الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ أوروبا: خيارات محدودة في أزمة السودان (ملف)

أوروبا والسودان
مايو 23, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

بون ـ  إعداد وحدة الدراسات والتقارير

أمن دولي ـ أوروبا: خيارات محدودة في أزمة السودان (ملف)

يتناول الملف بالعرض والتحليل أزمة السودان وتداعياتها على الأمن الإقليمي والدولي، وعلاقة الصراع بالأزمة الأوكرانية، والمصالح الإستراتيجية لروسيا والغرب في السودان، كما يتناول الملف قدرة أوروبا على إيجاد حل سياسي ، وخيارات الاتحاد الأوروبي لحل الأزمة. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. أمن دولي ـ ما تداعيات “حرب” السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟
  2. أمن دولي ـ ما قدرة أوروبا بإيجاد حل سياسي في السودان؟
  3. أمن دولي ـ ما علاقة الصراع في السودان مع حرب أوكرانيا؟
  4. أمن دولي ـ ما خيارات الاتحاد الأوروبي لحل أزمة السودان؟

1- أمن دولي ـ ما تداعيات “حرب” السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟

اندلع الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في أبريل 2023 وسط صراع واضح على السلطة. تعود جذور الصراع إلى السنوات التي سبقت انقلاب 2019 التي أطاحت بالنظام السابق. ويرجع سبب الأزمة إلى الخلاف بين الطرفين بسبب الخطة الدولية لعملية الانتقال لمرحلة سياسية جديدة كذلك الخلاف حول كيفية دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش السوداني ما أدى إلى تصاعد التوترات بشكل أكبر.

مخاطر لدول الجوار

تنامت المخاوف من إن ما يحدث في السودان قد يكون تمهيداً لحرب أهلية طويلة الأمد، ويزيد من احتمالية أنتقال تأثيرها على دول الجوار، وكذلك احتمالية تدخل أطراف خارجية دولية وإقليمية في هذا الصراع.

مصر: تشترك السودان حدودياً مع (7) دول في 20 أبريل 2023، جميعها تواجه تحديات وتهديدات أمنية مشتركة حيث يضم السودان نهر النيل ما يجعل مصير السودان ذا أهمية وجودية لمصر، حيث تتعرض إمدادات المياه في مصر والسودان لتهديدات من مشروع سد النهضة الإثيوبي وأي توتر في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة قد يعرقل جهودهما للتوصل إلى اتفاق بشأن السد.

تشاد: ما يجري في غرب السودان يعبُر الحدود بشكل حتمي إلى تشاد في الجوار، والعكس صحيح حيث تتسرّب الأسلحة وكذلك المقاتلون الأجانب من دولة تشاد ومن جمهورية أفريقيا الوسطى. تشعر تشاد بالقلق من احتمال أن يجد المقاتلون الذين يهددون حكومة “نجامينا” دعماً من مجموعة “فاغنر” الروسية الموجودة في جمهورية إفريقيا الوسطى، كذلك أن أزمة السودان وما ينتج عنها من فراغ في السلطة قد يؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار السياسي في تشاد.

ليبيا : حذر “ماركو مينيتي” وزير الداخلية الإيطالي الأسبق في 20 أبريل 2023 من تداعيات الوضع الحالي في السودان على الأزمة الليبية. وأضاف إنه نظراً لوجود مرتزقة سودانيين في ليبيا، فإنه لا ينبغي التقليل من خطر انتقال عدم الاستقرار إلى مكان آخر. وأشار إن توسع الأزمة في السودان قد يحدث ولا يجب الاستهانة به بأي شكل من الأشكال، خاصة أن ليبيا لديها أيضاً مشكلات كبيرة تتعلق بعدم الاستقرار وضعف التماسك الداخلي.”

إثيوبيا: تراقب إثيوبيا كيفية تأثير أزمة السودان على اثنين من اهتماماتها الرئيسية تأمين حقوق المياه لسد النهضة الإثيوبي الكبير، وتسوية المطالبات الإثيوبية بالمنطقة الحدودية المتنازع عليها. كما أن السودان كانت ملاذاً لعشرات الآلاف من الإثيوبيين الفارين من منطقة “تيغراي”، التي خاضت حرباً استمرت عامين مع الحكومة المركزية وانتهت باتفاق سلام هش في أواخر العام 2022، قد ينهار مرة أخرى ويتفجر الصراع مجدداً.

إريتريا : يمكن للتغييرات في ميزان القوى في المنطقة أن تزعج التحالفات في لإريتريا المجاورة، حيث استضاف السودان آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء، وهو المحطة الأولى للعديد من الإريتريين الفارين من التجنيد الإجباري. وقد يتعرض اللاجئون الإريتريون في السودان لمحنة مماثلة إذا تفاقم أي صراع خارج الخرطوم.

يمكن أن يلعب الصراع دوراً في المنافسة على النفوذ في المنطقة بين روسيا والولايات المتحدة وبين القوى الإقليمية في 17 أبريل 2022. حذّر مفوض شؤون التوسّع والجوار بالاتحاد الأوروبي “أوليفر فارهيلي” من أنّ “خطر اندلاع حرب شاملة في السودان يزداد بشكل كبير”. وأكد أنّ الاتحاد “سيواصل الضغط من أجل حل سياسي من خلال الجهود المنسقة مع جميع الجهات الفاعلة الدولية، يتمثل بالمساهمة في وقف إطلاق نار مستدام لضمان سلامة المدنيين والسماح بجهود الإنقاذ من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية”.  أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم آندي فليمستروم

أزمة لجوء

تدفع أزمة السودان بالبرامج الإنسانية التي تعاني من ضعف التمويل في المنطقة إلى حافة الانهيار وحذر برنامج الغذاء العالمي من أن العنف الدائر في السودان يمكن أن يسبب أزمة إنسانية في منطقة شرق أفريقيا بأكملها في 30 أبريل 2023. ويؤكد “يانيز لينارتشيس” مفوض الشؤون الإنسانية بالاتحاد الأوروبي إن هناك “مخاطر حقيقية لتوسع الأزمة لتصل لدول جوار (السودان)”.

أكدت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من (330) ألف شخص نزحوا داخل السودان منذ 15 أبريل 2023. كما فر حوالي (105) آلاف شخصمن السودان عبر الحدود الصحراوية إلى تشاد. ومن المتوقع أن تستقبل مصر العدد الأكبر من اللاجئين السودانيين بنحو (350) ألفا وأن يفر نحو (85) ألف شخص إلى إثيوبيا. وأن تستقبل جمهورية أفريقيا الوسطى (25) ألف شخص من السودان ربما تستقبل إريتريا نحو (55) ألف شخص من السودان.

تهديد حركة الملاحة

تمتلك السودان شاطئاً طويلاً على البحر الأحمر حيث من الضرورات القصوى الحفاظ على استقرار الملاحة العالمية. يمكن أن يؤدي النزاع إلى زعزعة استقرارالملاحة في المنطقة ومنطقة الساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي. يساهم تصاعد الصراع في السودان إلى تأثر الحركة في البحر الأحمر الذي يعد أحد الشرايين المهمة للتجارة العالمية في 17 أبريل 2023 وأن أي اضطرابات ملاحة في البحر الأحمر ستسبب على سبيل المثال في حركة الملاحة في قناة السويس والمردود الاقتصادي لها.

هروب عدد من مسؤولي النظام السوداني السابق

أضاف هروب عدد من كبار مسؤولي النظام السوداني السابق من السجن طرفاً جديداً إلى معادلة أزمة السودان ومن ضمن هؤلاء المسؤولين “أحمد هارون” أحد مساعدي “عمر البشير” المطلوب مثله بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية “بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”. وكان قد أعلن “أحمد هارون” فراره من سجن كوبر في الخرطوم، مع مسؤولين آخرين من النظام السابق في 27 أبريل 2023.

