المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ المانيا و هولندا ECCI
ملف أمن دولي انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي
1 ـ أمن دولي ـ انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي.
يُمثل الصراع في السودان واحتدام الصراع بين القوات المسلحة مابين عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع خطورة كبيرة على الصعيد الدولي والإقليمي متمثلاً في دول جوار السودان. الصراع في السودان والفوضى ممكن أن يعمل على زيادة الهجرة نحو أوروبا وارتفاع معدلات التجارة غير المشروعة في منطقة الصحراء الكبرى واستغلال من قبل الجماعات المتطرفة للظهور من جديد.
بدأت تتضح ملامح الصراع باكراً بين كل من البرهان قائد القوات المُسلحة وحميدتي قائد قوات الدعم السريع، فالإفراج عن موسى هلال عم حميدتي والمنافس الأول له على قيادة القبائل العربية في دارفور والذي كان مسجوناً منذ أيام الرئيس السابق عمر البشير أما السبب الثاني فهو إصدار عبد الفتاح البرهان أمراً بعدم سفر أي عضو من أعضاء المجلس الانتقالي دون إذن منه، هذا الأمر تجاوزه حميدتي بالسفر إلى تركيا وتوقيع شراكات اقتصادية بينهم ومن ثم ايضاً السفر إلى روسيا في 2022 وخلال الزيارة أبدى انفتاحه على بناء الروس لقاعدة حربية على البحر الأحمر ورد البرهان على ذلك بفيديو يظهر من خلاله شقيق حميدتي يشارك في فض اعتصام القيادة العامة خلال الثورة السودانية.
ما أدى إلى احتدام الصراع وظهوره إلى السطح هو ” الاتفاق الإطاري ” الذي يشمل نقل السلطة إلى المدنيين وقد اشتمل هذه الاتفاق على ضم قوات الدعم السريع إلى القوات المسلحة، وجاءت نقطة الخلاف حول محورين المحور الأول المدة الزمنية التي حددت لذلك، حيث ارتأى البرهان أن سنتين كافيتين من أجل ضم قوات الدعم السريع على القوات المسلحة أما حميدتي فقد رأى أن ذلك لن يستغرق أقل من 10 أعوام، أما النقطة الثانية في الخلاف فهي حول لمن تؤول قيادة القوات المُدمجة بعد ذلك؟
انقلاب في العاشر من أبريل عام 2019
وقعَ انقلاب في العاشر من أبريل عام 2019 في السودان حيثُ تمت إزاحة الرئيس السوداني عمر البشير من السلطة بواسطة الجيش السوداني عقبَ احتجاجات شعبيّة طالبت برحيله. حينَها أطاح الجيش بقيادة أحمد عوض بن عوف بالحكومة والبرلمان وأعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر تليها فترة انتقالية مدّتها سنتين.أمن دولي ـ ما حقيقة المحور العسكري الروسي الصيني؟ بقلم هند ناصر السويدي
عوض بن عوف؛ والذي كان وزيرًا للدفاع في السودان ونائب الرئيس، أصبح رئيس الدولة بحكم الأمر الواقع كما تم أيضًا تعليق العمل بالدستور، وفرض حظر التجول من الساعة 10 مساءً إلى الساعة 4 صباحًا كما أمرَ بفضّ الاعتصامات الاحتجاجية؛ وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم قادة الاحتجاج المناهضين للبشير، قد تم إطلاق سراحهم من السجن.
صبيحة يوم الموافق 11أبريل 2019؛ اجتمعَ عددٌ منَ القادة العسكريين للسودان دون حضور الرئيس البشير ثم بعدها بساعات سيطرت القوات المسلحة على مقر الإذاعة والتلفزيون فأتلت بيانًا على لسان وزير الدفاع عوض بن عوف الذي أعلنَ فيهِ إطاحتهُ بالرئيس عمر البشير واعتقاله كما شكّل مجلس عسكري انتقالي يتولى حكم البلاد لمدة عامين وفرضَ حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر فضلًا عن تعطيل دستور عام 2005 وإجراء انتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية.
الفوضى في السودان ـ تداعيات إقليمية ودولية
دولة السودان مترامية الأطراف ذات مساحة شاسعة تطل حدودها على عدد كبير من الدول المجاورة لها هذا يعني تأثر عدد أكبر بالأحداث التي تدور في السوان والخريطة التالية توضح دول الجوار المحيطة بدولة السودان:
وفقاً لتأثير الأحداث في السودان على الدول المجاورة فقد لوحظ ذلك سريعاً ولا سيما في تصاعد عمليات نزوح المدنيين وفرارهم نحو دول الجوار فقد سارعت دول بعض الدول إلى استحداث قوانين جديدة من أجل استقبال هؤلاء النازحين كما الحال في أثيوبيا، أما في الامتداد الطبيعي للسودان ونقصد هنا مصر فيُحكم بواسطة صلات الدم وظهر ذلك بوضوح في دخول النازحين إلى مصر دون معوقات تُذكر.
إن ما تمثله السودان من حلقة هامة في حفظ السلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي يجعل منها محط اهتمام المجتمع الدولي بكافة توجهاته، فالوضع في السودان ينعكس في أقل الظروف والتقديرات على دول جوارها وبالتبعية تتوسع هذه الرقعة شيئاً فشيئاً وما يؤكد أهمية السودان في معادلة الأمن الدولي وتحت مظلة مشهد ملتبس وقيد الانهيار توافد على الخرطوم في يوم واحد ممثلين لكافة الأطراف الدولية الفاعلة في عملية التحول الديمقراطي السوداني حيث وصل السودان عدد من المبعوثين الدوليين للدفع بالعملية السياسية إلى الأمام منهم مساعد وزير الخارجية الأميركي للقرن الأفريقي بيتر لورد، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيت ويبر، والمبعوث الفرنسي الخاص للاتحاد الأفريقي فريدريك كلافيه، وكذلك مدير القرن الأفريقي في وزارة الخارجية الألمانية تورستن هوتر، ومبعوث بريطانيا للسودان وجنوب السودان روبرت فيرويزر ومبعوث النرويج الخاص للسودان وجنوب السودان جون جونسون، حيث عقدوا لقاءات مع كبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني وائتلاف الحرية والتغيير لدعم العملية السياسية وتنسيق الجهود الدولية دعماً للاتفاق الإطاري.
حيث يعمل أعضاء المجتمع المدني على تهدئة الأوضاع في السودان والحيلولة دون احتدام النزاع واستمراره لما لذلك من انعكاسات سلبية على الأمن والسلم الدوليين.
رمزية السودان عند الجماعات المتطرفة
إن الانفراط الأمني في السودان قد يؤدي إلى تنامي نفوذ القاعدة فيها من جديد ولا سيما وأن السودان لها مكانة خاصة لدى أعضاء التنظيم فقد كانت السوان مقراً ومستقراً لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إبان الفترة من 1990 حتي 1996 وخلال هذه الفترة اعتبره الكثير من السودانيين غوثاً لهم فقد جاء إليهم بفكره وماله وقام بالعديد من المشروعات الهامة لديهم لا سيما طريق التحدي لربط الخرطوم هذه بالإضافة إلى العديد من مشروعات الاستصلاح الزراعي في شرق البلاد ، وبالتالي فإن السودان لها رمزية ومكانةٌ خاصة لدى تنظيم القاعدة.مكافحة الإرهاب والتطرف – دور التنمية المستدامة. بقلم هند خلفان السويدي
الجماعات الإرهابية تستغل الاضطرابات من أجل إيجاد موطأ قدمٍ لها والظهور من جديد على السطح، الجدير بالذكر في هذا الصدد ومع تركيز المجتمع الدولي على مجريات الأمور في السودان الأمر الذي قد يستخدمه تنظيم الشباب الصومالي في شن هجمات قرصنة على السفن المارة في منطقة القرن الإقليمي وبالتالي تتسع التوترات من جديد في هذه المنطقة والتي تمثل شريان للعالم لا يمكن الاغفال عنه.
تعاظم شأن تنظيم الشباب الصومالي من جديد في منطقة القرن الأفريقي يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الدولي فمنطقة القرن الأفريقي تطل على البحر الأحمر من خلال باب المندب ثم بالتبعية على البحر المتوسط، وعلى السواحل الجنوبية الغربية لقارة إفريقيا وبالتالي يمكن ذلك من القول بأن تردي الوضع الأمني في السودان لن يكون ذو تأثير على الوضع الداخلي فحسب فإنما يتعدى ذلك وفقاً لما أوردناه سابقاً حول عودة عمليات القرصنة في منطقة القرن الأفريقي والساحل الجنوبي الغربي لقارة أفريقيا.
مخاطر هروب جماعة الإخوان من السجون
إن هروب جماعة الإخوان المسلمين ورموزهم في السودان من السجون وعودتهم إلى الشارع السوادني يرفع من معدلات خوضوهم في الحياة السياسية في السودان مرة أخرى ولا سيما ولا يمكن انكار القاعدة التي يتمتعون بها في الشارع السوداني ولعل أبرز الهاربين أحمد هارون الذي يمثل احدى الركائز الأساسية لنظام عمر البشير ولأحمد هارون خلافات عميقة تعود لسنوات مع قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد دقلو حميدتي، بعد طرده للقوات من ولاية شمال كردفان التي كان والياً عليها، وفي أكثر من مناسبة هاجم حميدتي هارون وذكر أن مكانه السجن. وتوسط البشير بينهما في عام 2018 وأصلح بينهما.
وقد أصدر هارون بياناً، هاجم فيه حميدتي واتهمه بالعمل على خوض حرب من أجل أطماعه الشخصية، وأكد دعمه للجيش السوداني في المواجهة الحالية، ودعا أفراد قوات الدعم السريع لتسليم أنفسهم والانضمام للجيش.
تنظيم الإخوان وتحالفه مع النظام السابق، البشير
أقر البشير؛ في مقابلة أجراها معه التلفزيون السوداني إبان فترة حكمه؛ بمشاركته في العام 1989 مع تنظيم الإخوان – الذي كان يعرف آنذاك بالجبهة الإسلامية القومية بزعامة حسن الترابي – في تخطيط وتنفيذ الانقلاب الذي أطاح بالحكومة المنتخبة في العام 1986.
طريق عمر البشير نحو حكم السودان رسمه وهندسه شريكه السابق في الحكم حسن الترابي، زعيم الجبهة الإسلامية بالبلاد، فمساعد الميكانيكي الشاب الذي التحق بالعمل خلال دراسته الإعدادية لتحمل تكاليف الدراسة كان واحدًا من الشباب الذين دفعت بهم الحركة الإسلامية للالتحاق بالأكاديميات العسكرية في السودان، ضمن ما يصفه الباحث “مصطفى عبد الواحد” في دراسته “صعود الحركة الإسلامية في السودان من 1945 إلى 1989” بالخطة الإسلامية المحكمة، للسيطرة على الجيش السوداني.
وساطات إقليمية
تتعد الوساطات والرؤى الإقليمية من أجل منع تدهور الأحداث بالشكل الذي يصعب السيطرة عليه ويبرز في ذلك الدور الإماراتي حيث تعمل دولة الإمارات جاهدة على وقف هذا الصراع وقد جاء في بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي ” تتابع سفارة دولة الإمارات في الخرطوم بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان الشقيق، وتؤكد على موقف دولة الإمارات الثابت المتمثل في ضرورة خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، وضرورة دعم الجهود الرامية إلى دعم العملية السياسية وتحقيق التوافق الوطني نحو تشكيل الحكومة”.مكافحة الإرهاب – تمدد النشاط الإرهابي في أفريقيا، تحديات المواجهة. بقلم هند ناصر خلفان السويدي
على نفس الوتيرة تسعى المملكة العربية السعودية نحو وقف العمليات العسكرية والقتال في السودان وضرورة الحفاظ على حياة المدنيين وذلك من اجل حماية الامن الإقليمي، وبالنسبة لمصر الامتداد الطبيعي للسودان من ناحية الشمال يمثل استقرار الأوضاع في السودان أهميةً لا تقل عن أهمية استقرار الأوضاع في مصر فالمعادلة التاريخية تقول ” أن استمرار تردي الأوضاع وطال أمد الصراع في أي دولة عربية فإن مصر من تدفع الفاتورة فهناك يقين تام لدى كل العرب بأن مصر هي الملجأ الأخير”، وبناء على ذلك فإن مصر تسعى جاهدة نحو وقف التصعيد العسكري في السودان.
