المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا و هولندا
إعداد : وحدة الدراسات والتقارير
يمكنكم الأطلاع على الملف بصيغة pdf على الرابط التالي ……ملف مكافحة الإرهاب وغياب الدور الأوروبي pdf
ملف مكافحة الإرهاب ـ غياب الدور الأوروبي بحل النزاعات الإقليمية والدولية
محاربة داعش في سوريا والعراق ـ الدور الأوروبي
يُعد الاتحاد الأوروبي شريكاً غير عسكري في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش في سوريا والعراق. وتبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجيته الخاصة بسوريا والعراق منذ عام 2015 ، والتي أتاحت مزيداً من الاهتمام بتعزيز الجانب الأمني. كما تبنّى الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأوروبية مجموعة من التدابير والإجراءات الشاملة ركزت في الغالب على تقديم المشورة الاستراتيجية وتنسيق إصلاح القطاع الأمني وتحديث أجهزة الاستخبارات.
واقع تنظيم داعش في سوريا
يشير تقرير لـ “الغارديان” في 12 يوليو 2021 إلى أنه وبعد أربع سنوات من “هزيمتهم المذهلة في معركة الموصل، يعيد مقاتلو داعش تجميع صفوفهم”. وقد باتت مجموعات صغيرة من المقاتلين تهاجم نقاط تفتيش عسكرية وأمنية وتغتال قادة محليين وتهاجم شبكات لنقل الكهرباء ومنشآت نفطية. ويؤكد التقرير أن أعدادهم “لا تزال جزءا صغيرا مقارنة بما كانت عليه عندما حكمت الخلافة مساحات شاسعة من العراق وسوريا”. ويضيف أنهم و”بسبب حرمانهم من الدعم المحلي في المدن والبلدات بعد الدمار الذي ألحقوه بالمجتمعات ولأنهم غير قادرين على السيطرة على الأراضي في مواجهة القوات الحكومية الأكثر تفوقا، فقد لجأوا إلى نمط حياة يشبه الرحل ومع استنزاف مواردهم المالية بشدة، يبحثون عن مأوى في الجبال والوديان ويتحركون باستمرار حتى يتم حشد الموارد الكافية والرجال لتنظيم هجوم.
الدور الأوروبي في مكافحة الإرهاب في سوريا و العراق
ألمانيا: وافق مجلس الوزراء الألماني في 12 يناير 2022، على تمديد مهمة الجيش في العراق لمدة (9) أشهر مع تعديل التفويض الممنوح للجيش في هذه المهمة .وبوجه عام تتم الاستعانة إجمالا بنحو (500) جندية وجندي”ويتمثل التعديل في التفويض استبعاد سوريا رسميا كمنطقة عمليات للجيش في هذه المهمة، وذلك بعد أن أوقفت ألمانيا تنفيذ طلعات استكشافية في المجال الجوي السوري. وتعزز برلين قطاع الأمن في العراق ضمن إطار بعثة الناتو لدى هذه الدولة، بالإضافة إلى مشاركتها في عمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد “داعش”. وتشمل العمليات الألمانية بالعراق إعادة التزود بالوقود في الجو، والنقل الجوي، والرصد الجوي، والمشاركة في تحليقات الناتو، بالإضافة إلى تعزيز قدرات قوات الجيش والأمن العراقية وتقديم خدمات استشارية إليها. مكافحة الإرهاب ـ التحالف الدولي في العراق وسوريا، قراءة مستقبلية. بقلم جاسم محمد
حذر رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND) من تنامي قوة تنظيم (داعش) رغم انهيار خلافته في سوريا والعراق في 15 يوليو 2021. ويتفق “إريك شتولنفيرك” الباحث المختص في شؤون الإرهاب ومنطقة الساحل في معهد(GIGA) مع الرأي بأن تنظيم داعش لا يزال قويا جدا في سوريا والعراق. ويضيف “علاوة على ذلك، فإنه يمتلك روابط قوية مع مناطق أخرى في العالم مثل منطقة الصحراء الكبرى في أفريقيا وخاصة منطقة الساحل”.
فرنسا: حذرت “فلورنس بارلي” وزيرة الدفاع الفرنسية في 11 يناير 2021 وفقا لـ”BBC” من إن تنظيم “داعش” قد يعود إلى الظهور مجدداً في سوريا والعراق. وأكدت أن فرنسا ترى تنظيم “داعش” لا يزال موجوداً. حتى أنه يمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة ظهوره في سوريا والعراق”. وأضافت أنه “منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات، حيث كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش تستعيد قوتها في سوريا”.
تشارك فرنسا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم “داعش” بـ(4) طائرات من طراز “رافال”. ويوجد قرابة (900) جندي يواصلون القتال ضدّ داعش في إطار عملية شامال” المنضوية في التحالف الدولي لمكافحة التنظيم الجهادي وفقاً لـ”فرانس24″ في 13 يناير 2021. أعلنت باريس عن تنفيذ حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول” مهمّة في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي المحيط الهندي في إطار العمليات العسكرية التي يقودها التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضدّ تنظيم “داعش” في سوريا والعراق. مكافحة الإرهاب في العراق ـ ماهي الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي؟
جددت السلطات الفرنسية في 20 نوفمبر 2021 دعمها العراق في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية وأكدت على دعم العراق في مجالات مكافحة الإرهاب، ومساندة الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية في ملاحقة بقايا تنظيم داعـش بالتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي.
بريطانيا: أكدت صحيفة “ديلي ميل” في 15 فبراير 2021 وفقا لـ”الحرة” عن مصادر عسكرية أن قوات التحالف الدولي تعتزم زيادة عدد جنودها في العراق ليصل إلى (5) آلاف عنصر. وإنه يجري إرسال مئات من الجنود البريطانيين إلى العراق في أكبر زيادة للقوات البريطانية هناك منذ حرب الخليج الأخيرة. ويتمركز (100) عنصر بريطاني لتدريب قوات الأمن العراقية في إطار مهمة التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، مع إمكانية تأديتهم لأدوار أمنية . أسقطت مقاتلة حربية بريطانية من طراز “تايفون” في 19 ديسمبر 2021 طائرة مسيّرة اقتربت من قاعدة “التنف” جنوبي سوريا يعتقد بأنها تعود إما لتنظيم داعش الإرهابي أو ميليشيات مدعومة من إيران.
إيطاليا – اعتزمت إيطاليا في 28 يونيو 2021 الاحتفاظ بوحدة عسكرية في العراق ويقدر قوام هذه الوحدة بأكثر من (800) فرد متمركزة بين العراق والكويت وفقا لـ”سبوتنيك”. وأكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في 28 يونيو 2021 على أن التكتل الموحد يعمل كشريك غير عسكري في سورية والعراق للتحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش.
يقول “بيتر نيومان” أستاذ الدراسات الأمنية في”كينجز كوليدج” لندن في 1 يناير 2021، إن تنظيم “داعش” أضعف بشكل كبير مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات. وإن فكرة “الخلافة” المعلنة في 2014 لم تعد تثير الانبهار، مضيفاً أن تنظيم “داعش” يخضع لمراقبة شديدة، خاصة في العراق. وأضاف نيومان “هناك ضغوط هائلة هناك ، مما يجعل من الصعب عليها تنظيم نفسها والحصول على أسلحة جديدة وتجنيد أعضاء جدد”. “كل هذا يضعف الحركة بشكل كبير في بلدانها الأصلية – العراق وسوريا”.
**
مكافحة الإرهاب في ليبيا ـ الدور الأوروبي
أتمت الأزمة الليبية عقدها الأول بانتهاء عام 2021، ومازالت مستمرةً في التأرجح بين التسوية المُعطلة واحتمالات الارتداد إلى ميادين المواجهة والصراع، فيما تحتل صدارة أجندة أعمال دول أوروبا سواء كان الأمر على المستوى الوطني أو على مستوى الاتحاد، ويرجع ذلك بالأساس إلى التداعيات الخطرة للأزمة الليبية على أمن دول أوروبا، التي لا تبعد أكثر من 200 كلم عن الشواطئ الليبية.
حتى العام 2020 فشلت محاولات الأوروبيين في الظهور بمظهر “الكتلة المتماسكة والمتجانسة” حيال التطورات في ليبيا، فكلاً من فرنسا وايطاليا اللتين كانتا مُتحمّستيْن لإنهاء حكم القذافي، وجدتا نفسيهما في خلاف بينيّ واضح حول تطويع الميليشيات المنفلتة وسبل التعامل مع الفوضى التي اعقبت رحيل النظام السابق. فبينما دعمت إيطاليا حكومة رئيس حكومة الوفاق المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، قدمت فرنسا – التي تقود حلفاً عسكرياً بين خمسة بلدان صحراوية تجاور ليبيا بحكم الجغرافيا- دعماً لحفتر في سياق سعيها إلى تعزيز نفوذها على الساحل الليبي، ومكافحة الإرهاب الافريقي.
بريطانيا من ناحيتها، تطالب بتطبيق حظر تصدير السلاح بشكل كامل إلى ليبيا، واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد، موقف يتقاطع في الجوهر مع الموقف الألماني المطالب بضرورة وقف إطلاق النار، واستبعاد الحل العسكري للصراع، والدفع نحو إيجاد حل سياسي جذري للأزمة عبر استدعاء جميع الأطراف المتحاربة وداعميهم من الخارج، ودفعهم للجلوس على طاولة المفاوضات.
دوافع الإهتمام الأوروبي بالملف الليبي
موقّف “المتفرّج” للاتحاد الأوروبي في تعاطيه مع الملف الليبي خلال السنوات الماضية، قد أوجد فراغاً مكّن دولاً كتركيا وروسيا من تعزيز حضورها في الأراضي الليبية ، ما شكل تهديداً مباشراً لدور الاتحاد الأوروبي، و خطراً على فقدان نفوذه الجيوسياسي في منطقة شمال أفريقيا، والتي تُعد الحديقة الخلفية لدول الاتحاد الأوروبي.
إذ تُعد ليبيا ورقة رابحة لروسيا لمحاصرة أوروبا من الجنوب بما يجعل روسيا منافساً خطيراً لحلف الناتو في المتوسط، ويُهدد أمن أوروبا بشكل مباشر، أو على الأقل يمثل ورقة ضغط عليهم تقوِّض خياراتهم أمام ملفات شائكة تنتظر التفاوض.
ذات الأمر ينطبق تقريباً على التمدد التركي في ليبيا، الذي قد يهدد أمن الدول الأوروبية من محاور عدة، لعل أبرزها تدفق المهاجرين والارهابيين واستغلال مصادر الطاقة لابتزاز الجانب الأوروبي، ناهيك عن صفقات اعادة الاعمار في ليبيا وهي مغرية لكافة الاطراف.
وقد حذر وزير الداخلية الإيطالي الأسبق “ماركو مينيتي” في مقال لجريدة “لا ريبوبليكا” الإيطالية في 7 يناير2022 من استمرار سيطرة موسكو وأنقرة على ليبيا داعياً إلى مبادرة حقيقية، قوية لا لبس فيها من جانب أوروبا، التي طالبها بـدور ريادي مباشر لقارة عظيمة تتحمل مسؤولية المبادرات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى ضمان الاستقرار والأمن في منطقة المتوسط.
وسبق وأن حذر كذلك وزير خارجية الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” من أن تركيا ستكون قادرة على ممارسة نفوذها بطريق الهجرة من ليبيا وأنه بفضل القواعد البحرية التي ستكون قادرة على امتلاكها في ليبيا مقابل السواحل الإيطالية، فإن تركيا سيكون لها تأثير على طرق الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط، كما هو الحال في شرق البحر المتوسط، وفقاً لـ”DW” في 29 يوليو 2021.
أما الدافع الثاني لزيادة الاهتمام بالأمة الليبية؛ فيتمثل في الخوف الأوروبي من انتقال الجماعات الارهابية الموجودة في ليبيا إلى أوروبا، على اعتبار قرب المسافة بين المنطقتين، لاسيما و أن دول الاتحاد الأوروبي لم تعد تحتمل أكثر التهديدات الأمنية المتزايدة على أراضيها من طرف الحركات الجهادية والارهابية، ولعل حقيقة أن الرئيس التشادي إدريس ديبي قُتل في أبريل 2021 على أيدي المتمردين المتمركزين في ليبيا تمثل أبرز مثال على دور البلاد كمصدر لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي.
وهو ما عبر عنه الممثل السامي لـ الاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، نائب رئيس الاتحاد “جوزيب بوريل”، في رسالة إلى المجلس الرئاسي الليبي في 22 ديسمبر 2021، أكد فيها على أن أمن أوروبا وازدهارها مترابطان بشكل أساسي مع أمن وازدهار ليبيا، واقتناعاً بالدور الفاعل لِليبيا في استقرار البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا والساحل، وفقاً لـ”وكالة الانباء الليبية”.
ثالث الدوافع؛ هو تصاعد تدفقات الهجرة غير الشرعية غير الخاضعة للرقابة من وإلى البلاد وكذلك انتشار شبكات الإتجار المسلحة أدت إلى ظهور آثار غير مباشرة ليس فقط على الدول المجاورة ولكن شمال وجنوب المتوسط بأكمله. لتصبح التحديات الأمنية في ليبيا مفهوماً غير قابل للتجزئة تؤدي بآثار مباشرة وغير مباشرة على الترابط بين الأمن الأوروبي والمتوسط.
وَوفقاً لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، فإن أعداد المهاجرين الواصلين لإيطاليا من ليبيا في عام 2021 وصلت لأكثر من 123ألف مهاجر، فيما اعترض خفر السواحل الليبي ما يقارب31 ألف مهاجراً ولاجئاً وأعادهم إلى ليبيا ، حسبما جاء في “Infomigrants ” بتاريخ 19 يناير 2022.
فيما يكمن الدافع الأهم؛ في الصراع على الحصول على مصادر الطاقة و الموارد الطبيعية الموجودة في ليبيا، والاتحاد الأوروبي من خلال اهتمامه بالأزمة الليبية، فإنه يحاول الإبقاء على التوازنات الاقليمية في استغلال موارد الطاقة، ومنع الفاعلين الجدد مثل تركيا وقطر من كسر النفوذ الطاقوي الأوروبي في ليبيا.
حيث كشفت وكالة الطاقة الأمريكية ارتفع احتياطي النفط الليبي من 48 مليار إلى 74 مليار برميل، لتحتل بذلك المركز الخامس عالمياً، وبمخزونها الاستراتيجي من الطاقة ترفع ليبيا العمر الافتراضي لإنتاجها النفطي من 70 إلى 112 عاماً، كذلك ارتفاع احتياطات الغاز الليبي إلى ثلاثة أضعاف حيث بلغ 177 ترليون قدم مكعب، وفقاً لـ”DW” في 7 ابريل 2021.
المبادرات الأوروبية لحل الأزمة
لطالما أكدت الحكومات في باريس ولندن وبرلين وروما جمعيها على ضرورة التوصل إلى حلٍ سياسي للأزمة الليبية، لكن كان ثمة تباين بين تلك الحكومات في تأويل هذا الموقف تبعاً لتباين المصالح فيما بينها، بيد أن التدخل التركي دفع تلك الحكومات إلى تقديم تنازلات بينية بغية التوصل إلى موقف أوروبي فاعل وقادر على المساهمة في توجيه دفّة الأمور التي تشهدها ليبيا، ولعل أهم المرتكزات كانت قد وضعت في مؤتمر “برلين 1″، والذي ناقش العملية الانتقالية الليبية.
مؤتمر برلين(1) و (2)
عقد مؤتمر السلام الخاص بليبيا في برلين بألمانيا في (19 يناير 2020)، وشارك فيه قائد الجيش خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الوطني السابق، فايز السراج، إلى جانب عدة منظمات دولية و11 دولة، ومن أبرز النقاط التي توصل إليها المشاركون: لا حلاً عسكرياً للنزاع، وكذلك احترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا.
أما مؤتمر برلين (2) الذي عقد حول ليبيا، الذي اختتم أعماله في العاصمة الألمانية يوم (23 يونيو 2021 )، مؤكداً على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر يوم 24 ديسمبر2021، والانسحاب الفوري للمرتزقة الأجانب من ليبيا، وكذلك السماح بانسحاب متبادل ومتناسق ومتوازن للقوات الأجنبية، مع الإسراع في حل الجماعات المسلحة والميليشيات ونزع سلاحها. وفرض عقوبات أممية ضد من ينتهك حظر الأسلحة أو وقف إطلاق النار.
ما يحسب لألمانيا هو أنها لعبت دوراً مزدوجاً تكاملياً، يتركز الدور الأول داخل أوروبا ذاتها؛ حيث تعمل برلين على تقريب وجهات النظر بين الدول الأوروبية الأكثر ارتباطا بالملف الليبي وبالتحديد إيطاليا وفرنسا “المتخاصمتين”، بهدف توحيد الموقف الأوروبي، والحدّ من المزيد من التنافس الأوروبي ــ الأوروبي داخل ليبيا. أما الدور الثاني؛ فيتمثل في طرح المبادرات الدولية لحل الأزمة، الذي كان من أبرزها “مؤتمر برلين” بنسختيه.
مؤتمر باريس حول ليبيا
استضافت العاصمة الفرنسية في (12 نوفمبر 2021) مؤتمراً حول ليبيا بمشاركة أطراف دولية بارزة وعدد من الدول الفاعلة في المشهد الليبي. ان مؤتمر باريس حول ليبيا، لا يشكل مرجعية جديدة للتسوية السياسية للأزمة الليبية، وإنما يشكل مؤتمراً ختامياً يهدف إلى التأكيد على تنفيذ أولويات الاستحقاقات المرحلية المتمثلة في إنجاز الانتخابات الليبية الرئاسية والتشريعية، ودعم اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي تتولى ملف إجلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في هذا المؤتمر من تركيا وروسيا أن “تسحبا المرتزقة التابعة لها من ليبيا بدون تأخير لأن وجودهم يهدد الاستقرار والأمن في البلاد والمنطقة برمتها”، تشهد بعدها ليبيا أول خطوة لسحب المرتزقة من الشرق الليبي قدر عددهم بـ 300 مرتزق في إطار اتفاق فرنسي مع قائد قوات الشرق الليبي المشير خليفة حفتر، بحسب وزارة الخارجية الفرنسية في 4 يناير 2022.
نجحت الجهود الأوروبية بصورة مرحلية بإحراز تقدم ملحوظ في جهود التسوية السياسية في ليبيا، اذ تم انتخاب ومنح الثقة البرلمانية لسلطة انتقالية جديدة (مارس 2021)، إلا أن هذا التقدم سرعان ما جرى الارتداد عنه بشكل جزئي؛ حيث دخلت حكومة الوحدة في صدام مع مجلس النواب، ما دفع مجلس النواب لسحب الثقة من حكومة الوحدة (سبتمبر2021)، واتجه المشهد الليبي نحو تعقيد إضافي؛ حين فشلت لجنة الحوار السياسي في إقرار قاعدة دستورية تؤسس الانتخابات التي كان مقرر عقدها نهاية العام (24 ديسمبر)، واستمر الاستقطاب المتصاعد بين القوى والمكونات الليبية حول تجاوز المرحلة الانتقالية الراهنة.
وفي المقابل، استطاعت الجهود الأوروبية في تهدئة الوضع الميداني خلال عام 2021 والذي شهد تراجعاً واضحاً لحالة “الحرب الشاملة” التي كانت قائمةً بين العامين (2019-2020)؛ حيث صمد اتفاق وقف إطلاق النار المستدام (أكتوبر2020) بوجه الإشكاليات والصعوبات المتجذرة بالمشهد، كما نجحت اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في إقرار خطة عمل لإخراج “المرتزقة” والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية، إلا أن تلك الجهود لم تحقق التقدم المأمول، فمازال المرتزقة والقوات الأجنبية متواجدة بليبيا، ولم تنجز خطوات لتفعيل نصو الاتفاق المتعلقة بإعادة تأهيل ودمج العناصر المسلحة بالكيانات الأمنية-العسكرية، أو اتخاذ إجراءات ملموسة لتوحيد المؤسسة العسكرية المنشود.
في مقال له بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، يقول الكاتب رينو جيرار إن فرص نجاح الانتخابات في ليبيا واعادة الاستقرار وسيادة القانون التي تحتاجها البلاد تبقى ضئيلة للغاية، فيما تعد قوية للغاية الفرص التي تحافظ بها تركيا وروسيا -اللتين أبرمتا صفقة سرا- على قواعدهما العسكرية في ليبيا، من أجل زيادة سيطرتهما على شرق البحر الأبيض المتوسط. ويرى الكاتب في مقاله الذي عنونه بـ”كيف خسرت أوروبا ليبيا”؟ أنّ ليبيا صارت ملاذاً مثالياً لتجار البشر والجهاديين، في حين لم تتمكن أوروبا من أن تكون لاعباً أساسياً في مجريات الأحداث بهذا البلد رغم أهميته بالنسبة لها، ورغم حماستها المفرطة في بداية النزاع للتدخل ودعم المنادين بسقوط الديكتاتور.
**
مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي ـ الدور الأوروبي
تبرز ظاهرة الإرهاب “المتنامي” في أفريقيا وتحديداً في منطقة الساحل الغربي للقارة كخطورة وتحدي أمام دول العالم، مع زيادة معدلاتها وتغلغل التنظيمات المتطرفة بها وتحولها إلى بؤرة جيدة، بدافع عوامل عدم الاستقرار السياسي والأمني، لتوغل تلك التنظيمات ومنحها بيئة خصبة للانتشار وتوفير ملاذات أمنة لعناصرها وكذلك مصادر تمويل وفيرة لتغذية عملياتها.
واقع الإرهاب في الساحل الإفريقي
وتشمل خريطة التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي عدد من التنظيمات التي تستشري بشكل واسع على المدى الجغرافي، وتمثل خطورة أمنية على المنطقة ودول الجوار الإقليمي، وكذلك كافة دول العالم، أبرزها تنظيم داعش الذي نشأ في منطقة القرن الأفريقي في عام 2015 وتحديداً من الصومال، ثم بدأ التوسع تدريجيا نحو ليبيا ودول حوض بحيرة تشاد، والثاني هو تنظيم القاعدة، الذي نشأ بشكل أساسي في منطقة المغرب العربي (الجزائر) في يناير عام 2007 ثم بدأ التسلل نحو دول الغرب الأفريقي ومنطقة الساحل التي يسيطر في الوقت الراهن على جزء كبير منها. وتمثل جماعة بوكو حرام خطراً كبيراً مع زيادة عملياتها في الدول الأفريقية في عام 2021، والتوقعات الأمنية بزيادتها إلى حد مقلق خلال العام الجاري (2022)، وتأسست بوكو حرام عام 2002 شمالي نيجيريا، ثم بايع زعيمها السابق أبو بكر شيكاو تنظيمَ داعش، في مارس 2015، ثم وسعت الجماعة الإرهابية نشاطها ليشمل دول حوض بحيرة تشاد، التي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون. وركزت عملياتها على استهداف المدنيين والجنود.
تسببت عدة أزمات داخلية توالت على دول مجموعة الساحل ما بين انقلابات في مالي في 25 مايو 2021، ومقتل رئيس تشاد في 20 أبريل 2021، نتج عنها انعكاسات بالغة الخطورة على الأوضاع الأمنية استغلتها الحركات الإرهابية وعلى رأسها “بوكو حرام” و”داعش” و”القاعدة” لتوسيع نفوذها وتعزيز حضورها، بحسب ما نقلته “سكاي نيوز عربية”. وهناك عوامل عدة تزيد من خطورة هذه التنظيمات الإرهابية، منها ضعف البنية المؤسسية والأمنية في كثير من الدول الأفريقية، وعدم سيطرة الدولة على كامل إقليمها، والخلافات بين الجماعات الإثنية والسُلالية المُكوِّنة لشعوبها ووجود صراعات تاريخية بينها، ما يُوجِد البيئة المناسبة لنشاط هذه التنظيمات.
موقف الاتحاد الأوروبي سياسياً وعسكرياً
تشعر الدول الأوروبية بوجه عام بالخطر البالغ تجاه ظاهرة الإرهاب المتوغل في أفريقيا، وهذا الخوف عبر عنه، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس مكتب المنظمة في دول غرب أفريقيا والساحل محمد بن شامباس، في تقرير إلى مجلس الأمن نهاية يوليو 2020، أكد فيه ما وصفه بـ” الأوضاع الهشة للغاية” في دول غرب أفريقيا والساحل، كاشفًا في تقريره أن هناك أكثر من 921 ألف مواطن من بوركينا فاسو وحدها أُرغموا على الفرار من بيوتهم ومدنهم بحلول شهر يونيو 2020، ما يمثل قفزة نسبتها 92% مقارنة بأعداد الهاربين في 2019، وأن عدد من تم إبعاده داخلياً في مالي حوالي 240 ألفًا من بينهم 54% من النساء، بينما بلغ عدد من أُرغم على الهرب من موطنه في النيجر بنحو 489 ألفاً.
وبحسب التقرير الأممي، شمل ذلك لاجئين مبعدين داخلياً ينتمون للجنسية النيجيرية والمالية، وأن هناك ما يقرب من 7,7 مليون إنسان يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، محذراً من “تصاعد الروابط والصلات بين جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة، والمنخرطين في العنف الداخلي لحدِ لا يمكن تصوره، فالإرهابيون وفي ظل غياب الدولة في المناطق النائية وأطراف المدن، يواصلون استغلال عناصر عرقية مجهولة الهوية في تطوير أجندتهم وتوسيعها”. يُستعرض هنا بإيجاز خارطة الأفكار والتنظيمات الإرهابية في دول الساحل، وتأثير الصراع على الأمن الفكري لدول المجموعة. ووضع الاتحاد الأوروبي استراتيجية أمنية لمنطقة الساحل في عام 2011، وتزامنت مع بروز موجات الانتفاضات العربية في جزئها الأفريقي وامتداد تأثيرات انتفاضتي تونس وليبيا على وتيرة الأمن في الساحل الأفريقي.
أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الخميس 20 يناير 2022 أنه يتعيّن على فرنسا إيجاد طريق لمواصلة هدف مكافحة الجهاديين في غرب إفريقيا، وذلك في ظل الأزمة المفتوحة مع المجلس العسكري في مالي. ومن خلال مشاركتها العسكرية بقوة في منطقة الساحل مع دول مجموعة الخمس (مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد وموريتانيا)، تؤكد فرنسا أهمية التعاون مع دول غرب إفريقيا في مكافحة الجهاديين، بينما تعاني العديد من الدول المجاورة لمالي من العنف، مثل ساحل العاج وتوغو وبنين. ويُرجح أن يلجأ الاتحاد الأوروبي الى الخطوة نفسها، في ظل ضغط فرنسا التي تتهم المجلس العسكري باستخدام خدمات شركة فاغنر العسكرية الروسية، وهو ما تنفيه باماكو.
وبطلب من باريس، وافق عدد من الدول الأوروبية على الانخراط في مالي خلال العامين الماضيين، ولا سيما من خلال المشاركة في قوة تاكوبا المشتركة، والتي تجمع القوات الخاصة الأوروبية لمواكبة القوات المالية في القتال. شكلت فرنسا وعدد من حلفائها الأوروبيين والأفارقة رسميا قوة مهام جديدة أُطلق عليها اسم (تاكوبا)، في 28 مارس عام 2020 وتتألف من قوات خاصة أوروبية ستقاتل، إلى جانب جيشي مالي والنيجر، الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل في غرب أفريقيا. وبعد مؤتمر عبر الهاتف، أصدر وزراء دفاع وممثلون لثلاثة عشر دولة بياناً سياسياً التزموا فيه بتعزيز الجهود لكسر “صمود الجماعات الإرهابية”، وتلك الدول هي بلجيكا وجمهورية التشيك والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا ومالي وهولندا والنيجر والنرويج والبرتغال والسويد والمملكة المتحدة.
قراءة مستقبلية حول واقع الإرهاب في إفريقيا
- تشير معظم التقديرات والمعطيات الراهنة إلى تنمى ظاهرة الإرهاب في أفريقيا خلال عام 2022 مدفوعة بالعديد من العوامل المنتعلقة بالامتدادات النزاع القبلى والهشاشة الامنية والسياسية وتضائل فرص النمو الاقتصادى بالإضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بصعوبة حركة طالبان الى الحكم في أفغانستان في 2021 وما خلفته من تداعيات على إحياء نشاط التنظمات الإرهابية خاصة في منطقة أفريقيا.
- لا يزال الإرهاب فى منطقة أفريقيا يمثل تهديداً محوارياً أمام الدول الأوروبية خاصة التي تربطها مع أفريقيا علاقات أقتصادية أو أستراتيجية تتأثر بهذه التهديدات، ويمثل خطراً محدقاً عليها في ضوء المعطيات التى تم ذكرها تجدر الأهمية القسوى لتعزيز أنماط التعاون الأمنى والاستخبراتى علي مستوى عال بين مجموعة الدول الأعضاء فى الأتحاد الأوروبى بهدف صياغة أستراتجية أكثر حسماً فى التعامل مع العوامل المسببة لتنمى وتوغل ظاهرة الأرهاب فى الدول الأفريقية، وهنا تجدر الأشارة إلى أهمية الدور المنوط بالاتحاد الأفريقى القيام به وتفعيله كمنظمة أقليمية تعنى بمعالجة الجذور المسببة لظاهرة التطرف فى الدول الأفريقية مع التأكيد على الدور المحورى لمنظمة الأتحاد في عملية نزع السلاح وتصفية النزاعات الأيدولوجية والأثنية في القارة السمراء.
**
محاربة الإسلام السياسي من داخل أوروبا ـ سياسات
غالبًا ما تتخذ الخلافات حول الإسلام في أوروبا أشكالًا مكانية محددة، تحتج الجماعات اليمينية على بناء المساجد ، ويعلن السياسيون أن مناطق جغرافية معينة مثل الضواحي الباريسية هي ساحة المعارك. وهذا يدل على أن الإسلام السياسي في أوروبا ، بالمعنى المجازي والمادي ، موضع خلاف عميق.
تولت فرنسا مطلع عام 2022 رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية للأشهر الستة المقبلة، وهي فرصة سيستخدمها الرئيس، إيمانويل ماكرون ، بلا شك لدفع أوروبا نحو هدفه المتمثل في “الاستقلال الاستراتيجي” الأكبر في العالم. يشعر البعض في بروكسل بالقلق من أن الانتخابات الرئاسية في أبريل 2022، قد تتعارض مع رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي قبل أن يفضي أي مؤتمر مهم بشأن مستقبل أوروبا إلى أي نتائج. ليس من المطمئن أن قرار ماكرون، مؤقتاً، برفع علم الاتحاد الأوروبي باللونين الأزرق والذهبي على قوس النصر في باريس، والذي أثار بالفعل غضب المرشحين اليمينيين والمحافظين في الانتخابات. الإسلام السياسي في بريطانيا ـ الجمعيات الخيرية، واجهات عمل
منتدى فيينا لمكافحة الفصل
يطرح بعض الباحثين أسئلة حول الدافع وراء منتدى فيينا لمكافحة الفصل والتطرف في سياق الاندماج، وهو مؤتمر سنوي أطلقته النمسا عام 2021 بدعم من فرنسا والدنمارك لمحاربة “الإسلام السياسي” وما يسمى “التطرف اللاعنفي والإسلاموية”. بعد أن كان محصوراً في الجماعات اليمينية المتطرفة في الاتحاد الأوروبي، امتد إهتمام فرنسا بالمسلمين عبر المشهد السياسي الأوروبي.
بعد سلسلة من الهجمات العنيفة في جميع أنحاء أوروبا في خريف 2020، بما في ذلك قطع رأس المعلم الفرنسي صمويل باتي وإطلاق النار على أربعة أشخاص في فيينا، أصدر العديد من وزراء الداخلية الأوروبيين بياناً مشتركاً للتضامن ضد الإرهاب. تضمنت المسودة الأولى التي أعدتها النمسا وفرنسا وألمانيا العديد من الإشارات إلى الإسلام، ولكن تم تخفيفها بشكل كبير في النسخة النهائية بسبب معارضة معظم الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي التي لم تتبنى خطاب “صراع الحضارات” على قيم الاتحاد الأوروبي .
تضمنت النسخة النهائية إشارة صريحة واحدة فقط للإسلام وألغت اقتراحاً بفرض عقوبات على المهاجرين الذين يرفضون الاندماج. ودعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات منهجية لمنع التطر. ومع ذلك، فإن الدول التي تدعم سياسات أكثر تشددًا فيما يتعلق بمراقبة المسلمين، مثل النمسا وفرنسا، لم تستسلم. وبدلاً من ذلك ، عملوا على إنشاء “منتدى فيينا لمكافحة الفصل والتطرف في سياق الاندماج، وهو مؤتمر سنوي تم إنشاؤه لتكثيف التعاون في مكافحة “الإسلام السياسي”، تمت المراجعة الأولى في 28 أكتوبر2021. الإسلام السياسي في فرنسا.. إستغلال الجمعيات الخيرية واجهات عمل
المجلس الفرنسي الإسلامي (CFCM) ـ “ميثاق مبادئ
وافق ممثلو المجلس الفرنسي للمسلمين CFCM مطلع عام 2021 على “ميثاق مبادئ” من شأنه أن يحدد “إسلام فرنسا” بعد شهور من المفاوضات المتوترة بين ممثلي المسلمين ومع السلطات الفرنسية. ويهدف الميثاق إلى ضمان توافق الزعماء والمنظمات الدينية الإسلامية مع القيم الأساسية للجمهورية الفرنسية، والتأكيد على أن الإسلام والجمهورية “متوافقان تماماً. ودفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالميثاق كجزء من إجراءات حكومته لمكافحة التطرف الإسلامي، إلى جانب “قانون يعزز المبادئ الجمهورية”.
يدعم النص صراحة المفهوم الفرنسي للعلمانية – الفصل بين الكنيسة والدولة – ويرفض التمييز وعدم المساواة بين الجنسين و “بعض الممارسات الثقافية التي تدعي الإنتماء إلى الإسلام”. تذكر المادة 6 “العمل ضد جميع أشكال استغلال الإسلام لأغراض سياسية أو أيديولوجية”، حيث وعد الموقعون برفض “الترويج لما يعرف باسم” الإسلام السياسي”. ويلتزم الموقعون أيضاً بالابتعاد تدريجياً عن تلقي التمويل الأجنبي .
ومن بين المبادرات المقترحة إنشاء معهد أوروبي لتدريب الأئمة، وهي فكرة روج لها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل. منذ ديسمبر عام 2020 المشروع لا يحترم ضمنياً المؤسسات الإسلامية القائمة في أوروبا. لكن الفكرة وصفت من قبل بعض المراقبين بانها غير عملية لأن الدين الذي تسيطر عليه الدولة يولد التطرف.
يبدو أن القادة الأوروبيين لا يزالون لايفصلون الدين عن الإسلام السياسي، وصف بول تيليش ، الفيلسوف واللاهوتي الألماني الأمريكي، التدين بأنه موضوع “الإهتمام المطلق” ما كان يقصده هو أن المواقف الدينية يصعب التفاوض عليها أو السيطرة عليها ، لكنها تؤثر بشدة على القرارات والسياسة.
ألمانيا ـ قطع جميع الإعانات والدعم والتعاون مع الإسلام السياسي
دعت الكتلة البرلمانية للكتلة المحافظة الحاكمة في ألمانيا خلال شهر أبريل 2022 إلى إنهاء التعاون مع الجماعات المشتبه في دعمها للإسلام السياسي. اقترحت الكتلة، قطع جميع الإعانات والدعم والتعاون مع الجماعات الإسلامية التي تراقبها وكالة المخابرات المحلية الألمانية: حماية الدستور. وأكد كريستوف دي فريس، رئيس المجموعة البرلمانية المعنية بالطوائف الدينية، الاقتراح. وكتب دي فريس: “سيتخذ الإتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد المسيحي الاجتماعي موقفاً واضحاً في محاربة الإسلام السياسي.. لا تسامح مع عدم التسامح هذه هي الرسالة الواضحة، لا يمكن أن يكون هناك خصم ديني على قيمنا الأساسية.”
تأسس منتدى المنظمات الطلابية والشباب المسلمة الأوروبية (FEMYSO) في عام 1996، وهو عبارة عن حركة عالمية شاملة. الاستنتاج الذي تم التوصل إليه في تقرير عام 2005 من قبل جهاز الأمن في بادن فورتمبيرغ في ألمانيا، ومن قبل عدد من الخبراء، هو أن FEMYSO خاضعة لسيطرة الإخوان المسلمين في أوروبا.
تشمل المنظمات الأعضاء في FEMYSO جناح الشباب في الجماعة الإسلامية Millî Görüs، والتي تخضع للمراقبة من قبل جهاز الأمن المحلي الفيدرالي في ألمانيا. ومن المعروف أن الجماعات تربطها علاقات وثيقة، من خلال الأفراد، على الرغم من جهود التباعد اللفظي والتستر. الإخوان المسلمون، يعتبرون في ألمانيا نواة الأيديولوجية الإسلاموية المتطرفة بأسم “الإسلام السياسي” من خلال الاقتناع بأن نظام الحكم يجب أن يُدعم وبطريقة أصولية، بالشريعة والقرآن والسنة ، ولكن أيضًا بمعاداة السامية.
بريطانيا تحظر حركة حماس بجناحيها السياسي والعسكري
وضعت المملكة المتحدة في 20 نوفمبر 2021 الجناح السياسي لحركة حماس على القائمة السوداء، وفي أعقاب ذلك أكدت وزيرة الداخلية البريطانية أن أي شخص أو جهة ستدعم حركة حماس، ستكون مهددة بالملاحقة القانونية. الأمر الذي قد يضع جماعة الإخوان، التي تتخذ من لندن مقراً رئيسياً، تحت طائلة القانون البريطاني. فتصنيف حركة حماس بشكل كامل على قائمة الارهاب يعتبر ضربة كبيرة لجماعة الإخوان التي تنتمي لها، وهي الجماعة التي تتخذ من المملكة المتحدة مركزاً رئيسياً لها، ومع ترقب عقوبات وحظر لحركة حماس، فمن المتوقع أن يمتد ذلك لشعارات الجماعة بشكل عام، وأي جهة داعمة لحماس بعقوبة السجن لمدة تصل إلى 14 سنة. وحسب الحظر البريطاني الجديد لحماس، قد تقع الإخوان تحت طائلة القانون إذا ما ثبتت الصلة بين الجماعتين، أو قد يزداد ضعفها ضعفاً، لتجنب غضب بريطانيا، خصوصاً أن فرعاً من فروع الجماعة مقره الأساسي لندن. الإسلام السياسي في ألمانيا والنمسا ـ التحذيرات والتدابير
التقييم
خفضت أوروبا من نقاط ضعفها بشكل كبير في مجال مكافحة الإرهاب وساهمت بشكل كبير الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية في سوريا والعراق وكذلك تكثيف التعاون بين أجهزة الاستخبارات لاسيما في العراق في انخفاض القدرة على تسلل الإرهابيين إلى الأراضي الأوروبية.
لعل أوروبا تعلمت الدرس من الإنسحاب العسكري من أفغانستان، فبات من المتوقع أن يستمر تواجد بعض القوى الأوروبية في سوريا والعراق وعدم انسحابها في الوقت الحالي بشكل كامل. لأنه إذا تم الانسحاب فمن المرجح أن يتحول تنظيم “داعش” إلى شبكة إقليمية قوية وأن يعيد التنظيم شبكة علاقاته مع الجهاديين وتعزيزمصادره المالية حول العالم. ومن ثم يتحول ميزان القوى لصالح تنظيم داعش في المنطقة ما يزيد من خطر المخططات والهجمات الإرهابية على الدول الأوروبية .
يتعين على الإتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً نشطاً في مكافحة الإرهاب وتحسين الاتصال بين الاتحاد الأوروبي ودول المنطقة كذلك ينبغي أن يستمر دعم الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية لدول المنطقة أمنيا وعسكريا وسياسيا لأن استقرار دول المنطقة يلعب دوراً رئيسياً في استقرارالأمن القومي الأوروبي.
**
فشل الإتحاد الأوروبي الدائم في وضع سياسة خارجية شاملة وموحدة تجاه ليبيا على مدى العقد الماضي؛ وذلك لأن الانقسامات بين فرنسا وإيطاليا تجعلهما في موقع التنافس بدلاً من التحالف.
اقتحام أنقرة للملف الليبي من البوابة العسكرية، وتزايد النفوذ الروسي في ليبيا، دفع الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وإيطاليا وبريطانيا إلى تبني موقف أوروبي فاعل وقادر على المساهمة في توجيه دفّة الأمور التي تشهدها ليبيا.
تعتبر المسارات الأممية الجديدة فرصة للأوروبيين لإعادة الإمساك بخيوط الأزمة الليبية، بعد أن فقدتها وفقدت أيضاً القدرة على التحكم في مجريات الأوضاع هناك لفائدة دولة أخرى لم تكن لها مكانة كبيرة في ليبيا إلى وقت قريب، لكن ذلك لن يكون بالسهولة المتوقعة.
