الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ أهمية باب المندب والقرن الإفريقي خلال الحروب والنزاعات الدولية

باب المندب
أكتوبر 27, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI

إعداد: اكرام زيادة – باحثة في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب

يحظى أمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر باهتمامات دولية وإقليمية متزايدة. وقد أصبح مضيق باب المندب، الذي يقع بين منطقة القرن الإفريقي المكتظة بالصراع وشبه الجزيرة العربية، وساحة البحر الأحمر، ساحة للتنافس الإقليمي ومنصة انطلاق لأعمال القرصنة والإتجار بالبشر والإرهاب. وتؤكد المخاوف الأمنية على امتداد السواحل، إلى جانب تنامي الاهتمام بالاستثمارات في منطقة القرن الإفريقي على ضرورة حماية حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة البحرية.

القرن الإفريقي.. موقع جغرافي استراتيجي

يقصد بمنطقة القرن الإفريقي – جغرافيا- ذلك الجزء الممتد على اليابسة الواقع غرب البحر الأحمر وخليج عدن على شكل قرن، وهو بهذا المفهوم يشمل أربع دول هي الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، بينما تتسع المنطقة أكثر عند النظر لها من زاوية سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا. ووفقاً لهذا المفهوم فإنها تمثل منطقة شرق إفريقيا المتحكمة بمنابع النيل والمسيطرة مداخل البحر الأحمر وخليج عدن، وهي إن لم تكن جزءاً رئيسياً من القرن الإفريقي فهي امتداد حيوي له.

تقدر مساحة القرن الإفريقي بمفهومه الضيق (الصومال، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا) نحو (1.9) مليون كيلومتر مربع. ويبلغ عدد سكانها نحو (200) مليون نسمة. ويضم المجال البحري للقرن الإفريقي الموارد الطبيعية مثل احتياطيات النفط والغاز والحياة البحرية والشحن وخدمات الموانئ. ويقدر المحللون أن الصومال تمتلك حوالي (110) مليارات برميل من احتياطيات النفط في الداخل والخارج، مما يجعلها سابع أكبر حائز لاحتياطيات النفط في العالم. علاوة على ذلك ، يقال إن الصومال لديها ما يقرب من (440) تريليون قدم من الغاز البحري ، مما قد يجعلها رابع أكبر مالك لاحتياطيات الغاز على مستوى العالم.

كما يضم القرن الإفريقي أكثر من 8 موانئ بحرية متطورة في القرن الإفريقي في إريتريا وجيبوتي والصومال والسودان وكينيا على البحر الأحمر، تتمثل أبرزها في الآتي:

 – ميناء بورتسودان : يعتبر الميناء الرئيس في السودان. وبورتسودان هو المنفذ البحري الوحيد للسودان التي تمر تجارتها عبره، ويمكن الاعتماد عليه من قبل بعض الدول الحبيسة مثل جنوب السودان وأوغندا والكونغو الديمقراطية. كما أنه يتوسط البحر الأحمر، ويعد ممرًّا مهمًّا للبحر المتوسط عبر قناة السويس ما يجعله قريبًا من تطورات التجاذبات الدولية والإقليمية في شرق المتوسط، وفي أحداث ليبيا، وهو ما جعل موسكو تندفع نحو إنشاء قاعدة لوجستية لقواتها فيه. ويمكن الربط بينه وبين أهم الموانئ السعودية المطلة على البحر الأحمر، التي تبعد عنه بنحو (250) كم.

ميناء عصب الإريتري : يقع في أقصى جنوب البلاد، ويتمتع بموقع استراتيجي مهم، لقربه الجغرافي من مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يبعد عنه بمقدار (20) ميلًا بحريًّا. كما يقترب من الحدود اليمنية، وبعض الموانئ اليمنية مثل ميناء المخا الذي يبعد عنه بحوالي (40) ميلًا بحريًّا.

