الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ القطب الثالث.. هل تستطيع أوروبا التخلي عن الحماية الأمريكية؟ (ملف)

الاتحاد الأوروبي والناتو
مايو 03, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

بون. وحدة الدراسات والتقارير

يتناول الملف تداعيات التوجه الأوروبي، مؤخراً، حول سياسة “الاستقلال الاستراتيجي”، وما يترتب عليه من تخفيض الاعتماد الأوروبي على الولايات المتحدة في عدة ملفات أبرزها، سياسات الأمن والدفاع المشترك، أيضاً التداعيات المحتملة لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للصين في 7 أبريل 2023، بشأن أهمية تخفيض التبعية الأوروبية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بملفات التوتر والصراع أبرزها تايوان وبحر الصين الجنوبي، والمآلات المتوقعة للعلاقات والتعاون بين أوروبا والولايات المتحدة في ضوء المشهد العالمي الراهن وزيادة التوترات.

1- أمن دولي ـ ما حقيقة القطب الثالث الأوروبي ؟ الواقع والطموحات

فتحت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في   تزامناً مع زيارته إلى بكين، حول أهمية التحلل من التبعية الأوروبية تجاه الولايات المتحدة ورغبة الدول الأوروبية بالسير نحو نمط أكثر استقلالية عن أمريكا،  خاصة في القضايا المحورية التي تمثل محور توتر بين واشنطن وبكين مؤخراً وفي مقدمتها الصراع حول السيادة في بحر الصين الجنوبي، وتايوان، فتحت الباب واسعاً أمام العديد من السيناريوهات حول مستقبل التعاون الأمريكي الأوروبي، وأيضاً طموح أوروبا نحو تدشين قطب ثالث في إطار إعادة بناء القوى الدولية في عالم متعدد الأقطاب.

وقال ماكرون في مقابلة  صحيفة “ليز ايكو” الفرنسية، نشرت يوم 9 أبريل 2023، خلال زيارته إلى الصين التي استمرت ثلاثة أيام من يوم  7 إلى 9 أبريل 2023،  إن “أسوأ شيء هو الاعتقاد بأن علينا نحن الأوروبيين أن نصبح تابعين في هذا الموضوع وأن نتأقلم مع الإيقاع الأمريكي أو رد فعل صيني مبالغ فيه”. وأضاف ماكرون إنه ينبغي على أوروبا تجنب الوقوع في فخ التورط في أزمة أجنبية، مشيراً إلى أن أوروبا واجهت خطر أن تصبح تابعا بين الولايات المتحدة والصين، في حين أنه بإمكانها أن تصبح بدلاً من ذلك قطبا ثالثاً.

ماكرون يرفض تبيعة أوروبا لواشنطن أو بكين في ملف تايوان

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الخطر الكبير” الذي تواجهه أوروبا هو أنها “عالقة في أزمات ليست من أزماتنا ، مما يمنعها من بناء استقلاليتها الاستراتيجية”. وأشار إلى أن “المفارقة هي أنه، إذا تم التغلب عليها بالذعر، نعتقد أننا مجرد أتباع لأمريكا”. “السؤال الذي يتعين على الأوروبيين الإجابة عليه، هل من مصلحتنا تسريع أزمة في تايوان؟ لا.

على الرغم من الانتقادات، التزم إيمانويل ماكرون بتعليقاته بشأن تايوان خلال زيارة لهولندا في 11 أبريل 2023. وقال ماكرون في مؤتمر صحفي في أمستردام مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته “أن تكون حليفا لا يعني أن تكون تابعاً، لا يعني أنه ليس لدينا الحق في التفكير بأنفسنا”، ومع ذلك ، سعى الرئيس الفرنسي إلى تهدئة ارتفاع درجات الحرارة حيث أكد أن “فرنسا تؤيد الوضع الراهن في تايوان” ، مضيفًا أن باريس “تدعم سياسة صين واحدة والبحث عن حل سلمي للوضع”.أمن دولي ـ هل تؤدي الحرب الأوكرانية إلى تشكيل الصين وروسيا محوراً عسكرياً؟

انقسام وغضب  أوروبي

التصريحات التي اعُتبرت إعلان صريح عن بداية مرحلة جديدة للسياسيات الخارجية الأوروبية خاصة فيما يتعلق بملفات التعاون مع الولايات المتحدة، أثارت حالة كبيرة من الجدل والانقسام داخل الاتحاد الأوروبي. ظهر التباين الأوروبي جلياً في تعليقات السياسيين الألمان، أمثال وربرت روتغن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني بوندستاغ عن الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض، الذي وصف تصريحات ماكرون بـ “كارثة في السياسة الخارجية بالنسبة لأوروبا”، بينما دافع زعيم الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتزينيتش، عن إيمانويل ماكرون.

في ألمانيا قال نوربرت روتغن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني بوندستاغ عن الحزب المسيحي الديمقراطي (معارضة) على “تويتر” إن ماكرون “استطاع تحويل زيارته إلى الصين إلى انقلاب في العلاقات العامة لصالح شي (الرئيس الصيني)، وإلى كارثة في السياسة الخارجية بالنسبة لأوروبا”. وأضاف أن الرئيس الفرنسي “يعزل نفسه بشكل متزايد في أوروبا”.

