بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ـ وحدة الدراسات”
يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع معاداة السامية في ألمانيا، من حيث أشكالها، ومعدلات الجريمة، واستراتيجية الدولة لمحاربتها، كما يتطرق الملف لموقف ألمانيا من الشعب الفلسطيني. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ مناهج الدراسة
- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ اِرتفاع معدل الجريمة
- أمن دولي ـ موقف ألمانيا من الشعب الفلسطيني وحق إقامة دولته
- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ تدابير وتشريعات حكومية
1- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ مناهج الدراسة
شهدت ألمانيا ارتفاعا في الجرائم المرتبطة معاداة السامية في السنوات الأخيرة، بالرغم من التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية. وكانت قد تبنت الحكومة الألمانية مجموعة من التدابير والتشريعات لمحاربة معاداة السامية من خلال سد الثغرات المتعلقة بالتحريض والكراهية في القانون الألماني، بالتزامن مع مطالبات من الجالية اليهودية في ألمانيا بحماية أفضل لهم ولمؤسساتهم.
أشكال معاداة السامية في ألمانيا
تعد معاداة السامية هي عمل عدائي أو تحيز ضد المواطنين اليهود، وكان تعداد اليهود في ألمانيا قبل عام 1989 يقل عن (30) ألف شخص، معظمهم من الاتحاد السوفيتي السابق، زاد تعداد اليهود في ألمانيا بصورة كبيرة منذ عام1989 ولكنه أرتفع حتى عام 2018 ليصل إلى أكثر من 200 ألف شخص، فاليهود في فرانكفورت يعدون واحدة من أكبر التجمعات اليهودية في ألمانيا بـ (6500) حتى العام 2020.
يتجلى التعبير عن معاداة السامية بأشكال كثيرة، فهناك ما يسمى بـ “معاداة السامية الاجتماعية”، وهناك ما يسمى معاداة السامية “الحديثة”، لكن وفي الأساس، فإن كل أشكال معاداة السامية لها نفس الدوافع. تبني تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” لمعاداة السامية من قبل الأوساط العلمية ومن الحكومة الألمانية والبرلمان الأوروبي، ولكن هناك انتقادات أيضا لهذا التعريف وخاصة من الوسط الثقافي، حيث هناك من يخشى أن يتم تضييق مجال انتقاد إسرائيل.
خلص استطلاع للرأي في الثالث من مارس 2023 إلى أن تصور ماهية معاداة السامية وكيف يتم التعبير عنها يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا. أحد الأمثلة على ذلك هو الطريقة التي تحدثت بها وسائل الإعلام عن الهجوم الإرهابي على كنيس يهودي في “هاله” في عام 2019 باعتباره “جرس إنذار”، لكن بالنسبة للمتضررين، كان هذا بمثابة تحقيق لشيء كانوا يتوقعونه لسنوات.
تنامي جرائم معاداة السامية
سجلت السلطات الألمانية في عام 2021 حوالي (3028) جريمة معاداة للسامية بزيادة ما يقرب من (700) جريمة عن العام 2020. وأشارت الإحصاءات التي نشرتها الداخلية الألمانية إلى معدلات العنف المرتبط بمعاداة السامية العام 2018 حيث سجل (1664) جريمة كراهية ضد اليهود خلال العام 2018، وذلك بزيادة (10%) مقارنة بالعام 2017. وفي الفترة ما بين عامي 2001 و 2015، كان هناك سنويا ما بين (1268 و 1809) جريمة معادية للسامية، أي ما متوسطه (1522) جريمة معادية للسامية، بما في ذلك (44) جريمة نتيجة أعمال العنف.
تعد معاداة السامية في ألمانيا ليست مشكلة على هوامش الطيف السياسي فحسب، بل هي “متجذرة بعمق” في وسط المجتمع. يعتبر غالبية الناس في ألمانيا معاداة السامية ظاهرة منتشرة، إذ أجاب (60%) من المشاركين في استطلاع بالرأي بـ”نعم، على الأرجح” أو “نعم، بالتأكيد”، رداً على سؤال فيما إذا كانت معاداة السامية منتشرة على نطاق واسع. وكان هذا رأي (53%) من المسلمين. وقال نحو ثلثي المشاركين إنهم مقتنعون بأن مشكلة معاداة السامية تفاقمت خلال السنوات العشر الماضية، فيما يرى ذلك نحو (50%) المسلمين المستطلعة آراؤهم. معاداة السامية في ألمانيا ـ تنامي خطابات الكراهية
معادة السامية على الإنترنت
حققت الأجهزة الأمنية الألمانية في (14) فيما يسمى بمنشورات الكراهية على الإنترنت هذه العملية بحسب الشرطة هي واحدة من (91) عملية للشرطة في ألمانيا، حيث ازداد عدد منشورات الكراهية المرتبطة بمعاداة السامية على الإنترنت منذ فترة طويلة في عام 2021. تقول “فون شنورباين” مفوضة الاتحاد الأوروبي لمكافحة معاداة السامية وتعزيز الحياة اليهودية “إن “الإنترنت هي البوابة الأولى لمعاداة السامية في غرف المعيشة لدينا. واشارت “فون شنورباين” إلى “أن الكراهية والإثارة على الإنترنت تتزايد أكثر فأكثر”، وأضافت “ربما ستكون الاستراتيجية الألمانية لمعادة السامية علامة فارقة في تاريخ الجمهورية الاتحادية”
يتابع المنصات الألمانية المعادية للسامية ما يقرب من (4) ملايين متابع لذلك يتم الترويج لمعاداة السامية إلى حد كبير على منصات التواصل الاجتماعي. أقيم دعوى قضائية على تويتر في 25 يناير 2023 في محكمة ألمانية لأنها لم تحذف محتوى معاديا للسامية وتشمل الدعوى التي رُفعت في إحدى محاكم برلين، (6) منشورات معادية للسامية وتتضمن عدم التسامح فضلا عن التهديدات والسلوك المثير للكراهية. ولكنها لم تُحذف من قبل تويتر على الرغم من الإبلاغ عنها. ويقول مقيمو الدعوى القضائية أنه رُفض صراحة حذف منشورات تنكر المحرقة النازية “الهولوكوست” خصوصا أن إنكار المحرقة النازية “الهولوكوست” جريمة في القانون الألماني.