صعود تيارات الإسلام السياسي

تحاول تيارات الإسلام السياسي في السودان وفي مقدمتها جماعة الإخوان، استغلال الأزمة لتنفيذ أجندتها الخاصة وتأجيج الصراع وإحداث انقسام داخل المؤسسية العسكرية في مايو 2023، وكانت قد وقعت جماعات وأحزاب إسلامية سودانية على إعلان لتأسيس “التيار الإسلامي العريض” من الموقعين على إعلان التأسيس، “الحركة الإسلامية السودانية” و”حركة الإصلاح الآن” و”الإخوان المسلمون” و”منبر السلام العادل” وحزب “دولة القانون والتنمية” وحركة “المستقبل للإصلاح والتنمية”. مكافحة الإرهاب ـ استراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة في القرن الإفريقي. جاسم محمد

تنامي الجريمة المنظمة والإرهاب

يؤدي استمرارالصراع في السودان؛ خصوصاً في العاصمة الخرطوم، إلى تداعيات سلبية، بما يعيد أنشطة الجماعات المتطرفة مجددا، ليس فقط بسبب كميات الأسلحة التي باتت في الشوارع، وإنما لتوارد أنباء عن عمليات هروب لعدد من المتطرفين الذين كانوا موقوفين في السجون. كذلك تصاعدت المخاوف من ازدهار تجارة البشر ناهيك عن المخاوف المتعلقة من تسرب “الجهاديين” من دول تنشط فيها هذه الجماعات عبر الحدود في 8 مايو 2023.

يرى “فيديريكو مانفريدي فيرميان” المحاضر في معهد الدراسات السياسية بباريس”هناك خطر من أن الجماعات الإسلاموية ذات الإيديولوجية السلفية الجهادية يمكن أن تنتهز الفرصة لتأسيس وجودها في بلد استراتيجي للغاية يقع بين منطقة الساحل والقرن الأفريقي وأن “احتمال الانهيار الكامل للدولة السودانية في هذه المرحلة مرتفع للغاية” في 5 مايو 2023.

تصاعدت التحذيرات في 26 أبريل 2023 من خطر التعرض لهجمة “إرهاب بيولوجي مختبري” قادمة من السودان، وذلك إثر احتلال مجموعات مختبرا عاما “يحتوي ـ وفقاً لمنظمة الصحة العالمية ـ على عينات من أمراض معدية، بينها شلل الأطفال والحصبة”.

– أكدت الاستخبارات الأمريكية في تقييم لها إن “القتال في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من المرجح أن يطول في ظل اعتقاد كلا الجانبين أنه قادر على الانتصار عسكريا وأنه ليس لديه حوافز تذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات”. وأضاف التقييم أن الخصمين يسعيان للحصول على “مصادر خارجية للدعم” وإذا توافرت هذه المصادر، “ستفاقم، على الأرجح، الصراع واحتمال انتشار التحديات في المنطقة “. أمن دولي ـ انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم هند ناصر خليفان السويدي

**

2- أمن دولي ـ ما قدرة أوروبا بإيجاد حل سياسي في السودان؟

أعربت القوى الدولية والإقليمية عن قلقها بشأن الحرب في السودان، وبصرف النظر عن المخاوف المتعلقة من نشوب أزمات لجوء أو تنامي أنشطة الجماعات المتطرفة والجريمة المنظمة ما يساهم في زعزعة الأمن الإقليمي والدولي، فهناك دوافع أخرى تلعب دورها، فالسودان دولة غنية بالموارد وتتمتع بموقع استراتيجي لذلك لم تتردد القوى الدولية والإقليمية من التدخل سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة للحفاظ على مصالحها في السودان.

الولايات المتحدة الأمريكية وكبح نفوذ الصين وروسيا

تشارك واشنطن في اللجنة الرباعية المختصة بالسودان، والتي تضم كذلك المملكة المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة. يكون اهتمام الولايات المتحدة باستقرار السودان مدفوعاً بأهدافها الاستراتيجية الأوسع في المنطقة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية وكبح جماح نفوذ الصين وروسيا في القارة السمراء.

يرى “ديفيد شين” مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق للشؤون الأفريقية والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن في 17 أبريل 2023 أن “بلاده دعمت باستمرار الانتقال إلى حكومة مدنية وإجراء انتخابات ديمقراطية. وأشار “شين” إلى أن “هناك بعض الدلائل على أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ترى في القتال الحالي تهديداً وجودياً لوجودهما، وإذا كان هذا هو الحال فقد يضطر أحد الطرفين إلى تحقيق نصر عسكري حاسم، أو أن يستنتج الجانبان أن المعركة لا يمكن حسمها ليختارا بدلاً من ذلك كسب الوقت”.

الاتحاد الأوروبي وتسوية سياسية في السودان

لم تتخذ  الأطراف الدولية ومنها الولايات المتحدة، موقفا واضحا من المرحلة الانتقالية نحو إجراء انتخابات ديمقراطية بعد الإطاحة بالنظام السابق وعلقت هذه القوى الدعم المالي للسودان بعد الانقلاب، ثم دعمت خطة لإطلاق مرحلة انتقالية جديدة وتشكيل حكومة مدنية. أمن دولي ـ ما تداعيات “حرب” السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟

أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم حزمة حوكمة قدرها (15) مليون يورو، موجهة لثلاثة مجالات محددة للعام 2023 في ديسمبر 2022، ويواصل الاتحاد الأوروبي الدفع من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في السودان خاصة أن التكتل لا يمكنه تحمل زعزعة استقرار السودان من الداخل لأن هذا يرسل موجات من الصدمات في أفريقيا بأسرها ودول أوروبا في 24 أبريل 2023.

حذر وزير الخارجية الفنلندي “بيكا هافيستو” في 25 أبريل 2023 من أن روسيا قد تسد فراغ الدول الغربية التي أغلقت سفاراتها وأجلت دبلوماسيها وموظفيها من السودان مع تصاعد الحرب، وأكد “إننا نترك مساحة كبيرة لقوات فاغنر وروسيا للممارسة النفوذ. لذا أعتقد أنه يتعين على أوروبا تفعيل دورها في السودان”، مشدداً على ضرورة ألا يقتصر دور التكتل على إجلاء الرعايا، بل مساعدة السودانيين. وأضاف “أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يمكنه فعل المزيد”.

يظهر أن الإستراتيجية الغربية لا سيما أوروبا في التعامل مع الأحداث في السودان ستكون من خلال التنسيق مع الدول الإقليمية التي لها تأثير في هذا البلد، وعدم التدخل مباشرة في المفاوضات والوساطات. كما أن الملف السوداني لا يظهر أنه أولوية للغرب المنشغل بالحرب الأوكرانية، وكل ما يبحث عنه هو قطع الطريق أمام أي تمدد روسي في السودان.

توسيع نفوذ روسيا

اجتمع وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في فبراير2023 مع مسؤولين في السودان خلال جولة إفريقية أراد بها توسيع نفوذ موسكو. أقامت مجموعة “فاغنر” علاقات وثيقة في السودان وسعت إلى استغلال هذه الروابط لتعزيز المصالح الاقتصادية والعسكرية لموسكو، بما في ذلك امتيازات تعدين الذهب المربحة وصفقات الأسلحة. تستثمر روسيا في السودان في قطاع الموانئ وفي التعدين، وأيضا في الذهب. تتغلغل المصالح الروسية في شرق السودان المطلّ على البحر الأحمر؛ حيث يسعى الكرملين منذ سنوات إلى تدشين قاعدة عسكرية في “بورتسودان” قادرة على استضافة ما يصل إلى (300) جندي وأربع سفن بحيث ترسو السفن الروسية الحربية وتسيطر على واحد من أكثر الممرات البحرية كثافة وأهمية في العالم على طريق تجاري مهم للبحر الأحمر كذلك لشحنات الطاقة إلى أوروبا.