ووصف رينهارد بوتيكوفر، عضو البرلمان الأوروبي، زيارة ماكرون للصين بأنها “كارثة كاملة”. كما قال إن “حلم ماكرون” المتمثل في الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي والتحول إلى “قوة عظمى ثالثة” كان بعيداً. وأضاف أن رئيسة المفوضية الأوروبية ، أورسولا فون دير لاين ، أظهرت “بديلاً أفضل” حين قالت إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إعادة تقييم علاقاته مع الحكومة الصينية التي عززت “سياسات التضليل والإكراه الاقتصادي والتجاري”. دفع هذا النقد المسؤولين والدبلوماسيين الفرنسيين إلى التأكيد على أن ماكرون لم يقترح أن تكون أوروبا على مسافة جيوسياسية متساوية من واشنطن وبكين ، ببساطة أن مصالح أوروبا ستختلف أحياناً عن مصالح الولايات المتحدة.

وفي المقابل دافع بعض الساسة الأوروبين عن ماكرون، وأكدوا أهمية “الاستقلال الاستراتيجي” عن الولايات المتحدة خاصة في القضايا التي تتعلق بالتوترات المشتركة بين واشنطن وبكين وفي مقدمتها أزمة تايوان. وعبر زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا رولف موتسنيش عن دعمه لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص النزاع في تايوان.

وقال موتسنيش “علينا الحرص على أن لا نكون طرفا في نزاع كبير بين الولايات المتحدة والصين. على أوروبا أن تحاول قدر الإمكان لعب دور خاص بها وليس كتابع للولايات المتحدة في المنطقة” وأكد موتسنيش يوم12 أبريل 2023 في برنامج (Morgenmagazin) على القناة الألمانية الأولى (ARD) أن “ماكرون على حق”.

غضب أمريكي

تصريحات ماكرون أثارت ردود فعل أمريكية غاضبة، وحالة من الجدل حول ما إذا كانت تعبر عن أوروبا بوجه عام، أم أنها وجهة نظر أحادية لدى الرئيس الفرنسي، مثلاً قال السناتور الجمهوري الأمريكي ماركو روبيو، عبر منشور له على “تويتر” إنه إذا تحدث ماكرون نيابة عن أوروبا بأكملها، فيجب على الولايات المتحدة أن تفكر في تركيز سياستها الخارجية على احتواء الصين وترك أوروبا للتعامل مع الحرب في أوكرانيا.

وقال روبيو، الذي خسر ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة لدونالد ترامب في عام 2016، إنه يؤيد المساعدة الأمريكية لأوكرانيا ، لكن إذا كانت أوروبا ستختار جانبًا على تايوان، فسيتعين إعادة التفكير: “ربما ، يجب أن نقول أساسًا أننا سنركز على تايوان والتهديدات التي تشكلها الصين ، وأنتم يا رفاق تتعاملون مع أوكرانيا وأوروبا “.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال في افتتاحية أن “التعليقات غير المفيدة” للرئيس الفرنسي ستقوض الردع الأمريكي والياباني ضد الصين في غرب المحيط الهادئ، بينما تشجع السياسيين الأمريكيين الذين أرادوا تقليص الالتزامات الأمريكية في أوروبا. وكتبت الصحيفة: “إذا كان الرئيس بايدن مستيقظًاً، فعليه الاتصال بالسيد ماكرون وسؤاله عما إذا كان يحاول إعادة انتخاب دونالد ترامب”.

تصريحات ماكرون.. هل تتسبب بتوتر العلاقات عبر الأطلسي؟

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي بشأن استقلالية أوروبا فيما يتعلق بتعاملها مع الصين، الجدل، بيد أن محللين يعتقدون إن قادة التكتل يشاركونه الرأي، لكنهم لا يفصحون عن ذلك على الأقل في الوقت الحالي، للحفاظ على العلاقة مع واشنطن. لكن خلال خطابه حول “مستقبل أوروبا” في هولندا يوم 11 أبريل 2023، ظل ماكرون هادئاً ومحافظاً على رباطة جأشه إلى حد كبير إذ لم يعر الكثير من الاهتمام للتداعيات التي أثارتها المقابلة الصحافية النارية التي تحدث فيها عن رفض “تبعية” أوروبا لواشنطن أو بكين في ملف تايوان.وخلال الخطاب، أصيب من توقعوا أن يتحدث الرئيس الفرنسي باستفاضة عن ردود الفعل الغاضبة حيال تصريحاته حول حاجة أوروبا إلى الاستقلالية عن الولايات المتحدة في التعامل مع الصين، بخيبة أمل.أمن دولي ـ بحر الصين الجنوبي بؤرة التوتر الدولي (ملف)

ورغم أن ماكرون وغيره من قادة  الاتحاد الأوروبي  قد ألمحوا إلى حاجة أوروبا إلى “استراتيجية مستقلة” على الساحة العالمية، إلا أن  كثيرين أخذوا عليه أن اختيار كلماته في المقابلة مع “ليزيكو” لم يكن موفقا بالنظر إلى دور الولايات المتحدة كأكبر داعم لأوكرانيا في مواجهة القوات الروسية.

ويرى جيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الجدل الذي أثارته مقابلة ماكرون مع “ليزيكو” لا يعني أن ماكرون كان مخطئا، وفي مقابلة مع “DW”، أضاف “أعتقد أن الغالبية العظمى من الزعماء الأوروبيينيتفقون على الرغبة في الحفاظ على بعض الاستقلالية عن الولايات المتحدة حيال العلاقة الأوروبية مع الصين، لكن في الواقع فإن تايوان مشكلتهم الحقيقية”، ورغم هذا الاتفاق الضمني مع تحدث عنه ماكرون في المقابلة، إلا أن شابيرو أوضح أن المشكلة تكمن في أن ماكرون أفصح عن ذلك علنا ومن دون استشارة حلفائه في الاتحاد الأوروبي خاصة وأن المقابلة تزامنت مع زيارة رفيعة المستوى قام بها ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى بكين.