تزايد معاداة السامية في المؤسسات التعليمية
حذرت السلطات الألمانية في 27 مايو 2023 من انتشار معاداة السامية في مدارس الولايات وألزمت المدارس بالإبلاغ عن الحوادث المتعلقة بهذا الشأن، وشددت على ضرورة تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع معاداة السامية والعنصرية لا سيما أن المعلمين يلعبون دورا مركزيا في مكافحة معاداة السامية، بالإضافة إلى إلقاء نظرة فاحصة على الطريقة التي يتم بها تدريس اليهودية في الكتب المدرسية. بالإضافة إلى البحث في “ديناميكيات ومظاهر وتأثيرات معاداة السامية في أوروبا، وتطوير المواد التعليمية الرقمية المتعددة اللغات للوقاية من معاداة السامية بالتعاون مع مدارس في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا ورومانيا”. كان هناك ثمة محاولات من معلمي المدارس الألمانية لمواجهة معاداة السامية بين أبناء اللاجئين وتلاميذ ذوي أصول مهاجرة. معاداة السامية في أوروبا ـ تصاعد معاداة السامية
استراتيجية مكافحة معاداة السامية
تنفذ الحكومة الألمانية الاتحادية أحد متطلبات المفوضية الأوروبية لمعاداة السامية، وتعتبر لألمانيا دورا رئيسيا في هذا المجال فهي سابع دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم مثل هذا المفهوم. اعتمدت الحكومة الألمانية خطة عمل لمكافحة معاداة السامية في السابع من ديسمبر 2022 عبر نشر الوعي عن معاداة السامية وتستهدف الاستراتيجية أيضا الجهات الفاعلة مثل النوادي الرياضية من خلال وضع أسس تعليمية لمنع كراهية اليهود، وضرورة إبراز أهمية ثقافة الذاكرة والوعي المرتبطة بالتاريخ.
كشفت وزارة الداخلية الألمانية في العام 2021 عن وضع إجراءات وطنية موحدة تسمح باتخاذ إجراءات قانونية ضد التجمعات والمظاهرات المعادية للسامية في محيط الكنس وغيرها من المؤسسات اليهودية، وإنه لن يتم التسامح مع معاداة السامية “تحت غطاء حرية التعبير والتجمع وتشديد العقوبات على الأعمال المعادية للسامية كسن قوانين تفرض عقوبات أشد على جرائم الكراهية وانتهاك حرمة مؤسسات الطوائف الدينية.
حكمت محكمة في فرانكفورت على شاب ألماني بالسجن ثلاث سنوات و10 أشهر بعد إدانته بمحاولة تشكيل جماعة مستوحاة من شبكة “أتوموافن ديفيجن” المعروفة بأيديولوجيتها العنصرية والمعادية للسامية، وهي من حركات النازيين الجدد ومقرها في الولايات المتحدة، والتخطيط لهجمات إرهابية ببنادق ومتفجرات على سياسيين ويهود ومهاجرين. أدان المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا الهجمات على اليهود في ألمانيا وأكد أن “معاداة السامية والعنصرية والكراهية خطايا كبيرة في الإسلام، ونحن لذلك لا نتسامح معها. وأعربت الجالية المسلمة في ألمانيا في العام 2018 عن تضامنها مع الطائفة اليهودية ونددت باي أعمال عنف تتعرض لها.
يعد أمن المؤسسات اليهودية من أكثر القضايا المطروحة في ألمانيا بعد هجوم هاله 2019 عبر توفير أبواب مقاومة للرصاص أو أسوار أو أقفال الدخول بدرجة أكبر من الأمان، وتقديم (22) مليون يورو إضافية لحماية المنشآت اليهودية على المستوى الاتحادي. أصبحت مواقف الساسة الألمان أكثر تشددا تجاه أي نوع من معاداة السامية، حتى أن سياسيين ألمان تحدثوا عن أن مثل هذه السلوكيات يمكن أن تكون “سببا للترحيل من البلاد”.
وقالت “أنغيلا ميركل” المستشارة الألمانية السابقة «شكل آخر لمعاداة السامية” بين اللاجئين في ألمانيا. وعدت المستشارة “انغيلا ميركل” بموقف حازم للحكومة الألمانية في مواجهة ظاهرة معاداة السامية وعدم التمكن من ترك أي حضانة أو مدرسة أو كنيس يهودي دون حماية أمنية، ففي هامبورج على سيبيل المثال حققت الأجهزة الأمنية في الولاية من حالة الخطر لجميع المرافق اليهودية لمعرفة ما إذا كانت هناك نقاط ضعف هيكلية في المباني”. معاداة السامية في فرنسا ـ قوانين وسياسات
**
2- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ اِرتفاع معدل الجريمة
سجلت جرائم معاداة السامية في ألمانيا معدلات مرتفعة وساهمت الجماعات المتطرفة في تنامي معاداة السامية في ألمانيا، وكانت نظريات المؤامرة لهما دوراً في ذلك. بالإضافة إلى تنامي المحتوى المعادي للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي وزيادة التفاعل معه، لذلك اعتمدت السلطات الألمانية تشريعات قانونية وعززت من الإجراءات الأمنية في محيط الكنس وغيرها من المؤسسات اليهودية لمحاربة معاداة السامية.
جرائم معاداة السامية
سجل عدد جرائم معاداة السامية في العاصمة الألمانية برلين مستوى قياسياً جديداً في العام 2022: وسجل ارتفاعاً مطرداً لهذه القضايا خلال السنوات الماضية: حيث وصل عددها في عام 2021 إلى (661) قضية: وفي عام 2020 كان قد وصل إلى (417) قضية: وفي عام 2019 إلى (386) قضية. يقول “فلوريان هنغست” مفوض معاداة السامية في برلين في 12 مارس 2023 إن عدد هذه الجرائم التي تم تسجيلها لدى الادعاء العام في العام 2022 وصل إلى (691) جريمة. وأضاف “هنغست” : “هكذا تواصل للأسف الارتفاع المطرد وشهدنا ارتفاعاً كبيراً بالفعل”. وتابع “معادة السامية تظهر في الحياة اليومية وهي متجذرة بعمق في أجزاء من المجتمع” مشيراً إلى وجود اتجاه يتعلق بتعضيد معاداة السامية عن طريق سرديات المؤامرة، وإن الخطة النموذجية في هذا تتمثل في تحميل اليهود “بطريقة خبيثة” المسؤولية عن أمور ليس لهم علاقة بها”.
معاداة السامية الأكثر انتشاراً
تعد معاداة السامية مشكلة “متجذرة بعمق” في المجتمع الألماني، لكنها أكثر انتشاراً بين المسلمين واليمينيين المتطرفين، فيما يتعلق بالأحكام المسبقة عن اليهود، أظهر استطلاع للرأي أن معاداة السامية منتشرة أكثر بين المسلمين وناخبي “حزب البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي. حين أكد (34%) من المستطلعة آراؤهم أن “اليهود استخدموا وضعهم -كضحايا للهولوكوست- لصالحهم”، بلغت النسبة بين المسلمين (54 %) ولدى ناخبي “البديل” (48%). وبينما أكد (23%) من المشاركين في الاستطلاع إن اليهود لديهم نفوذ كبير جدا في الاقتصاد، بلغت النسبة لدى المسلمين (49%) ولدى ناخبي “البديل” (39%) ونحو (43%) من المواطنين في ألمانيا لا يعتبرون ثقافة إحياء ذكرى جرائم النازية ضرورية.