ميناء مصوع الإريتري : يُعد الميناء الرئيس في إريتريا، وهو الأكبر مساحة والأكثر نشاطًا مقارنة بميناء عصب. ويتوسط الساحل البحري الإريتري، وتتزايد أهميته الاستراتيجية بسبب موقعه القريب من مضيق باب المندب، وكذلك اليمن ومنطقة الخليج العربي.

ميناء جيبوتي:  يقع عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي، وهو أحد موانئ التصدير الرئيسة في شرق إفريقيا. كما يُعد حلقة وصل وبوابة مهمة لأسواق بلدان شرق ووسط إفريقيا ومركزًا إقليميًّا لنقل البضائع. ويطل على مضيق باب المندب الذي يتمتع بأهمية جيواستراتيجية كبيرة، وتعتمد عليه بكين بوصفه أحد الموانئ الرئيسة في شرق إفريقيا ضمن مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها عام 2013.

ميناء بربرة: يقع في إقليم أرض الصومال، وهو من أقدم الموانئ الصومالية، وتُجرى بعض التوسعات في الميناء لاستيعاب المزيد من الحاويات والبضائع. ويوصف هذا الميناء بأنه مفتاح البحر الأحمر. ويمثل عامل الاستقرار الأمني لأرض الصومال حافزًا قويًّا للاعتماد على الميناء مستقبلًا، تجاريًّا وعسكريًّا، كما يُنظر إليه كبديل مستقبلي محتمل لميناء جيبوتي في المنطقة.

ميناء مقديشو: يعد أكبر الموانئ في الصومال، ويمكنه التعامل مع مختلف أحجام السفن التجارية. ويتمتع بأهمية استراتيجية كونه يطل على ساحل المحيط الهندي، كما أنه يقع ضمن الحزام الاستراتيجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

ميناء بوصاصو: هو ثاني أكبر ميناء في الصومال بعد مقديشو، ويطل على خليج عدن. ويتميز بالقرب من مدخل مضيق باب المندب، وفي مواجهة الساحل البحري اليمني، وتحديدًا ميناء المكلا.

ميناء هوبيو: يقع في شمال شرق الصومال بالقرب من خليج عدن ومضيق باب المندب، ويمثل حلقة وصل بين شمال الصومال وجنوبه. ويمكن أن يمثل بوابة عبور للصادرات النفطية من إقليم أوجادين في إثيوبيا إلى العالم الخارجي.

ميناء مومباسا: يُعد من أكبر الموانئ في شرق إفريقيا، ويعتبر مركزًا إقليميًّا لشرق ووسط إفريقيا، ويتوقع أن يكون قادرًا على التعامل مع  (110) مليون طن من البضائع بحلول عام 2040 مقارنة بـ (22) مليون طن سنويًّا في الوقت الراهن، واستقبال أكثر من  (2.6) مليون حاوية بحلول عام 2025. كما يخدم الميناء دول أوغندا ورواندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

ميناء لامو: يقع شمال ميناء مومباسا في كينيا، ويتألف من (32) مرسى، ويمكن استغلاله كمنفذ للدول الحبيسة. وهو جزء من مشروع “لابسيت” الممر الذي يربط بين جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا، ما يمنحه مزايا عدة كبوابة ومركز للنقل في منطقة شرق إفريقيا. أمن دولي ـ أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية

مضيق باب المندب.. الأهمية الجيوسياسية

مضيق باب المندب، ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط. وهو يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في إفريقيا، ويتوسط القارات الخمس. وما يميزه أنه يصل البحرَ الأحمر بخليج عدن، وبحر العرب، والمحيط الهندي من جهة، والبحر الأبيض المتوسط من الجهة الأُخرى، كما يأتي اليمنُ في قلب مشروع “الحزام والطريق” أَو ما يعرف بـ “طريق الحرير”، نظراً لأهميّة موقعه، وامتلاكه عدداً من الموانئ، والجزر المتناثرة وعددها (130) على هذا الطريق، مثل ميناءَي عدن والمخاء اللذين يتوسطهما مضيق باب المندب، وجزيرة بريم التي تتوسط المضيق.

