جاري التحميل ...
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير
اليمين المتطرف في أوروبا ـ تفكيك الخطاب المتطرف وسماته (ملف)
يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع اليمين المتطرف في أوروبا من حيث تفكيك خطابه وسماته، وأسباب ودلالات صعوده ، وتأثيره على تصاعد حالات الإسلاموفوبيا، ومخاطر تنامي جماعات اليمين المتطرف وتهديدها للأمن القومي الأوروبي. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- محاربة التطرف ـ تفكيك خطاب اليمين المتطرف
- اليمين المتطرف في أوروبا ـ أسباب ودلالات الصعود
- اليمين المتطرف في أوروبا ـ تصاعد حالات “الإسلاموفوبيا” في أوروبا
- اليمين المتطرف في أوروبا ـ المخاطر والتهديدات
1- محاربة التطرف ـ تفكيك خطاب اليمين المتطرف
يتسم خطاب اليمين المتطرف في أوروبا بالقومية والإقصاء المتمثل في العنصرية والاستعلاء العرقي، والحض على الكراهية تجاه الأجانب واللاجئين، ورفض أى ثقافة أو هوية تتعارض مع الهوية والثقافة الأوروبية، ودائماً ما ينظر اليمين المتطرف إلى أوروبا أنها تخص الأوروبيين فقط. وأصبحت المدن الأوروبية وشبكات التواصل الاجتماعي والمدونات مصدراً لانتشار خطابات الكراهية. وشجع استغلال الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا خطابات الكراهية كأداة سياسية بعض الأحزاب التقليدية في أوروبا لاتباع الأسلوب نفسه لتحقيق مكاسب سياسية.
خطاب شعبوي إقصائي
نشرت مجموعة “البديل الوطني” “Patriotic Alternative فيديو يحض على الكراهية ونظمت احتجاجاً مع لافتة كتب عليها “أوروبا هي أرض تخص الأوروبيين”. ونشر حزب بريطانيا أولاً “Britain First” مقطع فيديو مماثل على “تيليغرام” وشبكات التواصل الاجتماعي الأخرى يحض على معاداة اللاجئين والمسلمين ورفض إى ثقافة أو هوية تتعارض مع الهوية والثقافة الأوروبية. يقول “بييرو إجنازي” أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بولونيا”، و”هانس جورج بيتز” الباحث الألماني، و”كاس مود” عالم السياسة الهولندي، وغيرهم، أن أفضل تعريف عملي لليمين المتطرف المعاصر هو “الجمع بين أربعة عناصر هي: القومية والإقصاء المتمثل في العنصرية ورهاب الأجانب والاستعلاء العرقي”. أمن أوروبا … إعادة تقييم مخاطر اليمين المتطرف
خطاب راديكالي
أصبح موقع المدونات القصيرة Twitter مصدراً رئيسياً لانتشار وتضخيم الكراهية ضد المسلمين. ثار جدل حول موقف اليمين الأوروبي المتطرف من الإسلام والمسلمين في أبريل 2022 مع نشر السياسي اليميني الهولندي “خيرت فيلدرز” زعيم حزب “الحريات اليميني” مقطع فيديو على حسابه على”تويتر” يعادي الإسلام والمسلمين. وبدأت الأحزاب المعتدلة في أوروبا والحكومات في تبني خطاب يتماهى مع خطاب اليمين المتطرف، فعلى سبيل المثال أشار “إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي إلى أن “مسلمي فرنسا يمكن أن يشكلوا “مجتمعاً مضاداً” وأن الإسلام يواجه “أزمة” في جميع أنحاء العالم”.
تؤكد استطلاعات الرأي أن ميل المجتمع الفرنسي إلى اليمين أكثر يشرح النجاحات التي حققها حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف وتشير إلى أن (39%) من الذين استطلعت آراؤهم متفقون مع الأفكار والمقترحات التي يدافع عنها “التجمع الوطني”. ويؤكد الاستطلاع أن النجاح الذي يحققه حزب التجمع الوطني لم يعد محصورا في الأوساط الشعبية إنما تعداها إلى مختلفة الشرائح الاجتماعية، ما يرى فيها خبراء “تطبيعاً” مع الحزب الذي يتمتع بماضٍ إشكالي ومواقف سياسية واجتماعية جدلية في 30 أغسطس 2022. شجع استغلال الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا الإسلام كأداة سياسية بعض الأحزاب التقليدية في بلجيكا على اتباع الأسلوب نفسه وخاصة في إقليم “الفلامان” في 24 فبراير 2022.
التحريض على العنف
نشرت أكثر من (20) مجموعة لليمين المتطرف في فرنسا عبر “تليغيرام” خطابات للتحريض ومقاطع صوتية تؤكد أن الأعداء هم المسلمون واقتراح إنشاء مجموعات ميدانية من أجل استهدافهم في الشوارع في الثالث من أبريل 2023. تسللت جماعات اليمين المتطرف والنازيون الجدد في الرابع من أبريل 2023 إلى المواقع والمنصات الإلكترونية في فرنسا والدعوة لقتل المسلمين، ويعمل جنود من الجيش وأفراد الشرطة في هذه المجموعات بأنحاء فرنسا كافة.
كشفت الإحصائيات في عام 2022 أنه في فرنسا عام 2021 ، سجل حوالي (12500) جريمة ذات طبيعة عنصرية أو معادية للأجانب أو معادية للدين، ويمثل هذا ارتفاعًا بنسبة (13%) في الجرائم، و (26%) في الغرامات مقارنة بعام 2019. كما كشفت السلطات الألمانية في 12 مايو 2022 عن تحقيقات ضد تلميذ على خلفية الاشتباه في إعداده لصنع قنابل ونشر مواد دعائية ضد المسلمين. ملف تنامي اليمين المتطرف في اوروبا
مناهض للهجرة واللاجئين
ساهمت جماعات اليمين المتطرف في بريطانيا وعدة دول بنسبة (86%) من المحتوى المعادي للمسلمين على الإنترنت خلال فترة تمتد إلى (3) أعوام، ولوحظ انتشار التغريدات المعادية للمسلمين والخطابات المناهضة للهجرة التي أثارتها أزمة اللاجئين، والخطاب المحيط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 16 سبتمبر 2022. كما أطلق عدد من السياسيين الإيطاليين تصريحات معادية للإسلام في العام 2022. تشير الإحصائيات إلى أن (65%) من جميع التغريدات التي ذكرت في إيطاليا في العام 2022 احتوت على محتوى معاد للاجئين، مقارنة بـ (59%) عام 2020.
التاريخ النازي
صرح ” إيريك زمور” في 6 فبراير 2022 المرشح السابق للانتخابات الفرنسية “ما يحدث ليس مواجهة سلطة مع منحرفين بل أكثر من ذلك، هو صراع بين حضارتين في فرنسا، ويجب على الحضارة الفرنسية أن تفرض نفسها على الأخرى”. وأضاف أن “المنحرفين الذين يقطنون الأبنية السكنية المرتفعة هم رفاق “للجهاديين” ، في معركة تضع المهاجرين في مواجهة الثقافة الفرنسية الأصيلة”.
دخل اليمين المتطرف الذاكرة السياسية من بوابة التاريخ ففي ألمانيا تدعو الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى الفخر بأنفسهم وبإنجازات الجنود الألمان في الحربين العالميتين على غرار الفخر الفرنسي”بنابليون بونابرت”. سعى اليمين المتطرف في ألمانيا لرد الاعتبار للإمبراطورية الألمانية ودورها في الحرب العالمية الأولى. ويهدف اليمين المتطرف إلى جعل “الألمان فخورين بتاريخهم”. نشرت مجلة “كومباكت” القريبة من الحزب اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا” عددا خاصا كرّس لمعاهدة “فرساي” الموقعة في العام 1919 والتي حملت الرايخ مسؤولية الحرب الكبرى وفرضت على البلاد دفع تعويضات هائلة.
