الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الهجرة واللجوء في ألمانيا، ملف يٌثير الكثير من الانقسامات (ملف)

الهجرة واللجوء في ألمانيا
أكتوبر 10, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات

يمكن تصفح الملف pdf  ملف الهجرة واللجوء في ألمانيا يثير الكثير من الانقسامات

يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع الهجرة واللجوء في ألمانيا، والانقسامات داخل احزاب البرلمان والحكومة الإئتلافية حول ملف الهجرة، بالإضافة إلى استثمار اليمين المتطرف لملف الهجرة من أجل كسب شعبية متزايدة، ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. الهجرة في ألمانيا ـ انقسام وخلافات داخل الأحزاب والحكومة
  2. الهجرة في ألمانيا ـ ملف بات يٌهدد الحكومة الائتلافية
  3. اليمين المتطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل AFD ملف الهجرة؟

1- الهجرة في ألمانيا ـ انقسام وخلافات داخل الأحزاب والحكومة

أصبحت الهجرة قضية رئيسية في السياسة الألمانية، حتى أن الأحزاب الرئيسية حثت على اتخاذ إجراءات عاجلة، لمعالجة العدد المتزايد من طلبات اللجوء، ومعالجة التأثيرات الناتجة عنها على جميع القطاعات الألمانية لا سيما الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن الوصول لحلٍّ لتوزيع وتوفير الرعاية والإقامة. جاءت هذه الدعوات وسط تنامي شعبية لحزب البديل من أجل ألمانيا، وبالتزامن مع اتهامات المستشار الألماني “أولاف شولتس” بولندا بمنح تأشيرات دخول مقابل أموال، وانتقاد الحكومة الألمانية أيضاً للحدود الأوربية المفتوحة.

عدد طالبي اللجوء في ألمانيا

سجل عدد طالبي اللجوء في ألمانيا رقماً قياسياً جديداً عام 2022، إذ وصل إلى نحو (1.14) مليون طالب لجوء جديد العام 2022. وأتى أغلب هؤلاء من أوكرانيا، حسب الإحصائيات في 30 مارس 2023. ومن أصل (1.14) مليون طالب لجوء جديد تم تسجيلهم العام 2023، جاء (1.01) مليون منهم من أوكرانيا. وبالإضافة إلى هؤلاء كان هناك في ألمانيا حتى نهاية 2022 حوالي (2.1) مليون لاجئ مسجلين لدى “بامف”، في المقدمة اللاجئون السوريون (674 ألف) ثم الأفغان (286) ألف يليهم العراقيون (211) ألف والأتراك (101) ألف.

تظهر الإحصائيات في 11 يناير 2023 أنه منذ بداية يناير2022 وحتى نهاية ديسمبر2022، سعى (217774) شخصًا للحصول على الحماية في ألمانيا. وهذا يمثل زيادة بأكثر من (47%) مقارنة بالعام 2021، والذي تم فيه تقديم (145233) طلباً للجوء. وجاء معظم الذين طلبوا الحماية العام 2022 من سوريا (70976) وأفغانستان (36358) وتركيا (23938) والعراق وجورجيا. وإن (24791) من هذه الطلبات الأولية تتعلق بالأطفال المولودين في ألمانيا دون سن عام واحد.

قوبلت مطالبات “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” في 22 أغسطس 2023، بـ”فرض قيود أكثر صرامة على الهجرة إلى ألمانيا، وإن هذا يجب أن يحدث على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”، بانتقادات في الائتلاف الحاكم الألماني. ردت أصواتا في الائتلاف الحاكم، الذي يضم “الحزب الاشتراكي الديمقراطي ـ  SPD” بإن العزلة على المستوى المحلي، والظروف غير المنظمة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ليست بديلاً.

دعوات لتسهيل عمليات الترحيل

اقترحت السلطات الألمانية على السلطات الأوروبية “إصلاح” نظام اللجوء الأوروبي بشكل يسمح لها بالبتّ في طلبات اللجوء في مراكز احتجاز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ويعطي لهذه السلطات صلاحيات منع اللاجئين من دخول الأراضي الأوروبية في حال رفضت طلبات لجوئهم وترحيلهم إلى بلدان “ثالثة آمنة”. ترمي هذه الخطة إلى إقامة مراكز “ترانزيت” يُعتبر اللاجئ فيها من الناحية القانونية خارج الأراضي الأوروبية ، وهذا يعني عدم قدرته على الطعن في قرار رفض طلب لجوئه إلا مرة واحدة وفي عجالة.

حث “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU”، على تصنيف دول إضافية كـ”دول آمنة” من أجل تسهيل عمليات الترحيل إليها في الثالث من سبتمبر 2023. ويرجع السبب إلى ذلك، إن الحق الأساسي في اللجوء له حدود عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بالأسباب الفعلية للجوء، وأن بعض البلدان كـ”مولدوفا وجورجيا وتونس والمغرب والجزائر والهند” هي دول منشأ بمعدلات اعتراف ضعيفة من حيث اللجوء، ويجب الاعتراف بهذه الدول كدول منشأ آمنة كاملة، حتى يتمكن من الترحيل الفوري، بالإضافة إلى أن البلديات لم تعد قادرة على تحمل الأعباء المترتبة عن ذلك، ويتعين على الحكومة الاتحادية التحرك وأخذ هذا الأمر على محمل الجد.

يمكن للحكومة الفيدرالية والمقاطعات أن تقرر وضع ضوابط دائمة على الحدود مع الدول المجاورة والمساعدة في تشديد المراقبة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في العاشر من مايو 2023. ومن المقرر أن تتخذ السلطات الألمانية قراراً بتشديد قواعد الهجرة بحيث تعزز الرقابة على الحدود وتسهل عمليات الطرد، بالإضافة إلى تسهيل عمليات الترحيل عبر إنشاء “مراكز وصول” للاجئين حيث يتم النظر في طلباتهم، وقد يمدد مدة الحجز في حال مخالفة حظر الدخول أو الإقامة.

