الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أزمة أوكرانيا وتداعياتها الإقتصادية على فرنسا . بقلم داليا عريان

فرنسا و روسيا
يونيو 05, 2022

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

إعداد : داليا عريان

 أزمة أوكرانيا وتداعياتها الأقتصادية على فرنسا2

بالتزامن مع الولاية الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تتصاعد التحديات التي تواجه الاقتصاد الفرنسي جراء الحرب الروسية على أوكرانيا التي اندلعت في 24 فبراير 2022 ونتج عنها اختناق في سلاسل توريد السلع الغذائية والنفط ما أدى لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية تدريجيا. وتعد خطوات تقليص نسبة التضخم ووقف ارتفاع أسعار السلع الغذائية والبنزين والغاز هي أكثر الإجراءات التي شدد عليها ماكرون خلال حملته الانتخابية لتفادي الأزمة الاقتصادية الراهنة، ما يجعل الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة إليزابيث بورن أمام معضلة حقيقة لتحقيق التوازن بين ضبط معدلات الإنفاق وتمويل هذه الإجراءات التي أقرها ماكرون وتعزيز القوة الشرائية ورفع الأجور للفرنسيين.

  التضخم وارتفاع الأسعار ـ أزمة أوكرانيا

لم تنجو فرنسا من تداعيات أكبر زيادة عالمية في الأسعار حدثت خلال نصف قرن، وحذر البنك الدولي من أكبر ارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، متوقعا زيادته بنسبة الضعف خلال عام 2022. وأشار مكتب الإحصاءات الفرنسي في 15 أبريل 2022، إلى ارتفاع معدل التضخم أكثر من المتوقع ووصل إلى مستوى قياسي خلال مارس 2022 بنسبة 5.1% مقارنة بشهر مارس 2021، وتعد هذه النسبة الأعلى منذ عام 1997 لذا اتجهت التوقعات إلى أن معدلات التضخم في منطقة اليورو تدفع إلى رفع معدلات الفائدة.

شهدت الأسواق الفرنسية زيادة في الأسعار هي الأعلى منذ فبراير 2020، حيث سجلت في فبراير 2022 زيادة بنسبة 0.6% وفي مارس 2022 زيادة بنسبة 1.1%. وأعادت الأزمة الاقتصادية الحالية التي يعيشها العالم بشكل عام وأوروبا على وجه الخصوص للأذهان أزمة النفط التي وقعت في سبعينيات القرن الماضي، حيث أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أن حدة أزمة الطاقة الراهنة الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط والغاز تشبه الصدمة النفطية التي وقعت في عام 1973، خاصة وأن سعر برميل النفط وصل 120 دولارا عقب حظر الولايات المتحدة النفط والغاز الروسيين.

وتتمثل تبعات هذه الزيادة في ارتفاع معدلات التضخم وزيادة معدلات الفائدة وانخفاض النمو الاقتصادي، ومن المتوقع عدم تجاوز نسبة النمو 0.2% في السداسي الثاني المقبل، ووصول التضخم 5.4% شهر يونيو 2022، بحسب المعهد الوطني للإحصائيات. ولجأت السلطات الفرنسية إلى إجراءات في مارس 2022، لخفض الضرائب المطبقة على الوقود بعد تصاعد سعر لتر البنزين إلى 2 يورو، بضخ مساعدات بقيمة ملياري يورو لدعم الطاقة وخفض فاتورة تعبئة خزانات السيارات في محطات تزويد الوقود بنحو 15 سنتيما للتر الواحد وتعويض أصحاب المحطات لاحقا فرق السعر.

 موقف الرئيس الفرنسي من وقف واردات الطاقة الروسية

اتسمت مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ اللحظة الأولى لتفاقم الصراع بين روسيا وأوكرانيا بالتوازن فيما يخص ملف وارادات الطاقة الروسية. وفي القمة الأوروبية المنعقدة في فرساي 25 فبراير 2022، أكد ماكرون على أن الحرب الراهنة أثبتت أن القارة العجوز بحاجة إلى أن تصبح قوة حقيقة ومستقلة في مجالي الطاقة والأمن. وقال ماكرون ” بينما أدين وأفرض عقوبات على روسيا، من المفيد ترك هذا الطريق مفتوحا للحوار مع موسكو حتى نتمكن في اليوم الذي تتوافر فيه الشروط من أجل التوصل إلى وقف الأعمال العدائية”.

وتشير هذه التصريحات إلى إدراك السلطات الفرنسية خطورة وقف إمدادات الغاز والنفط الروسي بشكل فوري على أوروبا، رغم المطالبات المتزايدة بضرورة فرض حظر كامل على وارادات الطاقة الروسية، الأمر الذي وضع ماكرون في محل انتقاد من قبل رئيس وزراء بولندا ماتيوس مورافيسكي، معتبرا محادثات ماكرون مع نظيره الروسي وموقفه من العقوبات الأوروبية ضد روسيا نقطة خلاف بين باريس ووارسو من بداية الحرب.

