بون ـ جاسم محمد، باحث في الأمن الدولي والإرهاب و رئيس المركز الأوروبي ECCI
دخلت الطائرات المسيرة UAVs ، ساحة المعارك، عن بعد في مكافحة الإرهاب وأول من استخدمتها الولايات المتحدة في أفغانستان واليمن مابين عام 2001 و 2002، تضمن لاجهزة الإستخبارات والدفاع تنفيذ عمليات في غاية السرية في حصد رؤوس المطلوبين في التنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم القاعدة وداعش وطالبان، واشتهرت الولايات المتحدة باستخدامها في اليمن ربما في صحراء مأرب وكذلك في القرن الأفريقي .
رغم اختلاف تعريفات الأمن القومي محمي: الأمن المجتمعي في أوروبا – من منظور عسكري إلى منظور أوسع (ملف) لكن التعريف الاكثر واقعية هو: جملة من السياسات والإجراءات التى تتخذها دولة لحماية مصالحها البنيوية التى يهدد النيل منها ومن مصالحها :العسكرية ،السياسية ، الاقتصادية، الثقافية أو الأجتماعية. فالامن القومي: هو قدرة الدولة على حماية أراضيها ومواردها ومصالحها من التهديدات الخارجية ـ العسكرية والتهديدات ألداخلية. وبفعل العولمة، حدثت تحولات في مفهوم الأمن، وأبرزها القوة، التي لم تعد ترتبط بالعامل العسكري بل تعدته إلى السياسة و التكنولوجيا والتعليم، والنمو الاقتصادي واعتماد المعلومات.
أعلنت الولايات المتحدة يوم 30 سبتمبر 2011 مقتل القيادي البارز في تنظيم القاعدة أنور العولقي في غارة شنتها طائرات أمريكية بدون طيار على موكبه في منطقة جبلية شرقي العاصمة صنعاء.
قاعدة رامشتاين
تبقى قاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا موقعاً مثيراً للجدل، وتواجه الحكومة الألمانية باستمرار انتقادات بسبب التعامل مع هذه القاعدة، لاسيما عندما يرتبط الأمر باستخدام طائرات بدون طيار هو الآن أمام المحاكم الألمانية. ولتوجيه الطائرات بدون طيار في باكستان وأفغانستان أو حتى في اليمن مباشرة من أرض أمريكية ستكون المسافة بعيدة، وبالتالي فإن الأمريكيين يعولون على رامشتاين لإيصال البيانات من الولايات المتحدة إلى المكان الهدف. كما أن موظفين أمريكيين في رامشتاين يراقبون العمليات الجوية ويقيمونها لاحقا.
القاعدة بين أفغانستان وباكستان
تجاورمنطقة وزيرستان باكستان أفغانستان من جهتها الشمالية الغربية ، وهي منطقةجبلية ، وتعتبر جزءا من المناطق القبلية التيتديرها الحكومة الفيدرالية .أصبحت المنطقة جزءا من باكستان عام 1947 ، مع التمتع بحكم شبه ذاتي بموجب اتفاق بين القبائل المحلية والحكومة ويقدر إجمالي سكان المنطقتين بنحو 1.2 مليون نسمة. وشهدت وزيرستان اشد الضربات الجوية وخاصة طائرة بدون طيار ، عمليات درون وكان تنظيم القاعدة يستغل هذه المنطقة ليس كمعسكرات فقط بل منطقة تمدد مابين البلدين مستفيدة من جغرافية المنطقة. هذه المنطقة كانت ايضا مجس وباروميتر العلاقات الأميركية الباكستانية التي كانت تخضع للتجاذبات ولم تكن قيادات القاعدة بعيدة عن تلك العلاقة . تظل وزيرستان هى الحاضن ومصنع تفريخ للقاعدة ، منذ إنسحاب المقاتلين العرب من أفغانستان ومعهم مجموعات مقاتلة مختلفة .
وفي زمن العولمة، يتطلب ايضا وضع تعريفات جديدة الى مصادر تهديدات الأمن القومي، في زمن الهجمات السيبرانية الهجمات السيبرانية ، والهاكرز وطائرات “درون” وشبكات انترنيت مظلمة و وسائل التواصل الأجتماعي، ويتعدى الموضوع ايضا الى مراجعة الى تعريفات التجسس ومكافحة التجسس، وتجنيد المصادر وانواعه.
