المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
بون ـ وحدة التقارير والدراسات
ملف أمن دولي ـ بحر الصين الجنوبي بؤرة التوتر الدولي
يتناول هذا الملف تداعيات الصراع بين الولايات المتحدة والصين، وبؤر التوتر التي تمثل بيئة خطرة للصراع، في مقدمتها بحر الصين الجنوبي، كما يتطرق لدوافع الصراع المحتمل، في ضوء التأثيرات الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، ويتناول محور التعاون الروسي الصيني، واحتمالات الإعلان عن تدشين تحالف عسكري بين الدولتين، وكيف سينعكس ذلك على حالة التشاحن والتوتر الدولي الراهنة.
1- أمن دولي- بحر الصين الجنوبي.. “البيئة الأخطر” للمواجهة بين واشنطن وبكين
تتجه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين نحو مزيد من التعقيد في ضوء التنافس الاقتصادي والسياسي التاريخي بين الدولتين، إضافة إلى تنامي التوتر مؤخراً حول منطقة بحر الصين الجنوبي الذي تزعم بكين سيادتها عليه، وقد شهد العام 2022، الكثير من المشاحنات بين الدولتين لهذا السبب، ومن المتوقع أن تتزايد وتيرة الصراع بشكل ملحوظ في ضوء جملة من المحفزات الدولية والإقليمية لبيئة الصراع بين أميركا والصين.
بحر الصين الجنوبي هو أكبر بحر في العالم بعد المحيطات الخمسة، وهو بحر متجزئ من المحيط الهادي، يمتد من سنغافورة ومضيق ملقة إلى مضيق تايوان، تبلغ مساحته ثلاثة ملايين ونصف كيلومتر مربع، يقع في ثلاثة مناطق رئيسية هي، جنوب البر الصيني الرئيسي، متضمناً جزيرة تايوان شرقاً، غرب الفلبين، شرق شبه الجزيرة الماليزية و سوماترا، وصولاً إلى مضيق ملقة غرباً، والجهة الشمالية لجزر بانجكا – بليتونج وبورنيو.
نزاع إقليمي
يمثل بحر الصين الجنوبي منطقة نزاع إقليمي تاريخي، ففي حين تدعي كلاً من الصين وتايوان بأن الواجهة البحرية هذه بأكملها تتبع لها، تتنازع الصين مع تايوان وإندونيسيا حول المياه شمال شرق جزر ناتونا، كما تتنازع الفلبين والصين وتايوان تتنازع حول الشعاب “سكاربورو شول.
وتختلف فيتنام والصين وتايوان حول المياه الواقعة غربي جزر سبارتلي، كما تتنازع الصين مع فيتنام وتايوان وبروناي وماليزيا والفلبين حول ملكية بعض هذه الجزر أو جميعها. وتمثل ملكية جزر باراسيل محل خلاف بين الصين وتايوان وبين فيتنام، كما ماليزيا وكمبوديا وتايلند وفيتنام حول مناطق في خليج تايلند، أما سنغافورة وماليزيا تختلفان على طول مضيق جوهور ومضيق سنغافورة.
يحتوي بحر الصين الجنوبي على مخزونات كبيرة من النفط والغاز وممرات ملاحية، وكثيراً ما عبر جيران بكين عن الخشية من أن يكون الجار العملاق يسعى لتوسيع سيطرته على مياهه. أمن دولي ـ بحر الصين الجنوبي، في عين الأزمة . بقلم ـ الدكتورة نور تركي
لماذا يمثل بحر الصين الجنوبي بؤرة صراع دولي؟
يعد بحر الصين الجنوبي واحداً من أهم الطرق الملاحية التجارية حيوية في العالم، فهو واحد من الشرايين التجارية الرئيسة التي تجمع الممرات المائية من كل من سنغافورة وماليزيا، وتتصل بدول أخرى كثيرة تمتد إلى إندونيسيا والفلبين وتايوان.
يمر من خلاله نحو ثلث التجارة العالمية. وهو أيضاً البحر الأخطر الذي يمكن أن يشهد مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة والصين. تظهر الدلالة الأبرز على هذا الاحتمال في إصرار الولايات المتحدة، ومعها دول أخرى في المنطقة مثل كوريا الجنوبية واليابان والفلبين وفيتنام وغيرها، على اعتبار هذا البحر ممراً ملاحياً دولياً ومفتوحاً، في حين تؤكد الصين باستمرار أنه جزء من أراضيها وبحارها الداخلية، على غرار تعاملها مع تايوان التي تصر على الاستقلال.
تبادل الجيشان الأميركي والصيني كلمات قاسية يوم 22 نوفمبر 2022، بعد أن نفذت سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية أول عملية بحرية للملاحة (FONOP) في بحر الصين الجنوبي منذ التقى قادة القوتين في وقت سابق من شهر نوفمبر في محاولة لتخفيف التوترات. وفي بيان، زعم الجيش الصيني أن السفينة يو إس إس تشانسيلورزفيل ، وهي طراد صاروخي موجه ، “دخلت بشكل غير قانوني المياه بالقرب من جزر نانشا والشعاب المرجانية الصينية دون موافقة الحكومة الصينية”من جانبه وصف بيان صادر عن الأسطول السابع للبحرية الأميركية تصريحات حساب جيش التحرير الشعبي بأنه “كاذب” واستمرار لتحريف الأعمال الأميركية في بحر الصين الجنوبي.
