الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

اليمين الشعبوي ـ ما تأثيره على الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي؟(ملف)

مايو 14, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات

يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع اليمين الشعبوي في أوروبا ، وتصاعد الأحزاب الشعبوية في الدول الأوروبية وتأثيرها على الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي. كما يستعرض الملف السياسات الإصلاحية التي تعتمدها الحكومات الأوروبية لمواجهة تنامي احزاب اليمين الشعبوي ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

1- اليمين الشعبوي ـ الانتخابات الأوروبية  تشهد تحولاً قوياً

2- اليمين الشعبوي ـ قلق أوروبي من صعود اليمين في البرلمان الأوروبي

3 ـ اليمين الشعبوي ـ المعالجات السياسية في الاتحاد الأوروبي

تصفح الملف  بنسخة pdf ملف اليمين الشعبوي ـ ما تأثيره على الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي

1- اليمين الشعبوي ـ الانتخابات الأوروبية أن تشهد تحولاً قوياً

أصبحت أحزاب اليمين الشعبوية مهيمنة بشكل متزايد على المشهد السياسي في العديد من عواصم الاتحاد الأوروبي. سواء في نتائج الانتخابات الوطنية، مثل نجاح حزب الحرية الذي يتزعمه خيرت فيلدرز في الانتخابات العامة الهولندية في نوفمبر 2023. لعب اليمين الشعبوي دورا مهما في تشكيل السياسة الأوروبية في عام 2023، حيث تشير استطلاعات الرأي المبكرة إلى برلمان أوروبي أكثر ميلا إلى اليمين الشعبوي يظهر بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو 2024.

البرلمان الأوروبي، النشأة والتأسيس

ظهر مفهوم البرلمان الأوروبي في معاهدة روما العام 1957، وعقدت جلسة تأسيس الجمعية البرلمانية الأوروبية بـ”ستراسبورغ” العام 1958، يقع مقره بمدينة “ستراسبورغ” الفرنسية، حيث ينعقد 48 يوما في العام. له مقر آخر بـ”بروكسل” تنعقد فيه معظم الجلسات العامة واجتماعات اللجان، كما يمتلك البرلمان مقرا لأمانته العامة في دولة “لوكسمبورغ”. سعت معاهدة “ماستريخت” 1992، ومعاهدة “أمستردام” 1997، من صلاحيات  البرلمان الأوروبي، فأصبح مؤسسة تشريعية يشبه دوره دور البرلمانات الأوروبية الوطنية.

يضم البرلمان الأوروبي، (751) عضوا، وهو يمثل (512) مليون مواطن، وبالتعاون مع ممثلي حكومات الاتحاد الأوروبي في المجلس، يتولى البرلمان مسؤولية اعتماد تشريعات الاتحاد الأوروبي. بموجب الإجراء التشريعي العادي، تعمل كلتا المؤسستين كمشرعين مشاركين على قدم المساواة، يشرف أعضاء البرلمان الأوروبي على عمل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ولا سيما المفوضية الأوروبية، التي تعد الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي.

تجتمع لجان شؤون الاتحاد الأوروبي في البرلمانات الوطنية وأعضاء البرلمان الأوروبي بانتظام في مؤتمر اللجان البرلمانية لشؤون الاتحاد (COSAC)، ويتم إجراء المزيد من المناقشات حول قضايا السياسة الخارجية. يدعم البرلمان الأوروبي، ويسمح بتبادل المعلومات البرلماني للاتحاد الأوروبي (IPEX) لبرلمانات دول الاتحاد الأوروبي. يعمل المركز الأوروبي للأبحاث والتوثيق البرلماني (ECPRD) كقناة لطلبات المعلومات عندما يرغب البرلمان في معرفة المزيد عن الممارسات والسياسات في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

يعتبر البرلمان الأوروبي المؤسسة الوحيدة المنتخبة بشكل مباشر في الاتحاد الأوروبي وتجرى الانتخابات كل خمس سنوات. جرت أول انتخابات برلمانية أوروبية مباشرة في يونيو 1979، وجرت الانتخابات الأوروبية الأخيرة في الفترة من 23 إلى 26 مايو 2019. تعتمد انتخابات البرلمان الأوروبي على نظام التمثيل النسبي، حيث يتم تخصيص عدد معين من المقاعد لكل دولة عضو بحسب عدد سكانها. وتختلف طريقة تصويت كل دولة عن الأخرى. تصوت بعض الدول على قوائم ثابتة لأحزاب سياسية معينة ودول أخرى تعتمد على قوائم أكثر انفتاحا من الأحزاب الإعتيادية. يتمتع أكبر تجمع سياسي بعد الانتخابات بأقوى تفويض ليتولى رئاسة البرلمان، يجلس أعضاء البرلمان بعد انتخابهم في مجموعات وفقا للأيدولوجية السياسية.

عدد مقاعد البرلمان الأوروبي

 أوضح  تقرير المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب في انتخابات البرلمان الأوروبي في  مايو 2019، ومن أبرز النتائج التي حصل عليها بعض الأحزاب، حزب الشعب الأوروبي (EPP) حصل على (180) مقعدا، بينما حصل التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين على (146) مقعدا،  وتحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا على (109) مقعد. فازت أحزاب الخضر بنحو (69) مقعدا، حقق القوميون اليمينيون (58) مقعدا والشعبويون (54) مقعدا، واكتفى المحافظون بالحصول على (59) مقعدا. وحقق اليساريون  على (39) مقعدا،

كشف استطلاع للرأي في 19 مارس 2024 أن الأغلبية البرلمانية الأكثر حظا في البقاء ( 398 مقعدا من أصل 720)، هي أكبر ائتلاف مؤيد للاتحاد الأوروبي، وينتمي إلى يمين الوسط، وحزب الاشتراكيين، وحزب الشعب الأوروبي، والديمقراطيون الليبراليون في حركة تجديد أوروبا، وهم نفس المعسكر الذي حاز على الأغلبية في الهيئة التشريعية المنتهية ولايتها.

أشار المجلس الأوروبي إلى أن النتائج الانتخابية يمكن أن يكون لها أيضا آثار على جهود الاتحاد الأوروبي لفرض سيادة القانون، ففي البرلمان الحالي هناك أغلبية ضئيلة لصالح فرض عقوبات بما في ذلك حجب المدفوعات من ميزانية الاتحاد الأوروبي، عندما يُنظر إلى الدول الأعضاء على أنها تتراجع، وخاصة في حالة المجر وبولندا.

أبرز الحملات الانتخابية للاحزاب السياسية في أوروبا

بدا الخُضر الأوروبيون حملتهم الانتخابية في فبراير 2024 فبراير في مدينة “ليون” الفرنسية. وأعلن الهولندي “باس إيكهاوت” عن “حملة انتخابية صعبة”، يتولى رئاستها مع  الألمانية  “تيري رينتكه” ويتكون حزب الخضر الأوروبي من (49) حزبا داخل وخارج الاتحاد الأوروبي، وكان شعار مؤتمر حزبهم هو “الشجاعة”. أكدت “تيري” بعد انتخابها  “أن هذه الشجاعة ستكون ضرورية للتحول الأخضر، و”إن حزب الشعب الأوروبي والليبراليين ليسوا على حق عندما يقولون إن الصفقة الخضراء تلحق الضرر باقتصادنا”.

رشح الاشتراكيون مفوض شؤون العمل في المفوضية الأوروبية “نيكولاس شميت” لقيادة حملتهم الانتخاببة في يونيو 2023، ويلقب بـ “سيد الحد الأدنى للأجور” لأنه استطاع تحقيق الوعد الانتخابي للاشتراكيين الديمقراطيين، بإقرار حد أدنى للأجور في الاتحاد الأوروبي. يريد الاشتراكيون الديمقراطيون أن يصبحوا معه أكبر قوة في البرلمان الأوروبي، ويوجد في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي مرشح وطني أيضا يقود الحملة الانتخابية محليا، ففي ألمانيا اختار الاشتراكيون الديمقراطيون وللمرة الثانية، “كاتارينا بارلي”، لقيادة حملتهم الانتخابية.

لاحظت دراسة في يناير2024  أن ائتلاف يسار الوسط  في البرلمان الأوروبي، يراهن  في حملته الانتخابية على قضايا السياسة البيئية، ولكنها لا تجذب سوى الضئيل للغاية من الأصوات. ومع تحول كبير إلى اليمين من جانب الناخبين، فمن المرجح أن يهيمن تحالف “العمل السياسي المناهض للمناخ” بعد  انتخابات يونيو 2024، الأمر الذي من شأنه أن يقوض “بشكل كبير” إطار الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي.

أطلق “جوردان بارديلا” اليميني الشعبوي حملته الانتخابية في أول تجمع في “مرسيليا” وركز لقائمة حزب التجمع الوطني خطابه على الهجرة مهاجما “ماكرون”، وأكد “ما تسبب به قادتنا والاتحاد الأوروبي يدا بيد هو المحو الكبير لفرنسا”.

يُسمح للشباب للمرة الأولى دون سن الثامنة عشرة في ألمانيا بالتصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي. ويبدو أن منصة “تيك توك” تلعب دورا كبيرا في الحملة الانتخابية. تؤكد “لور نيكولو” رئيسة حركة الشباب الأوروبي أن استطلاع للرأي أظهر  (14%) فقط من الفرنسيين يعرفون موعد الانتخابات الأوروبية، لذا فإن حشدهم لرفع مستوى الوعي وتوفير المعلومات حول هذه القضايا يمثل تحديًا حقيقيًا بالنسبة لنا”.

استغل المرشح الرئيسي لانتخابات البرلمان الأوروبي من حزب البديل “ماكسيميليان كراه” منصة “تيك توك” في حملته قائلا “الرجال الحقيقيون هم اليمينيون، الرجال الحقيقيون لديهم أهداف، الرجال الحقيقيون هم الوطنيون، …”.   يظهر تحليل أجراه “يوهانس هيليجه” المستشار السياسي لـ” ZDF” ، أن مقاطع “تيك توك” لفرع البرلمان الألماني لحزب البديل من أجل ألمانيا حققت حوالي (10) أضعاف المشاهدات من تلك الخاصة بالأحزاب الأخرى بالإضافة إلى ذلك، هناك حسابات لنواب حزب البديل من أجل ألمانيا وللسياسيين المحليين والمؤثرين اليمينيين الذين ينشرون محتويات مشابهة.

مخاوف من تقدم اليمين الشعبوي

أجري استطلاع  للرأي في السادس من أبريل في (18) دولة من أصل (27) دولة في الاتحاد الأوروبي، وأشارت نتائج الاستطلاع إلى تحقيق اليمين الشعبوي قفزة حقيقية، وقد يمثل (واحدٌ من كل خمسة) نواب اليمينَ الشعبوي في البرلمان المقبل، أي (22%) من المقاعد في حين كانت النسبة (18%) عام 2019 وأقل من (10%) قبل عشرين عاماً. وهو ما يمكن تفسيره من خلال استطلاعات الرأي الجيدة لحزب “الجبهة الوطنية”، التي بلغت (30.7%) في فرنسا، وتقدُّم حزب “البديل من أجل ألمانيا” في ألمانيا وحزب “الحرية” في هولندا، بل إن حزب “الهوية والديمقراطية” اليميني الشعبوي، الذي يعدّ حزبُ التجمع الوطني الفرنسي جزءا منه قد يثبت نفسه قوةً ثالثة في البرلمان على حساب حزب اليمين الوسطي “تجديد أوروبا”.مكافحة الإرهاب داخل الاتحاد الأوروبي ـ كيفية التعاون الأمني

أظهر تقرير في  18 فبراير 2024 نسبا عالية لصعود اليمين على حساب يسار الوسط وأحزاب الخضر، مع إمكانية أن تتحول (50%) من المقاعد إلى نواب من خارج “الائتلاف الكبير”. توقع التقرير أن يتصدر الشعبويون نتائج الاقتراع في (9) دول على الأقل، وهي النمسا وبلجيكا والتشيك وفرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا وبولندا وسلوفاكيا، مع احتمال تقدمهم في دول أخرى من بينها ألمانيا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا والسويد وفنلندا وإستونيا ولاتفيا. ومن المرجح أن تخلق النتائج القادمة ائتلافا شعبويا كبيرا يضم أعضاء البرلمان من اليمين الشعبوي والديمقراطيين المسيحيين والمحافظين، ليحل محل “الائتلاف الكبير” المسيطر على البرلمان الأوروبي.

يقول “لجيري زاغوريتيس” مؤسس شركة “Campaign Lab”، التي تقدم المشورة لأحزاب يمين الوسط في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، إن “مركز الثقل السياسي في أوروبا من المؤكد أنه يميل نحو اليمين”. ويضيف “زاغوريتيس”: “يتجلى هذا التحول في الحملات الانتخابية، حين يركز المعتدلون بصورة متزايدة على الهجرة، والدفاع، ومواضيع مثل السلامة والأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي”. وتابع  أن الأحزاب اليمينية الشعبوية متحدة بما يكفي لتحدي الوضع الحالي باستمرار ويؤكد أن “هذه الأحزاب غالبا ما تختلف حول القضايا الحاسمة، مثل العلاقات مع روسيا، حيث يدعم البعض أوكرانيا بينما يدعم البعض الآخر الكرملين” في 24 مارس 2024.ملف الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجيات الطاقة والمناخ

**

2- اليمين الشعبوي ـ قلق أوروبي من صعود اليمين في البرلمان الأوروبي

يتجه المشهد السياسي الأوروبي نحو اليمين الشعبوي،  وهذا ما يثير قلق العديد من الأطراف السياسية والمراقبين في أوروبا. يُشير مصطلح “اليمين الشعبوي” إلى مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية التي تتبنى مواقف قومية متشددة، وتُعادي العولمة والتعددية الثقافية، وتُؤكّد على أهمية الهوية الوطنية والسيادة الشعبية. يعود صعود اليمين الشعبوي في أوروبا إلى العديد من العوامل. من أهمها الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008 حيث أدت إلى تفاقم مشاعر عدم الرضا والغضب الشعبي في العديد من الدول الأوروبية. كما أدت موجات الهجرة المتزايدة إلى أوروبا إلى تنامي مشاعر القلق والخوف لدى بعض قطاعات من المجتمع الأوروبي، ممّا استغله اليمين الشعبوي للترويج لخطاب معادٍ للمهاجرين.

تحالفات وخلافات الأحزاب اليمينية الشعبوية داخل البرلمان الأوروبي

يشكل اليمين الشعبوي قوة سياسية داخل البرلمان الأوروبي، مع 36 مقعدًا يشغلها أعضاء من 10 أحزاب مختلفة في الدورة البرلمانية الحالية (2019-2024). يمثل الهوية والديمقراطية (ID) أكبر تكتل يميني شعبوي، يضم 93 مقعدًا من 12 دولة عضو. يُعد حزب الحرية النمساوي (FPÖ) وحزب الرابطة الإيطالي (Lega) من أبرز أعضائه. يمثل المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR) ثاني أكبر تكتل يميني شعبوي، يضم 63 مقعدًا من 13 دولة عضو. يُعد حزب القانون والعدالة البولندي (PiS) وحزب Vox الإسباني من أبرز أعضائه. يتعاون اليمين الشعبوي أحيانًا مع مجموعات أخرى لتحقيق أهدافه. على سبيل المثال، تحالف مع بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة: صوت بعض أعضاء اليمين الشعبوي مع أحزاب يمينية متطرفة مثل حزب “الحرية” الهولندي وحزب “الشعب” الدنماركي في قضايا محددة. يتعاون اليمين الشعبوي مع مجموعات مناهضة للهجرة مثل “الجيل الهوية” و”مواطنون قلقون”.

توجد خلافات بين الأحزاب اليمينة الشعبوية حول قضايا مختلفة، مثل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.  بعض الأحزاب، مثل حزب الحرية النمساوي، متشككة بشكل كبير في الاتحاد الأوروبي وتدافع عن سيادة الدول الأعضاء بشكل مطلق. بينما تدعم أحزاب أخرى، مثل حزب الشعب الأوروبي، الاتحاد الأوروبي بشكل عام مع سعيها لإصلاحه من الداخل. تختلف مواقف الأحزاب اليمينة الشعبوية من القضايا الاقتصادية، مع دعم بعضها لسياسات اقتصادية ليبرالية، بينما يدافع البعض الآخر عن تدخل حكومي أكبر. تتفق جميع الأحزاب اليمينة الشعبوية على ضرورة الحد من الهجرة، لكن تختلف وجهات نظرها حول أفضل السبل لتحقيق ذلك.

رسمت مجموعة حزب الشعب الأوروبي التي تنتمي إلى يمين الوسط لسنوات عديدة، خطًا أحمر على القوى اليمينية الشعبوية المتشككة في الاتحاد الأوروبي في البرلمان الأوروبي. وقد يتغير هذا الخط بعد الانتخابات الأوروبية في يونيو2024. كانت هناك ثقة في الأجواء مع بدء حزب الشعب الأوروبي حملته السابقة للانتخابات في بوخارست . ومن المتوقع أن تحصل المجموعة على ما يقرب من ربع الأصوات للفوز في انتخابات يونيو، وتظل أكبر فصيل في البرلمان الأوروبي. في البرلمان الأوروبي، تنقسم القوى اليمينية الشعبوية إلى مجموعتين سياسيتين متنافستين في الغالب وقد فشلت محاولاتهما للانضمام معًا. أحدهما هو حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين. والآخر هو مجموعة الهوية والديمقراطية (ID). وأوضحت بيجي كورلين، المحللة في مؤسسة روبرت شومان، أن المجلس الأوروبي مؤيد لأوكرانيا، ومؤيد للتوسع، ومؤيد لحلف شمال الأطلسي.اليمين الشعبوي ـ الانتخابات الأوروبية من المتوقع أن تشهد تحولاً قوياً

 زعماء أوروبا يطلقون التحذيرات من صعود أحزاب اليمين الشعبوي

حذر المستشار الألماني أولاف شولتز من “أزمنة عصيبة” مقبلة إذا استمر صعود الشعبويين اليمينيين في أوروبا، في خطاب حاد في مؤتمر للحزب الاشتراكي الديمقراطي الأوروبي في بوخارست 7 أبريل 2024. واتهم شولتز الشعبويين اليمينيين بمعارضة “أوروبا الموحدة وقيمها” في حملاتهم الانتخابية، قائلاً: “إنهم على استعداد لتدمير ما بنيناه على مدى عقود”. كما حذر من أن الشعبويين اليمينيين “أثاروا الاستياء ضد اللاجئين والأقليات”، مما يُهدد التماسك الاجتماعي في أوروبا. أعرب شولتز عن قلقه من أن صعود الشعبويين اليمينيين قد يُهدد “السوق المشتركة” والاتحاد الأوروبي ككل. كذلك أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه من “خطر” صعود التنظيم الشعبوي على وحدة أوروبا. وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من أن “الديمقراطية الليبرالية في أوروبا تواجه تحديات لم نشهدها منذ عقود”.

