الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف في أوروبا ـ ازدراء الأديان (ملف)

ازدراء الأديان
سبتمبر 12, 2023

بون – المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ECCI ـ وحدة الدراسات

يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع ازدراء الأديان في أوروبا، من حيث الاعتداء على الكتب السماوية والتجاوز على الرموز الدينية، والضوابط القانونية والدستورية للفصل ما بين حرية الرأي والتطرف، كما يتطرق الملف لتداعيات ازدراء الأديان في أوروبا على الأمن المجتمعي في أوروبا، وعلى علاقات دول أوروبا بالعالم الإسلامي، بالإضافة إلى تداعياته على الهجرة. كما يتناول الملف التدابير اتخذتها الحكومات المعنية للحد من ازدراء الأديان. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1.  محاربة التطرف ـ ماذا عن ازدراء الأديان في ألمانيا؟
  2.  محاربة التطرف ـ ازدراء الأديان في فرنسا، تشريعات وتدابير
  3.  محاربة التطرف ـ ازدراء الأديان في فرنسا، تشريعات وتدابير

1- محاربة التطرف ـ ماذا عن ازدراء الأديان في ألمانيا؟

ساهم تنامي اليمين المتطرف في أوروبا في تأجيج مشاعر التحريض والكراهية ضد المسلمين ورموزهم. لا تزال ألمانيا تحتفظ بالتشريعات القانونية التي تجرم “ازدراء الأديان”، كما يكفل الدستور الألماني حرية التعبير، وتنص مواد الدستور الألماني على أن كل فرد الحق في التعبير بحرية عن رأيه، ولكن ليس بدون حدود. دانت السلطات الألمانية حرق القرآن، ووصفته بأنه “غير محترم وغير ملائم للغاية”. أثار حرق القرآن غضباً في الدول الإسلامية والعربية التي دانت هذه الأفعال، ودعت لمقاطعة المنتجات الأوروبية لا سيما السويدية والدنماركية.

مفهوم “ازدراء الأديان”

يعني مفهوم “ازدراء الأديان” الإساءة، أو الاستخفاف يصدره شخص، أو هيئة ما بشأن معتقدات وأفكار ديانة ما، وهذه القضية مثار جدل بين كثيرين. يرى البعض في ذلك حقاً يتعلق بحرية الرأي والتعبير تجب حمايته. يقول آخرون إنه يعزز الكراهية الدينية، وبالتالي يطالبون بمنعه قانونياً ومحاسبة فاعليه. رغم جدلية تحديد مفهوم “ازدراء الأديان” في مختلف الأوساط الدينية والفكرية؛ فإنه يقصد به بشكل عام عدة أشياء من بينها، تعمّد النيل من الأديان ومعتقداتها وشخصياتها المقدسة لدى أتباعها، وإشاعة الأفكار النمطية السلبية بشأنها، وتبني مواقف متعصبة أو تمييزية في مجال الديانات والمعتقدات.

مواثيق دولية تمنع “ازدراء الأديان”

يعتبر “ازدراء الأديان” جريمة في العديد من الدول، حيث وجد تحليل أن (79) دولة  من بين (198) دولة تمت دراستها في عام 2019 لديها قوانين أو سياسات على الكتب تحظر التجديف في 24 يوليو 2023. اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بشأن الحوار بين الأديان والثقافات في 25 يوليو 2023. حمل مشروع القرار عنوان “تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية”.

تنص الفقرة الـ(13) منه على أن مشروع القرار “يستنكر بشدة جميع أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وكذلك أي أعمال من هذا القبيل ضد رموزهم الدينية، أو كتبهم المقدسة، أو منازلهم، أو أعمالهم، أو ممتلكاتهم، أو مدارسهم، أو مراكزهم الثقافية أو أماكن العبادة، فضلاً عن جميع الهجمات على الأماكن الدينية والمواقع والمزارات التي تنتهك القانون الدولي”. اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2021 قراراً بشأن تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح، في مواجهة خطاب الكراهية، والذي حدد يوماً دولياً لمكافحة خطاب الكراهية. حرق القرآن في السويد ـ تخادم اليمين المتطرف والإسلام السياسي . بقلم Andie Flemström

علاقة اليمين المتطرف بـ”ازدراء الأديان”

ترجع أسباب حرق القرآن في أوروبا لعدة أسباب أهمها أن الكثير من الدول الأوروبية لا يوجد لديها قوانين خاصة بـ”التجديف”، فمثلاً القانون في السويد لا يمنع تحديداً حرق أو تدنيس القرآن، أو أي كتاب مقدس. يرتبط الأمر في السويد بقرار من الشرطة وليس الحكومة، فهي من تمنح تراخيص المظاهرات والتجمعات العامة، كما يستغل اليمين المتطرف تلك التوترات لتوسيع أنشطتهم، وزيادة الاستقطاب داخل المجتمعات الأوروبية.