وأضاف أن هذا الأمر أعطى انطباعا بأن ماكرون كان يتحدث نيابة عن الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن تعليقات الرئيس الفرنسي  تسببت في مشكلة لحلفاء فرنسا إذ ألمح السيناتور الأمريكي روبيو إلى أنه إذا لم يعتبر الاتحاد الأوروبي تايوان قضيته، فقد تتخذ بلاده نهجا مشابها تجاه أوكرانيا.

**

2- أمن دولي ـ أوروبا والناتو وتحديات حماية البنية التحتية

منذ بداية الأزمة الأوكرانية في 24 فبراير2022، عززت دول الاتحاد الأوروبي سبل التعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبشكل كبير تضاعفت التحديات التي تواجه دول الاتحاد في تأمين بنيتها التحتية بمواجهة التهديدات الروسية المحتملة، خاصة بعد العمليات التخريبية التي استهدفت خطوط الغاز الأوروبية وغيرها من التحديات الكبرى التي تواجه أوروبا في الوقت الراهن، مما دفع الدول الأوروبية إلى توسيع التحالفات الأمنية والعسكرية مع الناتو بشكل متسارع من أجل تعزيز قدراتها الدفاعية وحماية أمنها القومي.

وقد أدى تسليح الطاقة وأعمال التخريب ضد خطوط أنابيب الغاز “نورد ستريم” إلى زيادة الاهتمام لضمان مرونة البنية التحتية الحيوية في أوروبا وحمايتها، وفي ضوء هذه الخلفية، كان من الضروري لكل من الاتحاد الأوروبي والناتو دعم الجهود المبذولة لتعزيز المرونة الوطنية والجماعية ضد التهديدات التي تتعرض لها البنية التحتية الحيوية لدول الاتحاد.

وكشف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، في 11 يناير 2023، تأسيسهما لقوة خاصة لحماية البنية التحتية الحيوية في التكتل القاري، كما تعهد الجانبان بمزيد من الدعم لأوكرانيا لتعزيز دفاعاتها في مواجهة الغزو الروسي. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بروكسل” لقد رأينا تخريبا في نورد ستريم. وأضافت: “هذا أظهر أننا في حاجة لأن نكون مستعدين وأن نواجه هذا النوع الجديد من التهديد”.

هل الناتو مازال قادراً على حماية أوروبا من التهديدات الروسية المحتملة؟

يواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحديات متصاعدة فيما يتعلق بحماية وأمن الدول الأعضاء، منذ سنوات بدأت في العام 2014 تزامناً مع التوترات بين روسيا والغرب بعد ضم جزيرة القرم على الحدود الأوكرانية الروسية في مارس 2014، لكنها زادت إلى حدِ غير مسبوق بالتزامن مع بداية العملية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير عام 2022. أيضاً في ضوء الأزمة الأوكرانية تعاظمت الحاجة الأوروبية إلى تطبيق مشروع “الاستقلال الاستراتيجي” الذي جددته فرنسا في عام 2021، والذي يستهدف جعل الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية مستقلة قادرة على لعب دور جيوسياسي مختلف، وهو أمر سينعكس إلى حدِ كبير على تعزيز قدرات الحلف العسكرية وتغيير خريطة انتشاره الجغرافية. أمن دولي ـ أوروبا مازالت بحاجة لحماية الناتو

يشهد الناتو، الذي وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2019 بأنه في “حالة موت دماغي”، يقظة تاريخية لمواجهة الخطر المتفاقم بوجه الدول الأعضاء منذ بداية الأزمة، كما يبرز أمام الناتو العديد من التحديات لتحقيق الأهداف الخاصة بحماية الأمن الأوروبي يتعلق أبرزها  بالانتشار النووي الأفقي للدول “غير النووية” ومن ثم يجب أن يبذل الحلف جهوداً أكبر فيما يتعلق بمواجهة التمدد النووي لدول مثل روسيا والصين خاصة في ضوء التهديدات التي تفرضها الحرب بشكل كبير.

وبالرغم أن أوكرانيا ليست عضواً في الناتو إلا أن أزمة الحرب وتشابكاتها تلقي بظلالها الثقيلة على أمن أوروبا وكافة الدول الأعضاء في الحلف، وفي خضم التطورات المتلاحقة للعملية العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية، ما يمثل تحدياً وتهديداً مباشراً لأمن أوروبا، يطفو إلى السطح سؤالاً مُلحاً عن مدى قدرة “الناتو” في حماية أمن أوروبا وصياغة استراتيجيات تتوافق مع حجم التحديات المتفاقمة من جانب روسيا والمعسكر الآسيوي بشكل عام؟ ومن المتوقع أن تؤثر الأزمة الأوكرانية على توسيع الفجوة بين الناتو وروسيا وخلق مساحة أكبر من العداء والتنافس، المتعلق بتهديد المصالح من جهة والوجود والنفوذ السياسي والجغرافيمن جهة أخرى.

