تجربة المانيا في تدريب الأئمة و دعم المساجد ، مراجعة نقدية
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “2”
كشفت دراسة أن نحو (90 %) من الأئمة الموجودين بألمانيا وافدون من الخارج. وجاء في تقرير مؤسسة “كونراد-أدناور” الذي نشرت عنه صحيفة “راينيشه بوست” الألمانية فى 26 مارس 2019 أن هؤلاء الأئمة ينحدرون بصفة خاصة من تركيا وشمال أفريقيا وألبانيا وإيران. وأضافت الدراسة أن الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية “ديتيب” يوفر نحو (50%) من الأئمة البالغ عددهم (2500) إمام تقريبا في مساجده التي يبلغ عددها نحو (1000) مسجد.
وبين التقرير أن الأرقام أظهرت أيضا أهمية الجمعية الإسلامية التركية “ميلي جورش” والتي يبلغ عدد مساجدها (323) مسجدا، وكذلك اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية (التركي) الذي يبلغ عدد مساجده (300) مسجد تقريبا، وأيضا الجالية الإسلامية للبوشناق (البوسنيين) في ألمانيا والتي يزيد عدد المساجد التابعة لها على (70 ) مسجدا.
برامج لتدريب الأئمة و مكافحة التطرف
بدأت الحكومة تنفيذ برنامج لتدريب الأئمة المسلمين في ألمانيا. وتنظيم مؤسسة تعليمية بدعم من وزارة الداخلية الألمانية. يشارك في جمعية التدريب الجديدة عدة منظمات إسلامية بينها المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا. وتقول وزارة ساكسونيا السفلى للعلوم والثقافة إن الخطة تتضمن “إنشاء جمعية مسجلة بالتعاون مع المنظمات الإسلامية ومجتمعات المساجد المهتمة بالبرنامج”. وأكدت أن خبراء الدراسات الإسلامي سيكونون جزءا من الجمعية الجديدة. كما اقترحت الوزارة أن الطريقة يمكن أن “تطبق كنموذج” لتعليم الأئمة في أماكن أخرى.
أعدت الحكومة الألمانية مشروعًا يقترح ضرورة تعلم اللغة الألمانية للأئمة القادمين من خارج ألمانيا قبل السماح لهم بدخول البلاد. وأوضح وزير الداخلية الألماني “هورست زيهوفر” أن هذه المبادرة التي قدمتها وزارته تساهم بشكل كبير في تحقيق عملية الاندماج، خاصة وأن الأئمة وعلماء الدين يُمثلون مرجعًا للكثير من المهاجرين وفقا لـ”مرصد الأزهر” فى 4 ديسمبر 2019. إستغلال بناء المساجد في أوروبا لأهداف سياسية…تركيا
إجرءات لدعم المساجد و مكافحة التطرف
يعتزم وزير الداخلية الألماني “هورست زيهوفر” وفقا لـ”مهاجر نيوز” فى 15 نوفمبر 2019 دعم مساجد بمخصصات تصل إجمالا إلى نحو (7)ملايين يورو. ومن المقررأن يذهب الدعم لنحو (50)مسجدا و”بيوت الجمع” العلوية، والتي لن يتم اختيارها من قبل اتحادات إسلامية كبيرة، بل من قبل (4) منظمات، وهي: المؤسسة الألمانية للأطفال والمراهقين، ومعهد غوته، ومؤسسة أوتو-بينيكه، والجمعية الألمانية للرفاهة المتكافئة.
ويتولى تنظيم المشروع التجريبي، الذي يحمل اسم “مساجد من أجل الاندماج”، الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين بمساعدة مجلس استشاري يضم خبراء من منظمات إسلامية وإدارات وأوساط علمية ومدنية. ويهدف المشروع إلى دعم برامج الإرشاد والعمل الاجتماعي وإجراءات تعزيز الاتصالات بين المساجد والمحيط المجاور لها. بلجيكا…مساعى لوقف التمويل الخارجى للمساجد
بحثت السلطات الألمانبة وفقا لـ”يورونيوز”فى 22 يناير 2019 إمكانية فرض ضريبة على التمويل الخارجى للمساجد على أراضيها، بهدف إنهاء التبرعات من دول في الخارج تزداد المخاوف بشأن حجم تأثيرها على التطرف في أوساط المسلمين في ألمانيا. طالبت حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا، أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان، بما فيهم المسلمين، اتحاد المساجد التركية الألماني “ديتيب” بالتحرر من التبعية للدولة التركية والابتعاد عن تأثيرها المباشر وفقا لـ”DW”فى 12 يناير 2019.
