الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ ما حقيقة القطب الثالث الأوروبي؟ الواقع والطموحات. بقلم رشا عمار

ماكرون
أبريل 29, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

بون ـ رشا عمار، باحثة بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

أمن دولي ـ ما حقيقة القطب الثالث الأوروبي؟ الواقع والطموحات

فتحت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 أبريل 2023،  تزامناً مع زيارته إلى بكين، حول أهمية التحلل من التبعية الأوروبية تجاه الولايات المتحدة ورغبة الدول الأوروبية بالسير نحو نمط أكثر استقلالية عن أمريكا، خاصة في القضايا المحورية التي تمثل محور توتر بين واشنطن وبكين مؤخراً وفي مقدمتها الصراع حول السيادة في بحر الصين الجنوبي، وتايوان، فتحت الباب واسعاً أمام العديد من السيناريوهات حول مستقبل التعاون الأمريكي الأوروبي، وأيضاً طموح أوروبا نحو تدشين قطب ثالث في إطار إعادة بناء القوى الدولية في عالم متعدد الأقطاب.

وقال ماكرون في مقابلة  صحيفة “ليز ايكو” الفرنسية، نشرت يوم 9 أبريل 2023، خلال زيارته إلى الصين التي استمرت ثلاثة أيام من يوم  7 إلى 9 أبريل 2023،  إن “أسوأ شيء هو الاعتقاد بأن علينا نحن الأوروبيين أن نصبح تابعين في هذا الموضوع وأن نتأقلم مع الإيقاع الأمريكي أو رد فعل صيني مبالغ فيه”. وأضاف ماكرون إنه ينبغي على أوروبا تجنب الوقوع في فخ التورط في أزمة أجنبية، مشيراً إلى أن أوروبا واجهت خطر أن تصبح تابعا بين الولايات المتحدة والصين، في حين أنه بإمكانها أن تصبح بدلاً من ذلك قطبا ثالثاً.

ماكرون يرفض تبعية أوروبا لواشنطن أو بكين 

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الخطر الكبير” الذي تواجهه أوروبا هو أنها “عالقة في أزمات ليست من أزماتنا ، مما يمنعها من بناء استقلاليتها الاستراتيجية”. وأشار إلى أن “المفارقة هي أنه، إذا تم التغلب عليها بالذعر، نعتقد أننا مجرد أتباع لأمريكا”. “السؤال الذي يتعين على الأوروبيين الإجابة عليه، هل من مصلحتنا تسريع أزمة في تايوان؟ لا.

على الرغم من الانتقادات، التزم إيمانويل ماكرون بتعليقاته بشأن تايوان خلال زيارة لهولندا في 11 أبريل 2023. وقال ماكرون في مؤتمر صحفي في أمستردام مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته “أن تكون حليفاً لا يعني أن تكون تابعاً، لا يعني أنه ليس لدينا الحق في التفكير بأنفسنا”، ومع ذلك ، سعى الرئيس الفرنسي إلى التهدئة حيث أكد أن “فرنسا تؤيد الوضع الراهن في تايوان” ، مضيفاً أن باريس “تدعم سياسة صين واحدة والبحث عن حل سلمي للوضع”. أمن دولي المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو وتأثيره على الأمن الدولي (ملف)

انقسام وغضب أوروبي

التصريحات التي أُعتبرت إعلان صريح عن بداية مرحلة جديدة للسياسيات الخارجية الأوروبية خاصة فيما يتعلق بملفات التعاون مع الولايات المتحدة، أثارت حالة كبيرة من الجدل والانقسام داخل الاتحاد الأوروبي. ظهر التباين الأوروبي جلياً في تعليقات السياسيين الألمان، أمثال وربرت روتغن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني بوندستاغ عن الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض، الذي وصف تصريحات ماكرون بـ “كارثة في السياسة الخارجية بالنسبة لأوروبا”، بينما دافع زعيم الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتزينيتش، عن إيمانويل ماكرون.

قال نوربرت روتغن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني بوندستاغ عن الحزب المسيحي الديمقراطي (معارضة) على “تويتر” إن ماكرون “استطاع تحويل زيارته إلى الصين إلى انقلاب في العلاقات العامة لصالح الرئيس الصيني شي، وإلى كارثة في السياسة الخارجية بالنسبة لأوروبا”. وأضاف أن الرئيس الفرنسي “يعزل نفسه بشكل متزايد في أوروبا”.

