الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف – دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. بقلم داليا عريان

الأمم المتحدة
مارس 11, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا

بون ـ  إعداد: داليا عريان ـ  باحثة في المركز الأوروبي

محاربة التطرف – دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية

يبرز دور منظمة الأمم المتحدة في وضع آليات لمكافحة الإرهاب والتطرف عالمياً، لاسيما وأن قضية الإرهاب باتت ظاهرة عالمية عابرة للحدود ولا تقف تأثيراتها عند حدود دولة بعينها في ظل الانفتاح الاقتصادي والثقافي بين مختلف دول العالم، وسهولة تبادل المعلومات والاتصالات في ضوء التحولات التكنولوجية الحديثة التي تشهدها المجتمعات على مدار العقود الأخيرة، لذا تصبح مسؤولية معالجة عوامل انتشار التطرف ومنع تمدده عبر الحدود بعد اندلاع صراعات مسلحة وحروب في مختلف القارات مهمة رئيسية أمام الأمم المتحدة لتعزيز جهود المؤسسات الوطنية في محاربة التنظيمات الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها ومراقبة الوسائل التي تلجأ إليها في تجنيد الأفراد.

العولمة وعلاقتها بالإرهاب

منذ تسعينيات القرن الماضي تضاءلت المسافات بين دول العالم بتطور وسائل التواصل وتبادل المعلومات بعد الاتجاه نحو الانفتاح على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولم تنعكس ملامح ظهور العولمة على الجوانب السياسية والاقتصادية فقط بل امتدت إلى أبعد من ذلك لتصل إلى معدلات انتشار الإرهاب دولياً، ومن هنا نشأت علاقة طردية بين مدى انتشار العولمة ودرجة تمدد الإرهاب. وساهمت المتغيرات العالمية بداية من الثورة الصناعية والتحولات السياسية كحقبة الحرب الباردة وما تلتها من تغيرات جيوسياسية وصولاً إلى الثورة التكنولوجية في تحول الإرهاب لظاهرة دولية لسهولة انتشار الأفكار المتطرفة عبر مواقع التواصل التي استغلتها الجماعات المتطرفة كأداة لتجنيد عناصر من مختلف الدول لصفوفها.

ونشطت بعض الجماعات المتطرفة ما بين حقبتي الثمانينيات والتسعينيات مستغلة فترة الحرب بالوكالة التي تبنتها الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتي السابق وقتها عبر “الجهادين” الأفغان في أفغانستان، وتدريجياً ومع انهيار الاتحاد السوفيتي تمددت التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة بشكل أكبر حول العالم باستغلال الصراعات والنزاعات السياسية آنذاك.

تعد هجمات 11 سبتمبر 2001 دليلاً واضحاً على العلاقة الطردية بين العولمة وانتشار الإرهاب، نظراً لاستغلال منفذين الهجوم التطور العلمي والتكنولوجي في اختطاف (4) طائرات نقل مدني لتنفيذ مخططهم الإرهابي. وفي الوقت نفسه لعبت العولمة دوراً في محاربة الإرهاب بعد هذه الهجمات عبر تشديد الرقابة على أنشطة الجماعات المتطرفة في الفضاء الإلكتروني وعلى أرض الواقع عبر إجراءات حوكمة شبكة الإنترنت. وفي الآونة الأخيرة تزايدت المخاوف عالميا من تحول الفضاء الإلكتروني لساحة تطرف والتوسع في ممارسة ما يعرف بـ ” الإرهاب الإلكتروني “مع تزايد استخدام التنظيمات لشبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي في التنسيق بين عناصرها وتجنيد عناصر جديدة وبث المواد المتطرفة للانتشار الواسع لهذه الأدوات في نشر المعلومة وصعوبة مراقبتها.دور التعليم في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب ـ نموذج دولة الإمارات