اتخاذ إجراءات للحد من الهجرة غير القانونية

دعا “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” الحكومة الفيدرالية في 29 سبتمبر 2023 إلى اتخاذ إجراءات للحد من الهجرة غير القانونية، والتدقيق في عوامل الجذب الموجودة في ألمانيا، التي تؤدي إلى قدوم أكثر من (30%) من طالبي اللجوء من جميع أنحاء العالم نحو أوروبا واختيارهم ألمانيا. يرى “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” أن طالبي اللجوء يحصلون على مزايا كثيرة، ويحصلون على رعاية طبية كاملة، كما أنهم يستفيدون من الخدمات الطبية، وأن الألمان لايتمكنون من الرعايا الطبية اللازمة والكاملة.

اعترضت “نانسي فيزر” وزيرة الداخلية الألمانية على تلك المطالبات، وأكدت أن “أي شخص يتحدث بهذه الطريقة يحرض الناس ضد بعضهم البعض وهذا يشجع أفكار حزب البديل”. أضافت “نانسي فيزر”، “لدينا تحديات كبيرة، ويجب ألا نساهم في انقسام المجتمع. لا يمكن لطالبي اللجوء الذهاب إلى طبيب الأسنان إلا في حالات الطوارئ، أي إلا إذا كانت هناك مشكلة حقيقية”. الهجرة ـ تٌثير الكثير من الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي

حصلت ألمانيا على تنازلات تتيح الدعم على إصلاح سياسة الهجرة في 28 سبتمبر 2023، بعد أن امتنعت عن دعم مسودة سابقة اعتبرتها قاسية للغاية بالنسبة لبعض فئات المهاجرين، حيث أبدتا بولندا والمجر معارضتهما للمسودة الجديدة في اجتماع بروكسل، وشملت التغييرات التي تم إدخالها للحصول على موافقة ألمانيا التأكيد على إعطاء الأولوية للعائلات والأطفال عند وصولهم بشكل غير قانوني إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، وعدم تشديد معايير قبول طالبي اللجوء.

الحاجة إلى هجرة كفاءات هادفة للعمل

أكد “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” أن ألمانيا بحاجة لفترة راحة من هجرة اللاجئين التي لا تخضع لأي سيطرة، ومن وجهة نظر الحزب أن التجربة أظهرت أن السلطات لا يمكنها الحدّ من أعداد المهاجرين، وأن هناك حاجة لإصدار إشارة واضحة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أن إدماج اللاجئين الذين يعانون صدمات جراء الحروب في المجتمع الألماني وفي سوق العمل، يحتاج الكثير من الوقت والموارد فضلاً عن أن عمليات الدمج لن تنجح، ما لم يتراجع عدد طالبي اللجوء إلى حد كبير. شدد الحزب على الحاجة إلى هجرة كفاءات هادفة للعمل، وأن يكون عدد اللاجئين الذين تستقبلهم أوروبا سنويًا ما بين (300 ـ 500) ألف لاجيء، يُوزّعون على دول الاتحاد.

أقر البرلمان الألماني، في 23 يونيو 2023 قانوناً يسهل قواعد الهجرة للعمال المهرة، وصوّت مشرعو الائتلاف الحاكم لصالح تغييرات قانونية مخصصة لتسهيل حصول العمال المهرة الأجانب على عمل في ألمانيا. بموجب التشريع يكون هناك نظام نقاط يأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل المهارات والتعليم والمهارات اللغوية، ويتم أيضاً الاعتراف بالمؤهلات المهنية الأجنبية. أزمة أوكرانيا – تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، أزمة إنسانية ومعايير مزدوجة

انتقادات لمشروع قانون “التجنيس” في ألمانيا

جنست ألمانيا ( 168.545) شخصاً من (171) جنسية مختلفة العام 2022. أكد المكتب الاتحادي للإحصاء في “فيسبادن” إن ذلك كان أعلى بنسبة (28 %) مقارنة بالعام الذي سبقه (2021). لم يسجل مثل هذا العدد الكبير من المواطنين الجدد في ألمانيا منذ (20) عاماً. شكل السوريون (29%) من المجنسين العام 2022، فقد بلغ عددهم (48300) شخص، ويتبع السوريون الأوكرانيون بزيادة (3700) عن العام 2021، والعراقيون بزيادة (2400) شخص، والأتراك بزيادة (2000) شخص.

انتقد “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” تقديم الحكومة الاتحادية إصلاحات خاصة بالتجنيس في خضم أزمة الهجرة واللجوء، واعتبر أن مشروع القانون يلحظ تطبيق إجراءات مرنة ويقدم تسهيلات في عملية التجنيس، ما يخلق مزيداً من الحوافز للهجرة غير المنضبطة. تقول “أندريا أندهولز” العضو في “الحزب الديمقراطي المسيحي CDU” أن “التجنيس يجب أن يحصل في نهاية الاندماج الناجح، وليس في بدايته”.

كانت قد قدمت السلطات الألمانية مشروع قانون جديد للبرلمان لتقليل العقبات التي تهدف إلى تكريس مفهوم الحكومة، التي تعتبر أن الوقت قد حان كي تقبل البلاد، على غرار غالبية الدول الأوروبية، أعدادا أكبر من حاملي جنسيات متعددة في 14 يوليو 2023. ترى الحكومة الألمانية أن القانون سيتيج للمهاجرين الحصول على الجنسية بعد خمس سنوات فقط من الإقامة في ألمانيا، بعدما كان الحد الأقصى بالسابق ثماني سنوات، وفي حال تحقيق شروط ” الاندماج” عبر تحقيق إنجازات مهنية ودراسية متميزة أو العمل التطوعي، يمكن تخفيض الفترة إلى ثلاث سنوات. ملف: الهجرة واللجوء تثير الإنقسام داخل الاتحاد الأوروبي

**

2- الهجرة في ألمانيا ـ ملف بات يٌهدد الحكومة الائتلافية

أدى العدد المتزايد من طلبات اللجوء في ألمانيا ، خصوصاً بعد شكاوى البلديات والولايات بسبب عدم قدرتها على استيعاب اللاجئين، إلى إحياء الجدل السياسي داخل الائتلاف الحكومي الألماني – المكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) والحزب الديمقراطي الحر (FDP) وحزب الخضر (Greens) – حول سياسة الهجرة في الاتحاد الفيدرالي، ما يهدد من تماسك الحكومة الائتلافية.

