الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

المدرس العربي: غياب الدور في ظل السلطة. الدكتورة دبيشي عقيلة

أبريل 12, 2019

 بقلم  دبيشي عقيلة دكتوه في الفلسفه السياسيه، جامعة باريس الثامنة

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

المقدمة

إنه لموضوع في غاية الإلحاح أن نتناول وضع المدرسة العربية في هذه اللحظة الحرجة من تاريخنا اليوم أو بعبارة أدق أزمة الثقافة العربية،  أن أتطرق لهذا المصطلح من خلال تناولي لأزمة المدرسة العربية اليوم، ذلك أن أزمة الثقافة لا تنفصل، بأي حال من الأحوال عن أزمة المدرس بوصفه على الأقل المعبر، بالمعنى النظري، عن الوضع الثقافي للمجتمع الذي ينتمي إليه. وهكذا فإن التطرق إلى ازمة المدرسة في العالم العربي سوف يتم عبر تناول أزمة المدرس والتحديات التي تواجهه في هذه اللحظة الحساسة من تاريخنا.

المدرس وبناء الدولة الوطنية

إذا التفتنا إلى الماضي القريب بنظرة سريعة وعامة يمكننا أن نستنج التالي: لعب المدرس العربي، وبشكل خاص بعد مرحلة التحرر، دوراً كبيرا في محاولة بناء الدولة والمجتمع في سياق ما اصطلح على تسميته عصر النهضة. في تلك الحقبة عرفت الثقافة العربية نهوضا واسعاً في مجال الترجمة والتأليف الذي طال مجمل الميادين المعرفية التي أسهمت في إعادة تشكيل الثقافة العربية <الحديثة>، بحيث يمكن وضع ذلك الجهد في سياق محاولة بناء دولة وطنية سعى قادتها أو صُناعها أو من حَلَم وساهم في بنائها اللحاق أو بناء دولة تشبه في تطورها  لدول الحداثة الغربية.

في الحقبة ذاتها عرفت المجتمعات العربية نشوء الأحزاب وكان لافتا الدور الكبير الذي لعبه

<المدرس> في هذا السياق. لكن الدولة الوطنية سرعان ما انزلقت خارج إطار الحلم المراد. فها هي الدولة الوطنية تتداعى، كما هو الحال في العراق وليبيا، وها هي الهويات والمذاهب والإثنيات تستيقظ كما هو الحال في سورية وفي الكثير من الدول العربية الأخرى… كل ذلك يجعل معالم الأزمة واضحة ويضع المدرس أمام استحقاقات تاريخية تتعلق بضرورة إعادة مساءلة دوره الرائد في نشر الوعي العام، ومحاولة تحصين الهوية من الضياع.

أياً كانت الأسباب التي نعزوها إلى حالنا اليوم، فان الثابت لدى الجميع، على اختلاف أطيافهم، هو الإقرار بوجود أزمة، أزمة تعصف بنا، مُهدِّدة معها هويتنا إن لم نقل وجودنا بالذات.

المدرس والسلطة

هذا الوضع يحيلنا جميعا أمام رهانات متعاظمة، وبالتحديد أولئك المشتغلين بالحقل الثقافي.

فعلى المدرس اليوم، أن يتجاوز مفهوم المدرس الكلاسيكي التي كرسته أدبيات القرن الماضي. أقصد بذلك صورة المدرس العام، المدرس الكوني، المدرس النظري، المدرس الإيديولوجي. المدرس المثقف الذي حدد هويته دائماً بالتعارض مع النظام أو الوقوف إلى جانبه. فحتى فتره قريبة كان ثمة طريقة رائجة في التفكير لدى المدرس العربي تقتضي منه، كدليل على عمق الموقف والالتزام، أن يضع نفسه في تعارض دائم مع كل ما هو سائد: أن تكون مثقفا يعني أن تكون ضد النظام القائم. أن تكون مثقفا يعني ألا تكف عن قول لا. أن تكون مثقفا يعني أن تبتعد عن الحيز العام أكثر، فالحقيقة لا توجد في الإطار العام بل في الإطار الخاص. أن تكون مثقفاً يعني أن تقيم علاقة خاصة مع الحقيقة ومع اللغة بصرف النظر عن فاعليتهما وقدرتهما على التأثير والتغيير الاجتماعي. هكذا حدد المدرس العربي هويته بوصفه حاملا وحارسا للحقيقة، مدافعا عن السلطة ومنظِّراً لها أو معارضاً مدافعاً عن الحرية.

