بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (2)
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن عمليات برية في أوكرانيا قد تكون ضرورية في مرحلة ما. تباينت ردود الأفعال الغربية حول تلك التصريحات، كما تنامت المخاوف بشأن أن تصبح القوات الغربية هدفا مشروعا ذا أولوية لروسيا. لكم المستشار الألماني استبعد إرسال جنود ألمان إلى أوكرانيا. كما تجنب حلف شمال الأطلسي “الناتو”، منذ بداية حرب أوكرانيا، إرسال قوات بشكل رسمي لعدم الانخراط في مواجهة مباشرة مع روسيا، لا سيما أن روسيا تمتلك سلاح نووي.
تصريحات الرئيس الفرنسي بإرسال قوات إلى أوكرانيا
فاجأ الرئيس الفرنسي” إيمانويل ماكرون” حلفائه الغربيين بتلميحاته بشأن إمكانية إرسال قوات برية غربية إلى أوكرانيا في مارس 2024. أكدت الاستخبارات الخارجية الروسية عن توافر معلومات عن إعداد فرنسا وحدة عسكرية يصل عددها بشكل أولي إلى نحو (2000) شخص لإرسالها إلى أوكرانيا، وأكدت موسكو أن القوات ستصبح هدفا مشروعا ذا أولوية لهجمات القوات المسلحة الروسية. يرى رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا “إيمانويل ديبوي” أن “ماكرون” يريد استعادة قيادة أوروبا بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الفرنسية تسليمها مساعدات عسكرية لأوكرانيا تصل إلى (2.6 ) مليار يورو.
كشفت ردود الفعل الغربية المتباينة بشأن اقتراح “ماكرون” من جديد عن تباين مواقف القوى الغربية بشأن حرب أوكرانيا، يسعى حلف الناتو لتفادي الانجرار إلى حرب أوسع مع روسيا لاسيما أن روسيا تمتلك سلاح نووي. يمكن القول أنه لا شيء يمنع أعضاء حلف شمال الأطلسي “الناتو” من الانضمام إلى مثل هذا المشروع بشكل فردي أو في مجموعات، لكن الحلف نفسه لن يشارك إلا إذا وافق جميع الأعضاء الـ (31)، فالناتو كتحالف عسكري لا يمد أوكرانيا سوى بالمساعدات والدعم غير الفتاك مثل الإمدادات الطبية والمعدات.
المستشار الألماني يستبعد إرسال جنود إلى أوكرانيا
صرح “أولاف شولتس” المستشار الألماني في 27 فبراير2024 أنه لن يتم إرسال أي جندي إلى أوكرانيا من الدول الأوروبية أو الدول الأعضاء في حلف الناتو بعد تصريحات الرئيس الفرنسي التي لم تستبعد هذا الاحتمال. وأكد “شولتس” ما تم الاتفاق عليه منذ البداية ينطبق أيضا على المستقبل، وهو أنه لن تكون هناك قوات على الأراضي الأوكرانية مرسلة من الدول الأوروبية أو دول الناتو”، وجدد المستشار الألماني استبعاده للاستعانة بجنود ألمان في أوكرانيا.
كشف المستشار الألماني “أولاف شولتس” معلومات استخباراتية في 29 فبراير2024 عن وحدات بريطانية متواجدة في أوكرانيا معرضا الموظفين البريطانيين العاملين في أوكرانيا للخطر حسب التقديرات البريطانية، ووصف الرئيس السابق للجنة الدفاع في البرلمان البريطاني “توبياس إلوود” كلمات شولتس بأنها “سوء استخدام صارخ للاستخبارات”. أمن دولي ـ الناتو وروسيا، هل من مواجهة في البحر الأسود ؟
هل إرسال الناتو للأسلحة، يعتبر انخراط في حرب أوكرانيا ؟
تجنب أعضاء الناتو، منذ بداية جرب أوكرانيا، إرسال قوات بشكل رسمي إلى منطقة الصراع في شرق أوروبا خشية أن ينخرط الجنود الأوروبيون في قتال مباشر مع القوات الروسية. يزيد احتمال إرسال الدول الغربية قواتها والمزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا من خطر حدوث صدام مباشر بين الناتو وروسيا. يقول “قسطنطين غافريلوف” في 26 فبراير 2024 رئيس وفد روسيا في محادثات فيينا حول الأمن والحد من التسلح”إن عواقب الخطر المتزايد والمتمثل في تحول الصراع إلى اصطدام مباشر بين الناتو وروسيا قد تكون هي العواقب التي لا يمكن التنبؤ بها”.