حذرت المفوضية الأوروبية من مغبة استخدام تلك الطائرات المسيرة “درون” Drone من قبل جماعات إرهابية لشن اعتداءات دموية في ظل التطور التقني السريع لتكنولوجيا الطائرات المسيرة. ويقول مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية : “الطائرات المسيرة تصير أكثر كفاءة وذكاء، ما يجعلها أكثر جاذبية للاستخدامات المشروعة، وكذلك أيضاً للأفعال العدائية”. يذكر انه منذ عام 2013 والاتحاد الأوروبي في صدد إنشاء مشروع تجريبي لمراقبة البحر الأبيض المتوسط بواسطة الطائرات بدون طيار وبإشراف المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء.
وثمة الكثير من الأفكار لإدخال هذه الطائرات الآلية في تطبيقات عديدة، في مجالات الشرطة والدفاع المدني والإطفاء والإنقاذ من الكوارث، والمراقبة الأمنية للفعاليات الضخمة كالمظاهرات والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق
لقد أصبحت الطائرات المسيّرة عن بعد Drone ، خاصة تلك التي تستخدم للأغراض العسكرية، تشكل خطرا داهما بالنسبة لكثير من دول العالم ابرزها نوع “Switchblade ، فإلى جانب استغلالها في جمع المعلومات من وراء حدود الدول، فهي قادرة أيضا على شن “هجمات انتحارية”. ويكمن الخطر أيضا في صعوبة اكتشافها من قبل الرادارات التقليدية، خاصة الطائرات المسيرة الحديثة التي تتمتع بقدرات على التخفي.
وكانت أول غارة جوية أميركية لهذا النوع من الطائرات من طراز بريديتور أو “المفترس” تابعة لوكالة المخابرات الأميركية CIAسبق أن حلّقت فوق مجمع في 7 أكتوبر 2001 في أفغانستان، استهدفت قيادات طالبان . ويصف كريستوف هاينز مُقرِّر الأمم المتحدة الخاص بأنها “حالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا” و أنّ سياسة الإدارة الأميركية في استخدام الطائرات بلا طيّار لتنفيذ “قتل مُسْتهْدَف” تُهدِّد أسس القانون الدولي، ذلك خلال مؤتمر دولي في جنيف عام 2012. إسستخدم تنظيم داعش من هذه الطائرات في ساحات القتال في اليمن و العراق و سوريا .
الطائرات المسيرة “الانتحارية”
بدأت الطائرات المسيرة “الانتحارية” درون ، المجهزة برؤوس حربية مدمجة في الطائرة مؤخرا بالانتشار في مختلف دول العالم. ويعود تطوير مثل هذا النوع من الأسلحة إلى التطور السريع للعمليات العسكرية في الصراعات المعاصرة، الذي يزيد من دور الأنظمة القادرة على تقليل دورة مهام الكشف والتدمير، إذ تؤدي تلك الطائرات دور الاستطلاع والمراقبة والتدمير.
وتعمل شركة “MBDA” في أوروبا الغربية، منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي على تطوير الطائرة المسيرة الانتحارية “Fire Shadow” لاحتياجات وزارة الدفاع البريطانية. ويبلغ وزن الطائرة نحو 200 كغ. وتحتوي الطائرة على جهاز قابل للطي. وتتمكن الطائرة من التحليق لمدة 6 ساعات. وتم تجريب “Fire Shadow” للمرة الأولى في ربيع عام 2008، وتجري أعمال مشابهة في أوروبا الشرقية أيضا، فعلى سبيل المثال، تقدم الشركة البولندية “WB Electronics” الطائرة المسيرة الانتحارية “Warmate”.
