الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن اقتصادي ـ تداعيات حرب غزة على اقتصاد ألمانيا

نوفمبر 18, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)

يبدو أن تبعات التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس في غزة على مدار أكثر من شهر، لن تقف عند الأوضاع السياسية والإنسانية فقط في القطاع، بل تمتد أبعادها إلى اقتصاديات الدول الغربية التي تقدم الدعم والمساندة لإسرائيل، خاصة مع احتمالية طول مدة الحرب على غزة. وتعد ألمانيا في مقدمة الدول التي أعلنت دعمها بالمساعدات المالية والأسلحة إلى إسرائيل، في توقيت يعاني فيه الاقتصاد الألماني مما يطلق عليه مصطلح “الانكماش التقني” بعد تراجع في إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني على التوالي، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن أقوى اقتصاد في أوروبا، نظراً لأنها السابقة الأولى التي يتراجع فيها اقتصاد ألمانيا بهذه الدرجة منذ جائحة كورونا في 2020.

التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وإسرائيل

حرصت ألمانيا على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل طوال فترة حكم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لذا أصبحت ألمانيا ثاني أهم شريك تجاري بعد الولايات المتحدة لإسرائيل، بتصدير الغواصات والأسلحة وتوقيع اتفاقيات ومشاريع بحثية مشتركة، لاقتناع ألمانيا بأن إسرائيل بحاجة إلى هذا الدعم لمواجهة التهديد المحتمل من إيران والجماعات التابعة لها بالمنطقة، حتى دشنت ألمانيا في 2006 المجلس الاقتصادي الألماني- الإسرائيلي، لدفع العلاقات الاقتصادية وإزالة أي معوقات بين حركة التجارة البينية بين البلدين.

تأتي إسرائيل في مقدمة الشركاء التجاريين لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط، في المجالات التقنية والتكنولوجية والأمن السيبراني والبحث في العلوم الطبيعية والفيزياء. ووطدت شركات ألمانية مثل شركات “ميرك” و” سيمنس” العلاقات مع شركات تكنولوجية ناشئة إسرائيلية ووظفت موظفين إسرائيليين لديها، وفي الوقت نفسه تمتلك شركات ألمانية في مجال صناعة السيارات والاتصالات مثل “دايملر” و”فولكسفاغن” و”دويتشه تيليكوم” استثمارات ومراكز أبحاث تطوير مع شركات في إسرائيل.

بلغت الصادرات الألمانية إلى إسرائيل نحو (0.4%) من إجمالي الصادرات سنوياً، ووصلت الصادرات الإسرائيلية إلى ألمانيا (1.9) مليار دولار أمريكي في 2022، وشمل التعاون بين البلدين مجالات التكنولوجية الحيوية والصحة إضافة إلى الابتكارات الزراعية والطاقة.

في الفترة من أغسطس 2022 وحتى أغسطس 2023، بلغت صادرات ألمانيا (408) مليون يورو لإسرائيل، وشملت سيارات وآلات كهربائية وقاطرات سكك حديدية، ووصلت الواردات من إسرائيل إلى (227) مليون يورو وشملت أجهزة إلكترونية ومنتجات كيميائية ومعدات طبية، وأصبح الميزان التجاري إيجابي بقيمة (181) مليون يورو.

رغم الحرب على غزة وانخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلي لأقل مستوياته أمام الدولار الأمريكي، ومنح بعض الشركات الإسرائيلية آلاف الموظفين إجازة غير مدفوعة الأجر، إلا أن الشركات الألمانية مازالت تعمل داخل إسرائيل وسط ترقب لمصير التصعيد الراهن، نظرا لإدراك الدولتين أهمية الشراكة التجارية والاقتصادية بينهما، حيث أكد نائب المدير الإداري لغرفة الصناعة والتجارة الألمانية-الإسرائيلية شارم ريكوير، أن هناك مخاوف بين الشركات الألمانية في إسرائيل إزاء الأحداث الحالية خاصة في حالة اتساع رقعة الصراع وتدخل إيران فيه.أمن دولي ـ موقف ألمانيا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

التبادل التجاري مع إسرائيل

بلغت قيمة التبادل التجاري (8.94) مليار دولار في 2022، نظراً لطبيعة العلاقات الاستثنائية بين البلدين وتميز المنتجات المصنوعة في ألمانيا بجودة عالية، وامتلاك الشركات الألمانية الخبرة الكافية لدعم مشاريع البنية التحتية في إسرائيل. وقعت ألمانيا وإسرائيل في 29 سبتمبر 2023، على اتفاق بقيمة (3.5) مليار دولار تشتري بموجبه الأولى منظومة الدفاع الصاروخية المتطورة “آرو3” المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، بعد أن حصلت إسرائيل على موافقة الولايات المتحدة كونها شريك في تطوير هذه المنظومة.

