الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الاتحاد الأوروبي ـ ميثاق الهجرة الجديد والإصلاحات (ملف)

يونيو 27, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

بون ـ  إعداد وحدة الدراسات والتقارير  

الاتحاد الأوروبي ـ ميثاق الهجرة الجديد والإصلاحات (ملف)

يتناول الملف بالعرض والتحليل ملف الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي، والانقسامات التي تدور حوله، خاصة فيما يتعلق بتوزيع اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي وفق اتفاقية دبلن أو مبدا التضامن، كما يتطرق الملف إلى السياسات والاجراءات المشددة المتخذة من قبل دول الاتحاد الأوروبي للتعامل مع اللاجئين وتراجع الاتحاد الأوروبي عن إلتزاماته الأخلاقية والقانونية تجاه اللاجئين. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1.  الاتحاد الأوروبي ـ ملف الهجرة يثير الكثير من الانقسامات
  2. الاتحاد الأوروبي ـ ميثاق جديد للهجرة
  3. الاتحاد الأوروبي ـ تراجع عن التزاماته القانونية والأخلاقية في ملف الهجرة
  4. الاتحاد الأوروبي ـ أسباب رفض الهجرة واللجوء

1- الهجرة ـ تٌثير الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي

نفذ الاتحاد الأوروبي منذ ذروة أزمة الهجرة في عام 2015 تدابير لتحسين سيطرته على الحدود الخارجية وتدفقات الهجرة. وكثف الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الجهود لوضع سياسة هجرة أوروبية فعالة. ولعب المجلس الأوروبي دوراً مهما في هذه الجهود من خلال تحديد الأولويات الإستراتيجية، وبناء على هذه الأولويات في 8 يونيو 2023، توصل المجلس إلى اتفاق بشأن لائحتين رئيسيتين للجوء والهجرة وسط تصاعد الخلافات والانقسامات بين الدول الأعضاء.

قامت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بزيارة مركز لاستقبال المهاجرين في جزيرة لامبيدوسيا ، بصحبة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني. وقد وصلت فون دير لاين وميلوني إلى الجزيرة يوم 17 سبتمبر 2023. وتفقدت فون دير لاين وميلوني مركز استقبال المهاجرين، وتحدثا مع بعض المهاجرين، بحسب ما ظهر في الصور التي يثها التلفزيون الإيطالي. وكانت السلطات الإيطالية قد استقبلت أكثر من 5.100 مهاجر في لامبيدوسا الأربعاء الماضي، مما دفع المجلس المحلي للإعلان عن حالة الطوارئ. ويشار إلى أنه بسبب قربها من مدينة صفاقس التونسية، تعد لامبيدوسا منذ أعوام من أبرز مقاصد المهاجرين من شمال أفريقيا، الساعين للوصول للشواطئ الأوروبية.

شبكة الهجرة الأوروبية (EMN)

هي شبكة تابعة للاتحاد الأوروبي تتكون من خبراء الهجرة واللجوء الذين يعملون معًا لتقديم معلومات ومعرفة موضوعية وقابلة للمقارنة ذات صلة بالسياسات بشأن القضايا الناشئة المتعلقة باللجوء والهجرة في أوروبا. تعد المهمة الرئيسية لشبكة الهجرة الأوروبية (EMN) هي توفير المعلومات لصناع السياسة الأوروبيين والجمهور عن طريق توفير معلومات مُحدَّثة وموضوعية وموثوقة وقابلة للمقارنة عن سياسات الهجرة المُطبَّقة في كل دول التكتل الأوروبي، وتقوم المفوضية الأوروبية بتنسيق عمل شبكة الهجرة الأوروبية.

أوضح “مانفريد فيبر” رئيس حزب الشعب الأوروبي أن سياسة الهجرة صارت على رأس جدول أعمال وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، بعدما أضحت أعداد المهاجرين غير القانونيين أكبر بكثير مما كانت عليه في السنوات الأخيرة. وأن الأمر علامة على فشل الاستراتيجية التي اتبعت حتى الآن لمعالجة هذه المشكلة، وأن لا وقت للانتظار. واعتبر أن الأولوية في هذه السياسة يجب أو تكون لموضوع تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وأضاف أن المهم هو الحفاظ على المكتسبات التي حققها الاتحاد الأوروبي في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والحرية والسلام والتضامن. وأكد أن هذه هي ركائز أوروبا الحالية، وشدد على وجوب ضمان حق اللجوء باعتباره إنجازا أوروبيا”.

عدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي في أعلى مستوى منذ 2016

سجل حوالي (966) ألف طلب لجوء خلال العام 2022 في دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا والنرويج، وهو مستوى قياسي منذ 2016 في ذروة أزمة اللاجئين، تقدم بها سوريون وأفغان على وجه الأخص، وشهدت ارتفاعا يزيد عن (50%) مقارنة بالعام 2021. هذا الارتفاع ناجم جزئياً عن رفع القيود المرتبطة بجائحة “كوفيد-19” فضلاً عن النزاعات وانعدام الأمن الغذائي في العالم. يضاف طالبو اللجوء هؤلاء إلى (4) ملايين أوكراني فروا من الحرب ويستفيدون من حماية مؤقتة خاصة في الاتحاد الأوروبي في 2015 و2016 خلال تدفق اللاجئين إلى أوروبا بسبب النزاع في سوريا. بلغ عدد طالبي اللجوء (1.3) مليوناً و(1.2) مليوناً على التوالي. وارتفعت طلبات اللجوء التي قدمها قصر غير مصحوبين إلى (43) ألفاً في 2022 في أعلى مستوى لها منذ 2015.  أزمة أوكرانيا – تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، أزمة إنسانية ومعايير مزدوجة

كشفت وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية عن حوالي (330) ألف معبر حدودي غير نظامي على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في عام 2022، مثل طريق غرب البلقان ما يقرب من نصف المجموع. حيث استحوذ السوريون والأفغان والتونسيون معاً على (47%) من الأرقام المسجلة لعمليات العبور غير الشرعية في عام 2022. وتضاعف عدد السوريين تقريبًا إلى (94,000). وشكلت النساء أقل من (1 من كل 10 ) من نسبة الحالات المكتشفة، في حين أن نسبة القاصرين المبلغ عنها انخفضت بشكل طفيف إلى حوالي (9% ) من جميع الاكتشافات.

يوجد إجماع بين الدول الأعضاء على البنود الصارمة للهجرة واللجوء، وقد  أعلن الاتحاد الأوروبي في 10 فبراير 2023 أنه قد يستخدم جميع السياسات والأدوات الأوروبية، بما في ذلك الدبلوماسية والتنموية والتجارية، والتأشيرات، فضلاً عن الهجرة القانونية كتعليق المساعدات والتجارة المعفاة من الرسوم الجمركية والحصول على التأشيرات من أجل إجبار الدول على استعادة طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم.

انقسامات حول الهجرة واللجوء

خلافات حول السياج الحدودي: طالبت النمسا دول الاتحاد الأوروبي إلى كبح الهجرة غير الشرعية. وتدعم الحكومة مسعى لا يزال غير ناجح، من أجل تخصيص أموال أوروبية بهدف بناء سياج عند الحدود البلغارية – التركية ووقف تدفق المهاجرين، لكنها لاقت دعماً محدوداً من قبل الدول الأوروبية الأخرى، وانتقدت لوكسمبروغ ذلك حيث إن الأمر يتعلق اليوم ببناء سياج على الحدود البلغارية – التركية ولكن ذلك لن يكون كافياً.

