المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا
بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير “24”
محاربة التطرف في أوروبا – المواثيق الدولية المتعلقة بخطاب الكراهية
التطرف وخطاب الكراهية هو تهديد للقيم الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي والسلام. ما يتطلب مواجهة خطاب الكراهية المتطرف في كل منعطف ومعالجته من أجل منع النزاعات المسلحة والجرائم الفظيعة والإرهاب، وتعزيز مجتمعات سلمية وشاملة وعادلة. لذا، تشدد العهود الدولية ومواثيق كل من لأمم المتحددة والإتحاد الأوروبي على المسؤولية الجماعية للمسؤولين العموميين والقادة الدينيين والمجتمعيين ووسائل الإعلام والأفراد، لمكافحة التطرف ومنع التحريض على الكراهية.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (المادة 2) “حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلاً عما تقدم فلن يكون أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود”.
وأكد الإعلان في (المادة 7) على أن «كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أية تفرقة، كما أن لهم الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا”. لقد منحت (المادة 18) من الإعلان تأكيد على أن “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة”. إن هذا الحق غير قابل بالمطلق للانتقاص من قيمته الأخلاقية والقانونية؛ يعني وبالضرورة عدم السماح لأية سلطة أو جهة أو شخص بالاعتداء على هذا الحق بأي شكل من الأشكال سواء بالاعتداء المباشر أو بالاعتداء بالكلمات وبالتحريض وبالانتقاص من قيمة هذا الحق؛ مما يعني وبالضرورة عدم إفساح أي مكان لخطاب الكراهية في هذا الحق. وعاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (المادة 19) للتأكيد على هذا الحق بأن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية” . ملف:محاربة التطرف والإرهاب في أوروبا وتدابير الوقاية
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الفقرة الأولى من (المادة 18) على أن “لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”، وفي الفقرة الثانية من نفس المادة “لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره”. وفي الفقرة الثالثة من نفس المادة “لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية”. ونصت (المادة 19) على أن ستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في (المادة 18) واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وحظرت (المادة 20) من العهد وبالقانون “أية دعاية للحرب” و”أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.
كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أكثر وضوحاً في استخدام مصطلح الكراهية وتجريمه مما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة خطاب الكراهية من خلال التوازن في المادتين (19 – 20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
قرارات مجلس الأمن
تشدد العديد من قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار رقم (1624 /2005) والقرار (2354/2017) على الدور المهم الذي يضطلع به الشركاء غير التقليديين الآخرين – مثل المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام – في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بشكل فعال. طالب القرار جميع الدول أن تحظر بنص القانون التحريض على ارتكاب عمل أو أعمال إرهابية بـدافع التطـرف والتعـصب وما لها من خطـر بـالغ ومتنـام علــى تمتـع النـاس بحقـوق الإنـسان، ويهـدد التنمية الاجتماعية والاقتـصادية لكافـة الـدول.
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
اعتمدت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1965 وبدأ نفاذها في يناير 1969. وقد أنشأت لجنة القضاء على التمييز العنصري للقيام برصد تنفيذ الاتفاقية. يقصد بتعبير “التمييز العنصري” وفقا للمادة الأولي من الاتفاقية أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة. وبموجب الاتفاقية تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون. محاربة التطرف والإرهاب في أوروبا وتدابير الوقاية ـ ملف
قرار مجلس أوروبا دعوةُ ضد كراهية الإسلام في أوروبا
يدين مجلس أوروبا استخدام خطاب كراهية الإسلام في الخطاب العام والسياسي، لا سيما من قبل الشعبويين واليمين المتطرف، ولكن التي غالباً ما تنتشر إلى السياسة السائدة. وتعتقد أن القوالب النمطية القائمة على تصوير المسلمين على أنهم غرباء وغير متوافقين مع الثقافة والقيم الأوروبية تؤدي إلى مزيد من الوصم والاستبعاد. مؤكدا أن الإسلاموفوبيا انتهاك جسيم لحقوق الإنسان الحقوق والكرامة الإنسانية، مما يقوض التماسك الاجتماعي والسلمية العيش معا في أوروبا، الجمعية تدعو مجلس أوروبا الدول الأعضاء أن تعالجها على سبيل الأولوية، كمسألة محددة شكل من أشكال العنصرية، ولإدراجها بشكل محدد في مكافحة التمييز وخطط العمل المناهضة للعنصرية.