وعقب أحداث بلدة بوتشا الأوكرانية التي تتهم فيها موسكو بقتل مدنيين، جاء موقف باريس مغايرا بعض الشيء، وأعرب ماكرون في 4 أبريل 2022، عن تمنيه بأن تتوقف صادرات النفط والغاز الروسيين إلى أوروبا بشكل كامل. أما عن مقترح رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بشأن استهداف العقوبات حظر توريد الطاقة الروسية، أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوغاندر في 29 أبريل 2022، أن الضغط على موسكو لا يتمثل فقط في الإمدادات العسكرية لأوكرانيا بل يجب أن يشمل أيضا العقوبات التي تستهدف ممارسة ضغط اقتصادي ضد روسيا.

ماهي البدائل عن الطاقة الروسية  ــ أزمة أوكرانيا

ترى السلطات الفرنسية أن الاستقلال التام في مجال الطاقة والتخلص بشكل تدريجيا من التبعية لموسكو في الغاز والنفط هو المخرج من المأزق الاقتصادي الراهن وحالة الركود التضخمي، لذا وجه وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، دعوته للفرنسيين والأوروبيين من أجل تنويع مصادر إمدادات الطاقة وزيادة احتياطات الغاز لفصل الشتاء المقبل بنسبة 90% بهدف حماية الأسر ذات الدخول المنخفضة.

وخلال القمة الأوروبية غير الرسمية التي انعقدت يومي 10 و11 مارس 2022، شددت فرنسا على أهمية اتخاذ قرارات بشأن الشق الاقتصادي للاتحاد لتعزيز استقلاليتها وسيادتها. وتتوافق رؤية فرنسا مع غيرها من دول الاتحاد الأوروبي بشأن أهمية خفض الانبعاثات عبر تسريع المفاوضات حول سياسات مكافحة تغير المناخ، لتقليل استهلاك دول الاتحاد للغاز الروسي ليصل 23% بدلا من 40% بحلول عام 2030.

يعد الغاز الحيوي بديل آخر للغاز الروسي بالنسبة لفرنسا لريادتها في إنتاج الميثان الحيوي أوروبيا، حيث يعمل قطاع الطاقة الفرنسي على زيادة إنتاج الغاز الحيوي ” الغاز الأخضر” باستخدام منتجات زراعية غير غذائية أو التحلل الحيوي للمواد العضوية وتشغيل محطات التحلل العضوي واستقطاب شركات الطاقة، خاصة وأنه مازال استهلاك الفرنسيين منه لا يتجاوز 2% من حجم استهلاك الغاز، بحسب صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.

وأجبرت الحرب الأوكرانية كلا من فرنسا وإسبانيا على إعادة التفكير في خط أنابيب غاز ” ميد كات” الذي انطلق بين البلدين في عام 2003 لنقل الغاز من الجزائر عبر إسبانيا ومنها إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي، قبل أن يتوقف في عام 2019 لاعتراض بعض هيئات الطاقة على مطابقة المشروع للشروط البيئية.

التقييم

تصبح فرنسا أمام معضلتين، الأولى تتعلق باحتواء الأزمة الاقتصادية الداخلية من ارتفاع أسعار السلع والبنزين وزيادة معدلات التضخم التي تنعكس سلبا على بعض الصناعات في السوق الفرنسي ما يزيد من أعباء الفرنسيين ذات الدخول الضعيفة.

أما المعضلة الثانية ترتبط بتوليها الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي وتحملها مسؤولية كبيرة لإدارة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها دول الاتحاد، فضلا عن إيجاد البدائل للتخلص من التبعية لروسيا في وارادات الطاقة بشكل كامل ونهائي بحلول عام 2030، لاسيما وأن بدائل الغاز والنفط الروسيين الآن سواء أمام فرنسا أو باقي دول الاتحاد ليست متاحة بالقدر الكافي نظرا لأن إعادة تشغيل بعض خطوط الغاز محفوف بالعوائق. ويلعب ماكرون دورا محوريا مهما في فتح قنوات الاتصال مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين من أجل تحجيم حدود الأزمة الأوكرانية الراهنة، قبل أن تمتد نيرانها إلى دول أخرى وتزيد من حدة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية في ظل تهديدات موسكو لدول أوروبا بدفع ثمن الغاز بالروبل الروسي أم القطيعة.

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات

رابط مختصر …https://www.europarabct.com/?p=82322

الهوامش

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...