الصين واستثمارات في قطاع النفط 

سعت بكين إلى تعزيز نفوذها في السودان من خلال تمويل البنية التحتية، وواصلت الصين الاستثمار في قطاع النفط في السودان وفي قطاع المباني والإنشاءات. تبنت الصين نهجاً أكثر حذراً تجاه الصراع في السودان حيث تسعى إلى الحفاظ على التوازن بين مصالحها الاقتصادية والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية. يعد السودان متلقياً كبيراً للتمويل الصيني في القارة الأفريقية، حيث تحتل بكين المرتبة الأولى كأكبر مقرض ثنائي، ووجه الصراع في السودان ضربة جديدة لاستراتيجية الصين في إفريقيا مما زاد من مخاطر القروض من بكين التي لا تقل قيمتها عن (5) مليارات دولار

الإمارات العربية المتحدة وضمان أمنها القومي

استأجرت أو اشترت دولة الإمارات العربية المتحدة من السودان مساحات شاسعة قامت بزراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية لضمان أمنها الغذائي، وتصدير الفائض. تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة الاستثمارات الأكبر في موانئ السودان ونجحت بالحصول على امتياز استثمار إدارة ميناء “ابو عمامه” باستثمارات بلغت حوالي (6) مليارات دولار، كما أن أبو ظبي تستثمر في ذهب السودان بعد أن أصبحت من أهم مراكز الذهب في العالم بأكثر من (8%) من صادرات العالم. اتفقت شركة طيران مقرها الإمارات مع شريك سوداني لإنشاء شركة طيران جديدة منخفضة التكلفة يكون مقرها في الخرطوم.

المملكة العربية السعودية واستقرار الملاحة

تقود المملكة العربية السعودية الجهود لتأمين وقف إطلاق نار فعال، وتمتلك المملكة مصالحها مع السودان، وتتمثل باستثمارات بمليارات الدولارات كما تحرص الرياض على استقرار الملاحة بالبحر الأحمر وعدم عودة القرصنة، وتربطها علاقات جيدة مع طرفي الصراع فكلاهما أرسل قوات إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. بلغ حجم التبادل التجاري بين السودان والسعودية عام 2019 حوالي (8) مليارات دولار، ويتجاوز حجم الاستثمارات السعودية التي نفذت في السودان والتي تعد الأولى عربياً بحوالي (15) مليار دولار.  أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم آندي فليمستروم

جمهورية مصر العربية والأمن المائي

تمتلك مصر والسودان “حدودا بطول (1200) كم، ونهراً مشتركاً، ومخاوف أمنية متبادلة”. لمصر مصلحة طويلة الأمد في استقرار السودان، بالنظر إلى الحدود المشتركة بين البلدين والأهمية الاستراتيجية لنهر النيل. شاركت مصر بنشاط في الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ومخاطبة الطرفين لإحتواء الأزمة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. الدافع الأساسي لمصر هو منع اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق في السودان، مما قد يؤدي إلى تدفق اللاجئين ويؤثر سلبًا على الأمن المائي في مصر إذ تعتبر القاهرة سد النهضة تهديداً لمصدرها الرئيسي من المياه.

إثيوبيا ومفاوضات سد النهضة

تتمتع إثيوبيا وكينيا، القوتان البارزتان في شرق إفريقيا ببعض النفوذ بسبب دورهما البارز في الدبلوماسية الإقليمية والوساطة السابقة في السودان. تعتبر إثيوبيا التي تبني سدّ النهضة على نهر النيل من الدول التي يمكن أن يكون لها تأثير في النزاع. ترتبط إثيوبيا بعلاقات جيدة مع السودان وطرفيه المتنازعين وآخر شيء يريده الإثيوبيون هو تنفير الجنرالات الذين سيشاركون في المفاوضات النهائية حول السد.

يلعب العديد من اللاعبين في الأزمة السودانية في 19 أبريل 2023 لعبة معاكسة لتحالفاتهم المعتادة، وسط تحذيرات من الخلاف الداخلي بين الجيش وقوات الدعم السريع ، ومن غير المستبعد أن يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها. باتت المخاوف في دول الجوار كبيرة، حيث يتخوف البعض من تدمير حضري للخرطوم، وتدفق اللاجئين على دول الجوار ودول أخرى، والسيناريو الأسوأ هو انزلاق الوضع في السودان إلى ما حدث في سوريا قبل سنوات. مكافحة الإرهاب ـ استراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة في القرن الإفريقي. جاسم محمد

**

3- أمن دولي ـ ما علاقة الصراع في السودان مع حرب أوكرانيا؟

تتزايد المخاوف من أن السودان الآن في “حرب باردة” بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث يوسع الكرملين نفوذه غرباً في نفس الوقت الذي وسع فيه الناتو نفوذه شرقاً مع انضمام فنلندا إلى الحلف. إذ بات جلياً في الآونة الأخيرة المساعي المشتركة للغرب وروسيا لكسب دوائر تأثير جديدة في إفريقيا، ومنها السودان بطبيعة الحال، وهو ما تعزز بشكل ملحوظ منذ بِدء الحرب الروسية – الأوكرانية.

ويمثل السودان حلقة استراتيجية مهمة تربط بين منطقتي شرق إفريقيا والساحل والصحراء، فهناك مخاوف من الاشتباكات المتواصلة بين القوات المسلحة وبين قوات الدعم السريع ألا تقتصر على الداخل السوداني بل تمتد إلى مستويات إقليمية ودولية، رغم المواقف الدولية المعلنة التي تشدد على ضرورة إبقاء الأزمة في إطارها السوداني، ورفض التدخلات الخارجية. لكن الأهمية الجيواستراتيجية التي يتمتع بها السودان خصوصاً في ظل سعي أطراف الصراع إلى توفير داعمين إقليميين ودوليين يمكن أن يتحول السودان إلى ساحة استقطاب دولي بين روسيا والغرب .

التنافس الغربي الروسي على إفريقيا

شكلت الحرب الأوكرانية أحد محددات التدافع الغربي – الروسي على إفريقيا منذ بدايتها في 24 فبراير 2022؛ إذ يسعى الجانب الروسي إلى كسر العزلة الدولية المفروضة عليه بفعل العقوبات الغربية عبر تعزيز شبكة العلاقات والتفاعلات الخارجية مع الدول الإفريقية لبناء تحالفات استراتيجية. وفي المقابل، يسعى الغرب لتعويض النقص الحاد في إمدادات مصادر الطاقة الروسية عبر تعزيز الصلات مع دول القارة الإفريقية، التي تذخر بنحو (8%) من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم؛ ففي عام 2021 بلغ إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في إفريقيا ما يزيد عن (620) تريليون قدم مكعبة، كما تمتلك نحو (12%) من احتياطيات النفط في العالم؛ ففي عام 2021 قُدِّر احتياطي القارة من النفط الخام بنحو (125.3) مليار برميل.

سعت الولايات المتحدة لتعزيز الصلات مع إفريقيا لمناوأة الوجود الروسي – الصيني المتنامي خلال السنوات الأخيرة، ولعل هذا ما جعل إدارة الرئيس الأميركي “بايدن” تدشن استراتيجية جديدة تجاه إفريقيا، وهي الاستراتيجية التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي خلال جولته الإفريقية في أغسطس 2022، كما سعت الإدارة الأميركية لتعزيز صلاتها بإفريقيا عبر عقد “القمة الأميركية – الإفريقية” الثانية التي استضافتها العاصمة الأميركية “واشنطن” في ديسمبر 2022.