قوة مشتركة لحماية البنى التحتية الأوروبية الأساسية

أعلن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في 11 يناير2023، عن تأسيس قوة مشتركة هدفها حماية البنى التحتية الرئيسية في وجه التهديدات التي تشكلها روسيا. وجاءت الخطوة بعد هحمات تخريبية استهدفت خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 خلال عام 2022، حيث يسعى التكتلان إلى تعزيز الأمن الدفاعي للقارة الأوروبية على ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فون دير لايين، إن خبراء من الناتو والاتحاد الأوروبي الذين يعملون لصالح القوة المشتركة سيدرسون نقاط الضعف في البنى التحتية ويقدمون توصيات لحمايتها. وأضافت فون دير لايين خلال لقاء مع أمين عام حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، قائلة “رأينا عمليات تخريب نورد ستريم وهذا يثبت أننا يجب أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا النوع الجديد من التهديد”. قوة أوروبية موحدة ـ هل أوروبا قادرة على تشكيلها، وهل ستكون بديلاً للناتو ؟بقلم جاسم محمد

في ضوء هذا التحالف، يتبادل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أفضل الممارسات التدريبية والعسكرية، ويعززان الوعي المشترك بالحالة الراهنة، ويطوران المبادئ الأساسية لتحسين المرونة بما في ذلك تدابير التخفيف والإجراءات الوقائية، كما سيغطي فريق العمل  المشكل من موظفي الاتحاد الأوروبي والناتو أربعة قطاعات في هذه المرحلة: الطاقة والبنية التحتية الرقمية والنقل والفضاء.

ألمانيا والنرويج تطلقان مبادرة في حلف الناتو لحماية البنى التحتية البحرية

بعد تفجير خطوط “نورد ستريم” في سبتمبرعام 2022،  في بحر البلطيق، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور، يوم 1 ديسمبر 2022،  أنهما أطلقا مبادرة داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتعزيز حماية البنى التحتية البحرية، وقال شولتز خلال جلسة نقاش أمام الصحفيين في برلين شارك فيها أيضا ستور: “نحن بصدد مطالبة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس ستولتنبرغ) بإنشاء هيئة تنسيق لحماية البنى التحتية البحرية”.

وحذّر شولتز من أن هذه المبادرة تظهر “بوضوح” أننا “نأخذ حماية بنيتنا التحتية على محمل الجد، وأنه لا يمكن لأحد الظن أنه ستبقى هناك هجمات من دون عواقب”. بدوره، قال رئيس الوزراء النرويجي إن هذه البنى التحتية “شرايين الاقتصاد الحديث. وناقشت ألمانيا والنرويج في الأسابيع الأخيرة كيف يمكننا تعزيز” أمنها.

مستقبل التعاون بين الاتحاد الأوروبي والناتو

لقد غيرت الحرب في أوكرانيا بشكل أساسي النقاط المرجعية الداخلية والخارجية لأوروبا لما كان يوماً نظاماً أمنياً أوروبياً. لكن يُحسب لأوروبا أنها كانت سريعة في تكييف نفسها للوقائع المتغيرة جذرياً. ولا يزال الكثير من عمليات التجديد هذه مؤلمة اقتصادياً وهي في حالة مراقبة مستمرة للتحولات وسط عصر من التعددية. ولكن على المستوى الأساسي ، تفكر أوروبا في وجود بنية أمنية قابلة للتأقلم مع طبيعة المتغيرات الراهنة، وأفضل تعبير عنها جاء من خلال حوارها الأمني الرائد الذي عقد مؤخراً مع عمودين رئيسيين من المشاركة والتحالفات بهدف تعزيز البنية الأمنية، أحدهما مع الناتو والولايات المتحدة والآخر تمثل في إقامة شراكات دفاعية عالمية.

سيعتمد المسار المستقبلي لكيفية بناء أوروبا لبنيتها الأمنية إلى حد كبير على مدى حسن مزجها بين اعتمادها وتعميق العلاقات مع حلف الناتو وسعيها إلى الاستقلال الاستراتيجي. ومن منظور أوروبا، يجب أن يكمل هذان القطاعان بعضهما البعض. يتمثل المحور الأول لأمن الاتحاد الأوروبي بلا جدال، في تعميق العلاقات مع الناتو التي عززتها الحرب في أوكرانيا. وقد عزز الإعلان المشترك بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الصادر في يناير 2023 هذه الشراكة مع التركيز بشكل جاد على تغير المناخ والفضاء والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة والمعطلة.أمن دولي ـ التعاون ما بين الاتحاد الأوروبي والناتو.. القدرات والتحديات (ملف)

الأمر الجدير بالملاحظة بشكل خاص، في هذا الصدد هو تقسيم العمل بين الاتحاد الأوروبي والناتو. بحيث يمكن أن يعمل الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل كمزود للأمن من خلال إضافة “قيمة” بين الأمن الداخلي والخارجي بينما يمكن لحلف الناتو تولي الدفاع الجماعي بموجب المادة الخامسة. كما تم تجديد العلاقات عبر الأطلسي من خلال التعاون الدفاعي الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في فبراير 2023. ومن المتوقع أن يوفر هذا الترتيب إطاراً مشتركاً للمشاورات حول العديد من التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بطريقة تضمن دفاعًا أوروبيًا أكثر قدرة، على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

الحكم الذاتي الاستراتيجي لأوروبا العالمية

المحور الثاني في منظومة الأمن الأوروبي، بعد تعزيز التحالف مع الناتو يتمثل في السعي لتحقيق المزيد من الاستقلالية الاستراتيجية. بينما كان هذا هو الشعار في المناقشات الداخلية داخل برلمان ومفوضية الاتحاد الأوروبي لبضع سنوات، دفعته الحرب في أوكرانيا إلى أن تصبح “أولوية عمل” بالمعنى الحقيقي.

