الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

ملف أزمة أوكرانيا – أهمية شرق أوكرانيا لأمن روسيا القومي

أبريل 16, 2022

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

إعداد: وحدة الدراسات والتقارير

يمكنكم الأطلاع على الملف نسخة   pdf على الرابط التالي

ملف أزمة أوكرانيا – أهمية شرق أوكرانيا لأمن روسيا القومي

 

ملف أزمة أوكرانيا – أهمية شرق أوكرانيا لأمن روسيا القومي

 

أزمة أوكرانيا ـ أهمية إقليم “دونباس” وماريوبول في خريطة الصراع

 

تقع منطقة “دونباس” على حدود روسيا في شرق أوكرانيا ، وتعد منطقة مهمة لتعدين الفحم وتعتبر “دونباس” منطقة هامة جدا لرؤية روسيا الحالية، حيث تشمل مناطق تسيطر عليها الجماعات الانفصالية الموالية والمدعومة من روسيا ، بما في ذلك ما يسمى جمهورية “دونيتسك الشعبية” وجمهورية “لوهانسك الشعبية” ، التي اعترفت موسكو رسميا بها والذي أدى بدوره إلى تصعيد حاد في صراع طويل الأمد وأثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع في أوكرانيا.

أهمية المنطقتين في خريطة الصراع بين روسيا وأوكرانيا -الأزمة الأوكرانية

كان “دونباس” مهداً رئيساً لشعبية ورموز “حزب الأقاليم” الموالي لروسيا، الذي حكم أوكرانيا بين 2010 ونهاية 2013. تقع “دونيتسك ولوهانسك”، الإقليمان الانفصاليتان المواليتان لروسيا في حوض “دونباس” الذي يوصف بـ “سلة الصناعة والغذاء” والناطق بالروسية في شرق أوكرانيا، وقد أصبحتا منذ 2014 خارجتين عن سيطرة كييف. “دونيتسك” هي المدينة الرئيسية في حوض التعدين دونباس وأحد المراكز الرئيسية لإنتاج الصلب في أوكرانيا. أما “لوهانسك” فهي مدينة صناعية ويحتوي حوض دونباس المتاخم لروسيا على الشاطئ الشمالي للبحر الأسود، على احتياطات ضخمة من الفحم المستخدم في المصانع ومحطات توليد الطاقة والتدفئة.

اقليم الدونباس

اقليم الدونباس

قبل ثماني سنوات اتهمت كييف والغرب روسيا بدعم الانفصاليين الموالين لروسيا عسكرياً ومالياً بعدما اندلع صراع بين أوكرانيا والانفصاليين في تلك المنطقتين. ففي عام 2019 سمح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وفقا لـ”DW” في 22 فبراير 2022  لـ(800) ألف من سكان دونباس بالتقدم بطلب للحصول على الجنسية الروسية بموجب إجراء مستعجل بعد إصدار جوازات سفر لهم. وفي يوليو 2021، أعلن الكرملين أن حوالي مليون أوكراني حصلوا على الجنسية الروسية بين عامي 2016 و2020 فقط. مولت موسكو معاشات ورواتب القطاع العام دونيتسك ولوهانسك، ورفعت القيود المفروضة على الصادرات والواردات بين روسيا وأجزاء من المنطقتين. واتهمت كييف موسكو بإرسال مسلحين متقاعدين ومرتزقة وأسلحة وعتاد ثقيل لم يكن موجوداً بالمنطقة، تحت غطاء قوافل كثيرة من “المساعدات الإنسانية”. ملف: أزمة أوكرانيا- صادرات السلاح الألماني إلى روسيا و جهوزية الجيش الألماني

أهمية “ماريوبول” في خريطة الصراع بين روسيا وأوكرانيا

تدور معارك محتدمة بين الجيش الروسي والقوات الانفصالية من جهة والقوات الأوكرانية من جهة أخرى، للسيطرة على مدينة “ماريوبول” الاستراتيجية المطلة على الساحل الشرقي لأوكرانيا. حيث تعد “ماريوبول” حلقة مهمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا وتشكل سيطرة موسكو على المدينة، آخر معاقل كييف على ساحل بحر أزوف، منعطفاً مهماً في النزاع. ويرجع ذلك لعدة أسباب وفقا لـ”BBC” في 22 مارس 2022

1- تأمين ممر بري بين القرم ودونباس : إذا نجحت موسكو في السيطرة على “ماريوبول” فقد سيطروا على أكثر من (80%) من الساحل الأوكراني على البحر الأسود – ما يمكن روسيا من قطع نشاط أوكرانيا التجاري البحري، وزيادة عزلة كييف عن العالم الخارجي.

2- خنق الاقتصاد الأوكراني: ماريوبول أكبر الموانئ في منطقة بحر “آزوف” وتضم مصانع كبرى للحديد والفولاذ فيها. وهي مركزا مهما لتصدير الفولاذ والفحم والحبوب من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط ومناطق أخرى.

3 – فرصة دعائية : تعد ماريوبول موطنا لكتيبة “آزوف” وإذا تمكنت روسيا من أسر عدد كبير من عناصر الكتيبة، فمن المرجح أنهم سيعرضون في وسائل الإعلام الروسية من أجل تشويه سمعة أوكرانيا وحكومتها.