الأهمية الاستراتيجية والحيوية لبحر الصين الجنوبي
تكمن الأهمية الاستراتيجية لبحر الصين الجنوبي في كونه أقصر الطرق التي تصل بين المحيطين الهادئ والهندي، وهو يمتاز أيضاً بوجود أكثر خطوط الملاحة ازدحاماً بحركة السفن في العالم، إذ تمر عبره ما قيمته نحو (3) تريليونات من التجارة الدولية كل عام، وكذلك يحتوي على احتياطات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي تقدر بين (23 – 30) مليار طن من النفط، و(16) تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.
يتكون بحر الصين الجنوبي من أكثر من (200) جزيرة صغيرة وشعاب مرجانية ومياه ضحلة وجزر مرجانية وضفاف رملية مجمعة في (3) أرخبيل، سبراتلي وباراسيل وبراتاس. ترجع الأهمية الاستراتيجية أيضاً بشكل أساسي إلى موقعها الجغرافي، حيث تعد المنطقة واحدة من أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم وأكثرها استراتيجية. يمر أكثر من (50٪) من التجارة العالمية عبر مضيق ملقا ومضيق سوندا ومضيق لومبوك فوق جزر ومياه بحر الصين الجنوبي والتي تبلغ قيمتها حوالي (5) تريليونات دولار. والأهم من ذلك، أنها تغطي أيضاً أكثر طرق الطاقة أهمية لدول شرق آسيا لنقل النفط والغاز الطبيعي من الخليج العربي.
يتمتع بحر الصين الجنوبي بأهمية جيوسياسية وجيوستراتيجية للطاقة والأمن الاقتصادي للصين ودول شرق آسيا، وبالنسبة للولايات المتحدة أيضاً حيث تتحرك تجارة (1.2) تريليون دولار عبر المياه. بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت احتياطاتها الوفيرة من النفط والغاز، وبالتالي فإن سيادة الجزر المتنازع عليها تنطوي على حقوق قانونية لاستغلال مواردها، من منظور استراتيجي، فإن الأهمية الجغرافية هي أن من يهيمن عليها، يسيطر على مستقبل شرق آسيا. مكافحة التجسس الأمن القومي في زمن العولمة (ملف)
تصعيد محتمل
نما الصراع والتوتر حول مطالبات السيادة المتنافسة في بحر الصين الجنوبي بشكل كبير في السنوات الخمس إلى العشر الماضية، وقد تبنت الصين موقفاً حازماً بشكل متزايد تجاه مطالبها من خلال رفعها إلى المصلحة الأساسية، وتعزيز إنفاذ قانون مصايد الأسماك، وبناء منشآت مدنية وعسكرية في الجزر والمياه المتنازع عليها.
أعلنت الولايات المتحدة في عام 2010 ، أن حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي مصلحة وطنية استجابة لموقف الصين الحازم بشكل متزايد. سعت فيتنام والفلبين في عام 2012 إلى تعزيز شراكتهما وتحالفهما مع الولايات المتحدة من أجل تعزيز موقعهما الاستراتيجي بشأن نزاعات بحر الصين الجنوبي، لذلك، تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في التأثير على حل النزاعات. وقد حاولت فيتنام والفلبين أيضاً تشكيل “تحالف استراتيجي” مع اليابان في صراعهما مع الصين في بحر الصين الجنوبي.
من المحتمل جداً أن تستمر الصين في توسيع دائرة نفوذها وهذا يمكن ان يؤدي إلى زعزعة الأستقرار في المنطقة، كما ستواصل الصين تأسيس قوة بحرية هناك باعتبارها اللاعب الأكثر سيطرة بين دول المنطقة، لكن لا يزال من المعقول تماماً أن يكون لأي استراتيجية صينية هدف طويل المدى يتمثل في امتلاك القوة لمنع السفن الحربية الأمريكية أو الغربية من الوصول إلى بحر الصين الجنوبي ، حيث تطالب الصين إلى حد كبير بمعظم المنطقة باعتبارها مياهها الخاصة. تجسس ـ أهمية بالونات التجسس بجمع المعلومات، النَّمُوذَجُ الصيني
وفي المقابل لدى الولايات المتحدة اتصال مباشر بالمنطقة من خلال العديد من الحلفاء والصلات والتجارة، وسيستمر هذا بطبيعة الحال، نظراً للأهمية الاستراتيجية للمنطقة. يُعتقد أن أي نجاح للرئيس الروسي في أوكرانيا يمكن أن يفتح شهية نظيره الصيني في استخدام القوة العسكرية لإعادة الجزيرة التي سيادة الوطن الأم. وينذر هذا الاحتمال بمواجهة خطيرة جرى تجنبها حتى الآن بين السفن الحربية الصينية والأميركية التي تتحرك بكثافة في المنطقة، في حين يحذّر الجيش الصيني باستمرار من تحليق الطائرات الأميركية فوق قطعه البحرية.
أجرت كل من الولايات المتحدة والصين في يوليو 2022 تدريبات بحرية متنافسة في بحر الصين الجنوبي. وفي ظل التنافس الاستراتيجي المتنامي بين واشنطن وبكين، يخشى المتابعون شبح وقوع حادث يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية أكبر بين البلدين العملاقين، على الأقل على غرار مواجهتهما خلال الحرب الكورية في الخمسينات من القرن الماضي.
أسباب الخلاف حول بحر الصين الجنوبي
تتنازع دول مطلة على بحر الصين الجنوبي، وعلى وجه التحديد الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، السيادة على مناطق منه منذ عدة قرون، ولكن التوترات في المنطقة تصاعدت في الآونة الاخيرة.