اختار الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأوروبي نيكولا شميت، مفوض العمل الحالي بالاتحاد الأوروبي، كأفضل مرشح له في الانتخابات الأوروبية المقبلة، وذلك في خطوة لمواجهة الشعبويين اليمينيين. حظي شميت بدعم كبير من المندوبين في مؤتمر الحزب، مع آمال الحزب بتوليه رئاسة المفوضية الأوروبية. يرى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأوروبي في شميت بديلاً أفضل لرئيسة المفوضية الحالية أورسولا فون دير لاين. أكد شولتز على الحاجة إلى “أوروبا اجتماعية” في أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن شميت “يمثل” هذه الرؤية. دعا شولتز الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأوروبي إلى التوحد لمواجهة التحديات التي تواجهها أوروبا، بما في ذلك صعود الشعبويين اليمينيين.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ تدابير حكومية

تظاهرات في دول أوروبا ضد اليمين المتطرف

يشهد العديد من الدول الأوروبية موجة من الاحتجاجات ضد صعود اليمين الشعبوي، مع خروج مئات الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لخطاب الكراهية والسياسات الانقسامية. خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في ألمانيا منذ الكشف عن اجتماع لليمينيين المتطرفين في بوتسدام في نوفمبر 2023. يُؤكد الباحثون أن الاحتجاجات حشدت أكبر تعبئة احتجاجية منذ تأسيس الجمهورية الفيدرالية، ولفتت الانتباه إلى مخاطر التطرف اليميني. أثارت الاحتجاجات ردود فعل متباينة من حزب البديل من أجل ألمانيا، حيث زادت عضويته بينما انخفضت نتائجها في استطلاعات الرأي. حظيت الاحتجاجات بدعم من المستشار أولاف شولتز والرئيس فرانك فالتر شتاينماير، اللذان أشادا بدورها في إبعاد اللامبالاة وتعزيز الديمقراطية.

نظم نشطاء مناهضون للعنصرية مظاهرات ضد حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف في باريس وغيرها من المدن الفرنسية، وذلك ردًا على خطاب زعيم الحزب المعادي للمهاجرين والمسلمين عام 2023. خرج الآلاف إلى شوارع لندن للتظاهر ضد خطط الحكومة لترحيل طالبي اللجوء، والتي اعتبرها البعض قاسية ولاإنسانية. وفي إيطاليا نظمت مجموعات مناهضة للفاشية احتجاجات ضد حزب “الرابطة” اليميني المتطرف في روما وميلانو، وذلك بعد تصريحات عنصرية من قبل زعيم الحزب. كما استمرت الاحتجاجات ضد حكومة فيكتور أوربان اليمينية المحافظة في المجر لعدة أشهر، مدفوعة بالقلق من تراجع الديمقراطية وازدياد الفساد. ساهمت الاحتجاجات في زيادة الوعي بمخاطر صعود اليمين الشعبوي وأثرت على النقاش العام حول الهجرة والهوية الوطنية. مارست الاحتجاجات ضغطًا على الحكومات لاتخاذ إجراءات ضد خطاب الكراهية والتطرف، وتعزيز القيم الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان. ألهمت الاحتجاجات العديد من الأشخاص للمشاركة في النشاط المدني والدفاع عن قناعاتهم. ساعدت الاحتجاجات على توحيد القوى المناهضة لليمين الشعبوي وبناء تحالفات جديدة بين مجموعات مناهضة للعنصرية والتمييز.

تداعيات ومخاطر صعود أحزاب اليمين الشعبوي على أجندة الاتحاد الأوروبي

شهد الاتحاد الأوروبي صعودًا ملحوظًا لأحزاب اليمين الشعبوي، مما يُثير مخاوف بشأن مستقبل التكتل وتأثيره على مختلف المجالات. يُمكن أن يُشكل صعود اليمين الشعبوي تهديدًا لمستقبل الاتحاد الأوروبي. تُعارض أحزاب اليمين الشعبوي مبدأ التكامل الأوروبي، وتدعو إلى إعادة صلاحيات الدول الأعضاء على حساب المؤسسات الأوروبية.  تُؤكّد أحزاب اليمين الشعبوي على أهمية السيادة الوطنية، وتدعو إلى الحدّ من التعاون الدولي، ممّا قد يُؤدّي إلى انعزال الدول الأوروبية عن بعضها البعض. تُروّج أحزاب اليمين الشعبوي لخطاب معادٍ للأجانب والمهاجرين، ممّا قد يُؤدّي إلى تصاعد في حدة التوترات الاجتماعية والعنف. قد تُؤدّي سياسات أحزاب اليمين الشعبوي إلى زعزعة الاستقرار السياسي في بعض الدول الأوروبية، ممّا قد يُهدّد بدوره استقرار الاتحاد الأوروبي ككل.

تُروج أحزاب اليمين الشعبوي لخطاب عنصري وكراهية ضد الأقليات. تسعى هذه الأحزاب إلى تقييد حرية التعبير والتجمع السلمي. تُهدد هذه الأحزاب استقلال القضاء وحرية الإعلام. تسعى هذه الأحزاب إلى تقويض دور المؤسسات الأوروبية وتعزيز سيادة الدول الأعضاء. تُروج أحزاب اليمين الشعبوي للقومية الضيقة وتُعارض التكامل الأوروبي. تسعى هذه الأحزاب إلى تقليص دور الاتحاد الأوروبي على المسرح العالمي، وتُعارض أحزاب اليمين الشعبوي سياسة الهجرة الأوروبية وتُطالب بفرض قيود صارمة على دخول المهاجرين. تُعارض أحزاب اليمين الشعبوي سياسة اللجوء الأوروبية وتُطالب بإعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية.