المدرس والشأن العام

في مقابل صــــــورة المدرس بالمعنى الكلاسيكي الذي أشــــــــرت إليه سابقا، أريد أن أطـــــرح فكـــــرة

المدرس الخاص[1]، وهي تسمية أستعيرها من (فوكو)، وأعني به ذلك الذي كفَّ عن الاهتمام بما هو كلي، متعالي، ميتافيزيقي.. ليركز فقط على ما هو كائن، على ما يحدث جاعلا من الحدث هاجسه، كشافا لما نحن عليه بالذات. هكذا فإن تحليلنا، على سبيل المثال، لما اصطلح على تسميته ربيعاً عربياً، بوصفه حدثا تاريخيا أصاب حاضرنا، يصبح مناسبة لفهم من< نحن>، ما مدى وعينا، عندما نثور وعندما ننزع إلى تغيير ما نحن عليه. على المنوال ذاته، فان تحليلنا لثقافتنا الراهنة هو محاولة لفهم من نحن الحاملين والمنتجين لتلك الثقافة، وما مدى نجاعة هذه الأخيرة وقدرتها على تقديم إجابات عن المشكلات التي تواجهنا اليوم؟

إن عمل المدرس على تحليل الحدث يعني، بصورة أو بأخرى، إعادة تموضعه داخل التاريخ اقصد داخل الحاضر. فهذا الأخير لا يمكن فهمه انطلاقا من مقولات مسبقة، أو انطلاقا من أية إيديولوجيا تدّعي تفسير العالم، بل انطلاقا من الانكباب على تحليل الواقع بوصفه مكوناً من أحداث متفرقة، متناثرة وأحيانا هامشية، لكنها تصنع في النهاية حالة اجتماعية أو وضعاً تاريخياً، ثقافيا،ً يمكن أن ندعوه بكامل الدقة الهوية بوصفها ما يصنع خصوصية شعب بالتمايز عن الشعوب الأخرى.

المدرس والحقيقة

إن تحليل الحدث الراهن لا يعني، بحال من الأحوال، التوقف عن محاولة فهم الماضي، ذلك أن فهم الوقائع لا ينفصل عن الأسباب التي قادت إلى حدوثها، وهذا ما يجعل من تحليل الزمن الراهن نوعا من تحليل للتاريخ أيضا.

هذا يعني أن دعوة المدرس إلى الاهتمام بالراهن لا يعني من جهة أخرى، تخليه عن المهمة الأساسية التي نهض عليها التفكير الفلسفي، بوصفها تفكيراً ينشغل بسؤال الحقيقة، بل دعماً لهذا الفكر بحقائق أخرى تتجاوز حدود التفكير النظري لتنغرس في تربة التاريخ الصلبة. فالتاريخ، بوصفه مركباً من سلسلة لا متناهية من الوقائع الفكرية، الاجتماعية والثقافية، كما من الحروب والعداوات أو من الصداقات والمصادفات والصدامات…الخ، هو المكان الذي يجب أن نعثر فيه على الحقيقة، التي شكلت وما تزال الموضوع الأول للفلسفة.

هذا هو المعنى الذي أردت قوله عندما تكلمت عن ضرورة الانتقال من مفهوم المدرس النظري، أي ذلك الذي يتناول مفهوم الحقيقة بوصفها قضية تخص العقل في تأمله المحض للعالم، إلى مفهوم المدرس  او المثقف العملي، أي ذلك الذي يلتقط الحقيقة الذي يقدمها التاريخ في صورة حدث، وذلك دائما حسب (ميشال فوكو).

هكذا، إذن يمكن الحديث عن فلسفة الثقافة، أعتقد أنه يجب أن تكون تلك الفلسفة التي يَنصَب اهتمامها على محاولة فهم حقيقة من نحن، وكيف حصل أن تشكّلنا على هذا النحو الذي نحن عليه الآن، وما هي العوامل أو الأحداث التاريخية والثقافية التي صنعتنا وصنعت هويتنا وما تزال تصنعنا إلى حد الآن.

إن فلسفة الثقافة يجب أن تكون تلك التي تحاول فهم هذه ال<نحن> . فهذه الأخيرة يجب أن ترتقي إلى مستوى قضية فلسفية بامتياز كما يرى (ميشيل فوكو)، وهي التي يجب أن تشكل الموضوع الأساس لمدرس اليوم. فليس مهمة الفيلسوف أو المدرس الخاص، أن يجيب على الأسئلة التقليدية المتعلقة بالحقيقة، بل أن يحاول فهم هذه ال<نحن> في هذه اللحظة من التاريخ. إن الاهتمام بهذا السؤال، يعني البقاء مشدودين إلى الحاضر بوصفه ما يصنع هويتنا ويصوغ وعينا ومستقبلنا بالذات.

