المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير (26)
مكافحة الإرهاب في أوروبا ـ دور ” يوروجيست ” و “يوروبول”
تعد الملاحقات القضائية لمرتكبي الجرائم الإرهابية خطوة أساسية وهامة في إجراءات مكافحة الإرهاب في أوروبا كونها مرحلة مكملة لعمل أجهزة الاستخبارات الوطنية ووكالات إنفاذ القانون، وتسهم في الكشف عن الدوافع الرئيسية وراء تنفيذ العمليات الإرهابية ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ما يزيد من ثقة المواطن الأوروبي في المؤسسات الحكومية ويعزز من دعائم الأمن المجتمعي لقدرة الأجهزة الأمنية على ردع التنظيمات الإرهابية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تأسيس وكالتي يوروجيست ويوروبول لتسهيل الوصول إلى الأدلة والمعلومات في قضايا الإرهاب ومقاضاة مرتكبي العمليات الإرهابية لاسيما في القضايا العابرة للحدود.
“يوروجيست”
كانت هجمات 11 سبتمبر دافعاً قوياً للاتحاد الأوروبي لإنشاء شبكة من الممثلين الوطنيين من الدول الأعضاء للتنسيق في التحقيقات والملاحقات القضائية وتقديم المشورة في القضايا المشتركة عبر الحدود. وكالة العدل الأوروبية يوروجست- هيئة لمتابعة المقاتلين الأجانب قضائيا. بقلم جاسم محمد
التأسيس
انطلقت مشاورات داخل المجلس الأوروبي في أكتوبر 1999 بشأن وضع رؤية لأداة تعاون قضائي توفر الدعم للإجراءات الأمنية بشأن الجرائم المنظمة العابرة للحدود، وتُرجمت هذه المحادثات بتأسيس وكالة يوروجيست في 28 فبراير 2002 في لاهاي بهولندا كمركز فريد من نوعه للعمل في مجال العدالة الجنائية لتشارك فيه كل دول الاتحاد بمستشارين قانونيين وخبراء بيانات ومحللي حالة.
وسرعان ما نجحت يوروجيست في دعم السلطة القضائية في التكتل الأوروبي والتعاون بين الدول الأعضاء في هذا الإطار القانوني لتتمكن من الوصول لأكثر من (50) سلطة قضائية وتوقيع عدد من الاتفاقيات بين الأعضاء، ما منحها صلاحيات أكثر لمواجهة تحديات تصاعد الهجمات الإرهابية ضد أوروبا بظهور تنظيم داعش في 2014، وفي العام نفسه شاركت يوروجيست في (51) قضية إرهاب، بينما دعمت (74) قضية في 2015، وتدريجياً زادت القضايا إلى (124) قضية في 2016، ووصلت في 2017 إلى (178) قضية إضافة إلى (191) قضية في 2018، بينما توسع دورها لتدعم تحقيقات (223) قضية في 2019 و (217) قضية في 2020 و(221) قضية في 2021.
المهام
يقوم دور يوروجيست على أسس التعاون بين دول التكتل في مجال مكافحة الإرهاب، كونها منصة تنسيق بين السلطات الوطنية لمحاربة التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، وفيما يلي أبرز المهام الموكلة لها:
– الحفاظ على الأمن المجتمعي بتحقيق العدالة الجنائية.
– متابعة قضايا الإرهاب ودعم المحاكمات والتحقيقات المشتركة والتواصل بين الجهات المسؤولة في هذه القضايا خاصة وكالات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات.
– دعم مقاضاة مرتكبي الهجمات الإرهابية بتسهيل الوصول إلى المعلومات الخاصة بالمشتبه فيهم.
– دعم تنفيذ تشريعات الاتحاد الأوروبي بشأن الإرهاب والمتعلقة بإصدار مذكرات التوقيف الأوروبية وتوجيهات الاتحاد.
– تعزيز الإجراءات القانونية والأمنية عبر الحدود لمكافحة الإرهاب.