تُروج أحزاب اليمين الشعبوي للحمائية التجارية وتُعارض حرية التجارة، وتسعى هذه الأحزاب إلى فرض قيود على الاستثمار الأجنبي. تُعارض أحزاب اليمين الشعبوي سياسة المناخ الأوروبية وتُطالب بإلغاء أو تخفيف تدابير مكافحة تغير المناخ. تُروج أحزاب اليمين الشعبوي لسياسات خارجية عدوانية وتُطالب بزيادة الإنفاق العسكري، وتسعى هذه الأحزاب إلى تقليص التعاون الأمني الأوروبي. كما تُعارض أحزاب اليمين الشعبوي سياسة حقوق الإنسان الأوروبية وتُطالب بتخفيف معايير حقوق الإنسان.ملف اليمين المتطرف في ألمانيا ـ حجم المخاطر على النظام الديمقراطي

يقول جوشوا آر كروكر هو باحث مستقل، ومؤسس شركة التحليلات المتخصصة Reaktion Group، ومحلل في مشروع التحليل السياسي R. Political إن السياسات الشعبوية تمتد من الحركات المحلية الصغيرة إلى تصرفات رؤساء الدول الحاليين والمحتملين في المستقبل. وفي حلقة من ردود الفعل السلبية، أثرت أفعالهم على الطريقة التي استجابت بها أوروبا للتهديد الروسي، مثل إعاقة المساعدات لأوكرانيا وتأخير العقوبات ضد روسيا. ويمثل كل هذا اتجاهاً طويل الأمد يهدد مستقبل التضامن الأوروبي.

**

3- اليمين الشعبوي ـ المعالجات السياسية في الاتحاد الأوروبي

أربكت الصراعات العالمية والأزمات الاقتصادية الأخيرة، خطط الاتحاد الأوروبي على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وجعلتها في مرمي انتقاد الأحزاب المعارضة وفي مقدمتها أحزاب اليمين الشعبوي، التي وجدت لنفسها مكاناً من جديد داخل الساحة السياسية في عدد من دول التكتل الأوروبي، بعد تحقيق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات العامة والمحلية خلال العامين الماضيين، وبتصاعد الأحداث بين روسيا والغرب من جهة، والصين والولايات المتحدة من جهة ثانية، وتجدد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، زادت انتقادات اليمين الشعبوي للحكومات الأوروبية، ما دفعها لاتخاذ إجراءات سريعة لتحسين المنظومة الأمنية والوضع الاقتصادي وسياساتها الخارجية.

برامج للإصلاح السياسي

رغم إدراك الاتحاد الأوروبي أن فاتورة الإصلاح السياسي ستكون باهظة، وسيترتب عليها تبعات كثيرة قد تصطدم برفض بعض الدول الأعضاء، إلا أن رؤيته لسيناريو الانتخابات المقبلة حتمت عليه اتخاذ استراتيجيات مغايرة، وفي يناير 2024 أعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين عن إعداد مخطط لإصلاح الاتحاد، ومن قبلها قادت فرنسا وألمانيا والبرتغال مقترحات لإصلاحه، وكمحاولة لإبقائه قابلاً للحكم عبر (30) عضواً أو أكثر في حال انضمام دول البلقان ومولدوفا وأوكرانيا. تطرقت خطة بروكسل إلى الجمع بين التوسع والإصلاح، والتركيز على مسألة تمويل برامج الاتحاد وسداد ديونه، وأن تضمن أن البلدان المؤيدة للتوسع والمتشككة في الإصلاح مثل دول البلطيق ودول الشمال، سيكون لديها حافز لدعم إصلاح التكتل.

حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتأكيد في 17 يناير 2024، على وعده بأن “فرنسا ستصبح أقوى” بسلسلة إصلاحات في القانون والهجرة والتعليم، ومشروع قانون اقتصادي يعزز النمو ويخفض الضرائب على الطبقات المتوسطة. واعتبر محللون أن خطاب ماكرون، يستهدف تعزيز إرثه وتحدي لهيمنة حزب التجمع الوطني اليميني، خاصة وأنه حذر من اتجاه الناخبين في جميع أنحاء أوروبا لليمين الشعبوي. وركز ماكرون على خطته الإصلاحية بشأن الحفاظ على النظام الصحي، وتجاوز التغيرات في نظام التقاعد ومكافحة البطالة والسيطرة بشكل أفضل على حركة اللجوء، ما يعني استهداف خطابه للناخبين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض.

وافق مؤتمر الأساقفة الألمان بالإجماع في 4 مارس 2024، على ورقة أدان فيها بشدة موقف اليمين الشعبوي، وأكد أن المعارضة لليمين لا تعني التقليل من أهمية معالجة أسباب صعوده، ومواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية القائمة. وصاغت أبرشيتا برلين وفورتسبورغ قوانين تنص على أن الأشخاص الداعين للعنصرية أو يدعمون أحزاب تحمل هذه الأفكار، لا يصبحون جزءاً من آراء الكنيسة، بهدف الحفاظ على القوانين والأنظمة الأساسية. ودعا أستاذ القانون الكنسي توماس شولر من مونستر، إلى وضع لوائح لجميع لجان الأبرشيات لمنع أي شخص من الترشح للانتخابات إذا ثبت تصرفه المعادي للأجانب أو السامية.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ تدابير وسياسات للحد من المخاطر

خطوات للإصلاح الاقتصادي

أتفق البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في 11 فبراير 2024، على إصلاح قواعد تحكم موازنة الاتحاد الأوروبي، لتحفيز الاستثمارات مع إبقاء الإنفاق تحت السيطرة. وتحديث ميثاق “الاستقرار والنمو” الذي يحدد سقفاً لديون الدول عند (60%) من الناتج المحلي الإجمالي، وللعجز بالميزانية العامة عند (3%). ورحبت الرئاسة البلجيكية والمفوضية الأوروبية بإصلاحات الحوكمة الاقتصادية. وتأتي الخطوة بعد جهود عامين لتعزيز الموارد المالية العامة للاتحاد وتطوير المنظومة الاقتصادية، رغم تحفظ دول مثل ألمانيا بشأن الإنفاق ومطالبة دول كفرنسا وإيطاليا بالمرونة، وبعد مناقشات بين باريس وبرلين، توصلت الدول الـ 27 إلى اتفاق في ديسمبر 2023، لتبدأ المحادثات مع المفاوضين من البرلمان الأوروبي، رغم وصف مسؤولون الاتفاق بأداة للتقشف مليئة بالتعقيدات.