تعتبر الدولتان هذه الصفقة نقلة نوعية في العلاقات التجارية بينهما، نظراً لأن هذا النظام يعد أحد أفضل أنظمة الدفاع الصاروخية، ويأتي في توقيت تطوير ألمانيا قدراتها العسكرية وسط تحديات سياسية وعسكرية في العالم. لم يتوقف التعاون بينهما حتى بعد اندلاع الحرب على غزة، وأعلنت الحكومة الألمانية في 9 نوفمبر 2023، عن ارتفاع الموافقات الخاصة بتصدير الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل بنحو (10) مرات عن عام 2022، ووصلت قيمتها (323) مليون دولار حتى 2 نوفمبر 2023. أكدت ألمانيا على أن طلبات تصدير الأسلحة لإسرائيل أصبحت أولوية لديها منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، رغم أن صادراتها من الأسلحة لإسرائيل بلغت (8.76) مليار يورو خلال الشهور التسعة الأولى في 2023، وتتمثل في مكونات أنظمة الدفاع الجوي ومعدات الاتصالات.

تأثر السياحة بسبب الحرب

تسببت الحرب على غزة في خفض بنك إسرائيل المركزي توقعات نمو الاقتصاد إلى (2.3%) خلال 2023، و(3.5%) في 2024 إذا استمر التصعيد في القطاع، خاصة في ظل انخفاض معدلات مبيعات تذاكر الطيران ما ينعكس على قطاعي السياحة والسفر. وتم إلغاء (%187) من الرحلات المقررة لإسرائيل في الفترة من 7 وإلى 19 أكتوبر 2023. وتراجعت رحلات الطيران من وإلى مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب بنسبة (80%) منذ بداية الحرب، وتهبط (100) رحلة يومياً بالمطار هذه الأيام مقارنة بـ (500) رحلة قبل الحرب. وألغت (50) شركة طيران عالمية من بينها شركات ألمانية رحلاتها من وإلى إسرائيل، ما أدى لتراجع حاد في السياحة ووصل (99) ألف سائح إلى إسرائيل في أكتوبر 2023، بينما استقبلت إسرائيل (369) ألف سائح في أكتوبر 2022.أمن اقتصادي ـ واقع الاقتصاد الألماني في ظل حرب غزة وأوكرانيا

عبء تقديم المساعدات إلى إسرائيل

يأتي التصعيد بين إسرائيل وحماس، في توقيت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تداعيات الحرب الأوكرانية، ما يشكل ضغطاً على الاقتصاد الألماني كونه متضرراً بشكل كبير من تداعيات الصراع الروسي الأوكراني. أشار وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في 11 أكتوبر 2023، إلى أن بلاده وإسرائيل يتفقان على أن الأخيرة ليست بحاجة لدعم عسكري بقدر احتياجها لدعم سياسي الآن، مؤكداً أن المساعدات المالية والإنسانية قائمة في حال احتياج إسرائيل لها. تترقب ألمانيا ركوداً ثانِ في 2023، بتراجع الناتج المحلي الإجمالي (0.1%) قبل نهاية العام الجاري، لتراجع الإنتاج الصناعي الذي تسبب في تراجع الناتج المحلي في الربع الثالث في 2023 بنسبة (0.2%). وانخفضت التوقعات بشأن انتعاش الاقتصاد الألماني في 2023 و2024، ومن المتوقع أن يشهد عام 2025 بداية التعافي في حالة إتمام إصلاحات هيكلية في الهجرة وأسعار الطاقة والبنية التحتية.

التبادل التجاري بين ألمانيا وفلسطين

وقعت ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي في 26 يناير 2022 منصة الاستثمار الفلسطينية بحضور ممثلي السلطة الفلسطينية، للاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والمشاريع البيئية في الضفة الغربية وغزة والقدس. وتعهدت ألمانيا في 23 مايو 2023 بتقديم (125) مليون يورو للسلطة الفلسطينية العامين المقبلين، لدعم مشروعات حيوية وقطاعي المياه والتعليم.

مساعدات ألمانيا للفلسطينيين

تعد ألمانيا ثالث أكبر مانح للفلسطينيين بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأكثر من (180) مليون يورو سنوياً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ووقعت برلين مع الأونروا في 3 أغسطس 2023 (3) اتفاقيات بقيمة (28) مليون يورو لدعم لاجئي فلسطين.رغم وقف ألمانيا في 9 أكتوبر 2023 مساعداتها للفلسطينيين بصورة مؤقتة، أعلنت في 20 أكتوبر عزمها لتقديم مساعدات بقيمة (50) مليون يورو للمدنيين في غزة. وقررت في 7 نوفمبر 2023 الإفراج عن مساعدات بقيمة (71) مليون يورو للفلسطينيين، وتقديم (20) مليون يورو إضافية كتمويل جديد.