**
2 ـ أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي
يشهد السودان نزاعاً مسلحاً بين أكبر قوتين عسكريتين تحاول كل منهما فرض سيطرتها على الحكم منذ منتصف شهر أبريل 2023 وسط حياد القوى المدنية. يدور القتال بين “الجيش السوداني” بقيادة قائده رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، الملقب ب (حميدتي). الطرفان المتحاربان يمتلكان تسليحاً، وإن اختلفت نوعياته وتميزه لصالح “الجيش السوداني”، لنكون أمام صراع مُسلح وحرب شوارع. فما هي تداعيات المشهد الحالي من الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي؟
جذور الخلاف
يرجع سبب الخلاف الأساسي إلى استياء قادة الجيش منذ أن منح الرئيس السابق عمر البشير قوات الدعم السريع (المعروفة سابقاً باسم الجنجويد) وضعاً قانونياً، جعل قادتها يحصلون على رتب عسكرية رسمية. كانت هناك مخاوف لدى الجيش السوداني من تواجد قوة عسكرية موازية له على الأرض، ولكن هذه المخاوف كانت لها صدى لدى القوى المدنية التي تدعم توحيد القوى العسكرية تحت مظلة واحدة، وهي الجيش الوطني، قد حذرت من أن احتمالات الصدام بين الجانبين بسبب هذه النقطة ستقود ربما إلى قتال عنيف ما لم يتم تدارك الأمر من خلال الحوار السياسي. أمن دولي ـ العقيدة النووية عند روسيا والناتو وأهمية قواعد الأشتباك. آندي فليمستروم Andie Flemström
وكان الجيش بقيادة البرهان يطالب بسرعة دمج الدعم السريع داخل الجيش وحدد لذلك فترة زمنية ما بين 6 أشهر إلى عام ثم عامين. لكن طالب حميدتي بمد الفترة اللازمة لدمج قواته داخل قوات الجيش إلى 10 سنوات، وهو ما رفضه الجيش.
وفقاً لمحللون سودانيون فإن أحد أهم أسباب مقاومة حميدتي لدمج قواته بالجيش هو عدم وضوح موقعه في الخريطة السياسية، إذ يخشى أن ينتهي به الأمر تحت قيادة البرهان أو من يأتي بعده، وبالتالي سيكون من السهل إبعاده عن المشهد والتأثير السياسي وهذا مرفوض بالنسبة له.
مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي
اجتذب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مشاركة كبيرة من اللاعبين الإقليميين والدوليين، ولكل منهم دوافعه ومصالحه الخاصة.
في الوقت الذي تسعى بعض الجهات الفاعلة، مثل مصر وإثيوبيا، بشكل أساسي على الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، فإن جهات أخرى، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وروسيا والصين، لديهم أهداف أكثر استراتيجية في السودان. وتؤكد مشاركة هؤلاء اللاعبين في الصراع في السودان على الطبيعة المعقدة والمتعددة الأبعاد للأزمة، وتسلط الضوء في الوقت ذاته على تحديات إيجاد حل فوري للصراع وتحقيق سلام دائم يحول دون الانزلاق نحو حرب أهلية يتسع نطاقها ويطول أمدها.
نظراً إلى موقع السودان الاستراتيجي، فإنّ احتمالية توسّع الصراع وتمدده إلى الدول المجاورة، ومنطقة الساحل، تبقى قائمة بقوة.
ذكرت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية في مقالٍ تحت عنوان “حرب السودان قد لا تبقى في السودان”، احتمالية أن يؤدي الصراع في السودان إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وأن يكون للحرب “تأثير الدومينو” عبر تشاد ومنطقة الساحل الأفريقي بأكملها. وبالتالي ستكون للأزمة عواقب وخيمة على السلام والأمن الإقليميين، خاصة في ظل تزايد التطرف في دول غرب أفريقيا الساحلية.
وتتمثل إحدى نتائج الصراع الدائر في السودان في الانتشار المتوقّع للسلاح في مُختلف أنحاء المنطقة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى اتساع التجارة غير المشروعة للأسلحة، ومما قد يزيد هذه المشكلة تعقيداً، الطبيعة السهلة الاختراق لحدود المنطقة، كما هي الحال في بوركينا فاسو وتشاد ومالي والنيجر ونيجيريا.
يهدد القتال في السودان بإشعال المزيد من الصراعات داخل حدود جيرانه، والتي واجهت كل منها حربًا أو اضطرابات مدنية عنيفة أو اضطرابات سياسية في السنوات الأخيرة. هذه الدول هي: مصر وجنوب السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وإثيوبيا وإريتريا.
إن مخاطر حدوث تداعيات إقليمية عالية تعود إلى الأهمية الجيوستراتيجية للسودان عند تقاطع المحيط الهندي والقرن الإفريقي والعالم العربي. وأن جيران السودان من سبع جهات يراقبون بقلق، حيث يمر نهر النيل وخطوط أنابيب النفط عبر الدولة الغنية بالمعادن.وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من “حريق كارثي” قد يستهلك المنطقة، في ظل تضاؤل الآمال والفشل في التوصل إلى حل سريع للأزمة في السودان
على الجانب الغربي من السودان، تقدر الأمم المتحدة أن حوالي 100 ألف سوداني سيفرون عبر الحدود إلى تشاد، الحليف الإقليمي الرئيسي للولايات المتحدة، حسب الصحيفة. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 20 ألف شخص عبروا الحدود إلى تشاد من منطقة دارفور، في حين كانت تشاد تستضيف حوالي 400 ألف لاجئ سوداني نزحوا بسبب النزاعات السابقة وأقاموا في مخيمات حدودية.
تهديد الملاحة البحرية والقرصنة في البحر الأحمر والقرن الإفريقي
إن تداعيات الصراع العسكري الكارثية في السودان لا تقتصر على الداخل السوداني فحسب، ولا على المحيط الإقليمي، وإنما يمتد إلى الفضاء العالمي عبر تهديد أمن البحر الأحمر، فالسودان إحدى أهم الدول المشاطئة لهذا الممر المائي الاستراتيجي. إن خطر استمرار الصراع السوداني وتصاعده ينذر بخلل في منظومة أمن البحر الأحمر ودخول قوى دولية ظلت تبحث عن موطئ قدم لها ومن ثمَّ يتحول إلى ساحة صراع دولي حاد، فليست الولايات المتحدة وحدها من يتخذ له قواعد عسكرية في دولة جيبوتي، حيث لها هناك أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفريقيا، بل تحتفظ فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة كذلك بوجود عسكري كبير هناك، كما تستضيف جيبوتي أول قاعدة عسكرية للصين وأول قاعدة عسكرية يابانية منذ الحرب العالمية الثانية، ومعلوم أن لدى تركيا قاعدة عسكرية في الصومال. مكافحة التطرف العنيف ـ دور المناهج الدراسية. بقلم Andie Flemström
تحذير من توسّع القتال إقليمياً
حذّرت مجموعة عمل البحر الأحمر التابعة لـ”معهد السلام الأميركي” (USIP) في وقت سابق، من أن الحرب في أي دولة في المنطقة تنطوي على خطر انتشار عدم الاستقرار من خلال تدفق اللاجئين عبر الحدود وتوسيع الأزمات الإنسانية. ويستضيف السودان حالياً مئات الآلاف من لاجئي حرب إقليم تيغراي في إثيوبيا المجاورة. وقد أغلقت تشاد ومصر بالفعل حدودهما مع السودان، مما يشير إلى أن القادة الإقليميين يعتقدون أن هذه الاشتباكات يمكن أن تمتد أكثر.