تشهد ألمانيا ازدياد العنصرية ورسائل تهديد ضد المساجد ورجال الدين، الى جانب  المعابد اليهودية، تغذّيها دعاية الجماعات اليمينية المتطرفة، والمعادية للمسلمين والساميه. واجهت العديد من المساجد في ألمانيا تهديدات وبعض الرسائل تم توجيهها إلى الكنائس، ومن المحتمل أن يكون العدد الإجمالي للرسائل مجهولة المصدر أكبر مما هو معروف. أظهرت وزارة الداخلية الألمانية ارتفاعاً مقلقاً بعدد جرائم الكراهية ضد المسلمين، ناهز (258) جريمة خلال النصف الأول من العام 2023، شملت رسائل التهديد، والتخريب، كما تعرض أكثر من (12) مسجداً للهجوم في الفترة من يناير 2023 إلى يونيو 2023.

وتصل رسائل تهديد من حين لآخر، كانت رسائل من أفراد، وبعضها مكتوب بخط اليد. أما الآن فالرسائل الواصلة إلى الجمعيات صارت أكثر، وأحياناً تكون هناك إشارة إلى ارتباطها بخلايا يمينية متطرفة مثل خلية “NSU”، التي تعتبر من جماعات النازيين الجدد، ويمكن وصفها  ذلك بأنه أمر مقلق، ومحبط أيضاً، لأنه لا يمكنك فعل أي شيء حيال ذلك.

موقف ألمانيا من حوادث حرق القرآن

دانت ألمانيا حرق القرآن خلال احتجاج قرب السفارة التركية بالعاصمة السويدية “ستوكهولم” ووصفته بأنه “غير محترم وغير ملائم للغاية”. أكدت وزارة الخارجية الألمانية في 23 يناير 2023 أن “أوروبا تؤيد التعايش السلمي بين جميع الأديان”، وأن حق الإنسان في الحرية الدينية ذو قيمة عليا مثل حرية التظاهر وحرية الرأي، في المقابل أن الاستفزازات – مثل ذلك العمل الاحتجاجي في ستوكهولم – يساهم في الانقسام”. تلتزم الحكومة الألمانية، جنباً إلى جنب مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، بحماية وتعزيز حرية الدين والمعتقد في إطار الحوارات السياسية الثنائية مع بلدان ثالثة.

التشريعات الألمانية تمنع “ازدراء الأديان”

يكفل الدستور الألماني حرية التعبير في السابع من يوليو 2023، وتنص المادة الـ(5) منه على أن لكل فرد الحق في “التعبير بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والصورة”، ولكن ليس بدون حدود.  تعد ألمانيا هي واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي تحمي المجتمعات الدينية. ينص الدستور الألماني في المادة الـ(4) منه على :

  • حرية الدين وحرية العقيدة والضمير وحرية المعتقد الديني والرؤية للعالم مُصانة.
  • يجب ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية.
  • لا يجوز إكراه أحد على المشاركة في الخدمة العسكرية بما يتعارض مع معتقداته، وتقوم القوانين الاتحادية بتنظيم التفاصيل المتعلقة بالأمر.

يخول القانون الألماني فرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى (3) سنوات على أولئك الذين تصدر عنهم إهانة “من شأنها تعكير صفو السلم العام”. تأتي العقوبة على الإهانات التي تضر بالسلام العام. مع ذلك، من النادر ما يتم تطبيق الفقرة (166) من قانون العقوبات الألماني. بقي قانون “التجديف” في ألمانيا بعيدا عن الأضواء لفترة طويلة حتى العام 2006 عندما تمت مقاضاة “مانفريد فام” بسبب توزيعه مناديل تحمل نقش القرآن، وبعد حوالي (10) سنوات أدين أستاذ الفيزياء “ألبرت فوس” بتهمة ازدراء الأديان بعد تلوين النافذة الخلفية لسيارته بشعارات معادية للمسيحيين وتم تغريمه بـ(500) يورو.

تداعيات حرق القرآن

كثفت بعض الدول الأوروبية في 4 أغسطس 2023 الرقابة على الحدود لاعتبارات أمنية عقب تظاهرات تمت من خلالها حرق القرآن. أعربت العديد من الدول الأوروبية عن القلق إزاء تدهور الوضع الأمني واستهداف المصالح الأوروبية، وخوفاً من استمرار محاولات المهاجرين بالوصول إلى دول أوروبا، وتسلل الجماعات المتطرفة لتنفيذ عمليات إرهابية ذات دوافع انتقامية. محاربة التطرف ـ تداعيات حرق القرآن الكريم وتجديف الأديان

أثار حرق القرآن غضباً في الدول الإسلامية، والعربية التي دانت هذه الأفعال، حيث ألغى “بوريس بيستوريوس” وزير الدفاع الألماني، زيارة إلى بغداد بسبب مخاوف أمنية وسط الاحتجاجات ضد حرق القرآن في السويد والدنمارك. جاء القرار بناء على توصية من مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية.

“ازدراء الأديان” في النمسا

عقدت سيدة نمساوية ندوات حول الإسلام عامي 2008 و2009 لحزب الحرية اليميني المتطرف وتحدثت خلالها عن روموز الإسلام، وأطلقت فيها تصريحات مسيئة. وجدت المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا أن هذه التصريحات تهين المعتقدات الدينية، وأيدت القرار محكمة الاستئناف. قررت المحكمة الأوروبية في العام 2018 إدانة السيدة، وتغريمها (480) يورو. يعد حكم الإدانة الذي صدر بحق المواطنة النمساوية بوصفها “أساءت لمعتقدات دينية” لا يتعارض مع المادة (10) من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، المتعلقة بحرية التعبير.