– المشاركة في التحقيقات المتعلقة بتمويل التنظيمات المتطرفة والتجنيد والتدريب وقضايا الانضمام لهذه التنظيمات ودعمها ونشر الدعاية المتطرفة.
– إنشاء سجل قضائي أوروبي لجمع معلومات حول الخطوات القضائية بشأن مكافحة الإرهاب وتحديد الروابط المحتملة بين العمليات الإرهابية.
– ضمان حماية ضحايا العمليات الإرهابية ودعم حقوقهم.
– تطوير استراتيجية معالجة الإرهاب على مستوى عابر للحدود.
– توسيع التعاون خارج حدود الاتحاد ليشمل دول أخرى لدعم العدالة الجنائية.
– وضع إجراءات قانونية للتعامل مع عودة المقاتلين الأجانب لأوروبا.
– زيادة الوعي على مستوى الاتحاد بتحديات العمل القضائي لتجنب الثغرات في قضايا الإرهاب.
– وضع نهج متماسك بشأن تجريم الجرائم المتعلقة بالإرهاب.
آليات العمل
تعتمد وكالة يوروجيست على آليات التعاون والتنسيق والمساعدة بين الدول الأعضاء، بنقل أدوات الاعتراف وعمليات الاعتقالات والإدانات ومسار التحقيقات وإجراء المحاكمات المعقدة عبر الحدود والمساعدات القانونية مع تبادل الخبرات في حماية حقوق ضحايا العمليات الإرهابية.
وبتوسع استخدام التنظيمات المتطرفة لشبكة الإنترنت اتجهت الوكالة إلى رقمنة العدالة بإنشاء منصة تعاون فريق التحقيق المشترك عبر الحزمة الرقمية في ديسمبر 2021 لدعم مقاضاة مرتكبي الهجمات الإرهابية وتسهيل العمل مع شركاء آخرين خارجها، ومن هنا باتت التقنيات التكنولوجية الحديثة أداة من أدوات يوروجيست بجانب تبادل المعلومات لتضيف لمساهمتها في العمل القضائي ومشاركتها في برنامج العدالة الأورومتوسطية.
تحديات
تكمن التحديات التي تواجه يوروجيست في أدوات جمع الأدلة الإلكترونية والتحقيقات بشأن قضايا التمويل والتجنيد وإمكانية قبولها من المؤسسات الأمنية، وصعوبة تحديد التهديدات الأمنية المتعلقة بالتقنيات الحديثة وتأثيرها على الملاحقات القضائية ما يزيد من التحديات القانونية والعملية في توجيه وكالات إنفاذ القانون، وتمتد التحديات للتعاون بين أعضاء يوروجيست مع شركاء آخرين في جمع الأدلة عن المقاتلين الأجانب ومسار التحقيقات والمحاكمات التراكمية.
إنجازات
نجحت يوروجيست في (21) عاماً إحراز تقدم في العمل القضائي على المستوى الأوروبي، وفيما يلي أبرز الجهود:
– بعد هجمات باريس 2015 ساهمت في إصدار مذكرة التوقيف الأوروبية بشأن تسليم بلجيكا المتهم صلاح عبد السلام إلى فرنسا بعد (4) أشهر من وقوع الهجوم.
ـ وفقًا لتوصية من يوروجيست أنشأ الاتحاد الأوروبي في 5 أغسطس 2019 أول سجل قضائي أوروبي لمكافحة الإرهاب، للتحرك بشكل استباقي قبل وقوع العمليات الإرهابية بناء على بيانات السجل القضائي.
– التعاون مع شبكة وكالات العدل والشؤون الداخلية (JHA) للاستجابة السريعة لقضايا الإرهاب والتعامل بشكل منسق مع ملف عودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم الأصلية في أوروبا.
– الدعوة في مايو 2020 إلى ملاحقة المقاتلين الأجانب الذين انضموا لداعش وعادوا لبلادهم.
– دعم يوروجيست وتمويلها لتحقيق في 2021 في سلوفاكيا والتشيك بشأن استهداف داعش السكان الإيزيديين في سوريا والعراق.