تبنت الجماعات اليمينية المتطرفة في المملكة المتحدة رموزاً وعلامات مختصرة ومبهمة كثيرة للفخر بالتاريخ النازي منها على سبيل المثال الرقم “18” الذي يختصر الحرفين الأولين لاسم ” أدولف هتلر”. فالحرف “A ” رقمه “1” في الأبجدية الإنكليزية، والحرف “H” رقمه “8”، وتكريماً لـ”هتلر” والفخر البريطاني بـ”ونستون تشرشل”.
مخاوف وتهديدات
عبر حوالي (30 إلى 50 %) الذين تم استطلاع رأيهم عن وجهات نظر معادية للمسلمين والإسلام في ألمانيا. وكل أسبوع تقريباً هناك تقارير عن إلحاق أضرار بأحد المساجد في ألمانيا. كما يحدث هذا في البرلمان الاتحادي “البوندستاغ” وبرلمانات الولايات من خلال النازيين، وبشكل متنام من قبل ممثلي الأحزاب الرئيسية، التي تريد اقتناص أصوات الناخبين على الهامش اليميني في 21 مارس 2023. اليمين المتطرف داخل وكالات الأمن و الدفاع الألمانية، حجم المخاطر والمعالجات
يزيد خطاب الكراهية من مخاوف الجاليات المسلمة في أوروبا، والذي يتمثل في سعي بعض الحكومات وأحزابها السياسية، للمزايدة على ما تطرحه أحزاب اليمين المتطرف، عبر تبني خطاب يتماهى مع خطاب تلك الأحزاب، بهدف كسب مزيد من الأصوات الانتخابية وهو ما يدفع الحكومات إلى اتخاذ خطوات ضد الجاليات المسلمة لتعزيز موقعها في الشارع الانتخابي.
تفكيك الخطاب اليمين المتطرف
قدم وزير العدل الألماني في 12 أبريل 2023 النقاط الرئيسية لقانون خطاب الكراهية والذي يتطلع إلى حظر حسابات المستخدمين وإجبار مشغلي المنصات على الكشف عن عناوين “IP”. من خلال “قانون الحماية من العنف الرقمي”، يهدف وزير العدل الفيدرالي الألماني “ماركو بوشمان” (FDP) إلى إجبار المنصات على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد خطاب الكراهية بما يتجاوز حذف المشاركات المسيئة إلى حظر المستخدمين.
افتتح المركز الأوروبي للشفافية الحسابية أو الخوارزمية في 18 أبريل 2023 لمكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت، حيث يقدم المركز المشورة للمفوضية الأوروبية بشأن تنفيذ قانون الخدمات الرقمية الأوروبي، ما يمهد الطريق أمام تعزيز شفافية الخوارزميات التي تستخدمها شركات التكنولوجيا، لتوجيه المستخدمين إلى محتوى معين.
معالجات
ينبغي عدم التقليل التقليل من شأن خطاب الكراهية” لا سيما في المجال السياسي، وكذلك في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الدول الأوروبية وشركات المواقع التواصل الاجتماعي تكثيف التعاون وتطوير الإجراءات والتدابير الفنية والرقابة البشرية لحذف خطاب الكراهية مصحوبة بمعالجات فكرية لتلك الخطابات.
**
2- اليمين المتطرف في أوروبا ـ أسباب ودلالات الصعود
شهدت أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، صعود اليمين المتطرف في أوروبا على مستوى الأحزاب السياسية، البرلمانات والبرلمان الأوروبي بالتوازي مع تمدد اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية في أوروبا، وهذا ما يمكن أعتباره “جرس إنذار” ومؤشر خطير على تراجع الأحزاب التقليدية الكبيرة في أوروبا. انتخبت بولندا حكومة يمينية متطرفة، ثم شهد العام التالي خروج المملكة المتحدة من الكتلة في عام 2016. وتبع ذلك انتخاب حكومات يمينية متطرفة في النمسا وإيطاليا، وأعادت المجر انتخاب حزب “فيكتور أوربان” في عام 2018. بعد ذلك، أعادت بولندا انتخاب نفس حكومتها في عام 2019. ساهم في ذلك المخاوف بشأن تكاليف المعيشة وأزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا والهجرة والإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب، وذلك يفسر ظاهرة صعود اليمين المتطرف في أوروبا.
الهوية
يعتمد خطاب اليمين المتطرف على عامل “الهوية”، تكمن المشكلة أن الناخبين الأوروبيين ينجذبون إلى لغة تعطي الأولوية للهوية الوطنية في 7 ديسمبر 2022 . تعد مطالبة بولندا بالتعويضات خلال الحرب العالمية الثانية مصدراً لجذب الأصوات القومية للبولنديين. علاوة على ذلك، فإن الأحزاب التي تروق للهوية الأوروبية آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء أوروبا، ويعتبر نجاح “الديمقراطيين السويديين” في السويد و”فراتيلي دي إيطاليا” في إيطاليا أحدث الأمثلة على هذه الظاهرة. محاربة التطرف ـ تفكيك خطاب اليمين المتطرف
يٌعد فوز “ميلوني” دليل آخر بعد الأداء الجيد لليمين المتطرف في كل من فرنسا والمجر والسويد على صعود قادة اليمين المتطرف في أوروبا التي تعصف بها الهجرة والمشاكل الاقتصادية وتدور في شقها الشرقي حرب مدمرة. يعتبر تولي “ميلوني” رئاسة الوزراء في إيطاليا في سبتمبر 2022 حدثا فاصلاً، نظراً لتصاعد الخطاب المناهض للمهاجرين ما يمثل لحظة تاريخية مقلقة في السياسة الأوروبية.
أزمة المناخ
تنكٌر االجماعات اليمينية المتطرفة بشكل أساسي ظاهرة تغير المناخ، لكنها في المقابل ترى إمكانية الاستفادة من المخاوف الناجمة عن هذه الظاهرة خاصة في ظل ظواهر الطقس التي تعصف بالعالم مثل الفيضانات ومواسم الجفاف طويلة الأمد. دعا جناح الشباب في حزب ” البديل من أجل ألمانيا ” اليميني في 26 مايو 2022 إلى تبني قضية تغير المناخ كأداة لجذب عناصر جديدة رغم إنكار الحزب لظاهرة التغير المناخي .اليمين المتطرف داخل وكالات الأمن و الدفاع الألمانية، حجم المخاطر والمعالجات
الهجرة
تراجع تأييد الألمان للحق في اللجوء في بلادهم حيث يرى (39%) في ألمانيا الحق في اللجوء في شكله الحالي جيداً، يذكر أن هذه النسبة كانت تبلغ (52%) في عام 2017. وفي المقابل ذكر (49%) ممن شملهم الاستطلاع أنه لا بد من تقييد الحق في اللجوء في ألمانيا، فيما كانت تبلغ نسبة من يرون ذلك (39%) فقط في عام 2017. يرى (20%) فقط ممن شملهم الاستطلاع من المواطنين الألمان أن بلادهم قادرة حالياً على استقبال مزيد من اللاجئين، وفي المقابل رأى (59%) ممن شملهم الاستطلاع أن ذلك أمر غير ممكن في 23 مارس 2023.
قٌوبلت سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة الألمانية السابقة “أنغيلا ميركل” مع اللاجئين السوريين عام 2015 بانتقادات من خارج ألمانيا وداخلها – بل ومن داخل حزبها المحافظ، الحزب المسيحي الديمقراطي. أدت تلك السياسة في 14 سبتمبر 2022 مع مرور الوقت إلى صعود حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المعارض للهجرة، الذي أصبح بعد ذلك بعامين ثالث أكبر حزب في البرلمان الاتحادي الألماني “البوندستاغ”. ويرى البعض أنها أسهمت أيضا في تزايد شعبية حركة “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب”، المعروفة اختصارا بحركة “بيغيدا”.