بناء على ما سبق، نعتقد أنه يجب إعادة النظر في مفهوم المدرس ووظيفته في عالم اليوم. فليس مهمة المدرس أن يقول الحقيقة، بل أن يخلق الشروط التي تسمح لها بالظهور من خلال تحليل الحدث ذاته، فليس ثمة حقيقة يمكن قولها بل هناك أنماط و أشكال من الحقائق والتي لا تكف عن التحول والتبدل تاريخيا تبعا للحدث الذي أنتجها، أقصد تبعاً للتحولات والتغيرات التي تصيب الواقع، أي، بعبارة أخرى، المجتمع أو الثقافة المُنتِجة للحقيقة. فما كان حقيقة البارحة فكيف يمكن أن يكون كذلك اليوم. إن الحقيقة هي التبدل والتغير الدائم. لذلك قال (هرقليط540/ 475 ق.م)لا يمكن لنا أن نستحم بماء النهر مرتين…الثابت على مرّ التاريخ، ليس الحقيقة، بل الحدث الذي يصنعها أو الجماعة التي تنتصر لها، ولهذا اعتبر (نيتشه 1844م/ 1900) أن حقيقة الحقيقة هي الحرب[2]…فثمة حقائق، يراد لها أن تنتصر ويراد لحقائق أخرى أن تنهزم.

قد تتخذ الحقيقة شكل ثقافة مهيمنة، كما قد تتخذ شكل ثقافة في طريقها إلى الاندثار أو قد تتخذ أيضا شكل ثقافة مأزومة كما هو حال ثقافتنا اليوم. كل ذلك ينقل السؤال للاهتمام الفلسفي، أو يجب أن ينقل هذا الاهتمام، من دائرة الانشغال بما هو مجرد ونظري إلى دائرة الانشغال بما هو كائن، أقصد بذلك، فهم الراهن وتحليل السياقات التي قادت إلى تشكيله على هذا النحو الذي نحن عليه الآن.

إننا إذا ما رجعنا إلى الآباء المؤسسين للفلسفة، اقصد الفلاسفة الإغريق، فقلما نجد لديهم اهتماما بالحقيقة بوصفها مسألة مجردة، بل كان اهتمامهم منصباً على تلك الحقائق النافعة، أي، تلك التي تسمح للفرد أو الدولة بالتقدم إلى الأمام، وإن حدث أن اهتموا بالحقائق المجردة، فان هذا الاهتمام كان بهدف خدمة الحياة، يعني، توسيع قدرة العقل على التساؤل والحلم والذهاب بعيدا في حدود تخيله لما يجب أن يكون عليه الحال. فلم يهتم سقراط، على سبيل المثال، بلعب دور الحامل للحقيقة، بل كان ذلك المساعد للآخرين على التسلح بالأدوات الكافية لمعرفتها، وعلى وضع تلك المعرفة في خدمة الحرية، حريتهم كأفراد، ثم التأسيس، انطلاقا من ذلك لحرية الجماعة، أو لحرية الدولة، على اعتبار أن حرية الدولة تتأسس وفق منظور الفلاسفة القدماء على حرية كل مواطن فيها.

من هنا على المدرس الخاص أن يهتم بما تمت تسميته بالحقائق النافعة. فما نفع الحقيقة إن كانت قوة مدمرة للفرد والجماعة؟ ما نفع الحقيقة إن لم تساهم بارتقائنا إلى عتبات أفضل؟ ما نفع الحقيقة إن لم تكن قوة محررة أو منتجة للذوات الحرة؟

إذا كان (سقراط 469ق. م/399ق. م) قد دعانا قديما إلى ضرورة الاهتمام بالذات، فإنه أراد أن يظهر لنا مقدار الفائدة الكبيرة الناتجة عن اهتمام الفرد بنفسه. إن العبارة الشهيرة (اعرف نفسك) ينبغي ألا تفهم على أنها إقرار من قبل سقراط بإمكانية معرفة النفس، بل على وجوب الاهتمام بها وتربيتها وتهذيبها. وهذا الاهتمام هو ما يخلق، بعد ذلك، الشروط التي تسمح لها أن تعرف الحقيقة، التي ليست شيئاً آخر سوى الحكمة التي تعرف، المفهومة على أنها فن عيش وممارسة دائمة للحرية، وعلى أنها المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية للدولة. فالمعرفة الحقة، هي معرفة كيف يكون المرء حراً وكيف يمارس الحرية داخل الدولة والمجتمع، أي في علاقته مع نفسه أولا ثم في علاقاته مع الآخرين ثانيا، ثم، أخيراً، في الإطار السياسي في العلاقة مع مؤسسات الدولة، حيث يقتضي من الجميع أن يمارس دوره بوصفه مواطناً مفيداً للدولة التي ينتمي إليها. فالحقيقة لها بعد تحرريّ.

لم ينظر سقراط إلى الحقيقة بمعناها الماهويّ بل بمعناها الوظيفي. يجب أن تكون الحقيقة محررة للذوات. ذلكم هو الهدف الأساس للبحث عن الحقيقة.

فالحقيقة بذاتها ليست مهمة،(هذا على افتراض وجود حقيقة ووجود إمكانية لمعرفتها)، المهم هو قدرتها على أن تصنع تحولاً فيما هو كائن، أقصد في قدرتها الدائمة على خلق فرد جديد، ومجتمع جديد وثقافة جديدة.