وأشارت مديرة برنامج أفريقيا بالمعهد سوزان ستيغانت، إلى أنه سيكون من المهم خلال الأيام المقبلة الانتباه إلى أي تحالفات جديدة وإعادة ترتيب خريطة التحالفات في المنطقة، مع التركيز على مواقف مصر وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان خاصة. وترى أيضاً أنه في حال استمرار الصراع ولم تنجح جهود إحلال السلام أو الاتفاق على هدنة إنسانية طويلة، ستحتاج القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى خطوط إمداد، وقد تميل الحكومات الإقليمية التي لها مصالح راسخة في السودان إلى إلقاء ثقلها وراء أحد الطرفين.
عودة الحركات الإسلامية المحتملة، جماعة الإخوان، القاعدة وداعش وأخواتها
وقعت جماعات وأحزاب إسلامية سودانية على إعلان تأسيس “التيار الإسلامي العريض”، أبرزها الحركة الإسلامية السودانية، حركة الإصلاح الآن، جماعة الإخوان المسلمين، حزب دولة القانون والتنمية والمرجعية التنظيمية لحزب المؤتمر الوطني “المنحل” الذي عزله الشعب السوداني من الحكم بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.التطرف العنيف في السويد -التشابهات والاختلافات. بقلم أندي فليمستروم Andie Flemström
وجرى التوقيع على الإعلان في مؤتمر صحافي بالخرطوم بمشاركة أمين حسن عمر، القيادي في النظام المعزول، وآخرين من قادة الإسلاميين. الهدف هو الاندماج الكامل لكل التيارات الإسلامية تحت قيادة واحدة، لتحقيق “الحاكمية لله”.
وهنا يدور السؤال حول مدى احتمالية عودة الإسلاميين إلى السلطة مرة أخرى في السودان، في ظل تعقيدات الوضع الراهن وما يترتب عليه من مخاوف انهيار الدولة وانتشار الفوضى بعد فشل التركيبة الحاكمة من عسكريين ومدنيين منذ أبريل 2019 في إدارة دفة الحكم، وعجزها عن إنهاء الصراعات أو اختتام الفترة الانتقالية الحالية بتراض وطني وقيام انتخابات عامة يختار فيها الشعب السوداني من يمثله ويحقق إرادته الحرة. يضاف إلى فشل هذه التركيبة الحاكمة تنامي النفوذ الأجنبي الذي تحركه المصالح والأطماع في السودان. أمن دولي ـ انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم هند ناصر خليفان السويدي
مستقبل الإسلاميين في السودان
هناك عدة سيناريوهات تفرض نفسها على واقع الإسلاميين ومستقبلهم في السودان، ويمكن القول: إن الإسلاميين فقدوا العقل المفكر لهم والشخصية المتفق عليها، القادرة على إيجاد طريق جديد، كما أن الخارجين من مظلتهم أضعف من رصيد الحركة الإسلامية الشعبي، خاصة في إقليم دارفور، غرب السودان، وهو الإقليم الذي كان معقلاً للإسلاميين خاصة في الثمانينيات من القرن الماضي.
ويلاحظ المتابعين في هذا الشأن بأن هناك وعيًا مستجدًا بدأ يتشكل وسط قادة الطرق الصوفية، وهم حلفاء محتملون للإسلاميين دائمًا في مواجهة اليسار السوداني، هذا الوعي قاد الصوفيّة للاستقلال بقرارها السياسي، وتمثل هذا الوعي في تشكيل “تحالف نداء أهل السودان” بقيادة الخليفة الطيب الجد ود بدر.
أعلن المساعد السابق للرئيس السوداني المعزول عمر البشير، والمحتجز بسجن كوبر القومي بالخرطوم أحمد هارون، خروجه من السجن رفقة عدد من رموز النظام السابق بعد الفوضى التي حدثت في السجن في الأيام الماضية. جاء ذلك في تسجيل صوتي بثه على وسائط التواصل الاجتماعي.
وأحمد هارون هو واحد من 3 مسؤولين في النظام السابق، بينهم الرئيس المعزول عمر البشير ووزير دفاعه الفريق عبد الرحيم محمد حسين، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر توقيف بحقهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بإقليم دارفور ما بين عامي 2003 و2007. مكافحة الإرهاب ـ مخاطر الجماعات المتطرفة في إفريقيا على الأمن الدولي (ملف)
وأثناء وجوده في السجن أصدر أحمد هارون بياناً هاجم هارون حميدتي واتهمه بالعمل على خوض حرب من أجل أطماعه الشخصية، وأكد دعمه للجيش السوداني في المواجهة الحالية، ودعا أفراد قوات الدعم السريع لتسليم أنفسهم والانضمام للجيش.
**
3 ـ مكافحة الإرهاب ـ استراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة في القرن الإفريقي
تعاني دول القرن الأفريقي من العنف وانعدام الأمن. تعتبر المنطقة مركزًا على طريق التجارة والهجرة في البحر الأحمر، على الحدود مع المناطق غير المستقرة في الساحل ووسط إفريقيا، وهي ذات أهمية استراتيجية للاتحاد الأوروبي. اعتمد الاتحاد الأوروبي إطارًا متكاملًا لمواءمة برامج وأدوات السياسة الخارجية المختلفة التي تهدف إلى تأمين المنطقة. ومع ذلك ، فإن الصراعات بين الدول المعنية تزيد من صعوبة تحقيق استقرار في منطقة القرن الإفريقي.
يعتبر القرن الإفريقي، كمصطلح جغرافي وسياسي حديث نسبيًا، وهناك آراء مختلفة حول التعريف الدقيق للمكان الجغرافي، والذي يمكن تسميته القرن الأفريقي. وبالطبع فإن المفهوم الجيوسياسي هو الأقرب لفهم وتحليل التفاعلات الحالية ، حيث يشمل القرن الإفريقي أيضًا الدول الواقعة على شواطئ البحر الأحمر التي تتحكم في المدخل الجنوبي لهذا البحر، وخاصة الصومال واليمن أيضًا والخليج العربي. يكتسب موقع القرن الإفريقي في النظريات الجيوسياسية أهميته الاستراتيجية ومع ذلك، فإن أهمية القرن الأفريقي لا تقتصر على اعتبارات الموقع فقط ، ولكن أيضًا على الموارد الطبيعية.