أدانت العديد من الجمعيات الإسلامية في ألمانيا الشعارات المعادية للسامية، وأن مظاهرات للمسلمين معادية للسامية في برلين بعد قرار واشنطن حول القدس أخبار كاذبة ، بالتزامن مع مطالبات أنه آن أوان الاعتذار عن شيطنة المسلمين وتخويف اليهود بلا ضرورة. محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ مناهج الدراسة
معاداة السامية ونظريات مؤامرة
لفتت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، التي تتابع عن كثب نشاطات وبيانات هيئات المجتمع المدني في جميع أرجاء القارّة، إلى أن ألمانيا شهدت ارتفاعا هو الأعلى في حوادث معاداة السامية العام 2020 مع انتشار “اعتقادات خاطئة ونظريات مؤامرة جديدة تلقي باللائمة على اليهود” في تفشي جائحة كورونا. تشير الإحصائيات أنه خلال الأشهر الأولى من تفشي الجائحة كانت (44%) من حوادث معاداة السامية المسجلة “على ارتباط بفيروس كورونا”. لوحظ زيادة حادة في المحتوى المعادي للسامية على الإنترنت تظهر زيادة بمقدار (13) مرة في ألمانيا، كما يعد تفاعل الجمهور مع المنشورات المعادية للسامية أمراً مهماً أيضاً كما تلقى المحتوى الألماني المعاد للسامية على “Telegram”، أكثر من ملياري مشاهدة بين يناير 2020 ومارس 2021.
زادت جائحة “COVID-19” من مشاعر معاداة السامية في ألمانيا بسبب انتشار النظريات التي تلقي باللوم على اليهود في الفيروس. فمنذ أن بدأ وباء في عام 2020، تم وضع علامة على أكثر من (180) ألف مشاركة (1 من 40) على أنها معادية للسامية بين حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الألمانية والفرنسية التي تنشر منشورات معاداة السامية المتعلقة بجائحة “COVID-19″، وهناك مؤثرون ألمان من اليمين المتطرف يزعمون أن فيروس كورونا من اختراع المجتمع اليهودي وأنه يمثل تتويجًاً لمحاولات “الجماعات اليهودية السرية” لتخريب ألمانيا.
معاداة السامية واليمين المتطرف
تشير الإحصائيات الرسمية في ألمانيا في 11 مايو 2023 أن غالبية الجرائم المرتبطة بمعاداة السامية بنسبة (84%) نسبت إلى اليمين المتطرف. وفي العام 2018 هناك أكثر من (90%) من جميع الجرائم المعادية للسامية ترتبط بشكل مباشر باليمين الألماني المتطرف. كما أن هناك بعض الحوادث المعادية للسامية لا يمكن تخصيصها لوجهة نظر سياسية محددة. وأعرب المجلس المركزي لليهود في ألمانيا عن اعتقاده بوجود خطر حقيقي من جانب التيار اليميني المتطرف في ضوء اتهامات الإرهاب الموجهة إلى “مواطني الرايخ” في ديسمبر 2022.
اعتزم أعضاء يهود بـ”حزب البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف في العام 2018 تأسيس رابطة على مستوى ألمانيا، وأكد الحزب أن هناك بعض الوقائع المعادية للسامية في صفوف حزب البديل، ولكن يتم المبالغة بشكل مفرط في الإدراك العام لتأثير هؤلاء الأعضاء بالتزامن، مع تأكيدات أن الحزب ليس معادياً للسامية، لكنه يتسامح مع الخروقات المتعلقة بمعاداة السامية.
معاداة السامية واللاجئين في ألمانيا
يرى بعض الساسة الألمان أن شكل جديد “مستورد” من معاداة السامية جلبه مهاجرون أو مع موجة اللاجئين ويرى ساسة أخرون أن معاداة السامية كظاهرة ليست مسألةً جديدةً ظهرت مع اللاجئين. وبالنسبة للباحثين عن التطرف على الإنترنت وفي المجال العام، فإن الخطاب المعادي للسامية منسوج بإحكام في الروايات اليمينية المتطرفة التي تدعي الترويج لمواضيع معادية للنخبة أو معادية للاستبداد، تجدها على الإنترنت وتعد معاداة السامية الألمانية أكثر ترميزًا أو مشفرة في الأول من أبريل 2023
أكدت سينا أرنولد من “مركز أبحاث معاداة السامية” في جامعة برلين التقنية “اعتمادًا على نوع معاداة السامية التي ينظر إليها المرء، يظهر الأشخاص ذوي الأصول المهاجرة والمسلمون مواقف معادية للسامية أكثر أو أقل من الأشخاص الذين ليسوا من أصول مهاجرة أو غير المسلمين”. وتشير أرنولد إلى أنه لا يمكن استخلاص نتائج شاملة حول انتشار معاداة السامية في المجموعات السكانية التي تمت دراستها. معاداة السامية في أوروبا ـ تصاعد معاداة السامية
معاداة السامية والقضية الفلسطينية
تسببت القضية الفلسطينية وتصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقتل مئات الأشخاص في مايو 2021 في (60%) من الحوادث المعادية للسامية المبلغ عنها في ألمانيا، وارتفع عدد الحوادث مرتبطة بالقضية الفلسطينية في مايو 2021 من (20) في الأسبوع الأول إلى (193) في الأسبوع الثاني. وتعد غالبية الرسائل المعادية للسامية التي يراها الألمان اليوم مركزة على الإنترنت تضمنت هذه الرسائل أن “الإسرائيليين يتصرفون مثل النازيين تجاه الفلسطينيين”. ويعتقد (69%) من الألمان أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني له تأثير على نظرة الناس لليهود في ألمانيا، بالإضافة إلى ذلك (73%) من اليهود في ألمانيا شعروا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أثر على سلامتهم في ألمانيا.
مخاوف من تنامي معاداة السامية في ألمانيا
كشفت السلطات الألمانية في 11 مايو 2023 أن مواطن ألماني حاول إحراق متعمد لكنيس في منطقة “شمال الراين- فستفاليا” بأوامر من دول خارجية وتلقى تعليمات من قبل وسيط “يتصرف نيابة عن وكالات استخباراتية خارجية. سعى المتهم إلى اقناع أحد معارفه بإضرام النار في كنيس في “دورتموند” باستخدام زجاجة حارقة، ولكنه رفض ذلك، ثم أختار الوسيط بعدها كنيس آخر في مدينة “بوخوم” وليس “دورتموند” كهدف للهجوم.