ما الذي يفعله الاتحاد الأوروبي لمكافحة خطاب الكراهية؟
شهد الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة، ارتفاعاً حاداً في خطاب الكراهية وجرائم التطرف، ومع ذلك فإن قانون الاتحاد الأوروبي يجرم مثل هذا السلوك فقط إذا كان مرتبطًا بمجموعة محدودة من الخصائص المحمية، مثل العرق والدين. يميز الاتحاد الأوروبي، من ناحية، بين “التعبير الذي قد يسيء إلى الدولة أو أي قطاع من السكان أو يصدمها أو يزعجها” و “نقد الدين” باعتباره خطابًا محمياً، ومن ناحية أخرى، “الجمهور المتعمد” التحريض على الكراهية العنصرية أو كراهية الأجانب أو العنف “كخطاب يجب المعاقبة عليه جنائياً.
اعتمد الاتحاد الأوروبي القرار الإطاري لمكافحة العنصرية وكره الأجانب عن طريق القانون الجنائي. يُلزم هذا القرار الإطاري الدول الأعضاء بمعاقبة التحريض العلني المتعمد على العنف أو الكراهية ضد مجموعة من الأشخاص أو أحد أفراد هذه المجموعة. والدول الأعضاء ملزمة أيضاً بمعاقبة التغاضي العلني المتعمد عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الكراهية العنصرية وكراهية الأجانب، وإنكارها والتقليل من شأنها. يتضمن قانون الاتحاد الأوروبي قواعد تهدف تحديداً إلى محاربة خطاب الكراهية عبر الإنترنت.
على مستوى الاتحاد الأوروبي، يجرم القرار الإطاري للمجلس (2008/913 / JHA) خطاب الكراهية وجرائم الكراهية على أساس مجموعة من الأسباب. يحظر “التحريض العلني على العنف أو الكراهية ضد مجموعة من الأشخاص أو فرد من هذه المجموعة المحددة بالرجوع إلى العرق أو اللون أو الدين أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي”. كما يتطلب أن تتخذ الدول الأعضاء تدابير لضمان اعتبار الدوافع العنصرية وكراهية الأجانب ظرفاً مشدداً بموجب قوانينها الجنائية، أو بدلاً من ذلك، يمكن أن تأخذها المحاكم في الاعتبار عند تحديد العقوبات، وبالتالي فإن الدافع التحيز هو العنصر المحدد لخطاب الكراهية وجرائم الكراهية.
ينص توجيه خدمات الوسائط السمعية البصرية أيضاً على أن الدول الأعضاء يجب أن تضمن عدم احتواء هذه الخدمات المقدمة من قبل مزودي خدمات الإعلام الخاضعين لولايتها القضائية على أي تحريض على الكراهية على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو الجنسية.
توصل مسؤولو الاتحاد الأوروبي في أبريل 2022 إلى الاتفاق على قانون الخدمات الرقمية بموجبه ستكون الحكومات قادرة على مطالبة شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل Google و Meta إزالة مجموعة واسعة من المحتوى الذي يمكن اعتباره غير قانوني، بما في ذلك المواد التي تروج للإرهاب وخطاب الكراهية. يجب على منصات التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter أن توفر للمستخدمين أدوات للإبلاغ عن مثل هذا المحتوى “بطريقة سهلة وفعالة” بحيث يمكن إزالته بسرعة.
مبادرة المفوضية الأوروبية لمعالجة خطاب الكراهية والتطرف
نشرت المفوضية الأوروبية في 9 ديسمبر 2021، مبادرة لتوسيع قائمة جرائم الاتحاد الأوروبي لتشمل خطاب الكراهية وجرائم الكراهية. تأتي هذه المبادرة في أعقاب مجموعة من إجراءات الاتحاد الأوروبي المعمول بها بالفعل لمكافحة خطاب الكراهية غير القانوني والأيديولوجيات المتطرفة العنيفة والإرهاب عبر الإنترنت، مثل القرار الإطاري للمجلس (2008/913 / JHA) بشأن مكافحة أشكال العنصرية وكراهية الأجانب. تجادل المفوضية بأن خطاب الكراهية وجرائم الكراهية تستوفي معايير الإدراج في القائمة، وتعتبر اللجنة هذه الجرائم “خطيرة بشكل خاص” بسبب الضرر الذي تسببه للضحايا الأفراد ، والمجتمعات الأوسع ، والمجتمع ككل. اليمين المتطرف في أوروبا ـ معايير ومساعي لمحاربة الخطاب المتطرف
المعالجات
– ينبغي أن تشمل برامج الوقاية المخاطر المحتملة جراء صعود اليمين المتطرف للحكم في عدد من الدول الأوروبية، مع وضع آليات لمعالجة الآثار الخطرة المرتبطة بذلك.