تقول وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية “لورانس بون” :”إنه لا ينبغي إنفاق أموال من ميزانية الاتحاد الأوروبي لبناء سياجات. في المقابل، يقول نائب وزير الخارجية اليوناني ميتلياديس فافيتسيوتيس: “لنكن صادقين ومنفتحين، فالأسوار تؤدي الغرض منها” وطالب بتمويلها من جانب المفوضية الأوروبية ” لأنها تمنع الأشخاص من تجاوز الحدود الأوروبية بشكل غير مشروع ولأنها توجه ضربة لشبكات المهربين”.

كان قد سمحت المفوضية سمحت بتمويل وسائل المراقبة مثل الكاميرات وأجهزة كشف الحركة. وخصص الاتحاد الأوروبي (6) مليارات يورو من ميزانيته لحماية حدوده الخارجية بين الفترة من 2021 إلى 2027. وهو المبلغ الذي وافقت عليه الدول الأعضاء، في حين طلبت المفوضية (11.4) مليار يورو. تجاهلت المجر عدة شكاوى وإدانات من محكمة العدل الأوروبية حول تعاملها مع طالبي اللجوء على الحدود المشتركة مع صربيا، واحتجازها المهاجرين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة بعد أن أقامت المجر سياجاً من الأسلاك الشائكة على طول حدودها مع صربيا في عام 2017، ومع كرواتيا في عام 2015 أثناء أزمة الهجرة.

خلافات حول إعفاء الأسر من الإجراءات الحدودية: دعت ألمانيا في المحادثات التمهيدية في اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ في 8 يونيو 2023 بإعفاء الأسر التي لديها أطفال من الإجراءات الحدودية الصارمة الجديدة. ومع ذلك، رفضت أغلبية كبيرة جداً من الدول الأخرى ذلك بشدة لأنها ترى مثل هذا الاستثناء لأنه سيقوض من قوة قرارات الاجتماع. وكان أعضاء البرلمان الأوروبي من الجناح اليساري أكثر انتقاداً، إذ وصفت خطط الإصلاح بأنها “نداء من أجل أوروبا محاطة بالأسوار والجدران”، وأنها تهدف بحكم الأمر الواقع إلى إلغاء حق اللجوء في أوروبا.

خلافات حول التضامن الإلزامي :  وافقت دول الاتحاد الأوروبي الكبيرة مثل ألمانيا وإيطاليا على مشروع الإصلاحات في 11 يونيو 2023، بينما امتنعت دول صغيرة. في النهاية، لم يحظ القرار بالإجماع، غير أنه حصل على أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، التي تمثل (65%) على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي. وصوتت بولندا والمجر اللتان ما زالتا لا تريدان الامتثال لقواعد الهجرة المشتركة في الاتحاد الأوروبي، ضد القرار ورفضتا استضافة أي شخص من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعارضت اليونان وإيطاليا وقبرص ومالطا “التضامن الإلزامي” ، وهم دول الاتحاد التي يدخلها في البدء معظم طالبي اللجوء. ملف: الهجرة واللجوء تثير الإنقسام داخل الاتحاد الأوروبي

الدول الأوروبية تستسلم لليمين المتطرف

اتهم حزب الخضر وتكتل اليسار في البرلمان الأوروبي من جانبهم الدول الأعضاء بأنها “استسلمت لليمين المتطرف”. فعلى سبيل المثال أثار مشروع قانون في فرنسا مخاوف “الإعادة القسرية”وهذا المشروع يدور حول تطبيق سياسة الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF) حيث طلبت السلطات في ديسمبر 2022 من (15%) من المهاجرين المغادرة، يسعى المشروع إلى تسريع الإجراءات المتعلقة بالهجرة، وتحسين الدمج، وتشجيع هجرة العمالة ذات “المهارات المطلوبة”

أشارت “ماري لاتون” الكاتبة في صحيفة لوبينيون إلى أنه على المستوى الاقتصادي، حوالي (35 %) من الفرنسيين يعتبرون أن فرنسا تستفيد من المهاجرين أكثر مما تقدم لهم، بينما أعرب (69%) من الفرنسيين أن أصحاب العمل هم المستفيدون الأوائل من اليد العاملة الأجنبية لأنهم يدفعون أقل، وهذه الفكرة راسخة لدى ناخبي أقصى اليمين وأقصى اليسار وأن (70%) من المشاركين في استطلاع رأي أعربوا عن عدم رغبتهم في استقبال فرنسا لمهاجرين جدد، ولكن في المقابل لا تعتبر مسألة الهجرة من أولويات الفرنسيين الذين تقلقهم في الوقت الحالي القدرة الشرائية والبيئة ومستقبل الصحة والتعليم ونظام التقاعد في البلاد في السابع من ديسمبر 2022.

ترى المفوضية الأوروبية إن الحل الوحيد “المستدام” لإنقاذ حياة المهاجرين في البحر، هو “الاستثمار في الطرق القانونية للهجرة”، ومنع المهربين من بيع الرحلات المكلفة، وأنه يجب التعاون مع البلدان الأصلية وبلدان العبور، والاستثمار في السبل القانونية” للهجرة. وقدمت في مارس 2023 “خطة” لإدارة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، عبر تحسين التعاون بين الدول الأعضاء، ووكالات الاتحاد الأوروبي، وخاصة وكالة حرس الحدود والسواحل “فرونتكس” . اليمين المتطرف في فرنسا، كيف يؤثر على مستقبل سياسة الهجرة واللجوء؟

**

2- الاتحاد الأوروبي ـ ميثاق جديد للهجرة

وافق الاتحاد الأوروبي على إصلاحات جذرية لقوانين الهجرة واللجوء، وتوصل وزراء الداخلية إلى اتفاق بشأن ما وصفوه بأنه نهج جديد “تاريخي” منذ أن بدأ عدد اللاجئين الذين يسعون إلى دخول الاتحاد الأوروبي في الارتفاع بشكل كبير في عامي 2015 و 2016. يُلزم الاتفاق الدول الأعضاء بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للتكتل لا سيما على الحدود البرية وفي المطارات للمهاجرين الذين لديهم فرص ضئيلة للحصول على حق اللجوء.

مراجعة قواعد اللجوء في الاتحاد الأوروبي

ارتفعت نسبة الدخول غير القانوني إلى الاتحاد الأوروبي عبر وسط البحر المتوسط (300%) منذ بداية 2023. وأفادت الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود “فرونتكس”، في تقريرها إلى أن عدد عمليات الدخول غير القانونية للاتحاد الأوروبي عبر المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط ازداد بين يناير وأبريل 2023، بنسبة تناهز (300%) مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022. وأضافت “فرونتكس” إنه مع نحو (42) ألفاً و(200) عملية دخول عبر المنطقة المذكورة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2023، يتم تسجيل “المستوى الأعلى منذ بدأت فرونتكس جمع معطيات العام 2009”.

بذل وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي محاولات جديدة لبدء إصلاح نظام اللجوء الأوروبي من خلال مسودات للنصوص القانونية التي أعدتها الرئاسة السويدية لمجلس الاتحاد الأوروبي على أساس مقترحات من مفوضية الاتحاد. كان من الواضح أن قواعد اللجوء المعمول بها في الاتحاد الأوروبي على الأقل منذ أزمة اللاجئين في عامي 2015 و2016 بحاجة إلى المراجعة. في ذلك الوقت كانت دول مثل اليونان وإيطاليا غارقة في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من دول مثل سوريا وتمكن مئات الآلاف من الانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى دون أن يتم تسجيلهم. وهذا ما كان ينبغي أن يحدث في الواقع وفقاً لما يُسمى باتفاقية “دبلن” التي تنص على ضرورة تسجيل طالبي اللجوء في المكان الذي دخلوا فيه الاتحاد الأوروبي لأول مرة، وعادة ما تكون هذه الدولة مسؤولة أيضاً عن طلب لجوء هؤلاء الأشخاص.  الاتحاد الأوروبي ـ ملف الهجرة يثير الكثير من الانقسامات

أبرز بنود الاتفاق

توصلت دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يهدف إلى مراجعة نظام استقبال مشترك لطالبي اللجوء النقاط الرئيسية لهذا الاتفاق الذي يكون موضوع المحادثات بهدف اعتماد الإصلاح قبل الانتخابات الأوروبية المقررة عام 2024. تُتخذ القرارات بالغالبية الموصوفة، أي تبني اتفاق تتطلب دعم (15) من أصل الدول الـ(27) دولة تمثل (65%)على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي. وفقًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الدول الأعضاء، يجب توفير (30) ألف مكان في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي في إطار هذا الإجراء، من أجل استيعاب ما يصل إلى (150) ألف مهاجر سنوياً في نهاية المطاف. وتتمكن البلدان التي لا تريد استقبال المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي من مساعدة الدول المستضيفة بالمال، بتقديم نحو (20) ألف يورو عن كل شخص، أو بالمعدات أو الأفراد.

مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي : يُلزم الاتفاق الدول الأعضاء بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (على الحدود البرية وفي المطارات على وجه الخصوص) للمهاجرين الذين لديهم فرصة ضئيلة إحصائياً للحصول على اللجوء. والهدف هو عدم دخولهم أراضي الاتحاد الأوروبي، على أن تخضع طلبات لجوئهم لفحص سريع من أجل تسهيل عودتهم إلى بلدهم الأصلي أو بلد العبور يجب أن يستمر الإجراء، أي فحص الملف والإحالة، ستة أشهر كحد أقصى. بالتزامن مع مخاوف من إن يهدد الإجراء الحدودي المعجل بتكرار مشاهد مأساوية حدثت في الجزر اليونانية قبل عدة سنوات، من خلال إنشاء المزيد من مخيمات المهاجرين المكتظة وغير الملاءمة على أطراف الاتحاد الأوروبي.

الترحيل : يمكن إرجاع طالبي اللجوء المرفوضين من الحدود الخارجية للاتحاد بسرعة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث في المستقبل، ويتعين أن تكون الدول المُرحِّلة أي اليونان وإيطاليا، قادرة على أن تقرر بنفسها ما إذا كان الوضع في الدول التي يتعين الترحيل إليها مناسبة أم لا. سينتهي العمل بالقائمة الموحدة للدول الآمنة التي يقرها الاتحاد الأوروبي وتنطبق على جميع دوله، وتنطبق الإجراءات الجديدة على الأطفال والقصر غير المصحوبين بذويهم.

كانت الحكومة الألمانية تريد ضمان إعفاء القاصرين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما والأسر التي لديها أبناء قُصَّر من هذه الإجراءات، لكنها اضطرت إلى تقبل احتمال أن يكون هذا ممكناً وذلك رغبة منها في إنجاح الاتفاق، ومع ذلك بموجب خطط الإصلاح المتفق عليها، لن يتم إعفاء الأسر من القواعد الجديدة.

التضامن الإلزامي : تعتبر وزيرة الداخلية الألمانية “نانسي فيزر” القرار المتفق عليه في لوكسمبورغ “تاريخياً” ولم يكن سهلاً على الجميع على الرغم من المعارضة الشديدة لـ “التضامن الإلزامي” مع اليونان وإيطاليا وقبرص ومالطا، وهي دول الاتحاد التي يدخلها في البدء معظم طالبي اللجوء ما يثقل كاهلها. ووافقت الوزيرة على إجراءات اللجوء السريع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، والتي كانت مثيرة للجدل في الائتلاف الحاكم في ألمانيا.

يجري حسب الإجراءات الحدودية الجديدة فرز طالبي اللجوء الذين ليس لديهم فرصة للحصول على الحماية نظرا لأنهم ينحدرون من دول آمنة نسبياً في غضون (12) أسبوعاً كحد أقصى ومن ثم العمل على ترحيلهم. ينطبق هذا الأمر على جميع البلدان التي يقل معدل الاعتراف بلجوء مواطنيها في الاتحاد الأوروبي عن (20%) كباكستان وألبانيا وبعض دول أفريقيا.أزمة أوكرانيا – تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، أزمة إنسانية ومعايير مزدوجة

مخاوف وشكوك حول تطبيق الاتفاق

نددت منظمة “أوكسفام الخيرية” برغبة الاتحاد الأوروبي باحتجاز طالبي اللجوء وخصوصاً الأطفال، في ما يشبه السجون على حدود أوروبا” في 9 يونيو 2023. وكشفت الخبيرة في الهجرة “هيلينا هان” من مركز أبحاث “مركز السياسة الأوروبية” (European Policy Centre) “أن الشكوك تساورها من أن الاتفاق سيجري تطبيقه بسلاسة. لقد رأينا أن الاتفاق قوبل حتى لحظة إقراره بمقاومة من قبل بعض الدول الأعضاء، بما في ذلك بولندا. وتقول الدول المعارضة إن التكاليف باهظة للغاية، لذلك يمكننا توقع مزيد من المعارضة”. فعلى الرغم من المعارضة الشديدة لـ “التضامن الإلزامي” مع اليونان وإيطاليا وقبرص ومالطا، وهي دول الاتحاد التي يدخلها في البدء معظم طالبي اللجوء، إلا أن ألمانيا وافقت على إجراءات اللجوء السريع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، والتي كانت مثيرة للجدل في الائتلاف الحاكم في برلين.

دافع المستشار الألماني عن الاتفاق الأوروبي على تعديل قواعد اللجوء رغم الشكوك الانتقادات الموجهة للتعديل وقال إنه يجب إنشاء نظام تضامني لتوزيع اللاجئين داخل أوروبا. وشددت المفوضية الأوروبية على أن الإجراءات السريعة له “طابع إنساني أكثر”، لتجنيب المهاجرين البقاء في حالات من عدم اليقين لفترات طويلة.وصفت الاتفاقية بأنها “توازن جيد” بين مبادئ التضامن – لإعادة التوطين – والمسؤولية – وتحمل العبء الأكبر ل دول المواجهة التي يتعين عليها معالجة غالبية طلبات اللجوء.

اليمين المتطرف وملف الهجرة

سجلت أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا ارتفاعاً قياسياً ويرجع ذلك لعدة أسباب اهمها موقف تلك الأحزاب من موضوع الهجرة وتوظيفه سياسياً،. فعلى سبيل المثال أبرز استطلاع للرأي في 12 يونيو 2023 أن نسبة من الألمان صارت منحازة أكثر في الآونة الأخيرة للتصويت لحزب البديل. حيث أكد (65%) ممن شملهم الاستطلاع، أن موقف حزب البديل من أجل ألمانيا الحاسم بشأن الهجرة كان سبب تصويتهم للحزب. وفي فرنسا يغتنم اليمين المتطرف في فرنسا الهجمات الإرهابية للتنديد بـ”الهجرة” وبحسب استطلاع للرأي يؤيد (69%) من الفرنسيين تعديل الدستور لإتاحة عدم التقيد بالقواعد الأوروبية من أجل الحد من الهجرة. ملف: الهجرة واللجوء تثير الإنقسام داخل الاتحاد الأوروبي

**

3- الاتحاد الأوروبي ـ تراجع عن التزاماته القانونية والأخلاقية في ملف الهجرة

يقع على عاتق الاتحاد الأوروبي – باعتباره الهيئة الحاكمة الرئيسية في أوروبا – التزام فريد بحماية حقوق اللجوء، وهو ما يفشل فيه حالياً، إذ يعمل الاتحاد الأوروبي بنشاط على تفتيت نظام اللجوء ويفشل في توفير حماية ذات مغزى للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان حيث تواصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تمرير سياسات مشددة لمواجهة الهجرة غير الشرعية انطلاقًا من خطط العمل المخصصة لوسط البحر الأبيض المتوسط وغرب البلقان إلى ميثاق الهجرة والاستعانة ببلدان أخرى وتمويلها للقيام بممارسات الحدود المؤذية، مثل ليبيا.