وجهت الولايات المتحدة انتقادات هي الأشدّ لمطالب بكين “غير القانونية” في بحر الصين الجنوبي رافضة القواعد الجغرافية والتاريخية لخرائطها الشاسعة والمثيرة للانقسام. وفي دراسة بحثية من (47) صفحة قال مكتب وزارة الخارجية الأميركية للمحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية، إن ليس للصين أي أسس بموجب القانون الدولي لمطالب وضعت بكين على مسار تصادمي مع الفيليبين وفيتنام ودول أخرى في جنوب شرق آسيا.
ومن جهته، قال وزير الدفاع الياباني تارو كونو في 29 أغسطس 2020 إنه اتفق مع نظيره الأمريكي مارك إسبر على أن البلدين يعارضان أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في الممرين المائيين الرئيسيين في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي. وهناك قضية شائكة في علاقات الصين مع اليابان هي مطالبة بكين بمجموعة من الجزر الصغيرة في بحر الصين الشرقي تسيطر عليها طوكيو، وتعرف هذه الجزر الصغيرة في اليابان باسم سينكاكو في حين تطلق عليها الصين اسم دياويو.
**
2- أمن دولي ـ “اتفاقية أوكوس” مواجهة التحديات الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
ضمن الخطوات المتسارعة من جانب الولايات المتحدة، لتعزيز تحالفاتها الأمنية والعسكرية في مواجهة الصين، دشنت أميركا وأستراليا وبريطانيا في 15 سبتمبر 2021، اتفاقية “أوكوس”، العسكرية بهدف تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي وتدشين تحالف أقوى يستهدف حماية الأمن والاستقرار وكذلك مصالح المعسكر الغربي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
التحالف العسكري قد أزعج الصين، كثيراً، خاصة أن التوتر بين بكين وواشنطن في حالة تصاعد مستمر، فيما تتوالي التحذيرات من احتمالية الصدام العسكري، المتوقع بين القوتين، في مناطق تايوان وبحر الصين الجنوبي، الذي تفرض الصين سياداتها عليها، بينما تتنشر سفن وقطع بحرية تابعة للولايات المتحدة بشكل مكثف منذ مطلع 2021.
وقد قوبلت الخطوة الثلاثية الأميركية الأسترالية البريطانية، عام 2021 بانتقاد صيني حملته السفارة الصينية في واشنطن، مطالبة الدول الثلاث بـ”التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي”، فيما أكدت الخارجية الصينية أن “التحالف يخاطر بإلحاق أضرار جسيمة بالسلام الإقليمي وتكثيف سباق التسلح”.
ما هي اتفاقية “أوكوس”؟
الاسم “أوكوس” مشتق من بعض الأحرف الأولى التي ترمز اختصاراً لكل من أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ويشير إلى تحالف يهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
تشمل الاتفاقية تبادل معلومات وتقنيات في عدد من المجالات، من بينها الاستخبارات والحوسبة الكمية، فضلاً عن تزويد أستراليا بصواريخ توماهوك كروز.
تغطي الاتفاقية مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربة بعيدة المدى، ويتضمن أيضاً مكوناً نووياً، ربما يقتصر على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن البنية التحتية للدفاع النووي.أمن دولي ـ برامج أستراليا الأمنية في منطقة جنوب المحيط الهادئ
مواجهة الصين
ستساعد الاتفاقية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.
وبالرغم من أن الإعلان المشترك لرئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن لم يذكر أي دولة مستهدفه بالاسم، فقد ذكرت مصادر في البيت الأبيض أنه مصمم لمواجهة نفوذ جمهورية الصين الشعبية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهو توصيف يتفق معه المحللون.
وقد وصفت الاتفاقية بأنها خليفة لاتفاق أنزوس الحالي بين أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة، مع تهميش نيوزيلندا بسبب حظرها للطاقة النووية، ولكن لم يتم الإدلاء بأي تصريح رسمي بهذا الشأن.
وفي هذا السياق، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، إن التحالف الأمني “يستهدف تقوية العلاقات الدفاعية بين الدول، التي هي بالفعل جزء من تحالف العيون الخمس الاستخباراتي، لمواجهة التهديد الصيني المتزايد في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، فضلاً عن التهديدات الإقليمية الأخرى”.
وأضافت تسوكرمان، أن الصين تنظر بالفعل إلى هذا التحالف الجديد على أنه محاولة لمواجهة نفوذها الإقليمي، وفي السنوات الأخيرة، خطت الصين خطوات كبيرة في تطوير سفن بحرية متطورة وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقنيات أخرى، بينما تعرض البنتاغون لانتقادات لتخلفه عن الركب وترك القدرات البحرية الأميركية تتحدد”.
مخاوف أميركية
وفق تسوكرمان “تشمل مخاوف الولايات المتحدة بشأن الدور المتزايد للصين في المنطقة الحاجة إلى إبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، ودعم حرية الملاحة في كل من البحر والمجال الجوي، ودعم المؤسسات الديمقراطية وحماية المجتمعات الحرة من تدخل الصين، وتوفير نهج مبتكر لكليهما. التقنيات الصلبة والإنترنت والفضاء السيبراني لحماية الاتصالات من الانقطاع.
كما أن بحر الصين الجنوبي من جانب الأهمية الاستراتيجية، يعد من أهم الطرق الملاحية التجارية حيوية في العالم، فهو واحد من الشرايين التجارية الرئيسة التي تجمع الممرات المائية من كلٍّ من سنغافورة وماليزيا، وتتصل بدول أخرى كثيرة تمتد إلى إندونيسيا والفلبين، الأمر الذي يثير مخاوف لدى الولايات المتحدة من سيطرة الصين عليه بشكل كامل.
خريطة النزاعات في بحر الصين الجنوبي
الخلافات في بحر الصين الجنوبي هي أساسا خلافات حول السيادة على مياه البحر وجزر باراسيل وسبراتلي (التسميتان غربيتان)، وهما سلسلتان من الجزر تدعي عدد من الدول السيادة عليها.
النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي هي نزاعات حدودية بين الصين، تايوان، الفلپين، ڤيتنام، ماليزيا وبروناي، يعززها الجغرافيا الهامة للمنطقة، حيث يمر بما يقدر بنحو (3.37) تريليون دولار أمريكي من التجارة العالمية عبر بحر الصين الجنوبي سنوياً، وهو ما يمثل ثلث التجارة البحرية العالمية.
تشمل هذه النزاعات أيضاً، الجزر والشعاب المرجانية والضفاف وميزات أخرى لبحر الصين الجنوبي، بما في ذلك جزر سپراتلي وجزر پاراسل وسكاربورو وحدود مختلفة في خليج تونكين. هناك نزاعات أخرى، مثل المياه القريبة من جزر ناتونا الإندونيسية، والتي لا يعتبرها الكثيرون جزءًا من بحر الصين الجنوبي.أمن دولي ـ بحر الصين الجنوبي، في عين الأزمة . بقلم ـ الدكتورة نور تركي
ويمكن تقسيم النزاعات في منطقة بحر الصين الجنوبي كالتالي:
أولاً: منطقة خط التسع شرط التي كانت تطالب بها جمهورية الصين، التي تغطي معظم بحر الصين الجنوبي وتتداخل مع مطالبات المنطقة الاقتصادية الخالصة في بروناي، وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام، فيما أكدت سنغافورة مجددًا أنها ليست دولة مطالبة في نزاع بحر الصين الجنوبي، وبالتالي يُسمح لسنغافورة بلعب دور محايد في كونها قناة بناءة للحوار بين الدول المتنازعة.
ثانياً: النزاع حول الحدود البحرية في المياه شمال جزر ناتونا بين كمبوديا والصين وإندونيسيا وماليزيا وتايوان وڤيتنام.
ثالثاً: النزاع حول الحدود البحرية شمال بورنيو بين بروناي والصين وماليزيا والفلبين وتايوان وڤيتنام.
رابعاً: النزاع حول الجزر في بحر الصين الجنوبي، وتضم جزر پاراسل وجزر پراتاز، وجزر سپراتلي بين بروناي والصين وماليزيا والفلپين وتايوان وڤيتنام.
خامساً: الحدود البحرية قبالة ساحل پالاوان ولوسون بين بروناي والصين وماليزيا والفلبين وتايوان وڤيتنام.
وسادساً: الحدود البحرية، والأراضي البرية، وجزر صباح، بما في ذلك أمبالات، بين إندونيسيا وماليزيا والفلبين.
سابعاً: الحدود البحرية والجزر في مضيق لوزون بين الصين والفلبين وتايوان.
وثامناً: الحدود البحرية والجزر في پدرا برانكا (و ميدل روكس) بين سنغافورة وماليزيا.
مواجهات في بحر الصين الجنوبي
تتنازع دول مطلة على بحر الصين الجنوبي، وعلى وجه التحديد الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، السيادة على مناطق منه منذ عدة قرون، ولكن التوترات في المنطقة تصاعدت في الآونة الاخيرة.
وتاريخياً، اندلعت مواجهات عدة في السنوات الأخيرة حول هذه الادعاءات المتباينة والمتقاطعة، كان أخطرها بين الصين وفيتنام. كما اندلعت مواجهات بين الفلبين والصين لم تتدهور اي منها الى اطلاق نار او عنف خطير.
في عام 1974، استولت الصين على سلسلة جزر باراسيل من فيتنام في صدامات أسفرت عن مقتل اكثر من (70) من العسكريين الفيتناميين.
في عام 1988، اصطدم الصينيون والفيتناميون مجدداً حول سلسلة سبراتلي، وخسر الفيتناميون في هذه المواجهات نحو (60) عسكرياً.
أوائل 2012، خاض الجانبان الصيني والفلبيني مواجهة بحرية مطولة اتهما فيها أحدهما الآخر بانتهاك السيادة في شعاب سكاربره.
اندلاع احتجاجات واسعة في فيتنام ضد الصين إثر ورود ادعاءات لم تتأكد بأن الصين خربت عمدا منصتي استكشاف فيتناميتين اواخر عام 2012.
في يناير 2013، قالت الفلبين إنها قررت رفع دعوى ضد الصين امام محكمة التحكيم الدائمة بموجب ميثاق الامم المتحدة حول قانون البحار تطعن فيها بالادعاءات الصينية.
في مايو 2014، قامت الصين بقطر منصة استخراج نفط الى منطقة في البحر قريبة من جزر باراسيل مما ادى الى عدة حوادث تصادم بين السفن الفيتنامية والصينية.
وتتبادل كلاً من الصين وأميركا الاتهامات، زادت بشكل كبير منذ عام 2021، بأن الجانب الآخر يعمد إلى “عسكرة” بحر الصين الجنوبي.
أميركا تحشد عسكرياً ودولياً لمواجهة الصين
لم تقتصر التحرّكات الأميركية ضد الصين بالتواجد العسكري في بحر الصين الجنوبي، فواشنطن كانت تسعى ولا تزال أيضاً لإقامة علاقات وثيقة مع الدول المجاورة للصين والمطلة على بحرها الجنوبي، وخصوصاً تايوان، الجزيرة التي تَعِدُ واشنطن بالدفاع عنها إذا ما قررت الصين استرجاعه.
وتقول تقارير ” global fire”، إن الجيش الأمريكي يمتلك (13233) طائرة حربية، بينها (1956) مقاتلة، و(761) طائرة هجومية، وأكثر من (945) طائرة شحن عسكري، إضافة إلى (2765) طائرة تدريب، و (5436) مروحية عسكرية منها (904) مروحية هجومية.
ولدى الجيش الأمريكي أكثر من (6100) دبابة و(40) ألف مدرعة و(1500) مدفع ذاتي الحركة وأكثر من (1340) مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى (1365) راجمة صواريخ.
ومن حيث القوة البحرية، يضم الأسطول البحري الأميركي (490) قطعة بحرية منها (11) حاملة طائرات و(92) مدمرة و(68) غواصة، إضافة إلى (8) كاسحات ألغام.
وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الانفاق السنوي للجيش الأمريكي (740) مليار دولار أمريكي.
حجم القوة العسكرية الصينية
تواصل الصين دعم قواتها البحرية بصورة مستمرة عن طريق إنتاج قطع بحرية أكثر تطوراً بأعداد ضخمة، ما جعلها من أضخم القوى البحرية في العالم وفق موقع “global fire power”، فهي تمتلك (777) قطعة بحرية، كما تضم قوتها البحرية حاملتي طائرات و(50) مدمرة، و(46) فرقاطة، و(72) كورفيت، وأيضاً (79) غواصة حربية و(123) سفينة دورية، إضافةً إلى 36 كاسحة ألغام بحرية.
ويحتل الجيش الصيني يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى (139) جيشاً في العالم، حسب إحصاءات 2021.
ويمتلك الجيش الصيني قدرات عسكرية هائلة؛ أبرزها تجاوز عدد جنوده (3.3) ملايين جندي، ويصلح للخدمة العسكرية (617) مليون فرد، ويصل لسن التجنيد سنوياً (20) مليوناً.
وتقدر التقارير العسكرية أن لدى الصين (350) رأساً نوويّاً، بما في ذلك (204) صواريخ طويلة المدى يتم إطلاقها من منصات إطلاق أرضية و(48) على الغواصات، و(20) “قنبلة جاذبية” يتم إسقاطها من الطائرات، فضلا عن آلاف الصواريخ العابرة للقارات.أمن دولي ـ ما حقيقة المحور العسكري الروسي الصيني؟ بقلم هند ناصر السويدي
**
3- أمن دولي ـ هل تؤدي الحرب الأوكرانية إلى تشكيل الصين وروسيا محوراً عسكرياً؟
ضمن الخطوات المتسارعة من جانب الولايات المتحدة، لتعزيز تحالفاتها الأمنية والعسكرية في مواجهة الصين، دشنت أميركا وأستراليا وبريطانيا في 15 سبتمبر 2021، اتفاقية “أوكوس”، العسكرية بهدف تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي وتدشين تحالف أقوى يستهدف حماية الأمن والاستقرار وكذلك مصالح المعسكر الغربي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
التحالف العسكري قد أزعج الصين، كثيراً، خاصة أن التوتر بين بكين وواشنطن في حالة تصاعد مستمر، فيما تتوالي التحذيرات من احتمالية الصدام العسكري، المتوقع بين القوتين، في مناطق تايوان وبحر الصين الجنوبي، الذي تفرض الصين سياداتها عليها، بينما تتنشر سفن وقطع بحرية تابعة للولايات المتحدة بشكل مكثف منذ مطلع 2021.
وقد قوبلت الخطوة الثلاثية الأميركية الأسترالية البريطانية، عام 2021 بانتقاد صيني حملته السفارة الصينية في واشنطن، مطالبة الدول الثلاث بـ”التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي”، فيما أكدت الخارجية الصينية أن “التحالف يخاطر بإلحاق أضرار جسيمة بالسلام الإقليمي وتكثيف سباق التسلح”.
ما هي اتفاقية “أوكوس”؟
الاسم “أوكوس” مشتق من بعض الأحرف الأولى التي ترمز اختصاراً لكل من أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ويشير إلى تحالف يهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
تشمل الاتفاقية تبادل معلومات وتقنيات في عدد من المجالات، من بينها الاستخبارات والحوسبة الكمية، فضلاً عن تزويد أستراليا بصواريخ توماهوك كروز.
تغطي الاتفاقية مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربة بعيدة المدى، ويتضمن أيضاً مكوناً نووياً، ربما يقتصر على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن البنية التحتية للدفاع النووي.أمن دولي ـ برامج أستراليا الأمنية في منطقة جنوب المحيط الهادئ
مواجهة الصين
ستساعد الاتفاقية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.
وبالرغم من أن الإعلان المشترك لرئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن لم يذكر أي دولة مستهدفه بالاسم، فقد ذكرت مصادر في البيت الأبيض أنه مصمم لمواجهة نفوذ جمهورية الصين الشعبية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهو توصيف يتفق معه المحللون.
وقد وصفت الاتفاقية بأنها خليفة لاتفاق أنزوس الحالي بين أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة، مع تهميش نيوزيلندا بسبب حظرها للطاقة النووية، ولكن لم يتم الإدلاء بأي تصريح رسمي بهذا الشأن.
وفي هذا السياق، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، إن التحالف الأمني “يستهدف تقوية العلاقات الدفاعية بين الدول، التي هي بالفعل جزء من تحالف العيون الخمس الاستخباراتي، لمواجهة التهديد الصيني المتزايد في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي، فضلاً عن التهديدات الإقليمية الأخرى”.