تحذيرات متزايدة من خطر تدفق اللاجئين

تتزايد التحذيرات الدراماتيكية من الازدحام باللاجئين من الولايات والبلديات الألمانية. وبحلول نهاية أغسطس 2023، كان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين قد سجل أكثر من مئتي ألف طلب لجوء أولي – بزيادة قدرها (77%) مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022. بالإضافة إلى ذلك، نتيجة للحرب العدوانية الروسية، طلب أكثر من مليون أوكراني الحماية في ألمانيا الذين لا يتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على اللجوء بمستوى وصل لأكثر من ثلث جميع الطلبات داخل الاتحاد الأوروبي.

الأرقام المتزايدة رفعت درجة الإنذار داخل الائتلاف الحاكم الذي يتكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) من يسار الوسط والحزب الديمقراطي الحر (FDP) وحزب الخضر (Greens) ويقوده المستشار أولاف شولتس وهو ديمقراطي اشتراكي. قال المستشار الاتحادي أولاف شولتس: “عدد الأشخاص الذين يأتون إلينا أكبر بكثير مما يمكن التعامل معه بسهولة”. واعتبر الرئيس فرانك فالتر شتاينماير أن ألمانيا بلغت الحد الأقصى لاستيعاب اللاجئين، وحذر من أن ألمانيا “على وشك الانهيار”. فيما تحدث نائب المستشار ووزير الشؤون الاقتصادية المنتمي لحزب الخضر روبرت هابيك عن “تحد كبير للبلاد” في مؤتمر مع رؤساء البلديات ومديري المقاطعات واعترف بالقول “لحماية حق اللجوء، يجب علينا قبول الواقع وحل المشاكل الملموسة حتى إذا كان ذلك يتطلب اتخاذ قرارات أخلاقية صعبة أحياناً”.، وأضاف. “إذا كنا لا نريد أن تستغل الشعبوية اليمينية هذه القضية، فإن جميع الأحزاب الديمقراطية ملزمة بالمساعدة في إيجاد حلول”. الهجرة واللجوء ـ ما تداعياتها على أمن ألمانيا

 موقف حزب الخضر من الهجرة واللجوء – تغيير وحلول براغماتية

إن التحول الأخير في موقف حزب الخضر  (Greens) في ألمانيا فيما يتعلق بالمهاجرين مثير للدهشة، نظراً لتوجههم الليبرالي تاريخياً والمؤيد للمهاجرين. وقد عُرف الحزب بدعمه للسياسات الداعمة للمهاجرين.

اقترح حزب الخضر في الانتخابات الفيدرالية لعام 2017 خطة لزيادة الهجرة إلى ألمانيا ، بما في ذلك إدخال مخطط “بطاقة المواهب” المصمم لجذب المزيد من المهاجرين. كما شددوا على تسهيل الهجرة من خلال البرامج الجامعية والتدريب المهني ومبادرات التطوير المهني، التي تهدف إلى مساعدة طالبي اللجوء وذوي حقوق الإقامة المقيدة في الحصول على تصاريح إقامة متعلقة بالعمل.

انتقد الحزب بشكل خاص العقبات البيروقراطية في إدارة الهجرة، ودعا إلى تبسيط العمليات لتسريع الهجرة. ودعا إلى تحسين ظروف المعيشة في المناطق الآمنة الخاصة باللاجئين، فضلاُ عن توظيف أعداد أكبر من الموظفين في المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين للإسراع في البت في طلبات اللجوء. ومن ضمن الأمور الهامة التي ركز عليها الحزب أيضاُ الحد من عمليات ترحيل اللاجئين إلى أفغانستان.

لُوحظ لاحقاً، أن هناك انعكاس ملحوظ في موقفهم، حيث يدعون الآن إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة. إذ أكد رئيس حزب الخضر السابق يواكيم غاوك أن التدابير التي تم تنفيذها حتى الآن لم تكن كافية لمعالجة الفقدان الواضح للسيطرة على الوضع. وقد دعا غاوكإلى اعتماد “استراتيجية تقييد” لتقليل عدد طالبي اللجوء، حتى لو كان ذلك ينطوي على تدابير غير مستساغة في البداية . هذا التحول هو خروج كبير عن موقفهم السابق المؤيد للمهاجرين ويؤكد على الديناميات المتطورة المحيطة بقضية الهجرة في ألمانيا.

إشكالية تصنيف البلدان الأمنة

يدفع الحزب الديمقراطي الحر (FDP) في اتجاه تصنيف المزيد من البلدان كدول “منشأ آمنة”، وكذلك وزيرة الداخلية المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي نانسي فيزر، بيد أن الحزب الثالث الشريك في الائتلاف الحاكم، حزب الخُضر، هو الوحيد من يمانع.

والمقصود بالأوطان الآمنة هي الدول التي يُفْتَرَض أنه لا يوجد بها في الحالة العادية اضطهاد ولا معاملة مهينة ولايوجد تهديد إلى أمن الأشخاص المرحلين، ومن ثم فإن الأجنبي المنحدر من هذه الدول والراغب في اللجوء إلى ألمانيا لا يتهدده أي ضرر خطير في بلاده في حال عودته إليها. ويسري هذا التصنيف في الوقت الراهن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وغانا والسنغال والبوسنة والهرسك وصربيا ومقدونيا الشمالية وألبانيا وكوسوفو ومونتينغرو. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الائتلافية، تعتزم إدراج مولودوفا وجورجيا، على الأقل، ضمن قائمة الأوطان الآمنة، وكان مجلس الوزراء الألماني أقر مشروع قانون بهذا الخصوص في 30 أغسطس 2023.