ووصف رينهارد بوتيكوفر، عضو البرلمان الأوروبي، زيارة ماكرون للصين بأنها “كارثة كاملة”. وقال إن “حلم ماكرون المتمثل في الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي والتحول إلى قوة عظمى ثالثة كان بعيداً “. وأضاف أن رئيسة المفوضية الأوروبية ، أورسولا فون دير لاين ، أظهرت “بديلاً أفضل” حين قالت إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إعادة تقييم علاقاته مع الحكومة الصينية التي عززت “سياسات التضليل والإكراه الاقتصادي والتجاري”. دفع هذا النقد المسؤولين والدبلوماسيين الفرنسيين إلى التأكيد على أن ماكرون لم يقترح أن تكون أوروبا على مسافة جيوسياسية متساوية من واشنطن وبكين ، ببساطة أن مصالح أوروبا ستختلف أحيانًا عن مصالح الولايات المتحدة. ملف: أزمة أوكرانيا  تأثيرها على مستقبل علاقات أوروبا الخارجية

بينما من جهة أخرى، دافع بعض الساسة الأوروبين عن ماكرون، وأكدوا أهمية “الاستقلال الاستراتيجي” عن الولايات المتحدة خاصة في القضايا التي تتعلق بالتوترات المشتركة بين واشنطن وبكين وفي مقدمتها أزمة تايوان. وعبر زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا رولف موتسنيش عن دعمه لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص النزاع في تايوان.

وقال موتسنيش “علينا الحرص على أن لا نكون طرفاً في نزاع كبير بين الولايات المتحدة والصين. على أوروبا أن تحاول قدر الإمكان لعب دور خاص بها وليس كتابع للولايات المتحدة في المنطقة” وأكد موتسنيش يوم12 أبريل 2023 في برنامج (Morgenmagazin) على القناة الألمانية الأولى (ARD) أن “ماكرون على حق”.

غضب أمريكي

أثارت تصريحات ماكرون ردود فعل أمريكية غاضبة، وحالة من الجدل حول ما إذا كانت تعبر عن أوروبا بوجه عام، أم أنها وجهة نظر أحادية لدى الرئيس الفرنسي، مثلاً قال السناتور الجمهوري الأمريكي ماركو روبيو، عبر منشور له على “تويتر” إنه إذا تحدث ماكرون نيابة عن أوروبا بأكملها، فيجب على الولايات المتحدة أن تفكر في تركيز سياستها الخارجية على احتواء الصين وترك أوروبا للتعامل مع الحرب في أوكرانيا.

وقال روبيو، الذي خسر ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة لدونالد ترامب في عام 2016، إنه يؤيد المساعدة الأمريكية لأوكرانيا ، لكن إذا كانت أوروبا ستختار جانباً على تايوان، فسيتعين إعادة التفكير: “ربما ، يجب أن نقول أساسًا أننا سنركز على تايوان والتهديدات التي تشكلها الصين، وأنتم يا رفاق تتعاملون مع أوكرانيا وأوروبا “. ويبدو أن التعليقات غير المفيدة للرئيس الفرنسي ستقوض الردع الأمريكي والياباني ضد الصين في غرب المحيط الهادئ، بينما تشجع السياسيين الأمريكيين الذين أرادوا تقليص الالتزامات الأمريكية في أوروبا.

تصريحات ماكرون.. هل تتسبب بتوتر العلاقات عبر الأطلسي؟

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي بشأن استقلالية أوروبا فيما يتعلق بتعاملها مع الصين، الجدل، بيد أن محللين يعتقدون إن قادة التكتل يشاركونه الرأي، لكنهم لا يفصحون عن ذلك على الأقل في الوقت الحالي، للحفاظ على العلاقة مع واشنطن. لكن خلال خطابه حول “مستقبل أوروبا” في هولندا يوم 11 أبريل 2023، ظل ماكرون هادئاً ومحافظاً على رباطة جأشه إلى حد كبير إذ لم يعر الكثير من الاهتمام للتداعيات التي أثارتها المقابلة الصحافية النارية التي تحدث فيها عن رفض “تبعية” أوروبا لواشنطن أو بكين في ملف تايوان.

أصيب من توقعوا أن يتحدث الرئيس الفرنسي باستفاضة عن ردود الفعل الغاضبة حيال تصريحاته حول حاجة أوروبا إلى الاستقلالية عن الولايات المتحدة في التعامل مع الصين، بخيبة أمل. ورغم أن ماكرون وغيره من قادة  الاتحاد الأوروبي  قد ألمحوا إلى حاجة أوروبا إلى “استراتيجية مستقلة” على الساحة العالمية، إلا أن كثيرين أخذوا عليه أن اختيار كلماته في المقابلة مع “ليزيكو” لم يكن موفقاً بالنظر إلى دور الولايات المتحدة كأكبر داعم لأوكرانيا في مواجهة القوات الروسية.