وأضافت تسوكرمان، أن الصين تنظر بالفعل إلى هذا التحالف الجديد على أنه محاولة لمواجهة نفوذها الإقليمي، وفي السنوات الأخيرة، خطت الصين خطوات كبيرة في تطوير سفن بحرية متطورة وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقنيات أخرى، بينما تعرض البنتاغون لانتقادات لتخلفه عن الركب وترك القدرات البحرية الأميركية تتحدد”.
مخاوف أميركية
وفق تسوكرمان “تشمل مخاوف الولايات المتحدة بشأن الدور المتزايد للصين في المنطقة الحاجة إلى إبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، ودعم حرية الملاحة في كل من البحر والمجال الجوي، ودعم المؤسسات الديمقراطية وحماية المجتمعات الحرة من تدخل الصين، وتوفير نهج مبتكر لكليهما. التقنيات الصلبة والإنترنت والفضاء السيبراني لحماية الاتصالات من الانقطاع.
كما أن بحر الصين الجنوبي من جانب الأهمية الاستراتيجية، يعد من أهم الطرق الملاحية التجارية حيوية في العالم، فهو واحد من الشرايين التجارية الرئيسة التي تجمع الممرات المائية من كلٍّ من سنغافورة وماليزيا، وتتصل بدول أخرى كثيرة تمتد إلى إندونيسيا والفلبين، الأمر الذي يثير مخاوف لدى الولايات المتحدة من سيطرة الصين عليه بشكل كامل.
خريطة النزاعات في بحر الصين الجنوبي
الخلافات في بحر الصين الجنوبي هي أساسا خلافات حول السيادة على مياه البحر وجزر باراسيل وسبراتلي (التسميتان غربيتان)، وهما سلسلتان من الجزر تدعي عدد من الدول السيادة عليها.
النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي هي نزاعات حدودية بين الصين، تايوان، الفلپين، ڤيتنام، ماليزيا وبروناي، يعززها الجغرافيا الهامة للمنطقة، حيث يمر بما يقدر بنحو (3.37) تريليون دولار أمريكي من التجارة العالمية عبر بحر الصين الجنوبي سنوياً، وهو ما يمثل ثلث التجارة البحرية العالمية.
تشمل هذه النزاعات أيضاً، الجزر والشعاب المرجانية والضفاف وميزات أخرى لبحر الصين الجنوبي، بما في ذلك جزر سپراتلي وجزر پاراسل وسكاربورو وحدود مختلفة في خليج تونكين. هناك نزاعات أخرى، مثل المياه القريبة من جزر ناتونا الإندونيسية، والتي لا يعتبرها الكثيرون جزءًا من بحر الصين الجنوبي.أمن دولي ـ بحر الصين الجنوبي، في عين الأزمة . بقلم ـ الدكتورة نور تركي
ويمكن تقسيم النزاعات في منطقة بحر الصين الجنوبي كالتالي:
أولاً: منطقة خط التسع شرط التي كانت تطالب بها جمهورية الصين، التي تغطي معظم بحر الصين الجنوبي وتتداخل مع مطالبات المنطقة الاقتصادية الخالصة في بروناي، وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام، فيما أكدت سنغافورة مجددًا أنها ليست دولة مطالبة في نزاع بحر الصين الجنوبي، وبالتالي يُسمح لسنغافورة بلعب دور محايد في كونها قناة بناءة للحوار بين الدول المتنازعة.
ثانياً: النزاع حول الحدود البحرية في المياه شمال جزر ناتونا بين كمبوديا والصين وإندونيسيا وماليزيا وتايوان وڤيتنام.
ثالثاً: النزاع حول الحدود البحرية شمال بورنيو بين بروناي والصين وماليزيا والفلبين وتايوان وڤيتنام.
رابعاً: النزاع حول الجزر في بحر الصين الجنوبي، وتضم جزر پاراسل وجزر پراتاز، وجزر سپراتلي بين بروناي والصين وماليزيا والفلپين وتايوان وڤيتنام.
خامساً: الحدود البحرية قبالة ساحل پالاوان ولوسون بين بروناي والصين وماليزيا والفلبين وتايوان وڤيتنام.
وسادساً: الحدود البحرية، والأراضي البرية، وجزر صباح، بما في ذلك أمبالات، بين إندونيسيا وماليزيا والفلبين.
سابعاً: الحدود البحرية والجزر في مضيق لوزون بين الصين والفلبين وتايوان.
وثامناً: الحدود البحرية والجزر في پدرا برانكا (و ميدل روكس) بين سنغافورة وماليزيا.
مواجهات في بحر الصين الجنوبي
تتنازع دول مطلة على بحر الصين الجنوبي، وعلى وجه التحديد الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، السيادة على مناطق منه منذ عدة قرون، ولكن التوترات في المنطقة تصاعدت في الآونة الاخيرة.
وتاريخياً، اندلعت مواجهات عدة في السنوات الأخيرة حول هذه الادعاءات المتباينة والمتقاطعة، كان أخطرها بين الصين وفيتنام. كما اندلعت مواجهات بين الفلبين والصين لم تتدهور اي منها الى اطلاق نار او عنف خطير.
في عام 1974، استولت الصين على سلسلة جزر باراسيل من فيتنام في صدامات أسفرت عن مقتل اكثر من (70) من العسكريين الفيتناميين.
في عام 1988، اصطدم الصينيون والفيتناميون مجدداً حول سلسلة سبراتلي، وخسر الفيتناميون في هذه المواجهات نحو (60) عسكرياً.