بعد مرور ما يقارب عامين على مؤتمر برلين الأول وجميع جلسات الحوار الليبي التي تخللت هذه المدة ما بين العواصم الأوروبيةـ أظهرت جميع هذه التجارب بجلاء أنه لا يمكن تسوية خلافات الأزمة الليبية تحت مظلة سلام هش نتيجة غياب إرادة حقيقية لإنهاء خلافات هذه الأزمة وغلبة منطق سياسية المصالح سواء على مستوى الأطراف الداخلية والخارجية.
مؤشرات -الخيار العسكري- تفوق مؤشرات الخيار السياسي في ظل عدم التنفيذ الفعلي لبنود اتفاق وقف إطلاق النار وفي ظل صعوبة بناء التوافق إنهاء جميع العمليات والتواجد العسكري للمرتزقة والقوات الأجنبية وتفكيك الميليشيات وحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وفي ظل المعطيات القائمة والوضع الراهن، فإن أمام الاتحاد الاوروبي ثلاث خيارات لحل الأزمة:
- الخيار الأول ، في حال لم تظهر روسيا وتركيا لحد الآن استعدادات عملية لسحب قواتهما من المرتزقة فإنهما قد تقبلان بمقايضة الحضور العسكري أو على الأقل تقليصه، بمصالح اقتصادية في ليبيا ضمن خطط إعادة البناء أو عقود الطاقة
- الخيار الثاني: فرض عقوبات على الدول أو المجموعات أو الشخصيات غير المتعاونة في ملف سحب القوات الأجنبية والمرتزقة.. لكن يظل هذا الخيار مهددا بالإحباط في مجلس الأمن مثلا عبر فيتو روسي.
- الخيار ثالث: وهو الإعداد لمؤتمر آخر بعد برلين وباريس يركز على ملف المرتزقة، وسيكون المؤتمر غربياً بالأساس يكون هدفه مباشراً في ممارسة ضغط ميداني وخطط عسكرية لإخراج المرتزقة.
**
ما ينبغي العمل عليه هو توحيد جهود الحكومات وأجهزة الاستخبارات والسلطات الأمنية لمواجهة تغلغل وانتشار التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل الأفريقي، ومن ثم تداعى الخطر إقليميا ودولياً، وتفعيل جهود المؤسسات القارية مثل الاتحاد الأفريقي، وكذلك الدولية وتنشيط الدور الخاص بالقوة المؤثرة في المجتمع الدولي للعمل على استراتيجية موحدة تستهدف نزع فيتل الإرهاب (الأزمة) خلال مدة زمنية محددة.
**
تبقى دول أوروبا على مستوى وطني او التكتل الأوروبي يعيش “معضلة” كيفية التعامل مع الإسلام السياس في أوروبا، بدرجة، ان لا يسيء الى المسلمين والإسلام في أوروبا، وفي نفس الوقت كيفية الحفاظ على الموازنة إلى درجة أن لا تسمح أوروبا باستثمار اليمين المتطرف، الإسلام السياسي، للصعود في أوروبا.
السنوات الخمس الأخيرة، يبدو ان أوروبا راجعت الكثير من سياساتها وتشريعاتها، ونجحت نسبياً بالفصل مابين “حرية التعبير عن الرأي” والتطرف. أدركت أوروبا ان الإسلام السياسي لا يقل خطورة عن الجماعات الإسلاموية المتطرفة الأخرى بالتوازي مع اليمين المتطرف، وهذا التشخيص كان دقيقاً من بعض أجهزة الإستخبارات الأوروبية أبرزها الاستخبارات الداخلية الألمانية.
بات مرجحاً، ان تتخذ دول أوروبا على مستوى وطني وعلى مستوى التكتل اجراءات أكثر شدة، بفرز المنظمات والمراكز الإسلامية التي تدعو إلى نشر التطرف بالوسائل الناعمة، والتخادم مابينها ومابين بعض الأحزاب السياسية في أوروبا. وهذا يعني ان دول أوروبا دخلت مرحلة جديدة في محاربة التطرف والإرهاب، وهذا كان واضحاً بجعل دول أوروبا ساحة نظيفة نسبياً من الإرهاب، لكنها مازالت تعيش تحدياً وهو محاربة التطرف والتطرف العنيف من الداخل المرتبط في الغالب مع الإسلام السياسي محلياً في أوروبا.
ماتحتاجه دول أوروبا، هو ديمومة سياساتها الأمنية الوسائل وأساليب عملها، وتعزيز ميزانية أجهزتها الأمنية وقدرات مواردها البشرية لترتقي إلى تحديات مخاطر الجماعات المتطرفة.
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=79598
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
الهوامش
‘Islamic State’: Weakened, but still dangerous
الحكومة الألمانية تقرر تمديد مهمة جيشها بالعراق وتستبعد سوريا
فرنسا تجدد دعمها العراق في مكافحة الإرهاب
بالصدفة.. كيف أسقطت مقاتلة بريطانية “درون” في أجواء سوريا؟
ألمانيا تنهي رسميا مهمتها العسكرية في سوريا وتمدد تفويض قواتها في العراق.
وزير الخارجية الإيطالي: سنحتفظ بوحدة عسكرية كبيرة في العراق
**
تحليل: ليبيا جديدة قادمة والطريق ليس من حرير!
https://bit.ly/3nVV1Ck
Lo spettro della spartizione
https://bit.ly/3IxakJu
بوريل يحذر من نفوذ تركي على طرق الهجرة في ليبيا
https://bit.ly/3tXFx4t
Numbers of migrants intercepted by Libyan coast guard ‘almost tripled’ in 2021
https://bit.ly/3KGzVBH
EUROPE CAN’T IGNORE LIBYA
**
1) كيف وصلت المواجهة مع الإسلاميين المتشددين في غرب أفريقيا إلى مرحلة حرجة؟
https://www.bbc.com/arabic/world-57375628
2) باريس ترغب في “إيجاد طريق” لمواصلة المعركة ضد الجهاديين “في غرب إفريقيا”
3) ما مؤشرات إعادة تموضع التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل؟
4) هل هُزم تنظيم داعش؟
5) الساحل الإفريقي.. هل يتدخل الناتو لمنع سيناريو أفغانستان؟
**