تٌعد إيطاليا واحدة من الدول التي تدفع بشدة نحو صرامة أكبر في المراقبة، وشددت من إجراءاتها ضد الهجرة، وضغطت بشدة على المنظمات الإنسانية التي تنقذ المهاجرين في البحر ومنعت عددا من سفنها من الرسو على سواحلها، كذلك المجر وبولندا التي تتبنى مواقف مناهضة لسياسات اللجوء والهجرة.
التحولات في أنماط التصويت والدعم المالي
ساهم في صعود بعض الأحزاب اليمينية في أوروبا التحولات في أنماط التصويت بين أولئك الذين اعتادوا أن ينتسبوا تقليدياً إلى الوسط السياسي- أحزاب يسارية ، لكنها أصبحت غير راضية بشكل متزايد عن برنامجها السياسي. يقول “كاس مود” الباحث في شأن اليمين المتطرف إن “صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، وكذا تبني أطر اليمين المتطرف من الأحزاب الأخرى، أمر مهم”، وربما زاد هذا من مخاطر زعزعة استقرار أوروبا أكثر من الفوز في مجموعة من النسب في استطلاعات الرأي”.
تقدم دول خارجية الدعم المالي للعديد من الأحزاب الشعبوية اليمينية وتستخدمها كأحصنة طروادة داخل الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، حصلت “مارين لوبان” على قروض كبيرة لحملتها الانتخابية، وهذا بدوره أدى بها إلى تعديل وجهات نظرها بشأن التدخلات أزمة أوكرانيا.
الأزمات الاجتماعية
حذر رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية “ماركوس زودر” من تزايد قوة التيار المتطرف في ظل أزمة الطاقة، وناشد الأحزاب الديمقراطية المزيد من الاتحاد، وتقدم حزب “الحرية” في استطلاعات الرأي واكتسب حزب الحرية “FPÖ” زخماً مع تزايد المخاوف بشأن تكلفة المعيشة على المواطنين بالإضافة إلى الهجرة” أصبح الحزب الأكثر شعبية في النمسا. يبدو أن الأزمات السياسية والاجتماعية في أوروبا كالأزمة الناجمة عن تعديل نظام التقاعد في فرنسا تتيح لليمين المتطرف تحقيق تقدم ملحوظ تمهيداً للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2027.
كشف استطلاع للرأي أن زعيمة اليمين المتطرف “مارين لوبن “التي وصلت إلى الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية السابقة، ستحقق نتائجَ أفضل بكثير إذا جرى اقتراع جديد. وأن (58%) من الفرنسيين يعتبرون” لوبن” قريبة من اهتمامات الفرنسيين، بزيادة قدرها نقطتين خلال عام واحد و”متمسكة بالقيم الديمقراطية” (57 %) و”تتمتع بالأهلية” (52%) و”قادرة على إصلاح البلد” (51 %). ورأى (47%) من الذين استطلعت آراؤهم أن “مارين لوبن” تتمتع بصفات رئيسة للجمهورية” في 6 أبريل 2023.
أزمة أوكرانيا
أدت أزمة أوكرانيا إلى ظهور النزعات المؤيدة لليمين المتطرف ويؤكد “كارل ديفوس” من جامعة غينت: “هذه الأزمات الوجودية تترك أثراً مزعزعاً للاستقرار، وتقود إلى الخوف”، و”الخوف هو أرضية تفرخ اليمين المتطرف، وعادة ما يميل الناس لترجمة الخوف إلى غضب وسلوك عنصري”.
رصدت دراسة ألمانية في 10 نوفمبر 2022 انقساما مماثلا في المجتمع فيما يتعلق بردود الفعل على أزمة أوكرانيا. وحسب الدراسة فإن المستفيد الأول من أجواء الأزمة، هو حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي. وهذه ليست المرة الأولى، ففي عام 2015 أصبح حزباً شعبياً قومياً بسبب رفضه للهجرة، وجاء في الدراسة “الاستياء ضد المهاجرات والمهاجرين ساعد الحزب مثلما ساعده خطابه العنيف”.
التطرف الإسلاموي
هاجم شخص مسلح بساطور كنيستين في مدينة الجزيرة الخضراء جنوبي إسبانيا ما أدى لمقتل شخص وإصابة آخرين بينهم كاهن، في اعتداء رجحت السلطات أنه “إرهابيا”. دعا حزب “فوكس” اليميني المتطرف الحكومة إلى طرد المهاجرين من وعدم استقبال عدد جديد اللاجئين شن رئيس الحزب “سانتياغو أباسكال” هجوماً لاذعاً على المهاجرين وما سماه بـ”الإسلاموية” التي قال “إنه لا يمكن السماح لها بالوجود في إسبانيا”، منتقداً منح الإعانات للمهاجرين غير الشرعيين، في وقت يعاني المواطنون الإسبان تصرفاتهم” في 29 يناير 2023.
تزامن صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا، مع تصاعد العداء للمسلمين، أو ما بات يعرف بـ”الإسلاموفوبيا”، وهي ظاهرة فكرية تستند إلى تنميط للمسلمين المهاجرين، وتروج لفكرة أنهم غير مندمجين في مجتمعاتهم، وأنهم يشكلون بؤراً للإرهاب. على سبيل المثال، ثار جدل حول موقف اليمين الأوروبي المتطرف من الإسلام والمسلمين في أبريل 2022 مع نشر السياسي اليميني الهولندي المتطرف، “خيرت فيلدرز” زعيم حزب الحريات اليميني، مقطع فيديو على حسابه على “تويتر” عنون له بعبارة “لا للإسلام لا لرمضان.. حرية، لا للإسلام “. أمن أوروبا … إعادة تقييم مخاطر اليمين المتطرف
المعالجات
ينبغي على الأحزاب المعتدلة في أوروبا تعزيز التعاون لإعادة النظر في الأزمات والقضايا كسياسات الهجرة واللجوء وذلك بشكل فعال من خلال التحكم بفعالية في طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي. والوصول إلى اتفاق سياسي على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن تحديد سقف لأسعار الطاقة في محاولة لمعالجة ارتفاع أسعار الطاقة والمعيشة. كذلك استهداف الاتحاد الأوروبي لخطابات الكراهية والمعلومات المضللة لليمين المتطرف الموجودة على شبكة الإنترنت.
**
3- اليمين المتطرف في أوروبا ـ تصاعد حالات “الإسلاموفوبيا” في أوروبا
تشهد أوروبا زيادة ملحوظة في ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في أعقاب صعود التيار اليميني المتطرف، وتفاقم عدد اللاجئين. ليبقى تحدى السيطرة على اشكالية “الإسلاموفوبيا” في أوروبا قائماً من خلال سن تشريعات وقوانين واضحة تدعم مكافحة التمييز بحق المسلمين وتجرم خطاب اليمين المتطرف العدائي.
اليمين المتطرف وتنامي خطاب “الإسلاموفوبيا”
بينما تسعى الدول الأوروبية لاحتواء العنف الذي يرتكبه اليمينيون المتطرفون للمهاجرين، بما في ذلك الجماعات المعادية للأجانب، للمسلمين والسامية، والتعامل مع الأسباب الجذرية لعنفهم، لم يتم فعل الكثير لاحتواء خطاب الكراهية أو “الإسلاموفوبيا”. وفي حين ترفض الأغلبية الساحقة من الأوروبيين تكتيكات اليمينيون المتطرفون العنيفة، فإن خطابهم ينتقل من الهامش والجماعات العنصرية إلى الأحزاب الرئيسية والمؤسسات الحكومية، بحيث أصبح الخطاب التحريضي ضد الإسلام شائعاً تدريجياً في الحملات السياسية والخطاب اليومي.