أفاد تقرير عام 2022 حول العنصرية ضد المسلمين الصادرعن مركز “التوثيق والإرشاد من أجل مسلمي النمسا”، بأن النمسا شهدت (1324) حادثة تعكس عنصرية ضد المسلمين، ومظاهر لكراهية رموز الإسلام. كما أظهرت الأرقام أن (92%) من الهجمات على الإنترنت، كانت عبارة عن خطابات كراهية للإسلام والمسلمين، في حين أن (5%) حملت تحريضاً ضد رموز الإسلام والمسلمين. حرق القرآن في السويد ـ تخادم اليمين المتطرف والإسلام السياسي

**

2- محاربة التطرف ـ ازدراء الأديان في فرنسا، تشريعات وتدابير

تزايدت الدعوات في العديد من العواصم الأوروبية لـ”حرق القرآن” وإهانة المقدسات الدينية لاسيما الإسلامية منها، بحجة حرية التعبير والرأي. تعكس تلك الدعاوات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في أوروبا. توالت ردود الفعل المنددة عربياً ودولياً بحادثة “حرق القرآن ” في عدم وجود قانون يجرم “ازدراء الأديان” في الكثير دول أوروبا لا سيما بلجيكا وفرنسا، بالتزامن مع رفض كل من بلجيكا وفرنسا تأييد مشروع أممي يدعو إلى إدانة الاعتداءات التي تستهدف المقدسات الدينية الإسلامية.

 ازدراء الأديان في فرنسا

تعني حرية التعبير في فرنسا القدرة على كتابة، أو قول ما يعتبره الآخرون تجديفاً، ولم يعد التجديف جريمة في فرنسا منذ عام 1881. يفصل القانون الفرنسي الكنيسة عن الدولة بشكل صارم منذ ما يقرب من (120) عاماً بموجب القانون المتعلق بحرية الصحافة، واعتبرت هذه العلمانية محاولة تاريخية للحد من تأثير الكنيسة في البلاد. ولا تزال العلمانية تحظى بمستوى عالٍ من القبول بين الشعب الفرنسي في السابع من أغسطس 2023. هاجم متطرفون في عام 2015 مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، وكانت الخلفية عبارة عن رسوم كاريكاتورية عن النبي “محمد”، أثارت غضباً بين المسلمين في جميع أنحاء العالم. بعد أيام قليلة من الهجوم على مكتب هيئة تحرير الصحيفة، الذي أسفر عن مقتل (12) شخصاً، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك “مانويل فالس” أمام الجمعية الوطنية أن “التجديف” لن يكون أبداً موضع إدانة في النظام القضائي الفرنسي.

تشريعات ازدراء الأديان وحرية التعبير

تعارض فرنسا أن تتضمن نصوص القرارات مفهوم “احترام الديانات” كي لا تعطي للديانات صبغة قانونية، وهو ما من شأنه أن يكسب التنديد “بتشويه سمعة الأديان” الشرعية. ترى فرنسا أن هذا الوضع يفتح الباب أمام الرقابة الدينية وأمام فرض قيود خطيرة في مجال حرية التعبير، ولا سيما ضد الأقليات الدينية، وضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين. لا يُعترف في القانون الفرنسي، كما في القانون الدولي، بمفهوم “التجديف”، ولا يجوز إلا محاكمة الدعوات إلى العنصرية، والتمييز، والعنف لأسباب قائمة على أساس الدين، أو العرق، أو الانتماء الإثني، أو الوطني بنص قانون الأول من يوليو 1972.  محاربة التطرف ـ ماذا عن ازدراء الأديان في ألمانيا؟

يضع قانون 13 يوليو 1990، المعروف باسم “قانون غايسو”، مبدأ “معاقبة أي اعتداء عنصري، أو معاد للسامية، أو يدعو لكراهية الأجانب” معدلاً القانون الخاص بحرية وسائل الإعلام. يخضع التدخل في الحرية الدينية لعقوبات جنائية، بما في ذلك غرامة قدرها (1700) دولار، والسجن لمدة شهر واحد. يجوز للأفراد المتهمين في المحاكمات الطعن في دستورية أي قانون يقولون إنه يعيق حريتهم الدينية، كما يرى الخبراء أن قانون “مناهضة الانفصالية” الذي قدمته الحكومة الفرنسية العام 2021 “يعيق بشكل منهجي الحرية الدينية، والممارسات الإسلامية”.

تهديدات للرموز الدينية

بلغت عدد الهجمات الموثّقة، والمعلنة ضد المساجد في فرنسا منذ 2019 العشرات في 28 أبريل 2023، يثبت تحليل الأرقام والمعطيات، وجود ارتباط وثيق ما بين ارتفاع وتيرة الاعتداءات ضد المسلمين، وضد أماكن العبادة الإسلامية، وبين الحملات الإعلامية التي تشن ضد المسلمين في وسائل الإعلام الفرنسية، وخاصة إثر أي حادث إرهابي يرتكبه متطرف إسلاموي. يقول النائبين “إيزابيل فلورين” عن “الحركة الديمقراطية” (Mouvement démocrate)، و”لودوفيك مينديز” عن “تيار النهضة” (Renaissance) “إن حوادث الاعتداء على أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين لم تنقطع منذ 2018”.

