الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف ـ ما علاقة الحوكمة بالتطرف؟ أُنْموذَج دولة الإمارات ومصر

الحوكمة
سبتمبر 23, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI 

إعداد : داليا عريان ـ باحثة في المركز الأوروبي ECCI

التحولات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم الآن، تستدعي ضرورة تطبيق مفهوم الحوكمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع تزايد التحديات الأمنية والمخاوف من استغلال التنظيمات الإرهابية الأزمات الراهنة للظهور مرة أخرى في مناطق متفرقة في العالم، إذ تعد العلاقة طردية بين غياب الحوكمة وانتشار الإرهاب وتمدد الجماعات المتطرفة، الأمر الذي يفسر تصاعد العمليات الإرهابية في المناطق التي ما زالت تعاني من صراعات سياسية، وتفتقر فيها الحكومات أي قدرة على إدارة الأزمات الأمنية والاقتصادية.

ماذا تعني الحوكمة؟ 

تعد الحوكمة تطبيق جيد لإدارة مؤسسات الدولة وفقاً لقوانين وآليات، تستهدف تحقيق الجودة والتميز في الأداء، ما يسهم في وضع أطر لتنظيم العلاقة بين الأطراف الرئيسية المتحكمة في أداء المؤسسات، عبر تحديد المسؤوليات وتنظيم العمل وفقاً لأهداف محددة على المدى البعيد.

تسعى الحوكمة إلى تطبيق الشفافية والمشاركة والمساءلة وسيادة القانون، إضافة إلى مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدمة من قبل المؤسسات الحكومية للمواطنين.

انتشر مفهوم الحوكمة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، في أعقاب ظهور أنماط جديدة لإدارة المؤسسات الحكومية وبالأخص الاقتصادية. وتندرج أهمية الحوكمة في وضع آليات للمواطنين للمطالبة بحقوقهم وممارسة واجباتهم القانونية، ما يعني تأسيس بيئة للشراكة الشاملة بين المؤسسات والمواطنين، للاستفادة من القدرات المؤسسية والإنسانية بشكل يصب في صالح التنمية ويواجه التحديات الاجتماعية والاقتصادية في الدول.

أولى العالم اهتماماً واسعاً السنوات الأخيرة بآليات تطبيق الحوكمة، وفي مؤتمر “القمة العالمية” لعام 2005 اتفق الحضور من رؤساء دول وحكومات على اتفاقيات لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مع التأكيد على التزام الدول بمكافحة الفساد وتطبيق الشفافية والمساءلة القانونية، وأكدت القمة في نسختها لعام 2010 على أهمية الترتيبات المؤسسية في الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمكافحة الفقر والجوع.

أُنْموذَج دولة الإمارات ومصر في الحوكمة

عملت دول أخرى مثل الإمارات ومصر على تطبيق الحوكمة، ما ساهم في دورهما في مكافحة التطرف إقليمياً ودولياً.

تعمل الإمارات على توجيه المؤسسات الحكومية للالتزام بتطبيق الحوكمة، والرقابة عليها في تطبيق الشفافية والمسؤولية والنزاهة، من أجل تحقيق الجودة لجميع أصحاب المصالح، ما سمح لها أن تمتلك تجربة رائدة في مكافحة التطرف، عبر وضع سياسات وقائية وتأصيل مفاهيم التسامح والتعايش في المجتمع.

وضعت الإمارات آليات تسمح بالتبادل الفوري للمعلومات وتفعيل الحوكمة الأمنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل التنظيمات الإرهابية، ومن هنا دعت الأمم المتحدة في 2018 لإنشاء تحالفات استراتيجية لتعزيز مكافحة الخطاب المتطرف دولياً، واستضافت في 2017 المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني، لحشد اهتماماً دولياً لمواجهة التهديدات الإرهابية عبر الفضاء الإلكتروني.