تحرض جماعات اليمين المتطرف ضد المسلمين، وفي بعض الأحيان، يستخدمون حرق القرآن وسيلة لأستفزاز المسلمين وحشد الدعم وتجنيد أتباع جدد والتحريض على العنف. في يناير 2023 أضرم الناشط اليميني المتطرف راسموس بالودان النار في نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية ستوكهولم، وقد سمحت له الشرطة بذلك وأحاطت به بينما كان يتعمد القيام بهذا الفعل، وكان قد أدين في السابق بتهمة ارتكاب إساءات عنصرية. وقد ارتكب أفعالاً مماثلة من قبل، مما أثار احتجاجات عنيفة في السويد في إبريل 2022، عندما ذهب في جولة في البلاد وأحرق نسخاً من القرآن علناً.
وكانت جماعات متطرفة مثل “الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب” المعروفة باسم بيجيدا بتنفيذ أعمال مماثلة وحرضت ضد الإسلام والمسلمين في دول أوروبية أخرى بما في ذلك حرق نسخة من القرآن في أمستردام في أكتوبر 2022. وحدث أيضاً في إبريل 2021 عندما نشر السياسي اليميني الهولندي المتطرف، “خيرت فيلدرز”، زعيم حزب الحريات اليميني، مقطع فيديو على حسابه على “تويتر” عنون له بعبارة “لا للإسلام لا لرمضان لا للإسلام “، وهو الفيديو الذي أغضب الجالية المسلمة في أنحاء أوروبا، كما أغضب ملايين المسلمين في أنحاء العالم.
والمتابع لأنشطة اليمين المتطرف في أوروبا، يمكنه أن يدرك بسهولة، أن تلك الجدلية المستمرة، بين دعاوى حرية التعبير من جانب تلك الأحزاب اليمينية، والاتهامات بازدراء المقدسات الدينية من قبل الجاليات والدول المسلمة على الجانب الآخر، ما تلبث أن تهدأ في بقعة أوروبية حتى تندلع في بقعة أخرى بفعل تصرفات من هذا القبيل. ملف: اليمين المتطرف في أوروبا ـ أسباب تزايد المخاطر
واقع “الإسلاموفوبيا” في أوروبا
كشفت تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا في أوروبا عن أرقام صادمة في تقريرها السنوي لسنة 2022 حول انتشار ظاهرة كراهية الإسلام في مختلف الدول الأوروبية عامة وفرنسا خاصة. وسجلت التنسيقية (467) حادثة تتعلق بالعنصرية، و (128) حادثة تتعلق بالكراهية والاستفزاز، و(71) حادثة تتعلق بالإهانات، و(59) حادثة تتعلق بالتحرش الأخلاقي، و (44)حادثة تتعلق بالتشهير، و (27) حادثة لها صلة بالاعتداءات الجسدية، و (33) حادثة مرتبطة بقانون مكافحة الانفصالية.
وتُعدّ المدارس تربة خصبة لانتشار مظاهر “الإسلاموفوبيا” حيث تم رصد (115) حادثاً فرعيا بالتعليم الثانوي و(34) للتعليم الابتدائي و(19) للتعليم العالي. فيما أظهر تقرير أوروبي صدر نهاية سنة 2021 أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” بدأت تسري داخل قطاع التعليم لدى دول القارة، إلى جانب اتساع انتشارها في المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية خلال عام 2020 مقارنة بسابقه. وفي دراسة أجريت عام 2021 حول التمييز في مدارس برلين، أظهرت أن (78٪) من الطلاب المسلمين قالوا إنهم عانوا من معاملة غير متساوية مقارنة بأقرانهم ، خاصة الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب. وتوصل أكاديميون إلى أن النظام التعليمي في أوروبا بات يحتوي تطبيقات معادية للمسلمين فيما لجأت دول إلى التعليم وسيلة لتعزيز التحريض ضدهم.
تعرضت منسقة المفوضية الأوروبية لمكافحة الكراهية ضد المسلمين ماريون لاليس لهجوم لاذع، في 15 مارس 2023 بعد أن نشرت مقطعاً مصوراً على صفحتها الرسمية على موقع تويتر بمناسبة اليوم العالمي ضد “الإسلاموفوبيا”، ظهرت فيه وهي تتحدث باللغة العربية، قائلة إن “مكافحة الكراهية ضد المسلمين والأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم مسلمون هي جزء لا يتجزأ من العمل الأوسع حول مكافحة العنصرية والتمييز”.. أعمال العنف والتحريض على الكراهية ضد المسلمين لا تتماشى مع القيم التي بني على أساسها الاتحاد الأوروبي، بل إن هذه الأعمال تزيد من الشعور بعدم الأمان من جانب مواطنينا”.
ما أثار ضجة واسعة على المنصات الرقمية وطالتها انتقادات عدة وصلت إلى حد وصفها بـ”عدوة أوروبا وعميلة للاجتياح الإسلامي”. قال القيادي في حزب اليمين المتطرف الفرنسي داميان ريو: إن “الاتحاد الأوروبي يسير يومياً من سيئ إلى أسوأ. “مدام إسلاموفوبيا” ماريون لاليس تنشر الآن فيديوهات باللغة العربية رغم أنها ليست لغة معتمدة داخل الاتحاد”.
المملكة المتحدة
استمرت حوادث العنصرية ضد المسلمين على جميع مستويات المجتمع، وتجددت الدعوات لحزب المحافظين للتصدي لكراهية الإسلام داخل صفوفه. تخلى الحزب عن وعده بالتوصل إلى تعريف للـ”إسلاموفوبيا”، وهو ما تعهد به بعد فشله في تبني المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب حول تعريف المسلمين البريطانيين. تم الكشف عن العديد من الأمثلة لأفراد لم يحاسبوا أبدا على خطابهم المعادي للإسلام، وفي بعض الحالات تم انتخابهم لمناصب قيادية. كشف تحقيق أجراه فريق الاستخبارات Byline, The Citizen في فبراير 2023 أن “ما يقرب من ثلثي مستشاري حزب المحافظين ورؤساء الجمعيات الذين تم التحقيق معهم أو إيقافهم عن العمل في السنوات الأخيرة بسبب الإدلاء بتصريحات أو أفعال عنصرية أو معادية للإسلام قد أعيدوا إلى مناصبهم أو ظلوا في مناصبهم”. وكما هو الحال في السنوات السابقة، فإن وجود وجهات نظر معادية للمسلمين والإدلاء بتصريحات معادية للإسلام لم يؤد إلى عواقب تذكر على الأفراد في الحزب.
أصدرت وزارة الداخلية البريطانية في أكتوبر2022 أرقام جرائم الكراهية، والتي أظهرت أن جرائم الكراهية ارتفعت بنسبة (26٪) من عام 2021 حتى مارس 2022، مع تحديد (8,307) جرائم كراهية دينية. ضمن هذا، كانت (42٪) من الجرائم ضد المسلمين، في حين أن (23٪) منها استهدفت اليهود. بالإضافة إلى ذلك، لفتت قضية غني الانتباه إلى “الإسلاموفوبيا” في قطاع العمل. تقارير جديدة وجد هذا العام أن التمييز كان موجودا في مكان العمل، حيث ذكر حوالي سبعة من كل (10) مسلمين أنهم تعرضوا لشكل من أشكال السلوك المعادي للمسلمين.
