إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا-
وحدة الدراسات والتقارير “14”
بات الحديث عن نفوذ جماعة الإخوان في فرنسا شائكًا بعد ما اختبرته الدولة مؤخرًا من سلسلة هجمات متطرفة أضحت المادة الإعلامية الأولى عالميًا لما خلفته من ضحايا ذُبحوا علنًا ومصالح خارجية هُددت سلامتها، وباعتبار الإخوان هي الجماعة الأم للتيار الإسلاموي فأن مؤسساتها وما تشرف على إدارته من مراكز دينية وثقافية أصبح مصدر قلق أمني للسلطات والمجتمع.
أعلنت السلطات الفرنسية يوم 29 سبتمبر 2021 نفذت السلطات الفرنسية منذ عام 2017 “24 ألف عملية تفتيش و650 عملية إغلاق لأماكن يقصدها متشدّدون”، بحسب وزير الداخلية. ومع اقتراب دخول “عقد الالتزام الجمهوري” حيز التنفيذ ستكون هناك 10 جمعيات أخرى عرضة لإجراءات الحلّ.أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنّ الحكومة باشرت إجراءات ترمي لإغلاق ستّة مساجد وحلّ عدد من الجمعيات وذلك بسبب ترويجها لـ”الإسلام المتطرّف”.وقال دارمانان في مقابلة مع صحيفة “لو فيغارو” اليومية في عدد (28 سبتمبر 2021 إنّ ثلث أماكن العبادة الـ89 “المشتبه بأنّها متطرّفة والمسجّلة في قوائم أجهزة الاستخبارات” تمّت مراقبتها منذ نوفمبر 2020.
تحول القلق الأمني لباريس إلى محاولات إجرائية وحملات تهدف إلى تقويض النفوذ المؤسسي للجماعة ما يعول عليه كسبب لاستغلال تركيا للموقف المؤجج جراء الرسوم الكاريكتيرية المسيئة للإسلام للحشد ضد فرنسا واقتصادها كنوع من الضغط السياسي لنقل المعركة إلى مستوى آخر وتشتيت الحكومةعن محاربة الجماعة وأصدقائها ممن تدعمهم أنقرة والدوحة. الإرهاب ـ كيف تعاملت فرنسا بالاتهامات الموجهة الى قطر بتمويل الإرهاب ؟
دفع موقع (CNN) بتعاظم الصراع بين أردوغان وماكرون بعد الانتقاد الشديد الذي وجهه الأول للأخير قائلا بإن الرئيس الفرنسي يحتاج للعلاج النفسي وعليه استدعت باريس سفيرها في أنقرة لتقيم الوضع رافضة التصريحات غير المسؤولة من الرئيس التركي. ويبدو أن الخلاف بين الرئيسين تدهور بشكل كبير إلى حد دفع أردوغان لتطبيق استراتيجيته الموحدة في استخدام أذرعه بالقارة العجوز لإحداث الاضطرابات، ومن ثم حدثت معارك الشوارع بين أنصار جماعة الذئاب الرمادية المدعومة من أنقرة ضد مواطنين من أصول أرمنية في مدينة ديسين-شاربيو بشرق البلاد.
نتج عن ذلك، وفقًا للسلطات الفرنسية، قرار رسمي في 5 نوفمبر 2020 بحل جماعة الذئاب الرمادية التركية، ويقول وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، على حسابه الرسمي بموقع تويتر إن مجلس الوزراء اتخذ هذا القرار بناء على توجيهات من الرئيس إيمانويل ماكرون، بسبب عمل الحركة على التحريض على العنصرية والكراهية فضلا عن أعمال العنف التي تنشرها بالبلاد.
إجراءات الدولة ضد مؤسسات الإخوان
أدت حادثة قطع رأس المدرس الفرنسي صموئيل الذي عرض رسوم كاريكتيرية مسيئة للإسلام على تلاميذه على يد شاب من أصل شيشاني عمره 18 عامًا في 16 أكتوبر 2020 إلى إحداث حالة غضب واسعة ضد الإسلامويين في فرنسا ما نتج عنه حملة أمنية ضد المؤسسات والشخصيات المقربة من التنظيمات المتطرفة وأبرزها جماعة الإخوان مع مطالبات بتشديد الرقابة على مصادر تمويلها.
قررت الحكومة الفرنسية في 21 أكتوبر 2020 حل جماعة الشيخ ياسين وإحالة رئيسها عبدالحكيم صفريوي وزوجته للتحقيق لاتهامه بالتورط في إصدار فتوى لاستباحة دماء المدرس صموئيل وذبحه، وأفادت شبكة العربية في تقريرها المعنون بـ(تفاصيل عن داعية تورط بجريمة قطع الرأس التي هزت فرنسا) بوجود علاقة مقربة بين صفريوي وجماعة الإخوان. الإخوان المسلمون في فرنسا ـ لماذا لم يتم تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية ؟
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها اسم الإخوان وداعمتها قطر بهجوم إرهابي في فرنسا، فتحت عنوان (موقع فرنسي: إرهابية قتلتها الشرطة عملت لصالح قطر الخيرية) نشر موقع العربية في مارس 2019 أن المتهمة حنان أبو الهنا زوجة المتطرف ميكائيل تشيولو التي قتلت أثناء هجومها وزوجها على سجن كوندي سور سارت بشمال غرب البلاد كانت تعمل مع مؤسسة قطر الخيرية وكانت المؤسسة تشيد بها كأخت في النشاط.
مراكز جماعة الإخوان في فرنسا
تحتضن فرنسا الكثير من مؤسسات الإخوان التي تنشر الإيدلوجية الخاصة بالجماعة وسط تمويلات قطرية لبعض المراكز الثقافية والاستثمارية.
المعهد الأوروبي للعلوم الإسلامية والإنسانية
أسس المعهد (IESH) في ضاحية سان دوني بالعاصمة باريس ويصل عدد طلابه سنويًا نحو (1000)إلى (1500) طالب، ويشمل تعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية والقرآن الكريم للأئمة والوعاظ الراغبين في ذلك، فيما تعمل المؤسسات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان في الترويج لأنشطته لا سيما الجزيرة القطرية.
فتح المدعي العام بسان دوني تحقيقًا قضائيًا حول تمويلات المركز التي يعتقد بعدم قانونيتها وذلك في أغسطس 2020 ولم ينتهِ التحقيق بعد ولكن الموقع الرسمي للمعهد مازال ينشر الموضوعات حول أنشطته وتفاعلاته الاجتماعية.
اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا
يترأس عمر لصفر اتحاد المنظمات الإسلامية (UOIF) الذي يشار إليه كأحد أبرز المؤسسات التابعة للإخوان في البلاد، وقد أسس في 1983 ويضم في إطاره 250 جمعية ثقافية ودينية منها ما يعمل في مجالات تدريب الأئمة.يضم الاتحاد تحت رعايته العديد من المراكز المنتشرة بين الثقافة والطب والاقتصاد ومنها جمعية ابن سينا الطبية ذات العضوية المشتركة مع مجلس مسلمي أوروبا التابع للجماعة في بلجيكا.
ويضم أيضًا الرابطة الفرنسية للمرأة المسلمة والتي تهتم باحتضان الإخوات كتأطير شامل للمجتمع، إذ تعمل أيضًا طلاب مسلمون من فرنسا وشباب مسلمي فرنسا كجمعيات مهتمة بتضمين الصغار والطلاب إلى أنشطتها. ولا يعمل المعهد الأوروبي بمنأى عن الاتحاد فهو عضو فاعل في أنشطته، وتكمن أهمية اتحاد فرنسا بأنها الفرع الإقليمي لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE) المحرك الأساسي للجماعة وقياداتها في أوروبا.
ويشمل الاتحاد كغيره من منصات الإخوان في أوروبا شركة تعمل لدعم المنتجات الحلال وذلك كذراع اقتصادي للتنظيم يبدو أنه يهيمن على هذه التجارة في العالم الغربي، ويذكر أن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا مصنف كمنظمة إرهابية في الإمارات العربية المتحدة منذ 2014.
الاتحاد الإسلامي لطلبة فرنسا
تأسس في عام 1989 على يد رجل الإخوان اللبناني فيصل مولوي، وفي عام 1996 بات اسمه المختصرهو «EMF»، ويهتم برعاية الشباب الجامعيين والمراهقين وهو السن الأهم الذي تعتمد عليه الجماعة من أجل بداية التنشئة بالأسر الإخوانية.
المعهد الإسلامي (مسجد باريس الكبير)
يطال المعهد شبهات بالتعاون مع جماعة الإخوان واحتضان عناصرها، ولقد تأسس في 15 يوليو 1926، وتهتم الجزيرة القطرية بمتابعة أنشطته وتاريخ فعاليته.
الخلاصة
يبدو أن الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في فرنسا وما تلاها من صراعات أيدلوجية استغلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن تؤخر إجراءات السلطات الفرنسية ضد مؤسسات الجماعة الإخوانية وهو ما ظهر في حل جماعة الشيخ ياسين، فضلا عن تأثيرها على جماعات تركيا المتطرفة كالذئاب الرمادية كنتيجة للمناوشات المستعرة بين الجانبين الفرنسي والتركي.
يلقي ما سبق بظلاله على شبكة أعمال الإخوان في فرنسا وأبرزها الاقتصادية رغبة من الحكومة في تقويض عمليات التمويل والدعم المادي للمؤسسات ذات الطبيعة السرية، فالإخوان يعتمدون على الانزواء الخفي من أجل التمكن من تحقيق مصالحهم، وبالتالي فأن المحتمل لمكافحة التطرف هو تجفيف منابع التمويل.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=72821
رابط اخر تحديث في 01.10.2021 https://www.europarabct.com/?p=77437
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
France condemns ‘unacceptable’ comments from Turkey’s Erdogan and recalls ambassador
تفاصيل عن داعية تورط بجريمة قطع الرأس التي هزت فرنسا
موقع فرنسي: إرهابية قتلتها الشرطة عملت لصالح “قطر الخيرية”