مكافحة الإرهاب والهجرة في افغانستان ـ هل من دور للاتحاد الأوروبي ؟
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات-ألمانيا و هولندا
إعداد: وحدة الدراسات و التقارير“3”
تعهد الاتحاد الأوروبي بالتضامن طويل الأمد مع الحكومة الإفغانية وتقديم الدعم الكافي مع بدء مفاوضات السلام بين الأفغان للتوصل إلى حل الصراع. وكشفت العديد من حكومات الدول الأوروبية عن استعدادها لدعم السلام بين الأفغان، مايساعد في الحد من التهديدات الإرهابية ومكافحة الهجرة الغير الشرعية.
تطورات ميدانية
تمكن مقاتلو حركة طالبان يوم 14 أوغسطس 2021من السيطرة على مزار شريف، المدينة الاستراتيجية في الشمال ليحكموا بذلك سيطرتهم على المنطقة، في وقت تعهدت فيه الرئاسة الأفغانية بإعادة تعبئة القوات الأمنية. ولا تزال كابول وجلال أباد في الشرق وغارديز وخوست (جنوب شرق) المدن الكبرى الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.وبات الوضع الميداني حرجاً للغاية بالنسبة الى الحكومة، إذ تمكنت طالبان خلال ثمانية أيام من السيطرة على معظم الشمال والغرب وجنوب أفغانستان، أي حوالي نصف عواصم الولايات الأفغانية.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي مستشهدا بتقييم للمخابرات إن مقاتلي حركة طالبان قد يعزلون العاصمة الأفغانية كابول عن بقية أنحاء البلاد خلال 30 يوما وربما يسيطرون عليها في غضون 90 يوما، وذلك بعد سيطرة قوات الحركة على عدة عواصم مدن في غضون أسبوع واحد في أفغانستان.
بات الأمر مجرد مسألة وقت إلى حين سيطرة حركة طالبان على كامل التراب الأفغاني، بعدما احتلت منذ بداية أغسطس2021 أجزاء كبيرة من أراضي البلاد في هجوم شامل شنته مع بدء انسحاب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي .
وسط مخاوف من سقوط كابول خلال أيام، وصلت الدفعة الأولى من القوات الأمريكية إلى كابول للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة الأمريكية ومدنيين آخرين، هذا في وقت باشرت السفارة بإتلاف المواد الحساسة من وثائق وأجهزة إلكترونية. ويبدو أن الزحف السريع لقوات طالبان باغث القوات الدولية. فمع إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إرسال جنود مجددا، تذكر العالم الصورة التي خلدت هزيمة الولايات المتحدة الهزيمة الأمريكية في فيتنام ويظهر فيها لاجئون يستقلون مروحية على سطح أحد المباني.
ألمانيا : تتابع ألمانيا هذا الوضع “الكارثي” باهتمام بالغ، خصوصا وأن الجيش الألماني كان متواجدا إلى جانب القوات الدولية في أفغانستان على مدى عشرين عاما. من جهته، أكد وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراتشي أن الاتحاد الأوروبي ليس في وضع يسمح له بالتعامل مع أزمة مهاجرين على غرار تلك التي حدثت في عام 2015 بعد انفجار الوضع في سوريا، وعليه أن يحاول منع الفارين من الصراع الأفغاني المتفاقم من دخول أراضيه.
تتوالى التحذيرات الألمانية من اندلاع حرب أهلية مدمرة داخل أفغانستان مع تقدم قوات طالبان على الأرض في أفغانستان. ومع سيطرة حركة طالبان على المزيد من الولايات حذر سياسيون ألمان من أن تلك التطورات قد لا يوجد معها حل سياسي، وأن أفغانستان قد تدخل حربا أهلية طويلة الأمد.
وحذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس يوم 12 أغسطس 2021 من أن ألمانيا، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع “فلسا واحدا” من مساعدات التنمية إذا سيطرت طالبان على البلاد.
وقال الوزير الألماني في مقابلة مع قناة “تسي دي اف” العامة “لن نعطي أفغانستان فلسًا واحدًا بعد الآن إذا سيطرت طالبان بالكامل على السلطة وطبقت الشريعة وإذا أقامت دولة خلافة”. وشدد على أنّ أفغانستان “لا يمكن أن تستمر من دون مساعدات دولية”. وتساهم ألمانيا بنحو 430 مليون يورو سنويًا، وهي من بين أكبر عشرة مانحين للمساعدات التنموية لأفغانستان.
الاتحاد الأوروبي : حذر من جهته من أن حركة طالبان ستواجه عزلة دولية إذا استولت على السلطة بالعنف. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان (12 أغسطس 2021″إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة وإعادة تأسيس إمارة إسلامية، فإن طالبان ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي واحتمال استمرار النزاع وعدم الاستقرار الذي طال أمده في أفغانستان”.
التواجد العسكري الأوروبي في أفغانستان – مكافحة الإرهاب
أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى أفغانستان في 21 يناير 2021، تقديم (35 )مليون يورو إلى البلاد لمواجهة فيروس كورونا ومواجهة أثارها السلبية على الاقتصاد. وكان قد دعا “جوزيب بوريل” مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى وقف إطلاق النار فورا في أفغانستان وقال إن أي تحرك لإقامة إمارة إسلامية سيؤثر على الدعم الذي يمكن أن يقدمه الاتحاد . وأكد الاتحاد الأوروبي، أن دعمه المستقبلي لأفغانستان مرتبط بالحفاظ على مبادئ الجمهورية، في ظل مواقف متضاربة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان حول نظام الدولة في المستقبل. الاتحاد الأوروبي وسوريا ـ التعاون الأمني والإستخباراتي
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية قد رفضت يوم 12 أغسطس 2021 دعوات لإعادة جنود بلادها لأفغانستان بعد أن تمكن مسلحو حركة طالبان من السيطرة على مدينة قندوز حيث تتمركز القوات الألمانية منذ عقد.وكان لدى ألمانيا ثاني أكبر قوة عسكرية في أفغانستان بعد الولايات المتحدة وفقدت جنودا في معارك في قندوز أكثر من أي مكان آخر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
تتألف مهمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان من حوالي (17) ألف جندي من (39) دولة متحالفة. العدد الأكبر على الصعيد الأوروبي هو للقوات الألمانية والبريطانية حيث لديهم( 1100 )جندي و(1000 )جندي على التوالي. وانتهى التحالف رسمياً مهمته القتالية هناك في نهاية عام 2014 وحالياً يقدم المشورة والتدريب للقوات الأفغانية .
القوة العسكرية الألمانية في أفغانستان ـ مكافحة الإرهاب
دعت ألمانيا المجتمع الدولي إلى إنهاء المهمة العسكرية في أفغانستان بشكل مسؤول وتجنب انسحابٍ قبل الأوان للقوات الأجنبية قد يصبّ في مصلحة حركة “طالبان”. أعربت الحكومة الألمانية أنها مستعدة لدعم السلام بين الأفغان و طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بعقد مفاوضات عاجلة بين طالبان والحكومة الأفغانية. وأضاف “على جميع الأطراف أن توفي بالتزاماتها ويجب أن تبدأ في أقرب فرصة المفاوضات الأفغانية”.
ووصف ماس الاتفاق الذي وقع بأنه “فرصة طال انتظارها لبدء عملية السلام في أفغانستان”. وحذر في الوقت ذاته من أنه: “لا يصح أن تحدث ردة إلى الحكم الشمولي لطالبان على حساب جيل كامل من الشابات والشباب الأفغان” .
تشكل القوات الألمانية ثاني أكبر قوة عسكرية أجنبية في أفغانستان بعد الولايات المتحدة.وافق مجلس الوزراء الألماني، على الإبقاء على الحد الأقصى للجنود الألمان المشاركين في المهمة الدولية في أفغانستان دون تغيير، وبهذا فقد مهد الطريق لمواصلة المهمة حتى 31 يناير 2022. وتنشر ألمانيا قرابة (1100) جندي في شمال أفغانستان، في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي المعروفة بـ”الدعم الحازم”، وتضم (9600) عنصر.
ويقدرعدد قوات النخبة الألمانية المتواجدة في أفغانستان بحوالي (50) جنديا، وتمركزت القوات في شمال أفغانستان، ومهتهم تدريب وحدات خاصة من الشرطة الأفغانية وتقديم الدعم لها في حالات الطوارئ. وكانت قد كشفت مجلة “دير شبيجل” الألمانية في 31 ديسمبر2020 عن أن وزارة الدفاع تتجه بقوة للانسحاب من أفغانستان وبدأت بالفعل سحب جزء من القوات”. وأضافت: أنه جرى بالفعل إعادة الجزء الأكبر من هذه القوات ومعداتها، ويتمركز حاليا (12) جنديا فقط من قوات النخبة الخاصة في المعسكر الألماني في مزار شريف شمالي أفغانستان”.
بريطانيا ـ تقليص حجم القوات في أفغانستان ورفض فرنسي للانسحاب الأمريكي
صرح وزير الدفاع البريطاني “بن والاس” إن بريطانيا ستحذو على الأرجح حذو الولايات المتحدة في خفض مستوى قواتها في أفغانستان، لكنها ستواصل العمل مع الحكومة هناك ومع واشنطن لحماية أمن البلاد، في 19 نوفمبر 2020. كما صرح “والاس” “، قائلاً: “أتوقع أنه إذا خفضت الولايات المتحدة قواتها في مرحلة ما، فسنخفض نحن قواتنا”. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لو دريان”، إن بلاده طلبت من الولايات المتحدة عدم الانسحاب من العراق وأفغانستان نظرا لاستمرار محاربة ما وصفه بـ”التشدد الإسلاموي”.
المفوضية الأوروبية واللاجئين الأفغان – مكافحة الإرهاب
أعلنت المفوضية الأوروبية أن خمس دول من الاتحاد الأوروبي وافقت على استقبال عدد محدد من الأطفال المهاجرين العالقين في اليونان، في وقتٍ يستمر فيه التوتر على الحدود اليونانية التركية . ومعظم العالقين على الحدود اليونانية سوريون فارون من الحرب في بلادهم، لكن يوجد بينهم أيضا أفغان. وبشكل عام، يُشكل الأفغان النسبة الأعلى في صفوف المهاجرون غير الشرعيين الذين وصلوا خلال العام 2019، إذ يمثلون حوالي(25%) جميع الوافدين . مكافحة الإرهاب في العراق ـ ماهي الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي؟
أعلن مسؤولون بوزارة اللاجئين والعائدين الأفغانية إن مجموعة تتألف من (30) شخصا من طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم في ألمانيا وصلت إلى كابول في 17 ديسمبر2020. وهذه تعد الرحلة الـ (34) لإعادة طالبي لجوء مرفوضين من ألمانيا إلى أفغانستان منذ ديسمبر 2016 وقد جرى إعادة (937) من طالبي اللجوء المرفوضين إلى أفغانستان منذ ذلك الحين.وقد استأنفت دول أوروبية أخرى رحلات إعادة طالبي اللجوء إلى أفغانستان. ووصلت كابول طائرة على متنها (11 )مهاجرا مرحلين من النمسا وبلغاريا وفقا لـ”مهاجر نيوز”
تقييم للجهود الأوروبية فى أفغانتسان ـ مكافحة الإرهاب
أن أفغانستان لا تزال هي منطقة الصراع التي تشكّل مبعث القلق الأكبر بالنسبة للدول الأعضاء خارج المعقل الرئيسي لتنظيم داعش”. ولا يزال “تنظيم داعش ـ ولاية خراسان” مركز ثقل التنظيم في جنوب آسيا. والتنظيم يتمتع بقدرة كبيرة على الصمود، وينفذ هجمات تخلّف أثرا لا يتناسب مع أعدادها، حتى في كابول، و يقوم بأنشطة دعائية في المدارس والجامعات. ويتواجد أيضا الكثير من الجماعات المتطرفة المتحالفة مع تنظيم “القاعدة” وحركة “طالبان” في أفغانستان.
ولا تزال علاقة وطيدة تجمع بين التنظيمين وتعود عليهما بالفائدة، إذ يوفّر الأول الموارد والتدريب مقابل الحماية. لم تتغير قائمة الدول الرئيسية التي أتى منها طالبو اللجوء وفقا لـ” مكتب دعم اللجوء الأوروبي” في 19 فبراير 2021. إذ جاء الأفغان في المركز الثاني بـ(48578 ) طلبا وفقا لـ”مهاجر نيوز”.
تقول “آشلي جاكسون” المديرة المشاركة بمركز دراسة الجماعات المسلحة في معهد التنمية الخارجية بشأن تواجد أو انسحاب القوات الأوروبية والدولية من أفغانستان”إنه إذا ظل الموقف غير واضح فإن طالبان قد تصعّد الهجمات وربما تعود للهجوم على القوات الدولية”.
يرى الدكتور “توماس باركر” بشأن الانسحاب للقوات العسكرية الدولية أنه من المحتمل أن ينشط الإرهابيين الذين يعيشون حاليًا في مكان آخر في العالم الإسلامي وفي الغرب، حيث انهم قد يروا في أفغانستان مكانًا جديدًا يتهافتون إليه، ربما للانضمام إلى فرع “داعش” في أفغانستان أو للانتقال إلى المناطق الخاضعة لحكم “طالبان” من أجل تلقّي التدريب.
رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=74631
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات
الهوامش
الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف إطلاق النار في أفغانستان ويحذر من إقامة إمارة إسلامية
ألمانيا ترجح تمديد مهمة قواتها في أفغانستان
ألمانيا: الانسحاب من أفغانستان قبل الأوان قد يضر محادثات السلام
ألمانيا تقرر تمديد مهمة قواتها في أفغانستان
فرنسا تطلب من أمريكا عدم سحب قواتها من العراق وأفغانستان
بريطانيا: الحكومة تستثمر في برنامج عسكري وصف بأنه الأكبر منذ الحرب الباردة
بعد تهديد روحاني للقوات الأوروبية بالمنطقة.. أين تنتشر عناصرها؟
تراجع كبير لعدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي
هل ستبقى القوات الأجنبية في أفغانستان لما بعد الموعد المتفق عليه بين طالبان والولايات المتحدة ؟
التهديد المستمر من تنظيمي «الدولة الإسلامية» و «القاعدة»: وجهة نظر الأمم المتحدة
الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي: خمس دول أوروبية توافق على استقبال أطفال مهاجرين عالقين في اليونان
https://www.bbc.com/arabic/world-51804795
تراجع الهجرة غير الشرعية في الاتحاد الأوروبي إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2013
رغم كورونا….ترحيل طالبي لجوء مرفوضين من ألمانيا