فرنسا
تمثلت “الإسلاموفوبيا” في فرنسا في عام 2022 مرة أخرى من دور الحكومة في تعميم العنصرية ضد المسلمين وتجديد الدعوات لحظر الحجاب في المجتمع الفرنسي. حيث صوت مجلس الشيوخ الفرنسي لحظر الحجاب في الألعاب الرياضية تحت ستار “الحياد”. إلا أنه لم تتم الموافقة على الاقتراح، من المهم أن نتذكر أن “الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لا يزال يستبعد النساء المسلمات من اللعبة بسبب الحظر المفروض على الرموز الدينية” . واحتل “البوركيني” عناوين الصحف مرة أخرى حيث صوت مجلس مدينة غرونوبل في مايو 2022 للموافقة على ارتداء ملابس السباحة لكامل الجسم في حمامات السباحة العامة. فكان رد الفعل العنيف فوريا، ورد المرشحون الرئاسيون على الفور بوصف لوبان “البوركيني” بأنه تهديد للعلمانية الفرنسية. كما تدخل وزير الداخلية في البلاد، واصفا التصويت بأنه “استفزاز غير مقبول” و”يتعارض مع قيمنا”، مضيفاً أنه سيقدم طعناً قانونياً ضد السياسة الجديدة. ولاحقاً تدخلت محكمة فرنسية ومنعت قرار المجلس.
ألمانيا
حسب تحقيق أجراه مجلس خبراء الاندماج والهجرة نشر في خريف عام 2022 عبر حوالي ثلث إلى نصف الذين تم استطلاع رأيهم عن وجهات نظر معادية للمسلمين والإسلام. وكل أسبوع تقريبا هناك تقارير عن إلحاق أضرار بأحد المساجد في ألمانيا. وذكر تقرير صادر عن وزارة الدولة للهجرة واللاجئين والادماج الألمانية في 11يناير 2023 أن هناك ما يقرب من (22000) هجوم لليمين المتطرف كل عام في ألمانيا، استهدف فيه المسلمين بنسبة (55٪) أكثر من أي دين أخر. كما تم تسجيل (732) اعتداء عنصرياً في البلاد في عام 2021، استهدف (54) منها دور العبادة أو المساجد أو المباني التابعة للجالية المسلمة، وأن هذه الهجمات مرتبطة باليمين المتطرف والنازيين الجدد.
لمواجهة هذا، عزز ائتلاف الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار أولاف شولتس وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي وكالة مكافحة التمييز في البلاد من خلال تعيين فيردا أتامان كأول مفوض فيدرالي مستقل لمكافحة التمييز في يناير 2023 . ووفقاً لأتامان، فإن الأحزاب الحاكمة وعدت أيضا بتعديل يبسط القانون العام المعقد للغاية للمساواة في المعاملة والمعروف باسم AGG في ألمانيا لتسهيل الأمر على المتضررين للدفاع عن أنفسهم ضد التمييز.
المفوضية الأوروبية
اتهمت جماعات إسلامية ناشطة المفوضية الأوروبية، بالتقاعس عن مكافحة خطاب “الإسلاموفوبيا”. وفي أكتوبر 2022، قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (CJEU) بأنه “يمكن لشركات الاتحاد الأوروبي حظراللافتات الدينية المرئية، بما في ذلك الحجاب ، إذا كانت القواعد تنطبق على جميع العمال”. وهذا يعني أنه يمكن منع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب في مكان العمل، مما سيحد من مشاركتهن في الحياة العامة ويؤثر على استقلالهن المالي
وسبق أن وقعت أكثر من (40) منظمة غير حكومية إعلاناً مشتركا للتعبير عن “مخاوفها” بشأن “إنكار الاتحاد الأوروبي للـ”إسلاموفوبيا”. ولطالما اشتكت جماعات حقوق المسلمين من أن مواقف معاداة السامية والعنصرية قد تلقت أموالا إضافية لتوظيف موظفين في حين أن موقف الكراهية المعادي للمسلمين لم يتلق. إذ تم إنفاق (200000) يورو إضافية على تقديمين لمكافحة العنصرية في الاتحاد الأوروبي في عامي 2020 و 2021، ولكن عندما يتعلق الأمر بموظفي الكراهية المعادية للمسلمين، لم يتم اتخاذ مثل هذه الترتيبات. ملف الإسلاموفوبيا في أوروبا الواقع والمخاطر
مساعي أوروبية للحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا
عين الاتحاد الأوروبي منسقا جديدا لمكافحة ” الإسلاموفوبيا” في 10 فبراير 2023 مؤكداً أن ذلك يأتي لتعزيز الاستجابة في وجه الكراهية والتمييز الفردي والبنيوي ضد المسلمين في الاتحاد الأوروبي جاء ذلك بعد أن اشتكى نشطاء حقوق المسلمين من أن الاتحاد الأوروبي “يقلل من مخاوف المسلمين” من خلال ترك المنصب شاغراً لأكثر من عام. وستكون مهمة المنسقة “العمل مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأوروبية والمنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية لتعزيز الاستجابات السياسية في مجال الكراهية ضد المسلمين”. إن الوصف الوظيفي للمنسقة وتفويضها كما هو موضح في بيان الاتحاد الأوروبي أكثر اتساعاً بكثير من أسلافها، الذين اتهمتهم جماعات ناشطة بالفشل في تحقيق تقدم ملموس في مكافحة “الإسلاموفوبيا” في جميع أنحاء أوروبا.
أكدت “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” في 21 ديسمبر 2022 إدانة الناقد الذي تحول إلى مرشح للرئاسة إريك زمور بالتحريض على الكراهية الدينية في فرنسا كانت عادلة، وأن المحاكم الفرنسية لم تنتهك حريته في التعبير. ويأتي الحكم القضائي وسط تطبيع الخطاب المعادي للمسلمين من قبل اليمين المتطرف في فرنسا. وكان قد إدعى زمور في مناظرة تلفزيونية في سبتمبر 2016، أن المسلمين يجب أن يختاروا بين الإسلام أو فرنسا، وحذر من “أسلمة” أحياء بأكملها وذكر أن الإسلام والجهاد هما نفس الشيء. وفي حكمها الصادر في 20 ديسمبر 2022، وقد دانته المحاكم الفرنسية في وقت لاحق بتهمة “التحريض على التمييز أو الكراهية أو العنف ضد مجموعة من الناس بسبب أصلهم أو هويتهم الدينية” – وهو قرار أيدته محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية في فرنسا. ناشد زمور المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر 2019.
قالت المفوضية إنها ستقدم تقريراً عن تنفيذ الخطط الوطنية بحلول نهاية عام 2023. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تواصل مؤسسات الاتحاد الأوروبي العمل على اقتراح توسيع القائمة الحالية لجرائم الاتحاد الأوروبي لتشمل جرائم الكراهية وخطاب الكراهية. بمجرد الموافقة على الاقتراح من قبل جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ستكون المفوضية قادرة على اقتراح قوانين الاتحاد الأوروبي لتجريم خطاب الكراهية وجرائم الكراهية. محاربة التطرف ـ سِمَات التطرف والإرهاب في أوروبا (ملف)
**
4- اليمين المتطرف في أوروبا ـ المخاطر والتهديدات
تصاعد نفوذ جماعات اليمين المتطرف بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير في دول أوروبا، وتدريجياً تُرجمت هذه النفوذ على أرض الواقع إلى انخراط كبير لهذه الجماعات في الحياة السياسية والتغلغل داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والتعليمية، إذ نجحت الأحزاب اليمينية المتطرفة في تحقيق شعبية داخل المجتمع الأوروبي ما مكنها من تحقيق نتائج غير مسبوقة في عدد من الاستحقاقات الانتخابية ومن ثم تصدرت المشهد السياسي في بعض الدول وأصبحت منافساً سياسياً قوياً في دول أخرى، ورغم أن اليمين المتطرف في أوروبا ينقسم إلى أحزاب راديكالية قديمة وأحزاب أخرى شعبوية حديثة، إلا أن مخاطر الفكر اليميني تظل واحدة وتتناقض مع القوانين والدساتير الأوروبية وتنعكس بشكل مباشر على الحياة السياسية والمجتمعية.