تتعاون مصر مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لدعم مشروع الحوكمة الاقتصادية ومكافحة الفساد ودعم التحول الرقمي للقطاع العام، لتطبيق الشفافية والكفاءة والمساءلة لدى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وخلق بيئة أكثر تنافسية بين القطاعين العام والخاص لتحسين جودة الخدمات.

تسهم الحوكمة الاقتصادية في مصر، في تعزيز الاستثمارات والتنمية في شمال سيناء، وبالتوازي مع إطلاق العملية الشاملة في سيناء في فبراير 2018، ربطت مصر بين المقاربة الأمنية وجهود التنمية لمكافحة الإرهاب على مدار الأعوام الأخيرة، حيث بلغت تكلفة المشاريع في سيناء (700) مليار جنيه مصري في ( 8) سنوات.التطرف ـ خريطة الجماعات المتطرفة في إفريقيا وملامح التطرف

تداعيات غياب مفهوم الحوكمة

تدريجياً دخلت الحوكمة الأمنية حيز التنفيذ مع اقتناع الحكومات بتصاعد التهديدات الأمنية، المتعلقة بزيادة الهجمات الإرهابية منذ 11 سبتمبر 2001، وتعتمد الحوكمة الأمنية على (3) عناصر رئيسية، هي: مؤسسات الدولة المتمثلة في الجهات الاستخباراتية وقوات إنفاذ القانون، والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف نشر ثقافة الحوكمة داخل الإدارات المختلفة وبين فئات المجتمع.

اعتمدت المقاربات الأمنية في أوروبا لمكافحة الإرهاب في العقد الماضي، على اعتقال المشتبه بهم والإجراءات الأمنية المشددة لمنع وقوع أي هجمات إرهابية محتملة، وفي الوقت نفسه أغفلت معالجة الأسباب الجذرية وراء نشاط التطرف وتمدد التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة.

بينما سمحت الحوكمة الأمنية العامين الماضيين، باتخاذ بعض دول أوروبا إجراءات تتبع أموال الإرهاب ومكافحة نشاط المتطرفين عبر شبكة الإنترنت، ومتابعة مدى تنفيذ خطط دمج المسلمين والمهاجرين في المجتمع الأوروبي، وسد الفجوة بين منح الأشخاص فرص متساوية في التعليم والعمل، وتعزيز الخطط الأمنية وقدرات الأجهزة المنوطة بتنفيذها.

تفتقد بعض الدول في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط تطبيق هذه الاستراتيجية في مكافحة الإرهاب، لغياب الثقة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، الأمر الذي يؤثر سلباً على تنفيذ مفهوم الحوكمة الأمنية ويزيد من فرص تمدد الإرهاب.محاربة التطرف ـ ما هي علاقة التنمية المستدامة بالتطرف والإرهاب؟

الإرهاب وغياب الحوكمة

إفريقيا

أصبحت القارة الإفريقية بؤرة مهيئة لنشاط التنظيمات المتطرفة في مقدمتها داعش والقاعدة، مع استمرار الصراعات السياسية وهشاشة الوضعين الأمني والاقتصادي.

جاءت إفريقيا في صدارة القارات الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية لعام 2023، ونشطت حركة الشباب الصومالية في منطقة القرن الإفريقي، وتمدد وجودها من الصومال إلى كيينا وإثيوبيا، مستغلة حالة الفوضى السياسية والضعف الأمني لتصعد من عملياتها ضد العسكريين والمدنيين في إفريقيا، ومع تزايد المنافسة بين تنظيمي داعش والقاعدة في إفريقيا كثف داعش من وجوده في شمال شرق الصومال.

تعد منطقة غرب إفريقيا من المناطق التي تشهد نشاطاً ملحوظاً للتنظيمات المتطرفة، حيث ينتشر داعش والقاعدة في بنين ونيجيريا وكوت ديفوار وبوركينا فاسو ومالي وتوجو، خاصة مع احتمالية تفكك مجموعة الساحل، واستمرار الصراعات السياسية وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

احتلت السودان المرتبة الأولى في مؤشر الإرهاب خلال الربع الثاني من عام 2023، بواقع (45) عملية إرهابية، وهي الفترة نفسها التي اندلعت فيها اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم.

