الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ هل من درع نووي أوروبي بديلاُ عن الحماية الأمريكية؟

فبراير 27, 2024

بون ـ جاسم محمد، باحث في الأمن الدولي والإرهاب و رئيس المركز الأوروبي ECCI

تعيش دول أوروبا الكثير من التحديات الأمنية في أعقاب تتزايد الحروب والنزاعات الدولية والكوارث أبرزها حرب أوكرانيا وحرب غزة وغيرها، وهذا مايجعلها تعيد حساباتها في مجالات الأمن والدفاع، منها خيار الحصول على اسلحة نووية، لمواجهة اي تهديدات محتملة المستقبل البعيد. لكن تبقى الشكوك قائمة في مدى قدرة حصول التكتل الأوروبي على اسلحة نووية أكثر من خيار الحصول عليه على مستوى وطني.

وفي سياق التسلح النووي الأمريكي، هناك  دوماً شخص يصطحب الرئيس الأمريكي في تحركاته اينما ذهب، وهو يحمل حقيبة يبلغ وزنها تقريبا 20 كلغم. التسمية المجازية التي تٌطلق على هذه الحقيبة هو ” كرة القدم”، لكنها بالحقيقة  هي حقيبة مفتاح السلاح النووي الخاص بالرئيس الأمريكي، يمكن اطلاقها في حالة الطواريء. تحتوي الحقيبة على المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار بشأن الاستخدام السريع للأسلحة النووية.  كما يحمل بايدن دائمًا رموز تعريفية معه، مٌشفرة تحت اسم “البسكويت “.  إن كل من يأخذ التهديد المتمثل في الرئيس الأميركي الجديد “ترامب “على محمل الجد لابد وأن يطرح على نفسه السؤال التالي :

كيف يبدو البديل  الأوروبي للدرع الواقي النووي الأمريكي؟

لا يمكن أن يكون هناك إجابة إلا إذا تم اتخاذ قرارات معقدة للغاية وغير سارة في بعض الأحيان. لا تخلو هذه القرارات من المخاطر، ويمكن أن تنتهي بالعديد من الطرق المسدودة.  يمكن لمثل هذا الدرع الواقي الأوروبي أن يعمل من خلال نماذج مختلفة، فمن الممكن على سبيل المثال أن يحصل الاتحاد الأوروبي على أسلحة نووية خاصة به ــ كما اقترحت كاتارينا بارلي، المرشحة الأبرز للحزب الاشتراكي الديمقراطي للانتخابات الأوروبية: وقالت بارلي لصحيفة ” تاجشبيجل” عندما سئلت عما إذا كان من الممكن أن يمتلك الاتحاد الأوروبي أسلحة نووية خاصة به : ” بجانب ان يكون هناك جيش أوروبي”؟ وأضافت :  لقد قدم الاتحاد الأوروبي مساهمات كبيرة في تحقيق الأمن والسلام في قارتنا ولكن في وضعها الحالي، فهي ليست حتى قريبة من القدرة على إنشاء برنامج الردع النووي الخاص بها. إذا سلك الاتحاد الأوروبي هذا الطريق على أي حال، فسوف تظهر آلاف الأسئلة الأخرى، مثل ما يلي:

ـ هل ستحظى رئيسة المفوضية الأوروبية  بحقيبة مفتاح السلاح النووي ؟

أو هل تتغير السيطرة على الحقيبة النووية من دولة إلى أخرى مع رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي ــ وبالتالي أيضاً إلى أيدي أشخاص مثل فيكتور أوربان؟

أم هل سيتم استدعاء كافة رؤساء الدول في حالة الطوارئ إلى بروكسل من أجل اتخاذ قرار بالإجماع بشأن نشر القوات ؟

لا يملك الاتحاد الأوروبي حتى الآن إجابة على كل هذه التساؤلات ــ كما أن اتخاذ القرارات بسرعة لا يشكل مصدر قوته أيضاً و إن الطريق عبر بروكسل والاتحاد الأوروبي  صعب جدأً.