– تعاون السلطات القضائية في فرنسا والسويد في 7 يناير 2022 بناءً على دعوة من يوروجيست لدعم خطوات تتبع الجرائم الدولية التي ارتكبها داعش بحق الإيزيديين.
– في 16 نوفمبر 2022 مباحثات أعضاء يوروجيست حول السجل القضائي الأوروبي لمكافحة الإرهاب والتحقيقات العابرة للحدود.
“يوروبول”
تعد يوروبول جهاز أمني ينسق بين دول الاتحاد في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تدعم تحركات التنظيمات المتطرفة داخل أوروبا وخارجها. استخبارات ـ وحدات الاستخبارات والدفاع داخل الاتحاد الأوروبي
التأسيس
تشكلت وكالة يوروبول في 1991 في لاهاي الهولندية بهدف مكافحة الجريمة المنظمة، وتدريجياً توسع دورها في 1999 للعمل على مكافحة الإرهاب والتهديدات التي تواجه أمن أوروبا، لتصبح وكالة رسمية تابعة للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير 2010، حيث تمتلك (1400) موظفاً و(264) ضابط اتصال في مختلف دول العالم لتدعم أكثر من (40) ألف تحقيق دولي سنوياً.
وعقب هجمات باريس ضمت يوروبول في يناير 2016 مركز أوروبي للتنسيق في مجال محاربة الإرهاب وتعزيز استجابة دول الاتحاد مع التطرف، وتمثل يوروبول وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد ليطلق عليها ” المكتب الأوروبي للشرطة”.
المهام
يرتكز دور يوروبول والمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب التابع لها على الجانبين المعلوماتي والرقابي، ويتمثل في:
– تجميع المعلومات بين الدول الأعضاء ودول أخرى بشأن الإرهاب والجرائم ذات الصلة.
– وضع منظور أوسع للاتحاد في مكافحة الإرهاب وتتبع الجماعات المتطرفة.
– تحليل المعلومات المجمعة من وكالات إنفاذ القانون للتعرف على اتجاهات الأعمال الإرهابية.
– نشر المعلومات الاستخباراتية بين الدول لتعزيز إجراءات مواجهة التهديدات المحتملة.
– التعاون مع منظمات الإنتربول والأمم المتحدة لتنسيق الجهد لمكافحة الإرهاب.
– الكشف عن الصلة بين الإرهاب والجريمة المنظمة.
– تقديم الدعم التقني والجنائي في قضايا الإرهاب.
– مراقبة تمويل التنظيمات المتطرفة وربط الاتصال بين برامج تتبع تمويل الإرهاب في الاتحاد ووحدة الاستخبارات المالية التابعة لليوروبول.
– تحديد أنشطة الجماعات المتطرفة ومكافحة التهديدات المحتملة لأمن أوروبا.
إنجازات
برزت أهمية يوروبول مع تصاعد الهجمات الإرهابية ضد أوروبا، وفيما يلي أبرز خطواتها:
– توافق أجهزة الشرطة الأوروبية على توسيع التعاون في مواجهة “الجهاديين” في 9 فبراير 2017.
– أكدت يوروبول في تقريرها الصادر في 8 أغسطس 2022، أن الحركات الإسلاموية مسؤولة عن (75%) من الهجمات الإرهابية خلل 2021.
– دعم البرلمان الأوروبي دور يوروبول في حماية بيانات الأوروبيين بعد تصديقه على اتفاق مع المجلس الأوروبي يسمح بتعاون الوكالة مع المنصات الرقمية في مايو 2022.
– حذرت يوروبول في 27 مارس 2023 من تعرض تطبيق ” شات جي بي تي” للاختراق الجنائي.
تحديات
وضع المجلس الأوروبي صلاحيات محددة لليوروبول تجنباً لأي أزمة مع الدول الأعضاء والأمن المحلي بها، لذا منع المجلس الوكالة من أي ملاحقة أمنية أو إصدار أمر اعتقال دون تنسيق مسبق مع أجهزة الشرطة المحلية.
