الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

التطرف العنيف في أوروبا ـ عوامل الأنتشار

محاربة التطرف في أوروبا
مارس 09, 2021
الدكتور عبد القادر دندن

الدكتور عبد القادر دندن

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

إعداد : الدكتور عبد القادر دندن  والباحثة سمية هوام ـ جامعة باجي مختار- عنابة- الجزائر

اعتمد الباحثون في تحليل ظاهرة التحول نحو التطرف العنيف، على عدد من التفسيرات المختلفة، بعضها يسير في اتجاه منح الأولوية لدور البنيات السياسية والاقتصادية، وبعضها يركز على الإحاطات النفسية والإحساس بالظلم، ودراسات أخرى تتمحور حول مراحل ومسارات التطرف، والنزوع نحو “الراديكالية”[1]، وفهم التطرف العنيف يتطلب تتبع المسارات الفردية للجهاديين، فالتطرف لا يحدث بين عشية وضحاها، ولكنه يحتاج لوقت إلى حين تحقق ما يعرف بـ “النضج الجهادي”[2].

يوضح عالم الاجتماع “فرهاد خسروخوار” أن ظاهرة التطرف لدى الشباب في الدول الأوروبية لها أبعاد متعددة، تختلف في طبيعتها عند الشباب المهمشين الذين يقطنون الضواحي الفقيرة، عن شباب الطبقات المتوسطة الميسورة، فالفئة الأولى من خلال اعتناقها للتطرف، تعبر عن كرهها للمجتمع، الناجم عن الشعور بالإقصاء والظلم والإذلال، أما لدى فئة الطبقة المتوسطة، فهو ردٌّ على فراغ في السلطة أو نوع من “الأنوميا” – أي غياب القيم والقواعد والقوانين-[3].

ورجّح المختصون وجود متغيرات عديدة تدفع للتطرف، تتمثل في العوامل السوسيو- اقتصادية        (التمييز والإقصاء الاجتماعي)، والعوامل السياسية (نطاق وقوة الإيديولوجيا)، والعوامل السيكولوجية (صدمات نفسية والمشاكل العائلية)، أو سعي هؤلاء الأشخاص لملء الفراغ الروحاني الذي يعيشونه (البحث عن المغزى والانتماء إلى الجماعة)[4].

وتبرز أيضا العوامل الثقافية، التي تسمح بتكريس ثقافة مجتمعية حاضنة للفكر المتطرف، الذي يسمح بالتمييز ضد الآخر، بما يمثل البنية التحتية للسلوك الذي قد يستحيل عنيفا، في ظل أزمات الانسداد السياسي، أو مشكلات الاندماج، والتي يندفع في إطارها أبناء المهاجرين، أو المتحولون الجدد للإسلام، إلى الانخراط في أعمال عنيفة[5].

ويؤكد “جيرولد بوست” (Jerrold Post)، في دراسة له عن الجذور النفسية للإرهاب، أن اختيار الفرد لطريق ممارسة الإرهاب، يضرب بجذوره في تنشئته الاجتماعية، التي غرست فيه البذور الفكرية الأساسية اللازمة لتلك الممارسة.. ويتفق في ذلك مع “جوان هورغان” (John Horgan)، المتخصص في دراسة ظواهر الإرهاب والعنف السياسي، والذي خلص إلى أن الظروف المحيط بالفرد )البيئة(، تلعب دورا أكبر في انضمامه للتنظيمات الإرهابية، مقارنة بدور سماته وملامحه الشخصية[6].

ومن الأسباب الأخرى التي تدفع ببعض المسلمين في أوروبا إلى التوجه نحو التطرف، مجموعة من القوانين والسياسات الحكومية الأوروبية التي تستهدفهم، وبعض التجاوزات من أفراد قوى الأمن في تدخلاتهم العنيفة ضد الشبان المسلمين أو الأجانب[7]، كما أثار تنامي اليمين المتطرف، وحصول أحزاب من الفاشيين الجدد على مقاعد في البرلمان الأوروبي، وفوز أحزاب من أقصى اليمين في الانتخابات المحلية، ووصول رؤساء إلى سدة الحكم يُحْسبون على هذا التيار، حفيظة وخوف المسلمين في هذه الدول، فهذا التيار المتطرف يتقوى على تغذية الكراهية والرهاب ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا، وفي المقابل هناك من الشباب المسلم من يختار الانتقام، بالانضمام إلى التنظيمات الإرهابية[8].

وانتشر التطرف العنيف بين الأوروبيين المعتنقين حديثا للإسلام، ومن أسباب ذلك أن اعتناقهم للإسلام قد يحدث داخل بيئة خاصة، بعيدا عن تأثيرات المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية المعتمدة، الأمر الذي يقود إلى التأثر بأفكار شاذة، يحصلون عليها من خلال الإنترنيت، أو بالتعرف على أشخاص يحملون مثل هذه الأفكار[9]، وهنا تنبغي الإشارة بحسب “فارهاد خسروخوار” إلى أنه منذ عام 2013م، أصبح هنالك جهاديون من الطبقة الوسطى غالبيتهم من الأوروبيين المعتنقين حديثا للإسلام، وليس لديهم سجل إجرامي، ولم يدخلوا السجن، على عكس جهاديي الضواحي، باحثين عن نوع من السيطرة في ظل الانفلات القيمي والاجتماعي الذي تعيشه مجتمعاتهم، والسعي للوصول إلى هدف جماعي نبيل (مثل إنقاذ السوريين من نظام الأسد المتعطش للدماء)، وبناء هوية جديدة قائمة على البطولة والقيم المقدسة، مع تميزهم جميعا بمعرفة قليلة وغير مباشرة عن الإسلام، مما يسهل التغرير بهم وتغليطهم[10].

وقد ظهر نمط جديد من أنماط المتطرفين، وهم أولئك الشباب الذين لم تتجاوز سنه 14 و15 سنة، لا سيما الفتيات منهم، وتلك الفئة تحديدا قد ولجت عالم التطرف عبر شبكة الإنترنيت، وليس عبر التجنيد من قبل أفراد في وسطهم الاجتماعي، وهم ناشطون عبر الواب، ويعلنون تأييدهم لكل العمليات الإرهابية[11].

ويورد الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي “مارسيل غوشيه”، دور الأسباب الحضارية- الدينية في إذكاء نزعة التطرف.. مستندا على فكرة “الصدمة الحضارية” الناتجة عن نمط الحياة الغربية المعولمة، التي كان لها دورها في انفصال بعض عناصر المسلمين عن المجتمع، والتحاقهم بنمط تدميري معاد، وتبني رد فعل حاد ذي طبيعة دينية[12].

وتلعب الأحداث الجيوسياسية دورها أيضا في تحفيز التطرف لدى الشباب في أوروبا، فالعديد من المقاتلين الأجانب يبررون انتهاجهم للعنف، باستيائهم من تدخل الغرب وجرائمه في أزمات المنطقة العربية مثل سوريا، وغزو العراق، والصراع العربي الإسرائيلي وغيرها[13]، ويؤكد المفكر الفرنسي “إدغار موران”، أن ما يرتكبه الغرب من جرائم، بالرغم من انتهاء نمط الاستعمار المباشر، هو سبب رئيسي في تطرف الشباب المسلم في الغرب[14].

وهكذا تتضافر عوامل عديدة لانتشار الفكر المتطرف في أوروبا، والذي دفع بالآلاف من شبابها للالتحاق بصفوف داعش وغيرها، وهذا التعقيد في الدوافع يولد تعقدا في الظاهرة بحد ذاتها، وفي كيفية التعامل معها والتصدي لها.

رابط مختصر ….https://www.europarabct.com/?p=74581

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

[1]– محمد مصباح، “هوامش التطرف: دراسة حالة )التوأم الجهادي( في المغرب“، مجلة الديمقراطية، العدد 67، جويلية 2017. ص 87.

[2]فؤاد غربالي، “الراديكالية وذاتية الجهاديين التونسيين“، مجلة الديمقراطية، العدد 67، يوليو 2017. ص 82.

[3] Châteauneuf- Malclès, Anne. Interview avec Khosrokhavar Farhad.”La sociologie de la radicalisation : entretien avec Farhad  Khosrokhavar “,  publié le 10 janvier 2016, consulté Le 12 Avril 2020. sur : https://bit.ly/3i0iC0d .

[4] Marie Perrier, « Etude psycho-criminologique des femmes françaises terroristes après 2012 », Cahiers de la sécurité et de la justice, n°46 (novembre 2019). p.  48-49.

[5]هناء عبيد، “في فهم التطرف.. أي جديد؟“، مجلة الديمقراطية، العدد 67، جويلية 2017. ص 7.

[6] قدري حفني، “العلاقة بين التطرف والإرهاب“، مجلة الديمقراطية، العدد 67، جويلية 2017. ص 33.

[7] عبد القادر دندن، “الحريات.. قرابين على مذبح الأمن“، موقع العين الإخباري، 27 نوفمبر 2015، في: https://al-ain.com/article/13951، تاريخ التصفح 10 ماي 2020.

[8] عبد الباري عطوان، الدولة الإسلامية: الجذور، التوحش، المستقبل، (بيروت: دار الساقي، 2015). ص 182.

[9]– إبراهيم بوالفلفل، “مقاربة سوسيولوجية لظاهرة اعتناق الإسلام في الدول الغربية“، المجلة الجزائرية للأبحاث            والدراسات، ع.3 (أفريل 2018). ص .207

[10] Châteauneuf- Malclès, Anne. Op. Cit.

[11]– ضياء حسني، “الإرهاب في الغرب بين راديكالية الإسلام وأسلمة الراديكالية، مجلة الديمقراطية، العدد 67، جويلية 2017. ص 65.

[12]المرجع نفسه. ص ص 61، 62.

[13] Dirk Van der Maelen. « Les combattants étrangers en Syrie et en Irak », publié le 08 janvier 2016, consulté Le 14 Avril 2020. sur : https://assembly.coe.int/nw/xml/XRef/Xref-XML2HTML-fr.asp?fileid=22304&lang=fr

[14]ضياء حسني، مرجع سابق. ص 61.

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...