اتفاقيات الأمم المتحدة

تعود جهود الأمم المتحدة في محاربة التطرف إلى ثلاثينيات القرن الماضي عبر اتفاقية جنيف لمنع الإرهاب لعام 1937 والتي استهدفت إجراءات لمنع الإرهاب ومعاقبة العناصر المتورطة بالإرهاب وتحقيق التعاون بين الدول في مواجهة الأنشطة المتطرفة. وبظهور مصطلح الإرهاب الدولي في نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات شددت الأمم المتحدة من استراتيجية الحد من التطرف، وفي عام 1963 وقعت الدول الأعضاء على اتفاقية طوكيو المتعلقة بالجرائم المرتكبة على متن الطائرات، وورد في التقرير الأممي لعام 1970 حول تنمية مبادئ العلاقات الودية مفهوم الإرهاب الدولي باعتباره من وسائل الإكراه بين دول العالم، بينما طرحت المنظمة الأممية مناقشات حول ظاهرة الإرهاب في 1972. واستمرت المفاوضات حول الاتفاقية المتعلقة بمكافحة الإرهاب حيث استهدفت اتفاقية نيويورك في 1979 محاربة الإرهاب وتحديداً الجرائم الخاصة باحتجاز الرهائن.

وعلى مدار عامين 1985 و1987 أصدرت الأمم المتحدة قرارين للتأكيد على أهمية التصدي لظاهرة الإرهاب بالتعاون بين الدول والإجراءات المشتركة. وناقش بروتوكول مونتريال 1988 أعمال العنف غير المشروعة في المطارات والمستهدفة للطائرات المدنية، وفي العام نفسه تم مناقشة اتفاقية إدانة القرصنة الدولية. وكانت اتفاقية مونتريال 1991 متعلقة بكشف المتفجرات البلاستيكية وسبل حظر تصنيعها. وفي 1997 طُرحت اتفاقية مكافحة العمليات الإرهابية بوساطة متفجرات، ووافقت الأمم المتحدة على تشكيل لجنة لصياغة اتفاقية شاملة خاصة بالإرهاب الدولي. وخلال عام 1999 وقُعت اتفاقية روما بشأن الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية واتفاقية منع تمويل الإرهاب.

وخلال العقدين الماضيين استمرت الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب بالموافقة على إدانة الأعمال الإرهابية في 2003، ومناقشة الاتفاقيات الدولية لمنع أعمال الإرهاب النووي في 2005، ليشدد الأعضاء في 2006 على ضرورة اعتماد البروتوكولات الدولية في محاربة التطرف، واعتمدت المنظمة في العام نفسه استراتيجية لمكافحة الإرهاب التي أصبحت نقطة تحول في المنهجية الأممية لمواجهة الإرهاب لتوافق الأعضاء على ضرورة تبني سياسة موحدة تدعم الدول في معالجة أسباب تمدد التطرف وإرساء القانون لمنع نشوب النزاعات المسلحة التي تعد سبباً رئيسياً لنمو التنظيمات المتطرفة. وفي 2015 كانت هناك محاولات لإنشاء مجموعة عمل لصياغة اتفاقية متعلقة بالإرهاب الدولي لم تكلل بالنجاح لعدم توافق الدول على تعريف موحد للتطرف والإرهاب.

قرارات مجلس الأمن

رغم غياب تعريف موحد للإرهاب، إلا أن انتشار الأعمال الإرهابية دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ عدة قرارات بشأن معاقبة مرتكبي الجرائم الإرهابية وإدراج بعض الكيانات على قوائم الإرهاب بدلاً من فرض عقوبات على الدول نفسها. وأقر في 1999 قرار (1267) تجميد أصول الأفراد والكيانات ذات الصلة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان ومنع تزويدهم بالأسلحة ما أدى لإنشاء لجنة لمباشرة تنفيذ القرار، وجاء قرار (1373)  عقب هجمات 11 سبتمبر بأيام للمطالبة بإعلان حزمة إجراءات لتجريم تمويل الإرهاب ودعمه بالمال أو توفير ملاذ آمن وإنشاء لجنة لمكافحة الإرهاب، ومن بعده تم اتخاذ قرارات (1526) و(1530) و (1535) لعام 2004 لدعم جهود الدول في محاربة التطرف ومتابعة تنفيذ قرار (1373). ودشن المجلس لجنة أخرى لمكافحة الإرهاب بقرار 1540 للحد من انتشار الأسلحة في يد التنظيمات المتطرفة إضافة إلى التوصية باتخاذ إجراءات ضد التنظيمات وإنشاء صندوق لتعويض ضحايا العمليات الإرهابية بموجب قرار (1566) .داعش في العراق ـ تقييم القدرات القتالية ومصادر التمويل