اشتكى المجلس المركزي لليهود في ألمانيا من تسجيل المزيد من أعمال العنف المعادية للسامية في ألمانيا. وأكد “جوزيف شوستر” رئيس المجلس “لم يتوقف الأمر على الكلمات والأضرار التي تلحق بالممتلكات، ولكن العنف بات يستهدف بشكل متزايد اليهود أنفسهم مباشرة”. وتشمل جرائم العنف الأذى البدني الخطير والسرقة، فضلاً عن هجمات الحرق العمد والتحريض على جرائم الكراهية. فعدد أعمال العنف المعادية لليهود في 28 فبراير 2023 ارتفع من (63 – 88) جريمة في عام 2022 مقارنة بالعام 2021 .
جهود ألمانيا لمكافحة معاداة السامية
كثفت الحكومة الألمانية من مكافحة معاداة السامية في عموم البلاد. عبر وضع إجراءات وطنية موحدة تسمح باتخاذ إجراءات قانونية ضد التجمعات والمظاهرات المعادية للسامية في محيط الكنس وغيرها من المؤسسات اليهودية. ووافقت على شروط جديدة للحصول على الجنسية الألمانية، وسط مطالبات بأن كل إدانة بجريمة معادية للسامية، أو بالعنصرية يجب أن تؤدي إلى استبعاد المدان من الحصول على الجنسية الألمانية.
تمتلك (15) ولاية من أصل (16) ولاية فيدرالية ألمانية مفوضين لمحاربة معاداة السامية، ونظموا دورات تدريبية للسلطة القضائية والشرطة حول هذه القضايا ما يكون لها تأثير إيجابي على الوقاية في الأول من أبريل 2023. أطلقت ولاية بافاريا الألمانية “مفهوماً شاملاً” من حوالي (100) صفحة عن “الحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية”، مشيرة إلى أنه يتم تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين الوزارات يشارك فيها ممثلو الطوائف الدينية اليهودية في “بافاريا ” لمكافحة معاداة السامية. في 12 مايو 2022. معاداة السامية في ألمانيا ـ تنامي خطابات الكراهية
**
3 ـ أمن دولي ـ موقف ألمانيا من الشعب الفلسطيني وحق إقامة دولته
تسعى ألمانيا لأن توازن ما بين “التزام” تأريخي أمام شعب إسرائيل واليهود، وما بين دعم الشعب الفلسطيني في اقامة دولته، وهذا ما يمثل مهمة غير سهلة إلى ألمانيا. و في الوقت التي تدين فيها ألمانيا أعمال بعض الفصائل الفلسطينية باستهداف الداخل الإسرائيلي، هي أيضاً تعطي الحق إلى إسرائيل بالرد والدفاع عن النفس. وبينما تؤكد ألمانيا دائماً حق إقامة الدولتين، وترفض دوماً بناء المستوطنات، إلا أنها رفضت مشروع نقل السفارات إلى القدس الشرقية، وهذه مهمة صعبة، تجعل ألمانيا ان تكون أكثر حذر بتعاملها مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ألمانيا وإسرائيل – مصالح مشتركة
استغرق الأمر وقتاً طويلاً جداً حتى أقامت إسرائيل وألمانيا علاقات دبلوماسية رسمية، حيث كانت هناك في إسرائيل تحفظات كثيرة على إقامة علاقات مع “بلد الجناة” (في إشارة إلى فترة حكم النازيين و”الهولوكوست”). لكن مع مرور الوقت أصبحت هناك علاقات وثيقة جداً بين إسرائيل وألمانيا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
الاستراتيجية الألمانية: يتم تأطير التأكيد على المسؤولية عن أمن إسرائيل بشكل متزايد من حيث الحاجة إلى توفير “ملاذ آمن” لليهود الإسرائيليين. يؤكد ذلك خطاب المستشارة ميركل أمام الكنيست عام 2008 حيث أعلنت أن أمن إسرائيل جزء لا يتجزأ من سبب وجود ألمانيا. وبالمثل، فإن وزارة الخارجية الألمانية، وكذلك مقترحات استراتيجية الجيش الألماني لعام 2016، الإشارة إلى “المسؤولية الخاصة” لحماية “أمن إسرائيل” و “الحق في الوجود” كأولويات استراتيجية للسياسة الخارجية والأمنية الألمانية.
استمرت شحنات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل مع تسليم غواصات من طراز دولفين، يعتقد أنها مزودة برؤوس حربية نووية في إسرائيل. بشكل عام، أثبت البرنامج أنه مفيد لصناعة بناء السفن الألمانية، حيث عوضت إسرائيل التكاليف بالإيرادات المكتسبة من المشتريات الألمانية من المعدات الإسرائيلية عالية التقنية، مثل الطائرات بدون طيار وغيرها مما يسمى بالتكنولوجيا الأمنية. كانت ألمانيا واحدة في العقد الماضي، من أكبر مستوردي هذه المعدات الإسرائيلية، في المرتبة الثانية بعد الولايات، وفقاً لتقرير تصدير الأسلحة نصف السنوي للحكومة. يستخدم الجيش الإسرائيلي على نطاق واسع التكنولوجيا “ذات الاستخدام المزدوج” من ألمانيا، مثل محركات الدبابات، وأجهزة الملاحة المساعدة، وأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء، ويشارك مصنعو الأسلحة من كلا البلدين حالياً في التطوير المشترك لأنظمة أسلحة جديدة
والعلاقات على مستوى المجتمع المدني قوية بنفس القدر. مجموعة الصداقة البرلمانية الألمانية الإسرائيلية هي ثاني أكبر مجموعة في البوندستاغ بينما تحافظ النقابات العمالية الألمانية، وكذلك الجمعيات الكنسية والثقافية، على روابط واسعة مع نظيراتها الإسرائيلية. وفي تطور مثير للاهتمام، اتخذ حوالي ثلاثين ألف إسرائيلي – معظمهم من الشباب من المهنيين الأشكناز من الطبقة الوسطى – من برلين موطنا لهم في السنوات الأخيرة.محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ اِرتفاع معدل الجريمة
موقف ألمانيا من إقامة الدولة الفلسطينية
يتصف الموقف الألماني بالتعقيد والحساسية بالنسبة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تعقيدات الموقف الألماني تتمثل بعدّة زوايا أولها أن ألمانيا لديها نظرة انتقادية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية، ولديها أيضا قلق من أوضاع حقوق الانسان في إسرائيل. كما أن ألمانيا أيضاً هي أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، الذي يدعم بدوره الفلسطينيين سياسياً واقتصادياً. ومن زاوية أخرى “فإن ألمانيا تعتبر أهم شريك لإسرائيل، بعد الولايات المتحدة، ولأسباب تاريخية هناك دعم ألماني لإسرائيل.