على نفس السياق،  تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في إفريقيا عبر التركيز على تقديم نفسها كبديل استراتيجي مناسب للنفوذ الغربي، وتحديداً الفرنسي ، الذي تراجع بشكل ملحوظ في العديد من مناطق النفوذ التقليدية، من قبيل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وغيرها، وتعتمد في ذلك على العديد من الأدوات الرئيسية، وعلى رأسها شركات الأمن الخاصة، وتحديداً مجموعة “فاجنر”، كما تسعى روسيا إلى عقد “القمة الروسية – الإفريقية” في نسختها الثانية في الفترة المقبلة في العواصم الإفريقية؛ وذلك بعدما عقدت النسخة الأولى في “منتجع سوتشي” في روسيا خلال أكتوبر 2019، التي كانت بمنزلة الإطار التنظيمي الأول من نوعه على المستوى المتعدد الأطراف الذي يربط روسيا بإفريقيا

ترسم وثيقة الاستراتيجية الجديدة التي أعلنت عنها روسيا مؤخراً، ملامح عقيدة جديدة في السياسة الخارجية قوامها تصنيف الغرب على أنه “تهديد وجودي” لروسيا. وتكشف الوثيقة بأن الصراع في أوكرانيا ليس سوى جبهة من جبهات مواجهة واسعة النطاق بين روسيا والغرب. وتكشف الوثيقة التي تقع في أكثر من (40) صفحة، بأن “الحرب الهجينة” تحل محل الحرب الباردة، في استراتيجية روسيا التي تقدم نفسها “حصناً” للعالم الناطق بالروسية، في مواجهة “هيمنة الغرب” ومحاولاته “تفكيك روسيا الاتحادية”. أمن دولي ـ ما تداعيات حرب السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟

الأهمية الجيوسياسية للسودان ـ الصراع الروسي الأميركي

إن فهم الطبيعة الأعمق للصراع الذي يهز السودان يتطلب دراسة الأنشطة الروسية في المنطقة. هكذا تحدث وزير الداخلية الإيطالي السابق ماركو مينيتي، رئيس مؤسسة Med-Or، مسلطاً الضوء على العلاقة بين الحرب في أوكرانيا وإفريقيا.

لدى روسيا والقوى الغربية الكبرى  على حد سواء مصالح سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة في السودان. تخشى روسيا مثلاً من أن يؤثر الصراع الحالي على التصديق على الاتفاقية بين موسكو والخرطوم، بشأن إنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية في السودان والذي يخطط له لكي يصبح قاعدة أو مركز لوجستي مهم للبحرية الروسية، لأنها تتيح إمكانية الوصول المباشر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى غير الساحلية ومنطقة الصحراء والساحل حيث تعمل شركات التعدين الروسية.

كما أن السودان يمثل الكنز المدفون للدول الكبرى فهو يعني (200) مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة و(11) نهر جاري و(102) مليون رأس ماشية و(400) مليار متر مكعب أمطار سنوية، و(1.4) مليون طن من اليورانيوم و(6.8) مليار برميل من النفط و(85) مليار متر مكعب من الغاز.

يحتل السودان الثاني في إنتاج الذهب على مستوى القارة الإفريقية إذ يبلغ إنتاجه السنوي أكثر من (90) مليون طن بقيمة تصل لخمسة مليارات دولار. وقد عرف أيضا بسلة غذاء العالم. تتعدد موارده من فضة ونحاس وغير ذلك بالتوازي مع موقع جيوسياسي حيث يعتبر البوابة للقرن الإفريقي. لذلك، فهنالك حرب خفية بين روسيا والصين من ناحية والغرب – أميركا وحلفاؤها الأوروبيون – على السيطرة والتواجد في دول إفريقية عديدة من بينها السودان وليبيا وإفريقيا الوسطى وموزمبيق ومالي.

كشفت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية، عن أن روسيا استعدَّت للمقاطعة والعقوبات الغربية بأطنان من الذهب المستجلب من السودان، وهو ذهب يمثل (23%) من الاحتياطي الروسي، أي ما قيمته (144) مليار دولار، وذلك بعد ما كشفت الصحيفة في تقريرها أن الكرملين هو المستفيد الأول من الذهب السوداني الذي يتم تصديره من السودان بواقع (30) طناً سنوياً عبر طائرات صغيرة إلى روسيا بعدما منح المكون العسكري امتيازات للروس عبر الترخيص لشركات روسية في الاستثمار في الذهب.

فيما تخطط الولايات المتحدة لمزيد من الانتشار في البحر الأحمر حيث أرسلت فعلاً بعض القوات الخاصة البرية والقطع البحرية تحت مسمى الإجلاء، فيما تشير تقارير استخبارتية إلى أنها تخطط لإبقائها، خاصة بعد تواصل بلينكن وحميدتي الذي دعا إثرها إلى التدخل الدولي. فالولايات المتحدة تدعم حميدتي وهناك أخطار من انفصال إقليم دافور الغني والذي يمتد على مساحة مليون كلم مربع غنية بخام البترول واليورانيوم والغاز ومناجم كبيرة لاستخراج الذهب، ما سيسمح أيضا بتوسيع نفوذ حميدتي ومن ثم الولايات المتحدة حتى مناجم الذهب في تشاد وإفريقيا الوسطى.  أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم آندي فليمستروم

مصالح سياسية عسكرية – حرب الممرات والمضائق

تعد المصالح الروسية في السودان هي بالدرجة الأولى أمنية، وكذلك في مجال الدعم العسكري التقني، لأن السودان هو ثاني أكبر مشتري للأسلحة الروسية في إفريقيا بعد الجزائر وهو يتفوق حتى على مصر التي تأتي في المرتبة الثالثة. كذلك يوجد (16) اتفاقية بين روسيا والسودان، هذه الاتفاقيات منحت روسيا قواعد مجانية وأتاحت لها الحرية باستخدام المطارات السودانية لنقل الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية اللازمة للقاعدة والسماح بإرسال عدد محدود من السفن و (300) فرد كحد أقصى إلى الميناء، وهو أول مركز بحري لروسيا في إفريقيا.

تسعى روسيا لأن يكون لها قاعدة عسكرية بحرية تضمن لها وجوداً في المياه الدافئة أي منطقتي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، المليئة بالثروات والكنوز والمواد الخام. كما أنها تسعى لمنع أميركا من السيطرة على مداخل البحار والمحيطات. ولذا تسعي أن تكون لها قاعدة في بورتسودان حتى لا تسمح للولايات المتحدة بالسيطرة على هذه المنطقة البحرية والمضائق والتي تتواجد فيها أصلاً أغلب القوى الكبرى. هذا جزء من صراع النفوذ الحالي في العالم وهو معلن حتى في الاستراتيجية التي تحدث عنها بوتين مؤخراً. فيما يتردد أن الصين موافقة على التحركات الروسية والهدف المشترك هو تشكيل العالم الجديد من عدة أقطاب.

قبيل اندلاع المعارك في السودان زار محمد حمدان دقلو (حميدتي) موسكو على رأس وفد رفيع في زيارة استغرقت (8) أيام لتكون الأطول لمسؤول سوداني كبير إلى روسيا الطامحة لنفوذ أكبر في السودان. ولاحقاً خلال زيارة إلى العاصمة السودانية الخرطوم في فبراير2023، ناقش وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسألة القاعدة مع قادة السودان وهدف استكمالها بحلول نهاية عام 2023، وذلك وفقًا لوثيقة استخباراتية أميركية، تعد جزءًا من وثائق ديسكورد (وثائق البنتاجون) التي يُزعم أنها تسربت عبر الإنترنت بواسطة عضو في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس. ومن وجهة النظر الروسية، فإن قاعدة ميناء بورتسودان لها أهمية سياسية أكثر منها عسكرية لأننا لا ننسى أن روسيا لديها قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري، يعني هذا أنه في حال إنشاء قاعدة في السودان ستستطيع روسيا إن اقتضى الأمر أن تحكم السيطرة أو تقطع مداخل قناة السويس سواء من البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط.