نعتقد أنه إذا كان للحقيقة من قيمة لدينا اليوم، فيجب أن تكون بالأحرى قادرة على تحررينا من التدجين والخضوع المجنون الذي تعرضنا له على امتداد القرون الطويلة طوراً باسم الدين وتارة باسم الايديولوجيا والخلاص القريب. فليس للمثقف من دور إن لم يثأر للوظيفة الأساسية للفكر، بمعنى، تحرير روحنا وخيالنا وحواسنا مما علق بها نتيجة تلوث الفكر على امتداد التاريخ. الحقيقة قوة محررة وإن لم تكن كذلك فهي ضد وجودنا بالذات.

هكذا على الحقيقة ألا تجيء من داخل الكتب أحياناً، من داخل الديانات أو التعاليم الكبرى، بل من روح هذا الهدف الكبير الذي يجب أن نبقى مشدودين إليه أبدا، فالبحث عن الحرية، الحرية بالمعنى العميق للكلمة حيث يجيء الكائن من داخل ذاته، من جسده، من داخل التجربة، من احتياجه اليومي، إلى أن يكون إنسانا ذو كرامة وحقوق. الإنسان لا يأتي من الايديولوجيا أو من الدين أو من أي نظرية أخرى، بل يأتي أحيانا من ماديته، ومن عضويته المباشرة: من الحب، من حاجته للتواصل مع الآخرين والأشياء والكون. فهل للمثقف أن يسهم في مجيء إنسان المستقبل البديل لإنسان اليوم؟

الإنسان العربي

إن الإنسان في عالمنا العربي لم يولد بعد، فوجوده يسبقه، فهو يأتي ليجد عالماً كاملاً يتقدمه، فهويته ولغته ودينه وثقافته تنتظره قبل أن يولد بعد. الهوية لدينا ليست صناعة فردية، ليست حصيلة عمل الفرد على نفسه وفق تعبير سقراط، بل هي شيء ناتج عن قوة حضور التقليد والموروث الذي يرتقي إلى مستوى القداسة والمقدس، الذي لا يقبل النقاش والمساءلة.

إن عملاً ممكنا لما أسميتموه فلسفة للثقافة، يجب أن ينصب على محاولة خلق الشروط المناسبة لولادة الإنسان، أي ولادة هوية جديدة بالمعنى العميق للكلمة، وهذه الولادة لا تتم إلا عبر تحرير الفرد من الهويات المسبقة، الهويات القاتلة وفق تعبير المفكر الجزائري (أمين معلوف)، فالهوية ليست شيئا نرثه ممن تقدَّمَنا، بل هي شيء نصنعه نحن عبر هذا الجهد الهادف أن نكون غير ما نحن عليه دائماً وأفضل مما سنكون. إنه المعنى الذي قصده (نيتشه) حين تحدث عن مجاوزة الذات[3].

إن إطلالة عابرة على تاريخ الفكر الفلسفي تكفي أن تظهر لنا أن الجهد العميق لمعظم الفلاسفة الكبار عبر التاريخ كان منصباً داخل هذا الجريان الكبير للفكر الهادف أن يكون غير ذاته دائماً، أي يقفز بنفسه دائما إلى الأمام، أن يسكن داخل الحلم بعالم أفضل…ليس مهمة المدرس قول الحقيقة بل أن يتحرك باتجاه هذا الهدف القابع دائما أمامنا والذي يشدنا إليه بصورة لا تنتهي: إنه الحلم بأن يخلق ذاتاً أعلى من تلك التي هو عليها دائما. وعندما نتحدث عن الذات الأعلى فإننا نتحدث عن الذات الأخلاقية وعن الفرد الأخلاقي الذي يحلم دائما بعالم أفضل.

أن نكــــون أفضـــل، يعني أن ندخل الفكر والثقافة فــــي مغامرة المستقبل، ففــــــي الماضي كان

الإنسان بجاجة إلى الاعتقاد ليستطيع البقاء، بينما نحتاج اليوم إلى الشك، إلى امتحان كل ما نعتقده حقيقي، وبديهي، ومقدس وغير قابل للمساءلة. يحتاج الفكر إلى الترحال الدائم ليتجدد. إن البقاء في الماضي هو موت أبدي، وهذا الموت هو مانعيشه الآن فعندما تكف ثقافة ما عن الإنتاج وعن الإسهام في الثقافة الإنسانية فهذا يعني أنها تعيش حالة الموت أو حالة الانقراض كما كان يحلو (لأدونيس) أن يقول، كذلك هو الحال مع المدرستة وطواقمها، فمن دون اسهامها في حركة واطور المجتمع لا تعد من المؤسسات الفاعلة والمنتجة.

وحدة الفكر المتجدد، الفكر الناقد، الفكر المرتحل، الفكر الحر، هو من يحسن بعث الحياة داخل الثقافة. الثقافة توجد حيث تكون الحرية وحيث يتوفر الإبداع وحيث يوجد الحلم أيضاً. ما هو دور المدرس إن لم يكن جزءاً من التفكير في مجيء الثقافة الجديدة والإنسان الجديد؟ ما هو دور المعرفة، التي يتحلى بها المدرس، إن لم تكن جزءا من البحث عن هذا المجيء؟ أن نفكر على هذا النحو يعني أن نضع الثقافة في سياق نفعي، يعني أن تتحول المعارف التي نملكها إلى معارف مفيدة، معارف بناءة، ومحررة للذات بالمعنى الفردي والعام.

أن تعرف لا يعني فقط أن تملك القدرة على فهم العالم، إنما أيضا على تحويله وتغييره (وفق تعبير (ماركس1818-1883م) الشهير قبل أن يخضع للتشويه الإيديولوجي الذي طاله من قبل أتباعه أولا قبل الآخرين).

أن تعرف يعني أن تحوِّل المعرفة إلى أداة تغييرية للعالم وللمجتمع الذي تحيا فيه.

أن تعرف يعني أن تقيم علاقة، أي أن تضع الآخر هدفا أخلاقيا لأفعالك. فالآخر ليس سوى أنت بالذات، الآخر هو مناسبة دائمة للتعرف على ذاتك بوصفها أنت وغيرك في الوقت عينه، كما هو أيضا مناسبة لتمتحن فكرك بالذات ومدى قدرته على التأثير والتغيير وصناعة الإنسان الجديد. فهل هذا هو حال مثقف اليوم؟

المدرس العربي

إن نظرة عامة على وضعنا الراهن تكشف لنا مقدار العجز الكبير الذي أصاب المدرس العربي اليوم، حيث أضحى هذا الأخير فاقداً القدرة على صناعة رأي عام أو التأثير فيه وتوجيهه. لقد تحول المدرس اليوم إلى مدرس تقليدي حبيس المنهج القديم او المخابر والنظريات والأيديولوجيات، التي لم تفعل سوى زيادة اغترابه داخل مدرسته وثقافته ومجتمعه.

على النقيض من ذلك، شهدنا حضورا كبيراً لرجل الدين مع قدرة شديدة على التأثير الاجتماعي وعلى صياغة الوعي الجمعي والفردي أيضاً. يبدو هذا واضحا وجليا في التحولات الأخيرة التي عرفتها المجتمعات العربية في ما اصطلح على تسميته الربيع العربي.

أزمة الثقافة العربية

لقد وضع هذا الحدث التاريخي، الذي عصف وما يزال يعصف بمجتمعاتنا، المدرس أمام إحراجات حقيقية تتعلق بدوره وقدرته على التأثير في طلبته ومدرسته ومجتمعه، كما وضع الثقافة العربية أيضا في أزمة تتعلق ليس فقط  بحضورها إنما أيضا بقدرتها على الإسهام في الثقافة العالمية.

مدرستنا اليوم هي، كما مدرس اليوم، مدرسة  مأزومة… لم تعد قادرة، في صورتها الحالية، عن إخراجنا من أزماتنا ودفعنا إلى الأمام. مناهج تنتمي إلى مرحلة ما قبل نشوء الدولة الحديثة، أقصد بذلك المناهج المبنية على ثقافة الطائفة، القبيلة، العشيرة، الحزب، القومية… الخ. فطورا تُقصي أو تقتل باسم الدين أو القبيلة أو تارة باسم القومية أو الحزب أو أو.

الثقافة والتراث

إن ما تتصف به ثقافتنا اليوم هي أنها ثقافة لا تحيا في الحاضر، بل في الماضي، حتى أنه يكاد يكون الفرد العربي اليوم غير ذاته. فهؤلاء الأفراد الذين يتحركون ويشتغلون ويحلمون الخ،  هم ليسوا ذواتهم، هم الآخرين، كل الآخرين… الآباء، الأجداد، الفقهاء، القادة، الخ.

ربما لهذا قال ماركس ذات يوم ( الأموات يحكمون الأحياء).

الفرد العربي اليوم وعاء مليء بكل ما لا ينتمي إلى إرادته، وعاء صب فيه التاريخ كل ما يريد، ماحياً معه هويته الخاصة بالذات، هكذا، فإن ثقافتنا، أيضا، ليست هي نحن إنما ثقافة من تَقدَّمنا، هي ثقافة أولئك الذين يحيون بيننا وفينا على نحو لا مفر منه. فنحن نحيا همومهم وقضاياهم ولا نحيا همومنا الراهنة. إن واحداً من أوجه الأزمة اليوم، هو هذا الماضي المستمر في الحياة بيننا مسيطرا على هويتنا بالذات …لا أريد القول أنه يجب القطع مع الماضي بل ضرورة القطع مع هذا الشكل من ثقافة الماضي التي تمنعنا من التفكير بحرية والولوج إلى مستقبل أفضل. من هنا تأتي أهمية النقد في إعادة تقييم الماضي ومساءلته.