4- دفعة معنوية كبيرة : مما لا شك فيه أن سقوط “ماريوبول”  إذا وقع فعلاً، سيكون مهما من الناحية المعنوية للجانبين في هذه الحرب، وهناك عامل معنوي آخر، وهو عامل يتعلق بالردع. الأزمة الأوكرانية – تجنيد المقاتلين السوريين، حقائق وأبعاد

شرق أوكرانيا

شرق أوكرانيا

أهمية بحر “آزوف” في الصراع بين موسكو وكييف – أزمة أوكرانيا

يطل بحر “آزوف” على الشواطئ الأوكرانية من شماله، وعلى روسيا من جهة الشرق، وشبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها موسكو منذ عام 2014، من الغرب وفقاً لـ”سكاي نيوز عربية” في 5 مارس 2022. ففي حال اكتملت السيطرة الروسية على ضفاف بحر “آزوف”، فإن موسكو ستتمكن من إدخال أسلحتها لقواتها في أوكرانيا، وربما تجعل سفنها الحربية أو غواصاتها النووية تتمركز فيه. كما يتمتع هذا البحر بأهمية اقتصادية بسبب وجود سفن محملة بالقمح داخل هذا البحر، مما قد يلقي بظلاله على إمدادات الغذاء العالمية، كون روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري القمح في العالم.

يقول”جان سيلفستر موغرونيه”، الباحث في المعهد الفرنسي الجيوسياسي بجامعة “باريس 7 ” والباحث المشارك في معهد “توماس مور” بحسب “فرانس24” في 27 مارس 2022،  أن “في حال تمكنت روسيا من السيطرة على جنوب شرق أوكرانيا بدء من حدود إقليم دونباس، فهذا سيمنحها فوائد جيوسياسية كبيرة”. وأضاف “جان سيلفستر موغرونيه” “إذا سيطر الروس على الضفة الشمالية لبحر “آزوف” فهذا يعنى أن هذا البحر سيصبح ملكاً لروسيا كونه سيقع داخل مياهها الإقليمية وحدودها البحرية”. أزمة أوكرانيا، نقطة تحول لقواعد الغرب في مكافحة الإرهاب. بقلم اكرام زيادة

سيطرة روسية على “خيرسون” ومحاصرة “خاركيف” – 

سقطت مدينة “خيرسون” الجنوبية في أيدي القوات الروسية، في 2 مارس 2022، وتكمن أهميتها في كونها تقع على مصب نهر “دنيبر”، وتطل على بحر “آزوف” من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي. وبسيطرة روسيا عليها، يعني أنه بات بإمكانها الآن عبور نهر “دنيبر” الذي يقسم أوكرانيا إلى قسمين، والاتجاه غرباً وشمالاً لمهاجمة كييف من الاتجاه الثاني. تمتلك المدينة أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود وهي مركز رئيسي للشحن. وأهمية المدينة الاستراتيجية بالنسبة لروسيا، هي أنها أحد أهم مراكز إعادة إحياء مشروع “نوفوروسيا”، أو “روسيا الجديدة”. تعد “خاركيف” إحدى المدن الرئيسية القريبة من الحدود الروسية، حيث تقع على بعد نحو (20) ميلاً من الحدود الشمالية الغربية بين أوكرانيا وروسيا، مما جعلها هدفاً عسكرياً أساسياً لموسكو، كما تعتبر معقل للصناعات العسكرية الأوكرانية، بما في ذلك الدبابات والعربات المدرعة.

**

أزمة أوكرانيا ـ تكتيكات روسيا بعد الانسحاب من أطراف كييف

 هاجمت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير 2022 في أكبر هجوم عسكري تشهده القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كانت الأهداف المعلنة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذلك الوقت هي منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، ونزع السلاح و”اجتثاث النازية” في الدولة المجاورة ، لقد كانت بداية عملية حرب أدت إلى قلب النظام العالمي.  وبعد أكثر من شهر بقليل، يشعر الكرملين أن الأهداف المحددة للمرحلة الأولى يتم تحقيقها ” بنجاح”، زاعماً أن مرحلة جديدة على وشك البدء، تركز على تحرير منطقة دونباس في جنوب شرق أوكرانيا.  لكن التقارير الاستخبارية الغربية تشير لحقائق تتضمن سلسلة من النكسات أدت إلى انسحاب كبير وإعادة تموضع القات الروسية.  وإذا كان الخبراء الغربيون يجمعون على أن روسيا أخفقت بعد انسحابها من كييف، فان إعادة الانتشار الراهنة للقوات الروسية نحو الشرق ودونباس تثير تأويلات مختلفة ومتناقضة.

الانسحاب الروسي من محيط كييف

استعادت أوكرانيا في 2 إبريل 2022 السيطرة على جميع المناطق المحيطة بمدينة كييف، وأعلنت السيطرة الكاملة على منطقة العاصمة للمرة الأولى منذ أن بدأ الهجوم الروسي. وقال أوليكسي أريستوفيتش، مستشار الرئيس الأوكراني، إن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على أكثر من (30) بلدة وقرية في المنطقة، بحسب رويترز. فيما قال معهد دراسات الحرب إن الوحدات الروسية “أكملت إلى حد كبير انسحابها” من كييف بحلول 5 ابريل 2022.

وكان نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال ألكسندر فومينا قد صرح في 29 مارس 2022 “قررنا بشكل جذري، ولعدة أسباب تقليص أنشطتنا العسكرية في اتجاه مدن كييف وتشرنيغيف، من أجل زيادة الثقة المتبادلة وتوفير الظروف المطلوبة لمزيد من المحادثات في إسطنبول”. أزمة أوكرانيا ـ غزو القوات الروسية إلى أوكرانيا ـ هل من مواجهة محتملة مع الناتو؟

هزيمة استراتيجية روسية – وجهة النظر الغربية

تحتفي التقارير الغربية بالمقاومة الأوكرانية، التي أعاقت روسيا من تمكن الاستيلاء على المدن الرئيسية في أوكرانيا – العاصمة كييف وخاركيف وميكولايف و أوديسا – . فبينما تستعيد القوات الأوكرانية الأرض في عدة أجزاء من البلاد، تنسحب القوات الروسية من مواقعها على الجبهة الشمالية، -خاصة من مواقعها حول كييف-. وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالقول: “ما رأيناه في أوكرانيا هو بالفعل نكسة استراتيجية وربما حتى هزيمة لروسيا”.

ونشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية تقريراً رصد كيف تستخدم أوكرانيا هجمات مضادة بأسلوب حرب العصابات وتبادر بالهجوم على روسيا، فإربين، على سبيل المثال، كان يفترض أن تكون جسراً سهلاً للروس يدخلون منه إلى كييف. لكن قرار أوكرانيا بتفجير الجسور في العاصمة عطّل تقدم الجنود الروس، مجبراً إياهم على اللجوء إلى الالتفاف وعرّضهم للقصف والأسلحة الغربية المضادة للدبابات.

تراوحت الأسباب التي أدت للهزيمة الروسية من وجهة النظر الغربية، ما بين فشل خطوط الإمداد والتحديات اللوجستية وسوء التخطيط إلى حجم القوات غير الكافية.  يقول فرانسوا هايسبورغ، المستشار الخاص لمؤسسة فرنسا للأبحاث الاستراتيجية (FFRS)  إن السبب الأساسي لـ”لفشل الروسي”، على حد تعبيره، هو التحليل السياسي الخاطئ من قبل الكرملين الذي دفع المسؤولين إلى الاعتقاد بأنه لن تكون هناك مثل هذه المقاومة القوية من قبل الأوكرانيين، وهي حقيقة أدت أيضاً إلى التخطيط العسكري غير الكافي.

تتفق روث ديرموند، الباحثة في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن، على هذا الرأي قائلة: “لقد كانت كارثة، نحن نلاحظ خسائر كبيرة، وإخفاقات في الاتصالات واللوجستيات، وعلامات على الفساد. إنهم يُجبرون على اللجوء إلى المرتزقة، وهم ينسحبون من كييف، لا شك أن روسيا تخسر الحرب”.   الأزمة الأوكرانية ; تجنيد المقاتلين السوريين، حقائق وأبعاد

وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين تحدثوا لوكالة رويترز بتاريخ 25 مارس 2022 إن الصواريخ الروسية فشلت بنسبة تصل إلى (60%) في أوكرانيا، وهو التفسير المفترض للتقدم البطيء للغزو الروسي. وعلى الرغم من أن رويترز لم تتمكن من تحديد معدل الفشل الدقيق لصواريخ كروز التي يتم إطلاقها من الجو، قال خبيران قابلتهما الوكالة إن أي معدل فشل بنسبة  (20%) أو أكثر سيعتبر مرتفعاً.

يزعم مارك كانسيان، كبير المستشارين في المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية، أن روسيا قد تكون خسرت “حوالي ربع قوتها القتالية الأولية”. وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية عانت روسيا أمشكلة في أن قواتها تكبدت خسائر قاسية بسبب هجومها متعدد الجبهات “المفرط في التفاؤل وسوء التخطيط” وربما هذا ما دفعها للتركيز فقط الجبهة الشرقية. وبحسب الصحيفة، يمكن أن يكون عدد القتلى الروس في أوكرانيا من (7,000 إلى 15,000)، من قوة غزو تبلغ حوالي (140,000) جندي بحسب تقديرات غربية.

العملية الخاصة  

فسّر الخبراء العسكريين الموالين لروسيا الانسحاب الروسي من أطراف العاصمة الأوكرانية كييف، أن العاصمة لا تشكل أهمية استراتيجية أو عسكرية. والدليل تراجع القوات الروسية إلى حدود بيلاروسيا ومناطق الشرق لتعزيز المناطق التي تمت السيطرة عليها بالفعل، والتي تشكل هدفاً رئيسياً للعملية وليس العاصمة. وأن موسكو تهدف بالقصف الروسي للعاصمة وحصارها إيصال رسالة من خلاله، وهي الضغط على أوكرانيا في عملية التفاوض.