واقع اللجوء في الاتحاد الأوروبي ـ انتهاكات جسيمة وتراجع عن الالتزامات

تشهد دول الاتحاد الأوروبي تدفق أعداداً كبيرة من اللاجئين الفارين من الصراعات في أوكرانيا وأفغانستان بالإضافة إلى الفارين من الحرب في سوريا. يفشل العديد من هؤلاء اللاجئين خاصة غير الأوكرانيين في طلب اللجوء بنجاح في أوروبا لأن الدول لا تفي بالتزاماتها تجاه طالبي اللجوء. وقد سهل الاتحاد الأوروبي هذه العملية، وبذلك ينتهك معايير حقوق الإنسان والتزاماته الأخلاقية والقانونية.

تكثيف عمليات الصد

تقوم العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا سيما تلك الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، بعمليات صد غير قانونية للمهاجرين. أجرت السلطات اليونانية بين 2020 ومايو 2022 ما يقارب (42,000) عملية صد، وتم العثور على مئات طالبي اللجوء الآخرين في الأشهر التالية. بالإضافة إلى إعادة اللاجئين – بمن فيهم النساء والأطفال – إلى البحر، دفعت السلطات اليونانية أيضاً طالبي اللجوء عبر الحدود التركية. في المقابل  شكرت رئيسة المفوضية الأوروبية   أورسولا فون دير لاين في مارس 2020 اليونان على عملها كـ “درع” للاتحاد الأوروبي، وتعهدت بالعمل بالتضامن مع البلاد لضمان “الحفاظ على النظام” على الحدود الخارجية لليونان، وهي أيضاً حدود خارجية للاتحاد الأوروبي.

اليونان ليست الدولة المتوسطية الوحيدة المذنبة بالقيام بعمليات صد كهذه. تفشل إيطاليا، بقيادة حكومة يمينية متطرفة، في السماح لطالبي اللجوء بدخول شواطئها، مما يتركهم عالقين في البحر. وكانت إيطاليا قد تبنت قانوناً مطلع فبراير 2023  يقيد عمل سفن الإنقاذ الإنسانية بمساعدة قوارب المهاجرين المتهالكة في المتوسط. الإجراءات الإيطالية أثارت عاصفة من الانتقادات، حيث رفض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية تلك الممارسات. ويشير تحقيق آخر أجرته شركة IrpiMedia  إلى زيادة عمليات الاعتراض والإعادة والاحتجاز من قبل القوات البحرية الليبية، إذ أنه في عام 2022، تم اعتراض نحو (23,600) شخص من قبل خفر السواحل الليبي الممول من الاتحاد الأوروبي وإعادتهم قسرًا إلى ليبيا. وهذا لم يكن ليتحقق بدون مساهمات من إيطاليا التي زودت خفر السواحل الليبي بالقوارب، ووفرت معدات خاصة ودربت أطقم.

أما على مستوى الحدود البرية، ووفقاً لتقرير حماية الحقوق على الحدود (PRAB) الصادر في 30 مايو 2023 فقد تم في الربع الأول من عام 2023 توثيق (10.691) حالة فردية لأشخاص يعانون من الصد على الحدود الأوروبية. كما تم الإبلاغ عن الحرمان من الوصول إلى إجراءات اللجوء في (44%) من جميع حالات الصد المسجلة على الحدود بين كرواتيا والبوسنة وفي (88%) من الحالات المسجلة على الحدود بين المجر وصربيا.

ليس هذا هو الانتهاك الصحيح الوحيد. النسبة المئوية للأشخاص الذين يبلغون عن الاعتداء الجسدي / الاعتداء ، صادمة بنفس القدر وتصل إلى (62%) على الحدود بين المجر وصربيا، و (54%) على الحدود اليونانية التركية. وأثناء وجودهم على الحدود الأخيرة، أفاد (54%) أيضاً بأنهم تعرضوا لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وهي معاملة تعرض لها أيضاً (64%) ممن أعيدوا من كرواتيا إلى البوسنة والهرسك.

تقول مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، دنيا مياتوفيتش في  19 يونيو 2023 “لقد أذهلني المستوى المقلق من التسامح مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين التي تطورت في جميع أنحاء أوروبا”. وتضيف: “حكومات الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، بدلا من مساءلة بعضها البعض على أساس معايير متفق عليها بشكل مشترك، تسامحت في كثير من الأحيان بصمت أو دعمت علنا تبني القوانين والسياسات التي جردت تدريجيا حماية حقوق الإنسان من الأشخاص المتنقلين. وقد أدى تركيزهم الجماعي على الردع ونقل المسؤولية إلى بلدان ثالثة إلى خلق أرض خصبة للممارسات التي تنتهك حقوق اللاجئين والمهاجرين بشكل روتيني”. اليمين المتطرف ـ استغلال الهجرة غير الشرعية واللجوء في أوروبا

زيادة اجراءات الترحيل

أعلنت دول الاتحاد الأوروبي في 9 يونيو 2023 عن توصلها لاتفاق حو لمنيثاق أوروبي جديد للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة، وحسب الإجراءات الحدودية الجديدة، سيجري فرز طالبي اللجوء الذين ليس لديهم فرصة للحصول على الحماية نظراً لأنهم ينحدرون من دول آمنة نسبياً ومن ثم العمل على ترحيلهم. وكان قد أعرب وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في ستوكهولم في 26 يناير 2023 عن رغبتهم في تكثيف إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى بلدانهم الأم. تم إصدار نحو (340,500) قرار “إعادة” في الدول الأوروبية عام 2021، وفقاً لوكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات). ولمزيد من الضغط، بدأت الدول الأوروبية تطبيق آلية خفض عدد التأشيرات عام 2020 لدفع الدول الثالثة لإعادة مواطنيها الصادرة بحقهم قرارات ترحيل.

وفي تطور غير مسبوق، تواصلت السلطات الفرنسية مع القنصلية السورية في شهر أكتوبر 2022، رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية رسميا بين البلدين منذ أكثر من عشرة أعوام، وذلك للتحقق من هوية شخصين والمضي قدماً في الإجراءات التي تتبعها الدولة عادة من أجل ترحيل الأشخاص إلى بلدهم الأم.

توسيع نطاق معايير اللجوء لدول ثالثة

يحاول الاتحاد الأوروبي وضع معايير للجوء في البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بحيث يكون هناك عدد أقل من طالبي اللجوء واللاجئين الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي نفسه. حيث يمكن لدول الاتحاد الأوروبي رفض طلبات اللجوء على أساس عدم المقبولية. وتستند الدول في رفض هذه المطالبات إلى وجود “بلدان ثالثة آمنة”، وهو مبدأ يسمح للحكومات برفض طلبات اللجوء طالما أن هناك دولة آمنة أخرى حيث يمكن للاجئ طلب اللجوء. ومن الأمثلة البارزة على ذلك تركيا.

إن توسيع نطاق معايير اللجوء إلى بلدان ثالثة هو وسيلة لإضفاء الطابع الخارجي على سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي. الهدف طويل الأجل هو ضمان استقبال الأشخاص الذين نزحوا وتوفير الحماية لهم من قبل دول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي، وذلك بأن  يبقى طالبو اللجوء في بلد العبور حيث يتم توفير الحماية لهم، بدلاً من محاولة مواصلة رحلتهم إلى الاتحاد الأوروبي .

يمكن وصف ذلكم بمحاولة تصدير الحدود جنوباً. يسعى الاتحاد من خلال أدوات كوكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس”، أو عبر عقد اتفاقات مع دول جنوب المتوسط، إلى زيادة الرقابة وعسكرة مياه البحر.

