الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أزمة أوكرانيا وتداعياتها على اقتصاديات ألمانيا . بقلم داليا عريان

ألمانيا
يونيو 03, 2022

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

إعداد : داليا عريان

أزمة أوكرانيا وتداعياتها على اقتصاديات ألمانيا

لم تقتصر تداعيات الحرب الأوكرانية على سياسات أوروبا الدفاعية فحسب، بل امتدت إلى النواحي الاقتصادية لاسيما في ظل عقوبات الغرب المفروضة على الاقتصاد الروسي ما يجعل القارة الأوروبية في حاجة ملحة للبحث عن بدائل عن وارادات الطاقة الروسية مع احتمالية استمرار الصراع الروسي – الأوكراني إلى أمد أطول.

وتأتي ألمانيا في مقدمة الدول الأوروبية المتضررة من الأزمة الأوكرانية نظرا لأن وارادات الغاز الروسي وصلت لنحو 55% والنفط الروسي إلى 48% من احتياجاتها، الأمر الذي يضع الحكومة الألمانية في مأزق لعدم تمكنها من الاستغناء عن وارادات الغاز الروسي بحلول عام 2024 إضافة إلى كونها أكبر شريك تجاري مع روسيا.

ـ التضخم وارتفاع الأسعار ـ أزمة أوكرانيا

رغم تحقيق الاقتصاد الألماني نموا واضحا خلال السنوات الماضية، إلا أن الأزمة الأوكرانية ألقت بظلالها على معدلات التضخم والأسعار التي وصلت إلى أرقام لم تصل إليها طوال الـ 4 عقود الماضية. وسجل مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني التضخم في شهر مارس 2022 نحو 7.3%، وفي فبراير 2022 تجاوز التضخم 5%، وزادت تكلفة الوقود إلى 25.8% على أساس سنوي والغاز الطبيعي بنسبة 35.7%، وزيت التدفئة بنحو 52.6% والكهرباء 13%. وتشير توقعات الاقتصاديين الألمان إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى 6.1% الفترة المقبلة وانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.2%.

وترى كبيرة الاقتصاديين لدى بنك التنمية الألماني ” كيه إف دابليو”، فريتسي كولر-غايب، أن تأثيرات الحرب ستؤدي لارتفاع مستمر في التضخم، وتتوقع الخبيرة لدى مجموعة “أليانز” الألمانية للتأمين كاتارينا أوترمول، نمو الاقتصاد الألماني العام الجاري بنسبة 1.8% وتضخم بنسبة 6% في المتوسط، بينما يستهدف البنك المركز الأوروبي وصول التضخم لـ 2% فقط.

نورد ستريم 2 ـ كيف تختبر واشنطن صبر ألمانيا وأوروبا

نورد ستريم 2 ـ كيف تختبر واشنطن صبر ألمانيا وأوروبا

ونتيجة للعقوبات الاقتصادية على روسيا، ارتفعت أسعار السلع الغذائية مثل زيوت الطعام والقمح نظرا لأن روسيا وأوكرانيا لديهما أكثر من 14% من إنتاج القمح عالميا، وارتفعت أسعار زيوت الطعام والخبز والحليب والخضر ومواد البناء من الخشب والحديد أضعاف أسعارهم خلال شهر مارس 2021، ما يتسبب في أزمات مالية للذين تتراوح دخولهم ما بين 1000 إلى 1500 يورو شهريا، بحسب موقع ” دويتشه فيله” وبعد ارتفاع سعر البنزين بنسبة أكثر من 15% وسعر الديزل 30% خلال شهرين مارس وأبريل 2022، أطلقت الحكومة الألمانية برامج مساعدات وقروض لمواجهة الزيادة المتوقعة.