ويرى الرئيس المشارك في حزب الخضر أوميد نوريبور، أن مفهوم البلدان الأصلية الآمنة مفهوم خاطئ: “لا نعتقد أن هذا سيحل أي مشاكل. وفي الوقت نفسه، سيعطي التصنيف حجة مجانية للدول المصنفة، التي ستأتي بعد ذلك وتجادلنا بأن وضع حقوق الإنسان فيها غير إشكالي”. وبالفعل يعارض حزب الخضر مسعى تصنيف دول المغرب العربي “دول آمنة”، وخاصة في الجزائر، الذي يرى الحزب، أن وضع حقوق الإنسان فيها “إشكالي” للغاية”.  فيما يريد الحزب الديمقراطي الحر (FDP) إقناع شركائه في الائتلاف بإعلان المغرب وتونس والجزائر بلدانا “آمنة” للمنشأ، مما سيسهل إعادة طالبي اللجوء من تلك البلدان إلى ديارهم.

وقد هاجم الأمين العام  للحزب الديمقراطي الحر الشريك بالإئتلاف الحاكم بيجان جير ساراي الخضر مباشرة: “سواء في الإصلاحات على المستوى الأوروبي أو في تصنيف بلدان المنشأ الآمنة: يشكل الخضر خطرا أمنيا على البلاد في سياسة الهجرة ويجعلون من الصعب تحقيق عمل حكومي متسق وحلول عبر الأحزاب من خلال مواقف غير واقعية” . الهجرة ـ ميثاق اللجوء الألماني ـ الأوروبي يلوح في الأفق

الاعتراض على مرسوم الأزمات في التعديل المزمع لقانون اللجوء الأوروبي

يخطط الاتحاد الأوروبي لإجراء إصلاح كبير لقوانين اللجوء. وتشمل هذه التدابير، التي تأتي استجابة للتدفق المفاجئ لطالبي اللجوء، مرسوم الأزمات الذي يهدف إلى إتاحة تمديد فترة احتجاز المهاجرين في ظروف تشبه السجن في حال حدوث ارتفاع قوي للغاية في حركة الهجرة. كما يمكن أيضاً عن طريق هذا المرسوم توسيع دائرة الأشخاص الذين يمكن إخضاعهم للإجراء الصارم المزمع تطبيقه والمتعلق بفحص طلبات لجوئهم عند الحدود الخارجية للتكتل.

يعدّ إصلاح اللجوء موضوعاً مثيراً للجدل داخل الحكومة الائتلافية الثلاثية في ألمانيا. ويأتي حزب الخضر في طليعة المعترضين على المقترحات الخاصة بهذا المرسوم، ويرجع ذلك إلى أسباب من بينها التخوف من أن يتيح هذا القانون لدول الاتحاد الأوروبي إمكانية تخفيض معايير الحماية للأشخاص المعنيين على نحو غير مقبول وذلك في حال حدوث ارتفاع قوي للغاية في حركة الهجرة. وأصر نوريبور على أن الإصلاحات يجب أن تحترم القانون الحالي. وهذا يعني، على سبيل المثال، أنه يجب تطبيق اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية اللاجئين لعام 1951، وأنه يجب احترام قانون البحار الدولي. وقال: “هذا يعني أنه يجب عدم تقييد الإنقاذ البحري”.

وكان زعيم حزب الخضر الألماني أوميد نوريبور قد قال في 28 سبتمبر 2023 إنه يعتقد أنه ينبغي التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح اللجوء، لكن ليس بأي ثمن. وتابع نوريبور أن المسودة الحالية لقانون الأزمة ستؤدي إلى قيام الولايات “ببساطة بنقل الناس إلى ألمانيا”. ووصف المشروع بأنه “تنظيم فوضوي” لألمانيا. وقال: “يحتوي قانون الأزمة على مقاطع تشبه عصا الديناميت وراء جميع اللوائح الموجودة في بقية الإصلاح”.

لكن المستشار أولاف شولتس، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي (FDP) حسم الأمر وقرر أن ألمانيا لن تستخدم حق النقض ضد خطط الاتحاد الأوروبي. وخلال اجتماع وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في بروكسل في 28 سبتمبر 2023 “سنفي بمسؤوليتنا اليوم رغم استمرار الحاجة إلى إجراء تغييرات وإلى ما هو أبعد من ذلك”.

انتقاد إجراء فحص الضوابط الحدودية الثابتة

أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في 23 سبتمبر 2023أن برلين ستدرس إنشاء نقاط تفتيش حدودية ثابتة لاحتواء الهجرة غير الشرعية التي تمر عبر بولندا وجمهورية التشيك. وقالت فيزر: “إن نقاط التفتيش هذه يمكن أن تشكل وسيلة «لمكافحة جريمة تهريب (المهاجرين)، بطريقة أكثر صرامة” وأضافت: “تحقيقاً لهذه الغاية، قمنا بالفعل بزيادة وجود الشرطة الفيدرالية بشكل كبير على الحدود البولندية والتشيكية”

بينما يرى هاسلمان الزعيم المشارك لحزب الخضر في برلين إن الضوابط الحدودية الثابتة “ليست الإجابة المقنعة”. وإذا تم نشر الشرطة الاتحادية، المسؤولة عن حماية الحدود، في كل مكان، فسيتعين سحب الأفراد من مواقع أخرى. ولذلك، لا يمكن أن يكون السبيل لإقامة ضوابط حدودية ثابتة في كل مكان.

جدل حول حقوق تصويت اللاجئين

قوبلت فقرة في البيان الانتخابي لنانسي فايسر – وزيرة الداخلية الألمانية من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) – حول الحق في التصويت في الانتخابات المحلية للأجانب بعد ستة أشهر فقط  بالكثير من الانتقادات. وقد نصت على ما يلي: “نريد أن نعمل بجد على المستوى الفيدرالي وفي البوندسرات لضمان أن جميع الأشخاص الذين يعيشون في بلديات هس لأكثر من ستة أشهر لديهم الحق في التصويت في الانتخابات المحلية”. وبالتالي، فإن المشاركة في القرار أيضا لطالبي اللجوء المعترف بهم وغيرهم من المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.

أثار هذا التغيير المخطط له في القانون الانتخابي المحلي على الفور انتقادات من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي / الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر وحزب البديل من أجل ألمانيا.  كما جاءت الانتقادات من نائب المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر كونستانتين كوهلي. وقال: “يجب أن يظل حق التصويت مرتبطاً بالجنسية الألمانية، فقط أولئك الذين يعيشون بشكل دائم في ألمانيا ويستوفون متطلبات التجنس يجب أن يمنحوا الحق في التصويت”. ووصف رئيس وزراء بافاريا ماركوس سودر مبادرة فايسر بأنها “فكرة سخيفة، ما نحتاجه هو تقييد فعال للهجرة غير المنضبطة وليس تمديداً لحق التصويت”. دفعت هذه الانتقادات الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) للتراجع بالقول أنه كان ينبغي أن يكون ست سنوات بدلاً من ستة أشهر. كان هناك “خطأ غبي”.

دعوات لطرد الخضر من الائتلاف

خاطب زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرز المستشار الألماني في مؤتمر حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي حول تبني ميثاق هجرة جدد  قائلاً: “دعونا نفعل ذلك معاً، وإذا لم تتمكن من فعل ذلك مع الخضر ، فقم بطردهم ، ثم سنفعل ذلك معك”. ومن غير المرجح أن يكون التلميح الخفي لاحتمال حدوث انفصال في الحكومة قد جذب المستشار. الهجرة في ألمانيا ـ انقسام وخلافات داخل الأحزاب والحكومة

**

3- اليمين المتطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل AFD ملف الهجرة؟

تدفق هائل من المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص في الفترة الأخيرة، بنفس القدر الذي شهدته الحدود الأوروبية خلال عامي 2015 و2016، ما يزيد الضغوط على الحكومات الأوروبية وفي مقدمتها الحكومة الألمانية للتعامل مع معضلة الهجرة واللجوء، مع تباين المواقف داخل التكتل الأوروبي وفي مقدمته الموقف الإيطالي من جهة، وداخل الأوساط السياسية في ألمانيا من جهة أخرى، حيث تستغل أحزاب اليمين المتطرف في ألمانيا هذا الملف كورقة ضغط على الحكومة لانتقاد سياساتها، وكبوابة لاستقطاب أصوات ناخبين في انتخابات البرلمان والبلديات، خاصة وأن معاداة المهاجرين أساس عقيدة اليمين المتطرف في ألمانيا.

موقف ألمانيا من الهجرة واللجوء

سجلت ألمانيا أكثر من (204) آلاف طلب لجوء منذ يناير 2023 وحتى نهاية أغسطس 2023، بزيادة تقدر بنحو (77%) عن عام 2022، إضافة إلى (1.1) مليون لاجئ أوكراني استقروا في ألمانيا منذ بداية الحرب الأوكرانية.

امتنعت ألمانيا في يوليو 2023 عن التصويت على ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد، الذي يتضمن تقاسم دول الاتحاد الأوروبي مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، ودفع الدول الرافضة للمشاركة في هذه الآلية (20) ألف يورو عن كل مهاجر للدولة المستقبلة له، وتسريع البت في طلبات اللجوء مع غير المؤهلين للحصول على هذه الصفة كتمهيد لترحيلهم.

أعلنت ألمانيا تشديد الرقابة على حدودها مع بولندا والتشيك للتصدي للهجرة غير الشرعية، لذا شدد المستشار الألماني أولاف شولتز في 27 سبتمبر 2023، على إتمام المفاوضات على “مرسوم الأزمات” كإجراءات إضافية مرنة ومحددة لمواجهة الهجرة.

أعلنت وزارة الداخلية الألمانية في 2 أكتوبر 2023، إجراء مناقشات مع (6) دول حول “شراكات الهجرة”، لتشديد الرقابة على الحدود ووضع ضوابط مع دول الجوار. ووصف المستشار الألماني أولاف شولتز في 4 أكتوبر 2023، توصل الاتحاد لاتفاق حول نص رئيسي لإصلاح سياسة الهجرة بـ” المنعطف التاريخي” رغم التحفظات الإيطالية.

موقف حزب البديل من أجل ألمانيا” (AFD

يضع حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AFD)  أزمة الهجرة واللجوء من أولوياته، ويستغل تصاعد موجات الهجرة واللجوء واستمرار انقسام الأحزاب الألمانية حول ميثاق الهجرة الأوروبي، للترويج لأفكاره الرافضة للهجرة.

يسعى الحزب إلى فرض وجهة نظره لتقييد استقبال اللاجئين والمهاجرين، وفي 21 سبتمبر 2023 تقدمت المجموعة البرلمانية للحزب عن ولاية براندنبورغ، بطلب إنشاء مركز احتجاز لترحيل جميع الأجانب الذين سيجبرون على مغادرة البلاد بحلول نهاية 2023، مع إنهاء الدخول غير القانوني إلى ألمانيا، وقوبل هذا المقترح برفض من برلمان الولاية.

سياسة حزب “البديل” لألمانيا ترتكز على وقف الهجرة، وتعديل قوانين استقبال اللاجئين وترحيل طالبي اللجوء فوراً لدى رفض طلبهم، دون النظر إذا كانت الدول التي سيرحلون لها آمنة أم لا، وإغلاق الحدود الأوروبية أمام طالبي اللجوء وإقامة معسكرات خارج الحدود لمنع وصول المهاجرين لألمانيا.

يروج الحزب إلى أنه بحلول 2025 يزداد عدد المهاجرين وتحديداً الأفارقة بنحو (800) مليون شخص، مشيراً إلى أن الأمر مهدد للهوية الوطنية والاقتصاد، وبتوجيه اتهامات للحزب بأنه يروج للكراهية ويهدد الأمن المجتمعي بموقفه ضد المهاجرين، فسر موقفه بأن استقبال ألمانيا وأوروبا لملايين الأشخاص القادرين على العمل، يعني سرقتهم من البلاد التي تحتاجهم لإعادة البناء، وطالب بتوفير المساعدات لمناطق الصراعات أفضل من تشجيع سكانها على الهجرة.ملف: الهجرة غير الشرعية ـ ما تداعياتها على أمن أوروبا

تصاعد شعبية حزب “البديل من أجل ألمانيا”

حصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على (10%) من الأصوات في انتخابات البرلمان في سبتمبر 2021، وحصل على أول منصب قيادي على مستوى البلديات في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا في يونيو 2023.

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة صعود شعبية الحزب اليميني، وحصل في يونيو 2023 على (18%) من أصوات الناخبين بالتساوي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، رداً على سؤال أي الأحزاب ستصوت له إذا شهدت ألمانيا انتخابات جديدة؟. وتشابهت النتيجة مع استطلاع رأي آخر لمعهد إنسا ” INSA” في يوليو 2023 كشف عن تأييد ما بين (19%- 21%) من الألمان له، نظراً لمواقفه المناهضة للهجرة.

كشفت شبكة استطلاعات حول المواضيع السياسية ““Wahlrecht أن الحزب في طريقه للفوز بثلاث ولايات في شرق ألمانيا في انتخابات 2024، ولم يحظى حزب “البديل” بهذه الشعبية منذ 2018.

رغم تصنيف الاستخبارات الألمانية الداخلية، لأقسام داخل الحزب بـ ” المتطرفة”، إلا أن شعبيته تضاعفت وبلغت (22%) في سبتمبر 2023، ما دفع بعض الأحزاب المعتدلة والليبرالية إلى تبني مواقف مقاربة بشأن الهجرة واللجوء.

كيف يستثمر الحزب اليميني ملف الهجرة؟

كما مثل عام 2015 نقطة تحول لـ”حزب البديل”سياساً، بالترويج لتداعيات موجات الهجرة واللجوء وقتها على الاقتصاد الألماني عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يعد عام 2023 مرحلة مؤثرة في مستقبل الحزب، بعد استقبال ألمانيا موجات لجوء وهجرة قياسية وما شهدته من أزمات اقتصادية مثل أزمة الطاقة وارتفاع معدلات التضخم والأسعار، ما يمكنه من الربط بين استقبال المهاجرين وهذه الأزمات الاقتصادية، واستغلال سياسات الحكومة الحالية في التعامل مع ملف الهجرة، لشن حملات مروجة لأفكاره داخل الوقفات الاحتجاجية والمدارس والجامعات والفضاء الإلكتروني.

استغل في 29 سبتمبر 2023، أكبر المظاهرات الرافضة للمهاجرين في مدينة غورليتس شرق ألمانيا، للترويج إلى أن المدينة باتت متضررة من المهاجرين، وتمكن الحزب من نشر الخوف بين سكانها بأن أي أعمال عنف تشهدها المدينة ناجمة عن المهاجرين المتواجدين بها، وسرعان ما حظيت أفكاره بالقبول بين أبناء المدينة التي تقع حدودها مع بولندا المستقبلة لأعداد كبيرة من المهاجرين.

استغل الحزب اليميني في المدينة نفسها، قبل إقامة مهرجان صيفي في أغسطس 2023، وثيقة مزورة نُسبت إلى شرطة الحدود الألمانية تشير إلى خطر أمني، ليربط بين إلغاء المهرجان وموجات الهجرة عبر بولندا.

ساهم صعود اليمين المتطرف في أوروبا، في تنامي شعبية حزب “البديل” وتقوية وجوده داخل الأوساط السياسية والشعبية بين الألمان، والضغط على الحكومة بتقديم سياسات مناهضة للهجرة واستخدام شعارات الأحزاب اليمينة الصاعدة في أوروبا.الهجرة ـ ميثاق اللجوء الألماني ـ الأوروبي يلوح في الأفق

تداعيات موقف حزب “البديل من أجل ألمانيا”

أصبحت سياسات الحكومة الألمانية بشأن الهجرة في مرمى انتقاد باقي الأحزاب، وفي 23 سبتمبر 2023 دعا زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس الحكومة، إلى العمل مع الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل لأزمة اللاجئين في بلاده، محملاً الحكومة مسؤولية تماسك المجتمع وعواقب الأزمة، وهاجم زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ماركوس سودر، سياسات الحكومة وانخفاض شعبيتها بين الألمان بسبب الهجرة.

طالب زعيم “الحزب الديمقراطي الحر FDP” في 19 سبتمبر 2023، وقف المدفوعات النقدية للاجئين وخفض عدد المهاجرين غير الشرعيين، منتقداً الحكومة في إنفاق الأموال على الهجرة.

مخاطر صعود اليمين المتطرف سياساً في ألمانيا

– النظام السياسي: حذرت الاستخبارات الداخلية في الأول من أغسطس 2023 من تداعيات ظهور تيارات مناهضة للدستور داخل حزب “البديل”، وأشارت إلى تراجع نفوذ المعسكر المعتدل مع تصاعد نظرية “مؤامرة يمينية متطرفة” التي تروج إلى أن أغلبية السكان الأوروبيين المسيحيين البيض قد يصبحون عرضة لخطر قدوم المهاجرين من أصحاب البشرة السمراء والمسلمين لأوروبا، الأمر الذي يهدد النظام السياسي وأساسيات القانون والدستور الألماني.

-الأمن المجتمعي: رفض اليمين المتطرف للمهاجرين، يشكل تهديداً قوياً لتماسك المجتمع الألماني الذي يعتمد على تنوع الثقافات، ما يسمح بتغذية مفاهيم الكراهية والعنف بين أبناء المجتمع الواحد، ويزيد من فرص استغلال الجماعات الإسلاموية المتطرفة لخطاب اليمين المعادي للمهاجرين لصالح معتقداتها المتطرفة، ما يجعل المجتمع بين خطرين اليمين المتطرف والإسلام السياسي.

وحدة أوروبا: صعود اليمين في دولة مثل ألمانيا يعد ضربة قوية لوحدة الاتحاد الأوروبي، حيث يتهم حزب “البديل” الاتحاد بأنه “غير ديمقراطي”، ويتضمن برنامجه لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي، إصلاحات جذرية في الاتحاد لإعطاء الدول الأعضاء مزيداً من الصلاحيات لسن القوانين على حساب مؤسسات التكتل، ما يزيد المخاوف من أن يسيطر معسكر “ديكسيت” الذي يدعو لخروج ألمانيا من الاتحاد الفترة المقبلة.ملف: اليمين المتطرف في ألمانيا ـ عوامل وتداعيات صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

**

تقييم وقراءة مستقبلية

ـ لم يتم إحراز تقدم يذكر فيما يتعلق بقضية التوزيع المتساوي للاجئين داخل الاتحاد الأوروبي. يعد ملف الهجرة واللجوء في ألمانيا مسألة شائكة، وذلك لصعوية وجود توافق داخل الحكومة الألمانية، وتنامي الخلافات بين الأحزاب السياسية والمعارضة الألمانية، نظراً لاختلاف اجندات ومبادئ كل حزب.

– يوجد في ألمانيا (95) ألف أجنبي لا يمكن تحديد جنسيتهم، لذلك لا يوجد مكان يمكن ترحيلهم إليه بشكل قانوني، ونظراً لصعوبة تنفيذ عمليات الترحيل، يدعو السياسيون إلى تغيير سياسة الهجرة والحد من الهجرة بشكل أكثر كفاءة.

– يميل “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” في ألمانيا إلى تخفيف قيود المراقبه الحدودية، وتسريع حق التجنيس لكسب المزيد من أصوات المهاجرين الجدد والأجانب في الانتخابات المفترض إجراؤها العام 2024.

ـ لا يزال هناك مخاوف كبيرة لدى “الحزب الديمقراطي المسيحي ـ CDU” الذي يمثل المعارضة الألمانية، من تكرار موجة جديدة من الهجرة إلى ألمانيا، ويرى الحزب أن الولايات الألمانية لم تعد قادرة على تحمل الأعباء المترتبة عن ذلك.

– أبدت ألمانيا استعداداً واضحاً لاستيعاب أعداد كبيرة من طالبي اللجوء ومحاولة دمجهم في المجتمع الألماني، لكن صعود اليمين المتطرف في بعض الولايات الألمانية، وضغوط الأحزاب المعارضة، فرض على الائتلاف الحاكم إلى إعادة النظر في النموذج الألماني الحالي للهجرة.

– بات متوقعاً أن تشكل أزمة الهجرة واللجوء عبرالمتوسط و تزايد المخاطر الناتجة عنها صعوبات تواجهها الدول الأوروبية بشأن مراقبة حدودها الخارجية، ما قد يدفع الحكومات الاوروبية من إتخاد تدابير وإجراءات صارمة تحد من صلاحيات إتفاقية “شنغن”.

– من المحتمل تزايد أعدد اللاجئين في ألمانيا خاصة بعد تدفق الكثير من اللاجئين إلى إيطاليا واليونان والمجر. ومن المرجح أن يستغرق تنفيذ الاتفاق الأوروبي سنوات، بشأن إصلاح نظام اللجوء وإدخال إجراءات سريعة .

**

–  تجد ألمانيا نفسها في لحظة محورية، حيث تعيد الهجرة تشكيل البلاد وسط التحديات الاقتصادية وارتفاع معدلات الجريمة وتصاعد . وقد أدى ذلك إلى تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية والشعبوية، وتزايد الضغوط من الأحزاب المعارضة.

–  تسببت المخاوف بشأن الهجرة غير الشرعية، والخطوات اللازمة للحد منها، في توترات وانقسامات داخل الائتلاف الحاكم الذي يتكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي من يسار الوسط والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر ويقوده المستشار أولاف شولتس وهو ديمقراطي اشتراكي حول كيفية التعامل مع الوافدين الجدد.

–  عُرف حزب الخضر بتوجه الليبرالي تاريخياً والمؤيد للمهاجرين، وبدعمه للسياسات الداعمة للاجئين، إلا أنه بدأ باتخاذ مواقف صارمة ضد الهجرة  غير الشرعية، في تحول دراماتيكي لإبجاد حلول براغماتية لهذا الملف الشائك.

–  تبنت بعض الأحزاب المعتدلة في ألمانيا  كالحزب الديمقراطي الاشتراكي  وحزب الخضر نهج وخطابات اليمين المتطرف المتشددة تجاه الهجرة واللاجئين كون أن تلك الأحزاب لا تريد أن تخسر قاعدتها في الانتخابات أمام أحزاب اليمين المتطرف لتتحول الهجرة إلى ورقة سياسية.

–  يبقى ملف الهجرة معقد في ألمانيا ومن الصعب ايجاد حل او توافق داخل الحكومة، بسبب اختلاف اصل الأحزاب الألمانية الائتلافية ، ولكن من غير المرجح انقسام الائتلاف وتفككه في ظل وجود تهديد التيار اليميني المتطرف.

–  بات معلوماً أن التغيرات المناخية والتصحر والنزاعات المسلحة، جميعها عوامل دافعة للهجرة، لذا يتطلب من ألمانيا أن تبذل مساعي أوسع بمعالجات جذور الهجرة منها التنمية المستدامة، دعم الدول اقتصادياً، الاستثمار في تلك الدول، وايجاد حلول سياسية للنزاعات والصراعات في إفريقيا خاصة وكذلك منطقة الشرق الأوسط.

–  من المُرجح أن يستمر ملف التعاطي مع قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء الإنساني مصدر قلق للحكومة الألمانية خلال عام 2023  و 2024 ؛ إذ تعتبره أحد أبرز تهديدات الأمن القومي، إضافة إلى أهم أسباب صعود التيار اليميني  وحزب البديل من أجل ألمانيا الذي يعتمد على خطابات شعبويَّة لتغذية الانقسام وتعزيز خطاب الكراهية ضد المهاجرين. من المتوقع الوصول لاتفاق لجوء مع تشديد حكومة الإئتلاف للتشريعات والإجراءات ضد المهاجرين من أجل كسب الأصوات في الانتخابات العامة لعام 2025.

ـ استطاعت أحزاب الائتلاف الألماني تجاوز العقبات الداخلية أبرزها معارضة حزب الخضر الى “ميثاق اللجوء الجديد” وبهذا نجحت ألمانيا بتمهيد الطريق أمام ميثاق ” اللجوء الأوروبي ” الجديد الذي توصل له الاتحاد الأوروبي في اسبانيا يوم 04 أكتوبر 2023، ليمهد الطريق لتوقيعه من قبل مجلس الاتحاد الأوروبي في اسبانيا بعد يوم واحد فقط في اجتماعات غرناطة الاسبانية.

ـ رغم وصول الاتحاد الى الاتفاق لكن هناك توتر في العلاقات ما بين أعضاء الاتحاد خاصة ألمانيا وإيطاليا حول عمليات إنقاذ تقوم بها ألمانيا في البحر المتوسط، ماعدا ذلك هناك شكوك بتطبيق هذا الاتفاق والالتزام بمبدأ التضامن الخاص بتوزيع اللاجئين واتفاقية دبلن، ليؤكد ان ملف الهجرة واللجوء يطغي على أجندات عمل الاتحاد في هذه المرحلة وفي المستقبل.

**

– رغم الإعلان عن التوافق المبدئي بين دول الاتحاد الأوروبي حول إصلاح نظام الهجرة، إلا أن هذه الخطوة لن تسهم في تهدئة موقف اليمين المتطرف وفي مقدمته حزب “البديل من أجل ألمانيا” في استغلال ملف الهجرة ضد الحكومة وكسب مؤيدين له بين الألمان، إذ تعد قضية الهجرة هي مفتاح نجاح الحزب اليميني في نتائج الانتخابات الأخيرة، وجزء أساسي من سياساته التي لن يتخلى عنها.

– تعد هذه الفترة فترة ذهبية مواتية لصعود اليمين المتطرف وتحديداً حزب “البديل”، لذا يستغل شبكة العلاقات الممتدة مع باقي الأحزاب اليمينية في أوروبا، لحشد أصوات في الانتخابات الأوروبية المقبلة، كبداية لفرض السياسات المتعلقة بالهجرة وقوانين الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن أوضاع المهاجرين واللاجئين المتواجدين بألمانيا ويهدد فرصهم في البقاء والحصول على فرص تعليم وعمل مناسبة.

– نشأة حزب “البديل من أجل ألمانيا” الحديثة في عام 2013، لم تمنعه من تحقيق شعبية واسعة على مدار الأشهر الماضية، وهنا الأمر يتعلق بالعمل لسنوات طويلة بشكل مكثف بين الطلاب في المدارس والجامعات والتواجد بشكل قوي في الاحتجاجات، وإظهار نفسه في ثوب المعارضة الرافضة لسياسات الحكومة والمعبرة عن صوت الشارع، هذه الاستراتيجية التي يتبعها الحزب تشير إلى احتمالية زيادة نفوذه داخل المؤسسات الحكومية من برلمان وبلديات الفترة المقبلة.

– استمرار الحرب الأوكرانية قد يؤدي لموجة نزوح جديدة لألمانيا، مع استمرار موجات الهجرة من دول إفريقيا التي تعاني من صراعات وكوارث بيئية، لذا تصبح الحكومة الألمانية في مأزق لمواجهة هذه المعضلة وانتقادات اليمين المتطرف لها.

– ربما تتسبب سياسات اليمين المتطرف بألمانيا، في تحول سياسات بعض الأحزاب المعتدلة بشأن رفض الهجرة، لضمان الحفاظ على شعبيتها والحصول على أصوات في الانتخابات الفيدرالية لعام 2025، خاصة مع تمدد حزب “البديل” في مناطق جديدة بألمانيا.

– يقع على عاتق الحكومة الألمانية مسؤولية كبيرة، لتحقيق التوازن بين التزامها الدولي لاستقبال المهاجرين واللاجئين، ومراعاة تداعيات هذه الإشكالية بشأن الضغط من حزب “البديل”، والانتباه لضرورة توضيح أسباب استقبال المهاجرين والفصل بين الأزمات الاقتصادية وموجات الهجرة أمام الرأي العام الألماني.

– تداعيات صعود اليمين المتطرف بألمانيا، يدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل التكتل الأوروبي وأهمية استيعاب أسباب ظهوره بهذا الصورة غير المسبوقة منذ عقود، ما يفرض على المؤسسات التعليمية والسلطات التشريعية اتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة التطرف الذي بدأ في الانتشار بشكل واسع في المجتمع الألماني.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=91455

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

Germany Puts in Place Tougher Checks to Control Migration
https://tinyurl.com/bdzeb2tr

Where Germany stands on refugees and asylum
https://tinyurl.com/ycxfvva9

اللجوء في ألمانيا ـ زعيم المعارضة يدعو لتسهيل عمليات الترحيل
https://tinyurl.com/7zmatnya

ميرتس: اللاجئون يأتون لتجميل أسنانهم في ألمانيا.. فهل هذا صحيح؟
https://tinyurl.com/ebmdmjt5

**

سياسة اللجوء في ألمانيا .. الدخول في سباق الردع؟
https://2u.pw/FCINFis

German Greens Clash Over EU Migration Pact
https://2u.pw/zdUZoMy

Germany Puts in Place Tougher Checks to Control Migration
https://2u.pw/DiWq9o0

Germany’s Greens and Liberals call for action on immigration as far right strengthens
https://2u.pw/P7bBtS6 

DEBATTE ÜBER MIGRATIONSPOLITIK:Der Druck auf die Grünen steigt
https://2u.pw/ACJ50YV

ألمانيا تمهد الطريق لتنظيم أزمة اللجوء في الاتحاد الأوروبي
https://2u.pw/TxjHSxh

**

حزب “البديل من أجل المانيا” الأول في استطلاعات الرأي بسبب موقفه من الأزمة الأوكرانية والمهاجرين
https://bit.ly/3rGszcy

FDP will Flüchtlingen kein Bargeld mehr zahlen
https://bit.ly/3PVwr2W

ألمانيا.. تصاعد شعبية أقوى أحزاب اليمين المتطرف بسبب “ديستوبيا” المهاجرين
https://bit.ly/469paCk

Illegale Einwanderungen: Brandenburger Landtag stimmt gegen Abschiebehaftanstalt
https://bit.ly/3PZNK2V

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...