ويقول،”غييوم دي مارليافي”، خبير طائرئرات بدون طيار، شركة Elistair اليوم هناك العديد من الطائرات بدون طيار باحجام وأوزان وأجهزة إستشعار مختلفة، يجب تمييز صنفين رئيسيين من هذه الطائرات بدون طيار هما: الترفيهية والمحترفة. القواعد العالمية الرئيسية هي: عدم التحليق فوق المناطق المأهولة بالسكان وعدم تحليقها ليلاً، ويجب احترام ارتفاع الحد الأقصى للتحليق وهو 150 متر. إن تحليق طائرات من دون طيار مسيرة عن بعد “عن قصد” قرب أحد أكثر مطارات بريطانيا سبب عدة مرات ، ازدحاما في تعطيل حركة الطيران وفوضى في حركة المسافرين .
أكد الجيش الأمريكي علنا وللمرة الأولى وجود الطائرات الموجهة عن بعد ـ المصطلح العسكري للطائرات بدون طيار – في معسكر ” ليمونيير” Lemonier في جيبوتي USAFROCOM وقالوا إنها تدعم “مجموعة واسعة من المهام الأمنية الإقليمية.” وفقا لتقديرات الواشنطن بوست فان عمليات طائرة بدون طيار سوف تستمر. وما يؤكد ذلك هو ما اوردته بان طائرات بدون طيار سيصل عدها الى 30.000 طائرة في سماء اميركا عام 2020 مع تطوير اجرائات اجازة طائرة بدون طيار لاغراض تجارية عام 2015 . وهذا يعني انها في تزايد مستمر، رغم الانتقادات كونها البديل الى نشر القوات الاميركية على الارض.
مسيرات من طراز ريبر MQ-9
تستخدم الولايات المتحدة مسيرات من طراز ريبر MQ-9 في المراقبة وتوجيه ضربات، وهي مشغلة منذ فترة طويلة فوق البحر الأسود لمراقبة القوات البحرية الروسية فيما ازداد التوتر في المنطقة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل عام. ويمكن تسليح هذه المسيرات بصواريخ هيلفاير وكذلك بقنابل موجهة بالليزر ويمكنها أن تطير لأكثر من 1100 ميل على ارتفاعات تصل إلى 15 ألف متر، وفقا لسلاح الجو الأميركي.
أبرز إستخدامات الطائرات المسيرة هي :
ـ الإغتيالات
ـ الاستطلاع والتجسس الفني.
ـ المراقبة اللحظية لأرض المعركة حيث تعطى صوراً فردية تمكن القائد من اتخاذ القرار المناسب.
ـ الحرب الإلكترونية
ـ مستودعات الإعاقة السلبية (chaff) أو صواريخ نشر الرقائق.
ـ مستودعات الإعاقة المزودة بالمشاعل الحرارية.
ـ مستودعات الإعاقة الإيجابية للتشويش على محطات الصواريخ والدفاع الجوى.
كشف الأهداف
- بالنسبة لنيران المدفعية والكشف القصفى المدفعى في عمق الدفاعات وكشف نسبة الإصابة.
- إعادة البث : بالنسبة لمحطات الإرسال.
- أرصاد : في كشف درجة الحرارة والرياح والأعاصير.. الخ.
- كما يمكن استخدامه كصاروخ موجه انتحارى في حالة فشل مهمته أو انتهاؤها أو وجود هدف حيوى لتدميره.
- إنذار مبكر : تطلق من طائرات إي 2 هاوكي الطراز (E2C) في المناطق التي لا تستطيع طائرات أي 2 هاوكي كشفها وأيضاً يمكن استخدامها من طائرات الإف – 16، والإف – 15 وغيرهم.
تحديات مواجهة الطائرات “درون “
تمثل الطائرات المسيرة المفخخة أو القاصفة، التي تعمل خارج سيطرة الدولة مشكلة حقيقة كبرى. الطائرات، رخيصة السعر، المتوفرة في كل مكان تقريبا، عادة بديل فعال للهجمات الأرضية أو الصاروخية، بسبب الدقة الكبيرة التي توفرها، والتهديد الكبير الذي تمثله. ويقول الخبراء إن “من الممكن بشكل أو بآخر تأمين المباني الحساسة من الأرض، لكن من الصعب جدا تأمينها ضد هجوم من الجو”.
وحتى لو تم تأمين المنطقة ضد الهجمات الجوية التقليدية، من الطائرات الأكبر حجما، وصولا إلى الصواريخ البالستية، فإن “صغر حجم الطائرات المسيرة يقلل كثيرا من فعالية التصدي لها”، بحسب مايكل، الذي أضاف لموقع “الحرة” أن “سهولة الوصول إلى الطائرات المسيرة، وسهولة تسليحها النسبية، يجعل من الجميع قادرين على الحصول عليها، مما يزيد خطورتها”.
