الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

 أمن دولي ـ ما تأثير إيران على الصراع بين أذربيجان وأرمينيا؟

تأثير إيران على الصراع في أرمنيا وأذربيجان
يونيو 17, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

بون ـ  إعداد وحدة الدراسات والتقارير (26)

أمن دولي ـ ما تأثير إيران على الصراع بين أذربيجان وأرمينيا؟

يعد الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم “ناغورنو كاراباخ” معقداً للغاية، لتداخل أطراف إقليمية ودولية فيه وتشابك المصالح والعلاقات بين هذه الدول وطرفي الصراع، إضافة إلى طول أمد الأزمة إلى نحو ثلاثة عقود. وتدريجياً باتت إيران جزءاً من المشهد وداعمة لأرمينيا، خاصة مع تأجج الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في سبتمبر 2020 وحصول الثانية على دعم مباشر من تركيا وإسرائيل، ولم يختلف الأمر كثيراً مع عودة الاشتباكات في الإقليم في 13 سبتمبر 2022 لتزداد حالة الاستقطاب لطرفي النزاع من قبل إيران وإسرائيل في ضوء متغيرات جيوسياسية ومقاربات دولية جديدة.

موقف إيران المعقد

بعد “حرب الـ (44) يوما” في 2020 والتي انتهت باستعادة أذربيجان إقليم ناغورنو كاراباخ من أرمينيا، بات دعم إسرائيل وتركيا لأذربيجان معلناً بينما كان موقف إيران تجاه أرمينيا مرتبكاً، وحرصت على الوقوف على مسافة واحدة بين يريفان وباكو بزيارة وزير خارجيتها للبلدين وتقديم نفسها كوسيط لحل الأزمة.

وتدرك إيران التكلفة الاقتصادية والعسكرية التي تتكبدها في حال دعم أرمينيا مباشرة، وتتخوف أيضا من انتصار أذربيجان واتساع الحدود بينهما لأكثر من (100) كيلومتر، وصعود نزعة قومية انفصالية لدى الأذريين بإيران حيث تضم نحو (15) مليون نسمة من الإثنية الأذرية، إضافة إلى احتمالية تمدد النفوذ التركي في أذربيجان وتأثيره على إمدادات الطاقة الإيرانية لتركيا وأوروبا، ما يؤثر سلباً على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني خلال الفترة الأخيرة.

رفض إيران لموقف أذربيجان

ترى إيران أن الهدف من الصراع بين أرمينيا وأذربيجان هو محاصرتها بتوسيع نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها من إسرائيل وبعض أعضاء في حلف الناتو، للإضرار بمصالحها الاستراتيجية والتواصل مع أوروبا، لـ ثلاثة أسباب:

– دعم أذربيجان يقطع الطريق الذي يربط بين إيران وأرمينيا والمؤدي لأوروبا ما يضر بمصالحها الاقتصادية.

– إقامة ممر زنغزور البري الرابط بين أذربيجان وإقليم نخجوان الأذري وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار بين باكو ويريفان في 2020، يدعم التواصل بين أذربيجان وتركيا ويربط بين وسط آسيا وأوروبا عبر بحر قزوين وتركيا.

– استغلال الولايات المتحدة وإسرائيل وجود إثنية أذرية بإيران ودعم أنشطتهم القومية هناك في ظل احتدام النزاع بين أذربيجان وأرمينيا.

التصعيد بين إيران وأذربيجان

توتر الوضع بين طهران وباكو في نهاية 2020، وسارعت الأولى في إجراء مناورات عسكرية على حدودها مع أذربيجان كمحاكاة لهجمات على الأراضي الأذربيجانية، ومع تجدد الصراع في إقليم ” قره باغ” في سبتمبر 2022 تصاعد الموقف بينهما، بافتتاح طهران قنصلية في جنوب أرمينيا بالقرب من الطريق المفترض لممر زنغزور خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في 21 أكتوبر 2022 لأرمينيا، ودعا المسؤول الإيراني وقتها أرمينيا للمشاركة في مشروع إنشاء طريق تجاري يربط بين البحر الأسود والخليج العربي.

وتأزم الموقف باعتقال باكو  (19) شخصاً بتهمة التجسس لصالح إيران في 2 نوفمبر 2022، وأكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في 25 نوفمبر 2022، أن بلاده تحافظ على نظامها العلماني وتضمن حياة كريمة لشعبها والأذريين في إيران.

وعلى مدار نحو (3) أعوام أجرت إيران (4) مناورات عسكرية على حدودها مع أذربيجان، وردت أذربيجان وتركيا بمناورات مشابهة على الحدود معها، وفي أكتوبر 2021 شاركت باكستان مع المناورات الأذربيجانية التركية بعد إقناع أنقرة لها، وفي سبتمبر 2022 أحيت أذربيجان الذكرى الثانية لاستعادة الإقليم من أرمينيا بمناورات عسكرية، حيث ألقى الرئيس الأذربيجاني خطابا من مدينة “شوشه” المتاخمة للحدود الإيرانية، محذراً روسيا وإيران من دعم الجيش الأرميني، كما أجريت أذربيجان وتركيا آخر مناورات عسكرية في يناير 2023.