وفقاً لوزارة الخارجية الألمانية، تشكل الجهود المبذولة من أجل التوصل الى سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط أحد المحاور الرئيسية في السياسة الالمانية الخارجية. ويعتبر بناء دولة فلسطينية ديمقراطية ومتصلة وقادرة على الحياة أمر جوهري لإحلال السلام طويل الأمد في منطقة الشرق الأوسط، فحل مستدام للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني يتواءم وتصور ألمانيا وشركائها يمكن الوصول إليه فقط من خلال مفاوضات تقود إلى حل على أساس دولتين: دولة إسرائيل ودولة فلسطينية ديمقراطية وقابلة للحياة تعيشن في أمن وسلام إلى جانب بعضهما البعض.
يتضح موقف ألمانيا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال تصريح المستشار الألماني، أولاف شولتز عقب اجتماع مع الرئيس الفلسطيني في برلين في 17 أغسطس 2022 من أنه يرى أن الوقت ليس مناسباً للاعتراف بدولة فلسطينية، داعيًا إلى حل تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين، قبل تغيير الوضع الحالي لفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة. وقال شولتز: “هذا ليس الوقت المناسب لتغيير هذا الوضع. يجب أن تستند الخطوات الأخرى إلى حل تفاوضي مع إسرائيل”.
الموقف الألماني الذي عبر عنه شولتز يبدو متناسقًا مع الموقف الأمريكي، الذي عبر عنه الرئيس جو بايدن بقوله إن خيار حل الدولتين هدف بعيد جداً. وكان قد عارضت ألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مشروع قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبيه (87) صوتاً في 31 ديسمبر 2022 يطالب محكمة العدل الدولية إبداء “رأي استشاري” في مسألة الاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية، وتحديد “العواقب القانونية لانتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير” بالإضافة إلى إجراءاتها “لتغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة القدس وطابعها ووضعها”، واعتماد إسرائيل تشريعات وإجراءات تمييزية لتكريس هذه السياسة غداة تولي بنيامين نتانياهو رئاسة حكومة هي الأكثر يمينية بتاريخ إسرائيل. معاداة السامية في ألمانيا ـ تنامي خطابات الكراهية
معاداة السامية
تعد معاداة السامية تهمة كبيرة في ألمانيا. هذا البلد المسؤول عن الإبادة الجماعية لليهود في أوروبا قبل ثمانين عاماً، والمسؤول عن معسكرات الاعتقال وإبادة ستة ملايين من اليهود. لذلك فإن الرأي العام في ألمانيا يتعامل بحساسية أكبر مع مسألة كراهية اليهود. وبالتالي، إنكار المحرقة ممنوع في ألمانيا، والشتم أو الاعتداء على اليهود يمكن معاقبته كجريمة تحريض، وكذلك حرق العلم الإسرائيلي في مظاهرة معادية لإسرائيل يعتبر جريمة يمكن ملاحقتها قانونياً.
يثور الجدل والخلاف في حال معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل حول الفرق والحدود بين ما يسمى بانتقاد إسرائيل وكراهيتها أو كراهية اليهود. حاولت منظمة “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” وضع تعريف لمعاداة السامية، إذ يمكن أن تكون تجليات معاداة السامية موجهة لدولة إسرائيل أيضا.
تجدر الإشارة إلى أنه تم تبني تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” لمعاداة السامية من قبل الأوساط العلمية ومن الحكومة الألمانية والبرلمان الأوروبي أيضاً. ولكن هناك انتقادات أيضاً لهذا التعريف، وخاصة من الوسط الثقافي، حيث هناك من يخشى أن يتم تضييق مجال انتقاد إسرائيل. هناك تعريفات أخرى يمكن أن تساعد في معرفة معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل، فبموجب قاعدة 3D يكون انتقاد إسرائيل معاداة للسامية إذا تم “شيطنتها أو نزع الشرعية عنها أو لدى ازدواجية المعايير”.
رفض ألمانيا منح تراخيص لتظاهرات مؤيدة لفلسطين
رفضت السلطات الألمانية في 13 مايو 2023 منح تراخيص لمظاهرات وتجمعات مؤيدة للفلسطينيين ببرلين بمناسبة ذكرى النكبة، وقالت الشرطة الألمانية إن هذه الفعاليات تتضمن دعوة إلى الكراهية، وتنكر حق إسرائيل في الوجود، وأشارت إلى صلات مزعومة بين التظاهرات وتنظيمات فلسطينية.
أعلنت الحكومة الألمانية في 17 أغسطس 2022، استدعاء رئيس البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في برلين للاحتجاج على تشبيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأعمال الإسرائيلية بالمحرقة، قائلاً إن “اسرائيل ارتكبت منذ عام 1947 حتى اليوم (50) مجزرة في (50) موقعاً فلسطينياً”، وأردف ” (50) مجزرة (50) هولوكوست”. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية: “من الواضح بالنسبة لنا، الحكومة والمستشار، أن الاضطهاد والقتل الممنهج لستة ملايين يهودي أوروبي جريمة لا مثيل لها ضد الإنسانية”، في حين عبر المستشار الألماني أولاف شولتز عن رفضه لتلك التصريحات بعبارات واضحة: “أي تهوين من شأن الهولوكوست هو أمر لا يمكن احتماله ولا قبوله بالذات بالنسبة لنا نحن الألمان”.
أصدر البرلمان الاتحادي الألماني – البوندستاغ – في 17 مايو 2019 قراراً أدين فيه حركة المقاطعة (BDS) باعتبارها معادية للسامية. ودعيت المؤسسات الحكومية في ألمانيا إلى عدم دعم أي أنشطة لحركة المقاطعة أو أي مجموعات “معادية للسامية وـ أو تطالب بمقاطعة الإسرائيليين والشركات والمنتجات الإسرائيلية”. وقد حظيت هذه الخطوة غير العادية للبرلمان بتأييد جميع الأحزاب السياسية بتوافق الآراء: أحزاب الاتحاد المسيحي (CDU و CSU) والديمقراطيون الاجتماعيون (SPD) والحزب الليبرالي (FDP) وحزب الخضر. محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ مناهج الدراسة
**
4- محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ تدابير وتشريعات حكومية
تعد ألمانيا نموذجاً للتعايش بين جميع الجنسيات والأعراق والأديان بحكم ما يضمنه الدستور والقانون الألماني، لذا تمثل مكافحة معاداة السامية أمراً ملحاً للقضاء على العنصرية والتمييز في المجتمع الألماني، في ظل تصاعد جرائم معاداة السامية خلال الفترة الأخيرة، ما دفع الحكومة الألمانية إلى اتخاذ إجراءات مشددة وإقرار قوانين وتشريعات واتباع خطوات من شأنها رفع الوعي والتصدي للحوادث العنصرية، بهدف جعل مكافحة معاداة السامية مسؤولية مشتركة بين صناع القرار ومختلف فئات المجتمع الألماني.