مساهمات الاتحاد الأوروبي

يعد الاتحاد الأوروبي من أكبر الجهات المانحة للفلسطينيين بحوالي (300) مليون يورو كمساعدات مالية وطبية واجتماعية ورواتب، بجانب دعم الأونروا بـ (100) مليون يورو.  وأعلن عن حزمة مساعدات مالية في فبراير 2023 بقيمة (296) مليون يورو لعام 2023 لمواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية على أسعار الغذاء، وفي 15 أغسطس 2023 قدم الاتحاد الأوروبي (22) مليون يورو كمخصصات اجتماعية للأسر الفلسطينية.

على وقع هجوم حماس على إسرائيل، أعادت المفوضية الأوروبية مراجعة مشاريع التنمية المقدمة للفلسطينيين التي تصل إلى (691) مليون يورو، الأمر الذي عارضته وأيرلندا وإسبانيا ولوكسمبورغ، لتعلن المفوضية عدم تعليقها للمساعدات في الوقت الحالي مع ضمان عدم وصول تمويل التكتل الأوروبي لحماس. تراجع التكتل الأوروبي في قرار وقف المساعدات للفلسطينيين، لتخوفه من تضرر الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالضفة الغربية من نقص المساعدات المالية والاجتماعية، ما ينعكس سلباً على إسرائيل ويؤجج من الأوضاع السياسية هناك ويصب في صالح حماس.أمن دولي ـ كيف يتعامل المجتمع الدولي مع التصعيد في غزة؟

تقييم وقراءة مستقبلية

– رغم أن حجم التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وإسرائيل محدود في مجالات معينة، إلا أن اهتمام ألمانيا بتوطيد العلاقات التجارية انطلاقاً من توطيد العلاقات السياسية، يحمل على كاهل الاقتصاد الألماني بعض الأعباء الخاصة بتقديم مساعدات مالية وعسكرية في ظل استمرار الحرب على غزة، وتصدع الاقتصاد الإسرائيلي من تبعات الحرب التي تجاوزت الـ 40 يوماً.

– من المتوقع مطالبة إسرائيل لألمانيا الأيام المقبلة بمزيد من المساعدات المالية والعسكرية لطول أمد الحرب مع حماس، وإصرار إسرائيل على استمرار القصف البري والبحري والجوي على غزة، وفي المقابل تحرص ألمانيا على تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي لإسرائيل تأكيداً على موقفها المساند لها، خاصة بعد إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز رفضه لوقف إطلاق النار في غزة بهدنة فورية أو طويلة المدة، منعاً لمنح حركة حماس الفرصة لامتلاك صواريخ جديدة.

– طبيعة المساعدات العسكرية والمالية المتوقع تقديمها لدعم القوات الإسرائيلية أو الشركات العاملة في تل أبيب، بعد أن تسببت الحرب في تضرر قطاع السياحة وانخفاض معدل نمو الاقتصاد الإسرائيلي، ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الألماني الذي بات يعاني من حالة ركود غير مسبوقة منذ جائحة كورونا.

– في الوقت نفسه تفرض الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، على ألمانيا القيام بدورها في تقديم المساعدات للفلسطينيين، في ظل حصار إسرائيلي مطبق على غزة وتصاعد الممارسات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس.

– استمرار الحرب على غزة سينعكس على أمن الطاقة والغذاء في العالم، ما يشكل عبئاً على ألمانيا واقتصادها خاصة وأن ملفي الغذاء والطاقة بحاجة لإعادة هيكلة، لذا ينبغي أن تعيد الحكومة الألمانية النظر في سياساتها لتأمين حاجاتها من الطاقة وضبط أسعار الغذاء والسلع.

– ينبغي على الحكومة الألمانية مراجعة بنود الميزانية وأولويات الإنفاق، في ضوء الحرب الأوكرانية والتصعيد في غزة، خاصة وأن ألمانيا منحت الإنفاق العسكري أولوية كبيرة، بجانب مسألة الهجرة واللجوء المتوقع تفاقمهما الفترة المقبلة والتي تحتاج إلى مخصصات مالية ضخمة، لاستيعاب تداعياتها على ألمانيا بشكل خاص والاتحاد الأوروبي بشكل عام.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=92061

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

ما تداعيات حرب إسرائيل وحماس على اقتصاد ألمانيا؟

https://bit.ly/47togR8

Germany and Israel: Bilateral relations

https://bit.ly/3MCZh63

ألمانيا تتعهد بمساعدات بقيمة 125 مليون يورو للسلطة الفلسطينية

https://bit.ly/3QT149H

ألمانيا تعلق مساعداتها للأراضي الفلسطينية مؤقتا لحين مراجعتها

https://bit.ly/3FV0MsI

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...