ويرى جيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الجدل الذي أثارته مقابلة ماكرون مع “ليزيكو” لا يعني أن ماكرون كان مخطئاً، وأضاف “أعتقد أن الغالبية العظمى من الزعماء الأوروبيين يتفقون على الرغبة في الحفاظ على بعض الاستقلالية عن الولايات المتحدة حيال العلاقة الأوروبية مع الصين، لكن في الواقع فإن تايوان مشكلتهم الحقيقية”. ورغم هذا الاتفاق الضمني مع تحدث عنه ماكرون في المقابلة، إلا أن شابيرو أوضح أن المشكلة تكمن في أن ماكرون أفصح عن ذلك علناً ومن دون استشارة حلفائه في الاتحاد الأوروبي خاصة وأن المقابلة تزامنت مع زيارة رفيعة المستوى قام بها ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى بكين. وأضاف أن هذا الأمر أعطى انطباعاً بأن ماكرون كان يتحدث نيابة عن الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن تعليقات الرئيس الفرنسي  تسببت في مشكلة لحلفاء فرنسا، إذ ألمح السيناتور الأمريكي روبيو إلى أنه إذا لم يعتبر الاتحاد الأوروبي تايوان قضيته، فقد تتخذ بلاده نهجاً مشابهاً تجاه أوكرانيا. أمن دولي ـ التعاون ما بين الاتحاد الأوروبي والناتو.. القدرات والتحديات (ملف)

تقييم وقراءة مستقبلية

إن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد عكست بالفعل جزء من السياسة التي تسعى أوروبا إلى اعتمادها في المستقبل القريب مع الولايات المتحدة تتسم بدرجة عالية من الاستقلالية والبعد عن التبعية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمناطق الصراع الدولي بين الولايات المتحدة والصين وفي مقدمتها أزمة تايوان.

كانت أوروبا ماضية في مشروع استقلال أوروبا عن الولايات المتحدة في أعقاب الخلافات بين الأطلسي خاصة خلال زمن الرئيس الأمريكي السابق ترامب والذي فرض أن يكون النفاق العسكري لدول أوروبا (2%) من الناتج الوطني، وتواجه أوروبا وواشنطن الكثير من المشاكل حول الحمائية التجارية.

جاءت حرب أوكرانيا لتقضي على طموحات أوروبا في الاستقلال عن أمريكا في مجال الدفاع، رغم كانت التقديرات تشير أنها طموحات أكثر من حقيقة لكي تستطع أوروبا حماية نفسها. جرت حرب أوكرانيا أوروبا أكثر نحو أمريكا باستنزاف قدراتها الاقتصادية والعسكرية ما عدا سحبها من أي تقارب مع موسكو وهذا ما حصل بالفعل.

تعليقات ماكرون لم تأتي من فراغ، هي شعور قومي لدى أوروبا بان تخرج من الحماية الأمريكية لما لذلك من تبعات أمنية خاصة في مجال نشر السلاح النووي وجر أوروبا في حروب لا غنى عنها، وكانت ألمانيا سبق لها أن أدركت ما ذهب إليه ماكرون، وكانت هناك زيارات متبادلة ما بين الصين وألمانيا.

تجد أوروبا في الصين لاعب أكبر في الأمن الدولي، ومخرج لأزماتها الأقتصادية. ومن المرجح أن تبتعد أوروبا من أي تحالف عسكري مع أمريكا ضد الصين بعد تجربتها الصعبة في أوكرانيا.

لا ترغب أوروبا في الوقت الراهن بتحمل أعباء إضافية لأزمات أو حروب محتملة بين الولايات المتحدة والصين، أو حتى تبعات المشاحنات السياسية بينهم، لأن غالبية الدول الأوروبية تعاني في الوقت الراهن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي نتيجة تبعات الأزمة في أوكرانيا وما نتج عنها من تداعيات سلبية وأزمات بمختلف المستويات.

تسعى أوروبا لحماية نفسها من الإنجرار خلف السياسات الأمريكية التي ربما تعزز بيئة الصراع مع بكين في الوقت الراهن، وإن كانت غالبية التقدير تؤكد عدم انزلاق الصراع بين بكين وواشنطن لمستوى الحرب، إلا أن حالة التجاذب والتوتر الراهن بين البلدين ربما تدفع للكثير من العواقب السلبية، تحاول أوروبا تجنبها بالوقوف على سياسة الحياد والتزام المسافة الواحدة من بكين وواشنطن.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=87958

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

هوامش

Europe must resist pressure to become ‘America’s followers,’ says Macron

https://bit.ly/40EIdkr

Macron sparks anger by saying Europe should not be ‘vassal’ in US-China clash

https://bit.ly/3mYiNR0

Analysis: Macron’s aim of EU unity on China undone by trip fallout
https://bit.ly/40DSddm

تصريحات ماكرون.. هل تتسبب بتوتر العلاقات عبر الأطلسي؟
https://bit.ly/3NiqSe5

Macron on Taiwan: ‘An ally not a vassal’, says France leader
https://bit.ly/41WRzZD

France seeks to reassure Taiwan over Macron’s controversial remarks
https://bit.ly/40IW7lf

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...