سلط منتدى شومان المنعقد في فبراير 2023، الضوء على دور مرفق السلام الأوروبي (EPF) باعتباره الأداة الأولى للاتحاد الأوروبي لتعزيز مكانته كمزود أمن عالمي من خلال دعم الأهداف الأمنية لشركائه. تأسست كأداة خارج الميزانية تهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على منع النزاعات وبناء السلام وتعزيز الأمن الدولي ، وقد تطورت إلى عامل تمكين رئيسي للاتحاد الأوروبي لتولي دور أكثر عالمية.

على سبيل المثال، تم رفع السقف المالي لصندوق النقد الأوروبي مرتين منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية. في 13 مارس 2023، قرر الاتحاد الأوروبي زيادة السقف المالي لصندوق النقد الأوروبي إلى 7.979 مليار يورو حتى عام 2027. وأبرز جوانب صندوق الائتمان الأوروبي هو استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم العسكري والتدريب والمعدات للدول الشريكة ، وأفضل ما يتضح في دعمه لأوكرانيا. كما قدم الاتحاد الأوروبي تدريبات عسكرية إلى 30 ألف جندي أوكراني في عام 2023 واتفق  مؤخراً على إرسال مليون قذيفة ذخيرة إلى كييف.

**

3- أمن دولي- الناتو وأوروبا.. سياسية دفاعية جديدة

أحيت الأزمة الأوكرانية المناقشات داخل الاتحاد الأوروبي حول ضرورة انتهاج سياسات دفاعية أكثر ثقلاً، يمكنها مواجهة التحديات التي فرضتها الحرب على الأمن الأوروبي، أيضاً، تسعى أوروبا في الوقت ذاته إلى تقليل الاعتماد على الناتو، والتوجه نحو نظام عسكري وأمني أكثر استقلالية، وتعاوناً فيما بين الدول الأعضاء الـ(27)، لتدشين ذراع عسكرية على غرار الناتو.

يقول الخبير العسكري الإيطالي، جيورجيو باتيستي إن دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون تنفق على الدفاع بقدر ما تنفقه روسيا والصين مجتمعتين، ومع ذلك فهي تعتمد على الولايات المتحدة في عملياتها العسكرية، ويرجع هذا إلى عجز في القدرات يتبدى في نقص خطير في الموارد ومنظومات التسليح، وإلى غياب بنية مستقلة للتخطيط والتنسيق والقيادة.

الأزمة الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير 2022، غيرت كافة النظريات المتعلقة بالسياسات الخارجية والأمن لدى دول الاتحاد الأوروبي، مثلاً وافقت دول الاتحاد بالإجماع على عقوبات معوقة على روسيا، وتوفير الأسلحة والدعم الإنساني لأوكرانيا، وفي العديد من الحالات الإعلان عن توسعات كبيرة في ميزانيات الدفاع الوطني. ومع ذلك ، من غير الواضح ما إذا كان هذا الاستحقاق المرحب به للمسؤوليات سيمتد ليشمل إصلاحات أكبر للهياكل العسكرية الأوروبية المُشتتة وغير المنسقة، والتي تُسهم في افتقار القارة إلى القوة العسكرية.

تصريحات ماكرون.. أبعاد الاتجاه نحو الاستقلال الاستراتيجي

خلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام إلى الصين في 7 أبريل 2023، حرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حالة من الجدل، بعد تصريحات بشأن ميل أوروبا نحو سياسة الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة وتقليل التبعية، ما يعني أن أوروبا لديها سياسة جديدة أيضاً فيما يتعلق بالاعتماد على الناتو في مهام الدفاع المشترك. وقال ماكرون في تصريحات لصحيفة “لي إيكوس” الفرنسية، 9 أبريل 2023، إن أوروبا زادت من اعتمادها على الولايات المتحدة في الأسلحة والطاقة، ويجب أن تركز الآن على تعزيز الصناعات الدفاعية الأوروبية، مشيراً إلى أن “الاستقلال الاستراتيجي”، يجب أن يكون معركة أوروبا. مضيفاً: “لا نريد الاعتماد على الآخرين في الموضوعات الحرجة. في اليوم الذي لم يعد لديك فيه خيار في شأن الطاقة أو كيفية الدفاع عن نفسك أو الشبكات الاجتماعية أو الذكاء الاصطناعي، لأنه لم يعد لدينا الأساس في شأن هذه الموضوعات، سيتم استبعادك من التاريخ خلال لحظة.”أمن أوروبا الأزمة الأوكرانية، أي دور لِفرنسا؟

وفي تصريحات سابقة لماكرون عام 2019، هاجم الناتو وقال إنه في “حالة موت دماغي”، أيضاً دعت فرنسا في وقت سابق لتدشين قوة عسكرية أوروبية موحدة، من أجل تقليل الاعتماد على الناتو، لكن هذا الاقتراح لقي اهتمام حقيقي من جانب غالبية أعضاء الاتحاد الأوروبي في أعقاب الأزمة الأوكرانية، وما ترتب عليها من زيادة التحديات الأمنية والعسكرية وكذلك التهديدات التي تواجه أوروبا.

سياسة الدفاع المشترك لدى دول الاتحاد الأوروبي

سياسة الأمن والدفاع المشتركة (: The Common Security and Defence Policy CSDP)‏ هي مسار عمل الاتحاد الأوروبي في مجالات الدفاع وإدارة الأزمات، وهي مكون رئيسي في السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي.