 ماذا عن الدول الأوروبية التي تمتلك أسلحة نووية: فرنسا وبريطانيا العظمى؟

من الممكن هنا أن نتصور نموذجاً يستند إلى نموذج المشاركة النووية الأميركية ويمكن للبلدين وضع أجزاء من ترسانة أسلحتهما في دول أوروبية أخرى، في حين توفر الدول الشريكة أنظمة الإطلاق لإطلاقها في حالات الطوارئ. كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على استعداد للتحدث عن هذا الموضوع. وعندما سئل عما إذا كان سيدافع عن الاتحاد الأوروبي بالأسلحة النووية الفرنسية، أجاب مؤخرا بالإيجاب.  ويعتقد أيضًا أنه من الممكن تصور المزيد من التعاون المكثف في هذا المجال داخل أوروبا. أمن دولي ـ الردع النووي والردع المضاد، تصعيد لخفض التصعيد (ملف)

أما بريطانيا العظمى ـ التي لم تعد عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولكنها ظلت عضواً في منظمة حلف شمال الأطلسي ـ فقد ظلت بعيدة عن الأضواء حتى الآن. لا يزال الدفاع النووي يمثل مشكلة في لندن : فقد تردد مؤخرًا أن الأسلحة النووية الأمريكية، التي تم سحبها من هناك في عام 2008، قد تتمركز قريبًا في بريطانيا.ومع ذلك، لا أحد يعرف اليوم كيف يمكن أن يبدو التعاون المكثف مع فرنسا ولم تتناول الحكومة الألمانية الفيدرالية المحادثة بعد.  وهناك مشكلة مماثلة لتلك التي تواجه الولايات المتحدة: سوف تنتخب فرنسا رئيسًا جديدًا في عام 2027 وفقاً لاستطلاعات الرأي الحالية فإن المرشحة الشعبوية اليمينية مارين لوبان تتمتع بفرصة جيدة.

فقد وصفت مؤخراً توزيع الأسلحة النووية الفرنسية في أوروبا بأنه “جنون محض”، وإذا فازت في الانتخابات فإنها تريد ترك هياكل قيادة حلف شمال الأطلسي. وبغض النظر عن مثل هذه الأفكار، فلا ينبغي لنا أن ننسى: إن بريطانيا العظمى وفرنسا لا تملكان حتى عُشر ما يمكن أن تتباهى به الولايات المتحدة أو روسيا .

الخيار الثالث للحصول على اسلحة نووية

يمكن لألمانيا أن تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية خاصة بها وسيكون ذلك بمثابة تجاوزالعديد من المحظورات. الحقيقة المتمثلة في أن ألمانيا تعمل حاليًا على التخلص التدريجي من الطاقة النووية وهي أقل المشاكل،  فأولا، يتعين على ألمانيا إنهاء معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، التي تنص على التخلي الطوعي عن أسلحتها النووية. وتستثنى من ذلك القوى النووية الخمس الصين والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى.  وحتى الآن، لم توقع على الوثيقة سوى أربع دول في جميع أنحاء العالم: الهند وباكستان وجنوب السودان وإسرائيل.

وحتى الآن، اختارت دولة واحدة فقط عدم المشاركة، وهي كوريا الشمالية وبالتالي فإن ألمانيا ستنضم إلى نظام كيم جونغ أون الدكتاتوري  ولا ينبغي لنا أيضاً أن نقلل من التأثير الذي ترسله الأسلحة النووية الألمانية إلى العالم. ويمكن لدول مثل إيران أو المملكة العربية السعودية أو تركيا أن تستخدم هذا كمبرر لمواصلة جهودها للحصول على أسلحة نووية خاصة بها.