ويؤكد الخبراء، إن من الصعب مواجهة الطائرات المسيرة بشكل كامل، إذ أن الآليات الدفاعية، سواء البرمجية أو الراديوية أو القذائف، تعمل كلها بفعالية نسبية، خاصة مع الطائرات الموجهة الأكثر تطورا. وفيما يمكن التأثير على الطائرات الموجهة من بعد من خلال التشويش، الذي ينجح في أحيان كثيرة، لكن التأثير على نوع الطائرات الذي يمكن برمجة مساره وتخزينه داخليا، سيكون أصعب.
معالجات طائرات “درون” Drone
يمكن استهداف هذه الطائرات Drone درون بقاذفات (بازوكا)، ويمكن رصد الطائرات من دون طيار باستخدام الكاميرات أو الرادار أو أجهزة تحسس تعتمد على تردد الموجات الراديوية. وتطبق بريطانيا قانون يحظر طيران الطائرات من دون طيار في مساحة كيلومتر واحد في محيط حدود المطارات أو أي موقع للطيران، بيد أن التشريعات تختلف في بلدان أخرى.
وقد أنتج عدد من الشركات أجهزة تحمل باليد أو على الكتف يمكن استخدامها لإطلاق شبكات على الطائرات المارقة من دون طيار، تُحيط بالطائرة وتمنع مراوحها من الدوران ما يتسبب في اسقاطها. وطورت شركة “أوبن ورك” الهندسية البريطانية قاذفة بازوكا كبيرة يمكن أن تطلق شبكة ومظلة على الهدف مستخدمة منظار لتحقيق دقة الإصابة. وسميت هذه القاذفة “سكاي وول 100”.
واكتشفت هولندا حلا بلا تعقيد تكنولوجي لقضية تكنولوجية شائكة. وقد دربت الشرطة هناك نسورا على اسقاط الطائرات من دون طيار “المعادية” عن طريق الإمساك بمخالبها بمراوح هذه الطائرات وتعطيلها في النهاية. ويقول المدربون إن النسور تنظر إلى الطائرات من دون طيار كفرائس، و لا تميل إلى مهاجمة أي شيء آخر عند إطلاقها.ويعتقد أن الشرطة الهولندية هي الأولى في العالم التي طبقت هذه الطريقة.
يجمع الخبراء في مكافحة الإرهاب،إن انتشار تقنية هذه الطائرات ووصولها إلى المسلحين يمثل التطور المقبل للحرب عن طريق التحكم عن بعد، حيث يمكن للجماعات الإرهابية بناء قوات جوية فعلية.رغم ذلك تبقى طائرات درون مصدر قلق وتهديد الى امن اوروبا خاصة في المناسبات العامة والاماكن المفتوحة.
ماتحتاجه الان الدول هو في مكافحة الإرهاب مكافحة الإرهاب إقامة شبكة لتبادل المعلومات، على المستوى الدولي، وتطوير الخطط الفنية الدفاعية لمواجهة خطر الطائرات المسيرة ، خاصة ان بعض هذه الطائرات ممكن ان تحمل رؤوس بيولوجية او غيرها من الاسلحة ذات الدمار الشامل. تحتاج أجهزة الإستخبارات ان تعيد تعريفات تهديدات الامن القومي للدول ومصادر تلك التهديدات، وإستحداث وحدات جديدة في داخلها من اجل متابعة ومعالجة مستجدات الامن القومي في زمن العولمة.
تبقى الطائرات المسيرة تقنية تخدم الحكومات في مكافحة الإرهاب، في زمن الحروب الحديثة ـحروب بالوكالة ـ حيث يمكن إستهداف وقنص الاهداف بدون نشر قوات، لكن بدون شك عمليات طائرة بدون طيار تحتاج الى المصادر البشرية قرب الاهداف التي تستهدفها من اجل تحديد المكان والتغذية العكسية.
رابط مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=53969
رابط تحديث https://www.europarabct.com/?p=77057
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI