إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “3”
حذرت مراكز “دعم ضحايا العنصرية” من احتمال ارتفاع عدد جرائم العنف اليمينية، عقب نجاح حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي بالانتخابات المحلية في سكسونيا وبراندنبورغ . وتفيد البيانات بوقوع (1212) اعتداء يميني وعنصري ومعاد للسامية عام 2018 في الولايات الواقعة شرقي ألمانيا، وأصيب خلالها (1789) شخصا على نحو مباشر وهذا يعني حدوث زيادة في هذا المؤشر قدرها (8%)، بالمقارنة مع عام 2017. دعا ” أيمن مزيك” رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إلى تعيين “مفوض خاص من طرف الحكومة الألمانية لمكافحة ظاهرة العداء للمسلمين والاسلاموفوبيا في المجتمع الألماني” وفقا لت”DW” فى 2 ابريل 2019 .
وأكد على أن هناك نوعا من المشاعر الكامنة “المعادية للمسلمين من قبل البعض في ألمانيا”.ورأى مزيك أن مسألة العداء للمسلمين “تقابل بنوع من اللامبالاة في المجتمع” وأنها لا تلقى الأهمية المطلوبة. وهو ما يظهر أهمية وجود مفوض خاص من قبل الحكومة الألمانية يكون من واجبه التحاور مع المجتمع، ورصد أية اعتداءات على المسلمين. وذكر مزيك أن ومن واجب هذا المفوض الخاص أيضا أن يبلغ الجمهور الأمني بالتقارير الاعلامية، وأن يعزز التثقيف السياسي المجتمعي فيما يخص قضايا الاعتداء على المسلمين.
تعريف الإسلاموفوبيا
“الإسلاموفوبيا” مفهوم يَعني حرفيا الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، إلا أنه في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين وفقا لـ”الجزيرة” فى 19 أبريل 2016.ويعد أول استعمال لمفهوم “الإسلاموفوبيا” (Islamophobia) -الذي يعني “رُهاب الإسلام” أو الخوف المرضي من الإسلام.
يرى جزءٌ آخر من علماء الاجتماع أن الإسلاموفوبيا ازدهرت كمفهوم مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، إذ استُخدم هذا المفهوم ورُوج له من قبل مرجعيات دينية شيعية محافظة لفرضِ ارتداءِ الحجاب. فوُصم بمعاداة الإسلام أو الإسلاموفوبيا كل من يُعارض فرض الحجاب في الأماكن العامة، كما وُصمت به النساء الرافضات ارتداء الحجاب لدوافع ثقافية أو اجتماعية.
ودخل مفهوم الإسلاموفوبيا في عام 2005 إلى المعاجم الفرنسية بدءا بمعجم ( Le petit Robert) الذي عرف الإسلاموفوبيا كالتالي: “شكل خاص من الحقد موجه ضد الإسلام والمسلمين، يتجلى بفرنسا في أفعال عدائية وتمييز عنصري ضد المهاجرين المنحدرين من أصول مغاربية”.
اليمين المتطرف واستغلال حوادث تورط فيها أجانب
اتهم منشور انتخابي لليمين المتطرف الالماني “اللاجئين بجلب الجريمة إلى ألمانيا” مستغلا بذلك كل جريمة حق عام عادية تشمل أجانب وفقا لـ”أ ف ب عربى ودولى” فى 15 أبريل 2019. وهي وسيلة تبدو ناجعة لتمرير خطابه في بلد هزه سياسيا وصول أكثر من مليون مهاجر.ويقول “ميرو ديتريش” من مؤسسة اماديو انتونيو لمكافحة العنصرية “يتم تضخيم وترويج كل حادثة تشمل أجانب خصوصا من المهاجرين”. فاذا تبين أن الخبر كاذب (..) فهم على استعداد لتغيير الرواية واخراج عناصر فيها من سياقها أو ببساطة الكذب المباشر
ويقوم اليمين المتطرف باختلاق قضايا أخرى لتغذية مناخ مثير للقلق ونعت جميع طالبي اللجوء المسلمين بأنهم قتلة أو مغتصبي نساء.وزعمت مدونة لليمين المتطرف أن حياة الالمانيات باتت “منذ الغزو” عبارة عن سلسلة من الاعتداءات الجنسية وجرائم القتل. كما زعم مقال في المدونة أن جثة امرأة تم رميها في حفرة بعد تعنيفها من مهاجر.
اليمين المتطرف وحادثة كمينتس
نظم اليمين الألماني المتطرف وفقا لـ”سكاى نيوزعربية” فى 27 أغسطس 2018 تظاهرة في كمينتس ،.ودعت حركة “الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب” (بيغيدا) المعادية للمهاجرين والإسلام، وحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، إلى تجمع قرب المكان الذي حصل فيه الشجار.ودعت حركة “بيغيدا” الحكومة إلى “تعزيز أمن” المواطنين و”تغيير” السياسة. وكان حوالى (100) شخص تظاهروا بدعوة من مختلف حركات اليمين المتطرف بعد هذه الوفاة، ورددوا كما ذكرت وسائل الإعلام المحلية هتافات مثل” “الأجانب الى الخارج” و”هذه مدينتنا” و “نحن الشعب”.