تعاون “يوروجيست” و“يوروبول”
تتعاون الوكالتان في مكافحة التطرف عبر الإنترنت بمشروع ” نظام الاستخدام المتكامل لاسترجاع المعلومات (SIRIUS) لتسهيل التحقيقات عن قضايا الإرهاب الإلكتروني وتوعية المنصات بضرورة توفير المعلومات لدعم الإجراءات القانونية والسلطات القضائية، وتعمل يوروجيست مع يوروبول في القضايا العابرة للحدود بتوفير البيانات للسلطات القضائية ووكالات إنفاذ القانون ومعالجة الأسباب الجذرية لظاهرة الإرهاب. أمن أوروبا ـ المنظمات والوكالات، المهام والواجبات (ملف)
تقييم
– دفعت الهجمات الإرهابية خلال العقدين الماضيين أوروبا إلى استحداث وسائل في محاربة الإرهاب بتأسيس هيئات منوطة بتجميع المعلومات ومساندة الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية، خاصة بعد انتقاد بعض السياسيين الأوروبيين استراتيجية الاتحاد في معالجة ظاهرة الإرهاب بعد ظهور داعش واعتماد التنظيمات المتطرفة على المنصات الإلكترونية لجمع الأموال وتجنيد العناصر بعد محاصرتها على أرض الواقع.
– لعبت وكالتا يوروجيست ويوروبول دوراً مهماً في مسار تحقيقات ومحاكمات بعض قضايا الإرهاب، الأمر الذي ساعد في الكشف عن الأسباب الرئيسية وراء تمدد ظاهرة الإرهاب والأدوات التي تستعين بها الجماعات المتطرفة لتشكيل شبكة دولية عبر الحدود.
– تطرق عمل الوكالتين إلى هجمات الذئاب المنفردة تمكنت السلطات الأمنية والاستخبارات من تحديد التهديدات الإرهابية المتحملة من خلال تحليل المعلومات التي تم جمعها عن هجمات سابقة.
– ساهمت التقارير الصادرة من يوروبول في تنبيه الاتحاد لاستمرار خطورة الجماعات الإسلاموية رغم تراجع معدل الهجمات الإرهابية العامين الماضيين، كما دعمت يوروجيست مقاضاة منفذي الهجمات ما انعكس بشكل إيجابي على الأمن الأوروبي.
– رغم أن عمل الوكالتين متكامل إلا أن هناك تحديات تقف أمامهما تتعلق بأنشطة الجماعات المتطرفة عبر الحدود وانتشارها السريع إلكترونياً والطبيعة غير المتوقعة لهجمات الذئاب المنفردة، إضافة إلى ملف المقاتلين الأجانب وصعوبة التنبؤ بحجم مخاطر عودتهم لبلدانهم وتوافر الأدلة وتقديمها للسلطات القضائية لمقاضاة المدانين منهم.
– لذا ينبغي على الاتحاد منح هذه الهيئات صلاحيات أوسع بشأن العمل مع دول أخرى خارج الاتحاد خاصة التي تنتشر فيها الجماعات المتطرفة، والسماح لهذه الهيئات بإصدار قرارات ملاحقات أمنية ومذكرات توقيف بحق المشتبه فيهم للتصدي للهجمات العابرة للحدود وتعزيز الثقة بين دول الاتحاد في تبادل المعلومات ومكافحة الإرهاب.
رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=87865
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
https://www.eurojust.europa.eu/about-us/who-we-are
https://bit.ly/3KAwn4J
Terrorism
https://bit.ly/41ajcOT
Eurojust’s contribution to the fight against terrorism
https://bit.ly/3A03UjV
“يوروبول” يفكك شبكة يُشتبه في صلتها بهجوم “شارلي إيبدو” في 2020
https://bit.ly/3KHrvuy
البرلمان الأوروبي يصادق على تعزيز سلطات “يوروبول” في مسعى لمكافحة الجريمة المنظمة
https://bit.ly/43xIcBn
About Europol
https://bit.ly/408l4Xi