أوائل 2012، خاض الجانبان الصيني والفلبيني مواجهة بحرية مطولة اتهما فيها أحدهما الآخر بانتهاك السيادة في شعاب سكاربره.
اندلاع احتجاجات واسعة في فيتنام ضد الصين إثر ورود ادعاءات لم تتأكد بأن الصين خربت عمدا منصتي استكشاف فيتناميتين اواخر عام 2012.
في يناير 2013، قالت الفلبين إنها قررت رفع دعوى ضد الصين امام محكمة التحكيم الدائمة بموجب ميثاق الامم المتحدة حول قانون البحار تطعن فيها بالادعاءات الصينية.
في مايو 2014، قامت الصين بقطر منصة استخراج نفط الى منطقة في البحر قريبة من جزر باراسيل مما ادى الى عدة حوادث تصادم بين السفن الفيتنامية والصينية.
وتتبادل كلاً من الصين وأميركا الاتهامات، زادت بشكل كبير منذ عام 2021، بأن الجانب الآخر يعمد إلى “عسكرة” بحر الصين الجنوبي.
أميركا تحشد عسكرياً ودولياً لمواجهة الصين
لم تقتصر التحرّكات الأميركية ضد الصين بالتواجد العسكري في بحر الصين الجنوبي، فواشنطن كانت تسعى ولا تزال أيضاً لإقامة علاقات وثيقة مع الدول المجاورة للصين والمطلة على بحرها الجنوبي، وخصوصاً تايوان، الجزيرة التي تَعِدُ واشنطن بالدفاع عنها إذا ما قررت الصين استرجاعه.
وتقول تقارير ” global fire”، إن الجيش الأمريكي يمتلك (13233) طائرة حربية، بينها (1956) مقاتلة، و(761) طائرة هجومية، وأكثر من (945) طائرة شحن عسكري، إضافة إلى (2765) طائرة تدريب، و (5436) مروحية عسكرية منها (904) مروحية هجومية.
ولدى الجيش الأمريكي أكثر من (6100) دبابة و(40) ألف مدرعة و(1500) مدفع ذاتي الحركة وأكثر من (1340) مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى (1365) راجمة صواريخ.
ومن حيث القوة البحرية، يضم الأسطول البحري الأميركي (490) قطعة بحرية منها (11) حاملة طائرات و(92) مدمرة و(68) غواصة، إضافة إلى (8) كاسحات ألغام.
وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الانفاق السنوي للجيش الأمريكي (740) مليار دولار أمريكي.
حجم القوة العسكرية الصينية
تواصل الصين دعم قواتها البحرية بصورة مستمرة عن طريق إنتاج قطع بحرية أكثر تطوراً بأعداد ضخمة، ما جعلها من أضخم القوى البحرية في العالم وفق موقع “global fire power”، فهي تمتلك (777) قطعة بحرية، كما تضم قوتها البحرية حاملتي طائرات و(50) مدمرة، و(46) فرقاطة، و(72) كورفيت، وأيضاً (79) غواصة حربية و(123) سفينة دورية، إضافةً إلى 36 كاسحة ألغام بحرية.
ويحتل الجيش الصيني يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى (139) جيشاً في العالم، حسب إحصاءات 2021.
ويمتلك الجيش الصيني قدرات عسكرية هائلة؛ أبرزها تجاوز عدد جنوده (3.3) ملايين جندي، ويصلح للخدمة العسكرية (617) مليون فرد، ويصل لسن التجنيد سنوياً (20) مليوناً.
وتقدر التقارير العسكرية أن لدى الصين (350) رأساً نوويّاً، بما في ذلك (204) صواريخ طويلة المدى يتم إطلاقها من منصات إطلاق أرضية و(48) على الغواصات، و(20) “قنبلة جاذبية” يتم إسقاطها من الطائرات، فضلا عن آلاف الصواريخ العابرة للقارات.أمن دولي ـ ما حقيقة المحور العسكري الروسي الصيني؟ بقلم هند ناصر السويدي
**
تقييم وقراءة مستقبلية
ـ تعتبر الولايات المتحدة، تنامي النفوذ الصيني سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً تهديداً مباشراً لها، وتتعامل من موجب هذا التهديد، الأمر الذي يزيد حدة التوتر بين الدولتين ويؤدي لتسخين بؤر الصراع بشكل سريع ومن بينها تايوان وبحر الصين الجنوبي، وقد انعكس ذلك على مجمل التحركات الأميركية في عام 2022، أبرزها زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيولسي لتايوان في 3 أغسطس 2022، وتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الحادة ضد بكين، وأيضاً التوتر السياسي بسبب أزمة المنطاد الصيني.
ـ يحظى بحر الصين الجنوبي بأهمية استراتيجية وجيوسياسية خاصة، بالنظر إلى موقعه الجغرافي وموارده النفطية، لذلك يمثل نقطة تجاذب بين القوى الدولية الكبرى، وفي حين يبرز الصراع عليه بين الصين ودول الجوار إلا أن المنافس الحقيقي لبكين في المنطقة هو الولايات المتحدة.
ـ يمثل بحر الصين الجنوبي باعتباره، منطقة نزاع إقليمي وصراع دولي تاريخي، نقطة خطرة لاشتعال النزاع بين الصين والولايات المتحدة وربما يكون البيئة الأخطر لمواجهة عسكرية محتملة بين الدولتين في ضوء لنزاع الجغرافي والتاريخي حول الحق في السيادة بين الصين ودول جوارها المدعومين من جانب الولايات المتحدة.