اتصالاً بذلك، أعلن الكرملين في 8 ابريل 2022 أن الحرب الروسية الأوكرانية قد تنتهي “في المستقبل القريب” لأن أهدافها تتحقق بفضل الجهد الذي يبذله الجيش والمفاوضون.  يمكن القول أن الاعلان الروسي عن نجاح عمليته الخاصة، ارتكز على المعطيات التالية:

  •  تمكن قوات جمهوريتي الدونباس (دونيتسك ولوغانسك) من السيطرة على مساحات واسعة من أراضي الإقليم لضمّها الى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومتين اللتين أعلنتا استقلالهما والانفصال عن أوكرانيا وفي هذا تنفيذ ميداني لأحد أهداف العملية المتصل بحماية السكان من أصل روسي من بطش القوات الأوكرانية.
  •  تدمير القدرات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية بحيث تمّ اخراج ما يوازي (75%) من هذه القدرات من الخدمة خاصة أسلحة الطيران والدفاع الجوي والمدرعات والبحرية.
  •  تدمير البنية العسكرية التحتية للجيش الاوكراني وقطع طرق إمداده من الغرب بشكل واسع وبنسب عالية.
  •  توجيه ضربة قاصمة للبرنامج البحثي الجرثومي والبيولوجي في المنطقة الشرقية من أوكرانيا والذي تموله وتديره أميركا وهو كما يبدو مخصص للنيل من روسيا ومصالحها الأمنية والدفاعية.
  •  حرمان أوكرانيا من شواطئها على بحر أزوف والبحر الأسود اذ بعد أن تم تحييد بحريّتها.

على ضوء ما تقدّم، وجدت روسيا نفسها أنها وفي أقل من (40) يوماً حققت الكثير من الإنجازات العسكرية وحجماً ملائماً من الضغط لحمل أوكرانيا الى طاولة التفاوض، ولذلك اتخذ بوتين قراره بتخفيف الوجود العسكري على الاتجاه الشمالي في جبهة كييف.

ينبغي الإشارة إلى أن هذا لا يعني خفضاً للتصعيد، بل إن المرحلة الأولى من العملية الخاصة الروسية “اكتملت بنجاح” على ما يبدو، وهي إضعاف القدرات العسكرية للجيش الأوكراني، من أجل تسهيل المهمة الروسية في تركيز جهودها على هدفها الرئيسي – السيطرة على دونباس بالكامل -، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن تثبيت وضع نهائي في دونباس هو الهدف الحقيقي من الحرب، وليس احتلال أوكرانيا بالكامل.

حيث يجادل العديد من المراقبين الموالين لروسيا بأن الانسحاب من الشمال خطوة عبقرية: الروس يعيدون تجميع صفوفهم لشن هجوم كبير في الشرق، وهذا ليس خطأ من الناحية الإستراتيجية، وفي الواقع، سيشكل الهجوم الروسي من أجل إحكام السيطرة على دونباس، تحولاً نوعياً في سياق العملية العسكرية، ما يشير إلى أن الانسحاب الروسي من الشمال خطوة متعمدة، من أجل إعادة صياغة مسرح العمليات وفق المعطيات الجديدة التي ستفرزها عملية السيطرة الكاملة على دونباس.

تكتيك روسي – ” نقطة انعطاف

يتوقع مسؤولو الإدارة الأميركية أن يمثل الانسحاب الروسي من كييف، وإعادة تجميع القوات الروسية شرقي أوكرانيا بداية فصل جديد من الحرب و “نقطة انعطاف”، قد ينذر بقتال أبشع مستقبلاً.  حيث قال وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الأميركيَان خلال جلسة استماع في الكونغرس بتاريخ 8 ابريل 2022 إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “تخلى” عن مساعي السيطرة على كييف للتركيز على إقليم دونباس، مؤكدين أن نتيجة الحرب في أوكرانيا “لم تتضح بعد”. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، قد رجح في إفادة صحافية لـ “واشنطن بوست” في 5 ابريل 2022، أن الكرملين “راجع أهدافه الحربية”، ويحاول حالياً “تركيز عملياته الهجومية في شرق وأجزاء من جنوبي أوكرانيا”.

وفي هذا الإطار، سبقهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، وقال في 3 ابريل 2022 إن سحب روسيا للقوات من كييف ليس انسحاباً حقيقياً، وإنما إعادة نشر للقوات يمكن أن يتبعها مزيد من الهجمات. ورأت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقريرها المنشور في 3 ابريل 2022 أن الأمر المرعب هو أن يستمر المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في التأكيد على أن الحرب هي “هزيمة استراتيجية” لبوتين.

نقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين أن الرئيس بوتين يضع نصب عينَيه تاريخ التاسع من مايو المقبل، ذكرى عيد النصر في روسيا، لإعلانه تحقيق النصر في الشرق الأوكراني.  سيحدد هذا التاريخ ما إذا كانت هذه المرحلة الأولية من الحرب هي نهاية المعركةـ أم مجرد بداية جديدة من حرب الاستنزاف، تماماً مثل تجربة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في أفغانستان.