وتحدثت الشرطة عن حوادث مع هؤلاء المحتجين الذين ألقى بعض منهم زجاجات على قوى الأمن. وهاجم المتظاهرون على طول الطريق أجانب من خلال مطاردتهم.وأعربت ” بربارا لودفيع” رئيسة بلدية مدينة شيمنيتس عن “غضبها”. وأكدت ان “الذين اجتمعوا من دون ترخيص كانوا يريدون التسبب بالفوضى وبث الخوف بين الناس”.و رفع أنصار الحزب في وكوتبوس في تظاهرات لافتات تزعم أن (16) امراة تعرضن “للاعتداء” في أوروبا بايدي “مهاجرين” أو “مسلمين”، وذلك رغم أن الخبر لا أساس له من الصحة.
اليمين المتطرف يستغل مواقع التواصل الإجتماعى في فبركة الاخبار وصناعة الكراهية
وحذّر “زيهوفر” وزير الداخلية الألمانى وفقا لـ”مرصد الأزهر” فى 15 أغسطس2019 بشدة من تعزيز اليمين المتطرف وتواجده المتزايد على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل خاص، وعلى المواقع الإلكترونية بشكل عام، مُتحدثًا عن تطور “نوعي”، ومُقرًّا في الوقت ذاته بضرورة القيام بالمزيد من الجهد لمواجهة خطر اليمين المتطرف .وحسب تقرير “هيئة الأمن القومي” فقد ظهر في المشهد لدى اليمين المتطرف خلال الآونة الأخيرة مجموعات صغيرة، وبعض الذئاب المنفردة، وقد اتّسم عملهم بعدم التنظيم المحكم، وكانت طريقة التعامل بينهم وتبادل المعلومات تحدث بشكل أساسي عبر الإنترنت، وهذا يزيد من صعوبة مراقبتهم، وقد كانت الموضوعات الاجتماعية مثل ‘اللجوء’، و’الهجرة’، و’الإسلام’ بمثابة الوقود الرئيسي للأفكار الإرهابية اليمينية في الوقت الحالي.
رصد “توماس هالدنفانغ” رئيس هيئة حماية الدستور في ألمانيا (الاستخبارات الداخلية) وفقا لـ”DW” فى 13 مايو 2019 “زخما” متناميا جديدا داخل صفوف التيار اليميني المتطرف في ألمانيا. ويقول “هالدنفانغ” في تصريحالت لشبكة “إيه آر دي” الألمانية الإعلامية إنه من الممكن رصد الكثير من هذه التطورات في مدينة كيمنتس شرقي ألمانيا، وأضاف: “أتذكر على وجه الخصوص الترابط الكثيف للغاية (لليمين المتطرف)، والأخبار الكاذبة والدعاية الخاطئة والعنف الكبير في الشوارع”.
الإسلاموفوبيا والتمييز العنصرى
أكد باحثون من جامعة فيلادلفيا الأمريكية وفقا لـ”DW” فى 8 أغسطس 2019 أن المسلمين من الأصول الأجنبية في ألمانيا يعانون من الاضطهاد بشكل مضاعف، مقارنة بغيرهم من الأجانب غير المسلمين. تم التوصل لهذه النتائج بعد إجراء تجارب في نحو (30) محطة قطار بألمانيا. تلقت الألمانية التي أظهرت حبا للنظام، مساعدة في (84% )من الحالات، في حين تلقت المرأة ذات الحجاب، التي قومت سلوك الرجل الألماني، مساعدة في (73%) فقط من الحالات المفتعلة، وكانت المرأة ذات الحجاب، التي لم تقوم سلوك الرجل، الأقل تلقيا للمساعدة من المارة، حيث تلقت مساعدة في (60% )من الحالات. وغيّر الباحثون من مظهر هذه المهاجرة بعض الشيء، في كل محطات القطار التي أدت فيها دورا سابقا في التجربة، بحيث أصبحت ترتدي إما حجابا أو صليبا بشكل واضح أو لا تحمل رمزا دينيا أصلا.
وكانت النتيجة أنه عندما كانت المرأة ذات الأصل الأجنبي بشعر مكشوف، وملابس معتادة في ألمانيا، وكانت تحمل صليبا أو لا تحمل رمزا دينيا، حققت نفس نسبة الاستعداد للمساعدة، التي تلقتها المرأة التي أدت دور الألمانية. وعندما كانت ترتدي حجابا انخفضت نسبة الاستعداد لمساعدتها بنحو(10%).