إجراءات أمنية لمكافحة الخطاب المتطرف داخل المساجد
مسجد النور: يُعتبر مسجد النور، حسب الإدارة الداخلية في برلين، “مؤسسة سيطر عليها السلفيون”. وتصنف هيئة حماية الدستور مجلس الإدارة والجهات الفاعلة الرئيسية بالمسجد ضمن “السلفية السياسية”.وأكد “مارتن هيكل” رئيس بلدية نويكولن أن “البلدية لا يوجد لديها إمكانية للاطلاع على دروس القرآن ودروس اللغة (العربية)، التي تُعقد في مسجد النور، ولذلك لا يمكننا سوى تخمين ما يحدث هناك”. وتصنف هيئة حماية الدستور الجمعية التابع لها مسجد النور في برلين على أنها “تجمع سلفي”.
ولا تتلقى الجمعية إعانات من الدولة، كما أنها ليست مؤسسة رسمية لرعاية الأطفال والشباب، ولذلك لا تملك الحكومة المحلية لولاية برلين أدوات لرقابة الجمعية.وطالب ممثلون عن منطقة “نويكولن” في برلين بإجراءات جدِّية، تجاه مركز الشباب والأسرة، التابع لمسجد النور بالعاصمة الألمانية وفقا لـ”DW” فى 15 يناير2019.
مسجد الصحابة: داهمت الشرطة الألمانية مسجد الصحابة في العاصمة الألمانية برلين بعد الاشتباه بتمويل إمام المسجد لمتطرفين في سوريا وفقا لـ”الشرق الأوسط” فى 19 ديسمبر 2019. حيث يشتبه بأن “أحمد أبو البراء” ، وهو إمام المسجد يموّل مقاتلين متطرفين في سوريا بهدف الاستحواذ على أدوات لاستخدامها لأهداف إرهابية. ووفقاً لبيانات السلطات الألمانية، فإن مسجد “الصحابة” يعتبر ملتقى للمهتمين بالآيديولوجية المتطرفة حتى من خارج برلين، حيث يتضح ذلك من الندوات والدورات التدريبية التي يشارك فيها دعاة من مدينتي بون ولايبتسيج. ويعد مسجد “الصحابة””واحداً من (3) مساجد في برلين يتردد عليها المتطرفون، من بينها “إبراهيم الخليل” في تامبلهوف، وتخضع هذه المساجد الثلاثة لمراقبة هيئة حماية الدستور. إستغلال بناء المساجد في أوروبا لأهداف سياسية
مسجد السلام : أثار الصحفي شمس الحق جدلًا إعلاميًا كبيرًا حول مسجد السلام بمدينة إيسن في كتابه الجديد، الذي عنون له ب” قوانينكم لا تهمنا”، حيث إنه قال أنه يعتقد أن مسجد السلام يُعد من أخطر المساجد في ألمانيا، ونوَّه أنه يتم جمع تبرعات كثيره جدًا بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع قد تصل إلى أكثر من (2000 ) يورو، ولا يُعرف فيما تُنفق هذه الأموال، حسبما ذكرت صحيفة “فاتس” WAZ” ، رصد الصحفي شمس الحق، خطبة لإمام مسجد النور بمدينة “فينترتور”(Winterthur) بسويسرا دعا فيها صراحة لمقاتلة ما سماهم بالكفار، وبدوره كصحفي قام شمس الحق بإبلاغ الشرطة، فأتت الشرطة وتحققت من الأمر وأغلقت المسجد، حسبما ذكرت صحيفة “هوفنجون بوست” في عددها الصادر يوم 18من نوفمبر 2018.