الإنعطافة الروسية ترافقت مع إعادة روسيا تنظيم قيادة القوات الروسية في أوكرانيا ووضع قائداً جديداً، الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، والذي كان يقود القوات الروسية في سوريا ويتمتع بخبرة عملياتية كبيرة. في خطوة يرتقب أن ترفع فعالية الغزو الروسي، بحسب ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية نقلاً عن مسؤول غربي، في 9 ابريل 2022.

وتبرز المنطقة الشرقية من أوكرانيا، المعروفة باسم دونباس، باعتبارها ساحة المعركة الأكثر أهمية في هذه المرحلة من الحرب بين الجيش الروسي والقوات الأوكرانية. ووفقاً لتقديرات مخابراتية، فقد وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نصب عينيه السيطرة الكاملة على هذه المنطقة أثناء سحب قواته من ضواحي كييف. الأزمة الأوكرانية ـ أهمية إقليم دونباس وماريوبول في خريطة الصراع. بقلم بسمه فايد

كما يسعى الروس إلى بسط سيطرتهم الكاملة على ماريوبول الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا والمطلة على بحر آزوف ـ والتي أصبحت تحت سيطرة موسكو، اذ أكد زعيم الانفصاليين في منطقة دونيتسك، دينيس بوشيلين، 11 ابريل 2022، أن قواته سيطرت بشكل كامل على منطقة المرفأ في المدينة التي يحاصرها الجيش الروسي منذ أكثر من شهر.

ويشدد بيار رازو  مدير “المؤسسة المتوسطية للدراسات الإستراتيجية ” على أهمية السيطرة مدينة ماربول، ويقول إن هذا الأمر من شأنه أن يوفر سيطرة للجيش الروسي من القرم، وصولاً إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين؛ ما سيمكّن الروس من إحكام قبضتهم على ما تبقى من منطقة دونباس وبسط سيطرتهم على جنوب أوكرانيا وسواحل بحر آزوف.

**

أزمة أوكرانيا.. هل من تقارب في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا ؟

لا تزال المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا تتسم بـ”الصعوبة البالغة”، على حد وصف وزيري خارجية البلدين، فبعد انتهاء خمسة جولات من المناقشات، عقدت على مدار شهرين من بدابة الأزمة في 14 فبراير عام 2022، لم تسفر عن أية نتائج أو حلول حقيقية، فيما يبقى الباب مفتوحاً أمام الاحتمالات الخاصة بعملية التفاوض ومسارات الحل الدبلوماسي.وصف وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، المفاوضات بين بلاده وأوكرانيا بأنها ليست سهلة وتسير بصعوبة، مشيراً إلى أن بلاده ستسعى جاهدة لضمان الوفاء بجميع مهام عملية التفاوض، وقال في تصريحات للصحفيين بعد محادثات مع نظيره الأرميني أرارات ميرزويان في موسكو، يوم 8 أبريل عام 2022: ” إن هذه المفاوضات تسير بصعوبة، ولكننا سنسعى جاهدين لضمان تنفيذ جميع المهام المحددة”.

فيما توقع وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، المزيد من المحادثات على مستوى وزراء الخارجية، و قال في تصريحات على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، يوم الخميس 7 أبريل 2022، إنه عرض على نظيره الأوكراني ديمترو كوليبا أن تستضيف تركيا الجولات القادمة للمفاوضات مع روسيا، وأضاف أن بلاده ما زالت متفائلة وحذرة، وستواصل مساعيها وبذل قصارى جهدها لإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية. من جانبها نفت أوكرانيا مزاعم الرئيس الروسي بأنها أخرجت محادثات السلام عن مسارها بتغيير مطالبها، واتهم ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، بوتين بممارسة الضغط على أوكرانيا من خلال تصريحاته العلنية حول المفاوضات، وقال بودولياك إن المفاوضات كانت صعبة للغاية، لكنها مستمرة، حيث تبحث كييف عن ضمانات أمنية خارجية.

جولة مفاوضات خامسة دون حلول

أعلنت تركيا، منذ اليوم الأول لبدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير عام 2022، أنها ستظل في حالة تنسيق مع الغرب وحلف شمال الأطلسي، لكنها في ذات الوقت لن تتجه إلى المخاطرة في علاقاتها مع روسيا، من خلال إبداء أي نوع من الاصطفاف الكلي مع أوكرانيا.

الجولة الأولى: يوم 1 مارس 2022 قالت موسكو إن المحادثات بين المسؤولين الروس والأوكرانيين بدأت على حدود روسيا البيضاء مع تزايد العزلة الدبلوماسية والاقتصادية لروسيا بعد مرور أربعة أيام على غزو أوكرانيا في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

الجولة الثانية: يوم 3 مارس 2022 أفادت وسائل إعلام أوكرانية نقلاً عن مصادر دبلوماسية في كييف عن القيام بإجراء الجولة الثانية من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، أوضح مصدر دبلوماسي، حسب تقارير إعلامية أوكرانية، أن مطالب روسيا خلال المفاوضات تشمل علي  تثبيت وضع أوكرانيا خارج التكتلات على مستوى برلماني وإجراء استفتاء والاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين في حدود مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، و اجتثاث النازية من أوكرانيا.

الجولة الثالثة: يوم 7 مارس 2022 أعلنت سفارة موسكو لدى مينسك، عن اختتام الجولة الثالثة من المفاوضات بين الحكومة الروسية والسلطات الأوكرانية في بيلاروسيا، وجرت المفاوضات في منطقة بيلافيجسكايا بوشا، التي استضافت الجولة الثانية من العملية التفاوضية يوم 3 مارس، وأفاد مفاوض أوكراني لوسائل إعلام أوكرانية، إن “المحادثات مع روسيا أثمرت تطورات إيجابية طفيفة فيما يتعلق بالممرات الإنسانية، لكنها لم تؤد لنتيجة تحسن الوضع كثيرًا”، على الجانب الأخر، قال رئيس الوفد الروسي المفاوض لوسائل إعلام روسية، إن “توقعاتنا من مفاوضات اليوم خابت ولكننا سنواصل التفاوض، وقدمنا نصوص اتفاقات للجانب الأوكراني لكنه لم يوقعها وطلب عرضها على القيادة في كييف”.

الجولة الرابعة: بدأت الجولة الرابعة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا عبر الفيديو، يوم 14 مارس 2022، وقال ميخائيلو بودولياك، وهو أحد المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع روسيا، إن الجولة الجديدة تركز على التوصل لوقف إطلاق النار، وسحب القوات، والضمانات الأمنية التي تطلبها كييف. وأضاف في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن “موقف أوكرانيا لم يتغير في الإصرار على وقف إطلاق النار قبل إجراء محادثات بشأن العلاقات المستقبلية” كما أضاف “مفاوضات الجولة الرابعة حول السلام ووقف إطلاق النار والانسحاب الفوري للقوات والضمانات الأمنية. نقاش صعب”، مضيفا أنه يعتقد أن روسيا “لا تزال تعيش في وهم بأن 19 يوما من العنف ضد المدن الأوكرانية السلمية هو الاستراتيجية الصحيحة”.

 الجولة الخامسة: بعد إخفاق 4 جولات من المفاوضات بين موسكو وكييف تم عقد الاجتماع الخامس في إسطنبول في 31 مارس 2022، وجاء تأكيد الكرملين بـ”عدم إحراز أي تقدّم” ليخيب الآمال في إنهاء الحرب التي انعكست تداعياتها على العالم أجمع، دخل الطرفان المفاوضات بجعبة كل منهما عدة مطالب، فبينما تتمسك أوكرانيا بـ”وقف إطلاق نار وفتح ممرات إنسانية”، فإن روسيا تشدد على “الحياد وعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، نزع سلاح أوكرانيا والأمن الجماعي، استخدام اللغة الروسية، والتخلص من النازية الجديدة”، أما الملفان الأكثر تعقيدًا فهما ما يتعلق بالسيادة على إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم. ملف النازيون الجدد و المقاتلون الأجانب في أوكرانيا، من هم ؟

ووصف الوفد الأوكراني المشارك في المحادثات الجولة الخامسة بأنها “إيجابية وبناءة”، مضيفا أن ثمة تقدم أحرزه الطرفان في بعض القضايا، مؤكدا التزام كييف بالحياد و”عدم الانضمام إلى الناتو والتعهد بأن تكون القواعد العسكرية في أوكرانيا خالية من أي وجود أجنبي”، وقال نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، عضو الوفد الروسي المفاوض في جولة المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، يوم 29 مارس 2022 إن موسكو اتخذت قرارا يقضي بـ “تخفيف حدة العمليات العسكرية” في مدينتي كييف وتشيرنيهيف، وأضاف فومين، بعد جولة مفاوضات جمعت الطرفين، أن الخطوة الروسية تهدف إلى “تعزيز اجراءات الثقة المتبادلة وتهيئة الظروف المناسبة لإنجاح المفاوضات”.ملف: أزمة أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، سبل الدعم والمواجهة

 سيناريوهات مرتقبة للحرب الأوكرانية

لا يمكن لأحد أن يجزم بما ستأول إليه الأمور في أوكرانيا، وسط تصاعد دخان الحرائق والتفجيرات، وتواصل المعارك في الشوارع، والساحات، بينما يتابع العالم مأساة عائلات الضحايا والنازحين، ويسمع عن التحركات الدبلوماسية بعيدا عن الأضواء.

تصعيد الهجمات الروسية في حرب قصيرة الأمد: يفترض في هذا السيناريو أن تصعّد روسيا عملياتها العسكرية. في هذه الحالة قد يزداد القصف العشوائي المدفعي والصاروخي في مختلف المناطق بأوكرانيا. ويرجح حينها أن تشن القوات الجوية الروسية، التي لم يكن لها دور كبير حتى الآن، غارات مدمرة، وأن تتعرض المؤسسات الأوكرانية الرئيسية إلى هجمات الكترونية واسعة.