– جنباً إلى جنب مع التشريعات والمواثيق، يجب أن تشمل برامج المنع والوقاية، تعزيز مبادئ الهوية والمواطنة وأيضاً العمل على تعزيز المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي لتحقيق مواجهة أكثر عمقاً وتأثيراً.
– لا يبدأ خطر التطرف ولا ينتهي عند الحدود الأوروبية، لأن أمن المواطنين يتأثر بشكل مباشر بما يحدث في أماكن أخرى، لذلك من الضروري تعزيز شراكات الاتحاد الأوروبي في العمل بالشراكة مع المنظمات الدولية والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتطوير تشريعات وآليات إقليمية ودولية لمحاربة التطرف ومحاصرة خطاب الكراهية خاصة عبر الإعلام وشبكات التواصل العالمية.
تقييم وقراءة مستقبلية
لم تترك الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان خطاب الكراهية والتحريض على التمييز وعلى إلغاء الآخر دون معالجة، ولكن من المؤكد تماما أن حدود خطاب الكراهية تتداخل بطريقة أو بأخرى مع حق الحرية في التعبير، مما يخلق مشكلة كبيرة في تحديد أين تبدأ حدود التعبير وأين تنتهي، ومتى يتحول التعبير إلى خطاب كراهية، ولماذا منحت الشرعية الدولية الدول الحق بوضع قوانين تحدد وفي حالات محدودة جدا حرية التعبير..
لا توجد لحد الآن في أوروبا معايير ثابتة في محاربة خطاب الكراهية، لكن بدون شك جميعها يعود الى الصكوك والمواثيق الدولية، أبرزها توصيات الامم المتحدة. وعلى الرغم من الغموض والمناقشات السياسية المحيطة بمصطلح خطاب الكراهية، فقد تمت مناقشة المصطلح أيضًا باعتبارها مشكلة تكنولوجية: من ناحية، فهو يمثل مشكلة لأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي و”خوارزمياتها” تساعد في توليد تواصل بغيض وغير متسامح وانتشاره الواسع في المجتمع. بينما يجد مطورو العالم الرقمي والباحثون صعوبة في تحديد محتوى الكراهية ومن ثم مراقبته عبر الإنترنت.
يُنظر للتشريعات التي أقرتها دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة التطرف وخطاب الكراهية على أنها جيدة بالنظر للنتائج والأهداف، لكن التغييرات الأمنية والسياسية الناجمة عن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، وتداعيات حرب أوكرانيا، يفرض تحديات إضافية على خريطة عمل الاتحاد الأوروبي.
بات متوقعاً، أن تكون سياسات وتشريعات الاتحاد الأوروبي، أكثر شدة، في تعقب الجماعات المتطرفة ونشر التطرف وخطاب الكراهية، عبر الإنترنت أو المنابر او المراكز التي تتخذ الدين واجهة لأنشطتها.
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=86207
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
هوامش
Universal Declaration of Human Rights – English
https://bit.ly/3kquD4F
International Covenant on Civil and Political Rights
https://bit.ly/3Wq5t3g
الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري
https://bit.ly/3ktLTWw
EU law targets Big Tech over hate speech, disinformation
https://n.pr/3WmuX1q
Criminalising Hate Crime and Hate Speech at EU Level: Extending the List of Eurocrimes Under Article 83(1) TFEU
https://bit.ly/3ZIRxnY
Combating hate speech and hate crime in the EU
https://bit.ly/3CW1hkQ
Raising awareness of and countering Islamophobia, or anti-Muslim racism, in Europe
https://pace.coe.int/en/files/30259