دعا المستشار الألماني أولاف شولتز في 18 مارس 2024، للثقة في ضوء التهديدات التي تواجه الديمقراطية، والتأكد من عدم توظف موظفين حكوميين تابعين للتيار اليميني، مشيراً إلى أهمية التقدم التكنولوجي لصالح التحول الاقتصادي المحايد للمناخ لمعالجة صعود اليمين الشعبوي. ويرى المحلل المشارك بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومعهد فيلنيوس لتحليل السياسات جوستيناس ميكوس، أن الدورة السياسية (2024-2029) بغض النظر عن الانتخابات الأوروبية، سيواجه فيها الاتحاد تحديات طويلة المدى، مثل الحرب الأوكرانية، والمنافسة الممنهجة بين بكين وواشنطن، وتصاعد الأزمة الاقتصادية العالمية، والتحولات التكنولوجية وتغيرات المناخ، فالإصلاحات الواسعة تتعلق بالبنية التحتية المؤسسة للاتحاد والميزانية والسياسة المالية.

اعتمد المجلس الأوروبي في 29 أبريل 2024، (3) تشريعات في إطار الحوكمة الاقتصادية والمالية، لضمان المالية العامة المستدامة وتعزيز النمو الشامل بالاستثمار وضمان أمن الطاقة، ودعم الاستقلال الاستراتيجي بتطبيق المرونة الاقتصادية والاجتماعية. ومن المفترض أن تقوم كل دولة عضو بوضع خطة هيكلية مالية متوسطة الأجل، على مدى (4-5) سنوات لخفض الديون وتحقيق نمو شامل مستدام، ومن الممكن السماح للدول بتمديد فترة التصحيح المالي لـ (7) سنوات، إذا قامت بإصلاحات واستثمارات معينة تعمل على تحسين النمو. وحافظ المجلس على قواعد إجراء العجز المفرط، بحيث أن يكون مسار صافي الإنفاق التصحيحي متسقاً مع حد أدني من التعديل الهيكلي السنوي، ولا يقل عن (0.5%) من إجمالي الميزانية العامة. وجدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 25 أبريل 2024 دعوته، لمواجهة المخاطر الاقتصادية والعسكرية، في إطار رؤيته لاتحاد أوروبي أكثر حزماً على الساحة الدولية. وطالب بتعزيز الصناعات الدفاعية وتعزيز الاستثمارات ورفع قدرات أوروبا في الأمن السيبراني.

إصلاح ملف الهجرة واللجوء

محادثات استمرت لـ (3) سنوات حول “ميثاق الهجرة واللجوء”، انتهت باتفاق مبدئي للبرلمان الأوروبي في 25 ديسمبر 2023، بشأن إصلاح واسع لسياسة الهجرة، بتشديد المراقبة على المهاجرين الوافدين للاتحاد، وإنشاء مراكز قرب الحدود لإعادة الذين لا يحق لهم اللجوء، ووضع آلية الزامية بين الدول الأعضاء للتضامن مع الدول المعرضة لموجات لجوء أكثر، وتطبيق تدقيق إلزامي قبل دخول المهاجر لدول التكتل، ومن الممكن أن تستمر مسألة التحقق من الهوية لـ (7) أيام، ويتم أخذ صورة الوجه وبصمات الأصابع من الأطفال اعتباراً من (6) أعوام، لتقرر الدولة استكمال إجراءات اللجوء، أو إعادته للبلد الأصل أو العبور. وفي 10 أبريل 2024 صادق البرلمان الأوروبي على هذه التعديلات، رغبة في إفشال خطط اليمين الشعبوي، الذي يستغل ملف الهجرة لكسب أصوات في الانتخابات الأوروبية.

عملت ألمانيا على تشديد قواعد الهجرة واللجوء، بوضع ضوابط على الحدود مع دول الجوار مثل بولندا والتشيك، والمساعدة على تشديد الرقابة للحدود الخارجية للتكتل الأوروبي. وفي 9 فبراير 2023، خططت ألمانيا لنقل إجراءات اللجوء لدول إفريقية، بإرسال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط إلى شمال إفريقيا. وفي 27 سبتمبر 2023 أكد المستشار الألماني أولاف شولتز على إتمام المفاوضات بشأن “مرسوم الأزمات” كإجراءات إضافية مرنة ومحددة لمواجهة الهجرة. وأجرت الداخلية الألمانية في 2 أكتوبر 2023، مناقشات مع (6) دول حول “شراكات الهجرة”، لتشديد الرقابة على الحدود.

أقرت فرنسا في 11 مارس 2023 اتفاقاً حول تدفق طالبي اللجوء انطلاقاً من الأراضي الفرنسية، بتأسيس مركز احتجاز بشمال فرنسا لطالبي اللجوء، والتنسيق على الحدود الفرنسية البريطانية للتصدي لمشكلة المعابر. وأعلنت باريس في أبريل 2023 أنها ستعمل على تعبئة (150) شرطياً على الحدود مع إيطاليا، وأوضحت الداخلية الفرنسية في 20 يونيو 2023 أنها ستقدم (25.8) مليون يورو لتونس لوقف قوارب المهاجرين القادمة من البحر المتوسط. وفي 20 ديسمبر 2023 أقر البرلمان الفرنسي تشريعاً لتشديد سياسة الهجرة، بعد تأييد حزب النهضة (ذي الميول الوسطية) ويتزعمه إيمانويل ماكرون، وحزب التجمع الوطني اليميني بزعامة مارين لوبان. ويستهدف التشريع منع المهاجرين المقيمين بفرنسا من إحضار أفراد عائلاتهم للبلاد، وحظر احتجاز القاصرين في مراكز الاحتجاز.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل AFD ملف الهجرة؟

السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي

الحرب الأوكرانية: إدارة الاتحاد الأوروبي للصراع المحتدم بين أوكرانيا وروسيا مرت بمراحل مختلفة، لاعتراض أحزاب من اليمين الشعبوي على دعم الحكومات لأوكرانيا، وقدمت دول على رأسها ألمانيا وفرنسا أسلحة متطورة وثقيلة لدعم كييف في العام الأول. وبزيادة الضغوط المالية على الاتحاد تراجع الدعم العسكري الأوروبي نوعاً ما لأوكرانيا في العام الثاني، ما وضعها في محل انتقاد  لأحزاب أخرى من اليمين الشعبوي، لذا أبرمت فرنسا في 16 فبراير 2024 اتفاقية أمنية مع أوكرانيا، لدعمها بـ (3) مليارات دولار وفتح شراكة في مجال الدفاع وإنتاج أسلحة متطورة في 2024. ورفضت برلين تزويد كييف بصواريخ توروس بعيدة المدى، مع التأكيد على استمرار الدعم. وأعلن الاتحاد الأوروبي في 15 مارس 2024 تخصيص ملياري يورو، من بينها (500) مليون لإنتاج مليوني قذيفة مدفعية سنوياً بحلول 2025، مخصصة للقوات الأوكرانية.

العلاقة مع الولايات المتحدة: قال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبيرغ، إنه يجب الامتناع عن التعامل مع الانتخابات الأوروبية أو الأمريكية، أنها مصدر لانعدام الأمن وعدم الاستقرار. ويحرص الاتحاد على تأمين احتياجاته العسكرية في حال فوز المرشح الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات، بطرح تأسيس جيش أوروبي موحد والاتفاق على استراتيجية دفاعية مشتركة.

العلاقة مع الصين: منذ أبريل 2023 أعاد التكتل الأوروبي العلاقات مع الصين، بالزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأوروبيين والصينيين، وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أهمية اتباع أوروبا استراتيجية مستقلة بشأن مسألة تايوان. وفي أبريل 2024 زار المستشار الألماني أولاف شولتس الصين، بعد إطلاق دعوة فرنسية ألمانية لإعادة توازن العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا، وتحفيز القدرة التنافسية الأوروبية. وأجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ زيارة لفرنسا في مايو 2024 بالتزامن مع الذكرى الـ (60) لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين وباريس.أمن دولي ـ ماذا بعد توسع الصين وروسيا في إفريقيا؟

**

تقييم وقراءة مستقبلية

 – تجرى الانتخابات على مستوى أوروبا عبر انتخاب 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، وهذه زيادة عن عدد المقاعد الحالي البالغ 705 مقاعد لاستيعاب التغيرات الديموغرافية في العديد من الدول الأعضاء.

– يتعين على أعضاء البرلمان الأوروبي تنظيم أنفسهم في مجموعات سياسية وفقا لأيديولوجيتهم وأولوياتهم، ويجب أن تضم هذه المجموعات ما لا يقل عن 23 مشرعًا من سبع دول على الأقل.

– يمكن أن تكون الانتخابات الأوروبية فرصة للأحزاب الموجودة في السلطة أو المعارضة لقياس شعبيتها، سواء لمعرفة ما إذا كان بإمكانها التمسك ببرامجها الانتخابية الوطنية أم لا.

– تشهد انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2024 تحولا كبيرا نحو اليمين في العديد من البلدان، حيث تكتسب أحزاب اليمين الشعبوية الأصوات والمقاعد في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وتخسر ​​أحزاب يسار الوسط وأحزاب الخضر الأصوات والمقاعد.

– يمكن القول أن انتخابات البرلمان الأوربي ستؤث رعلى السياسة الخارجية للتكتل، كحرب أوكرانيا، والعلاقة مع روسيا، وعلى مستقبل سياسة الدفاع الأوروبي المشترك وحتى على مسألة إمكانية ضم دول جديدة للاتحاد أو استحالة وصعوبة ذلك، لا يتوقع أن يكون لهذه الانتخابات تأثير كبير على الحرب بين إسرائيل وحماس

– يتوقع أن يظل حزب الشعب الأوروبي هو المجموعة الأكبر في البرلمان، ومن الممكن أن يظهر ائتلاف يميني شعبوي يضم الديمقراطيين المسيحيين، والمحافظين، وأعضاء البرلمان الأوروبي من اليمين الشعبوي بأغلبية للمرة الأولى.

**

– يُعدّ صعود اليمين الشعبوي في أوروبا ظاهرة مقلقة تتطلب من القوى الديمقراطية توحيد الجهود لمواجهة خطاباته المتطرفة، وتعزيز القيم الأوروبية التي تُؤسّس لِاتحاد قوي وموحد.

– تساهم أحزاب اليمين الشعبوي في ازدياد الاستقطاب الاجتماعي وتُشعل فتيل التوترات بين مختلف فئات المجتمع، كما تساهم خطابات الكراهية التي تُروج لها أحزاب اليمين الشعبوي في ارتفاع معدلات العنف والجرائم الكراهية، وعموما يُهدد صعود أحزاب اليمين الشعبوي ثقة المواطنين في الاتحاد الأوروبي ويُضعف شرعيته، كذلك ساهم صعود اليمين الشعبوي في زيادة الاستقطاب السياسي داخل الاتحاد الأوروبي.

– يواجه اليمين الشعبوي تحديات في المستقبل، بما في ذلك الانقسامات الداخلية واحتمال تراجع شعبيته، تتغير تحالفات وخلافات الأحزاب اليمينة الشعبوية بمرور الوقت.

– تُظهر موجة الاحتجاجات ضد اليمين الشعبوي في أوروبا تصميم الناس على مقاومة التطرف والدفاع عن القيم الديمقراطية، يلعب المجتمع المدني دورًا هامًا في استمرار الحراك ضد اليمين الشعبوي وتعزيز القيم الديمقراطية، وقد تختلف أشكال وحجم ونطاق الاحتجاجات ضد اليمين الشعبوي من دولة إلى أخرى.