تتضمن سياسة الأمن والدفاع المشتركة نشر مهام عسكرية أو مدنية للحفاظ على السلام ومنع الصراع وتعزيز الأمن الدولي وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة. تُنفذ المهام العسكرية من قبل قوات الاتحاد الأوروبي المنشأة بإعارة من القوات المسلحة للدول الأعضاء. تنطوي سياسة الأمن والدفاع المشتركة أيضًا على دفاع جماعي عن النفس بين الدول الأعضاء بالإضافة إلى تعاون منظم دائم إذ يسعى 25 من 27 من القوات المسلحة الوطنية إلى التكامل الهيكلي. يتكون هيكل سياسة الأمن والدفاع المشتركة -الذي يرأسه الممثل السامي للاتحاد، جوزيف بوريل، والذي يشار إليه أحيانًا باسم اتحاد الدفاع الأوروبي فيما يتعلق بالتطور المحتمل باعتباره الذراع الدفاعية للاتحاد الأوروبي.أمن دولي ـ تداعيات الأزمة الأوكرانية على سياسات أوروبا الدفاعية

وفقاً للتطورات الراهنة، سيكون التحدي الأمني الأوروبي الرئيسي في السنوات المقبلة هو تعزيز الردع ضد روسيا مع الاحتفاظ بالقدرة على مواجهة التهديدات الأخرى، لذلك يبرز دور الناتو باعتباره المنظمة التي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل تحقيق نتائج أفضل للجانب الأوروبي، لأنه لا يوجد بديل قابل للتطبيق لهيكل قيادته المتكامل.

هل أوروبا قادرة على تشكيل جيش أوروبي موحد؟

أعلنت دول الاتحاد الأوروبي في مارس 2022، أنها سمحت بتشكيل قوة “انتشار سريع” قوامها (5000) فرد، مستقلة عن الناتو، وهي خطوة في الأشغال قبل نزاع أوكرانيا بفترة طويلة). ولكن أثناء مناقشة هذا التطور، سارع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى استبعاد أي خطوات أكثر جرأة: “لا نريد إنشاء جيش أوروبي” ، على حد قوله. “الأمر لا يتعلق بإنشاء جيش أوروبي”.

يأتي موضوع تشكيل جيش أوروبي موحد، ضمن طموحات أوروبا، القومية بتأمين أمنها القومي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد، وفي أعقاب تهديدات إدارة ترامب، برفع الحماية في حالة عدم تصعيد دول أوروبا إلى انفاقها العسكري.

سيوفر إنشاء الاتحاد الأوروبي لجيش أوروبي موحد درجة من الاستقلال الأمني عن الولايات المتحدة – والأهم من ذلك كله ، بالنظر إلى الاتجاهات السياسية الأخيرة في أمريكا. كان للاعتماد المفرط على الحماية الأمريكية آثار سلبية على الاتحاد الأوروبي.

وضعت (IRIS)، وهي مؤسسة فكرية فرنسية ، النقطة بصدق شديد في دراسة عام 2020، قالت إن “الاتحاد الأوروبي غير قادر على حماية مواطنيه أو حماية نفسه كوحدة سياسية” ، كما قال ، “وحتى أقل قدرة على الدفاع عن نفسه باعتباره الفاعل الجيوسياسي “. أنجريت كرامب كارينباور، وزيرة دفاع ألمانيا آنذاك، قدمت حجة مماثلة في نفس العام: “بدون القدرات النووية والتقليدية لأمريكا ، لا تستطيع ألمانيا وأوروبا حماية أنفسهما. هذه هي الحقائق الواضحة “.

وتبقى هذه التقييمات صحيحة بعد ذلك بعامين. عندما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانتقال إلى أوكرانيا، لم يبدُ إعجابه أو قلقه من القوات العسكرية للاتحاد الأوروبي. كما لاحظ العديد من الاستراتيجيين، في حين كان قلقًا في الغالب بشأن القوة الأمريكية. حتى أعضاء الاتحاد الأوروبي كامل العضوية مثل فنلندا والسويد يقلبون الآن عقودًا من عدم الانحياز العسكري ويسعون للانضمام إلى الناتو، مدركين أن الاتحاد الأوروبي العضوية وحدها لا توفر حماية كافية من العدوان الروسي.

ما هي حاجة الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء جيش خاص ؟

تطرقت صحيفة “أرغومينتي أي فاكتي” إلى ما يطرحه الخبراء من أن الاتحاد الأوروبي يريد إنشاء جيش خاص به، مشيرة إلى أن دول الاتحاد لا تريد زيادة تمويل قواعد الناتو وعديده.

جاء في مقال الصحيفة: يعتقد الخبراء أن الاتحاد الأوروبي ينوي إنشاء جيش خاص به، لأنه لا يريد تلبية الطلبات بزيادة نسبة تمويل قواعد الناتو وعديد وحداته. كما أفادت  صحيفة “تايمز” البريطانية،  إلى أن أعضاء الاتحاد قرروا العودة إلى هذا الموضوع بعد قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد. وقد بادر رئيس الوزراء التشيكي بوغوسلاف سوبوتكا بطرح هذه القضية، التي طرحها قبله سياسيو ألمانيا وإيطاليا.جيش أوروبي موحد ـ هل أوروبا قادرة على تشكيله، وهل سيكون بديلا للناتو ؟بقلم جاسم محمد

قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مدريد

تمثل قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) المنعقدة يومي 29 و30 حزيران/يونيو 2022 في مدينة مدريد الإسبانية لحظة تاريخية للتحالف عبر الأطلسي. تبنت هذه القمة المنعقدة في مدريد على أول قمة حضرها الرئيس الأمريكي جو بايدن بتاريخ 14 يونيو 2021 والقمتين الاستثنائيتين بتاريخ 25 فبراير 2022 و24 مارس 2022 ردا على حرب روسيا على أوكرانيا، مفهوم استراتيجي جديد، حيث صادق قادة الحلفاء على المفهوم الاستراتيجي القادم لحلف الناتو، وهو التحديث الأول منذ العام 2010 لهذه الوثيقة العامة الرئيسية التي تحدد كيفية تعامل الحلف مع التهديدات والتحديات في بيئته الأمنية في السنوات القادمة. ويحدد المفهوم الاستراتيجي الجديد تحول الناتو تماشياً مع أجندة الحلف 2030 التي تم تبنيها في قمة العام 2021.