تزايدت الأعمال العدائية ضد المسلمين في فرنسا، وكان آخرها تمزيق القرآن الكريم، وإلقاء حجاب لطالبة مسلمة في مدرسة “جان روستاند” الثانوية في مدينة “كاين” الفرنسية في 18 أكتوبر 2022. تزامن الحادث مع حملة دشنها المرشح الرئاسي السابق اليميني المتطرف “أريك زمور”، للاحتجاج على ما وصفه بـ”انتشار الرموز الإسلامية” في المدارس الفرنسية، ونددت الجمعية الإسلامية، والثقافية في “كالفادوس” بانتهاك الخصوصية، والمعتقدات الدينية للطالبة.

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في فرنسا تفاعلاً واسعاً ضد الدعوات التي أطلقها “إريك زمور” للتظاهر في باريس رفضاً، واحتجاجاً على ما يراه انتشاراً للرموز الإسلامية في مدارس فرنسا في 16 أكتوبر 2022. تباينت آراء، ومواقف الفرنسيين على منصات التواصل بين مؤيد، ومعارض للدعوات التي أطلقها “زمور”، حيث اعتبر نشطاء، ومدونون أنّه يثير الكراهيّة، فيما أيّد آخرون موقفه ودعموه.

تداعيات ازدراء الأديان

أدان “جوزيب بوريل ” منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في 26 يوليو 2023 عمليات “حرق القرآن” في الدنمارك، والسويد. أكد “بوريل” إن “حرق القرآن” مسيء وغير محترم واستفزاز واضح”، وأضاف “أن التنوع الديني، والتسامح مع المجتمعات الدينية من القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي، ولا مكان للتعبير عن العنصرية، وكراهية الأجانب، وما يتصل بذلك من تعصب بيننا”.

كشفت دراسة في 7 يناير 2023 أن مجلة “شارلي إيبدو” تسببت مراراً، وتكراراً في مشاكل دبلوماسية للحكومة الفرنسية. اجتاحت المظاهرات المناهضة لفرنسا، والدعوات لمقاطعة البضائع الفرنسية العديد من الدول العربية والإسلامية في عام 2020، وبعد أن دافع “ماكرون” عن حق رسامي الكاريكاتير في التجديف. تزامنت دعوات المقاطعة مواقف رسمية أدانت تصريحات “ماكرون”، واستنكرت رسومات الكاريكاتير المسيئة للإسلام.

ساهم حرق مقر السفارة السويدية في بغداد، وتكرار واقعة حرق القرآن في الدنمارك، وإلغاء زيارة لوزير الدفاع الألماني إلى بغداد على خلفية التوترات، في تنامي القلق من احتمال زيادة التطورات السلبية بين الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي في 25 يوليو 2023. فعلى سبيل المثال أعلنت “العراق” طرد السفيرة السويدية “جيسيكا سفاردستروم” من البلاد، وسحب القائم بالأعمال العراقي من “ستوكهولم”.

 تنامي الإسلاموفوبيا

سُجلت في فرنسا في العام 2022 (501) حادثة ارتبطت بالإسلاموفوبيا من بين (527) حادثة في أوروبا، وفي مساهمته في التقرير السنوي حول “الإسلاموفوبيا” في أوروبا لعام 2022، صنف الباحث الفرنسي “إينيس بيركلي” فرنسا كواحدة من أكثر الدول معاداة للإسلام في أوروبا خلال العام 2021. تعكس دعاوى حرية التعبير والرأي من جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وازدراء المقدسات الدينية للمسلمين تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في 22 يناير 2023. ما تلبث أن تهدأ تلك الدعاوي في عواصم أوروبا حتى تندلع في عاصمة أخرى. حدث ذلك عندما أعادت مجلة (شارلي إيبدو)، الفرنسية الساخرة، نشر رسومها الكاريكاتورية، المسيئة للنبي محمد في سبتمبر من عام 2020، وقد أدى في ذلك الوقت إلى احتجاجات عنيفة من قبل متظاهرين مسلمين في جميع أنحاء العالم.

ازدراء الأديان في بلجيكا

رفضت بلجيكا في 12 يوليو 2023، تأييد مشروع القرار الأممي الذي يدعو إلى إدانة الاعتداءات التي تستهدف حرق القرآن، ووصفتها بـ “كراهية ضد الدين”، وذلك في جلسة خاصة عقدت بدعوة من منظمة التعاون الإسلامي في الاجتماع الدوري لمجلس حقوق الإنسان الأممي. لا تجرم بلجيكا “التجديف” في حد ذاته، حيث تحدد المادة (144) من قانون العقوبات جريمة إهانة دينية، تشمل الذين يسيئون إلى الرموز الدينية في أماكن العبادة الدينية، أو في الاحتفالات الدينية العامة.

أعلنت بلجيكا أن “راسموس بالودان” السياسي الدنماركي غيرمرغوب فيه، لأنه كان يعد لحرق الكتاب المقدس لدى المسلمين في مدينة “مولينبيك” في 20 أبريل 2022، وأوقِف مدرّس عن العمل في “بروكسل” بسبب عرضه على تلاميذه رسما كاريكاتوريا للنبي “محمد” نشرته صحيفة “شارلي إيبدو” في 31 أكتوبر 2020. طردت بلجيكا (5) نشطاء دنماركيين ينتمون إلى اليمين المتطرف، وحظرت دخولهم البلاد لمدة عام، بسبب خططهم لحرق نسخة من المصحف في منطقة تقطنها مسلمون في العاصمة “بروكسل” في 13 نوفمبر 2020.

جرى مسح اجتماعي في الدنمارك، بمشاركة (1008) شخص، حيث كشف في 12 أغسطس 2023 أن أكثر من (50%) من الدنماركيين يعتقدون بأن على الحكومة أن تحظر حرق القرآن، من منطلق عدم المساس بثقافات، وديانات الشعوب الأخرى. يشير الاستطلاع إلى أن (27%) من المشاركين “يوافقون بشدة” على حظر حرق القرآن، بينما (24%) “يؤيدون بدرجة ما” حظر هذا الفعل، من ناحية أخرى يشير الاستطلاع إلى أن (20%) من المشاركين “يعارضون بدرجة ما” التوجه الحكومي لحظر حرق القرآن، في حين أن (19%) “يعارضون ذلك بشدة”. محاربة التطرف ـ تداعيات حرق القرآن الكريم وتجديف الأديان

**

3- محاربة التطرف ـ ازدراء الأديان في بريطانيا

إن تكرار وقائع حرق المصحف في بعض الدول الأوروبية مؤخرا، يزيد المخاوف من تداعيات الأمر على الأمن المجتمعي في أوروبا، وخاصة في بريطانيا التي ترتفع فيها جرائم الكراهية الدينية، في ظل تصاعد وجود اليمين المتطرف وخطابه في المجتمع البريطاني، كما ارتفعت الأصوات في هولندا للمطالبة بوضع حد لارتفاع وتيرة الكراهية ضد المسلمين وتكرار حوادث  ازدراء الأديان، في أعقاب تسجيل وقائع تمزيق نسخ من القرآن الكريم خلال الأشهر الأخيرة.

ازدراء الأديان في بريطانيا

شهدت إحدى المدارس الواقعة بمدينة ويكفيلد بمقاطعة غرب يوركشاير البريطانية في فبراير 2023، واقعة خدش نسخة من القرآن الكريم عن طريق الخطأ من قبل مجموعة من الطلاب، لذا طالب أحد أعضاء مجلس حزب العمال السلطات بالتعامل مع الموقف، وقامت المدرسة بإيقاف (4) طلاب عن الدراسة.

هذا الحادث أثار تباين في وجهات النظر، حيث أكدت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، ضرورة أن تكون استجابة الشرطة متناسبة مع مراعاة مصلحة الأطفال كأولوية على أي إهانات متصورة، وأبدت منظمة “هيومينستس يوكيه (Humanists UK)” أن الإجراءات ضد الطلبة كانت تأديبية مفرطة نتيجة ضغوط من مجموعات دينية، في المقابل اعتبر المفتش آندي ثورنتون أحد أعضاء المدرسة، أن الحادث يعبر عن الكراهية وسوء في تقدير وفهم الطلاب لأفعالهم.

تعد بريطانيا في مقدمة الدول الأوروبية التي تعاني من حوادث الكراهية الدينية، وأعلنت الداخلية البريطانية في 13 أكتوبر 2021، أن الجرائم بلغت (124091) جريمة كراهية، من بينها (2703) جريمة ضد المسلمين، و تصاعدت الجرائم ذات الدوافع العنصرية بنسبة (12%) ووصلت إلى (85) ألف جريمة، حيث استهدفت (45%) منها مسلمين، واستهدفت (22%) يهوديين.

ارتفعت جرائم الإسلاموفوبيا تدريجياً خلال الفترة من مارس 2021 إلى مارس 2022، ووصلت حوادث الكراهية ضد المسلمين إلى (3) آلاف و (259) حادثة، بزيادة تقدر بـ (42%) عن الفترة من مارس 2020 إلى مارس 2021، وسجلت جرائم الكراهية على أساس ديني في نفس الفترة نحو (8) آلاف و (730) جريمة بزيادة تقدر بـ (37%) عن مارس 2020 إلى مارس 2021.

أعلنت منظمة ” Tell Mama UK تل ماما يو كيه” في دراسة في 23 يوليو 2023، عن تصاعد حالات الإسلاموفوبيا في العقد الماضي بتلقي أكثر من (20) ألف تقرير من أشخاص أبلغوا عن حوادث كراهية، ووثقت (584) حالة عام 2012 و (1212) حالة في 2021، وكان عام 2020 أعلى نسبة في تسجيل حالات الإسلاموفوبيا.

أسباب زيادة ازدراء الأديان في بريطانيا

تزايدت جرائم الكراهية وحالات ازدراء الأديان بعد يونيو 2016، عقب إجراء استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتصاعد الهجمات الإرهابية في يونيو 2017 وظهور احتجاجات ” حركة حياة السود مهمة” واحتجاجات ضد اليمين المتطرف في 2020.