أسباب زيادة شعبية اليمين المتطرف في أوروبا
ظهرت قوة اليمين المتطرف في أوروبا خلال العام الماضي على مستوى الحياة السياسية، وفي أبريل 2022 حصلت زعيمة حزب التجمع الوطني بفرنسا مارين لوبان على (41.8%) من الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحصل حزب “فيدس” اليميني في المجر على (52.73%) من الأصوات في الانتخابات البرلمانية لذا أعيد انتخاب زعيمه فيكتور أوربان رئيساً للوزراء، وفي يونيو 2022 فاز حزب التجمع الوطني اليميني بـ (89) مقعداً في الانتخابات البرلمانية الفرنسية.
ولم يختلف الأمر كثيراً في السويد وإيطاليا بتحقيق التكتل المحافظ المكون من أحزاب اليمين واليمين المتطرف في السويد على (176) مقعداً في البرلمان، وفي سبتمبر 2022 فازت زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” جورجيا ميلوني بالانتخابات التشريعية الإيطالية عقب حصول ائتلافها على (44%) من أصوات الناخبين، وشهدت الانتخابات التشريعية في ألمانيا في سبتمبر 2021 حصول حزب البديل من أجل ألمانيا على (10%) من الأصوات.
تعود شعبية اليمين المتطرف لعدة أسباب:
– استغلال اليمين المتطرف تمدد الجماعات الإسلاموية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين في مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية والتعليمية.
– انتقاد الخطط الاقتصادية للحكومات عقب الأزمة المالية العالمية في 2008، وتوظيف هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية للتشكيك في قدرة الأحزاب الليبرالية واليسارية على مواجهة هذه المتغيرات.
– تدفق موجات الهجرة واللجوء إلى أوروبا خلال الـ (10) سنوات الماضية، واستغلال اليمين المتطرف هذه السياسيات لتأجيج الموقف ضد الحكومات والترويج لأفكاره ضد اللاجئين والمهاجرين.
– توظيف تداعيات الحرب الأوكرانية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتأصيل للنزعة القومية في المجتمع الأوروبي.
الصعود إلى السلطة وتغيير التشريعات والقوانين
تعد السويد وإيطاليا نموذجان على صعود اليمين المتطرف للسلطة، ما يرجح ظهور تغييرات جذرية في القوانين المتعلقة بالهجرة والتشريعات المشتركة مع الاتحاد والاتجاه نحو الدولة القومية، خاصة أن الأحزاب اليمينية المتطرفة الصاعدة في الدولتين هم ذات أصول لحركات ما بعد النازية الجديدة على عكس الوضع في ألمانيا. ولكن في الوقت نفسه سمح النشاط المتزايد للأحزاب اليمينية الراديكالية والأحزاب اليمينية الشعبوية ببناء شبكة تفاهمات للضغط على الحكومات بدأت بالاحتجاجات في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا اعتراضاً على إجراءات جائحة كورونا في 2020 وامتدت إلى الانضمام لصفوف المظاهرات في دول أوروبا احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية جراء الحرب الأوكرانية خلال 2022 و2023.اليمين المتطرف في بريطانيا – أسباب تزايد المخاطر. بقلم داليا عريان
يصبح النظام السياسي الديمقراطي مهدداً في السويد وإيطاليا نظراً لميول اليمين إلى التمترس نحو الدولة القومية وتشديد الإجراءات ضد الأجانب والتوجه نحو الانغلاق مع العالم والحد من فرص تفعيل دور المؤسسات الديمقراطية وتطبيق قوانين الحريات.وتتصاعد المخاوف في دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا من لجوء بعض الأحزاب الليبرالية واليسارية إلى تبني أفكار مماثلة لتوجهات اليمين المتطرف كنوع من كسب شعبية جديدة والمزايدة السياسية ضد الأحزاب اليمينية ما يضع الحياة السياسية في مأزق بين تنفيذ الوعود الانتخابية للناخبين أو إقرار تشريعات تحافظ على مكتسبات الحريات والديمقراطية.
تراجع تماسك الاتحاد الأوروبي
تصل خطورة اليمين المتطرف إلى مستقبل التكتل الأوروبي نظرا للتشكيك في دوره والترويج إلى أنه مهدد لقومية الشعوب الأوروبية لذا ظهرت دعوات في عامين 2007 و2008 إلى تقليص مهام الاتحاد إلى التنسيق الاقتصادي بين الدول الأعضاء ومطالبات أخرى بتفكيكه، وربما كانت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد ” بريكست” في 2016 دافعاً لظهور مطالبات مشابهة في فرنسا وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2018 من نتيجة طرح الأمر على الفرنسيين وعقب صعود اليمين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعالت الأصوات الفرنسية المطالبة بمغادرة الاتحاد.
تزايد العداء للمهاجرين والأجانب
يرتكز فكر اليمين المتطرف على مناهضة الهجرة وحشد العداء ضد الأجانب وتحديدا المسلمين والترويج إلى أن ارتفاع معدلات العنف والإرهاب مصدرها بالأساس فتح أوروبا أبوابها أمام اللاجئين والمهاجرين الأعوام الماضية، ومنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 وحتى عام 2010 ظهرت مواقف وحوادث فردية معادية للمسلمين والمهاجرين في أوروبا بشكل متزايد.
ومع تزايد طلبات اللجوء لأوروبا في عامين 2015 و2016 تبنى اليمين المتطرف خطاباً معادياً داخل المؤسسات التعليمية والمظاهرات وعبر شبكة الإنترنت وتكوين صورة ذهنية ثابتة بأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية هي نتاج الهجرة ومن هنا ظهرت دعوات لإعادة اللاجئين لبلدانهم وتحولت إلى شعارات انتخابية لكسب ثقة الناخبين، ما يهدد فرص المهاجرين في أوروبا في الحصول على السكن والتعليم والعمل ويعرقل استقبال أوروبا مزيداً من اللاجئين والمهاجرين الفترة المقبلة. اليمين المتطرف في أوروبا ـ تصاعد حالات “الإسلاموفوبيا” في أوروبا
هاجم شخص مؤيد لليمين المتطرف في 30 أكتوبر 2022 مركزاً للمهاجرين في “دوفر” البريطانية، وفي 7 مايو 2022 استهدفت جماعات متطرفة مسجد في ميتز بفرنسا بإلقاء زجاجات حارقة. وفي ديسمبر 2022 أعلنت ألمانيا وصول حوادث العنف ضد المسلمين إلى (272 )حادث وقتل (3) أشخاص بعد إطلاق نار على مركز ثقافي كردي في باريس من قبل يميني متطرف. وفي 21 يناير 2023 أحرق سياسي يميني نسخة من المصحف في مظاهرة بستوكهولم، وفي 4 أبريل 2023 كشفت منصة ” تاجماعت” المعنية بقضايا الإسلاموفوبيا عن تزايد دعوات قتل المسلمين من اليمين المتطرف عبر تطبيق ” تلغرام” بفرنسا.
نشر الدعاية المتطرفة
مع استغلال اليمين المتطرف للاضطرابات الاقتصادية الراهنة يتوغل التطرف كظاهرة ثقافية من جديد في أوروبا، بتغذية مشاعر الكراهية ضد الأجانب والحشد لدعوات عودتهم لبلدانهم بذريعة توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، انتشر التطرف بين المنتمين للتيار اليميني من جانب واستغلال الجماعات الإسلاموية هذه العنصرية لتغذية التطرف من جانب آخر بين الجاليات المسلمة ضد المجتمع الأوروبي.
تراجع الأحزاب التقليدية
تتهاوى الأحزاب التقليدية (اليسارية والمحافظة والليبرالية) وخطابها أمام الرأي العام الأوروبي بسبب انتقاد اليمين المتطرف للسياسات الحكومية، ما قلل من فرصها في الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومات، وفي حال تبني بعض السياسيين في الأحزاب التقليدية نفس خطاب اليمين يفقدون ثقة الناخب لتناقضهم مع سياسات أحزابهم وتوافق الخطاب مع أهداف الأحزاب اليمينية المتطرفة وسرعان ما تتحول مفاهيم الحرية والديمقراطية والعولمة مجرد شعارات في الحملات الانتخابية وغير قابلة للتطبيق لتراجع دور الأحزاب التقليدية.
ومع تزايد الاحتجاجات ضد الأوضاع المعيشية في أوروبا جراء الحرب الأوكرانية تزداد التحديات أمام الأحزاب التقليدية لذا قد تشكل تحالفات مع أحزاب يمينية متطرفة رغبة في البقاء في السلطة أو تتقرب لسياساتهم ما يهدد بحدوث انقسامات بداخلها اعتراضاً على هذه المواءمات السياسية.
تراجع التحالفات الاقتصادية لدول أوروبا
كان الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان في أغسطس 2021 ورقة ضغط على أوروبا لمراجعة تحالفاتها الدولية وأحيت الحرب الأوكرانية مطالب اليمين المتطرف بخروج دول أوروبا من التحالفات الدولية العسكرية والاقتصادية. وفي 22 أكتوبر 2022 طالب محتجون في باريس بالخروج من حلف الناتو. وفي 17 نوفمبر 2022 أحيا يونانيون ذكرى انتفاضة الطلاب اليونانيين ضد الحكم العسكري المدعوم من واشنطن بالمطالبة بخروج الناتو من أوكرانيا.
حشد حزب الوطنيون الفرنسي في 12 فبراير 2023 مظاهرات في (25) مدينة للمطالبة بالانسحاب من الناتو، وانطلقت احتجاجات في التشيك وإسبانيا في أبريل 2023 رفضاً لسياسات الناتو والمطالبة بتركه، وأبدى السويديون رفضهم للانضمام للناتو في 22 أبريل 2023.اليمين المتطرف العنيف في السويد ـ الواقع والمخاطر: بقلم: آندي فليمستروم
ضعف الأمن المجتمعي
تخدم تحركات اليمين المتطرف الجريمة المنظمة والإرهاب لنشر التطرف والعنصرية وخلق حالة من العداء بين أبناء المجتمع الواحد ما يهدد الأمن المجتمعي الأوروبي لتحميل جميع الأزمات الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين والجاليات المسلمة وشن حملات إلكترونية ومظاهرات تحريضية ضدهم الأمر الذي يثير الفوضى لاسيما مع وصول أحزاب يمينية متشددة إلى سدة الحكم ونشر خطابات معادية لفئات معينة بالمجتمع.
**
تقييم
– تنتهج الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا نفس النهج فيما يتعلق بمعاداة الأجانب واللاجئين، كذلك الحفاظ على الهوية الأوروبية والثفاقة الأوروبية ويرى اليمين المتطرف أن أي هوية غير الهوية الأوروبية غير صالحة لأوروبا.
– تكتسب خطابات الكراهية في أوروبا زخما في أرض الواقع فبات اليمين المتطرف يستهدف المدن الأوروبية عبر تنظيم مظاهرات واحتجاجات لتمجيد والفخر بالرموز التاريخية ومعارضة وحدة وتماسك الاتحاد الأوروبي.
– تنامت خطابات اليمين المتطرف على شبكات التواصل الاجتماعي في أوروبا حيث هناك مجموعات وحسابات عبر منصات التواصل مهمتها التحريض ضد الأجانب واللاجئين بالتزامن مع تخوف من ارتفاع موجة عنف اليمين المتطرف.
– يمثل صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا وتزايد خطابات الكراهية انعكاسا لفشل الحكومات الأوربية في إبجاد حلول ومعالجة الأزمات والقضايا كقضايا أمن الطاقة والاقتصاد وأزمة أوكرانيا ما يهدد تماسك التكتل.
– تشكل خطابات الكراهية في المستقبل مخاطر وتهديدات على تماسك المجتمع الأوروبي، وإذا ما تركت خطابات الكراهية دون معالجة مستقبلية يمكن أن تؤدي إلى هجمات إرهابية معقدة تهدد الأمن الأوروبي. بات من المتوقع أن توسع المفوضية الأوروبية قائمة جرائم الاتحاد الأوروبي بموجب المادة (83) (1) من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU) لتشمل جميع أشكال خطابات الكراهية وإدخال عقوبات جديدة بالتعاون مع وزاراء الداخلية والعدل للدول الأعضاء.
**
– تتحرك أوروبا بشكل ملحوظ نحو اليمين المتطرف كما يتضح من نجاحاتها الانتخابية في إيطاليا وفرنسا والسويد ودول أوروبية أخرى. هذا التحول نحو اليمين المتطرف في السياسة الأوروبية تم تسهيله بشكل أكبر من خلال تبني الأطر والمواقف اليمينية المتطرفة من قبل الأحزاب السياسية الأخرى من اليسار إلى اليمين.
– لعبت “موجة الهجرة” إلى أوروبا وأزمة الطاقة وارتفاع تكاليف المعيشة دوراً حاسماً في صعود اليمين المتطرف فضلاً عن حشد اليمين المتطرف الكثير من الناخبين على نطاق واسع مستغلاً الإسلاموفوبيا وعدم التوافق الثقافي والمجتمعي.
– إن صعود اليمين المتطرف للأحزاب اليمينية المتطرفة في المشهد السياسي: داخل الحكومات أو المعارضة، يؤدي إلى خلق تحديات كبيرة للديمقراطيات في أوروبا. أصبح لدى اليمين المتطرف في أوروبا القدرة على التأثير على وحدة وتماسك الاتحاد الأوروبي وصنع سياسات متشددة تؤثرعلى عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالأزمات والقضايا الدولية.
– بات متوقعاً أن يشهد اليمين المتطرف ارتفاعاً في معدلات التضخم ومخاوف عامة بشأن انعدام أمن الطاقة لتصبح فرصة للأحزاب اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا لتحقيق مكاسب سياسية. ومن المحتمل أن تكون هناك تحالفات يمينية تشمل أحزاب اليمين المتطرف على المستوى المحلي والأوروبي تهدد أسس الاتحاد الأوروبي.
**
ـ تنتشر “الإسلاموفوبيا” في أوروبا بشكل متصاعد ويتم تطبيعها من قبل الحكومات اليمينية. وهي ظاهرة في مؤسسات المجتمع وهياكله ومتجذرة داخل المؤسسات الحاكمة.
ـ تؤدي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” إلى تزايد واستهداف المسلمين والتشجيع على الإقصاء والتمييز ما ينتج عنه مخاطر كثيرة تهدد التعايش السلمي في أوروبا. وقد ينتج عنه أيضاً تطرف قسم من الشباب واعتناقهم الافكار المتشددة. وقد يساهم صعود “الإسلاموفوبيا” بشكل كبير في صعود التيارات الشعبوية وسياسات مناهضة السياسة في القارة الأوروبية. حتى أن النجاحات الانتخابية للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة قد تجبر العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية على تبني هذا الخطاب المعادي للمسلمين.
ـ لا يزال هناك خلط كبير بين المسلمين والمتطرفين الإسلامويين في أوروبا ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى اعتماد الجماعات المتطرفة على المنظمات الإسلامية وأبناء الجاليات المسلمة في الدول الأوروبية كواجهة عمل وستار خفي لتغذية التطرف، وبالتالي فإن تعامل الحكومات مع المسألة يحتاج إلى فصل دقيق جداً وإبراز الاختلافات الجوهرية، ويظل الأمر مرهوناً بمدى قدرة المسلمين في هذه الدول بتقديم صورة تتسم مع القيم المتسامحة والتعاليم الطيبة للدين الإسلامي، سواء من خلال التعامل المباشر أو بالتعبير عن تلك الأفكار بالكتابة أو التصوير أو المشاركات في الفاعليات المختلفة والاندماج في تلك المجتمعات دون غلو في التفكير بشأن معتقدات الآخر وتقبله. ـ يتحتم على الحكومات الأوروبية إعادة النظر في التشريعات الخاصة بمواجهة الإسلاموية كما هو الحال في التعاطي مع الظاهرة الإرهابية لأن كلاهما يمثل خطراً على المجتمع، وضرورة التعامل مع المسلمين باعتبارهم جزء من المجتمع وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.