تجري المفوضية الأوروبية مفاوضات مع تونس لضمها ضمن اتفاقية “SAR” (منطقة البحث والإنقاذ في وسط المتوسط) التي تشمل إيطاليا ومالطا وليبيا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين في 12 يونيو 2023، إن الاتحاد مستعد لتقديم ما يصل إلى (900) مليون يورو لدعم الاقتصاد التونسي، بالإضافة إلى (150) مليون يورو إضافية ستقدم بشكل فوري لدعم الميزانية، وتزويد تونس بـ (100) مليون يورو لإدارة الحدود ودعم عمليات البحث والإنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب و الهجرة للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.

ويرى علاء الطالبي، المدير التنفيذي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه إذا تم ذلك فسيتم اعتبار تونس بلدا آمنا وستتم إعادة المهاجرين الذين يتم اعتراضهم إليه. و”بالتالي، ستكون أوروبا قد صدرت جزءا كبيرا من الأزمة (الهجرة) جنوباً، ورمتها على كاهل دول الجنوب”.

فرونتكس وحق اللجوء في الاتحاد الأوروبي – تعارض قانوني وأخلاقي

اللجوء حق من حقوق الإنسان تحميه اتفاقية جنيف. بموجب هذا المبدأ، فإن الدول الفردية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ملزمة بضمان اللجوء لأولئك الذين يلتمسون اللجوء. إن الالتزام بضمان اللجوء منصوص عليه أيضاً بموجب المادة (18) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، التي توجه الدول الأعضاء إلى منح اللجوء وفقاً لمعايير اتفاقية جنيف.  وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات في الماضي لدعم الخطاب الإنساني المنصوص عليه في الميثاق. ففي عام 1999، على سبيل المثال، طور الاتحاد الأوروبي نظام اللجوء الأوروبي المشترك للتخفيف من التدفقات غير المتكافئة للاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، ومن المفترض أن يضمن المعاملة العادلة لطالبي اللجوء.

ومع ذلك، فإن هذا يعارض بشكل مباشر تصرفات فرونتكس، وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي التي تعمل كآلية لإبعاد اللاجئين. ويزعم أن فرونتكس ساعدت في التستر على انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن عمليات الصد اليونانية، ومولت المفوضية الأوروبية، التي تشرف على فرونتكس، الممارسات الحدودية العنيفة في كرواتيا. كما صاغت فرونتكس الرواية القائلة بأن المنظمات غير الحكومية تساعد المهربين بشكل مباشر، قبل الاعتراف بأن هذا التواطؤ لم يكن مقصودا – حتى مع هذا الاعتراف، لا تزال المنظمات غير الحكومية تعاني من تداعيات اتهام فرونتكس الأولي، وتواجه معارك قانونية وعقبات أخرى أمام أداء عملها. محاربة التطرف ـ كيف تؤثر الهجرة غير الشرعية من إفريقيا على أمن أوروبا القومي؟

ازدواجية المعايير في التعامل مع اللاجئين

يستفيد الأوكرانيون من التنفيذ غير المسبوق لتوجيه الحماية المؤقتة، الذي يسمح للاجئين الأوكرانيين بالإقامة والبحث عن عمل والذهاب إلى المدرسة في الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاث سنوات، دون الحاجة إلى موافقة رسمية على اللجوء. يتمتع الأوكرانيون بمتطلبات دخول أكثر تساهلاً، ومراكز استقبال اللاجئين التي تقدم الضروريات، والسفر الأسهل داخل الاتحاد الأوروبي، ووسائل النقل العام المجانية وخدمات الهاتف. ويمكنهم حتى دخول سلوفاكيا وبولندا دون أوراق، وهما بلدان أظهرا مشاعر قوية معادية للاجئين خلال أزمة اللاجئين السوريين عام 2015. في عام 2016، وصف الزعيم المجري فيكتور أوربان الهجرة بأنها “سم”، لكنه صرح في ماررس 2022 بأن الأوكرانيين “مرحب بهم من قبل الأصدقاء في المجر”. فتحت دول الاتحاد الأوروبي – حتى تلك التي لديها مشاعر معادية للمهاجرين – أذرعها وحدودها للاجئين الأوكرانيين بسخاء غير مسبوق.

وعلى النقيض من ذلك، تعرض اللاجئون غير الأوكرانيين للاعتداء الجسدي من قبل رجال الدوريات البولنديين والبيلاروسيين؛ وتُركوا للتجميد في فصل الشتاء. محتجزون في معسكرات غير صحية في اليونان؛ ومحاصرون بين بولندا وبيلاروسيا؛ وتعرضوا للهجوم بخطاب كراهية الأجانب ومعاداة المهاجرين، خاصة في بولندا والمجر وسلوفاكيا.

رفض الاتحاد الأوروبي تفعيل توجيه الحماية المؤقتة في عام 2015، وحفز الدول الأخرى على إحباط تدفق اللاجئين، وفي الوقت نفسه، أقامت بولندا سياجاً حدودياً، وبدأت في بناء جدار، وأصدرت تشريعات لجعل الدخول أكثر صعوبة، ولم تقبل سوى حوالي (5.7%) من طلبات اللجوء في عام 2020. ومع دخول المزيد من اللاجئين إلى أوروبا، ازداد الاحتجاز، حتى أن رئيس المجلس الأوروبي السابق دونالد تاسك دعا إلى فترات احتجاز مدتها (18) شهراً. اليمين المتطرف ـ استغلال الهجرة غير الشرعية واللجوء في أوروبا

**

4- الاتحاد الأوروبي ـ أسباب رفض الهجرة واللجوء

تتوالى التحذيرات الأممية من تفاقم أزمة اللاجئين والمهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي خلال العام الجاري نظراً لاستمرار الحرب الأوكرانية، ما يرجح فرار مزيد من اللاجئين الأوكرانيين مع اشتداد المعارك، وصعوبة عودة الفارين منذ بداية الحرب لديارهم مرة أخرى، إضافة إلى استمرار الأزمة الإنسانية في أفغانستان والصراعات في دول أفريقيا. وتسببت هذه التحذيرات واستقبال التكتل الأوروبي لعدد غير مسبوق من طلبات اللجوء في عام 2022، إلى ظهور توجه أوروبي رافض لاستضافة مزيد من المهاجرين واللاجئين، ومطالبات بتشديد الإجراءات الخاصة بقانون اللجوء والهجرة، فضلاً عن تذمر بعض الدول الأوروبية من قانون اللجوء منذ موجة نزوح عام 2015.

توجه جديد ضد اللجوء والهجرة

الدنمارك نموذجاً

ظهرت تحولات جذرية في مواقف دول التكتل الأوروبي بشأن أزمة اللجوء والهجرة خلال الأشهر الماضية، بينما تبنت الدنمارك موقفاً متشدداً تجاه اللاجئين منذ منتصف 2020، وكانت أول دول التكتل التي تعيد النظر في ملفات بعض طالبي اللجوء، وراجعت حالة نحو (500) لاجئ سوري قادم من دمشق مستندة في قرارها على أن الأوضاع في سوريا الآن ودمشق تحديداً لم تعد مبرراً لمنح هؤلاء تأشيرة إقامة جديدة أو تمديدها، وتوسع القرار ليشمل منطقة ريف دمشق.

رغم الانتقادات التي وجهت لسياسة الحكومة الدنماركية لإجبار اللاجئين على البحث عن دولة أوروبية بديلة، لم تغير كوبنهاغن من موقفها لاقتناعها بأن الوضع بات مناسباً لعودة السوريين لبلادهم، وضمت الدنمارك نحو (35) ألف سورياً وصل أكثر من نصفهم في 2015.