دور الإنتربول

يعتمد الإنتربول على جمع المعلومات وتحليلها لتحديد هوية التنظيمات المتطرفة ومصادر تمويلها، لتعطيل أنشطتها ومعاقبة المتورطين بتنفيذ عمليات إرهابية، خاصة وأن هذه الجماعات تلجأ إلى تجنيد مقاتلين أجانب وذئاب منفردة عبر المنصات الإلكترونية لتنفيذ هجمات إرهابية عابرة للحدود، ومن هنا تأتي أهمية الإنتربول في تعزيز التعاون بين أجهزة الاستخبارات حول العالم للكشف عن المخططات الإرهابية قبل حدوثها وملاحقة العناصر المرتبطة. ويعد الأنتربول أول منظمة دولية تعمل على تبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة والجيش بين الدول ما يربط بين التحقيقات والملاحقات القضائية، ويمكنهم من إيقاف العناصر المتطرفة أثناء تنقلهم بالكشف عن وثائق السفر الخاصة بالنشرات الزرقاء.

وتدعم المنظمة بناء قدرات الأجهزة المنوطة بملاحقة التنظيمات بأحدث التقنيات التكنولوجية وتسجيل البيانات البيومترية، لذا أقرت مبادرات لمتابعة تحركات الشبكات المتطرفة وتفكيكها عبر التعاون بين الهيئات الدولية والإقليمية المسؤولة عن مكافحة غسل أموال وتمويل الجماعات المتطرفة، وتحليل استخدام المتطرفين لشبكة الإنترنت وأكثر التطبيقات المستخدمة لتحديد الهوية ومناطق التواجد، ورفع وعي المؤسسات بخطورة المقاتلين الأجانب والعائدين إلى أوطانهم بعد التحاقهم بالتنظيمات، مع تبادل الأدلة الإلكترونية عبر الحدود بين الأجهزة الأمنية لمنع وقوع هجمات وتهريب مواد كيميائية ومتفجرات بين الدول ما يعزز من دور الإنتربول في الاستعداد للمواجهة والوقاية من تبعات تمدد الإرهاب.

دور اليوروبول

يعد اليوروبول هيئة مسؤولة عن تطبيق القانون الأوروبي، تعمل منذ مطلع التسعينيات على حفظ الأمن وتقديم الدعم للدول الأعضاء في التكتل الأوروبي بشأن مكافحة الإرهاب والتنسيق المشترك لتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية لتعقب مرتكبي الجرائم الإرهابية والتصدي لأي أعمال أخرى مخطط تنفيذها، وتدريجياً تطور هذا الدور المعلوماتي والاستخباراتي إلى مستوى سياسي يتعلق باتخاذ قرارات سياسية في إطار محاربة التطرف.

ويسعى اليوروبول إلى ضمان تنفيذ قانون الاتحاد الأوروبي وإزالة أي معوقات أمام جمع البيانات والحصول عليها والتأكد من تعاون جميع الأعضاء في مواجهة الإرهاب، إضافة إلى تقديم المشورة والحلول لمواكبة تطورات العولمة وما تبعتها من أدوات حديثة تلجأ لها الجماعات المتطرفة في نشر أفكارها. وأكد يوروبول في 13 يوليو 2022، أن الإرهاب مازال يشكل خطرا على الاتحاد لاندلاع الحرب الأوكرانية وانتشار الدعاية عبر الإنترنت خلال جائحة كورونا رغم انخفاض معدل العمليات الإرهابية، الأمر الذي دفع (17) دولة للاجتماع مع وكالة يوروبول، في 21 فبراير 2023، لمناقشة سبل منع وصول المواد الكيميائية إلى أيدي الجماعات الإرهابية، ما دفع القائمون على هذه المهمة بحذف المحتوى الإلكتروني الخاص بتصنيع واستخدام هذه المواد.الجهاديون- مصادر التمويل من داخل أوروبا !