أرجع المجلس البريطاني الإسلامي في تغريدة عبر تويتر في يوليو 2023، أسباب تكرار حوادث الكراهية ضد المسلمين، وارتفاعها بنسبة (30%) لنشاط اليمين المتطرف وانتشار خطاباته السياسية، ما ساهم في زيادة الهجمات المعادية للمسلمين، لذا وجه دعوة للحكومة البريطانية لإيجاد حلول لمعالجة الإسلاموفوبيا.

تداعيات ازدراء الأديان

تنعكس حوادث ازدراء الأديان والإسلاموفوبيا على الأمن المجتمعي البريطاني، خاصة مع شن حملات إلكترونية تحريضية ضد المسلمين وتغذية الخطاب المتطرف ضدهم، وتحميلهم أسباب الأزمات الاقتصادية والسياسية في بريطانيا في ظل تدهور الوضع الاقتصادي السنوات الأخيرة.

يتسبب هذا الخطاب المتطرف في تقليل فرص المسلمين في الحصول على تعليم وعمل متساوِ مع باقي فئات المجتمع البريطاني، كما أنه يهدد وجود المهاجرين واللاجئين ليس في بريطانيا فقط بل في أغلب أوروبا.

تزداد المخاوف من توغل حالات ازدراء الأديان وجرائم الكراهية الدينية داخل المدارس والجامعات، ما يعمق مشاعر الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد وبين فئات عمرية صغيرة، ويهدد محاولات دمج المسلمين والأقليات الدينية داخل المجتمع البريطاني.اليمين المتطرف في أوروبا ـ تصاعد حالات “الإسلاموفوبيا” في أوروبا

تعامل المجتمع مع حوادث ازدراء الأديان

عرض أحد المعلمين في مدرسة “باتلي غرامر سكول” بشمال إنجلترا رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للرسول في 25 مارس 2021، لذا أوقفته المدرسة عن العمل وعلقت الدراسة بعدها مع تقديم اعتذار للآباء على نشر هذه الصورة، وفي الوقت نفسه اعتبر وزير التربية والتعليم البريطاني وقتها غافين ويليامسون، الإجراء ترهيب وتهديد للمعلم.

هذه الواقعة كشفت عن زيادة ملحوظة في الإسلاموفوبيا في المدارس البريطانية، وأشارت منظمة ” تشايلد لاين” المعنية بتقديم المشورة والنصائح للأطفال في 2017، أنها أعدت (2500) جلسة خلال (3) سنوات لمواجهة التنمر الذي يتعرض له أطفال مسلمون لوصمهم بالإرهاب.

أكدت رئيس الرابطة الإسلامية رغد التكريتي، أنه يجب حماية طلاب المدارس من أي انتهاك لحقوقهم عبر الإساءة لمقدساتهم الدينية، وشدد مدير مسجد فينسبري بارك في لندن محمد كزبر، على أن تكرار حوادث ازدراء الأديان تزيد من فرص اليمين المتطرف، مؤكداً على ضرورة التأني في التعامل مع هذه الحوادث حتى لا تنعكس بشكل سلبي على صورة الإسلام والمسلمين في أوروبا.

أظهر استطلاع رأي في 9 أغسطس 2023، أن أكثر من خُمس العاملين في بريطانيا تعرضوا للتمييز في مكان العمل بسبب الهوية، وقال (22%) من بين (1523) شخصاً إنهم تعرضوا للتمييز في مكان العمل.

الدستور والقانون البريطاني

أبدت بريطانيا مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تحفظها في 11 يوليو 2023، على قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي يدين ما وصفه بـ ” أعمال الكراهية الدينية” على إثر تكرار حوادث حرق المصحف في عدد من الدول الغربية. ودعت بريطانيا للتصويت ضد القرار نظراً لأنه يتعارض مع حرية التعبير وفقاً لرؤيتها.

ظلت بريطانيا تعمل بقوانين تجريم جريمة التجديف ” ازدراء الأديان” حتى تم إلغائها عام 2008، وفي الوقت نفسه ينص دستور المملكة المتحدة على حرية الدين وفقاً لقانون حقوق الإنسان لعام 1998 المعتمد من الأمم المتحدة إضافة إلى القانون القومي والأوروبي.

رغم أن القانون الأوروبي تأسس عليه قوانين حرية الرأي والتعبير في المملكة المتحدة، إلا أنها ألغت الاتفاقية الأوروبية في قانونها الداخلي واستبدلتها بوثيقة حقوق المملكة المتحدة لعام 2022، وتعارض القوانين في بريطانيا أي سلوكيات من شأنها أن تلحق الأذى بالغير وتحرض على الكراهية والعنصرية أو الإرهاب سواء بنشر خطابات أو حيازة وثائق تتضمن هذا المعنى. محاربة التطرف ـ ماذا عن ازدراء الأديان في ألمانيا؟

تدابير حكومية

– أصدر القضاء البريطاني في 27 يناير 2023، حكم على مراهق بالسجن لأكثر من (11) عاماً بتهمة نشر محتوى لعقيدة متطرفة.