واستمر مسلسل الاعتقالات بين باكو وطهران، وفي فبراير 2023 اعتقلت أذربيجان (29) شخصاً بتهمة التجسس لصالح إيران، وفي الوقت نفسه اعتقلت إيران مواطنين أذربيجانيين بتهمة المشاركة في هجوم بمدينة ” شيراز” الإيرانية الذي وقع في أكتوبر 2022 وتبناه تنظيم داعش.

وتصاعد المشهد في 27 يناير 2023 بتعرض السفارة الأذربيجانية في طهران لهجوم من قبل إيراني ما أسفر عن مقتل أحد حراس السفارة، لتسحب أذربيجان طاقهما الدبلوماسي من إيران.أمن دولي ـ أسباب قلق إيران من تحالف أذربيجان وإسرائيل؟

واستغلت إسرائيل حالة التوتر بين طهران وباكو، وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في 29 مارس 2023 خلال افتتاح سفارة أذربيجان في تل أبيب، أن باكو وتل أبيب تواجهان تهديداً من طهران، التي رفضت التصريحات وطالب البرلمان الإيراني في 5 أبريل 2023 توضيح من أذربيجان بشأن هذه التصريحات.

واتهمت أذربيجان بيان البرلمان الإيراني بالتدخل في شؤونها، وقامت بطرد 4 دبلوماسيين إيرانيين من سفارة طهران في باكو، على إثر اتهامها لإيران بالتورط في محاول اغتيال لنائب أذربيجاني.

 المصالح تحكم موقف إيران

على عكس باقي الصراعات الدولية، لم يكن العامل الديني مؤثراً في الصراع بين باكو ويريفان، لكن تعتبر إيران انتصار أذربيجان في الصراع مسألة أمن قومي وتمس مصالحها الاستراتيجية في آسيا ومع أوروبا، لاسيما وأن تغيير حدود أرمينيا يفقدها حدودها الجغرافية ومن ثم مصالحها الاقتصادية.

ونظراً لتخوف إيران من أن تصبح أذربيجان بوابة للناتو وإسرائيل في منطقة جنوب القوقاز، قامت بنشر قوات من الحرس الثوري على حدودها مع أذربيجان في 25 أكتوبر 2020، ووزعت (50) ألف عنصر من قواتها على حدودها مع أرمينيا وأذربيجان في 17 سبتمبر 2022 تحسباً لأي مستجدات في الصراع الراهن.

العلاقة بين إيران وتركيا

تسبب الدعم التركي لأذربيجان بحرب سبتمبر 2020 في توتر العلاقة بين أنقرة وطهران، لاسيما وأنه تم استبعاد إيران من المفاوضات بين طرفي الحرب مع زيادة التقارب الإسرائيلي الأذربيجاني.

كما أن دعم أنقرة لممر زنغزور يزيد قوة أذربيجان في الطاقة على حساب إيران في المنطقة، ويعزز من قوة باكو للسيطرة على الموارد الطبيعية في بحر قزوين لتحالفاتها مع دول مثل تركيا، الأمر الذي يصطدم برغبة طهران التي تريد اقتسام موارد البحر رغم أن حصتها من سواحل قزوين لا تتجاوز (10%) .أمن دولي ـ أرمينيا وأذربيجان أسباب تجدد القتال وفهم الصراع التاريخي

استفادة إسرائيل من موقف إيران

ألقى موقف إيران من الصراع بين أرمينيا وأذربيجان بظلاله على التقارب الإسرائيلي الأذربيجاني، واستفادت إسرائيل من تصدير الأسلحة لأذربيجان وبلغت حصتها في صادرات الأسلحة العالمية نحو (2.3%) في الفترة من 2018 وحتى 2022، ووصلت إمدادات الطاقة الأذربيجانية لإسرائيل إلى (40%) من حاجاتها بعد الحرب الأوكرانية، علاوة على أن موقف إيران يخدم العلاقات التاريخية بين تل أبيب وباكو لاحتضان الأخيرة جالية كبيرة من اليهود بمنطقة القوقاز.

وساهم الخلاف بين طهران وباكو، في تبادل الزيارات بين مسؤولي إسرائيل وأذربيجان وموافقة الأخيرة على إرسال سفير لسفارتها في تل أبيب، وتدريجياً استفادت إسرائيل من هذا الصراع في عودة العلاقات مع تركيا من جديد لتوافق المصالح في هذه المنطقة.أمن دولي ـ تأثير إسرائيل على الصراع بين أذربيجان وأرمينيا

حرب أوكرانيا ونفوذ إيران

تمنح الحرب الأوكرانية دوراً لإيران أمام حليفتها روسيا في التصدي للعقوبات الغربية ضد موسكو وطهران، ما يمثل ثقل لطهران دولياً ويمنحها فرصة لزيادة نفوذها في أوراسيا، خاصة وأن العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، تدفعها للاعتماد على إيران في بعض الملفات تخوفاً من السقوط في عزلة دولية، وتمنح طهران أداة ضغط على موسكو لتقليل تقاربها مع تل أبيب في بعض القضايا في مقدمتها سوريا.

وتمكن الحرب الأوكرانية إيران من استغلال نفوذ روسيا في منطقة أوراسيا، للتصدي لإقامة ممر زنغزور بين تركيا وأذربيجان، واستبداله بممر آخر يربط بين البحر الأسود والخليج العربي (يمتد من الخليج إلى إيران ثم أرمينيا وجورجيا ثم عبر البحر الأسود نحو بلغاريا، ويمر براً باتجاه اليونان).

وفي إطار بحث أوروبا عن بدائل للطاقة الروسية، تصبح إمدادات الطاقة الإيرانية أحد البدائل مع استمرار تأزم المشهد بين الغرب وروسيا، ما يرجح فرصة إعادة تفكير أوروبا في العقوبات المفروضة على طهران والتفاوض بشأن الاتفاق النووي.

التقييم وقراءة مستقبلية

– تتمثل خطورة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في أنه لا يعد صراعاً بين دولتين فقط، بل تمتد أبعاده إلى أطراف إقليمية وغربية تتشابك وتتقاطع مصالحهم في أكثر من ملف، إضافة إلى أن الاقتصاد والطاقة عنصر مؤثر في هذا النزاع ما يؤثر بشكل مباشر على ملف الطاقة المشتعل منذ نحو (15) شهراً بعد اندلاع الحرب الأوكرانية.

– دخول إيران للمشهد ودعمها لأرمينيا يزيده تعقيداً، لتوتر العلاقة بين إيران والولايات المتحدة من جهة وتوتر العلاقة بين إيران وإسرائيل من جهة أخرى، ما يزيد من حالة الاستقطاب الدولي كمحاولة من طرفي النزاع لكسب مؤيدين على حساب الطرف الآخر، ما يجعل الحدود الأرمينية الأذربيجانية نقطة مشتعلة بنشر قوات وأسلحة من قبل الأطراف الداعمة للدولتين.

– تصاعد الموقف بين طهران وباكو يصعب احتوائه، بعد تبادل الاتهامات بالتجسس وطرد دبلوماسيين من البلدين، إضافة إلى تمدد الأزمة إلى الأقلية الأذرية في إيران ومحاولة أذربيجان استغلال هذه النقطة لصالحها.

– صعوبة إيجاد فرصة للتفاوض بين أرمينيا وأذربيجان، نظراً لأن النزاع يرتبط بالحدود وتتشبث كل دولة بمنطق حيث ترمي أذربيجان على أن الجغرافيا والتاريخ يحكمان بأن إقليم ” قره باغ” يتبع لها، بينما تصبح ديموغرافية سكان الإقليم ورقة في يد أرمينيا لتعزيز موقفها في الصراع.

– ابتعاد مسافة التفاهم بين إيران وتركيا بعد مساندة الثانية لأذربيجان بشكل ملحوظ، لذا ينتقل الصراع من مرحلة الجغرافية أمام الديموغرافية، إلى مرحلة الصراع على الطاقة وإنشاء الممرات، لذا يصبح الصراع قابلاً للاشتعال مجدداً مع استمرار الحرب الأوكرانية.

– تصبح أذربيجان مستفيدة نوعاً ما من التقارب التركي الإسرائيلي، بينما تعد استفادة أرمينيا من التقارب الإيراني محدودة لتحفظ طهران في بداية الأزمة من تقديم دعم مباشر ليريفان وانشغال روسيا بالصراع مع أوكرانيا.

– اقتناع إيران بأن ما تشهده منطقة القوقاز حرب بالوكالة تقف وراءها الولايات المتحدة وإسرائيل ضدها، يدفعها لاتخاذ خطوات حاسمة لإيقاف التقارب التركي الأذربيجاني وتعرقل خطوة إنشاء ممر زنغزور الذي يهددها بشكل مباشر.

– من المحتمل أن تستغل إيران هذا النزاع لتحقيق أكبر مكاسب لصالحها، سواء في التفاوض بشأن الاتفاق النووي والعقوبات الموقعة عليها وأيضا ضد حليفتها روسيا، وجعل السوق الأوروبي في مقدمة أسواق الطاقة الإيرانية.

– من المتوقع أن تتحول أنظار الدول الكبرى إلى منطقة القوقاز المرحلة المقبلة بالتزامن مع الحرب الأوكرانية، ما يزيد من عوامل تأجج المشهد بين البلدين ودخول أطراف جديدة لساحة الصراع.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=89020 

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

انحياز إيران لأرمينيا… المصالح قبل الهوية
https://bit.ly/43wMj08

قره باغ.. عناصر أساسية لفهم الصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان
https://bit.ly/3oPvApQ

Analysis: Will Azerbaijan-Iran tensions lead to war?
https://bit.ly/3N2FwV3

كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل!
https://bit.ly/3NjmlaL

How the Ukraine Crisis Benefits Iran’s Eurasia Strategy
https://bit.ly/3CnIC0E

تأثير الأزمة بين أذربيجان وإيران في العلاقة بين أنقرة وطهران
https://bit.ly/3WXuCUO

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...