ـ تثير القوة العسكرية الصاعدة والنفوذ السياسي المتنامي للصين القلق والتهديد بين بعض جيرانها والقوى الغربية، ويمكن تقييم تأكيد الصين المتزايد على السيادة والحقوق البحرية في بحر الصين الجنوبي على أنه تحدٍ خطير للوضع الراهن في المنطقة.
**
تتسابق الولايات المتحدة والصين من أجل الوصول لقمة التأهب العسكري، خشية مواجهة محتملة في ضوء استمرار حالة التشاحن الدولي حول بحر الصين الجنوبي أو تايوان، وغيرها من الملفات التي تمثل محل خلاف عميق بينهما.
تسعى الولايات المتحدة لتعزيز تحالفاتها العسكرية مع الدول الأوروبية، من أجل مواجهة أشمل مع بكين، التي تسجل ترتيباً متقدماً في المجالات الاقتصادية والعسكرية، وأيضاً على مستوى السياسة الدولية، الأمر الذي يشكل هاجساً لدى صناع القرار الأميركي.
في حال انزلاق الصراع الأميركي الصيني، إلى مستوى الحرب، أو المواجهة العسكرية، من المتوقع أن يشمل معسكر التحالف الأميركي عدد من الدول الأوروبية، في ضوء الاتفاقيات العسكرية، لكن في الوقت ذاته تفضل دول أوروبية أخرى التزام الحياد فيما تراه مناسباً لها، ومصالحها دون الانخراط في مواجهة مباشرة مع الصين.
انتهى عصر الغموض الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، وبدأت سياسة المواجهة تبدو أكثر وضوحاً ومباشرة، ما يعني أن احتمالات التصعيد بين القوتين باتت أقرب وأقوى، لكن يحرص البلدين على عدم الانزلاق لمواجهة عسكرية، سيكون لها تداعيات كارثية، على المجتمع الدولي والنظام العالمي.
**
تسعي الصين وروسيا لتعزيز مستوى شراكاتها الاستراتيجية، وتحالفاتها الأمنية والعسكرية، استناداً إلى جملة من الدوافع المشتركة أهمها التقارب الجيوسياسي، والحاجة الملحة نحو تشكيل تحالفات لمواجهة الولايات المتحدة وربما المعسكر الغربي نحو فرض استراتيجية جديد لعالم متعدد الأقطاب.
تمثل التحركات الروسية الصينية محور قلق متزايد لدى الولايات المتحدة التي تسعى لدعم نفوذها العسكري وتواجدها في مناطق الصراع سواء مع الصين مثل بحر الصين الجنوبي وتايوان أو مع روسيا، في أوكرانيا ومناطق تمركز الناتو.
التحالف العسكري بين روسيا والصين وربما إيران أيضاً موجود، حتى وإن أنكرته الدول الثلاث لكن محدداته قائمة بالفعل، لأن هناك توافق في الرؤى والأهداف، إضافة إلى تبادل الدعم الأمني والاستخباراتي والعسكري أيضاً فيما بينهم.
من الواضح أن حالة التشاحن السياسي بين الدول الكبرى في العلم قد بلغت مستوى غير مسبوق من التوتر، لكن يبدو أن هناك حرص من كافة الدول على عدم الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مباشرة، لتفادي التداعيات التي قد تنتج عنها، مثلاً قد يتسبب هذا الصراع في انهيار الاقتصاد العالمي، والدخول في حرب طويلة الأمد.
مؤخراً بدأت أوروبا تتجه نحو الصين، خاصة بعد الإعلان عن مقترح السلام من جانب الرئيس الصيني شي بينغ في مارس 2023، الأمر الذي تدعمه أوروبا إذا كان يحمل خطة سلام حقيقية للتهدئة في كييف، خاصة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعتزم زيارة الصين في الخامس من أبريل مصطحباً رئيسة المفوضية الأوروبية أوروسلان فورن ديرلاين.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=87586
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
هوامش
ما قصة “بحر الصين الجنوبي”؟ ولماذا يتم التنازع عليه؟
http://bit.ly/3KkATV1
US and China in first South China Sea encounter since Xi-Biden meeting
http://bit.ly/3U14FCu
واشنطن تعتبر مطالب بكين في بحر الصين الجنوبي “غير قانونية”
https://bit.ly/3JSkvuw
Washington considers Beijing’s claims in the South China Sea “illegal”, China criticizes it
http://bit.ly/40DhDJi
The Strategic Importance of the South China Sea
https://bit.ly/3Kocgb1
بحر الصين الجنوبي… «البيئة الأخطر» للمواجهة بين واشنطن وبكين
http://bit.ly/40VfrMZ
**
Comparison of China and United States Military Strengths (2023)
http://bit.ly/40C9a8W
U.S.-China Relations
http://bit.ly/40VZeak
ما هو أساس الخلاف حول بحر الصين الجنوبي ؟
http://bit.ly/40uWkct
تحالف “أوكوس” وسر إنشائه.. ما تأثيره على التنين الصيني؟
http://bit.ly/42U8XQ5
**
China–Russia relations
https://bit.ly/3zwfBi4
MERICS EU-China Opinion Pool: The Russia factor in EU-China relations in 2023
https://bit.ly/3U7xXiM
Russia, China are not creating military alliance, Putin says
http://bit.ly/40Z4SIF
What a Military Alliance Between Russia and China Would Mean for NATO
https://bit.ly/3GhNPtv
«مواجهة أمريكا».. نواة تحالف روسى صينى محتمل
http://bit.ly/3nIJhFZ
بوتين: خطة السلام الصينية يمكن أن تكون أساساً لإنهاء الحرب
http://bit.ly/3Uag9n2