وفي ظل مواجهة موجة هجرة غير نظامية غير مسبوقة، لاحظ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني في تصريحات أدلى بها مؤخرا بأن “الكثير من المهاجرين يصلون من مناطق تسيطر عليها مجموعة فاغنر”. بينما حذر زميله وزير الدفاع غويدو كروزيتو من أن “الهجرة غير المنضبطة والمتواصلة ، أصبحت وسيلة لضرب أكثر الدول عرضة، وفي مقدمتها إيطاليا، وخياراتها الجيوستراتيجية”. وتعتبر الهجرة غير النظامية وتدفق موجات اللاجئين، إحدى الأساليب التي استخدمتها موسكو للضغط على الإتحاد الأوروبي على واجهات جغرافية عديدة وبتواطؤ مع حلفاء إقليميين، فيما يعتبره الأوروبيون أداة مؤثرة في “حرب هجينة” تخوضها روسيا ضد العواصم الأوروبية.

“فاغنر” على خط الأزمة

ركزت تقارير عديدة في وسائل الإعلام أميركية وبريطانية وألمانية على عمليات دعم تقدمها قوات “فاغنر” لقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، انطلاقاً من قواعد عسكرية بليبيا (قاعدتي الخروبة شرقاً والجفرة جنوباً) تحت سيطرة خليفة حفتر، تم رصدها عبر أقمار اصطناعية، تظهر عمليات نقل جوي ودعم لقوات “الدعم السريع” بعتاد عسكري وصواريخ وتدريبات وربما نقل مقاتلين مرتزقة من الجنجويد شاركوا سنة 2019 مع قوات حفتر في الهجوم على العاصمة طرابلس، نفت قوات حفتر انحيازها لأي طرف في الصراع المسلح الدائر بالسودان.

ذكر سفراء بريطانيا والنروج والقائمة بالأعمال الاميركية في الخرطوم في بيان مشترك في 21 مارس 2023 إن مجموعة “فاغنر” الأمنية تنخرط ايضاً في أنشطة “غير مشروعة” منها التضليل الاعلامي وتعدين الذهب في السودان. ومع اشتعال الاشتباكات، في 15 إبريل2023، تحدثت وسائل إعلام ومصادر دولية أن قوات حميدتي تتلقى أسلحة ومساعدات تقنية من “فاغنر”، التي تربطها بها علاقات وثيقة ترقى إلى التحالف، وتعود إلى عدة أعوام.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في 23 إبريل2023، وثائق استخباراتية سرية أميركية مسربة، تشير إلى أن مجموعة “فاغنر” تسعى إلى إنشاء “اتحاد كونفيدرالي” من الدول المعادية للغرب في إفريقيا، وأنه من أجل تحقيق هذا الهدف تعمل على إذكاء الصراعات، عبر استخدام الإمكانات شبه العسكرية، عطفاً على القدرات الخاصة بنشر معلومات كاذبة تقوي شوكة حلفاء موسكو في القارة.

أكد وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، في 24 ابريل 2023 أ أن ثمة مخاطر من أن تستفيد مجموعة “فاغنر” الروسية من الأزمة الراهنة في السودان، وقال هافيستو “ليس من العدل أن يغادر جميع الأجانب البلاد في هذه الظروف. إذا غادرنا، فإننا نترك أيضا بعض المجال لقوات “فاغنر” وروسيا للعب هذه اللعبة”.

بالنظر إلى التصريحات الروسية الرسمية، فإنه وحسب مؤسس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين، لا توجد عناصر لشركته في السودان منذ أكثر من عامين، لكن هناك مؤشرات لوجود مصالح لهذه الشركة أو بمعنى أصح لروسيا لأن الشركات العسكرية الخاصة هي أداة لتنفيذ مهام ما من دون توريط الدولة بشكل مباشر ولذلك ليس من المستبعد أن يكون لروسيا مصالح أو حتى وجود عبر مجموعة “فاغنر” بالسودان.

ولفت الانتباه أخيراً تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة في 25 ابريل 2023، ، بقوله إن السلطات السودانية لها الحق في استخدام مجموعة “فاغنر”، وذلك في إطار رده على الاتهامات بمشاركة المرتزقة في معارك السودان. وبذلك لم يترك المسؤول الروسي أي مجال للشك في صحة المعلومات المتداولة حول هذا الأمر.

وكان قد تم نشر قوات “فاغنر” في السودان، في ديسمبر 2017، لتقديم الدعم السياسي والعسكري للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير. وجاء ذلك بعد مفاوضة البشير لموسكو على سلسلة من الصفقات الاقتصادية والأمنية، لبناء شراكة تضمنت خصوصاً مجموعة من امتيازات تعدين الذهب لشركة “أم انفست” المرتبطة بـ”فاغنر”.

أكثر ما يزعج واشنطن هو أمن البحر الأحمر، وبالتالي فإن وجود قاعدة روسية في بورتسودان يدفعها إلى التحرك من أجل قطع الطريق على ذلك، ولا سبيل أمامها إلا بإنهاء نفوذ “فاغنر” في السودان. وقد بدأت باستقدام قوات تدخل سريع وقوات خاصة إلى جيبوتي. ومن الواضح أن واشنطن سوف تضع ثقلها إلى جانب البرهان لحسم الحرب ضد خصمه حميدتي، إلا أنه ليس هناك ضمانات لنجاح هذا المسعى بسرعة. وقد تجد أميركا نفسها متورطة في حرب أهلية، وهذا بعض مما تطمح له روسيا. أمن دولي ـ انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي. ملف

**

4- أمن دولي – ما خيارات الاتحاد الأوروبي لحل أزمة السودان؟

منذ اندلاع الصراع والمواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، لم يلوح في الأفق أي تجاوب جاد من جانب طرفي الأزمة السودانية لنزع فتيل الصراع، الأمر الذي يؤزم الوضع السياسي ومن ثم الوضع الإنساني لاستمرار الاشتباكات واستهداف القطاعات الحيوية ما يفاقم أوضاع المدنيين ويعرقل عمل المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات اللازمة لهم. تتمثل خطورة الأزمة السودانية في احتمالية طول أمد الصراع وتداعياته على البعدين الإقليمي والدولي، ما يلقي على الاتحاد الأوروبي مسؤولية تقديم خيارات لاحتواء الصراع الراهن رغم الموقف المتحفظ الذي تبناه منذ بدء الأزمة، منعاً للتورط في دعم أي طرف على حساب الآخر في ظل ضبابية المشهد واحتدام الموقف سريعاً في مناطق الاشتباكات.

دور الاتحاد الأوروبي في أزمة السودان

بانتهاء الدول الأوروبية من مهمة إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من السودان على مدار الأيام الماضية، تتجه الأنظار إلى دور التكتل الأوروبي في إحداث تغيير في الأزمة السودانية، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة بينما يواجه التكتل بعض الصعوبات لممارسة هذه المهمة.

 وتتمثل الصعوبات في:

– عدم وجود أي قوة أمنية أو قواعد عسكرية أوروبية داخل السودان، على عكس روسيا التي تمتلك قواعد عسكرية بالقرب من حدود السودان وبداخلها إضافة إلى قوات فاغنر الروسية التي أجازت موسكو مؤخراً مشاركتها في هذا النزاع الدائر بالسودان.

– عدم امتلاك الاتحاد الأوروبي أي أوراق ضغط على طرفي الصراع أو قنوات اتصال داخل السودان لإجبارهما على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

– انشغال الاتحاد بالحرب الأوكرانية وتداعياتها العسكرية والسياسية في ضوء تفاقم الوضع بين كييف وموسكو.

– معاناة الاتحاد من أزماته الداخلية المتعلقة بالاحتجاجات وأزمة الهجرة.

– ترك الاتحاد الأوروبي ملف السودان للولايات المتحدة نظراً لامتلاكها النفوذ الغربي الأكبر في السودان لمواجهة النفوذ الروسي.

– اعتماد دول أوروبا على الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة لوضع حد لأزمة السودان دون التطرق للتدخل المباشر في الصراع.

ويقتصر دور الاتحاد على تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في مناطق الاشتباكات ومطالبة طرفي النزاع بوقف إطلاق النار، وفي 19 أبريل 2023 دعا الاتحاد جميع الجهات الفاعلة بإيصال المساعدات الإنسانية دون عرقلة وضمان سلامة المدنيين والعاملين في العمل الإنساني مطالباً بوقف القتال والسماح لجهود الوساطة، وأظهر تأييده للهدن الإنسانية والمبادرات التي أطُلقت على مدار شهر من الاشتباكات من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، مؤكداً في جميع تصريحات مسؤوليه على ضرورة إعادة السودان إلى طريق الاستقرار.

ودعا وزراء خارجية الاتحاد في 24 أبريل 2023 لوقف إطلاق النيران بين طرفي الصراع، وأطلق الاتحاد في 10 مايو 2023 جسراً جوياً إنسانياً لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمدنيين بإرسال (30) طناً من المواد الغذائية والمياه من مستودعات الأمم المتحدة في دبي إلى بورتسودان، وخصص (200) ألف يورو للإغاثة الفورية ومساعدات الإسعافات للمحاصرين بمناطق الاشتباكات.أمن دولي ـ ما تداعيات “حرب” السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟

موقف الاتحاد الأوروبي من الأزمة

اكتفى الاتحاد الأوروبي بالتحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني، طالب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، طرفي النزاع في السودان بحل الخلاف القائم بالحوار ووقف الاقتتال محذراً من تدهور المشهد الإنساني. وشددت مفوضية الاتحاد الأوروبي على خطورة تداعيات أعمال العنف على دول جوار السودان، لتأتي تحذيرات مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي من مخاطر اندلاع حرب شاملة في السودان، مشيراً إلى أن دور التكتل يتمثل في المساهمة في إرساء وقف مستدام لإطلاق النيران لتتمكن الجهات المعنية من تقديم المساعدات للمدنيين.

العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسودان بعد 2019

اندلعت “ثورة “السودان في 19 ديسمبر 2018 التي انتهت بإطاحة حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 11 أبريل من عام 2019، ومنذ هذه اللحظة شهدت العلاقات الأوروبية السودانية مزيداً من التعاون على مستوى الزيارات والعلاقات الاقتصادية والمساعدات الإنسانية والقضايا السياسية والأمنية.

التعاون السياسي

عمل الاتحاد على معاونة الحكومة السودانية والسياسيين والجهات الفاعلة في بناء رؤية لسودان مستقر يجمعه الحوار بشأن قضايا السلام والتنمية الشاملة المستدامة وقضايا الهجرة وتغير المناخ والتعاون في حوض النيل، ودعم التكامل بين السودان وجيرانه في منطقة الشمال والوسط والقرن الإفريقي عبر تعزيز دور المنظمات الإقليمية مثل الهيئة الحكومية الدولية للتنمية “إيجاد” والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية. وفي الوقت نفسه دعمت أوروبا التنسيق بين السودان والهيئات الأوروبية مثل الاتحاد والبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية بالتوسع في برامج التنمية ودعم المؤسسات السودانية في المحافل الدولية.أمن دولي ـ ماعلاقة الصراع في السودان مع حرب أوكرانيا؟

التعاون الاقتصادي

دعمت برامج الاتحاد في 2019 انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية إضافة إلى دعم اقتصاده بتعزيز تجارة وتصدير الثروة الحيوانية ورصد الأمراض الحيوانية التي تصيب الماشية في السودان لاسيما وهو يمتلك أكثر من (100)  مليون رأس من الماشية ما جعله من أغنى دول المنطقة العربية والإفريقية بالثروة الحيوانية ومصدر رئيسي لها.

وازدهرت العلاقات التجارية بين الاتحاد والسودان في أعقاب الثورة السودانية لتصل الصادرات من الاتحاد إلى السودان من معدات النقل والآلات إلى (38%) والحيوانات الحية والأغذية إلى (22%) والمواد الكيميائية والمنتجات ذات الصلة إلى (20%) من إجمالي الصادرات، كما بلغت قيمة واردات السودان إلى الاتحاد بنحو (284) مليون يورو ما يمثل زيادة بنسبة (17%) عن عام 2018 وبلغت واردات السودان من الأغذية نحو (55.3%) والحيوانات الحية (22%) من إجمالي الواردات.

تعزيز التنمية

عمل الاتحاد على تعزيز الإصلاح الاقتصادي وتوفير فرص العمل للمرأة والشباب ودعم النازحين داخلياً وتأسيس برنامج للتحويلات النقدية عبر الصندوق الائتماني للبنك الدولي والقضاء على الفقر تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، وارتكزت الاستراتيجية الأوروبية على التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي ومساندة مشروعات التعليم والصحة وقطاعات الزراعة للربط بين التنمية والعمل الإنساني. وفي 2021 وصلت مشروعات الاتحاد في السودان إلى (85) مشروعاً بتمويل صندوق التنمية الأوروبي والصندوق الائتماني لإفريقيا بقيمة (480) مليون يورو.

المساعدات الإنسانية

دعم الاتحاد جهود السودان في مواجهة “كوفيد 19 ” بتقديم فرنسا ولوكسمبورغ دعم عيني للقاحات في 2020، وفي مارس 2021 أطلقت فرنسا والسويد رحلتين جويتين لنقل أكثر من (800) ألف جرعة من لقاح كورونا، إضافة إلى تمويل برنامج “استجابة كوفيد 19” للسودان في عامين 2020 و2021 بقيمة نحو (20) مليون يورو لتعزيز الأمن والنظام الصحي.

ومع ارتفاع عدد السودانيين الذين بحاجة لمساعدات إنسانية إلى ثلث السكان عقب أزمة الغذاء العالمية جراء حرب أوكرانيا، خصص الاتحاد (73) مليون يورو كمساعدات إنسانية في 2023 لتوفير الخدمات الصحية والغذاء والمياه والتعليم للنازحين والفئات الأكثر تضررا من الأزمات.ملف: أمن دولي انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي

زيارات

– في 3 سبتمبر 2019 أجرى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيارة للسودان للتأكيد على دعم الحكومة في المرحلة الانتقالية.

– في 25 أكتوبر 2021 زار وفد أوروبي السودان بهدف الوساطة بين القوى السياسية.

– في 3 مارس 2022 التقى الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي انيتي ويبر برئيس   مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان في الخرطوم لاستعراض خطوات السودان نحو التحول الديمقراطي.

– في 9 سبتمبر 2022 أجرت لجنة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي زيارة لمناقشة ضمان انتقال السلطة في السودان.

– في 23 سبتمبر 2022 عقد وفد رفيع المستوى بالاتحاد لقاءات مع القوى السياسية في الخرطوم.

– في 8 فبراير 2023 زار 6 مبعوثين من أوروبا والولايات المتحدة الخرطوم لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية السودانية.

مبادرات حل الأزمة إقليمياً

طبيعة العلاقات التي تجمع السودان مع مصر والإمارات والسعودية تجعل الحل الأقرب للأزمة هو حل إقليمي بالدرجة الأولى خاصة وأن الحلول الدولية التي طُرحت في صراعات بالمنطقة العربية من قبل لم تثبت نجاحها في احتواء النزاعات.

الإمارات

تعد الإمارات من أوائل الدول الداعية لتهدئة الوضع بالسودان، وفي 15 أبريل طالبت بضبط النفس وخفض التصعيد بالحوار. وفي 7 مايو 2023 رحبت بالمحادثات في جدة مشددة على التزامها بتيسير وصول المساعدات الإغاثية للمدنيين.

السعودية

مثل ” إعلان جدة” الاتفاق الأول بين طرفي الصراع ليشمل التزامات إنسانية وجدولة لمحادثات مباشرة بينهما، وقبل هذا الإعلان دعت السعودية لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ووضع آلية لتأمين ممرات المساعدات للمدنيين.

مصر

خاطبت مصر طرفي الأزمة لاحتواء الموقف ومنع نشوب حرب أهلية واسعة النطاق في السودان، وفي 18 أبريل 2023 أكدت مصر تقديم عرض الوساطة على الأطراف السودانية مع مراعاة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان.

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– يقع السودان في منطقة مضطربة يحدها البحر الأحمر وهو منفذ ضروري لأغراض التجارة ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي وتمتلك السودان حدوداً مع سبع دول، من ضمنهم مصر من الشمال و إثيوبيا من الجنوب الشرقي.

– يثير الصراع الدائر في السودان قلق دول الجوار أخرى لأسباب تتراوح من القلق بشأن مياه النيل المشتركة وخطوط أنابيب النفط، فضلاً عن تصاعد القلق الدولي والأقليمي من مخاطر تدفق اللاجئين عبر الحدود، واتساع نطاق عمليات النزوح خاصة وأن السودان تستضيف الكثير من اللاجئين.

– تزايدت المخاوف الإقليمية والدولية من مخاطر انضمام المتطرفين إلى الصراع ما يؤدي إلى تعقيد الوضع الأمني في السودان بل يمتد الأمر إلى تعقيد الوضع الأمني لدول الجوار ما يقوض عمليات مكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي.

– يشير إغلاق دوال الجوار حدودها مع السودان إلى أن الأزمة قد تتصاعد أكثر مستقبلاً، ما يؤجج الاضطرابات السياسية داخلياً ليكون تمهيداً لحرب أهلية طويلة الأمد ما يستدعي تدخلات خارجية إقليمية ودولية، وبات السيناريو الأسوأ هو انزلاق الوضع في السودان إلى ما حدث في دول إقليمية كسوريا قبل سنوات.

ـ يبدو إن “الحرب” في السودان مازالت معقدة، مايجعل الأطراف الدولية تحديداً الولايات المتحدة وروسيا والصين، لا تتدخل بشكل مباشر، رغم مصالحها السياسية والاقتصادية. الحرب في أوكرانيا وتوترات الوضع الأمني في بحر الصين الجنوبي، أبعد أيضاً الأطراف الدولية من السودان.

ـ إن “الحرب “في السودان ممكن ان تفتح جبهة جديدة ضد أوروبا والغرب لصالح روسيا، بتدفق موجات الهجرة من جديد، وهذا ما يمثل مصدر قلق إلى أوروبا والاتحاد الأوروبي.

ينبغي حل أزمة السودان بكل الوسائل الممكنة، من خلال الدعوة لمشاركة دبلوماسية مكثفة وعاجلة على أعلى المستويات لحل الأزمة سواء بشكل مباشر مع أطراف النزاع أو مع الدول المجاورة التي لها نفوذ. كذلك اتخاذ الخطوات الضرورية لوقف فوري لإطلاق النار وضرورة حل كل الخلافات عبر المفاوضات بين أطراف الأزمة.

**

– يعتبر السودان لاعباً سياسياً مهماً على المستوى الإقليمي ولديه موقع جغرافي وموانئ استراتيجية وموارد طبيعية هائلة ، مثل الذهب والنفط مرغوبة إقليميا ودوليا. تتمتع جمهورية مصر العربية بعلاقات وثيقة مع الجيش السوداني، وأقامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضاً بعلاقات وثيقة مع كل من الجيش وقوات الدعم السريع.

– يركز دول الجوار والقوي الإقليمية على وقف التصعيد وتتصاعد المخاوف من من انتقال عدوى الاضطرابات السياسية إليهم ونشوب أزمة لجوء وتسلل الجماعات المتطرفة وصعود تيارات الإسلام السياسي ويبدو أنه لن يكون من السهل إقناع أطراف الصراع بأي نوع من وقف إطلاق النار.

– تسعى روسيا لتوسيع النفوذ في القارة الإفريقية لا سيما السودان عبر إبرام اتفاق لبناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر في “بورتسودان” وهي نتيجة تبدو الآن غير مرجحة على نحو متزايد.

– تعمل السياسة الأمريكية في السودان على كبح نفوذ الصين وروسيا الذي يعرض مصالح الولايات المتحدة  للخطر في القارة ككل ما يكون له تأثير كبير على سياسة الولايات المتحدة في إفريقيا والشرق الأوسط.

– تخشى العديد من الدول الأوروبية من بناء روسيا قاعدة بحرية في “بوتسودان” ما يهدد أمن الطاقة الأوروبي خاصة وأن القاعدة ستكون على أهم الممرات البحرية كثافة والتي تنتقل من خلاله شحنات الطاقة إلى أوروبا.

–  لا يعد الملف السوداني أولوية للدول الأوروبية المنشغلة بأزمة أوكرانيا وكل ما يهم الدول الأوروبية هو منع تمدد موسكو في السودان، وخلاصة السياسة الأوروبية هي التنسيق مع دول الجوار التي لها نفوذ وعدم التدخل المباشر في المفاوضات.

– يمكن أن يجعل التنافس الدولي لتوسيع النفوذ في السودان أي جهود سلام أكثر تعقيداً من الحرب نفسها ويبدو أن عودة الاستقرار في السودان غير مرجح على المدى القريب إلى المتوسط ومن المحتمل أن طول أمد الحرب قد يزعزع استقرار منطقة الساحل والقرن الأفريقي.

– ماينبغيعلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وهو اتخاذ خطوات أكثر جدية لخفض التوترات وتأسيس جيش موحد كذلك تسوية الملفات حول إصلاح القطاع الأمني، وتسريع المفاوضات بشأن تشكيل حكومة انتقالية مدنية لأن هذا ضروري لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية.

**

– تشبه الأحداث الدامية حالياً في السودان صراعاً نموذجياً على السلطة في الدول الهشة، حيث توجد أكثر من مجموعة مسلحة قوية، وتتنافس كل منها على السيطرة. ومع ذلك، فإن الصراع السياسي والمواجهة العسكرية المتصاعدة هي في الواقع أكثر تعقيداً بكثير من الصراع التبسيطي على السلطة، ويرجع ذلك لأهمية موقع السودان الجيوسياسية ي ظل استقطابات دولية خلفتها الحرب الأوكرانية.

– هناك تواجد عسكري روسي في إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان وتتطلع روسيا إلى بناء قاعدة في الساحل السوداني المطل على البحر الأحمر لزيادة تأثيرها في القرن الإفريقي وتوسيع حضورها في مضيق باب المندب. حيث تخشى الولايات المتحدة الأميركية من تزايد النفوذ الروسي أو الصيني في السودان وهي ترى في احتمال سيطرتهما عليه ليس مجرد تحذير من تهديد محتمل لمصالحها في المنطقة فحسب، بل مؤشر يدفعها إلى إعادة تقييمها لمصلحتها في السودان. لهذا السبب قام مسؤولون عسكريون أميركيون كبار بزيارة السودان خلال الفترة القليلة الماضية.

– سيؤثر الصراع المستمر على السلطة في السودان، على مستقبل مصالح القوى الكبرى في السودان وإفريقيا بشكل عام، وخاصة الولايات المتحدة، وروسيا، التي تحاول حتى الآن ممارسة الحياد، بانتظار تبيان الموقف الميداني. وتعمل مجموعة “فاغنر” من أجل أن تميل الكفة لصالح روسيا في هذا النزاع، خاصة وأنها حاضرة أكثر من غيرها على الأرض، وتحتفظ بقدرات عسكرية وأمنية في السودان يمكن توظيفها لصالح قوات الدعم السريع. ومن المرجح أن تستقدم “فاغنر” المزيد من الدعم اللوجستي من قواعدها في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو. وتشكل ليبيا أهم محطة دعم في قارة إفريقيا بفضل القواعد العسكرية التي تسيطر عليها في المناطق الواقعة تحت نفوذ اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

– إن السودان سيشهد حالة من التنافس المحتمل على كسب النفوذ بين الغرب وروسيا، شأنه في ذلك شأن العديد من المناطق في إفريقيا. ويعزز من احتمالات ذلك السباق المحتدم بين الطرفين على تعزيز الوجود في إفريقيا على كافة المستويات منذ بداية الحرب الروسية–الأوكرانية من ناحية، واستمرار حالة عدم التوافق السياسي الداخلي بين المكونين العسكري والمدني من ناحية أخرى، وهو ما يفرض معه على السودان محاولة موازنة المصالح المتبادلة مع كلا الطرفين في هذه المرحلة بما يخدم منظومة الأهداف الذاتية السودانية، المرتبطة في الأساس بإيجاد حل سريع وفعال قائم على تبني صيغة سياسية داخلية متوازنة بين الأطراف الداخلية الفاعلة لتجاوز المرحلة الانتقالية.

– إذا طال أمد الصراع ولم يتم التوصل إلى تسوية، ومن الممكن أن تتحول اتهامات الأطراف لبعضها البعض بمساعدة أطراف أخرى في المنطقة تصبح حقيقة وتتحول إلى حرب طويلة متشابكة ومعقدة

– يجب أن تكون أزمة السودان بمثابة تحذير لأوروبا، التي لا يزال يتعين عليها اتخاذ خطوات إلى الأمام نحو علاقة قوية مع إفريقيا، وفهم أن مصائر القارتين مرتبطة ارتباطا وثيقاً.

**

– تتمثل خطورة الأزمة السودانية في توقيت اندلاعها وتأزم الموقف بين الغرب وروسيا لاسيما وأن الأخيرة تمتلك نفوذ قوي بالسودان أكثر من أوروبا، ما يجعل مفاتيح حل الأزمة بعيدة عن أيدي الاتحاد الأوروبي الذي يعاني في الوقت نفسه من أزمات عسكرية وسياسية واقتصادية جراء تبعات الحرب الأوكرانية.

– رغم ما قدمته أوروبا من مساعدات للسودان بعد 2019 لكنها لا تمتلك خيارات لحل الأزمة، وربما كان رفضها لانقلاب 25 أكتوبر2021 في السودان وما ترتب عليه من تراجع المساعدات والعلاقات جعلها خارج المشهد كثيراً وليست طرفاً في التوافقات السياسية مثل بعض القوى الدولية.

– فقدان أوروبا أدوات الضغط على طرفي الصراع للتهدئة يدفعها إلى مقعد المتفرج والنأي بنفسها عن الدخول كجزء من النزاع خاصة وأن أبعاد الخلاف ممتدة وتشير إلى صعوبة التوافق، ما يطيل من أمد الأزمة ويجعل من السودان بؤرة جديدة للتنافس بين واشنطن وموسكو ما يؤثر بشكل مباشر على أوروبا.

–  من المرجح ان تكون هناك أزمة النازحين السودانيين التي تتفاقم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع نقطة ضغط على أوروبا، لاتخاذ إجراءات حاسمة بشأن العمل الإنساني وحث أطراف الصراع على وقف إطلاق النار خاصة وأن أعداد اللاجئين مرشحة للزيادة الفترة المقبلة.

– يمكن ان تكون هناك فرصة أمام أوروبا للعب دوراً محورياً بالتشاور مع الأطراف الإقليمية الفاعلة والمنظمات الإفريقية، لإيجاد صيغة تفاهم بين طرفي الصراع وتحجيم حدود الصراع ومخاطره على العالم خاصة وأن إفريقيا تعاني من نشاط الجماعات المتطرفة في اللحظة نفسها.

– ينبغي على أوروبا إدراك تبعات انسحابها من الأزمة السودانية في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم من تغيرات في موازين القوى وتشكل تحالفات دولية جديدة، ما يؤثر على وضعها عالمياً في ظل الانتقادات الموجهة لها بالداخل والخارج من إدارة علاقتها مع واشنطن وموسكو وفي الحرب الأوكرانية.

– ينبغي ألا تخسر أوروبا دورها التنموي في السودان وتضمن وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين بالتواصل المباشر مع المنظمات الأممية والدولية المنوطة.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=88456

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

Bloody Sudan Conflict Creates Opportunities for Violent Extremists
https://bit.ly/42z6s5c

Sudan crisis explained: What’s behind the latest fighting and how it fits nation’s troubled past
https://bit.ly/41PmzKV

اشتباكات السودان: كيف يؤثر ما يحدث على دول أخرى حول العالم؟
https://bbc.in/3pBtPN0

صحيفة لوفيغارو…لعبة القوى الأجنبية تغذي الأزمة في السودان
https://bit.ly/3IaTySO

عالم أوبئة إيطالي: خطر إرهاب بيولوجي من السودان
https://bit.ly/3ObpsSS

نظرة فاحصة-أزمة السودان.. الأسباب والتداعيات
https://bit.ly/3LX2Se2

**

Russian mercenaries closely linked with Sudan’s warring generals
https://wapo.st/3I9yjAP

In Sudan, U.S. Policies Paved the Way for War
https://bit.ly/3nYC5WW

Sudan conflict delivers fresh blow to China’s African lending strategy
https://on.ft.com/42EUNls

بوريل: الاتحاد الأوروبي سيواصل الدفع من أجل تسوية في السودان
https://bit.ly/3pKabOV

اشتباكات السودان: كيف يؤثر ما يحدث على دول أخرى حول العالم؟
https://bbc.in/41FIvrq

حرب الظل بين حلفاء حميدتي والبرهان.. من له مصلحة في السودان؟
https://bit.ly/3MvbLNx

**

How Does the Conflict in Sudan Affect Russia and the Wagner Group?
https://bit.ly/3pTZ4CN

The Russian link between Sudan and Ukraine. Med-Or’s Minniti speaking
https://bit.ly/3WebDoM

اشتباكات السودان: هل يشارك مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في القتال على الأرض؟
https://bbc.in/3Wb0LYR

تحليل: عبر ليبيا والسودان.. فاغنر سلاح بوتين الفتّاك بأفريقيا
https://bit.ly/3Wb0Pb3

Opinion| US-Russia conflict over the lands of Sudan
https://bit.ly/3pO7Y54

**

أزمة السودان ـ بروكسل تحذر من التداعيات على دول الجوار
https://bit.ly/3MlyURl

الاتحاد الأوروبي يدعو الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لوقف القتال بينهما على الفور
https://bit.ly/42xw8z8

الاتحاد الأوروبي يُطلق جسرا جويا لتوفير إمدادات أساسية للسودان
https://bit.ly/3Bpm8fe

Sudan: What can Europe do to stem the violence?
https://bit.ly/3O6XKa0

The European Union and Sudan
https://bit.ly/3M4wQNr

EU supports more than two million Sudanese people to face nutrition crisis
https://bit.ly/42OI9Qs

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...