الثقافة والنقد

إن فلسفة للثقافة يجب أن تعتني، فيما أعتقد، في نقد الأسس والنصوص والمفاهيم والعادات

والتصورات، التي تنهض عليها ثقافة معينة ومنها المدارس والتي من خلالها يتشكل الوعي الفردي والجماعي. على النقد الثقافي أن يذهب بعيداً في حدود مساءلة الماضي الذي يرتقي إلى درجة القداسة. إن مساءلة الماضي واحدة من المهمات الكبرى للنقد. فهذا الأخير يجب ألا يقتصر على تناول الأداء السياسي واعتباره المسئول الوحيد والمباشر عن كل مشكلاتنا.

إن أزمتنا اليوم لها بعدها التاريخي الذي يتجاوز حدود الراهن، نحن بحاجة إلى دراسة جينيالوجية لأزمتنا، لوعينا، لفكرنا، لثقافتنا، لمعتقداتنا، جينيالوجيا تهدف إلي إعادة إنتاج أسس جديدة لفهمنا للإنسان والعالم. ثقافة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة تأسيس مدرسة جديدة وفق رؤية معاصرة، أي على أساس قانوني ديمقراطي، على أساس تحرير المرأة، على أساس خلق الشروط التي تسمح بنشوء الفرد الحر المستقل.

إن ثقافتنا اليوم لا تستطيع الإجابة عن التحديات التي يطرحها عالم اليوم بقيمه الجديدة وأدواته المعرفية والتقنية القادرة على اختراق وهدم الثقافات التقليدية الأخرى التي تتسبب في تراجع دور المدرسة في المجتمع.

إن إعادة مساءلة الثقافة يعني فيما يعني إعادة قراءتها نقدياً وانتقاء ما هو قابل للبقاء منها وما لا لزوم له. هنا نقف على ضرورة شجاعة النقد، وشجاعة قول الحقيقة أيضا. وحده المدرس قادرا على فعل ذلك.

من نقد السلطة السياسية إلى نقد الذات

فعلى هذا الأخير ألا يتوجه في نقده إلى ما يعتقد أنهم الأعداء المباشرين، بل إلى أولئك اللامرئيون أيضا. فقد يكون العدو قابعا في التاريخ، يتجلى في تلك الأنماط الثقافية التي تشتغل بوصفها النقيض للحياة والمستقبل. فلا اعتقد أن العمل على نقد السلطة كفيل بنقلنا إلى ضفة أكثر أماناً، بل الاهتمام بكيفية بناء إنسان جديد لعالم جديد.

السلطة ليست فقط نظاماً يحكمنا، ليست شيئا خارجياً بالنسبة لنا، إنها تعيش في داخل كل واحد منا وفي تلك الثقافة التي ورثناها. إننا نمارسها في أدق أشكال العلاقات مع الآخرين: في علاقة الأب-الابن، الزوج-الزوجة، الأخ-الأخت، الخ.

هكذا يقتضي أن ينصب الاهتمام أولا على محاولة تحريرنا من السلطة التي فينا، والتي نستبطنها في داخلنا جميعا وليس فقط من تلك التي تمارس علينا في صورة هيمنة خارجية.

الثقافة والفرد

أن نحرر الفرد من السلطة التي فيه، يعني أن نساهم في ولادة الفرد الحر، وهذا الأخير هو الكفيل في بناء مجتمع جديد وثقافة جديدة. إن تغير الفرد هو المقدمة الأولى لتغيير المدرسة و المجتمع، وهي مهمة أكثر مشقة وصعوبة من تغير السلطة، أية سلطة… إن الفرد الذي أَحسن تغييره هو الكفيل، بعد ذلك، بتغيير المجتمع. فالمجتمع ليس سوى التسمية العامة لمجموع أفراده. المجتمع هو الأنا و الأنت والآخر في علاقاتنا المتبادلة. المجتمع أو السلطة هي تسميات عامة للفرد في تعدده وتعدد علاقاته.

مما سبق، يمكن القول أن الحقيقة المباشرة هي الفرد، وحول هذا الفرد يجب أن ينصب العمل والتفكير. لذلك نجد مهمة المدرس تزداد حجما وخطورة، عليه أن يفكر في كيفية ولادة الفرد أو التأسيس للشروط التي تسمح بتلك الولادة. ثم إن هذا الفرد الذي أُحسن بناءه هو من يعد بناء المجتمع برمته.