جاءت الصومال في المرتبة الثانية من حيث العمليات الإرهابية في 2023، بواقع (33) هجوم إرهابي، وتصدرت منطقة الساحل الإفريقي في عام 2022 المناطق الأكثر تضرراً من الإرهاب، وكثف داعش ومن بعده حركة الشباب الصومالية الهجمات، ما أدي لزيادة معدلات الإرهاب بنسبة تجاوزت (200%) مقارنة بعام 2007.

سجلت الصومال المركز الثالث في مؤشر الإرهاب لعام 2022 عالمياً، لارتفاع هجمات حركة الشباب الصومالية في شرقي إفريقيا، ووصلت نسبة ضحايا حركة الشباب بإفريقيا (93%) من إجمالي هجماته بالقارة، التي بلغت (784) هجمة في 2022، ووصل عدد ضحايا الحركة في الصومال (23%) من هجماته.

احتلت بوركينا فاسو صدارة الدول، التي سجلت أكبر عدد من الضحايا في العمليات الإرهابية في 2022، بنسبة (17%) من إجمالي ضحايا الإرهاب عالمياً، ووصلت عدد العمليات الإرهابية بها إلى (310) عملية.

شهدت بوركينا فاسو ومالي في 2022 أكبر عدد من الهجمات، التي لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنها، وسجلت الدولتان (73%) من نسبة ضحايا الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، و(52%) من ضحايا إفريقيا جنوب الصحراء. كما أن نشاط داعش الملحوظ في وسط إفريقيا، أدى إلى احتلال الكونغو المرتبة (14) في مؤشر الإرهاب لعام 2022.محاربة التطرف ـ العلاقة مابين تغير المناخ والتطرف؟

الشرق الأوسط

جاءت كلاً من سوريا والعراق واليمن في صدارة الدول التي تعرضت لعمليات إرهابية خلال 2023، وشهدت اليمن (53) عملية إرهابية لذا جاءت في المرتبة الثانية من حيث الهجمات الإرهابية، نظراً لما تشهده من عدم استقرار سياسي منذ نحو (12) عاماً، وأصبحت نقطة ارتكاز لتنظيم القاعدة وتحديداً في محافظتي أبين وشبوة في 2022.

تقاسمت سوريا مع اليمن الترتيب وبنفس عدد الهجمات الإرهابية، ونسبت نحو (6) عمليات لداعش. وفي الربع الثاني من 2023 تصاعدت الهجمات، حتى سجلت الفترة من يناير 2023 إلى أغسطس 2023 (106) هجوماً في مناطق دير الزور والبادية السورية والشمال السوري.

استمرار الأزمات السياسية في العراق انعكس على مؤشر الإرهاب في 2023، واحتل المرتبة الرابعة بواقع (26) عملية إرهابية، وتبنى داعش (4) عمليات منها. وتتصاعد المخاوف من عودة داعش لمعاقله السابقة في سوريا والعراق لوجود ما بين (5- 7) آلاف عنصر هناك.

تتوالى التحذيرات من تحول ليبيا لبؤرة إرهاب، بعد أن جاءت في المرتبة الخامسة في مؤشر الإرهاب بمعدل (7) عمليات، وفي ظل بقاء المجموعات المسلحة واستمرار حالة الانقسام بين الأطراف السياسية.

آسيا

تنامى وجود التنظيمات الإرهابية مع وصول طالبان إلى الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021، وشهدت منطقة جنوب آسيا مثل باكستان وأفغانستان والهند، تصاعد للإرهاب من قبل داعش والقاعدة في 2023، وكثف داعش من وجوده في جنوب شرق آسيا (سنغافورة وماليزيا وفيتنام والفلبين)، بدعاية إعلامية لاستقطاب عناصر جديدة.

ظلت أفغانستان في الفترة من 2019 إلى 2022 تتصدر مؤشر الإرهاب العالمي، حيث انتشر الإرهاب في (26) مقاطعة من أصل (34)، وشهدت كابول أكبر عدد من التفجيرات، وأسفرت الهجمات في 2022 عن (434) قتيل.