– منعت السلطات البريطانية في 20 مايو 2023، سياسي دنماركي ينتمي لليمين المتطرف من دخول المملكة المتحدة، على إثر تهديده بحرق نسخة من المصحف في ويكفيلد.

– أكدت الخارجية البريطانية في 21 يوليو 2023، على أن حرق القرآن وتدنيسه في ستوكهولم يعد عملاً استفزازياً للمسلمين في جميع انحاء العالم، وسعت بريطانيا للتأكيد من خلال هذه التصريحات على أنها ستدافع عن حرية الدين للجميع وتعزز الاحترام المتبادل.

ازدراء الأديان في هولندا

شهدت هولندا في 24 يناير 2023، حادث حرق زعيم جماعة “بيغيدا” المتطرفة المناهضة للإسلام في هولندا إدوين واغنسفيلد، نسخة من المصحف بعد تمزيقها في لاهاي، وتعقد الأمر كثيراً بعد بث المتطرف الفعل عبر تويتر أمام مبنى البرلمان، وتداول أنباء بمنح الشرطة المحلية إذن له بهذا الفعل.

كرر واغنسفيلد نفس الفعل في 19 أغسطس 2023، بتمزيقه نسخة من المصحف أمام السفارة التركية في لاهاي، ما أثار غضب المشاركين في مظاهرة مضادة له، لتشهد نفس المدينة وقفة احتجاجية للتنديد بتصرفات تيار اليمين المتطرف في هولندا.

ظلت هولندا تعمل بقانون التجديف حتى 2012، حيث ألغت العمل به بعد اتفاق الأحزاب في البرلمان على أن القانون لم يتم تطبيقه منذ أكثر من (50) عاماً في هولندا.

رغم هذه الخطوة، إلا أن الشرطة الهولندية ألقت القبض على زعيم جماعة “بيغيدا”، في أكتوبر 2022، في أعقاب حرقه لنسخة من المصحف أمام حشد من تياره في روتردام، كما أحيل الشخص نفسه إلى المحاكمة في 4 يوليو 2023 بتهمة توجيه إهانات لمجموعة أشخاص بعد تمزيقه لنسخة للمصحف أمام البرلمان، وينص القانون الهولندي عقوبة ازدراء الأديان بالسجن لمدة عام أو غرامة قدرها (9) آلاف يورو. الإخوان المسلمين في ألمانيا ـ هل نجحت الجماعة بتوظيف الإسلاموفوبيا ؟

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– تتعامل العديد من الدول الأوروبية مع “ازدراء الأديان” على أساس أنه جناية يعاقب عليها القانون بغرامة أو سجن، ولا يتم العمل بهذه القوانين إلا في بعض القضايا، كما هو الحال في (12) دولة أوروبية.

– دان الاتحاد الأوروبي حادثة حرق القرآن، وطالبت المفوضية الأوروبية باتخاذ خطوات جادة بشأن الحادثة، ويكفل الدستور الألماني حرية التعبير ولكن ليس بدون حدود، ويحمي القانون الألماني “المجتمعات الدينية” داخله بما يسمى فقرة “التجديف”.

– يرعى اليمين المتطرف في أوروبا الدعوات المتكررة لحرق القرآن وتشوية الرموز الإسلامية بحجة حرية الرأي والتعبير، ولكسب تأييد سياسي. ترتبط هذه الحوادث ارتباطاً وثيقاً بظاهرة الإسلاموفوبيا التي تظهر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمراكز الثقافية الأوروبية.

– أثارت حوادث حرق القرآن توترات دبلوماسية بين الدول الأوروبية، وعدة دول عربية وإسلامية، بالتزامن مع الإدانات العربية والإسلامية لتلك الحوادث، وتنامي الاحتجاجات، والدعوات لمقاطعة المنتجات الأوروبية لا سيما السويدية والدنماركية.

– بات محتملاً أن تخلق مثل هذه الحوادث مناخاً من العداء والكراهية داخل أوروبا وخارجها، فبات متوقعاً أن تستهدف الجماعات المتطرفة مصالح الدول الأوروبية في الشرق الأوسط. يمكن للجماعات المتطرفة استغلال تلك الحوادث للترويج لأجندتها، وتنامي التهديدات بحدوث هجمات إرهابية داخل أوروبا. من المرجح أن يكون هناك تصعيد في العلاقة مابين الجماعات اليمينية والجماعات الإسلاموية المتطرفة، ما يهدد الأمن المجتمعي في أوروبا.

**

– لا تملك فرنسا قوانين متعلقة بـ “ازدراء الأديان” والتي تحدد ما يمكن قوله، أو رسمه، عن الأديان، والرموز الدينية، بالرغم من امتلاكها العديد من القوانين الصارمة بشأن خطابات الكراهية التي تجرم التعليقات أو التحريض على العنف ضد الجماعات العرقية، أو الدينية.

– تزايد عدد الهجمات في فرنسا ضد الرموز الدينية لا سيما الإسلامية منها، ويثبت تحليل المعطيات والبيانات وجود ارتباط وثيق ما بين ارتفاع وتيرة الاعتداءات، وبين الحملات الإعلامية، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي لليمين المتطرف في فرنسا.

