جاري التحميل ...
بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)
تعد هولندا في مقدمة الدول الأوروبية التي تهتم بتطوير قدراتها العسكرية على كافة المستويات، حيث تتصدر قائمة دول الاتحاد الأوروبي التي عززت استثماراتها العسكرية خلال العقد الماضي، وسرعان ما شملت العقيدة الدفاعية لدى هولندا مهام حفظ الأمن والسلام العالمي بجانب حماية الحدود الوطنية، ما استدعى رفع كفاءة القوات المسلحة الهولندية بالتسليح والتدريب وإدخال تقنيات تكنولوجية كجزء من التجهيزات والمعدات العسكرية.
قدرات الجيش الهولندي
يحتل الجيش الهولندي المرتبة (39) بين أضخم (145) جيشا في العالم، وتمثل هولندا عضواً رئيسياً في حلف شمال الأطلسي منذ 1949، حيث تضم وزارة الدفاع الهولندية، هيئة الأركان المركزية المسؤولة عن وضع سياسة الدفاع وخدمات القوات المسلحة الأربع، وقيادة الدعم المشترك، وقيادة العتاد وتكنولوجيا المعلومات التي توفر الخدمات للجيش. وتحتل القوات الجوية الهولندية المرتبة (57) نظراً لأنها تمتلك (29) مقاتلة من بينها (22) في وضع الاستعداد القتالي، و(18) طائرة هجومية من بينها (14) في وضع الجاهزية القتالية، و(4) طائرات نقل عسكري من بينها (3) جاهزة للاستخدام، و(21) طائرة تدريب و(64) مروحية من بينها (24) مروحية قتالية، ولا تمتلك هولندا أي طائرات مهام خاصة أو طائرات تُزود بالوقود في الجو، وتمتلك (22) مقاتلة من المقاتلات الحربية التي يمكن حشدها في الحروب.
تنشر هولندا حوالي (643) فرداً في مهام خارجية بداية من 20 نوفمبر 2023، إضافة إلى نشر الأسطول وأفراد ومشاة البحرية التابعين للبحرية الملكية في مناطق مختلفة بالعالم لضمان الأمن البحري، وجزء من مهمة إدارة الأزمات وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية، فالبحرية الهولندية هي الأقدم من بين القوات المسلحة الهولندية، وتمتلك القوات البرية الهولندية (3) ألوية قتالية، من بينهم (2) مندمجين داخل الجيش الألماني.أمن قومي ـ سياسات ومواقف هولندا ازاء القضايا الدولية
تسلح الجيش الهولندي
فرضت الحرب الأوكرانية على هولندا معطيات أمنية جديدة، لذا أصدرت مذكرة الدفاع في 2022 لتعزيز القوة القتالية وزيادة التعاون الدولي بشأن الجوانب العسكرية، بشراء (6) طائرات ” إف -35″ و(4) طائرات طراز”إم كيو-9 ريبر”، وصواريخ بعيدة المدى للفرقاطات والغواصات، ودعم الاستثمار في الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل”IAMD” وتستهدف هولندا أن تجعل الوحدات العسكرية بالجيش أكثر سرعة ومرونة بدمج فيلق قوات الكوماندوز واللواء (11) المحمول جواً، وتوسيع مهام الشرطة العسكرية للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة. ورفعت إنفاقها العسكري بنحو (5) مليارات يورو سنوياً، لزيادة عدد الطائرات المسيرة “إم كيو-9 ريبر” من (4) إلى (8) طائرات ومن المتوقع زيادة الإنفاق (2%) بين عامي 2024 و2025، بإضافة (14.8) مليار يورو لميزانية الجيش من 2022 إلى 2025، وبداية من 2026 ستزيد الميزانية بمقدار (5) مليارات يورو، وسيرتفع الاستثمار في الجانب العسكري بحوالي (40%) من الميزانية الحالية.
