحد في الاستفادة من الموارد.

الجانب البيئي: الحفاظ على النظم البيئية المتجددة والتنوع البيولوجي.

“الديموغرافيا” جغرافية السكان

يمثل عدد السكان وخصائصهم الديموغرافية نقطة قوة للدولة، في القدرة على الإنتاج والنمو الاقتصادي وتشكيل قوة عسكرية ما يعزز من قدرتها على حماية أمنها القومي، ونجد الولايات المتحدة نموذجاً ففي عام 1850 كان عدد سكانها (23) مليون شخص، والآن يصل إلى نحو (330) مليون شخص الرقم الذي يفوق سكان ألمانيا وبريطانيا وهولندا وفرنسا وإيطاليا معًا، وبالطبع ساعد التحول الديموغرافي الولايات المتحدة في الصعود كقوة اقتصادية وعسكرية دوليًا، كما استفادت الصين من نموها السكاني العقود الماضية بدخولها كمنافس اقتصادي وسياسي وعسكري على الساحة العالمية، بينما يبلغ الآن عدد سكانها (1.4) مليار نسمة كأول تراجع له منذ (6) عقود، ما يفسر حرص الصين على تسليح جيشها بأحدث الأسلحة ودخول المنافسة في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا تعويضًا لتراجع عدد سكانها.

وعلى الجانب الآخر، تعاني أوروبا من تدهور ديموغرافي لارتفاع نسبة الشيخوخة وتراجع أعداد المواليد بجانب ارتفاع الوفيات جراء كورونا، ويصل عدد سكان الاتحاد الأوروبي حتى يناير 2021 إلى (447.2) مليون شخص بعد أن فقد (278) ألف شخص خلال عام واحد، ويعد أول انخفاض في السكان بعد عقدين من النمو السكاني بالتكتل الأوروبي، ولمواجهة هذا التحدي الديموغرافي يلجا التكتل إلى زيادة قدراته العسكرية وتعزيز التعاون الدفاعي بين أعضائه بطرح مبادرات مثل “درع السماء” وتشكيل” جيش أوروبي موازي” إضافة لتعزيز التعاون مع حلف الناتو. مكافحة التجسس ـ وسائل تجنيد العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي

 إدارة الأزمات

تكشف الأزمات درجة المرونة التي تتمتع بها الدولة وقدرتها على مواجهة أي اضطرابات داخلية وخارجية، وربما كانت جائحة كورونا جرس إنذار لتأهب الدول لمثل هذا النوع من الأزمات وسرعة التكيف دون المساس بأمنها القومي، خاصة وأن الأزمات لا تلقي بظلالها فقط على جانب واحد بل تمتد إلى جوانب اقتصادية وسياسية وعسكرية أيضاً. وتتوقف عامل إدارة الأزمات على خمسة عناصر: –

  • مرونة مؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والتطوير من سياسة ” بناء المرونة” السياسية والاقتصادية والتعافي من الصدمات.
  • الاستجابة السريعة لأي أزمات محلية ودولية ووضع حلول بديلة للخروج من الأزمة.
  • القدرة على جمع المعلومات ودمجها وتقديم الخدمات اليومية للمواطنين وفقًا للظروف المتغيرة.
  • التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات الفاعلة في الدولة لتشكيل مرونة مجتمعية.
  • تطبيق اللامركزية في وضع استراتيجيات مواجهة الأزمات.

تقييم

بالتوازي مع اندلاع الحرب الأوكرانية تصاعد الحديث عن الحرب السيبرانية بين روسيا والغرب، خاصة وأن الهجمات الإلكترونية باتت أداة أساسية في الصراع بين كييف وموسكو في استهداف المواقع الحكومية، ما دفع الطرفان إلى استحداث وسائل لتسليح الجيشين لمواجهة وسائل التجسس الإلكترونية والتقليدية. وعلى الجانب الآخر ومع زيادة التوتر بين الصين والولايات المتحدة في جزيرة تايوان والمنافسة المحتدمة بينهما في معركة الرقائق الإلكترونية وعقب إرسال الصين منطادًا فوق المياه الإقليمية الأمريكية، يعزز البلدان من قدراتهما العسكرية التقليدية والنووية.

وتحمل معطيات المشهد الدولي إشارات واضحة إلى ارتفاع عمليات التجسس وزيادة الاتهامات المتبادلة بين أطراف الصراع بشأن عمليات تجسس عسكرية وإلكترونية، ما يزيد من أهمية عامل الدفاع ويجبر أغلب الدول على زيادة التسلح التقليدي والإلكتروني ويضعنا أمام مرحلة جديدة من سباق التسلح العالمي، في حين تظل بعض الدول النامية في مأزق لمواجهة هذه المتغيرات العالمية.

ويعود عامل الجغرافيا السياسية للواجهة مرة أخرى في سياسات الدول لمكافحة عمليات التجسس، وربما يفرض وجوده بقوة أكثر خلال المرحلة المقبلة في قارتي آسيا وأوروبا، لذا من المتوقع أن يشهد العالم تشكيل تحالفات سياسية وعسكرية جديدة في القارتين كنوع من تعزيز الأمن القومي لبعض الدول.

ورغم تبني العالم استراتيجية التنمية المستدامة، إلا أن قدرات الدول ليست متساوية لتحقيقها، ما يجعل الاقتصاد الهش ثغرة لدى بعض الدول في حماية أمنها القومي في ظل أزمات بيئية وصحية متتالية، ووسط توقعات بتفاقم أزمة غذاء عالمي خلال 2023.

ويمس العامل الديموغرافي الأمن القومي بشكل مباشر لذا يعد تراجعه في بعض الدول تحديًا كبيرًا، ويجبرها على تعزيز قوتها في عوامل التسلح والاقتصاد والتحالفات بشكل أوسع تعويضًا لهذه الثغرة.

ومع تتابع الأزمات العالمية، بات عامل إدارة الأزمات أمرًا ملحًا لتطبيقه من أجل مواكبة المتغيرات والصمود أمام عمليات التجسس التي تستغل فترات الصدمات السياسية والاقتصادية لتوجيه ضربات مباشرة للدول.

رابط مختصر. https://www.europarabct.com/?p=87315

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

كيف تغيرت سوق السلاح العالمية بعد عام من الحرب في أوكرانيا؟
https://bit.ly/40dtsVU

الحرب في أوكرانيا.. أي دور تلعبه الهجمات السيبرانية؟
https://bit.ly/40ixUmj

The geopolitical economy of state-led intelligence-commerce
https://bit.ly/3yRrJJW

Geopolitical Intelligence and the Movements that Define Geopolitics
https://bit.ly/40yJqdt

إحصائية تكشف تناقص أعداد سكان الاتحاد الأوروبي
https://bit.ly/40eoFn5

 السمات الديموغرافية الكبيرة تنشئ قوة عظمى
https://bit.ly/3n3HNpj

Governance for Resilience: How Can States Prepare for the Next Crisis?
https://bit.ly/3FtrGIk

أهداف التنمية المستدامة
https://bit.ly/3TRZxRf

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...