الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

 أمن قومي ـ تداعيات حرب أوكرانيا على فرنسا

زيلينسكي-وماكرون
سبتمبر 29, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات  (26)

تعد فرنسا من الدول الأكثر تأثراً جراء اندلاع الحرب الأوكرانية في الـ 24 من فبراير 2022، بعد أن أقدمت إلى أوكرانيا مساعدات عسكرية ومادية لأوكرانيا، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على مؤشرات الأسعار والتضخم، وجاءت فرنسا في مقدمة هذه الدول التي قدمت المساعدات لأوكرانيا، وتأثرت بتداعيات الحرب الاقتصادية وأزمات الغذاء والطاقة، الناتجة عن الصراع الروسي الغربي المستمر على مدار أكثر من عام ونصف، ما دفع الحكومة الفرنسية لاتخاذ عدة إجراءات لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.

قيمة المساعدات العسكرية الفرنسية

جاءت فرنسا في المرتبة السابعة من حيث حجم الدعم المقدم لأوكرانيا، وبلغت قيمة المساعدات العسكرية الفرنسية إلى كييف (500) مليون يورو خلال 2022، وتضمنت هذه المساعدات مدافع سيزار، وصواريخ أرض جو من طراز ميسترال، وصواريخ ميلان المضادة للدروع.أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ديسمبر 2022، استمرار دعم بلاده لأوكرانيا بالسلاح خلال 2023، بعد أن سلمت أوكرانيا راجمات صواريخ وبطاريات صواريخ كروتال في نوفمبر 2022. كما استضافت فرنسا في 13 ديسمبر 2022 مؤتمراً دولياً لحشد الدعم لكييف، ووضع آلية باريس لتنسيق المساعدات الطارئة.

تعرضت فرنسا في مارس 2023 لانتقادات بشأن إبطاء خطوات الاتحاد الأوروبي، لشراء أسلحة لأوكرانيا بقيمة ملياري يورو، عبر المطالبة بتصنيع الذخائر داخل الاتحاد، وفي المقابل بررت باريس الأمر، بأنها تريد ضمانات بأن الاتفاق بشأن شراء أسلحة يشمل فقط الشركات الموجودة داخل التكتل، ما أدى لعودة نشاط شركة ” فورج دو تارب” بفرنسا، لتصنيع قذائف من عيار (155) ملم، نظراً لحاجة الجيش الأوكراني لهذا النوع من الذخيرة. أزمة أوكرانيا ـ مخاطر تصعيد التسلح النووي والتقليدي. بقلم داليا عريان

أشكال الدعم الفرنسي لأوكرانيا

الدعم الفرنسي لأوكرانيا لم يقتصر على الدعم العسكري فقط، بل شمل إنشاء صندوق خاص لدعم أوكرانيا برصد (100) مليون يورو لتمكين أوكرانيا، من شراء العتاد العسكري بشكل مباشر من مصنعي الأسلحة وصيانة المعدات المقدمة. تعهدت فرنسا بتقديم أكثر من مليار يورو في الفترة ما بين سبتمبر 2022 وحتى أبريل 2023، كمساعدات طبية وغذائية ومساعدات طارئة للنازحين واللاجئين وإزالة الألغام، إضافة لدعم الصحفيين الأوكرانيين.

نظمت فرنسا (12) عملية إجلاء طبي لـ (32) جندياً أوكرانياً و(40) طفلاً، بجانب تخصيص (31.6) مليون يورو لدعم المنظمات الإنسانية غير الحكومية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقدمت (140) مليون يورو لوكالات الأمم المتحدة المتعلقة بالعمل الإنساني والطبي في أوكرانيا. اتجه الدعم الفرنسي إلى إعادة إعمار أوكرانيا، بتوفير (400) مليون يورو كقروض مباشرة، ومشاركة (700) شركة فرنسية بمؤتمر إعادة الإعمار في ديسمبر 2022.

علاقة موسكو وباريس

الدعم الفرنسي لكييف انعكس على العلاقات بين موسكو وباريس، وفي 8 يناير 2023 انتقد الإعلام الروسي تعهدات باريس بإرسال دبابات قتالية لكييف، واعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي أليكسي بوشكوف، أن هذه الخطوة تعجل بالمواجهة بين بلاده والناتو.

رغم إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ بداية الحرب، على فتح قنوات اتصال مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن التوتر ساد العلاقة بينهما، لذا تعالت دعوات روسية غير رسمية بضرورة توجيه ضربات استباقية لفرنسا، كنوع من الرد على الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا.أزمة أوكرانيا ـ هل مازال الرهان على الدور الأوروبي لوقف الحرب؟ بقلم داليا عريان

 موقف الأحزاب السياسية من الحرب

تباينت مواقف الأحزاب وبعض السياسيين بفرنسا تجاه الدعم المقدم لكييف وتداعيات الحرب، وحذر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير في 9 مارس 2022، من أزمة الطاقة وتكرار سيناريو الصدمة النفطية في 1973، وشاركت النائبة عن حزب “فرنسا الأبية” مانون أوبري في احتجاجات في سبتمبر 2022 اعتراضاً على سوء الوضع الاقتصادي، وقالت إن ” ارتفاع الأسعار أكبر خسارة في القوة الشرائية منذ 40 عاماً”.

بينما أكدت زيارة وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو لكييف في 28 ديسمبر 2022، على دعم بلاده العسكري للجيش الأوكراني، بصندوق قيمته (200) مليون يورو.

تداعيات الحرب على الاقتصاد الفرنسي

كانت فرنسا في مقدمة الدول الأوروبية المتأثرة بتداعيات الحرب الأوكرانية، ووصل معدل ارتفاع أسعار الاستهلاك (%5.2) خلال 2022، لارتفاع أسعار الطاقة بنسبة (%23.1) وأسعار الغذاء (%6.8)، وأسعار السلع المصنعة والخدمات بنسبة (%3)، بينما سجل معدل التضخم في فرنسا انخفاضاً في مايو 2023، وبلغ (5.1 %) بعد أن وصل إلى أكثر من (6%) في مطلع 2023، لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

كما واصل التضخم الانخفاض، ووصل في يوليو 2023 إلى أدنى معدلاته خلال عام ونصف العام، وبلغ (%4.3) بعد تراجع أسعار الغذاء بنسبة (%12.7).ارتفعت نسب البطالة في الربع الثاني من عام 2023، بنسبة (%7.2) وزاد عدد العاطلين في فرنسا بواقع (20) ألف شخص، ليصل إلى (2.2) مليون شخص حتى يونيو 2023.

شهدت فرنسا خلال عام 2022 وكذلك لعام 2023  تراجع في النمو بشكل كبير في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف من الركود في ألمانيا المجاورة مع تضرر الوضع الاقتصادي في أوروبا بسبب تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا وبينما تواجه البلاد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الطاقة والغذاء، قال وزير المالية ، إنه من المتوقع أن يصل التضخم في فرنسا إلى 6% في الأشهر المقبلة و4% في وقت لاحق.

ردود فعل المواطن الفرنسي

توالت ردود فعل الفرنسيين على تضرر الاقتصاد من الحرب الأوكرانية، وفي 5 مارس 2022 شهدت باريس مظاهرات حاشدة بمشاركة الآلاف الرافضين للحرب في أوروبا، وفي المقابل نظم متظاهرون في عدد من المدن الفرنسية مسيرات داعمة لأوكرانيا.أظهر استطلاع للرأي العام في 24 أغسطس 2022 حول ضرورة دعم فرنسا لأوكرانيا، رفض (%87) من المشاركين في الاستطلاع لاستمرار دعم بلادهم لكييف، وتأييد (%8.2) لهذا الدعم.

أسباب التظاهرات في فرنسا لم تتوقف عند حدود موقفهم من الحرب ومساعدة بلادهم لأوكرانيا، إذ اندلعت مظاهرات في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 2022، احتجاجاً على ارتفاع معدلات التضخم والأسعار، لذا طالب المحتجين بزيادة الأجور والتقاعد في سن الستين، ومساعدة للاستقلال المادي بمبلغ (1100) يورو للشباب، وتجددت الاحتجاجات في يناير 2023 من جديد باحتشاد آلاف الأشخاص، للمطالبة بإصلاح المؤسسات ومعالجة معدلات التضخم..أزمة أوكرانيا وتداعياتها الإقتصادية على فرنسا . بقلم داليا عريان

تدابير حكومية

جاءت استجابة الحكومة الفرنسية لمطالب المتظاهرين سريعاً، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب الأوكرانية.

أبريل 2022: مددت الحكومة مرسوماً يقضي بخصم (15- 18) سنتاً في اللتر الواحد من أسعار الوقود.

يوليو 2022: أعلن وزير المالية الفرنسي برونو لومير، اعتزام بلاده اتخاذ إجراءات لتخفيف أعباء التضخم ما يكلفها (20) مليار يورو، بعد تقديمها (26) مليار يورو خلال 2022 لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وصوت البرلمان الفرنسي على رفع قيمة عدد من المكتسبات الاجتماعية بنسبة (%4) كزيادة الرواتب التقاعدية.

أغسطس 2022: رفعت فرنسا الحد الأدنى للأجور للمرة الرابعة في أقل من عام بنسبة (2.01%).

أبريل 2023: أعلنت وزارة العمل ارتفاع الحد الأدنى للأجور بنسبة (%2.19)، لمساعدة العمال على التأقلم مع التضخم.

تقييم وقراءة مستقبلية

ـ يعتمد تأثير الحرب الأوكرانية على الاقتصاد الفرنسي على عوامل مختلفة، بما في ذلك مدة الصراع وشدته، ومستوى التكامل الاقتصادي بين فرنسا وأوكرانيا، والظروف الاقتصادية العالمية.  أدت حرب أوكرانيا  إلى تعطيل التجارة بين أوكرانيا وفرنسا، وهذا أثر على الشركات الفرنسية التي تعتمد على الواردات أو الصادرات مع أوكرانيا. وقد واجهت الشركات الفرنسية العاملة في صناعات مثل الزراعة والتصنيع والطاقة تحديات بسبب تعطل سلاسل التوريد أو انخفاض الوصول إلى الأسواق.

ـ ممكن أن تؤدي الأحداث الجيوسياسية إلى زيادة التقلبات في الأسواق المالية. وقد يتعرض المستثمرون أكثر الى المخاطرة، مما قد يؤثر على أسعار الأسهم وأسعار صرف العملات. وقد تتأثر مشاريعهم الاستثمارية والمؤسسات المالية الفرنسية والمستثمرين المنكشفين على أوكرانيا أو روسيا.

ـ أزمة اللاجئين، نتجت حرب أوكرانيا أزمة لاجئين في فرنسا. وفي حين أن هذا هو مصدر قلق إنساني في المقام الأول، إلا أنه يمكن أن يكون له أيضًا آثار اقتصادية حيث تقوم الحكومات والمنظمات بتخصيص الموارد لدعم اللاجئين. إن تضامن الاتحاد الأوروبي وبضمنه فرنسا باعتبارها عضو في الاتحاد الأوروبي، وغالبًا ما يتصرف الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي ردًا على الأحداث الجيوسياسية. إن استجابة الاتحاد الأوروبي للصراع الأوكراني، بما في ذلك أي مساعدات مالية أو إنسانية مقدمة، يمكن أن يكون لها آثار مالية على فرنسا.

ـ إن حرب أوكرانيا دفعت فرنسا إلى زيادة الإنفاق الدفاعي والمشاركة في الناتو، أثر ذلك على ميزانية البلاد وأولوياتها المالية.

– الدعم الفرنسي لأوكرانيا ينقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى كانت باريس فيها متحفظة للغاية في تقديم الدعم لكييف، ولكن عقب زيارة وزير الدفاع الفرنسي لكييف وزيارة الرئيس الأوكراني لباريس، دخل الدعم الفرنسي لكييف مرحلة جديدة بتقديم أسلحة ثقيلة ودعم اللاجئين والاقتصاد الأوكراني، ما انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية في فرنسا من جانب، وعلى العلاقات الروسية الفرنسية من جانب آخر، لذا انقطع التواصل بين ماكرون وبوتين منذ منتصف العام الماضي، الأمر الذي ينذر بتداعيات خطيرة على أزمات الطاقة والغذاء في أوروبا بشكل عام وفرنسا بالتحديد مع اقتراب فصل الشتاء المقبل.

-انعكاس الحرب الأوكرانية وحجم الدعم المقدم لكييف على الاقتصاد الفرنسي، يجعل الحكومة أمام اختبار صعب من أجل تجاوز هذه التداعيات وتلبية مطالب الفرنسيين لتخفيف أعباء السنة الأولى من الحرب، لاسيما وأن هناك أسباباً أخرى تدعم اندلاع احتجاجات جديدة في فرنسا، لذا تسعى الحكومة عبر إجراءاتها الخاصة بالأجور تهدئة الشارع الفرنسي.

– استمرار الدعم الفرنسي لأوكرانيا بجانب باقي الدول الغربية، يزيد من احتمالية استمرار الحرب لفترة طويلة، ما يزيد من الأعباء على الاقتصاد المرحلة المقبلة، ويهدد نجاح إجراءات حكومة فرنسا الأخيرة في استيعاب التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع الغربي الروسي.

– تضرر اقتصاد فرنسا بهذه الصورة جراء الحرب الأوكرانية وما تبعها من ارتفاع الأسعار ونسب التضخم، يفرض على الحكومة مراجعة استراتيجيتها لتأمين حاجاتها من الغذاء والطاقة، على غرار ما اتخذته من قرارات متعلقة بالإنفاق العسكري، في ظل توقعات بتأزم الموقف بين فرنسا وروسيا كجزء من الصراع الراهن بين الجانبين الغربي والروسي.

رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=91220

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

France pledges further military support to Ukraine
https://bit.ly/3sZXOzD

France organizes long-term military support for Ukraine
https://bit.ly/46mpoWd

France pledges more military aid as Ukraine’s Zelenskyy makes surprise Paris visit to meet Macron
https://bit.ly/46n0vd3

تراجع التضخم في فرنسا إلى أدنى معدلاته في 17 شهراً
https://bit.ly/3ZBW3VD

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...