ولابد أن يكون واضحاً أيضاً أن ألمانيا في هذه الحالة سوف تضطر إلى تحمل المزيد من المسؤولية عن الأمن داخل أوروبا وبعبارة أخرى: سيكون على ألمانيا الالتزام بتوفير درعها الواقي النووي، والذي يمكن أن تنزلق تحته دول مثل بولندا أو دول البلطيق أو فنلندا. وفي حالة وقوع هجوم روسي، فمن المحتمل أن تكون هذه الدول أول المتضررين وبغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى الأمر، لا يمكن لأي من “الخيارات” المقترحة أن تحل محل الدعم الأمريكي بشكل كامل وقد حاول المستشار أولاف شولتز حتى الآن عدم نقاش في هذا الموضوع. أمن دولي ـ التهديد النووي والاستقرار الإستراتيجي

وقال المستشار الألماني لصحيفة “تسايت” في يناير2024 إنه لا يعرف موضوع هذا النقاش في الوقت الحالي كما أن اتفاقية تحالف الحكومة الألمانية واضحة على نحو مماثل، حيث تنص على ما يلي: “يظل هدفنا عالماً خالياً من الأسلحة النووية (الصفر العالمي)، ونتيجة لذلك، ألمانيا خالية من الأسلحة النووية”. وهذا الهدف ليس خطأ بالتأكيد.إن عالماً خالياً تماماً من القنابل الذرية سيكون عالماً أفضل بكثير لكن شخصيات مثل فلاديمير بوتين أو دونالد ترامب تجبر الحكومة الفيدرالية على التفكير في مثل هذه السيناريوهات.  لا يمكن للحكومة الألمانية أن تبتعد عن ذلك وتأمل ألا ينفذ ترامب تهديداته إذا فاز في الانتخابات، وربما مؤتمر ميونخ ناقش ذلك.

ترجمة بتصرف عن مقال بعنوان: “والآن يتعين على أوروبا أن تعيد حساباتها”  بقلم ديفيد شافبوخ باللغة الألمانية.

النتائج

مازالت دول أوروبا تحت  مظلة حماية الولايات المتحدة والناتو النووية، لكنهاتعيش حالة من القلق، برفع تلك الحماية النووية والدعم من قبل  الرئيس الأمريكي السابق ترامب في حالة عودته  إلى البيت الأبيض. هناك حقيقة وهي إن دول أوروبا في الغالب أبرزها ألمانيا تفرغت لبناء اقتصادياتها مقابل تأمين الولايات المتحدة ـ الناتو أمنها خاصة في مجال الحماية النووية.

في ذروة الحرب الباردة، وافق المجتمع الدولي على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. أصبح يوجد الآن 190 دولة موقعة على المعاهدة. وهي تلزم الدول الحائزة للأسلحة النووية المشاركة بهدف نزع السلاح النووي بصورة كاملة. في المقابل تتنازل الدول غير الحائزة للأسلحة النووية عن محاولة امتلاك الأسلحة النووية. في الوقت نفسه تضمن المعاهدة الاستخدام السلمي للطاقة النووية. من المقرر مراجعة المعاهدة كل خمس سنوات. في مؤتمرات المراجعة يتم توثيق التقدم المحرز في تنفيذ المعاهدة، كما يتم الاتفاق على الخطوات الإضافية اللازمة، وبالتالي يتم تعزيز المعاهدة لمواجهة التحديات الحالية. الإرهاب النووي، العقيدة النووية والسيناريوهات المحتملة في أوكرانيا – ملف

اعتبر رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي روبرت بريغر اليوم 16 فبراير 2024، أن للنقاشات الدائرة حول الردع النووي في أوروبا “ما يبررها”. وقال الممثل العسكري الأعلى للاتحاد الأوروبي لوكالة الأنباء الفرنسية في بروكسل: “أعتبر أن النقاش حول الأسلحة النووية الأوروبية أمر مشروع، بالنظر إلى موقف روسيا في المواجهة”. وشدد على أنه إذا أراد الأوروبيون التصرف “على قدم المساواة مع القوى الأخرى”، فيتعين عليهم أيضًا “زيادة إنفاقهم الدفاعي” بشكل كبير، على حد تعبيره.

وعند مراجعة حرب أوكرانيا، يبدو إن الولايات المتحدة نجحت كثيراً بتبديد مخاوف دول أوروبا من تخليها عن الحماية لدول أوروبا، وذلك من خلال تعزيز قوات الناتو عند الحدود الشرقية لأوروبا و دول البلطيق، إلى جانب عقد العديد من المناورات من أجل رفع جاهزية الناتو في مواجهة اي مخاطر محتملة من روسيا، أبرز هذه المناورات هي “المدافع الصامد” خلال عام 2024.

أثارت تصريحات ترامب حول الناتو خلال شهر فبراير 2024 جدلا كبيرا في أوروبا وألمانيا إذ طالب ساسة وخبراء بضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي الألماني بشكل جذري، فيما ذهب آخرون إلى حد المطالبة بإعادة النظر في كسر “المحرمات النووية”، وهو موضوع جدلي آخر.

الحديث عن ” قوة نووية أوروبية موحدة” ربما تثير الكثير من التسائولات ويبدو انه خيار او فكرة لايمكن تطبيقها في الوقت الحاضر، بسبب آلية صنع القرار داخل التكتل والانقسام الذي اصبح سمة منسمات الاتحاد الأوروبي. لكن الحديث عن امتلاك دول أوروبا على مستوى وطني هو محتمل جداً في ضوء تنامي الصراعات دولياً، فمازالت بريطانيا وفرنسا تمثل قوة نووية داخل أوروبا، لكن بدون شك هذه القوة الأوروبية النووية لا تمثل الى اقل من 10% من القوة النووية الروسية. وهنا يظهر السؤال :

هل بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوروبي وفرنسا تستطيعان توفير الحماية لدول أوروبا الأخرى؟

سؤال صعب الأجابة عليه، لكن الرئيس الفرنسي أجاب بالايجاب.

فرنسا : تعد فرنسا الدولة الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي، التي متلك سلاحا نوويا فيما وقعت ثلاثة دول من التكتل وهي النمسا وأيرلندا ومالطا على معاهدة الحظر النووي التي تم اعتمادها عام 2017 ودخلت حيز النفاذ عام 2021. وتنص هذه المعاهدة على فرض حظر شامل على الأسلحة النووية، حيث يلتزم الموقعون بعدم تطوير الأسلحة النووية أو اختبارها أو إنتاجها أو اقتنائها أو امتلاكها أو تخزينها أو استخدامها، أو حتى التهديد باستخدامها.

ألمانيا :  ولو تحدثنا عن التسلح النووي إلى ألمانيا التي تسعى الأن لتكون قوة عسكرية فاعلة داخل أوروبا إلى جانب فرنسا، فالحديث يكون مختلف تماماً؟ ألمانيا مازالت تثير الكثير من مخاوف دول أوروبا بسبب “عقدة” الحرب العالمية الثانية و “النازية” فكثير من الدول الأوروبية ومنها فرنسا، لاتريد ان تظهر ألمانيا كقوة عسكرية تلعب دوراً في النزاعات الدولية، بقدر ماتكون قوة اقتصادية” بنك داعم” إلى اقتصاديات دول أوروبا.

ألمانيا لديها التزامات دولية في موضوع الحد من نشر الأسلحة النووية وهي ترى إن عالماً بدون أسلحة نووية، يكون أكثر أمناً، فهل تتخلى ألمانيا عن هذا المبدأ بعد ان اعتمد المستشار اللماني “استراتيجية” “نقطة التحول ورفع الإنفاق العسكري؟ ربما في الوقت الحاضر والمستقبل القريب لاتتجه ألمانيا لخيا السلاح النووي.

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...