استراتيجية مكافحة معاداة السامية
إجراءات قانونية
مع استغلال بعض المجموعات المتطرفة مظاهرات دعم القضية الفلسطينية وترديد شعارات كراهية لليهود، أعلن وزراء داخلية الولايات الألمانية ووزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر في 18 يونيو 2021 تكثيف مكافحة معاداة السامية في عموم ألمانيا مؤكداً على ضرورة أن يعيش اليهود في أمان بألمانيا، واتفق وزراء الولايات الـ (16) خلال المؤتمر المنعقد في مدينة روست بولاية بادن – فورتمبرغ، على وضع إجراءات وطنية موحدة واتخاذ إجراءات قانونية ضد التجمعات المعادية للسامية في محيط الكنس والمؤسسات اليهودية.
في العام نفسه وافق الائتلاف الحكومي على وضع شروط جديدة للحصول على الجنسية الألمانية، وأن كل إدانة بجريمة معادية للسامية أو بالعنصرية تؤدي إلى استبعاد المدان من الحصول على الجنسية، نظرا لأن هذه الأعمال تعد مخالفة للكرامة الإنسانية التي يكفلها الدستور الألماني.
خطة وطنية
حرص المستشار الألماني أولاف شولتس، في 9 أكتوبر 2022 للذكرى الثالثة لهجوم “المعبد اليهودي بمدينة هاله” على تأكيد موقف بلاده من مكافحة التطرف اليميني بكافة أشكاله، الأمر الذي تُرجم على أرض الواقع في 30 نوفمبر 2022 في صياغة “استراتيجية وطنية ضد معاداة السامية والحياة اليهودية” والتي من المتوقع تقييمها بحلول نهاية عام 2023، حيث تعمل الاستراتيجية على جمع الإحصائيات والتعلم وسياسات الذاكرة ورفع الوعي وضمان الأمن ومعاداة السامية.
وتجمع ألمانيا عبر هذه الخطة بين الجانبين الأمني والقانوني إضافة إلى الجانبين السياسي والتعليمي، بهدف تشديد الإجراءات وجعل خطوات مكافحة معاداة السامية أكثر حزماً، لاسيما وأن الإحصائيات الخاصة بجرائم معاداة السامية أشارت إلى أن الجرائم بلغت 691 جريمة في 2022 بجانب ارتفاع منشورات الكراهية ضد اليهود عبر الإنترنت منذ عام 2021.معاداة السامية في ألمانيا ـ تنامي خطابات الكراهية
ونظراً لإدراك المؤسسات الألمانية أن شبكة الإنترنت البوابة الأولى لانتشار الأفكار المتطرفة المعادية للسامية، توافق المسؤولون الألمان مع الجمعيات اليهودية على ضرورة مكافحة لغة الكراهية بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عبر الاستراتيجية التي أقرتها الحكومة الألمانية.
وتركز الاستراتيجية على وضع أسس تعليمية ونشر الوعي لمنع انتشار خطر كراهية اليهود، عبر إحياء الوعي والذاكرة المرتبطة بالتاريخ وإشراك مختلف فئات المجتمع في مسؤولية مكافحة معاداة السامية، إضافة إلى استهداف المؤسسات والأنشطة المجتمعية ضمن الجهات والأدوات الفاعلة في تطبيق هذه الاستراتيجية.
وتعد ألمانيا في مقدمة الدول الأوروبية التي تتبنى خطة واضحة لمنع انتشار كراهية اليهود، بإتاحة الفرصة للجمعيات اليهودية للمشاركة في وضع خطة لمكافحة معاداة السامية، حيث اقترحت عدد من الجمعيات أن تتضمن الاستراتيجية أموراً ملموسة في الحياة العامة مثل مناقشة الحياة اليهودية على المستوى الأوروبي بهدف تعزيز الحياة اليهودية عبر الحدود.
ألمانيا مكان آمن للجميع
تعزز القوانين والتشريعات الألمانية احتفاظ جميع المواطنين الألمان والأجانب المقيمين بنفس الحقوق والواجبات، ما يجعل ألمانيا مكاناً آمناً لا يسمح بتكريس مفاهيم العنف والكراهية ولا يفرق بين شخص وآخر، وفي 10 فبراير 2022 أطلقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دعوة لمكافحة حازمة لمعاداة السامية خلال زيارتها لنصب ” ياد فاشيم” التذكاري بإسرائيل لتخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست، مؤكدة على مسؤولية مواجهة التحريض والإقصاء في المجتمع الألماني.
وفي الوقت نفسه أبدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في 23 أبريل 2022، رفضها للعبارات المعادية لليهود في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في العاصمة الألمانية برلين، وتبنى عدد من الكتاب والنخبة بألمانيا موقفاً موحداً من هذه الهتافات عبر وسائل الإعلام، رافضين انتشار هذه الشعارات تحت غطاء مساندة القضية الفلسطينية.
ودعا مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية فيليكس كلاين في 27 مايو 2023، إلى توفير فرص تدريب للمعلمين كجزء من تدابير مكافحة معاداة السامية، خاصة وأن الأطفال عرضة أيضا لبعض الممارسات داخل المؤسسات التعليمية في ألمانيا، وقال كلاين ” أن معاداة السامية تنتشر في المدارس بين التلاميذ والمعلمين أيضا”، مطالباً بإدراج التعامل مع معاداة السامية ضمن مكون تدريب المعلمين وجعل الإبلاغ عن هذه الحوادث في المدارس إلزامياً.