ينطبق مصطلح القرن الإفريقي ينطبق على ذلك النتوء الواضح على خريطة القارة، والذي يتخذ شكل قرن في أقصى شرق شمال شرق إفريقيا. هذا القرن هو مثلث تمتد قاعدته بخط يبدأ من وسط إقليم جمهورية جيبوتي، ويقع على باب المندب شمالاً ويمر داخل أراضي إثيوبيا غرب منطقة أوجادين. ويمتد داخل كينيا إلى نهر تانا في جنوب المنطقة الشمالية الشرقية من كينيا. وفقًا لهذا التعريف الأنثروبولوجي، تبلغ مساحة القرن الأفريقي 450 ألف ميل مربع. وظهرت خلافات في تحديد عدد الدول التي تتكون منها منطقة القرن الأفريقي ، حيث نجد الجغرافيين يحددونها بدءاً من إريتريا شمالاً إلى خليج عدن شرقاً ومن المحيط الهندي في الجنوب بما في ذلك إثيوبيا وجيبوتي والصومال إلى كينيا في الشمال.[1]
أصول حركة الشباب؟
“حركة الشباب“: هي، جماعة إسلاموية متطرفة مقرها الصومال، سيطرت على العاصمة مقديشو في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن حملة عسكرية قادها الاتحاد الإفريقي وبدعم من الولايات المتحدة وشركاء غربيين آخرين أبعدتها عن المراكز السكانية الرئيسية. أثبت الجماعة قدرتها على المواجهة والأستمرار، ولا تزال يمثل التحدي الأمني الرئيسي في الصومال. وتسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب البلاد وتواصل شن هجمات مميتة ضد القوات الدولية والمدنيين في المنطقة. دفع تهديد حركة الشباب الاتحاد الإفريقي إلى إعادة تقييم انسحابه وتعقيد عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية، التي تراجعت وتدفق في السنوات الأخيرة. أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي.
وتعتبرالصومال أحد أكثر البلدان فقراً في العالم ، وشهدت الجماعات المتشددة تأتي وتذهب في عقود من الاضطرابات السياسية. تٌعتبرحركة الشباب ، حاضنة للعديد من العناصر المتطرفة منها ،( الاتحاد الإسلامي AIAI ، أو “وحدة الإسلام”) ، وهي جماعة سلفية “جهادية” متشددة بلغت ذروتها في التسعينيات ، بعد سقوط نظام سعيد بري 1969-1991 واندلاع الحرب الأهلية. كان جوهر AIAI عبارة عن مجموعة من المتطرفين الصوماليين المتعلمين في الشرق الأوسط والتي تم تمويلها وتسليحها جزئيًا من قبل زعيم القاعدة ، أسامة بن لادن.[2]
تعتبر الحالة العامة في الصومال هشة للغاية ومع انتخاب الرئيس محمد عبد الله “فارماجو” وتشكيل حكومة جديدة في عام 2017، كان هناك أمل في تحسين مستدام للوضع الأمني والإنساني. ومع ذلك، فقد كان هناك صراع على السلطة بين الرئيس فارماجو ورئيس الوزراء روبل. لا تزال حركة الشباب الإسلاموية المتطرفة نشطة للغاية وتشن بانتظام هجمات عنيفة في أجزاء كبيرة من البلاد ، بما في ذلك العاصمة مقديشو. تم تحويل بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي AMISOM التي يمولها الاتحاد الأوروبي إلى بعثة ATMIS الجديدة في بداية أبريل 2022. وهدفها هو نقل المسؤولية الأمنية الكاملة إلى قوات الأمن الصومالية بحلول نهاية عام 2024. [3]
أنماط التطرف
ازداد عنف” حركة الشباب” في عام 2022 وشاركت الجماعة في أكثر من 2400 حدث عنف سياسي، بما في ذلك أكثر من 1700 حدث ومعارك وحوالي 300 حادثة عنف استهدفت المدنيين ، بزيادة قدرها 19٪ و 41٪ على التوالي مقارنة بالعام السابق 2021، كانت حركة الشباب ، التي تعمل في الصومال منذ ما يقرب من عقدين، نشطة في جميع أنحاء البلاد وخاصة في مناطق بنادير وشبيلي السفلى وجوبا السفلى حيث اشتبك المتمردون مع أفراد الأمن الصوماليين والقوات الدولية كان استهداف المدنيين من قبل حركة الشباب أعلى في مناطق بنادير وشبيلي السفلى وهيران ، حيث زاد بنسبة 17٪ و 95٪ و 366٪ على التوالي ، مقارنة بالعام السابق 2021 ، حيث وسعت المجموعة في الوقت نفسه نطاق ونطاق الهجمات على المدنيينولا سيما في حيران وشبيلي السفلى. [4]
التعاون الصيني الإفريقي
تم توضيح جدول أعمال الصين الأمني المنهجي لعموم إفريقيا في قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي لعام 2018، التي دعت خطة عملها (2019-2021) إلى إنشاء 50 برنامجًا منفصلاً لتعزيز التنسيق الأمني بين الصين وشركائها الأفارقة في جميع أنحاء القارة ، بما في ذلك منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي والمنتدى الصيني الإفريقي لإنفاذ القانون والأمن. تنفق الشركات الصينية المملوكة للدولة بالفعل 10 مليارات دولار على الأمن على مستوى العالم ، يتم إنفاق جزء كبير منها في إفريقيا على توظيف دعم أمني صيني ، بدءًا من الشرطة العسكرية والمدنية العادية إلى الشركات الأمنية “الخاصة”.
بدأت بكين عام 2015 بعض الإنفاق العسكري الجاد في إفريقيا – فإن المزيد من الاستثمار يمكن أن يشير أيضًا إلى مشاركة جديدة وأكثر تحولية في التنمية السياسية والاقتصادية لإفريقيا. ومهما حدث ، فإن العجز المستمر في تراجع الولايات المتحدة وأوروبا في التعامل الاقتصادي مع إفريقيا مقارنة بالصين سوف يأتي بتكلفة جيوسياسية متزايدة. [5]
أعلنت الولايات المتحدة أنها استتأنفت وجودها العسكري المحدود في الصومال و سحبت الإدارة السابقة قواتها من البلاد في عام 2020. ولا تزال مهمة الجنود الأمريكيين على ما كانت عليه منذ أكثر 15 من عامًا: تقديم المشورة والمساعدة للقوات الصومالية. يذكر بان القوات الأمريكية لم تشارك بشكل مباشر في الصراع والتي يبلغ عددها 450 إلى 500 .