تحولت مسألة المهاجرين واللاجئين ورقة في يد السياسيين الدنماركيين، وفي 8 سبتمبر 2021 أعلنت الحكومة الدنماركية حصول اللاجئ على إعانات رعاية اجتماعية مقابل العمل (37) ساعة أسبوعياً، مبررة القرار بهدف مساعدة اللاجئ على الاندماج في المجتمع بالاعتماد على سياسة عمل جديدة في حال صعوبة إيجاد وظيفة ثابتة، لا سيما وأن السلطات بالدنمارك تعهدت بالوصول إلى هدف “صفر طلبات لجوء”.

موقف دول الاتحاد الأوروبي

تدريجياً انتقلت الإجراءات المشددة من الدنمارك إلى اليونان، وشهدت مناقشات حكومة أثينا نقلات نوعية بشأن تعديلات قانون اللجوء، وفي 17 أكتوبر 2022 حملت منظمة ” هيومين رايتس ووتش” حكومة أثينا مسؤولية اختراق القوانين المتعلقة بالهجرة، عقب إعادة اليونان مجموعة من المهاجرين من الساحل اليوناني الجنوبي إلى المياه الإقليمية بشكل غير قانوني، وانتقدت المنظمة موقف الاتحاد الأوروبي بشأن إعادة اليونان القسرية للمهاجرين.

بينما أكدت اليونان على إنقاذ (92) رجلاً عثر عليهم عراة ومصاب بعضهم بجروح بالقرب من حدودها الشمالية مع تركيا، وأسفرت التحقيقات التي أجرتها مع وكالة الحدود الأوروبية ” فرونتكس” أنه تم العثور على أدلة على أن المهاجرين عبروا نهر إيفروس لليونان في قوارب مطاطية من تركيا، وأنه تم الإبلاغ عن انتهاك محتمل لحقوق المهاجرين.الاتحاد الأوروبي ـ مساعي لإصلاح سياسات اللجوء والهجرة

بعد تسجيل (330) ألف عملية عبور غير شرعية لدول الاتحاد، ونحو (4.8) مليون شخص من طالبي الحماية المؤقتة إلى ألمانيا وبولندا ودول البلطيق ورومانيا وسلوفاكيا وشرق أوروبا، وظهور ممارسات غير قانونية لصد وترحيل فوري للمهاجرين الذين وصلوا عبر ” طريق البلقان” إلى الأراضي الأوروبية خلال 2022، أعلن الاتحاد في 9 يناير 2023 المضي قدماً في إصلاح سياسات اللجوء وتوزيع حصص اللاجئين المعروف بنظام ” دبلن” المسؤول عن معالجة طلب اللجوء إلى بلد الدخول الأول ووضع ضوابط حدودية دائمة قد تخالف قواعد منطقة شينغن.

ظهر تباين الموقف الأوروبي في التعامل مع مسألة اللجوء والهجرة في القمة الأوروبية التي انعقدت في 10 فبراير 2023، حيث أكد مسؤولون أوروبيون أن هناك إجماع لاستخدام الاتحاد كل الأدوات الدبلوماسية والتجارية والتنموية والتأشيرات، لإجبار الدول على استعادة طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، بينما طالب المستشار النمساوي كارل نيهامر، التصدي للهجرة غير الشرعية بتخصيص أموال أوروبية لتشييد سياج عند الحدود البلغارية التركية.

هل تغير موقف ألمانيا؟

انتهجت الحكومة الألمانية سياسة مغايرة لسياساتها السابقة مع ملف اللاجئين، وفي 20 مايو 2023 وقع الائتلاف الحكومي الألماني على اتفاق، ينص على وضع حد لعمليات الصد غير القانونية والمعاناة الموجودة على الحدود، والتحقق من محتوى طلبات اللاجئين القادمين إلى دول التكتل أو المتواجدين على أراضيها.

تضمن المقترح الألماني لإصلاح نظام اللجوء الأوروبي، منح الحكومات صلاحية منع اللاجئين من دخول الأراضي الأوروبية في حال رفضها لطلباتهم وترحيلهم لبلدان ثالثة آمنة، مع إقامة مراكز ترانزيت يوضع فيها اللاجئ ويعتبر وقتها من الناحية القانونية خارج أوروبا، ما يعني صعوبة طعنه على قرار رفض طلب لجوئه إلا مرة واحدة.

الانتقادات لهذا المقترح دفعت ألمانيا لتوضيح موقفها من إشكالية اللجوء، وفي 3 يونيو 2023 أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك انفتاحها لتطبيق إجراءات أولية لفحص طلبات اللجوء على الحدود الخارجية لدول الاتحاد وفقاً لمعايير حقوق الإنسان، منوهة إلى أن المقترح فرصة لتوزيع منظم وإنساني للاجئين بين دول التكتل.

كما أشارت وزيرة شؤون الأسرة الألمانية ليزا باوس، إلى أن الخطة الألمانية تقترح استثناء القُصَر غير المصحوبين بذويهم والعائلات التي لديها أبناء دون (18) عاماً من إجراءات اللجوء عبر الحدود. الاتحاد الأوروبي ـ ملف الهجرة يثير الكثير من الانقسامات

أسباب رفض اللجوء والهجرة

تتعلق حالات رفض اللجوء والهجرة داخل الاتحاد الأوروبي بأمور إجرائية خاصة بالطلب، إضافة إلى ممارسة بعض الأحزاب والسياسيين المنتمين لليمين المتطرف ضغوط على الحكومة، ومن ثم ظهور توجه لدى بعض الأوروبيين رافض لمسألة تدفق المهاجرين واللاجئين لبلدانهم.

أمور إجرائية

بحسب قانون اللجوء الأوروبي، يتم فحص طلب اللجوء في حال قدوم اللاجئ عبر دولة ثالثة آمنة، وقد يرفض الطلب للاسباب التالية:

– حصول اللاجئ على حماية من دول أخرى بالاتحاد الأوروبي.

– حصول اللاجئ على حق اللجوء في دولة خارج التكتل وموافقة هذه الدولة على عودته مرة أخرى لأراضيها.

– قدوم اللاجئ من بلد ثالثة آمنة خارج الاتحاد.

– تقديم عائلة اللاجئ طلب منفصل عنه.

– عدم إثبات الشخص أي خطر يقع عليه ويعزز طلب لجوئه.

قد تستند بعض الدول على أسباب أخرى لرفض طلب اللجوء ومنها، عدم حضور اللاجئ إلى جلسة استماع بعد تقديمه الطلب أو التعثر في التواصل معه.

اليمين المتطرف

مع وصول اليمين المتطرف إلى الحياة السياسية في إيطاليا والمجر والسويد، ومنافسته المستمرة للأحزاب اليسارية والليبرالية في دول مثل ألمانيا وفرنسا، صعد توجه سياسي أوروبي ضد موجات النزوح واللجوء لاسيما ومع موجة اللجوء التي شهدتها أوروبا عام 2015. ونظرا لأن عقيدة اليمين المتطرف معادية للمهاجرين واللاجئين، لذا ربط هذا التيار بين الأزمات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها أوروبا خلال العقد الأخير وبين استقبال الأراضي الأوروبية عدداً كبيراً من اللاجئين، ما رفع أسهم الأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات الأوروبية والانتخابات التشريعية في عدد من دول أوروبا خلال العاميين الماضيين. اليمين المتطرف في فرنسا، كيف يؤثرعلى مستقبل سياسة الهجرة واللجوء؟

تغير مواقف أحزاب تقليدية

تبني اليمين المتطرف لسياسة معادية للجوء والهجرة، أجبر بعض الأحزاب اليسارية والمحافظة والليبرالية في أوروبا على تغيير مواقفها أو تبني سياسات مشابهة لهذا التيار، بعد تحقيق اليمين نتائج متقدمة في الانتخابات التشريعية بدول التكتل في عام 2022، خاصة وأن استطلاعات الرأي الأخيرة للناخبين الأوروبيين تشير إلى معارضتهم لاستقبال لاجئين جدد ورغبتهم في خروج اللاجئين المتواجدين داخل بلدانهم

رفض مجتمعي

تسببت تداعيات الحرب الأوكرانية الاقتصادية في ظهور ثقافة رافضة للاجئين والمهاجرين بين بعض الفئات في المجتمعات الأوروبية، خاصة وأن أفكار اليمين المتطرف انتشرت بوتيرة متسارعة عبر شبكة الإنترنت وفي الاحتجاجات، وأثرت نوعاً ما في تأصيل فكرة النزعة القومية والترويج إلى أن قانون اللجوء الأوروبي كان سبباً رئيسياً في تدفق ملايين اللاجئين السنوات الماضية وتحمل المواطن الأوروبي تكلفة أزمة اللجوء والهجرة.

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– لا تزال قضية اللجوء والهجرة قضية مهمة وحساسة داخل الاتحاد الأوروبي فالدول الأعضاء منقسمة بشدة حول مسألة إعادة توطين طالبي اللجوء ولكل دولة من هذه الدول أجندتها ومنظورها الخاص بها، نتيجة لذلك يستجيب كل طرف وفقا لمصالحه الخاصة.

– يواجه الاتحاد الأوروبي مشكلات في التعامل مع ملف اللجوء والهجرة، سواء من ناحية تنفيذ قرارات مسبقة تم الاتفاق عليها بين دول الاتحاد أو بخصوص مواكبة التطورات التي تطرأ على ملف الهجرة واللجوء.

– يعد الهدف النهائي من الإصلاح هو تثبيت نظام دائم وقابل للتنبؤ لإدارة الهجرة يمكنه بالتأكيد أن يحل محل الوضع المخصص للأزمات الساري منذ أزمة الهجرة في عام 2015 والذي ثبت أنه غير ملائم على الإطلاق للتعامل مع تحدٍ يتجاوز المستوى الوطني. الحدود.

– تنبع القواعد التي تمت الموافقة عليها من الميثاق الجديد للهجرة واللجوء، وهو اقتراح شامل قدمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2020. ومن الملاحظ أن العنصر الأكثر ابتكاراً في الاتفاقية هو نظام “التضامن الإلزامي” الذي يمنح الدول الأعضاء ثلاثة خيارات في أوقات ضغوط الهجرة.

ـ يبقى ملف الهجرة الملف الشائك ويثير الكثير من الإنقسامات والخلافات ما يهدد تماسك الاتحاد الأوروبي لا سيما عندما نتحدث عن توزيع اللاجئين داخل التكتل وفق اتفاقية دبلن أو مبدأ التضامن، لكن هناك إجماع أوروبي تقريباً حول تشديد الإجراءات، رغم الاختلاف في الآلية وهذا يعني تحول جديد في سياسات الاتحاد.

ـ بات من المتوقع أن يغير الاتفاق كلاً من كيفية معاملة طالبي اللجوء على الحدود وكيفية نقلهم عبر أوروبا، وأن تحصل الاتفاقية في نهاية المطاف على دعم كافٍ لإتمامها قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي في عام 2024. ومن المحتمل أن تتسبب تلك الانقسامات في خلافات حول إدارة الحدود في الاتحاد الأوروبي مستقبلاً ما يساهم في ارتفاع أحتمالية حدوث أزمات ترتبط بالهجرة أو اللجوء ما يشكل تحدياً لفعالية تدابير ضبط الحدود.

**

– انهار نظام اللجوء في أوروبا بعد أن دخل أكثر من مليون شخص معظمهم فروا من مناطق الصراعات وأثقلوا قدرات الاستقبال في اليونان وإيطاليا، مما أثار واحدة من أكبر الأزمات السياسية في الاتحاد الأوروبي.

– حاولت المفوضية الأوروبية اغتنام الفرصة للمضي قدماً في ميثاقها الجديد بشأن الهجرة واللجوء الذي توقف منذ فترة طويلة، وهو اقتراح شامل يهدف إلى تجميع جميع الجوانب المختلفة لسياسة الهجرةظن واستبدال نهج الأزمات الحالي ولحل الخلافات المتزايدة التي تهدد بعرقلة فرصة أوروبا لإصلاح قواعد الهجرة واللجوء

– يمهد هذا الاتفاق الطريق لمفاوضات صعبة مع البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي لإدخال قواعد جديدة للإدارة الجماعية لاستقبال وإعادة توطين طالبي اللجوء، مما يضع الاتحاد الأوروبي على المسار الصحيح لوضع اللمسات الأخيرة على الحزمة بأكملها.

– تحاول الدول الأوروبية على المستوى الأساسي معالجة الزيادة في عدد طالبي اللجوء الذين يصل معظمهم إلى الاتحاد الأوروبي على طول شواطئ دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا واليونان. والهدف ضمان معالجة طالبي اللجوء هؤلاء واستقرارهم بشكل متساو في جميع أنحاء أوروبا مع تسهيل إعادة الأشخاص الذين تم رفض طلباتهم.

– اكتسبت الأحزاب اليمينية المتطرفة تأييدا في جميع أنحاء أوروبا في بعض البلدان، ولعبت السياسات المتبنية للأفكار المناهضة للهجرة مثل التي نفذتها الحكومات اليمينية في بعض الدول الأوروبية دورا في التأثير على سياسة الهجرة في البلدان الأخرى.

– بات من المتوقع إدخال إجراءات حدودية معجلة لأولئك الذين يُعتقد أنهم ان تقبل طلبات لحوئهم لمنعهم من البقاء داخل الكتلة لسنوات، مما يعني تسهيل عمليات الترحيل. ومن المرجح أن تكون الهجرة مرة أخرى قضية شائكة، وستتزايد الضغوط على الاتحاد الأوروبي مع اقتراب انتخابات يونيو 2024.

**

– يتمتع الاتحاد الأوروبي بالقدرة على إجراء تغييرات إيجابية للاجئين. وقد سنت المؤسسة بالفعل سياسات مؤيدة للاجئين، وإن كانت سياسات لا يبدو أنها تحدث فرقاً كبيراً لطالبي اللجوء اليوم. ومع ذلك، يختار الاتحاد الأوروبي التراجع عن التزاماته القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين ويتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الدول الأعضاء فيه من عمليات الصد على الحدود البرية والبحرية، والعنف ضد اللاجئين والمهاجرين، والحرمان من الحصول على اللجوء، والحرمان من المساعدة الإنسانية، ومضايقة المدافعين عن حقوق اللاجئين.

– أظهر الاتحاد الأوروبي، من خلال استجابته للنزوح الجماعي الناجم عن الحرب في أوكرانيا، أنه قادر على الترحيب باللاجئين بطريقة منسقة وعادلة وإنشاء وتنفيذ سياسة هجرة إنسانية عندما تكون لديها الإرادة للقيام بذلك.

– يجب على الاتحاد الأوروبي صياغة استجابة للهجرة القسرية متجذرة في التضامن وتقاسم المسؤولية لتخفيف الضغط على الدول الأعضاء في الخطوط الأمامية، وضمان نظام نقل عادل ومستدام وإنساني يعمل لصالح الوافدين الجدد والمجتمعات المضيفة على حد سواء. يجب على الاتحاد الأوروبي ألا ينقل مسؤولية الهجرة إلى دول على حدوده الخارجية مثل تركيا وليبيا.

– إن وجود سياسة مشتركة للهجرة لا يكفي، بل يجب تطبيقه أيضا بطريقة تحترم القيم الأوروبية. سيكون هذا هو المقياس الحقيقي لنجاح الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الهجرة.

– مع استمرار الصراع وانعدام الأمن وتفاقم تغير المناخ، تستمر أعداد النازحين قسرا في الازدياد. إن تجديد ميثاق الهجرة وتقاسم المسؤولية أمر بالغ الأهمية لمساعدة الدول على إدارة اللجوء وحماية المحتاجين في أوروبا، لكن من اللأولى التركيز إلى أصل الإشكالية، فهناك حاجة ماسة إلى مزيد من الاستثمار في بلدان المنشأ لمعالجة الأسباب الكامنة وراء النزوح.

– من المُرجح أن يستمر ملف التعاطي مع قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء الإنساني مصدر قلق للعديد من الدول الأوروبية خلال عام 2023؛ إذ تعتبره هذه الحكومات أحد أهم أسباب صعود التيار اليميني الذي يعتمد على خطابات شعبويَّة لتغذية الانقسام وتعزيز خطاب الكراهية ضد المهاجرين. بالتاالي؛ من غير المتوقع الوصول لاتفاق لجوء أفضل من وجهة النظر الإنسانية في الاتحاد الأوروبي على المستوى القريب. بل على العكس من ذلك، من المتوقع حدوث موجة يمينية في الانتخابات الأوروبية لعام 2024.

**

– يعد ملف اللجوء اختباراً صعباً أمام الاتحاد الأوروبي، نظراً لأنه يسارع الوقت للتوافق حول قانون اللجوء والهجرة قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو 2024، وتباينت المواقف بين “دول الدخول الأول” للاجئين مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا والمجر وكرواتيا من ناحية ودول مثل فرنسا وألمانيا من ناحية أخرى، حول تحمل تكلفة اللجوء وتوزيع اللاجئين والمهاجرين.

– أصبح التكتل الأوروبي في مأزق أمام العالم، لاتجاه اجتماعات المسؤولين الأوروبيين إلى تشديد القواعد والإجراءات ضد الهجرة واللجوء في توقيت يشهد العالم فيه ارتفاعاً غير مسبوق لأعداد اللاجئين والنازحين، حيث سجلت الأرقام وصول أعداد النازحين واللاجئين حول العالم إلى نحو 110 ملايين شخص، ما يلقي على أوروبا أعباء جديدة للمساهمة في احتواء هذه الأزمة الإنسانية.

– تغير موقف ألمانيا نوعاً ما تجاه اللجوء وهذا يعقد المسألة أكثر، ما يؤثر على اللاجئين المتواجدين في أوروبا ويعرقل قبول طلبات لجوء جديدة عبر الحدود الأوروبية، الأمر الذي يجعلها محل انتقاد داخلياً وخارجياً بشأن مقترحات إنشاء مراكز ترانزيت للاجئين وقواعد رفض طلبات اللجوء، خاصة وأن برلين انتهجت سياسة  ” الأبواب المفتوحة”للاجئين والمهاجرين على مدار الأعوام الماضية.

– انتشرت ثقافة رفض اللاجئين والمهاجرين بصورة متسارعة في المجتمع الأوروبي الفترة الأخيرة، لذا تشكل هذه النقطة عامل ضغط على الحكومات الأوروبية في سياساتها ضد اللجوء ويدعم صعود اليمين المتطرف إلى دائرة السلطة في أوروبا، ما يشير إلى احتمالية تبني أوروبا سياسات أكثر صرامة ضد حالات اللجوء والهجرة الفترة المقبلة.

– تعد الأزمة الاقتصادية العالمية سبباً من ضمن أسباب تغير سياسات أوروبا تجاه اللاجئين، خاصة وأن دول أوروبا كانت في مقدمة الدول التي عانت من أزمة الطاقة والغذاء وارتفاع معدلات الأسعار والتضخم، ما يضع الحكومات في حيرة بين تحمل تكلفة النزوح والهجرة إليها أو رفع ميزانيتها الداخلية لتهدئة الاحتجاجات.

– تستند أوروبا في خطواتها المقبلة ضد موجات اللجوء، إلى نقص التمويل العالمي لأزمة النزوح والهجرة وتضرر الدول الأوروبية الحدودية من تدفق أعداد كبيرة من طالبي اللجوء، إضافة إلى الإجراءات المتعلقة بأحقية حصول الشخص على اللجوء.

– من المتوقع أن تراجع الموقف الأوروبي في التعامل مع مسألة الهجرة يفاقم الأزمة ويزيد من معاناة اللاجئين في العالم، لاسيما ومع توقعات بارتفاع الأعداد مع استمرار الحرب الأوكرانية والصراع في السودان والأزمات الإنسانية في أفغانستان وبعض دول أفريقيا.

– كانت قضية الهجرة واللجوء عنصراً داعماً لثقل الاتحاد الأوروبي دولياً، والآن بدأت أوروبا تفتقد هذا الثقل تدريجياً بالقواعد الجديدة المحتمل تطبيقها حول قضية النزوح والهجرة، الأمر الذي يتطلب من دول التكتل إعادة صياغة القواعد بشكل يضمن حقوق اللاجئين والمهاجرين ويضمن توزيعهم بين الدول الأعضاء.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=89105

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

„Mehr als die Hälfte der Migranten, die zu uns kommen, haben keinen Asylgrund“
https://tinyurl.com/25f7m82x

European Migration Network (EMN)
https://tinyurl.com/3j3n78bh

ضغوط على الاتحاد الأوروبي لإقرار إجراءات أكثر صرامة بشأن الهجرة!
https://tinyurl.com/4hwyrrfr

عدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي في أعلى مستوى منذ 2016
https://tinyurl.com/mr2bkwhe

**

Migration returns to the top of the EU’s agenda but the same old political divisions remain
https://tinyurl.com/5c36x4x8

Rise of the far right: will there be an election bonanza for Europe’s populists?
https://tinyurl.com/2necra6f

EU countries strike major deal on migration rules, delivering the first breakthrough in years
https://tinyurl.com/zcru5dny

ألمانيا: كيف يستغل اليمين ملف الهجرة لكسب تأييد أكبر؟
https://tinyurl.com/y34rdszz

**

Tolerance of human rights violations against refugees has reached alarming levels in Europe
https://2u.pw/hQmkPBr

E.U. Border Agency Accused of Covering Up Migrant Pushback in Greece
https://2u.pw/z2arUcH

EU asylum applications reach ‘new high’ since 2015

https://2u.pw/nOqxqyC

How Italy built Libya’s maritime forces
https://2u.pw/UwGU2YJ

مراسلات وطلبات رسمية.. هل تسعى فرنسا لترحيل سوريين؟
https://2u.pw/vqgzbGU

أزمة الهجرة في المتوسط تتفاقم… ما مسؤولية الاتحاد الأوروبي؟
https://2u.pw/l3FXjb9

The Limitations of Humanity: Differential Refugee Treatment in the EU
https://2u.pw/XePzu4x

Protecting Rights at Borders VI: What we do in the shadows
https://2u.pw/7pJBmuj

الهجرة غير الشرعية: المفوضة الأوروبية تعلن استعدادها تقديم مساعدة مالية لتونس مقابل الحد من تدفق المهاجرين
https://2u.pw/UBSr0wl

**

Rising far-right, declining centre-left, and the future of refugees in Europe
https://bit.ly/43KuKKb

EU: When an asylum claim is ‘inadmissible’
https://bit.ly/3CCDQMQ

تسهيلات لفئة واحدة فقط.. ألمانيا: ندرس إجراءات جديدة لطلبات اللجوء إلى أوروبا
https://bit.ly/42Fi4Tj

في أوروبا تتعدد المسميات والنتيجة واحدة: “اللجوء غير مقبول”
https://bit.ly/3qOGg8L

أزمة الهجرة: إجماع أوروبي بشأن ترحيل مهاجرين وانقسام بشأن تسييج مناطق حدودية
https://bit.ly/43Mz5wu

HRW: اليونان تخرق قوانين الهجرة والاتحاد الأوروبي صامت
https://bit.ly/42F5fbT

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...