وتوافق هذا التوجه مع رؤية وزيرة التعليم الألمانية وقتها بيتينا شتارك-فاتسينغر، التي أكدت على أن دور المعلمين مركزياً في مكافحة كراهية اليهود، ما دفع الوزارة لإطلاق مشروعين حول مظاهر وتأثير معاداة السامية في أوروبا وتطوير مواد تعليمية رقمية للوقاية من معاداة السامية بلغات متعددة في عدة مدارس بمدن أوروبية مختلفة.محاربة معاداة السامية في ألمانيا ـ مناهج الدراسة
تشديد العقوبات
شملت إجراءات ألمانيا بشأن مكافحة الكراهية ضد اليهود الإجراءات القانونية، وفي 18 سبتمبر 2022 أعلنت الشرطة الألمانية التحقيق في واقعة الاعتداء بالألوان على مكتب “الجمعية الألمانية الإسرائيلية” وسط برلين، حيث قام مجهولون بتلطيخ باب الجمعية بالألوان وكتبوا عبارة ” 40 عاماً على المذبحة”
وأجرت الشرطة في 11 أبريل 2023 تحقيقات مع شاب مجهول للاشتباه به بالتحريض خلال مسيرة لفلسطينيين، وندد المسؤولين المحلين في برلين بالعبارات المعادية للسامية، رافضين أن يستغل أي شخص الحريات التي يكفلها القانون الألماني لنشر الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
وأصدرت محكمة في فرانكفورت في 8 مايو 2023 حكمها على شاب (21 )عاماً بالسجن (3) سنوات و (10) أشهر لإدانته بمحاولة تشكيل مجموعة إرهابية على غرار شبكة ” أتوموافن ديفيجن” النازية في الولايات المتحدة وتخطيطه لشن هجمات بمتفجرات وبنادق، ويعد هذا الحكم استكمالاً لحملات أمنية خلال عامي 2021 و2022 ضد مشتبه بهم على صلة بهذه المجموعة.
ماربورغ الألمانية نموذجاً
تسعى ألمانيا في خطتها لمكافحة معاداة السامية أن تصبح نموذجاً أوروبياً في التعايش بين مختلف المعتقدات، وتعد مدينة ماربورغ الألمانية نموذجاً مصغراً لهذه الخطة، خاصة وأنها تضم جمعية فريدة من نوعها تضم بداخلها مسلمين ويهود تحت مسمى “الجمعية اليهودية الإسلامية” هدفها الفصل الواضح بين الدين والسياسة وترسيخ التعايش والنقاش البناء.
ويعمل المشاركون في الجمعية سوياً بهدف الحوار ومكافحة خطاب الكراهية، ورغم الحوادث العنصرية المتكررة ضد اليهود والمسلمين إلا أن مدينة ماربورغ تستمر في تشجيع الحوار بين اليهود والمسلمين في ألمانيا، عبر محاربة الحملات الإلكترونية المتطرفة من خلال شبكة الإنترنت.
وفي الوقت الذي يعيش في مدينة ماربورغ نحو (5) آلاف شخص فلسطيني من غزة، نجح سكان المدينة في الاختبار الصعب في عام 2014 عقب اندلاع مظاهرات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين تضامناً مع سكان قطاع غزة الذي تعرض للقصف الإسرائيلي وقتها، وانطلقت في المدينة دعوات من الجاليتين المسلمة واليهودية لتهدئة الأوضاع بين أبناء المدينة، وطالبوا بضرورة الحفاظ على الحوار والتضامن السلمي مع القضية الفلسطينية برفع شعارات مؤيدة لها دون التحريض ضد اليهود، والسماح للمتظاهرين بانتقاد إسرائيل بشكل عقلاني وموضوعي دون رفع لافتات مناهضة أمام المعابد اليهودية.ملف : معاداة السامية في أوروبا
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– تعد معاداة السامية تهمة كبيرة في ألمانيا، حيث تتخذ معاداة السامية أشكالا عديدة في ألمانيا كمعاداة السامية الاجتماعية”، و معاداة السامية “الحديثة”، بما في ذلك خطاب الكراهية والهجمات العنيفة ونظريات المؤامرة لكن وفي الأساس فإن أشكال معاداة السامية لها نفس الدوافع.
– اتخذت الحكومة الاتحادية الألمانية إجراءات وتدابير واعتمدت الحكومة خطة عمل لمكافحة معاداة السامية وزادت من تفكيك منشورات وخطابات معاداة السامية والكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك سد الثغرات في القانون الألماني، ووضع أسس تعليمية لمحاربة معاداة السامية وتعزيز الثقافة والوعي المجتمعي.
– تشير الإحصائيات التى سجلتها الحكومة الألمانية المتعلقة بجرائم معاداة السامية من عام 2001 حتى عام 2021 إلى تزايد الجرائم على الرغم من أن معادة السامية تتم مراقبتها بدقة شديدة في ألمانيا، وبالرغم أيضا من التدابير والإجراءات والبرامج التوعوية التي اتخذتها السلطات الألمانية لمحاربة معاداة السامية.
– بات متوقعا أن تطور الحكومة الألمانية من استراتيجيتها الوطنية لمحاربة معاداة السامية خلالعام 2023 وذلك عبر البحث في مسبباتها والوقاية من معاداة السامية ومكافحتها التي تمتد عبر مجالات السياسة المختلفة ومستويات الحكومة والتي تتطلب نهجا شاملا لمعالجتها. ومن المرجح أن تعزز ألمانيا من تعاونها مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمنع كل الأعمال أو التصريحات العنصرية أو المعادية للسامية.
**
– سجلت جرائم معاداة السامية في ألمانيا مستوى قياسياً جديداً وباتت معاداة السامية متجذرة بعمق، وأصبحت تظهر أكثر فأكثر بين الجماعات الإسلاموية المتطرفة واليمينيين المتطرفين داخل أجزاء من المجتمع الألماني. كما شهدت ألمانيا تصاعداً في المحتوى المعادي للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي وزيادة تفاعل الجمهور مع المنشورات وخطابات الكراهية والدعائية المعادية للسامية
– يرجع تنامي معاداة السامية في ألمانيا لعدة أسباب: أهمها نظريات المؤامرة والتي تروج إلى أن اليهود السبب في انتشار جائحة “كوفيد 2019” وتنامي الشعبوية والتطرف السياسي اليميني ومعاداته للأجانب .
– كثفت السلطات الألمانية من محاربة معاداة السامية في جميع الولايات، واعتمدت تشريعات قانونية ضد معاداة السامية، وعززت من الإجراءات الأمنية في محيط الكنس وغيرها من المؤسسات اليهودية، بالإضافة إلى اعتماد برامج ودورات تدريبية للسلطة القضائية والشرطة حول معاداة السامية.
– بات متوقعاً أن يكون للتدابير والإجراءات التي تتخذها السلطات الألمانية تأثيراً إيجابياً على الوقاية ومحاربة معاداة السامية. ومن المرجح أن تشاهد اتجاهات المعاداة للسامية بشكل عام خلال عام 2023 انخفاضاً ملحوظاً في ألمانيا عن باقي دول أوروبا بفضل السياسات التي اتخذتها الحكومة الألمانية.
**
– لعبت العوامل الاجتماعية والتاريخية أدواراً كبيرة في تشكيل سياسة ألمانيا الرسمية بشأن إسرائيل ـ فلسطين، حيث يُنظر إلى الصراع في المقام الأول من منظور مسؤولية ألمانيا تجاه إسرائيل كممثل قانوني وأخلاقي لليهود الذين وقعوا ضحية للنظام النازي. وتفهم هذه المسؤولية على نطاق واسع على أنها تجعل أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية غير مقبول.