تقتضي اتفاقيات “جنيف” لعام 1949 والقانون الدولي، على أنه يجب على الدول الامتناع عن نقل أي أسلحة أو ذخيرة أو أجزاء لها إذا كان من المتوقع، في ضوء الحقائق أو أنماط السلوك السابقة أنها ستستخدم في انتهاك القانون الدولي. كما تنص المواثيق الدولية على أن عمليات النقل هذه محظورة حتى لو كانت الدولة المصدرة لا تنوي استخدام الأسلحة في انتهاك للقانون أو لا تعلم على وجه اليقين أنها ستستخدم بهذه الطريقة طالما أن هناك خطرا واضحا. تلتزم الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة بتعهدات إضافية لمنع صادرات الأسلحة إذا كانت على علم أن الأسلحة ستستخدم لارتكاب جرائم دولية، أو إذا كان هناك خطر كبير للقانون الإنساني الدولي.
أشار تقرير في 29 مارس 2024 أنه “إذا انخرطت قوات دولة عضو في الناتو في دفاع جماعي عن النفس (المادة 51، ميثاق الأمم المتحدة) لصالح أوكرانيا وتعرضت لهجوم من قبل الطرف الآخر في الصراع أثناء الاشتباك في منطقة النزاع، فإن هذا لا يشكل حالة من حالات المادة (5) من معاهدة حلف شمال الأطلسي”. وأشار الخبراء إلى أن المادة الخامسة من معاهدة الناتو مرتبطة بتعرض دول وقوات الناتو للهجوم على أراضيها أو فوقها.
تسريبات محادثات بين قادة الجيش الألماني
نشرتسجيل صوتي يتضمّن محادثات جرت بين ضباط ألمان وهم يبحثون فيه سيناريو قصف شبه جزيرة القرم. تضمن التسجيل المتداول أحاديث عن احتمال استخدام القوات الأوكرانية صواريخ ألمانية الصنع من طراز “تاوروس” بعيدة المدى وتأثيرها المحتمل، وتوجيه الصواريخ نحو أهداف مثل جسر رئيسي فوق مضيق “كيرتش”. كما ناقش الضباط خلال الاجتماع، المدة التي يمكن أن يستغرقها تدريب الأوكرانيين على استخدام هذه الصواريخ، وكيف يمكن لألمانيا القيام بذلك وإمكانية تقصير مدة التدريب.
أثارت التسريبات تساؤلات حول معايير الأمن الداخلي للجيش الألماني، بعدما اعترضت روسيا مناقشات الضباط الألمان، وتشير التقييمات أن الظباط لم يستخدموا خطا مشفرا أثناء اتصالهم ببعضهم البعض. مادفع نواب في البرلمان الألماني إلى المطالبة بالتحقيق في كيفية قيام واحدة من وسائل الإعلام الروسية بنشر تسجيل لما دار بين ضباط تابعين للقوات الجوية الألمانية، أثناء مناقشتهم مسألة دعم أوكرانيا. . أمن دولي ـ البحر الأسود، الاستعداد للتصعيد في حرب أوكرانيا (ملف)
“CIA” تدير شبكات تجسس منذ عام 2014
أنشأت الولايات المتحدة شراكة استخباراتية سرية منذ أكثرمن (10) سنوات في أوكرانيا، تعد الشراكة الاستخباراتية بين واشنطن وكييف “حجر الزاوية في قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها”، تقدم وكالات الاستخبارات الأميركية معلومات استخباراتية عن الضربات الصاروخية الروسية، وتتتبع تحركات القوات الروسية، وتساعد في دعم شبكات التجسس. تدعم قواعد التجسس لـ”CIA”، التي تم إنشاؤها في السنوات الثماني الماضية أوكرانيا معلوماتيا، وتضم (12) موقعا سريا على طول الحدود الروسية. وساعدت “CIA” أيضا في تدريب جيل جديد من عملاء الاستخبارات الأوكرانيين الذين عملوا داخل روسيا، وعبر أوروبا، وفي كوبا، وأماكن أخرى، ينشط فيها الروس بشكل كبير.
صادرات الاسلحة من الناتو وأعضائه الى أوكرانيا
قام “الناتو” بتدريب عشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين، وبلغ إجمالي المساعدات العسكرية التي أرسلتها الدول الأعضاء في الحلف إلى أوكرانيا بأكثر من (70) مليار دولار. تشير الإحصائيات عن حجم الدعم العسكري في 24 من فبراير 2023 الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية بـ (39.1 ) مليار دولار، المملكة المتحدة (5.9) مليار دولار، ألمانيا (3.2) مليار دولار. الاتحاد الأوروبي (3.2) مليار دولار، بولندا (2.6) مليار دولار، هولندا (2.6) مليار دولار. وتأتي كندا والنرويج والسويد والدنمارك وفنلندا، في المراتب من (7 إلى 10) من حيث حجم المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا.
لا يزال الدبلوماسيون الأوروبيون يتجادلون بشأن خطط زيادة مبلغ ( 5 ) مليارات دولار أمريكي لمرفق السلام الأوروبي – صندوق خارج الميزانية تم إنشاءه لتغطية الفترة مابين2021 و2027 – لشراء المزيد من الأسلحة لكييف. يقول حلف شمال الأطلسي إن حوالي (12) عضوا أوروبياً قد لا يحققون هذا العام هدف الحلف المتمثل في إنفاق (2%) من الناتج الوطني على الدفاع.
تريد إستونيا أن تلتزم كافة دول حلف شمال الأطلسي – كما فعلت بالفعل – بمنح أوكرانيا ما لا يقل عن (0.25%) من إنتاجها في صورة دعم عسكري. ويعمل بعض صناع السياسات في أوروبا أيضاً على وضع خطط لشكل من أشكال ترتيبات “الإقراض والتأجير” المحدثة لإقراض الأسلحة إلى أوكرانيا. أمن دولي ـ توسع الناتو، تشكيل الخريطة الأمنية الجديدة لأوروبا.(ملف)
تقييم قراءة مستقبلية
– أظهرت تصريحات الرئيس الفرنسي حول إرسال جنود لأوكرانيا تباين مواقف القوى الغربية بشأن حرب أوكرانيا. واستبعد المستشار الألماني “أولاف شولتس” الاستعانة بجنود ألمان في أوكرانيا لتفادي المواجهه المباشرة مع روسيا وتصعيد الصراع.
– يسعى حلف الناتو لتفادي الانجرار إلى حرب أوسع مع روسيا، فالناتو كتحالف عسكري لا يمد أوكرانيا سوى بالمساعدات والدعم غير الفتاك، لكن من الممكن أن يرسل دول أعضاء داخل حلف شمال الأطلسي “الناتو” أسلحة وجنود، ما قد يزيد من احتمالية حدوث صدام مباشرمع روسيا.
– أثارت تسريبات المحادثات بين ضباط الجيش الألماني تساؤلات حول معايير الأمن الداخلي للجيش الألماني، ما دفع نواب البرلمان الألماني بالتحقيق في كيفية قيام واحدة من وسائل الإعلام الروسية بنشر التسجيلات .
– تعد الشراكة الاستخباراتية على المدى البعيد بين الولايات المتحدة الأمريكية و أوكرانيا عنصرا حاسما في حرب أوكرانيا، وحجر الزاوية في قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها، عبر تقديم واشنطن معلومات استخباراتية عن الضربات الصاروخية الروسية، وتحركات القوات الروسية.
– أقرت دول الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة (50) مليار يورو لمدة أربع سنوات ضمن خطة تمويل “ثابت وطويل المدى”، فضلا عن مساعي المفوضية الأوروبية، عن مشروعها لتعزيز صناعتها الدفاعية بميزانية أولية تبلغ 1.5 مليار يورو، خاصة أن (68%) من مشتريات الأسلحة في الاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا.
– تثير قضية دعم أوكرانيا عسكريا المزيد من الخلافات و الانقسامات في صفوف دول اللاتحاد الأوروبي، وربما هذا ما دفع الاتحاد لإجاد خطة بديلة تتيح الاستفادة من أرباح الأصول الروسية المجمدة في إطار العقوبات، لتمويل ودعم أوكرانيا.
– قد يصبح إنفاق مبالغ ضخمة على أوكرانيا أكثر صعوبة من الناحية السياسية للحكومات. وسيصبح الضغط السياسي على الإنفاق أكثر وضوحا مع إجراء الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو2024، فضلا عن الانتخابات الوطنية في العديد من البلدان بما في ذلك المملكة المتحدة، الحليف الرئيسي لأوكرانيا.
– بات متوقعا أن يبحث حلف الناتو والدول الأعضاء فيه، خاصة الأوروبيين عن حلول وبدائل والبحث عن عن مصادر رديفة لاستكمال التمويل، لإيجاد مصادر كافية لدعم لأوكرانيا، لا ترهق كاهل الخزينة الأوروبية.
رابط مختصر. https://www.europarabct.com/?p=93306
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
الهوامش
EU and NATO Stand Together With Ukraine: Staffs Discuss Cooperation And Continued Support
https://tinyurl.com/ttwmnurz
أوروبا بمقدورها تحمّل تكاليف تمويل أوكرانيا دون أمريكا.. لكن هل تريد ذلك؟
https://tinyurl.com/b533nm92
هل تدفع أزمة تمويل أوكرانيا بأوروبا لمصادرة أرباح الأصول الروسية المجمدة لديها؟
https://tinyurl.com/w6t93bwm
هل قدمت أوروبا الدعم الكافي لأوكرانيا في حربها ضد روسيا؟
https://tinyurl.com/3vmsppvy