– نجح اليمين الشعبوي في تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة في العديد من الدول الأوروبية، مما أدى إلى زيادة تمثيله في البرلمان الأوروبي والبرلمانات الوطنية. وقد أجبر صعودُ اليمين الشعبوي الأحزابَ والسياساتِ الأخرى على التكيف مع مواقفه، مما أدى إلى اتّخاذِ سياساتٍ أكثر صرامةً بشأن الهجرة وقضايا الثقافة الوطنية. إذا تمكّنت الحكوماتُ من معالجةِ القضاياِ الأساسيةِ التي تدعم صعودَ اليمين الشعبوي، مثل البطالةَ وعدم المساواةِ والشعورِ بعدم الأمن، فقد يؤدي ذلك إلى تراجعِ شعبيته.

– من المتوقع أن تشهد انتخابات البرلمان الأوروبي القادمة صعود نسبي إلى اليمين الشعبوي، لكن في أي حال من الأحوال لا يمكن ان يمثل الأغلبية في هذه الانتخابات، لكن ممكن ان يشهد اليمين الشعبوي تصاعد أكثر داخل الحكومات الوطنية والبرلمان الأوروبي بسبب حرب أوكرانيا وحرب غزة ونزاعات دولية أخرى التي اثرت كثيراُ على اقتصاديات دول أوروبا بالتوازي مع زيادة الإنفاق على التسلح والدفاع. ومقابل ذلك سوف تشهد الأحزاب التقليدية الكبيرة في البرلمان الأوروبي وعلى مستوى وطني تراجعاً.

**

– ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الانتخابات المقبلة كنقطة فاصلة في مستقبل التكتل، ويتضح هذا الأمر من خلال السياسات الإصلاحية التي تم الإعلان عنها، للحفاظ على أصوات الناخبين الداعمين للأحزاب اليسارية والوسطية والليبرالية، ومحاولة لتقليل فرص أحزاب اليمين الشعبوي من الحصول على مقاعد داخل المؤسسات الأوروبية، ومن هنا تضع هذه الخطط الإصلاحية الحكومات الحالية في مأزق، لاعتراض بعض الأحزاب التقليدية عليها، واعتبارها تغيير في ثوابت التكتل الأوروبي خاصة فيما يتعلق بملفي الاقتصاد والهجرة.

– يستهدف الاتحاد من هيكلة الميزانية وسداد الديون، إعادة التوازن للاقتصاد الكلي الذي قد يؤثر على الاقتصادات الوطنية للدول الأعضاء، خاصة بعد جائحة “كوفيد-19” والحرب الأوكرانية، والتوترات الأخيرة في البحر الأحمر جراء التصعيد الإسرائيلي الراهن في غزة، تجنباً لاندلاع أي اضطرابات في القطاعات الحيوية، والتي قد يستغلها اليمين الشعبوي لصالحه.

– إن ملف الهجرة واللجوء مازال شائكاً داخل الاتحاد الأوروبي، وربما يظل ثغرة في خطط الإصلاح التي تقوم بها الدول، لمواجهة مواقف التيارات اليمينية الشعبوية، حيث تعارض بعض الأحزاب التقليدية الإجراءات المشددة ضد طالبي اللجوء والهجرة، نظراً لأنهم يرون أن استقبال اللاجئين والمهاجرين هي مسؤولية إنسانية تقع على عاتق الاتحاد، بينما ترفض أحزاب أخرى هذه التعديلات على ميثاق “اللجوء والهجرة” لانصياع الحكومات لأفكار اليمين الشعبوي، ما يزيد المخاوف على مكانة الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية.

– أجبرت العلاقة السابقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، أن يعيد الأخير التفكير في سياساته الخارجية، وأن يتجنب تكرار خطأ الاعتماد على شريك واحد في بعض الملفات، كنموذج روسيا في مصادر الطاقة قبل فبراير 2022، لذا يسعى الاتحاد إلى فك الارتباط بشكل تدريجي مع الولايات المتحدة في الأمور الدفاعية، تحسباً لأي متغيرات قد تطرأ على مستقبل حلف الناتو، في حال طول أمد الحرب الأوكرانية، أو وقوع صدام مباشر بين الصين والولايات المتحدة في تايوان، أو تنفيذ المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب تهديده في حال وصوله للبيت الأبيض، بشأن ترك أوروبا وحيدة لأي هجمات محتملة ضدها.

– يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الانتقال بالعلاقات مع الصين، من مرحلة الاضطرابات إلى الشراكة، بهدف تعزيز الجانبين الاقتصادي والتكنولوجي، ووضع دول التكتل في مرتبة متقدمة عالمياً بين الدول الاقتصادية الكبرى، لاسيما وأن وضع أوروبا الاقتصادي مثار تساؤلات داخل وخارج القارة العجوز، لدخوله مرحلة “هبوط ناعم” وتباطؤ في معدلات النمو في بعض القطاعات.

– موقف الاتحاد من الأزمات المندلعة، كشف عن تراجع دوره في الأزمات الدولية، وهو الأمر غير المعتاد طوال الأعوام الماضية، وربما حرب غزة كانت فرصة لأن يستدرك هذا الخطأ، وأن يكون له دوراً حاسماً مستقلاً عن موقف الولايات المتحدة، ما يفسر ظهور الانقسامات الداخلية على السطح.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=93795

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

الهوامش

الانتخابات الأوروبية: هل اليمين المتطرف على موعد مع اختراق تاريخي للبرلمان؟

https://tinyurl.com/2uruujnr

European Parliament

https://tinyurl.com/54pph9kf

A sharp right turn: A forecast for the 2024 European Parliament elections

https://tinyurl.com/yc28pcfr

European elections: How engaged are young people?

https://tinyurl.com/bddfubc8

**

Why right-wing populism is a threat to Europe

https://bit.ly/3WzWOPL

Right-wing populism and climate policy in Europe

https://bit.ly/3wq0aKs

Understanding right-wing populism and what to do about it

https://bit.ly/3ybzI7W

The growing dangers of European radical populism for Europe and Ukraine

https://bit.ly/3QxUDIo

**

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...