تحول باب المندب منذ افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق إفريقيا.
ومما زاد أهمية الممر، أن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، هو (16) كيلومتراً وعمقها (100-200) متر، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الاتجاهين. علماً أن المسافة بين ضفتي المضيق هي (30) كيلومتراً من رأس منهالي في الجانب الآسيوي إلى رأس سيان في الجانب الإفريقي.

ويحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً  (3.3) مليون برميل نفط، وتمثل (4%) من الطلب العالمي على النفط. كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره (21) ألف سفينة سنوياً أي ما يعادل (10%) من الشحنات والبضائع البحرية العالمية ، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا. ويعبر المضيق شحنات تقدر بنحو (700) مليار دولار أمريكي سنويًا من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط. كما يمر (1.5) مليون برميل من النفط الخام يوميًا عبر الممرات المائية الاستراتيجية، حيث يتم تصدير ما يقرب من (10%) من إجمالي النفط الخام السعودي إلى أوروبا عبر هذا الممر المائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكمية الأكبر من الخام الأوروبي الوارد من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط الكبير يمر عبر منطقة البحر الأحمر.

تنافس دولي جيواستراتيجي للسيطرة على القرن الإفريقي وباب المندب

زاد من أهمية منطقة مضيق باب المندب الإستراتيجية كونها تمثل منطقة اتصال مع شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، فالموانئ وحاملات النفط والغاز والاتجار بالبضائع والأسلحة وعبور الأشخاص عوامل جعلت منها نقطة جذب وتركيز واهتمام من أطراف دولية وإقليمية عديدة تتصارع للحصول على موقع استراتيجي فيه، وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية. ولذلك تحتشد في منطقة القرن الإفريقي القواعد العسكرية، فمثلاً؛ في جيبوتي وحدها تسعُ قواعد عسكرية لست دول مختلفة، وفي الصومال خمس قواعد، اثنتان منها للإمارات وواحدة لتركيا، وفي إريتريا قاعدتان، واحدة إسرائيلية وأخرى إماراتية.

الولايات المتحدة

أصبحت الولايات المتحدة بعد حرب الخليج الثانية تُولي القرن الإفريقي أهمية جيوسياسية إستراتيجية كبرى، وتجلى اهتمام واشنطن -التي تتمسك بمقولة “الربط بين الأمن القومي الأميركي وأمن الطاقة النفطية” وحصلت بذلك على قدرة مضافة للتحكم في منابع الطاقة بالمنطقة أكثر منذ أواخر القرن الماضي. وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية القاعدة العسكرية “ليمونير” في جيبوتي، عام 2007، وهي مسؤولة عن العمليات والعلاقات العسكرية مع الدول الإفريقية، وبلغ تعداد قواتها ما يقارب من(4000) جندي، وأصبحت مقراً لقواتِ “أفريكوم” في المنطقة، ومهمتها مراقبة المجال الجوي والبحري والبري للسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن.

كما توجد في الصومال قاعدة “باليدوغل” الجويّة الأميركية في محافظة شبيلي السفلى التي قرر الرئيس بايدن تعزيزها بـ (500) جندي لمساعدة القوات الحكومية على محاربة المتطرفين. فيما تحدثت مصادر عن وجود قواعد عسكرية سرية لها بالقرن الإفريقي وما حولها، وتتحدث عن وجود قاعدتين بحريتين في كينيا (مومباسا ونابلوك). وفي إثيوبيا توجد قاعدة (أربا مينش) الجوية لـ الطائرات بدون طيار منذ عام 2011، ومهمتها الاستطلاع والتجسّس في شرق إفريقيا.

وتحسباً لاغلاق مضيق باب المندب من قبل إيران والجماعات الموالية لها في المنطقة رداً على حرب غزة ، أعلن الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية، في 19 أكتوبر 2023 وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار وجندي أمريكي إلى الشرق الأوسط، ودخول السفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس باتان” وسفينة الإنزال “يو إس إس كارتر هول”، البحر الأحمر عبر قناة السويس، ولفت البيان وقتها إلى أن منطقة عمليات الأسطول تشمل الخليج العربي وخليج عُمان والبحر الأحمر، وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.

تحتفظ فرنسا بأكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها خارج حدودها في جيبوتي. وينتشر نحو (1500) جندي في القاعدة ويقومون بمهام مكافحة الإرهاب وحراسة الممرات البحرية القريبة.

وهناك قاعدة بريطانية في منطقة بيدوا يتمّ فيها تدريب القوات الصومالية، كما تسعى بريطانيا إلى إقامة قاعدة في أرض الصومال (منطقة أعلنت انفصالها دون أي اعتراف دولي).

روسيا

و تسعى روسيا للعودة إلى القرن الإفريقي، وذلك عبر البوابة الإريترية. حيث وقّعت إريتريا، في 10 يناير 2023، مذكرة تفاهم مع روسيا تنص على ربط مدينة مصوع الإريترية الساحلية مع قاعدة البحر الأسود البحرية سيفاستوبول ، ويتيح هذا الاتفاق لموسكو استغلال ميناء مصوع الإريتري تمهيدًا لإقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة في البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب.

إسرائيل

وقد وجدت إسرائيل مجالاً حيوياً في تلك المنطقة الحيوية، فأسست وجوداً عسكرياً وأمنياً كما طورت من علاقاتها السياسية مع بعض أنظمة تلك المنطقة وخاصة النظام الإريتري والأوغندي كي يتيح لها كسرَ دائرة العزلة العربية، ورصد أي نشاط عسكري عربي ضدها، واستخدام التفوق الإسرائيلي لكسر أي حصار عربي مستقبلاً ضدها وضد سفنها في البحر الأحمر ومدخله الجنوبي؛ وبالتالي ضمان الاتصال والأمن للخطوط البحرية العسكرية والتجارية من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، والحيلولة دون أن يكون البحر الأحمر بحراً عربياً خالصاً. ومنذ عام 2016، أنشأت “إسرائيل” سراً قاعدة استخبارات إلكترونية متقدمة في إريتريا لمراقبة مضيق باب المندب الاستراتيجي، الذى تنتقل عبره معظم شحنات النفط الخليجية في طريقها إلى العملاء في جميع أنحاء العالم، حَيثُ تقع القاعدة على أعلى جبل في البلاد، إمبا سويرا، خارج العاصمة أسمرة، وهي تراقب أنشطة “أنصار الله” في اليمن.

وتعاظمت الأهمية الإستراتيجية للقرن الإفريقي بعد اندلاع الحرب في اليمن وتدخل التحالف العربي عسكرياً بقيادة المملكة السعودية  للتصدي لتوسع النفوذ الإيراني. وتقاطع ذلك مع مصالح مجموعة من الدول (أميركا وإسرائيل وبعض دول الخليج) لمواجهة تهديدا إيران المحتملة.

الصين

ولم تكن الصين كقوة عظمى بعيدة مما يجري هناك، فقد حاولت منذ تغلغلها في القارة الإفريقية عموماً وفي منطقة القرن الإفريقي خصوصا، فبنت قاعدة بحرية في جيبوتي بحجة مكافحة القرصنة وضمان أمن باب المندب. وهي تعد القاعدة الوحيدة خارج الأراضي الصينية، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 2017، أي بعد أربع سنوات من إعلان الرئيس الصيني عن مبادرة “حزام واحد طريق واحد”، التي باتت تعرف بطريق الحرير الجديد.

وتهدف المبادرة إلى الربط بين الصين وأوروبا ووسط آسيا والشرق الأوسط عبر أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، يشمل بناء طرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية. على الرغم من أن المبادرة تبدو تنموية واقتصادية في المقام الأول، إلا أن الدراسات تتفق على أن الهدف الرئيسي منها هو زيادة نفوذ الصين الجيوسياسي، على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى توزيع القوة والثروة أيضاً. بالطبع يمر طريق الحرير الجديد بباب المندب، وسبق أن وقّعت الصين مع حكومة الحوثيين اتفاقية عام 2019.

تركيا

وعلى المستوى الإقليمي، سعت تركيا هي الأخرى لتعزيز وجودها عبر البوابة الصومالية ، وتعد القاعدةُ العسكرية التركية التي تم افتتاحُها عام 2017 الأهمَّ في الصومال وأكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم، وعلى الرغم من أن تركيا أعلنت أن الهدفَ من إنشاء القاعدة هو تدريبُ الصوماليين؛ ليشكلوا نواة للقوات الصومالية مستقبلًا، إلا أن هذه القاعدة كان وراءها العديد من الأهداف الأُخرى، أهمُّها السيطرةُ على “القرن الإفريقي” وممر البحر الأحمر التجاري، ومضيق باب المندب؛ كونه المعبَرَ البحريَّ الرئيسَ لتجارة النفط العالمية؛ وما يمثله من خطورة لأمن الخليج.

إيران على الجانب الآخر تأمل في بسط نفوذها على باب المندب عن طريق دعمها للحوثيين، الأمر الذي يضعها موضع الاتهام بنقل صراعاتها مع دول الخليج إلى مضيق باب المندب بعد الهيمنة على مضيق هرمز.

أطلق الحوثيون الصواريخ على البحرية الأمريكية  خلال عام 2016 بالقرب من باب المندب، وكيف قاموا ويقومون بزراعة الألغام البحرية بشكل عشوائي في المياه الإقليمية، وكيف قاموا باستخدام قوارب مفخخة مسيرة عن بعد للهجوم على مدينة المخا في البحر الأحمر في 2017، ومهاجمة سفن سعودية في ميناء الحديدة في 2018، وكيف هاجموا مؤخرا مينائي النشيمة في محافظة شبوة، والضبة بمحافظة حضرموت، واستهدفوا ناقلة نفطية في ميناء قناة النفطي بشبوة منتصف نوفمبر  2022.

تفاجأ البنتاغون في 19 أكتوبر 2023، بإطلاق سلسلة من الطائرات بدون طيار الهجومية وصواريخ كروز بعيدة المدى من اليمن، والتي يقول مسؤولو الدفاع الأمريكيون إنها كانت متجهة إلى إسرائيل ولكن اعترضتها مدمرة الصواريخ الأمريكية يو إس إس كارني فوق البحر الأحمر. ولاحقاً هدد رئيس حكومة الإنقاذ في اليمن التابعة لجماعة الحوثيين عبد العزيز صالح بن حبتور في 22 أكتوبر 2023، إنهم سيستهدفون السفن الإسرائيلية  التي تعبر باب المندبفي البحر الأحمر في حال تواصل القصف على قطاع غزة. أمن دولي ـ أهمية الخليج العربي خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية

تدابير حماية أمن خطوط الملاحة الدولية في باب المندب

شكلت البحرية الأمريكية والبريطانية في أبريل2022 فريقاً أمنياً جديداً مع عدد من الدول الحليفة لمراقبة البحر الأحمر ومحاولة تثبيت استقرار الملاحة وتأمين خط التجارة الدولي المهم عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن.

ومنذ مايو 2022 تقوم عدد من الدول الأوروبية على رأسها فرنسا بالدعوة الى تمديد صلاحيات بعثة الرقابة الأوروبية على مضيق هرمز الذي تشكل بداية 2020 من ثمانية دول أوروبية ليشمل البحر الأحمر نزولاً الى الخليج الهندي عبر مضيق باب المندب..