حرب طويلة دون التوصل لاتفاق قريب: يتوقع هذا السيناريو أن يتطور النزاع إلى حرب طويلة الأمد. وربما تستغرق القوات الروسية وقتاً أطول في السيطرة على المدن مثل كييف، التي يقاتل المدافعون عنها من شارع لشارع، فيؤدي ذلك إلى حصار طويل الأمد، ويعيد القتال إلى الأذهان الصراع الوحشي الطويل الذي خاضته روسيا في التسعينيات للسيطرة وتدمير غروزني عاصمة الشيشان.أزمة أوكرانيا ـ تكتيكات روسيا بعد الانسحاب من أطراف كييف

هل التدخل الأوروبي محتمل؟

يرتبط هذا السيناريو برغبة الرئيس بوتين في استعادة أجزاء من الإمبراطورية الروسية السابقة، فيرسل قواته إلى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً، مثل مولدوفا وجورجيا وهما ليستا في حلف الناتو، وقد يكون الأمر مجرد تصعيد وحسابات خاطئة، وقد يعلن الرئيس بوتين أن إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة عدوان يتطلب الردّ، قد يهدد بإرسال قواته إلى دول البلطيق، التي هي في حلف الناتو، مثل لتوانيا، وفتح ممر أرضي إلى الجيب الروسي الخارجي الساحلي كالينينغراد. وسيكون هذا الأمر بالغ الخطورة وقد ينذر بحرب مع حلف الناتو.

المسار الدبلوماسي

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن “السلاح نطق الآن، ولكن لابد أن يبقى طريق الحوار مفتوحاً”. والحوار متواصل فعلاً، إذ تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى الرئيس بوتين هاتفياً. يقول دبلوماسيون إن الغرب يواصل استشعار مواقف موسكو. كما أن المسؤولين الروس والأوكرانيين أحدثوا مفاجأة عندما التقوا لإجراء محادثات على الحدود مع بيلاروسيا. وإن كانت المحادثات لم تحقق أي تقدم، فإن بوتين على الأقل قبل باحتمال التفاوض على وقف إطلاق النار.

التقييم 

كان اعتراف روسيا بجمهوريتي “دونيتسك ولوهانسك” الشعبية الانفصاليتين في أوكرانيا بمثابة مقدمة لهجمات القوات الروسية على أهداف أخرى في جميع أنحاء أوكرانيا ، بعد أن تعهد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بنزع السلاح في البلاد واستبدال قادتها. وقد أدى ذلك إلى زيادة المخاطر بشكل كبير في المنطقة المضطربة بالفعل ، والتي يمزقها الصراع منذ عام 2014.

لا تزال روسيا تواجه مهمة صعبة في أوكرانية و تراهن موسكو على قدراتها العسكرية لتحقيق نصر في شرق أوكرانيا لإنقاذ الغزو الروسي المتعثر بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية ” كييف” بحرب خاطفة مما أجبر الكرملين على تقليص أهدافه الحربية. ينصب التركيز الروسي الآن على الاستيلاء على مناطق “دونباس” الأوكرانية في “دونيتسك ولوهانسك” وربما أكبر قدر ممكن من الساحل الجنوبي ، مما يسمح لبوتين بإنشاء ممر بري إلى شبه جزيرة القرم التي ضمها في عام 2014.

السماح لروسيا بضم هاتين المنطقتين أو السيطرة عليهما قد يكون جزءًا من حل وسط يمكن أن يهدئ من “بوتين” ويمنع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. لكن أوكرانيا لاترى في “دونباس” ورقة ضغط أو مساومة ، وأي خطوة لقبول النسخة الروسية من اتفاقيات مينسك ستُفهم داخل أوكرانيا على أنها استسلام ولن تستعد كييف للتنازل عن حقوقها القانونية والاستسلام لروسيا.

**

سحب روسيا قواتها تدريجياً من غرب أوكرانيا والتركيز على إحكام السيطرة على الأقاليم الشرقية، وخصوصاً إقليم دونباس والشريط البري الرابط بينه وبين شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014، يتم تصويره الآن من جانب التسريبات الاستخباراتية الأمريكية على أنه هزيمة لبوتين أو على الأقل فشل لخطته الأصلية، على الرغم من أن ذلك يعتبر انتصاراً من وجهة نظر الكرملين.

إذ تشير البيانات المتاحة إلى أن روسيا تُلحق أضراراً جسيمة بأوكرانيا. لقد حققت تقدماً كبيراً في الأراضي الأوكرانية. علاوة على ذلك، فقد نجحت في جعل الحكومة في كييف تتحدث علانية عن التفاوض بشأن وضع محايد لأوكرانيا كجزء من اتفاق سلام محتمل.

روسيا تسير وفق خططها العسكرية الموضوعة منذ بدء هذه الحرب. والتي ترتكز أساساً على السيطرة علي المناطق التي فيها نسبة شعبية كبيرة مؤيدة لها في شرق أوكرانيا. ولهذا لم نر أي تقدم عسكري روسي جدي نحو العاصمة كييف وأوديسا وغيرهما من مدن. كونه ليس من مصلحة روسيا التمدد نحو المناطق البعيدة نسبياً عن حدودها مع أوكرانيا. خاصة وأن القوات الأوكرانية منتشرة فيها بكثافة. وغالبية السكان في تلك المناطق ضد التدخل الروسي على عكس معظم سكان شرق البلاد.

أوكرانيا من جانبها سوف تدرك تغيرات طبيعة الحرب، حيث أصبحت خطوط إمدادها، ولا سيما الأسلحة من الغرب، أكثر تدفقاً وأماناً. لكن على الرغم من الهجمات المضادة المحدودة، لا يوجد ما يشير إلى أن قواتها لديها القدرة على صد القوات الروسية حيث حققت مكاسب في الشرق والجنوب.

هناك موقف معقد تمر به الحرب الروسية الأوكرانية حالياً، ففي الوقت الذي تزداد فيه التكهنات التي تقف خلف الغاية الرئيسية وراء الانسحاب الروسي الأخير، إلا أنه لا بدَّ من التأكيد أن هناك واقعاً عسكرياً صعباً تواجهه روسيا في أوكرانيا، ويبدو أن الرئيس بوتين قد يطمح في الأيام المقبلة، وبناءً على خطوة الانسحاب الأخيرة، والسيطرة على الشرق الاوكراني أن يعلن النصر في هذه الحرب وعلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية، من أجل تحقيق عدة أهداف، أبرزها إيقاف الحرب، وتثبيت الوضع القائم في الشرق، وتغيير الخارطة الأوكرانية، وتخفيف الضغوط الغربية.

**

يعتمد المسار التفاوضي إلى حد كبير على عملية وقف إطلاق النار باعتبارها محور أساسي لبدء عملية حوار جاد يمكن البناء عليه، وفي الوقت ذاته تفرض روسيا شروطاً يعتبرها الجانب الأوكراني صعبة، فيما تؤكد كييف على جديتها في عدم الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو أمرر يعزز عملية التفاوض مع موسكو إلى حدٍ كبير.

تتنوع السيناريوهات الخاصة بالأزمة الأوكرانية في ضوء الجمود الذي يشوب عملية التفاوض الحالية، وبالرغم من التأكيدات من جانب تركيا على قدرتها لعب دور الوسيط بين الجانبين، إلا أن المباحثات التي جرت في اسطنبول حتى الآن لم تجدي إلى جديد ولم تنجح في التوصل لاتفاق، لعدة أسباب سياسية وجيوسياسية تتعلق بموقف أنقرة من موسكو منذ بداية الحرب من جهة ومحدودية قدرتها على لعب دور الوسيط الإقليمي من جهة أخرى.

**

رابط مختصر …..https://www.europarabct.com/?p=81352

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

دونيتسك ولوهانسك – ما موقعهما في خريطة صراع روسيا وأوكرانيا؟

https://bit.ly/3DTGden

ماريوبول: لماذا تحظى المدينة الساحلية بأهمية كبيرة ضمن خطط روسيا في أوكرانيا؟

https://bbc.in/3ukT59Z

ما سر بحر “آزوف” المتفرع من البحر الأسود الذي تريد روسيا السيطرة عليه؟

https://bit.ly/3ulc844

استماتة للسيطرة عليه.. ما سر بحر آزوف الذي “تريده” روسيا؟

https://bit.ly/3ujOPrb

حرب الموانئ تشتعل بأوكرانيا.. ماذا يعني سقوط مدينة خيرسون الاستراتيجية بيد روسيا؟

https://bit.ly/3KgKx9

**

أوكرانيا تعلن استعادة السيطرة على منطقة كييف وروسيا تركز على الشرق

https://bit.ly/37cz3FZ

RUSSIAN OFFENSIVE CAMPAIGN ASSESSMENT, APRIL 5

https://bit.ly/3rjQuLI

Military briefing: Ukraine uses guerrilla counter-attacks to take fight to Russia

https://on.ft.com/3JCVoJP

Ukraine Isn’t yet a ‘Strategic Defeat’ for Putin

https://on.wsj.com/3vaduho

Russian Casualties in Ukraine: Reaching the Tipping Point

https://bit.ly/3LRKj9i

معلومات استخباراتية تكشف نسبة فشل الصواريخ الروسية في أوكرانيا

https://arbne.ws/3jusKQA

Senior Defense Official Holds a Background Briefing

https://bit.ly/3uzbKze

How Kyiv’s outgunned defenders have kept Russian forces from capturing the capital

https://wapo.st/3O4lk4D

**

من دون مصافحة.. انطلاق مفاوضات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا

https://bit.ly/3vdf2ap

بدء الجولة الرابعة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا

https://bit.ly/3E8qLuV

استئناف المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والحرب تلامس الغرب الأوكراني

https://bit.ly/3EbkWg2

روسيا وأوكرانيا: موسكو تقول إنها “ستقلص عملياتها العسكرية” في كييف وتشيرنيهيف لتعزيز “الثقة”، والغرب يشكك بجديتها

https://bbc.in/3uF5RQV

روسيا وأوكرانيا: كيف يمكن للحرب أن تنتهي؟ 5 سيناريوهات محتملة أزمة أوكرانيا

https://bbc.in/3xrdvQS

Russia-Ukraine: A negotiated settlement will be difficult

https://brook.gs/3KEWPZG

**

 

 

 

 

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...