أعلنت هولندا في ديسمبر 2022 عن شراء صواريخ” NSM” لتجهيز سفنها الحربية، لتصبح الدولة رقم (11) التي تمتلك هذه الصواريخ، ومن المقرر أن تستلم (4) فرقاطات بحلول 2025. وحرصت على شراء مقاتلات “إف 16” الأمريكية، ووقعت اتفاقية بشأن شراء أنظمة صواريخ بلوس المدفعية بقيمة (305) ملايين دولار من شركة “أنظمة إلبيت” الإسرائيلية، ومن المتوقع أن ينفذ العقد على مدار (5) سنوات. وشاركت هولندا في مارس 2022 في أكبر مناورات عسكرية للناتو منذ الحرب الباردة، كما اختبرت هولندا كأول دولة في الناتو روبوتات مسلحة في مناورة للناتو في ليتوانيا خلال أكتوبر 2022، وشاركت في أكبر مناورة جوية للحلف في تاريخه “إير ديفندر 23” في يونيو 2023.أمن اقتصادي ـ تداعيات النزاعات الدولية والحروب على اقتصاد هولندا
دور الجيش الهولندي دوليا
تعد هولندا شريكاً في محاربة داعش ضمن التحالف الدولي، وساعدت على توفير دعم جوي للقوات في سوريا والعراق منذ 2014، ما ساهم في تحديد الأهداف للتحالف ومنع سقوط مدنيين في عمليات استهداف عناصر داعش. ولعبت القوات الهولندية دوراً في تدريب القوات العراقية وأقليم كردستان، وتغيير القوانين في (69) دولة لجعل سفر الأفراد بهدف الانضمام لداعش جريمة يعاقب عليها القانون. وساعدت على تمويل عمليات إزالة الألغام وإعادة إعمار المناطق المحررة، والمساندة في المساءلة القانونية عن الجرائم التي ارتكبها داعش، إضافة إلى تقديم (458) مليون يورو كإغاثة إنسانية للشركاء في الحرب على داعش.
تساعد القوات البحرية الهولندية في تقديم المساعدات الإغاثية دولياً في حالات الأزمات، وفي فبراير 2022 قررت هولندا زيادة عدد قواتها القتالية في قاعدة روكلا العسكرية في ليتوانيا ليصل عددها (350) جندياً تابعين لمجموعة قتالية تابعة للناتو. ونسقت هولندا مع الولايات المتحدة في مايو 2023 بشأن تدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة مقاتلات “إف 16″، ووافقت الولايات المتحدة في أغسطس 2023 على نقل مقاتلات “إف 16” أمريكية الصنع من هولندا إلى أوكرانيا، خاصة وأن هولندا قررت إخراج (24) مقاتلة من الخدمة واستبدالها بطائرات أكثر تقدماً.
التعاون في مجالات الدفاع والأمن
تحرص هولندا على تعزيز التعاون مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، تحسباً لتداعيات الحرب الأوكرانية وزيادة الإنفاق العسكري عالمياً وزيادة التهديدات الأمنية القائمة على التقدم التكنولوجي، لذا تعمل البحرية الهولندية مع البحرية الأمريكية سوياً في منطقة البحر الكاريبي، إضافة إلى التعاون مع ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا في تعزيز التعاون العسكري، وتعد أمستردام ضمن شراكة طائرات “إف 35” مع أوروبا والولايات المتحدة، ودشنت مركز بحري ثنائي مع بلجيكا للعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في مراقبة المجال الجوي لدول “البنلوكس”، وتشارك مع دول الاتحاد الأوروبي مراقبة حدود شنغن عبر وكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس”.
أكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في مارس 2022، على أهمية زيادة التعاون العسكري في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في ظل الحرب الأوكرانية، لذا عزمت هولندا في فبراير 2023 على استكمال خطوة دمج قواتها البرية في الجيش الألماني، وخططت لإدماج اللواء (13) الهولندي في فرقة بانزر (10) بالجيش الألماني، لخلق قوة مشتركة بتعداد نحو (50) ألف جندي مع ما يقرب من (8) آلاف جندي قادمين من هولندا. وانضمت هولندا في أكتوبر 2023 إلى مبادرة “الدفاع الجوي الأوروبية” لشراء المعدات العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي الأرضية بشكل مشترك وتدريب الجنود وصيانة المعدات. وتأتي هذه الخطوة استكمالاً للانضمام إلى مبادرة “درع السماء الأوروبية” التي أعلنتها ألمانيا في أكتوبر 2022 بهدف تطوير النظام الدفاعي الأوروبي.الأمن السيبراني في هولندا وبلجيكا ـ سياسات وتدابير
تقييم وقراءة مستقبلية
– رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة الهولندية منذ نحو (6) سنوات بشأن الإهمال في تسليح الجيش ورفع كفاءة القوات البرية ومدى جاهزيتها للعمليات العسكرية، إلا أن الأمر اختلف على نحو كبير الآن، بعد رفع إنفاقها العسكري إلى (2%) بعد الحرب الأوكرانية، بينما كانت تنفق هولندا أقل من (1%) من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد على استشعارها لعدد من التحديات العسكرية والسياسية في المرحلة الراهنة في ظل استمرار الصراع مع روسيا واحتدام سباق التسلح النووي والتقليدي عالمياً.
– يعود تغير موقف هولندا بشأن العقيدة الدفاعية وزيادة إنفاقها العسكري لعدة عوامل، من بينها الحرب الأوكرانية والتخوف من خروج حدود المعارك خارج أوكرانيا، وتصاعد حدة التهديدات السيبرانية ودخول التكنولوجيا طرفاً في الصراعات الراهنة، والتطور التكنولوجي في أنظمة الأسلحة الجوية، خاصة وأن هولندا لا تمتلك قوات جوية مجهزة.
– وسع الجيش الهولندي من دوره خارج أراضيه، بهدف تعزيز التعاون بين دول التحالف الدولي ضد داعش من جهة، وتعزيز العلاقة مع دول التكتل الأوروبي والناتو أيضاً من جهة أخرى، لتأمين ثغراتها الأمنية المتعلقة بالتسليح الجوي والبحري، وفي الوقت نفسه تحرص على دمج قواتها البرية مع القوات الألمانية لحماية حدودها.
– الدور الهولندي في محاربة داعش في سوريا والعراق، استند على منع المقاتلين الأجانب من الانضمام للتنظيم، والقانون في محاسبة داعش على جرائمه، وتقديم الاستشارة وأيضاً المساعدات الإغاثية، ما يؤكد على امتلاك هولندا استراتيجية محكمة في إدارة المعارك، وإن ما ينقصها يتعلق بالأمور اللوجستية والتسلح، وإعطاء بند الدفاع أولوية في الميزانية السنوات المقبلة.
– من الضروري أن تنتبه هولندا إلى أهمية إدخال التكنولوجيا واسلحة ذات قدرات تكنولوجية متطورة ضمن خطة التسلح الراهنة، لاسيما وأن التهديدات الأمنية المحتملة تأتي من الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية والمؤسسات الحكومية والأمنية، إضافة إلى استغلال التنظيمات المتطرفة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في شن هجماتها وتجنيد عناصر لها.
– من المتوقع أن يحتاج الجيش الهولندي لسنوات لرفع كفاءته، ليتقدم في الترتيب العالمي، وربما تصبح الأزمة الاقتصادية تحدياً أمام الحكومة الهولندية المقبلة لإنجاز هذه المهمة، بعد اقتراب الحزب الشعبوي اليمني المتطرف “الحرية” من تشكيل الحكومة.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=92151
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
الهوامش
Ministry of Defence
هولندا.. المشاريع الرئيسية في العراق وسوريا
بعد إعلان استعدادها لتوريد مقاتلات إلى أوكرانيا… ما هي قدرات القوات الجوية الهولندية؟
Nederlandse Ministerie van Defensie