– تبعاً للخطاب الرسمي حول “القيم المشتركة” والمسؤولية التاريخية التي تؤطر العلاقات الألمانية الإسرائيلية، فإن دعم إسرائيل مبرر على المستوى المجتمعي بالحاجة إلى منع عودة معاداة السامية.
– لا تختلف ألمانيا في سياستها الخارجية الشاملة عن الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي. سياسة هي مزيج من “التحفظ” تجاه انتهاك السلطات في إسرائيل لحقوق الفلسطينيين، مع توطيد العلاقات الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية مع إسرائيل. تورطت إسرائيل بقتل عدد من الصحفيين الفلسطينين وكذلك بانتهاكات صريحة ضد المدنيين، منها هدم البيوت ومصادرتها، إلى جانب بناء المستوطنات التي تتعارض مع اتفاق أوسلو والتفاهمات الفلسطينية الإسرائلية.
ـ بات مرجحاُ ان تستمر ألمانيا في سياستها الحالية في زمن شولتس الأشتراكي بالموازنة ما بين “التزام تأريخي أمام شعب إسرائيل وما بين حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة المشروعة ـ القدس.
**
– تمثل إشكالية معاداة السامية تهديداً يؤرق المجتمع الألماني والمؤسسات التشريعية والتنفيذية، التي تتخوف من زيادة معدلات جرائم معاداة السامية وتداعياتها المباشرة على صورة ألمانيا وترسيخ مفاهيم الكراهية ضد اليهود بين الأجيال الجديدة.
– هناك خلط واضح بين التضامن مع القضية الفلسطينية ومعاداة السامية، وهو الأمر الذي تستغله بعض الجماعات اليمينية المتطرفة من أجل تأجيج مفاهيم التطرف والكراهية بين جميع فئات المجتمع الألماني، وتستغل الجماعات المتطرفة المظاهرات المؤيدة لفلسطين والمدارس والجامعات إضافة إلى شبكة الإنترنت، لنشر الخطاب المتطرف ضد اليهود.
– تبذل المؤسسات الألمانية مجهوداً كبيراً من أجل مواجهة العنصرية ضد اليهود ومحاصرة مخاطر انتشار معاداة السامية داخل المؤسسات التعليمية أو عبر شبكة الإنترنت، لذا تقود أوروبا في مسألة مكافحة معاداة السامية وتضع ضوابط وتشريعات وإجراءات استثنائية لإذابة أي رواسب مجتمعية تتعلق بهذه الإشكالية.
– توسعت ألمانيا في خطتها الاستراتيجية لضم جميع الجوانب الأمنية والقانونية والتشريعية، فضلاً عن ضم بعض الهيئات المجتمعية كجزء من هذه الاستراتيجية وإشراكها في تطبيق الخطة على أرض الواقع.
– اتجاه ألمانيا إلى تطوير المناهج وتأهيل المعلمين أمراً في غاية الضرورة، نظراً لأن مسألة رفع الوعي لدى الأطفال والشباب بشأن مكافحة معاداة السامية ونبذ التطرف والعنف، يسهم كثيراً في الحفاظ على الأمن المجتمعي في ألمانيا ويحجم من امتداد خطر العنصرية إلى فئات أخرى بالمجتمع.
– تعد قضية رفع الوعي في المدارس وعبر شبكة الإنترنت بشأن مكافحة معاداة السامية، تحدياً جسيماً أمام السلطات الألمانية، لاسيما وأن بعض المناهج والمحتوى المقدم عبر الإنترنت قد يحمل بعض المعاني المحرضة ضد اليهود في ظل قدوم مهاجرين واستغلال بعض المتطرفين هذا الأمر لصالحهم.
– ينبغي على السلطات الألمانية زيادة آليات دمج اليهود والجمعيات اليهودية بين باقي فئات المجتمع، وطرح نماذج إيجابية عن دور الجالية اليهودية في مكافحة مفاهيم التطرف والعنصرية.
– ينبغي تشديد التعاون بين ألمانيا ودول التكتل الأوروبي لمكافحة معاداة السامية، بعد الكشف عن جماعات ذات ميول متطرفة وعلى صلة بجماعات أخرى خارج البلاد تخطط لعمليات ضد اليهود.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=88972
رابط تحديث ..https://www.europarabct.com/?p=91868
*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
The Rise of Antisemitism in Germany
https://tinyurl.com/mss57ebv
Jewish perspectives on antisemitism in Germany
https://tinyurl.com/muvtcvnp
Germany: Over 2,700 antisemitic incidents reported in 2021
https://tinyurl.com/ymp6r387
‘We need more education’: Roger Waters’ tour exposes Germany’s struggles with antisemitism
https://tinyurl.com/yhdt554h
Twitter faces lawsuit in Germany for failure to remove anti
https://tinyurl.com/3xn2fk94
**
The Rise of Antisemitism in Germany
https://tinyurl.com/mss57ebv
Jewish perspectives on antisemitism in Germany
https://tinyurl.com/muvtcvnp
تحقيق – هل معاداة السامية في ألمانيا أكثر انتشارا بين المسلمين؟
https://tinyurl.com/4he6zaek
المجلس المركزي لليهود بألمانيا يشتكي من ارتفاع جرائم معاداة السامية
https://tinyurl.com/3bry7zf8
**
تعقيدات حساسة تمنع ألمانيا من الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
https://n9.cl/8o3cl
“الوقت ليس مناسبا”… لماذا ترفض ألمانيا الاعتراف بدولة فلسطينية وهل تعول السلطة على موقف أوروبا؟
https://n9.cl/cuvq22
ألمانيا.. الفرق بين معاداة السامية وكراهية إسرائيل وانتقادها
https://n9.cl/0n2jo
بعد حديث ميركل عن إقامة دولة فلسطينية.. رئيس وزراء إسرائيل: ستكون دولة “إرهاب”
https://n9.cl/06d4u
Berlin bans Nakba demonstrations once again in 2023
https://n9.cl/ainbk
**
شولتس يؤكد على مكافحة التطرف اليميني في ذكرى للهجوم على كنيس يهودي
https://bit.ly/3CbzHzk
Jews and Muslims find common ground in German city
https://bit.ly/3MRxhuG
ألمانيا ـ دعوات لتشديد العقوبات والحرمان من التجنيس لمعاديي السامية
https://bit.ly/43G9mW4
بيربوك تدعو من إسرائيل لمكافحة حازمة لمعاداة السامية
https://bit.ly/3C5XPUd
ألمانيا- ما هي ملامح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة معاداة السامية؟
https://bit.ly/3CcOrOB
مسؤول ألماني يحذر من معاداة السامية في المدارس
https://bit.ly/42jMBWH