إعادة الانتشار في الصومال
وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال حملته الانتخابية بتجنب “الحروب الأبدية” ضد الإرهاب المستمرة منذ عام 2002. ولم يتم الانتصار في أي من هذه الحروب على الإطلاق. في ضوء مساعي أمريكا لإعادة هيكلة الجيش الأمريكي لمواجهة تهديدات الصين، لكن ما يفسر هذا القرار بشكل أفضل هو التأكيد المتجدد على التنافس القديم مع روسيا منذ التدخل الأوكراني الروسي. مكافحة الإرهاب ـ مخاطر الجماعات المتطرفة في إفريقيا على الأمن الدولي
وعند الإعلان عن إعادة الانتشار، زعم البنتاغون أنه كان جزئيًا من أجل الأمن التشغيلي وبعد انسحابها عام 2020 ، واصلت القوات الخاصة الأمريكية تدريب جنود صوماليين خارج الصومال، وتكرر في بعض الأحيان دخول البلاد وخارجها. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن إعادة الانتشار ستنهي الدعم المخصص بإنشاء قواعد داخل الصومال.[6]
الاتحاد الأوروبي ـ استراتيجية جديدة
كيف يتعامل الاتحاد الأوروبي مع الاستراتيجية الجديدة للشبكات الإرهابية والإجرامية؟ مدد مجلس الاتحاد الأوروبي تفويض العملية في ديسمبر 2020. وساعدت عملية “أتالانتا” أيضًا في إنفاذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على الصومال وكذلك مكافحة الاتجار بالمخدرات غير المشروعة. ويبقى التركيز الرئيسي على توفير الحماية للسفن التي تحمل شحنات لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ودعم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال “أميسوم. ” ويشمل ذلك حماية الشحن الدولي قبالة سواحل الصومال ومكافحة القرصنة.[7]
لماذا القرن الإفريقي مهم بالنسبة لأوروبا ؟
هناك حوالي 40٪ من ممرات الشحن العالمية و 25٪ من الإمدادات البحرية للاتحاد الأوروبي تمر عبر خليج عدن. على الرغم من أن القرصنة قد تم تحديدها إلى حد كبير من خلال الجهود الدولية، وقبل كل شيء عملية الاتحاد الأوروبي “أتالانتا”ATLANTA ، إلا أنها لا تزال تشكل تهديدًا أساسيًا للأمن البحري بما في ذلك الاتجار غير المشروع والتجارة غير المشروعة. لا يزال الوضع الأمني متقلبًا ، مع استمرار نشاط الجماعتين الإرهابيتين، حركة الشباب وداعش.[8] مكافحة الإرهاب ـ جهود الاتحاد الأوروبي في إفريقيا
الاتحاد الأوروبي ـ المنافسة الجيوسياسية
في سياق المنافسة الجيوسياسية المتزايدة ، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدرك بشكل عاجل أن إفريقيا يمكن أن تمثل أحد أكثر الشركاء شرعية للوصول إلى هدفها المتمثل في “الحكم الذاتي الاستراتيجي”. لقد أدرك الأوروبيون بالفعل أن جيرانهم الجنوبيين يمكنهم مساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الجديدة من الطاقة والمواد الخام في سياق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات المفروضة على روسيا. ولكن حان الوقت لاتخاذ موقف أكثر استباقية تجاه اهتمامات ومخاوف السياسة الأفريقية ، لتعزيز مرونة مجتمعاتها ومؤسساتها. علاوة على ذلك ، فإن أفريقيا ليست فقط بديلاً محتملاً للمنافسين الاستراتيجيين والشركاء غير الموثوق بهم – إنها أيضًا بوابة إلى الجنوب العالمي الأوسع. من خلال تعزيز علاقتها مع القارة الأفريقية ، قد تستعيد أوروبا مصداقيتها في البلدان النامية والناشئة الأخرى ، من أمريكا اللاتينية إلى آسيا.
فيما يتعلق بحركة الأشخاص ، على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بشأن المهاجرين واللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا والطموح لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية والتهجير القسري ، فإن جوهر جهود الاتحاد الأوروبي لا يزال يحد من الوافدين على السواحل الأوروبية ومكافحة أنشطة التهريب في البحر الأبيض المتوسط وزيادة عمليات الإعادة إلى بلدان المنشأ في إفريقيا . إن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا بحاجة ماسة إلى استراتيجية جديدة، يجب أن يستند إلى السياق الدولي المتغير بشكل كبير، وتوازن أكثر مساواة بين الفوائد والمسؤوليات ورؤية طويلة الأجل.[9]
تقييم
ـ غياب حكومة منتخبة : تكمن خطورة الصراع في السودان إلى عدم وجود حكومة في البلاد سواء كانت منتخبة أو حكومة مشكلة تكنوقراط الأمر الذي يعكس تعدد أطراف الصراع وأيضاً يتعدد معه الأطراف الخارجية الموالية لكل من أفراد الصراع على حدة.
ـ الصراع القبلي : الجزء الأخطر في الصراع هو في صميم هذا الصراع جزء قبلي أو مُعتمد بشكل ٍ أساسي على العصبية القبلية من خلال قائد قوات الدعم السريع ” حميدتي ” الذي تؤيده قبائل دارفور وهذا ناتج عما قدمه له من حماية لهم ولتجارتهم إبان فترة حكم الرئيس عمر البشير.
السودان بوابة إفريقيا ـ السودان مطلة بحدودها على سبع دول تؤثر بها وتتأثر فيها ولعل أهمها الحدود مع تشاد وليبيا الأمر الذي يضمن حديقة خلفية للجماعات الإرهابية وظهورها بقوة إلى السطح من جديد، ففي حالة استمرار هذا الصراع قد يؤدي إلى فقدان السودان السيطرة على حدودها وبالتالي تكون السودان قبلة لهذه الجماعات المتطرفة من أجل التزود بما تحتاجه من أجل تنفيذ مخططاتها الإرهابية.
الصعيد الأخر والمقصود به القوى الإقليمية ولا سيما دول الجوار فالعمل على ضبط الحدود والحيلولة دون دخول عناصر مشتبه بها إلى أرض السودان أو خروج من السودان أمر لا مفر منه، فعلى كل من مصر وأثيوبيا أن يلعبا دوراً محورياً في خفض وتيرة الصراع والحد من توسعه لا سيما وأن هاتين الدولتين تمتلك أطول حدود مع السودان وقد رأينا مشاهد النزوح الجماعية ولا سيما في اتجاه الشمال نحو مصر، الأمر الذي بالضرورة يدعو نحو أن تلعب مصر دوراً فاعلاً وحاسماً في وقف هذا الصراع ، انما الصراع في السودان لا يؤثر على السودان بذاتها وانما ينعكس بالسلب على السلم والأمن الإقليمي والدولي على حدٍ سواء.
ـ لذا يتعين على المجتمع الدولي ضرورة إيجاد حلول جذرية لهذا الصراع وألا يتم استمالة أحد الأطراف الواطئة في الصراع لأعضاء المجتمع الدولي بل يكون الجميع على مسافة واحدة من كافة أطراف الصراع من اجل الوصول إلى حل يرضي عنه الجميع ويرتضوا به.
ـ يجب أن يستفيد المجتمع الدولي مما حدث في الأزمة السورية فعندما تشعبت هذه الأزمة بين القوى الدولية والإقليمية وأخذ كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي باستمالة فريق من فرق الصراع رأينا جميعاً نتيجة ذلك فالملايين من البشر قد هجروا ومثلهم قضوا حتفهم وتنشر تجمعات اللاجئين على أرض سوريا نفسها ، وبالتالي يجب أن تتضافر الجهود وأن يكون الجميع على مسافة واحدة من المتصارعين في السودان والعمل على عدم تقديم أي دعم خارجي لأي منهم ووقف عمليات تصدير الأسلحة إلى كلا الطرفين فوراً ، ففي هذا النزاع لن يكون السودان هو الخاسر الوحيد بل سيكون الجميع.
**
يبقى الصراع في السودان صراعاً صعباً طالما أن هناك انقسام داخل القوات المسلحة السودانية، وهنا المقصود،الانقسام ما بين قيادة الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح وقائد قوات الردع السريع دقلو الملقب بـ حميدتي.
وما يزيد المشهد تعقيداً، إرتباط الأطراف المتصارعة داخل السودان بمصالح وعلاقات خارجية إقليمية ودولية، وهذا ما يدفع الى القول، بأن إيجاد حل من داخل السودان ربما يكون صعباُ. وما يدعم هذه الفكرة، عدم تواجد أطراف سياسية مدنية قادرة على التأثير في هذا الصراع العسكري المسلح.
وتتزايد مخاطر الفوضى في السودان مع هروب قيادات من جماعة الإخوان من السجون، هذه القيادات محسوبة على نظام البشير حتى انقلاب عام 2019، أبرز هذه القيادات هو أحمد هارون، الذي كان له دور في إدارة القضاء والداخلية خلال حكم البشير، وكان له دور أيضاً في حرب دارفور. هروب هذه القيادات يعني قدرتها على إعادة تنظيمها من جديد والتأثير على المشهد السوداني من الداخل بطريقة سلبية لا تخدم الوصول إلى حل سلمي.
يمكن أن تنزلق الفوضى في السودان إلى دول الجوار،ويمكن أن تهدد الأمن إقليميا ودولياً. أبرز هذه التهديدات هي اتخاذ السودان من قبل الجماعات المتطرفة بوابة تواصل واتصال وتمدد نحو غرب إفريقيا عبر التشاد، مع احتمال أن يكون هناك دواً لقوات فاغنر الروسية، وهذا ما يعزز قدرة فاغنر في إفريقيا، وتراجع مصالح الولايات المتحدة والغرب هناك.
تستغل التنظيمات المتطرفة الفوضى، ولديها القدرة على التواصل تنظيميا، وهذا ما يرجح انخراط تنظيم الشباب الصومالي في تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر والقرن الإفريقي والتي ممكن أن تطول اليمن، حيث تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، بحيث تشكل تهديد للملاحة الدولية في باب المندب.
هذه السيناريوهات المحتملة ليست بعيدة عن المشهد في السودان، وسبق أن شهدت ممرات الملاحة البحرية في البحر الأحمر والقرن الإفريقي في السنوات السابقة الكثير من التهديدات الأمنية والقرصنة، وهذا ما دفع الكثير من القوى الدولية أن تتخذ من جيبوتي مركزاً لعملياتها في حماية سفنها ومصالحها هناك.
تدفع الظروف السياسية والأمنية التنظيمات المتطرفة إلى معاودة نشاطها داخل السودان أكثر من أي وقت مضى. فالصراع الأمني يفرض عدد من التحولات التي ستصب في مصلحة الجماعات المسلحة سواء الموجودة داخل السودان التي رسخ وجودها النظام السياسي السابق أو التنظيمات المتطرفة ذات الامتدادات الخارجية. ومن هنا تزداد المخاوف من أن يصبح السودان بيئة خصبة وملاذا آمنا للإرهاب في افريقيا، بل ومصدر للإرهاب اذا استمر الظرف الأمني على وضعه من دون تدخل لاحتوائه والحد من خطره والانتقال الى حكومة تكون اولى اولوياتها مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية .
رغم ما تبذله بعض الأطراف الدولية والإقليمية لإيجاد حل في السودان، يبدو أن الصراع في السودان يمكن أن يستمر وقت أطول، وهذا يعتمد على ما تبذله الأطراف الإقليمية والدولية لحل الأزمة.
ما تحتاجه السودان أن يكون هناك جهود استباقية بنزع فتيل الحرب في السودان، لما لهذه الحرب من تداعيات تضرب بمصالح دول إقليمية ودولية.
أن الأزمة السودانية الراهنة بالغة التعقيد وتطرح قضايا مركبة للغاية والحل الأمثل لهذه الأزمة هو عملية سياسية تفاوضية تؤدي لجيش قومي واحد في إطار مشروع شامل للتحول الديمقراطي تقوده سلطة مدنية كاملة.
**
ـ يبقى القرن الإفريقي يحتل الأهمية الاستراتيجية، إقليميا ودوليا، وهذا مايدفع الدول الكبرى والعظمى، أبرزها الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول أوروبا وغيرها من أن يكون لها تواجد عسكري وأمني لحماية مصالحها الاقتصادية في القرن الإفريقي، البحر الأحمر وباب المندب.
ـ ما يثير هواجس الأطراف الدولية والأقليمية هو، إن الدول المتشاطئة او الواقعة عند القرن الإفريقي تعاني الكثير من الهشاشة وعدم الأستقرار، أبرزها الصومال، وهذا ما دفع الولايات المتحدة ودول أخرى تتخذ من جيبوتي مقراً لعملياتها في حماية الملاحة البحرية، وكذلك الحد من عمليات الجماعات المتطرفة أبرزها جماعة “الشباب” الصومالية المتطرفة.
ـ تعتمد أمريكا على طائرات درون، الطائرات المسيرة بتنفيذ عمليات ضد الجماعات المتطرفة وفي عمليات الأستطلاع أكثر من نشر قواتها على الأرض بسبب الفوضى هناك، وهذا لا يعتبر حل جذري للمشكلة أبداً، ولا يحد من قدرة الجماعات المتطرفة هناك وتهديدها للملاحة البحرية في القرن الإفريقي.
ـ يعني أن تمدد الفوضى في السودان والصومال وأثيوبيا وربما دول أخرى، تعمل على ظهور الجماعات المتطرفة هناك، باستغلال تلك الفوضى لصالحها، وهذا ما بات متوقعاً، في حالة عدم وجود تدابير استباقية للأطراف الدولية والأقليمية.
ـ لايوجد تأثير للاتحاد الأوروبي في القرن الإفريقي رغم وجود “قوة أتلنتا” ATLANTA ، ويعود السبب الى أولويات مصالح الدول الوطنية في إفريقيا أبرزها فرنسا، وكذلك لا ترتقي قوة “اتلنتا” الى قوة رافعة للقرار الأوروبي، وهذا يعني ان دور الاتحاد الأوروبي سوف يبقى محدوداُ في القرن الإفريقي، ويبقى تابعاُ الى القوة الأمريكية.
ـ إن فوضى السودان مرشحة إلى الأستمرار والتمدد عبر الحدود، وهذا يعني مايحدث في السودان له انعكاسات أمنية كبيرة على منطقة الساحل الإفريقي ودول القرن الإفريقي بالتوازي مع غرب إفريقيا عبر تشاد. الفوضى في السودان ممكن ان تعيد أنشطة الجماعات المتطرفة في الساحل الإفريقي وممرات الملاحة الدولية. سبق ان شهد القرن الإفريقي الكثير من أعمل القرصة قببالة السواحل الصومالية، وتهديد الملاحة الدولية. وهذا مايتطلب من الأطراف الدولية الفاعلة اتخاذ خطوات إستباقية لإيجاد حل سيلسي في السودان وكذلك اتخاذ تدابير أمنية عسكرية في القرن الإفريقي.
ـ رغم انشغال الاتحاد الأوروبي بحرب أوكرانيا، فانه من المتوقع ان تعزز اهتمامها أكثر وقوتها العسكري والبحرية في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، كون القرن الإفريقي، البحر الأحمروباب المندب يبقى ذات أهمية أقتصادية لدول الاتحاد والعالم، في فترة يشهد العالم ودول أوروبا أزمات اقتصادية كبيرة.
ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي هو إلى مواصلة جهوده في القرن الإفريقي، لتعزيز الاستقرار والأمن. هناك حاجة الى تعزيز المعالجات لجدذورالتطرف والإرهاب من خلال برامج المساعدة الإنسانية والتعاون بشأن الحوكمة وسيادة القانون، وبناء السلام، والإدماج الاجتماعي والتعليم ، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=88265
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
المصادر
[1]Sudan crisis: Burhan and Hemedti – the two generals at the heart of the conflict – BBC News
[2]Why is there fighting in Sudan? A guide to what’s behind the clashes | CNN
[3]Sudan: Neighbors’ risky geopolitical game fed conflict
[4]U-M expert: Peace elusive in Sudan, with intractable generals and real risks of worsening conflict | University of Michigan News
[5]https://onlinelibrary.wiley.com/doi/pdf/10.1002/crq.21382
وفاء داوود علي، الموجة الثانية من الانتفاضات العربية: الثورة السودانية
[6]https://sjcf.journals.ekb.eg/article_295597_8c6a281e45d12e20249f5fcca3c6ae7f.pdf
**
الجزيرة نت – تنشر أسرار انقلاب السودان.. ماذا دار بين جنرالين في اجتماع بسيارة عسكرية؟
https://bit.ly/414CgNU
الجزيرة نت – جنرالات السودان والحرب.. عندما يمتطي “الجن” حصانا ويقاتل الجيش فمن المنتصر؟
https://bit.ly/42rb64P
دويتش فيلي – في خضم الصراع الدموي.. هل ينزلق السودان نحو حرب أهلية طويلة؟
https://bit.ly/41ehDyG
بي بي سي نيوز – اشتباكات السودان: البعدان الإقليمي والدولي لما يجري في هذا البلد
https://bit.ly/42sRtJt
الميادين – “فورين بوليسي”: حرب السودان قد تتجاوزه إلى منطقة الساحل بأكملها
https://bit.ly/3NMQ8sW
العربي الجديد – “واشنطن بوست”: الحرب في السودان تهدد بصراعات داخل الدول المجاورة
https://bit.ly/3p66G4O
الشرق – البحر الأحمر.. تهديدات صراع الخرطوم
الجزيرة نت – مراكز الأبحاث الأميركية تبحث عن الأسباب.. واشنطن تفقد بوصلتها تجاه السودان
https://bit.ly/3nA1l5s
الشرق الأوسط – الإعلان رسمياً عن عودة «إخوان السودان» باسم جديد
https://bit.ly/44MW0bU
الجزيرة نت – هل يعود الإسلاميون إلى السلطة في السودان؟ | آراء | الجزيرة نت (aljazeera.net)
https://bit.ly/3p5E4sr
مركز المسبار – مستقبل الإسلاميين في السودان – مركز المسبار للدراسات والبحوث
https://bit.ly/3B3KFGw
العربي الجديد – من هو أحمد هارون الذي هرب من سجن كوبر في الخرطوم؟
https://bit.ly/3HK6UoR
**
[1] GEOPOLITICS OF THE HORN OF AFRICA: IMPORTANCE AND DIMENSIONS
bit.ly/42BAx3J
[2] Al-Shabaab | Council on Foreign Relations
bit.ly/42AQaZ6
[3] Horn of Africa and East Africa
bit.ly/44MvA9Z
[4] Context Assessment: Heightened Political Violence in Somalia
bit.ly/3Bs7SCN
[5] China’s new military base in Africa: What it means for Europe and America | ECFR
bit.ly/3LPZbqA
[6] What US re-entry into Somalia means for the Horn of Africa and for bigger powers
bit.ly/3nMC7RC
[7] Horn of Africa: Bundeswehr mission off the Somali coast to continue
bit.ly/3LFo5ZS
[8] Building Somalia’s state and security and stabilising the Horn of Africa | EEAS
bit.ly/44HcVMV
[9] EU-Africa relations need a new strategy – Foreign and security policy | IPS Journal