إعلان التعاون المشترك بين الإتحاد الأوروبي والناتو 2023

وقع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إعلاناً مشتركاً في بروكسل للتعاون في 10 يناير 2023، وأدانوا بأشد العبارات العدوان الروسي على أوكرانيا وكرروا دعمهم الثابت للبلاد. حدد الإعلان رؤية مشتركة لكيفية عمل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي معًا ضد التهديدات الأمنية المشتركة.

التوقعات تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي والناتو يوسعان تعاونهما ويعمقانه في مجالات مثل: المنافسة الجيواستراتيجية المتزايدة، المرونة، وحماية البنية التحتية الحيوية، التقنيات الناشئة، والأثار الأمنية لتغير المناخ، والتلاعب بالمعلومات الأجنبية والتدخل نظراً لأن التهديدات والتحديات الأمنية التي تواجهها الدول الأوروبية. وقد سبق هذا الاتفاق، الإعلان المشترك بين الاتحاد الأوروبي والناتو في 10 يوليو 2018 ، وقع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إعلاناً مشتركاً، وضع رؤية مشتركة لكيفية عمل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي معاً ضد التهديدات الأمنية المشتركة.أمن دولي ـ التعاون ما بين الاتحاد الأوروبي والناتو.. القدرات والتحديات (ملف)

المحرك الفرنسي الألماني

احتفلت فرنسا وألمانيا بالذكرى الـ (60) لمعاهدة الصداقة بين البلدين في 22 يناير 2023، وسط توقعات متفائلة لتحسن العلاقات المتوترة بينهما، حيث أكد المستشار الألماني أولاف شولتس خلال احتفال ترأسه إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمناسبة في جامعة السوربون في باريس أن “مستقبل” أوروبا يعتمد على “المحرك” الفرنسي – الألماني.

وقال إن “المستقبل، على غرار الماضي، يعتمد على التعاون بين بلدينا كمحرك لأوروبا موحدة”، واصفاً “المحرك الفرنسي-الألماني” بأنه “آلية تسوية” تتيح “تحويل الخلافات والمصالح المتباينة إلى عمل متطابق”.

**

تقييم وقراءة مستقبلية

من الواضح أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد عكست بالفعل جزء من السياسة التي تسعى أوروبا إلى اعتمادها في المستقبل القريب مع الولايات المتحدة تتسم بدرجة عالية من الاستقلالية والبعد عن التبعية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمناطق الصراع الدولي بين الولايات المتحدة والصين وفي مقدمتها أزمة تايوان.

كانت أوروبا ماضية في مشروع استقلال أوروبا عن الولايات المتحدة في أعقاب الخلافات بين الأطلسي خاصة خلال زمن الرئيس الأمريكي السابق ترامب والذي فرض ان يكون النفاق العسكري لدول أوروبا 2% من الناتج الوطني وتواجه أوروبا و واشنطن الكثير من المشاكل حول الحمائية التجارية.

جاءت حرب أوكرانيا لتقضي على طموحات أوروبا ب الاستقلال عن أمريكا في مجال الدفاع، رغم كانت التقديرات تشير انها طموحات أكثر من حقيقة لكي تستطع أوروبا حماية نفسها. جرت حرب أوكرانيا أوروبا أكثر نحو أمريكا باستنزاف قدراتها الاقتصادية والعسكرية ماعدا سحبها من اي تقارب مع موسكو وهذا ما حصل بالفعل.

تعليقات ماكرون لم تأتي من فراغ، هي شعور قومي لدى أوروبا بان تخرج من الحماية الأمريكية لما لذلك من تبعات أمنية خاصة في مجال نشر السلاح النووي وجر أوروبا في حروب لا غنى عنها، وكانت ألمانيا سبق لها ان أدركت ما ذهب إليه ماكرون، وكانت هناك زيارات متبادلة ما بين الصين وألمانيا.

تجد أوروبا في الصين لاعب أكبر في الأمن الدولي، ومخرج لأزماتها الأقتصادية. ومن المرجح ان تبتعد أوروبا من اي تحالف عسكري مع أمريكا ضد الصين بعد تجربتها الصعبى في أوكرانيا

لا ترغب أوروبا في الوقت الراهن بتحمل أعباء إضافية لأزمات أو حروب محتملة بين الولايات المتحدة والصين، أو حتى تبعات المشاحنات السياسية بينهم، لأن غالبية الدول الأوروبية تعاني في الوقت الراهن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي نتيجة تبعات الأزمة في أوكرانيا وما نتج عنها من تداعيات سلبية وأزمات بمختلف المستويات.

تسعى أوروبا لحماية نفسها من الإنجرار خلف السياسات الأمريكية التي ربما تعزز بيئة الصراع مع بكين في الوقت الراهن، وإن كانت غالبية التقدير تؤكد عدم انزلاق الصراع بين بكين وواشنطن لمستوى الحرب، إلا أن حالة التجاذب والتوتر الراهن بين البلدين ربما تدفع للكثير من العواقب السلبية، تحاول أوروبا تجنبها بالوقوف على سياسة الحياد والتزام المسافة الواحدة من بكين وواشنطن.

**

هناك مجموعة من الأهداف المشتركة تربط التحالف الراهن بين الاتحاد الأوروبي والناتو، في الوقت الراهن أهمها على الإطلاق هو مواجهة التحديات المشتركة التي تفرضها الحرب الروسية الأوكرانية.

ليس من الوارد تقليل أو فك الارتباط بين الاتحاد الأوروبي والناتو في الوقت الراهن، حتى مع التوجه الأوروبي الواضح نحو بناء استراتيجية مستقلة للعمل على تحقيق الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة ولعب أدوار منفصلة وبعيدة عن التبعية الأمريكية.

تعتمد أوروبا في الوقت الراهن بشكل كبير على منظومة الدفاع التي يوفرها حلف شمال الأطلسي كأحد أهم آليات الردع للتهديدات الروسية المحتملة في ضوء استمرار الأزمة الأوكرانية وتصاعد التوتر بين المعسكرين الروسي والغربي.

بعيداً عن الأزمة الأوكرانية تسعى أوروبا للنأي بنفسها بعيداً عن الصراعات التي تقودها الولايات المتحدة، ولا ترغب في أن تدخل طرفاً جديداً بدائرة الصراع، وربما يبدو ذلك واضحاً في التزام سياسة الحياد النسبي أوروبياً اتجاه التوترات التي يشهدها تايوان وبحر الصين الجنوبي.

في ضوء الأزمة الأوكرانية تعاظمت الحاجة الأوروبية إلى تطبيق مشروع “الاستقلال الاستراتيجي” الذي جددته فرنسا في عام 2021، والذي يستهدف إلى جعل الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية مستقلة قادرة على لعب دور جيوسياسي مختلف، وهو أمر سينعكس إلى حدِ كبير على تعزيز قدرات الحلف العسكرية وتغيير خريطة انتشاره الجغرافية.

**

دفعت الأزمة الأوكرانية وما نتج عنها من تهديدات حقيقة لأوروبا، دول الاتحاد إلى تسريع الخطوات نحو تدشين قوة عسكرية مشتركة من شأنها تحقيق الدفاع المشترك لكافة الدولة ومواجهة المخاطر والتهديدات الروسية، بعدياً عن الحاجة الملحة للاعتماد على حلف شمال الأطلسي (الناتو) كذراع عسكري وحيد لأوروبا.

يبدو التوجه الأوروبي نحو سياسة “الاستقلال الاستراتيجي”، أكثر حضوراً في الوقت الراهن، كأحد أهم التداعيات الناتجة عن الحرب الأوكرانية، خاصة أن أوروبا لديها طموحات قديمة تتعلق بتخفيض الاعتماد وربما التبعية على الجانب الأمريكي والنأي بنفسها من أي صراعات محتملة في المستقبل القريب، كحليف للولايات المتحدة.

لاتزال أوروبا مشتتة حول تدشين قوة عسكرية موحدة، حتى الوقت الراهن وبرغم نجاح تدشين قوة مشتركة للانتشار السريع، في 2022، لكن تدشين الجيش الموحد لايزال خطوة قيد الدراسة من جانب الدول الأوروبية ربما ستواجه بعض المشكلات يأتي في مقدمتها الأزمة الاقتصادية، فضلاً عن فقدان بيئة التفاهمات المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي.

تبقى التهديدات الأمنية التي تواجه دول الاتحاد هي المحرك الرئيسي لتسريع الخطوات نحو تدشين جيش أوروبي موحد، بعيداً عن السيطرة العسكرية الأمريكية، وما يترتب عليها من فرض تبعية غير مرحب بها من دول الاتحاد الأوروبي.

**

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=87968

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

هوامش

Europe must resist pressure to become ‘America’s followers,’ says Macron

https://bit.ly/40EIdkr

Macron sparks anger by saying Europe should not be ‘vassal’ in US-China clash

https://bit.ly/3mYiNR0

Analysis: Macron’s aim of EU unity on China undone by trip fallout

https://bit.ly/40DSddm

تصريحات ماكرون.. هل تتسبب بتوتر العلاقات عبر الأطلسي؟

https://bit.ly/3NiqSe5

Macron on Taiwan: ‘An ally not a vassal’, says France leader

https://bit.ly/41WRzZD

France seeks to reassure Taiwan over Macron’s contriversial remarks

https://bit.ly/40IW7lf

**

Launch of the EU-NATO Task Force: Strengthening our resilience and protection of critical infrastructure

http://bitly.ws/DuYA

الناتو وبروكسل يعلنان تأسيس قوة مشتركة لحماية البنى التحتية الأوروبية الأساسية

http://bitly.ws/Dv3a

أوروبا والناتو يدشنان قوة لحماية البنية التحتية المهمة

http://bitly.ws/Dv3t

Relations with the European Union

http://bitly.ws/B9kX

Relations with the European Union

http://bitly.ws/B9kX

Era of peace for Europe has ended. Future depends on how it deepens its ties with NATO

http://bitly.ws/DvhY

**

 

The European Union needs its own army

http://bitly.ws/Dzzb

European Commission welcomes first operational steps towards a European Defence Union

http://bitly.ws/DzAI

The European Union needs its own army

http://bitly.ws/Dzzb

أمن دولي ـ التعاون ما بين الاتحاد الأوروبي والناتو.. القدرات والتحديات (ملف)

http://bitly.ws/DzCt

جيش أوروبي موحد ـ هل أوروبا قادرة على تشكيله، وهل سيكون بديلا للناتو ؟بقلم جاسم محمد

http://bitly.ws/DzCy

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...