ويتضرر سوق العمل الألماني من وقف إمدادات الغاز الروسي لاحتمالية تراجع نسبة التوظيف في القطاعات الصناعية الأكثر اعتمادا على الطاقة، وفقدان عمال لوظائفهم في الشركات الكيميائية والثقيلة التي تصبح مجبرة على الإغلاق لتراجع الطلب على هذه الصناعات بحوالي 5% خلال شهر أبريل 2022، وانخفاض الطلب من خارج أوروبا بحوالي 13%، بحسب ما أعلنه الاتحاد الألماني في 1 مايو 2022.

وكشف الاتحاد عن انخفاض صادرات ألمانيا لروسيا إلى 57.5%، لتحتل روسيا المرتبة الـ 12 بدلا من الـ 5 في أسواق ألمانيا خارج أوروبا خلال مارس 2022. وتسبب ارتفاع الأسعار والتضخم بشكل مفاجئ وإقبال المستهلكين الألمان غير العادي على شراء السلع الغذائية بعد الحرب، إلى تراجع تجارة التجزئة في مارس 2022 بنسبة 0.1%، وتراجع تجارة الملابس والمنسوجات بنسبة 8.4%، وانخفاض مبيعات البنزين بنسبة 11.5%.

ـ انتقادات إلى ألمانيا من الداخل والخارج

بالهجوم الروسي على أوكرانيا تجددت الانتقادات إلى برلين لاعتمادها على مصادر الطاقة الروسية بشكل كبير واستمرارها في شراء الوقود الأحفوري الروسي، ما يخيف أوروبا من استغلاله كورقة ضغط في المفاوضات بشأن أوكرانيا خاصة وأن المورد الوحيد للطاقة لأوروبا هي شركة “غازبروم” الروسية المملوكة للدولة.

وتعالت الأصوات الرافضة لسياسات برلين الاقتصادية، مطالبة بضرورة مراجعة استراتيجيتها في تنويع مصادر الطاقة نظرا لتعارض المصالح مع موسكو، وإبرام اتفاقيات تجارة جديدة مع دول أخرى حتى تجد الشركات الألمانية بديل عن الشركات الروسية المصدرة لها البلاديوم والنيكل والكروم.

ورغم وقف الحكومة الألمانية مشروع خط الغاز ” نورد ستريم 2″ مع روسيا، إلا أن بولندا اتهمت الدولتين بعدم مراعاة مصالح دول العبور السابقة لخط الغاز لربط المشروع البلدين مباشرة وتجنب الطريق البري عبر أوكرانيا وبيلاروسيا، لاسيما وأن الموافقة على المشروع تمت بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم بأوكرانيا، النقطة التي سمحت للمسؤولين الأوكرانيين انتقاد ألمانيا بحدة لوصف سياسة ألمانيا تجاه روسيا بـ ” غير الحازمة” بعد منعها للاتحاد الأوروبي من تشديد العقوبات على قطاعات الطاقة الروسية.

ـ موقف المستشار الألماني من وقف واردات الطاقة الروسية

تباين موقف الحكومة الألمانية بشأن وقف وارادات الطاقة الروسية، حيث تبنى المستشار الألماني أولاف شولتز، في بداية الأزمة سياسة التهدئة بشأن العقوبات على الطاقة الروسية، وشدد خلال تصريحاته في 7 مارس 2022، على أن الفحم والنفط والغاز الروسي أساسيات لحياة الأوروبيين وأن أوروبا تعمدت استثناء إمدادات الطاقة من العقوبات، نظرا لأن 40% من احتياجات القارة العجوز من الغاز قادم من موسكو لذا العقوبات ستنعكس على اقتصاد الدول الأوروبية.

وربما كانت الضغوط السر وراء تحول موقف ألمانيا مؤخرا، لذا أبدى وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك في 7 مايو 2022، استعداد بلاده لحظر نفطي على روسيا وأنها ليست ضد القرار رغم ما يسببه من اضطرابات في الأسعار، وتعهد شولتز بعدم رفع العقوبات حتى التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا.