التقييم

رغم ما قدمته منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في ملف محاربة التطرف، لكن هناك ثلاث عوائق بشأن تطوير هذه الخطوات وجعلها أكثر فعالية وتأثيراً، ويتضمن العائق الأول غياب مفهوم الإرهاب الدولي وعدم توافق دول العالم على تعريف موحد، ما يحمل خطورة لأن عدم حسم هذا الأمر حتى الآن رغم تطور عمليات وأدوات التنظيمات المتطرفة واستهدافها كافة دول العالم، يجعل هذه المنظمات أمام حيرة في وضع الطرق المناسبة لمكافحة الأفكار المتطرفة والتوافق على إدراج  بعض الكيانات والتنظيمات على قوائم الإرهاب، لذا تصبح الإجراءات المعلنة بشأن محاربة التطرف ذات تأثير محدود لإغفالها في بعض الأحيان مؤسسات وأشخاص ذات صلة بتنظيمات متطرفة.

ويتمثل العائق الثاني، في تطور الإرهاب الرقمي وانتشار الدعاية المتطرفة بشكل أوسع بين دول العالم ما يصعب المسألة على المسؤولين والمؤسسات المنوطة بملاحقة التنظيمات المتطرفة وتشديد الرقابة على المنصات الإلكترونية.

ويرتكز العائق الثالث على انتشار ظاهرتي المقاتلين الأجانب والذئاب المنفردة وسهولة استقطاب التنظيمات لعناصر جديدة لها وتنفيذ عملياتها دون الانتقال إلى الدولة المستهدفة، لذا يصبح الكشف عن المدبرين الرئيسيين للعمليات وتحديث أدوات الملاحقة ومراقبة المحتوى المتطرف صعباً ويتطلب وقتاً.

وربما كان العالم أكثر تحفظا في التعامل مع ملف محاربة التطرف طوال عقود القرن الماضي، وتدريجيا تغيرت الرؤية وبالنظر إلى اهتمام العالم لمحاربة التطرف، نجد أنه مر بأربع مراحل: –

  • المرحلة الأولى “الإقرار بالمشكلة” بدأت مع تسعينيات القرن الماضي بإقرار المؤسسات الدولية بعض الإجراءات وبداية مناقشة خطورة المشهد العالمي بعد تشابك مفهوم الإرهاب مع العولمة.
  • المرحلة الثانية ” مواجهة حذرة ” بعد هجمات 11 سبتمبر التي تعد نقطة تحول في تعامل المنظمات الدولية مع هذا الملف بإدراج كيانات على قوائم الإرهاب وإنشاء مراكز متخصصة لمكافحة التطرف وفي الوقت نفسه تعطلت بعض القرارات الأممية لعدم توافق دول عليها.
  • المرحلة الثالثة “مواجهة فعلية ” التي تزامنت مع ظهور تنظيم “داعش” في 2014 وارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية في العالم، الأمر الذي دفع المؤسسات الأوروبية والدولية في تشديد رقابة الحدود وشبكة الإنترنت وتفعيل العمل المشترك مع كافة دول العالم للحد من الإرهاب.
  • المرحلة الرابعة “البحث عن حل جذري” وربما دخل العالم إلى هذه المرحلة خلال العقد الأخير من القرن الحالي بالتدريج، مع صعود بعض الجماعات الإسلاموية في منطقة الشرق الأوسط وتمددها أيضاً في أوروبا بشكل ملحوظ بجانب الجماعات اليمينية، ما أدى لاتخاذ بعض الدول قرارات حاسمة لإبعاد التطرف عن مؤسساتها السياسية والاقتصادية والتعليمية والدينية.

ونستطيع القول بأن التغييرات الراهنة في العالم من الصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية وما ينتج عنها من اتساع رقعة الإرهاب عالميا، تفرض على المنظمات الدولية والأوروبية المنوطة بمكافحة التطرف من تغيير سياساتها بسن قوانين وآليات أكثر حزماً ضد الإرهاب، ما يجبر كبرى دول العالم على التوافق داخل أروقة هذه المنظمات على إجراءات صارمة ضد الجماعات المتطرفة.

رابط مختصر . https://www.europarabct.com/?p=87027

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

الهوامش

Terrorism
https://bit.ly/3KXfJhC

17 countries join forces to prevent chemical terrorism on European soil
https://bit.ly/3J95zZU

يوروبول: الإرهاب ما زال يشكل خطًرا للاتحاد الأوروبي رغم انخفاض عدد الهجمات
https://bit.ly/3kLvtte

THE LINK BETWEEN GLOBALIZATION AND TERRORISM
https://bit.ly/3IMjFiw

الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين من جراء الأعمال الإرهابية
https://bit.ly/3KXAz0k

مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف
https://bit.ly/3kQHltR

 

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...