من جهة أخرى، وبنظرة خاطفة على التاريخ تجعلنا نكتشف أن التحولات الكبرى التي حدثت في التاريخ قام بها الأفراد وليس الجماعات. حتى أولئك المنشغلون بالنقد السياسي مضطرون في النهاية أن يحملوا المسؤولية للأفراد الموكلين في عملية الحكم. فغالبا ما نعزو هزائمنا أو انتصاراتنا للفرد وليس للجماعة، فعندما نتحدث بكثير من الحفاوة عن أمجادنا فإننا نشير إلى أولئك الأفراد النوعيين، إننا نشير إلى أولئك القادة العظماء والفلاسفة العظماء والشعراء الكبار الذين صنعوا مجدنا في فترة منصرمة من فترات التاريخ.

لقد كان الهمّ الأساس لأولئك، هو أن يكونوا كباراً بمعزل عن الوضع السياسي السائد.

يقتضي ألا نتخيل أن معاناة مدرس اليـــــــــــــــــــــــــوم لا تقل شــدة عن معاناة (المتنبي915م/965م)أو(ابن رشد(/1126م/1198م)أو(أبونواس762/813م)وغيرهم. هكذا يقتضي الحال منا ألا نعزو تردي وضعنا إلى وجود سلطة سيئة أو مجتمع سيء، فهذان الأخيران ليسا سوى الاسم العام للفرد. يجب أن نقر جميعا بمسئوليتنا دون أن نقذف بها على الآخرين، فهؤلاء الآخرين، هم نحن بالذات وليسوا كائنات مجردة.

الثقافة والحداثة

إن أزمة الثقافة الآن هي أيضا أزمة الفرد، وحول هذا الفرد يجب أن ينصب التفكير، إنه مسعى يتجاوز حدود نقد السلطة كفعل نفي دائم، باتجاه التفكير ببناء الفرد كفعل إيجاب وليس سلب مطلق.

لو أردنا إيجاد تعريف للحداثة لكان بإمكاننا أن نسميها فلسفة الفرد، أو فلسفة الثقافة التي تعتني بإنتاج فرد جديد وقيم جديدة لعالم جديد، وحدنا، نحن العرب، مازلنا سجناء ثقافة الماضي ونخشى الخروج منها، بينما امتلك الغرب تلك الشجاعة في التحرر من ماضيهم باتجاه مستقبل أرحب.

أعتقد أنه دون امتلاكنا للشجاعة والوعي الكافي لإحداث قطيعة مع الماضي لن يكون لثقافتنا الحظ في البقاء في عالم اليوم، ولن يكون لنا الحظ في إنتاج دولة تستجيب لمتطلبات العصر. فمازلنا كأفراد نحيا داخل الدولة لكن روحنا مازلت تسكن القبيلة، إن روحنا قبليّة، وهذا ما يجعل من السهل علينا هدم الدولة، وكأننا نهدم شيئا غريبا وعدوا لنا كما يحصل الآن في كثير من الدول العربية، حيث أظهر الفرد العربي أن انتماءه لمفهوم القبيلة والعشيرة يفوق انتماءه لمفهوم الدولة.

لهذا، يجب التخلي عن الاعتقاد أن كل مشكلاتنا ناتجة عن ضعف الأداء السياسي للدولة، المشكلة أكثر عمقا من ذلك، إنها تخص التاريخ أيضاً، تاريخ الفكر، تخص هذه الثقافة وهذا الفرد الذي يرى دائما أن مستقبله في ماضيه، وفي انتمائه الأعمى إلى طائفته أو قوميته، أو عشيرته.

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة، في جانب كبير منها، أن الفرد العربي لا يظهر ولا يعبر عن نفسه إلا بوصفها جزءاً من جماعة، من عائلة، من قبيلة، من عشيرة، من طائفة، وليس بوصفه مواطناً في دولة يسكنها مواطنون آخرون يتساوون معه في الحقوق والواجبات.

إن فلسفة الثقافة يجب أن تعتني بإعداد المواطن المنتمي للدولة في مقابل الفرد المنتمي للجماعة الدينية أو السياسية أو هذا ما تم التعبير عنه في السطور السابقة تحت مصطلح ولادة الفرد.

الفرد العربي لم يولد حتى الآن، لم توجد ماهيته بعد، وما إن تظهر، فإنها لا تعدو أن تكون مجرد تعبير(بوق)للضمير الجمعي، إن الذات لم تولد بعد في مجتمعنا، وإن التفكير في فلسفة للثقافة يعني، أولا وأخيرا، التفكير في ولادة الذات كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا.

تلكم هي المهمة الأساس التي نهضت عليها ثقافة الأنوار وتشبَّع بها مثقفو الأنوار، فعندما حثَّ (كانط1724 /1804) على التنوير، توجه إلى هذا الفرد معتبرا إياه المسئول الوحيد عن حالة القصور التي يوجد فيها والتي تضعه في حالة تبعية للآخر وتمنعه من الاستفادة من ملكاته الفكرية. لم يتوجه (كانط) في نقده إلى الدولة القائمة بل إلى الفرد داعياً إياه إلى تحمل مسؤوليته عن حريته ومستقبله[4].

على الفرد أن لا ينتظر دائما تلك الحرية التي تأتيه من الخارج، أي الحرية التي تضمنها له المؤسسات الناظمة، فليست المؤسسات هي الضامن للحريات. ذلك أن هذا النوع من التحليل يضع الحرية في إطارها القانوني، فقط. أما الحرية بمعناها العميق هي عمل الفرد على نفسها بهدف تحريرها مما هو سائد. ولهذا فالأنوار، لدى (كانط)، ترتبط بفكرة المسئولية وفكرة الإرادة والشجاعة. كلها مفردات تضع النقد ليس في حدود المعرفة كما هي الحال في نقد العقل الخالص بل في حدود الذات الفردية بوصفها القطعة الأساس في الدخول إلى حالة التنوير وفق قراءة (فوكو) لـ (كانط).

التنوير عند(كانط) بهذا المعني هو فعل أخلاقي. هو نوع من عمل الذات على الذات بهدف تحريرها، وهذه الحرية الفردية التي ليست شيئا آخر سوى مجموع فاعلية الذوات الحرة. ذلك هو ما يصنع  الفرد الحر والمجتمع الحر والدولة الحرة.

لا تقاس أزمة مجتمع أو ثقافة بمقدار الأخطار الخارجية التي تحدق بها، بل بمقدار ما يتهددها من داخلها، وثقافتنا اليوم مهددة من داخلها وليس من خارجها. فغالبا ما يكون وجود العدو الخارجي مدعاة للمقاومة والتوحد حول هوية وهدف جامع، أما العدو القادم من الداخل فهو الأكثر خطورة وفتكاً.

هنا على فلسفة الثقافة أو على المدرس أن يضاعف المهمة النقدية ومهمة بناء الفرد بمهمة ثالثة تتعلق في كيفية تحصين الهوية ضد دعوات الكراهية والتدمير التي تطال مجتمعنا اليوم، وهذا لا يتم إلا عبر تعزيز ثقافة الحوار الهادف إلى الانفتاح على الآخر والاعتراف به بوصفها مشاركا في بناء الهوية الثقافية للمجتمع. فالثقافة، التي عرَّفها(دوركهايم1858/ 1917) بأنها مجمل الأعراف والتقاليد والعادات، المُشكِّلة لهوية مجتمع ما، هي حصيلة جهد جماعي لمجمل الفاعلين الاجتماعيين، ولا يحق لأحد احتكار تمثيله، طوراً باسم ثقافة الأكثرية وتارة باسم حماية المجتمع أو الدين أو الوطن.

الخاتمة

أخلص من مجمل ما تقدم إلى القول:

1/ صناعة إنسان جديد

إن الصراع المرير الذي خضناه لأجل إنتاج التحرير يجب أن يكتمل عبر خوض صراع آخر لا يقل صعوبة وضراوة، صراع يهدف إلى إنتاج الإنسان الجديد الذي يليق بتضحياتنا، بدم أولئك الذين أهدونا وطناً ينبغي صونه بكل ما أوتينا من وعي و حب. وأني لاعتقد أن صناعة الإنسان الجديد لا تتم إلا على أساس نقد الأسس التي تقوم عليها ثقافتنا الراهنة ثم ترجمة هذا النقد في إطار تربوي يأخذ بعين الاعتبار هدفاُ واحداً: أي إنسان نريد لهذا الوطن الذي نحيا فيه.

2/ خطة استشرافية

أن نحـدد ما نريد في المستقبل يعني أن نطوّع الثقافة والتاريخ في خدمة ذلك، وليس أن نطوع أنفسنا لخدمـــــــــــة ماض يعتقد البعض أن بالإمكان استعادته. لندع لأولئك الحالــــــــــــمون حريــــــة .التفكير كما يشتهون ولنجعل من هذا الملتقى مناسبة للتفكير في الإبحار باتجاه المستقبل. وحده المدرس من يملك إمكانية أن يكون رباناً جيداً. إنها لمهمة شاقة تقتضي من الفكر الأكثر التزاماً أن يخوضها.

رابط مختصر… https://www.europarabct.com/?p=50969

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

الدكتورة دبيشي عقيلة

dbichi.akila@hotmail.fr

هوامش

[1] – Foucault Michel, Dits et écrits, Tome III, N° 232, La philosophie analytique de la politique.

[2]– Les confessions de Michel Foucault, Le Point 01/07/04 – N°1659 – entretien réalisé en juin 1975 quelques semaines après la publication de « Surveiller et punir » http://1libertaire.free.fr/Foucault40.html

[3] Nietzsche Friedrich, Ainsi parlait Zarathoustra, Traduction Henri Albert, Edition numérique : Pierre Hidalgo

La Gaya Scienza,  janvier 2012

[4] Kant, Idée d’une histoire universelle au point de vue cosmopolitique, réponse à la question : Qu’est ce que les Lumières ?, Ed, Nathan, 1981

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...