أعلن الجيش المصري في ديسمبر 2022 تولي قواته البحرية مهام دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن، إثر توليها للمرة الأولى قيادة “قوة المهام المشتركة 153 الدولية”. وهذه القوة تضم كلا من مصر والسعودية والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأميركية، ويتركز نطاق عملها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وتكمن أهمية حماية الملاحة في باب المندب في أن عشر التجارة العالمية تمر بهذا المضيق، وهناك رغبة لزيادة هذه النسبة خاصة تجارة مصادر الطاقة والنفط بعد الحرب الروسية الأوكرانية. أمن دولي-  قوة بحرية أمريكية في البحر الأحمر والخليج، المهام والأهداف

تقييم وقراءة مستقبلية

– يعد مضيق باب المندب من أهم الممرات المائية على مستوى العالم لدوره في الربط بين التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب، وقد ازدادت أهميته مؤخراً نظراً إلى ما تمر به المنطقة من توترات وصراعات، وبالتالي تسعى عديد من القوى الإقليمية والدولية إلى بسط نفوذها في هذه المنطقة الإستراتيجية، ونتج عن ذلك تزايد أعداد القواعد العسكرية في القرن الإفريقي.

– يمثل أمن البحر الأحمر وأمن الموانئ البحرية دافعًا قويًّا لتعزيز الحضور الدولي في القرن الإفريقي بحجة المساهمة في ضمان حرية الملاحة الدولية، وتأمين مرور التجارة الدولية، ومكافحة عمليات القرصنة عند مضيق باب المندب وخليج عدن، وصد التهديدات الأمنية والإرهابية، كما أن هناك رغبة جماعية لدى القوى الدولية ليصبح الحزام الساحلي الذي يضم إريتريا وجيبوتي والصومال ساحلًا آمنًا لضمان سلامة التجارة بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر

– نظراً لأهميته الاستراتيجية والتنافس على النفوذ على البحر الأحمر والدول التي تعتمد عليه في التجارة والعبور، أصبح القرن الإفريقي جزءاً لا يتجزأ وحلقة وصل بين الأنظمة الأمنية في الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط. وبالتالي، فإن التطورات في القرن الإفريقي لا تشكل هذه المناطق فحسب، بل تؤثر أيضا بشكل مباشر على بيئاتها السياسية والاقتصادية والأمنية.

–  يمكن أن يؤدي وجود العديد من المستثمرين المحتملين إلى زيادة المنافسة، ما قد يؤدي إلى سباق على الاستثمارات وزيادة التدفقات المالية إلى قطاع البنية التحتية في دول القرن الإفريقي، وفي هذا السياق، يظل استقرار أمن المنطقة النسبي مرهونًا بعدم تطور التنافس الدولي والإقليمي فيها إلى صراعات أو صدامات بين القوى الفاعلة، ما يدفع نحو مزيد من العسكرة للمنطقة، يظل السباق على الموانئ البحرية في القرن الإفريقي قائمًا في ضوء احتدام التنافس الدولي، والرغبة في بناء النفوذ في بلدان المنطقة.

– تظل منطقة البحر الأحمر مسرحاً للصراع الدولي مع عدم الاستقرار السياسي والسيولة الأمنية لبعض الدول كالصومال واليمن، أو لضعف الحكومات وقلة مواردها كجيبوتي التي تحصل على نحو (200) مليون دولار سنوياً من تأجير موانئها.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=91675

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

Geopolitical hotspot: Significance of the Red Sea
https://2u.pw/qsI3Rwo 

Security of the Red Sea Arena and Strait of Bab Al Mandab
https://2u.pw/cBgJ4K0 

?Why do so many foreign powers have military bases in Djibouti
https://2u.pw/IPin7DG 

واشنطن ترسل غواصة مزودة بصواريخ موجهة إلى الشرق الأوسط “
https://2u.pw/CWIGOpo

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...