تقييم وقراءة مستقبلية

– تمثل الحوكمة في سياسات الدول نقطة رئيسية، في وضع المقاربات الأمنية لمكافحة الإرهاب، لاسيما وأنها تعتمد على وضع آليات وأسس لعمل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إضافة إلى حوكمة الخطط الأمنية بشكل يهدف إلى وضع إجراءات استباقية لمنع تمدد التطرف.

– يعتمد نجاح الحوكمة الأمنية في قدرتها على تحقيق التوازن بين الأمن، ومواجهة التهديدات الإرهابية والمخاطر المحتملة من جراء انتشار التطرف، والحفاظ على حقوق الإنسان وضمان توفير بيئة آمنة للمواطنين.

– تعول التنظيمات الإرهابية على الفوضى السياسية وضعف الحكومات لتتمدد، إذ استغل تنظيم داعش الوضع في دول الساحل الإفريقي لفرض وجوده هناك، ما أدى لزيادة الهجمات الإرهابية لتصاعد حدة التنافس مع تنظيم القاعدة والحركات الإرهابية المنبثقة عنه.

– إن نشاط الجماعات المتطرفة، يعد نتيجة غياب الإجراءات الأمنية الاستباقية والوقائية، وافتقاد المؤسسات الحكومية لمفهوم الحوكمة، ويعد العراق نموذجاً لهذه الحالة، ونظرا لسنوات الحروب التي مرت بها العراق على مدار أعوام 1990 و2003 وحتى هزيمة داعش في ديسمبر 2017، واضطراب الوضع السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة، لم يتمكن العراق من تطبيق أسس الحوكمة الأمنية لمواجهة الإرهاب.

–  مرت سوريا منذ 2011 بفترات اضطراب سياسي ومن ثم أمني واقتصادي، ما سمح بظهور التنظيمات المتطرفة ووقوع عمليات إرهابية، لاسيما مع بقاء خلايا تنظيم داعش في السجون والمخيمات السورية حتى اليوم. وعاد داعش بقوة لسوريا في 2022 و2023 مستغلاً استمرار حالة الانقسام السياسي، وانشغال الدول الكبرى عن سوريا بحكم المتغيرات الجيوسياسية عالمياً واندلاع الحرب الأوكرانية، ما أدى لتأزم المشهدين الأمني والاقتصادي وعرقلة أي جهود لإعادة إعمار المدن السورية المحررة من داعش.

– يعد الحال في السودان نموذجاً إلى أن الصراعات السياسية، تهيئ المناخ لنمو الإرهاب، لذا انطلقت الدعوات الدولية لتهدئة الوضع هناك، تجنباً أن تتحول السودان بؤرة للإرهاب، ما يهدد أمن دول الجوار ويتيح الفرصة للتنظيمات الإرهابية في إفريقيا للتمدد بشكل أوسع، خاصة وأن تنظيم داعش الآن في مرحلة البحث عن معاقل بديلة له بعد خسارته الأرض في العراق وسوريا ما بين عامي 2017 و2019.

– التحولات الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية الراهنة، تفرض على الدول تطبيق الحوكمة لمواجهة التحديات الاقتصادية والعسكرية والسياسية المقبلة، وتظهر أهمية الحوكمة في وضع أسس لمكافحة الفساد وتطبيق الشفافية وتحقيق المساءلة وتعزيز التعاون بين كافة مؤسسات الدولة.

رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=90957

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

Governance and development Thematic Think Piece UNDESA, UNDP, UNESCO
https://bit.ly/3PhhLtn

بتكتيك “الذئاب المنفردة”.. ما دلالات عودة عمليات تنظيم الدولة في سوريا؟
https://bit.ly/3Rmi8p0

Democracy and Governance
https://bit.ly/44S4flO

What is the Global Terrorism Index?
https://bit.ly/3Psuvh0

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...