ـ لا تزال الأغلبية الساحقة في الدول الأوروبية، كما في أماكن أخرى، ترفض جماعات الكراهية وتمقت بشكل خاص تكتيكاتها التحريضية، لكنها كانت عاجزة عن وقف الشعبية المتزايدة لخطابها المثير للانقسام.
ـ بينما تحاول أوروبا التعامل مع “الإسلاموفوبيا”، سيكون من المفيد وضعها على جدول أعمال الحوار مع الدول والمنظمات الإسلامية. ومثلما من المهم مضاعفة الجهود لمكافحة جرائم الكراهية واتباع الوسائل القانونية للتعامل مع تجاوزات خطاب الكراهية، أصبح من الضروري مناقشة “الإسلاموفوبيا” بجدية في الحوارات السياسية لتعزيز التفاهم المتبادل وإيجاد علاجات لهذه المشكلة.
ما ينبغي العمل عليه هو، مراجعة المناهج الدراسية، ويكون هناك مرصد إبلاغ عن حالات “العنصرية” والكراهية ـ “الإسلاموفوبيا”، كون هناك ممارسات من قبل الافراد داخل المؤسسات أو عامة المواطنين، يتطلب الإبلاغ الفوري وتطبيق قانون العقوبات ـ الغرامات المالية، وفق التشريعات.
**
– الظروف الراهنة التي تعيشها أوروبا مواتية لتحقيق اليمين المتطرف نتائج غير مسبوقة في الانتخابات المقبلة خاصة في الدول التي تعاني من اضطرابات اقتصادية وما زالت تستقبل أعداداً من اللاجئين والمهاجرين في ظل استمرار الحرب الأوكرانية والصراعات في بعض دول أفريقيا.
– تكمن المخاوف من أن عوامل صعود اليمين المتطرف باتت في تزايد مع احتمالية تكوين شبكة تواصل واسعة بين أحزاب اليمين المتطرف حول أوروبا لاسيما مع زيادة التعاون بين أوروبا وحلف الناتو عسكرياً وظهور توجه أوروبي لتقوية العلاقات الاقتصادية مع الصين.
تتمثل مخاطر اليمين المتطرف في:
– تشكيل الأغلبية في البرلمان ومن ثم إقرار تشريعات تكرس للتطرف والعنصرية وتمثل ورقة ضغط على الحكومات في قراراتها السياسية والاقتصادية.
– يهدد وصول اليمين المتطرف إلى السلطة مفاهيم الحريات والديمقراطية والتعايش السلمي بين المواطنين والجاليات الأجنبية ما يمثل خطورة على وحدة وتماسك المجتمعات الأوروبية.
– نفوذ التيار اليميني في أوروبا يصب في صالح الجماعات الإسلاموية في أوروبا وخاصة جماعة الإخوان نظراً لعلاقة التخادم بينهما واستفادة الإخوان من حوادث معاداة المسلمين لتصدير الجماعة نفسها كضحية.
– تصبح وحدة الاتحاد الأوروبي مهددة لانقسام الحكومات حول قضايا الهجرة ودعوات الانسحاب من التكتل الأوروبي.
– في الوقت نفسه تصبح دعوات بعض دول أوروبا الآن للاستقلالية الاستراتيجية عن الولايات المتحدة مثار جدل حول دعمها لأفكار اليمين المتطرف أم أنها ورقة تلوح بها الأحزاب التقليدية للنأي بنفسها عن انتقادات اليمين المتطرف والمواطنين بأوروبا.
– رغم أنه من المتوقع وصول اليمين المتطرف لسدة الحكم في عدة دول أوروبية خلال الفترة المقبلة، لكنه لن يدون طويلاً نظراً لصعوبة التوقيت لمعاناة أوروبا من أزمات سياسية واقتصادية وانكشاف ضعف سياساته في إدارة الأمور أمام الرأي العام ما يجبره على الدخول في تحالفات مع أحزاب تقليدية أو تراجع شعبيته سريعاً.
– ينبغي على الأحزاب التقليدية إعادة مراجعة سياساتها والأخطاء التي أفقدتها ثقة الناخب منعاً من سقوط المجتمعات الأوروبية في بؤرة لا تنتهي من التطرف لصعود اليمين المتطرف وصعود الإخوان كرد فعل طبيعي لهذه المتغيرات السياسية.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=88320
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
Rise of the far right: will there be an election bonanza for Europe’s populists?
https://bit.ly/44fTb2y
New plans coming to fight ‘overwhelming’ racism in France
https://bit.ly/3Ln1d0V
الكراهية على تويتر.. 86% من معاداة لمسلمين مصدرها أمريكا وبريطانيا والهند
https://bit.ly/3VjhhFw
كيف غذت إشاعات اليمين المتطرف العداء للاجئين في بريطانيا؟
https://bit.ly/41Td2mA
اخترقوا الجيش وقوات الأمن.. ناشطون من اليمين المتطرف في فرنسا يدعون لقتل العرب والمسلمين
https://bit.ly/3Vn1Ko8
زمور يهاجم المسلمين: أنتم أكثر من منحرفين ونحن في فرنسا نشهد صراعاً بين حضارتين
https://bit.ly/44jpiOQ
**
Energy crisis and inflation help push Austrians towards far right
https://on.ft.com/41GTFwA
How the far-right got out of the doghouse
https://politi.co/3VHEmC1
The Observer view on the dangerous rise of the far right in Europe
https://bit.ly/3GVtpqj
ANALYSIS – The rise of the far-right in Europe: The Polish case
https://bit.ly/3L9mMn0
Why the far right is on the rise in Europe
https://bit.ly/41l2pbU
Understanding Europe’s shift to the right
https://politi.co/3V2Kl4l
**
2022 ISLAMOPHOBIA IN REVIEW: EUROPE
https://bit.ly/41njO2Z
European Union Appoints New ‘Islamophobia’ Czar
https://bit.ly/41sz7rp
Mapping anti-Muslim sentiment in Europe
https://bit.ly/3pALLHe
Zemmour v France: ECHR ruling points to normalisation of anti-Islam hate speech
https://bit.ly/42CVLhO
Regional overview of islamophobia in Europe: Submission to the CoE PACE Committee on Equality and Non-discrimination
https://bit.ly/44Kbyx7
هل يسهم اليوم العالمي لمكافحة “الإسلاموفوبيا” في الحد من الظاهرة؟
https://bbc.in/3Bcag0h
هل يعكس تكرر حرق القرآن تناميا للإسلاموفوبيا في أوروبا؟
https://bbc.in/3LQ62QR
**
The Rise of The Far Right in Europe
https://bit.ly/41awA4W
Why the far right is on the rise in Europe
https://bit.ly/3AXGvQB
من السويد إلى المجر، هل تشهد أوروبا صعودا لتيار اليمين المتطرف؟
https://bbc.in/3M4k1nq
اخترقوا الجيش وقوات الأمن.. ناشطون من اليمين المتطرف في فرنسا يدعون لقتل العرب والمسلمين
https://bit.ly/44GlBTT
تراجع شعبية الأحزاب العريقة في أوروبا.. ما العمل؟
https://bit.ly/3LYsNlr
إحراق نسخة من المصحف في السويد يثير إدانات عربية وإسلامية
https://bbc.in/42PVUP0