وجاءت هذه التصريحات تعليقا على اقتراح رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، بشأن توقيع أشد حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا والتخلص التدريجي من إمدادات النفط الخام الروسي خلال 6 أشهر والمنتجات المكررة بحلول نهاية عام 2022، ورغم أن موقف برلين مؤثر بشكل كبير داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن اعتراض المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك على المفاوضات عطل مسار العقوبات.

ـ ماهي البدائل عن الطاقة الروسية ـ أزمة أوكرانيا

تبحث ألمانيا عن مصادر أخرى للطاقة بعد إعلان خطتها لتقليل الاعتماد على واردات الطاقة الروسية إلى النصف بحلول الصيف المقبل، فما هي الخيارات المتاحة؟

الاعتماد على شركات طاقة ألمانية في إقامة 3 محطات للغاز الطبيعي المسال بمواقع محتملة في بحر البلطيق وبحر الشمال، وتوقع موقع ” شبيغل أونلاين” الألماني أن المحطات ربما تبدأ في شتاء 2022/ 2023 ويمكنها توريد 7.5 مليار متر مكعب من الغاز.

الاعتماد على مصادر أخرى مثل الولايات المتحدة التي تعتزم توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز للاتحاد الأوروبي، وتصبح منطقة البحر المتوسط من المصادر المحتملة مثل الجزائر التي توفر نحو 10% من الغاز والنفط لأوروبا، إضافة إلى مصر وليبيا.

تصبح أفريقيا بديل آخر، وأعلن شولتز خلال زيارته للسنغال في 22 مايو 2022 عن تعاون بين البلدين لاستكشاف حقول غاز قبال سواحل الدول الواقعة غرب أفريقيا، بحسب موقع ” دويتشه فيله”.

إبرام اتفاقيات طويلة الأجل في قطاع الطاقة بين قطر وألمانيا في تجارة الغاز المسال والهيدروجين، رغم الاختلاف حول شرط الوجهة الذي يمنع الثانية من إعادة شحن الغاز لدول أخرى في أوروبا.

التقييم

تؤكد الحرب الأوكرانية ونتائجها من فرض عقوبات أوروبية ضد موسكو، على أهمية تغيير ألمانيا استراتيجيتها الاقتصادية وتنويع مصادر الطاقة، نظرا لأن البدائل المتاحة للغاز والنفط والفحم الروسي ليست مضمونة بشكل كافي لسد الفجوة أو ربما تفرض البدائل بعض الشروط التي تتعارض مع الاتحاد الأوروبي.

وتصبح ألمانيا أمام خيارين، الخيار الأول مقاطعة الغاز الروسي في حال إذا قررت فسخ عقود طويلة الأجل مع الشركات الروسية ومررت حزمة العقوبات الأوروبية الأخيرة ضد موسكو، ما يترتب على الاقتصاد الألماني عواقب وخيمة نظرا لأن العقود تلزمها بدفع ثمن الغاز حتى في حال التوقف عن شرائه.

والخيار الثاني يرتبط بقبولها شرط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن دفع ثمن الغاز بالروبل الروسي، ما يجعلها في موضع انتقاد جديد من قبل الشركاء الأوروبيين بعد أن صعدت روسيا من موقفها ضد بلغاريا وبولندا بوقف إمدادات الغاز لهما.

لذا من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الألماني مرحلة صعبة لاستمرار التصعيد في أوكرانيا وبالتالي استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية وتزايد معدلات التضخم، الأمر الذي يدفع برلين إلى اتباع إجراءات احترازية للحد من نسب البطالة وانهيار الصناعات التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز والفحم، واتباعها سياسة ” مسك العصا من المنتصف” بين الغرب وروسيا لتحقيق توازن في الصراع الراهن وتجنب امتداد آثاره بشكل أوسع إلى الاقتصاد العالمي.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=82313

الهوامش

ألمانيا تتقدم نحو تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية!

ألمانيا: مجموعة السبع ترفض دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل

http://bit.ly/3x1dC3H

الاقتصاد الألماني وتحديات تضخمية نادرة تضعه على مفترق طرق

http://bit.ly/3tcczg7

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...