حجم الإسلاموفوبيا فى ألمانيا
أجرى معهد “فورسا” لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من مؤسسة “فريدريش ناومان” الألمانية استطلاعا للرأى وفقا لوكالة الأنباء الألمانية فى 3 مارس 2019. وشمل، خلال الفترة من 22 حتى 27 فبراير الماضي، (1006 )من الألمان المتراوحة أعمارهم بين (16 و 25 )عاما. وأعرب نحو (25%) الشباب في ألمانيا، في استطلاع للرأي، عن انزعاجهم من بناء المساجد في بلدهم. ووافق على عبارة “يزعجني بناء مساجد باستمرار في ألمانيا.وأظهر الاستطلاعأن نحو (50%)المراهقين والشباب البالغين يرون أنه لا يمكن في ألمانيا أن يتبنى أحد، على نحو صريح، آراء محددة في موضوعات مثل الهجرة أو الإسلام بدون أن يتم تصنيفه على أنه يميني أو يميني متطرف.
ووافق على هذا الرأي( 51% ) من الشباب المشاركين في الاستطلاع، سواء في شرق ألمانيا أو غربها، وكانت نسبة التأييد أعلى بين الذكور والأفراد الذين حصلوا على شهادات تعليمية متدنية، مقارنة بالإناث أو أصحاب الشهادات العليا.وأعربت نسبة (38%) من الشباب عن اعتقادها بأن النظام الديمقراطي الذي تم تأسيسه في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية في خطر، بينما عارض وجهة النظر هذه (57%) ممن شملهم الاستطلاع، ولم تبد باقي النسبة رأيها في الأمر.
الخلاصة
تسعى الأحزاب اليمينية المتشددة و”الشعبوية” إلى استثمار ملف الإسلاموفوبيا لتكريس الخوف من الإسلام والمسلمين وتوظيفه لغايات انتخابية . و تجلت نتائج هذا الخطاب في تنامي الأعمال العدائية ضد المسلمين وحق المساجد التي تعرضت لهجمات عنصرية في أكثر من مناسبة. و بالرغم من خطورة اليمين المتطرف فإن المنصات الإعلامية تتجاهل الأعتداءات العنصرية لعناصره كما تفعل مع المتطرفين ممن ينتسبون إلى الإسلام.
وبات من المتوقع أن تظهر مجموعات من شبان اليمين المتطرف تعتدي بشكل منظم ومنهجي على المسلمين . تتمثل فى أعمال ضربٍ في الشارع، وإزالة للحجاب. وتنامى خطاب يحض على الكراهية واعتداء على المباني الدينية.
وتشهد ألمانيا زيادة مقلقة في العنف اليميني رغم اتخاذها لهذه التدابير الأمنية كافة، فعلى الرغم من السياسات الصارمة التي تبنتها برلين ضد التطرف اليميني فإنه لا يزال هذا النوع من العنف متكرراً ضد الأجانب وارتفعت معدلات الإسلاموفوبيا وجرائم الكرهية ضد المسلمين . ومن المحتمل أن يحدث تطور حركي للمجموعات اليمينية وانخراطهم ضمن مجموعات أخرى مثل حركة “مواطني الرايخ” المتطرفة.وأن تشكل الخلايا اليمينية المتطرفة خطرًا على الديمقراطية.
التوصيات
تحسين مراقبة اليمين المتطرف عبر منح المزيد من الصلاحيات للسلطات للرقابة عبر الإنترنت بإصدار تشريعات تمكن السلطات من ذلك. ضرورة مكافحة اليمين المتطرف؛ حيث إن خطورته لا تقل بحال من الأحوال عن خطورة التيارات المتطرفة الأخرى . عدم التسامح مطلقاً” مع شعارات الكراهية ومعاداة السامية ومعاداة الأجانب، عدم استخدام أي لغة “تفضي إلى الكراهية والعنف”. يجدر ايضا في أجراء فحص امني الى المتقدمين للعمل في الدفاع والامن، في اعقاب كشف الاستخبارات العسكرية وكذلك الداخلية عن وجود اعضاء ينتمون الى التيارات اليمينية، يتقدمون للانتماء الى الامن والدفاع، في سبيل الحصول على التدريب والسلاح والخبرات، اضافة الى اختراق اجهزة الامن والدفاع. وهذا يعني ان اليمين المتطرف، لم يعد يهدد الاجانب فقط بل يهدد النظام السياسي الديمقراطي في المانيا ودول اوروبا.
رابط مختصر …https://www.europarabct.com/?p=54768
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
ألمانيا.. تحذيرات من تزايد جرائم العنف لدوافع عنصرية من قبل اليمينيين المتطرفين … روسيا اليوم
الإسلاموفوبيا.. معاناة المسلمين في ديمقراطيات الغرب … الجزيرة
اليمين المتطرف الالماني يستخدم جرائم الحق العام ضد المهاجرين … SWISS
اليمين الألماني المتطرف “يستنفر” ضد المسلمين بعد حادثة قتل … سكاى نيوز عربية
اليمين المتطرف في ألمانيا: خطورته وسبل مكافحته … مرصد الأزهر
هل ألمانيا بحاجة إلى مفوض خاص لمحاربة الاسلاموفوبيا؟ … DW
دراسة: المسلمون الأكثر تعرضا للتمييز في ألمانيا … DW