– تعكس دعاوى حرية التعبير والرأي، ودعوات حرق القرآن المتكررة في العواصم الأوروبية من جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، ما يتسبب في تأجيج الاحتجاجات والمظاهرات داخل أوروبا وخارجها ويهدد الأمن المجتمعي.

– لا تجرم بلجيكا “ازدراء الأديان” في حد ذاته، كما رفضت بروكسل وباريس مشروع القرار لأممي الذي يدين الاعتداءات على المقدسات الدينية وحرق القرآن، واكتفت بوصها بـ “كراهية ضد الدين”.

– بات من المتوقع أن تساهم الدعوات المتكررة لحرق القرآن في العواصم الأوروبية ، في تزايد احتمالية التطورات السلبية بين الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي، وأن تحذو العديد من الدول الأوروبية حذو السويد، برفع مستوى الإنذار المرتبط بخطر وقوع هجمات إرهابية، وذلك بعد ازدياد تهديدات “داعش والقاعدة” بتنفيذ هجمات في بعض دول أوروبا.

**

– ارتفاع حوادث الكراهية الدينية وخصوصاً تجاه المسلمين في بريطانيا العقد الأخير، ينذر بزيادة حوادث ازداء الأديان والعنصرية، الأمر الذي يهدد أمن المجتمع البريطاني ويمنح التيار اليمني المتطرف فرصة لنشر أفكاره بين الشباب عبر شبكة الإنترنت وبإقامة مظاهرات احتجاجية تحمل طابعاً عنصرياً معادياً للمسلمين والمهاجرين.

-الخلط بين مفهوم حرية التعبير وازدراء الأديان، ونشاط الجماعات الإسلاموية المتطرفة إلكترونياً، وظهور حملات إلكترونية مناهضة لها من قبل اليمين المتطرف، يدفع بشكل واضح إلى تكرار مزيد من جرائم العنصرية في بريطانيا وهولندا.

– تكرار حوادث ازدراء الأديان في بعض بلدان أوروبية مثل السويد وهولندا، يشجع تيار اليمين المتطرف في بريطانيا وباقي أوروبا على ارتكاب أفعال مماثلة، ما يزيد الفجوة بين المجتمع الأوروبي والمسلمين، ويمنح للجماعات الإسلاموية وفي مقدمتها داعش والإخوان المسلمين مساحة للتوغل داخل المؤسسات الدينية والمجتمعية، ما ينعكس سلباً على محاولات دمج المسلمين في بريطانيا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام.

– بات من الملاحظ  انتشار أفكار اليمين المتطرف وحوادث الكراهية الدينية في المدارس والمؤسسات التعليمية في بريطانيا، هذا يعني خطورة تمدد العنصرية بين الأطفال والمراهقين، ويفرض على المؤسسات الحكومية المعنية مراجعة سلوكيات الأطفال والمعلمين، وتوفير جلسات توعية لهم بشأن احترام الآخر.

– ينبغي على حكومتي بريطانيا وهولندا الانتباه إلى حوادث إهانة الرموز الدينية، ومعالجة الأسباب الجذرية التي تسببت في تصاعدها السنوات الأخيرة، خاصة وأن فترة نشاط اليمين المتطرف على الإنترنت خلال جائحة كورونا كانت الأعلى تسجيلا في حوادث العنصرية، ما يلزم الدولتين بتشديد الرقابة على المحتوى الإلكتروني وتتبع أنشطة الأحزاب اليمينة المتطرفة.

يمكنكم تصفح الملف   ملف pdf    

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=90548

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

الهوامش

Quran burning: How much blasphemy is allowed in Europe?
https://tinyurl.com/2p99xud9

Germany, UK, Follow Netherlands in Closing Istanbul Consulates Over Terror Threat
https://tinyurl.com/4uj6xx5v

لماذا تسمح السويد بحرق القرآن؟
https://tinyurl.com/45mpxu4n

بعضها مرتبط بخلية “إرهابية”.. رسائل تهديد تقلق المسلمين في ألمانيا
https://tinyurl.com/mt9xznd5

**

Mosquées attaquées : cette série noire que l’État ne veut pas voir
https://tinyurl.com/ee9s9vsy

Eight years after deadly attacks, Charlie Hebdo back in the headlines for angering Tehran
https://tinyurl.com/yswynmbv

L’islamophobe qui brûle les corans et met le feu aux poudres en Suède
https://tinyurl.com/4rsf2tzn

Blasphemy, religious insults and hate speech against persons on grounds of their religion
https://tinyurl.com/4jnvs9kw

The reason Sweden allows Quran burning despite international anger
https://tinyurl.com/57dnzsfk

**

بريطانيا: المسلمون هم الأكثر تعرضا لجرائم الكراهية
https://bit.ly/3PhFRW1

Hate crime, England and Wales, 2020 to 2021
https://bit.ly/3PjC9LE

Cases of anti-Muslim hate ‘have more than doubled’ in a decade
https://bit.ly/3qSDCPJ

بريطانيا تمنع دخول سياسي دنماركي يميني متطرف خطط لحرق المصحفظ

https://bit.ly/3EkMFf9

Most victims of religious hate crimes are Muslims and Jews: UK
https://bit.ly/3qW4Chb

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...