“فصلت 33”: أغلقت سلطات الأمن فى 28 فبراير 2017 في برلين مسجدا تديره منظمة “فصلت 33”. المسجد المغلق كان يتردد عليه سلفيون و أنيس العامري المتهم بتنفيذ اعتداء بشاحنة على سوق ميلاد في برلين .ومعروف عن مسجد “فصّلت33” أنه يخضع إلى رقابة مشددة من قبل دائرة حماية الدستور منذ سنة 2015 بتهمة الحض على الكراهية والشبهة بعلاقة رواده ومسؤوليه بالإرهاب. أن شرطة برلين السرية تصنف 10 من زوار المسجد الدائمين في خانة «الخطرين».
أئمة التطرف على الإنترنيت
أعطى”أبو ولاء العراقي” دروساً دينية في مسجد” Deutschsprachiger Islamkreis”بمدينة هيلدسهايم في ولاية سكسونيا السفلى. وأكدت وزارة الداخلية الألمانية إن “المسجد تحول لـ”بؤرة لالتقاء المتطرفين، ليس فقط من ولاية سكسونيا السفلى، بل من خارجها أيضاً”.. وكان سببا فى سفر على الأقل (26) شاباً من مدينة “هيلدسهايم” ومحيطها إلى مناطق الحروب. وتمدد نشاط “أبو ولاء العراقي” إلى الفضاء الافتراضي، حيث حظي بحضور قوي على شبكة الإنترنت. وكانت له أيضاً قناته الخاصة على اليوتيوب.
ولا يظهر وجهه في الفيديو، بل يدير ظهره للكاميرا. ومن هنا أُطلق على أبو ولاء لقب “الداعية الذي لا وجه له”.وكان يوجد تطبيق باسمه “Abu Walaa” في “متجر أبل”، حيث كان بإمكان لمستخدمي الهواتف الذكية تتبع نشاطاته. كما بلغ عدد المعجبين بصفحته على الفيسبوك حوالي (25) ألفاً وفقالـ”DW” فى 26 سبتمبر 2019.
الخلاصة
تستغل الجماعات المتطرفة المساجد لجذب الشبان ونشر التطرف بين المسلمين لخلق إسلاما مدفوعاً بتوجهات سياسية.وهناك بعض المساجد ينتسب أئمتها إلى التيار السلفي الجهادى ، ممن تلقو تعليمهم على أيدي أئمة متشددين من خارج ألمانيا.لذلك من شأن غياب رقابة السلطات الألمانية على المساجد التى يسيطر عليها أئمة يحملون فكرا سلفيا جهاديا أن تؤدى إلى دفع الأطفال والمراهقين نحو ايدلوجيا التطرف ، ومنها يتحول الشباب خصوصا من حديثي الإسلام إلى جهاديين متطرفين.
وتواجه ألمانيا معضلة كبيرة فى أن الخريجين من المؤسسات التعليمية لتعليم الدين الإسلامى فى ألمانيا لم ينجحوا في الرد على القضايا الفقهية العامة، ومواجهة الصعوبات المؤسسية، كما أن المساجد ليس لديها قدرات مادية لدفع رواتب هؤلاء الخريجين بالشكل الذي يناسبهم،مايتيح الفرصة للجماعات المتطرفة للسيطرة على المساجد. من خلال عمليات التمويل الخارجى خاصة التمويل التركى االذى يهدف إلى السيطرة على المساجد عبر الأئمة الذين هم في غالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين.
لذلك ينبغى إنشاء مراكز إسلامية تتسم بالخطاب المعتدل تتبع مؤسسات دينية عريقة كالإزهرالشريف لتعليم اللغة العربية لتعريف الناس بحقيقة وصحيح الدين الإسلامي.كذلك توقيع اتفاقيات لتدريب الأئمة الألمان على مواجهة التحديات المعاصرة. وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتفنيد الشبهات التي تبثها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب. الاستفادة من المقاربات من الدول الأخرى والتى تعتمد على شمول المواجهة بدءا من التصدي للفكر الفاسد والأيديولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف وتمتد إلى التمويل ووسائل التجنيد والدعاية وتنتهي بالتنظيمات الإرهابية المسلحة.
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=57909
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات