الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

محاربة التطرف في أوروبا ـ دور المؤسسات الإسلامية في الاندماج الاجتماعي (ملف)

المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
فبراير 10, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا

بون ـ  إعداد وحدة الدراسات والبحوث

محاربة التطرف في أوروبا ـ دور المؤسسات الإسلامية في الاندماج الاجتماعي (ملف)

يتناول الملف بالعرض والتحليل دور المؤسسات الإسلامية الممثلة للمسلمين في أوروبا في محاربة التطرف، وتمكين المسلمين من الإندماج في المجتمع، ويناقش دور الحكومات الأوروبية بالرقابة على عمل المؤسسات الإسلامية وتعميق التعاون معها لتحقيق اندماج المسلمين بالمجتمع وتجنب استقطاب جماعات الإسلام السياسي لهم. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1.  محاربة التطرف – دور المؤسسات الإسلامية في ألمانيا والنمسا
  2.  محاربة التطرف –  دور المؤسسات الإسلامية في فرنسا وبلجيكا
  3.  محاربة التطرف –  دور المؤسسات الإسلامية في بريطانيا وهولندا

1- محاربة التطرف – دور المؤسسات الإسلامية في ألمانيا والنمسا

تستحوذ قضية محاربة التطرف على الاهتمام الأكبر في ألمانيا والنمسا طوال العامين الماضيين، عقب رصد الأجهزة الاستخباراتية صعود نفوذ التيارات الإسلامية داخل المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية، ما تسبب في انتشار الأفكار المتطرفة وجعل أوروبا هدف للعمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعزز دور المجالس الإسلامية في دمج المسلمين داخل المجتمعين، ويزيد المسؤولية على عاتق مسؤولي البلدين لتتبع تحركات التيارات المتطرفة.

دور المؤسسات الإسلامية في ألمانيا في محاربة التطرف

دور المجلس الأعلى للمسلمين

في ألمانيا يبرز دور المجلس الأعلى للمسلمين كحلقة وصل بين مؤسسات الدولة والجالية المسلمة التي تقدر أعدادها ما بين (5.3) إلى (5.6) مليون مسلم لحضوره الإعلامي وعلاقته القوية مع وزارة الداخلية، وقرر المجلس في 1997 التعريف بالدين الإسلامي ومناقشة القضايا الاجتماعية عبر يوم “المسجد المفتوح” حيث تفتح المساجد أبوابها أمام الألمان خلال يوم 3 أكتوبر من كل عام. وطرح في يوم المسجد المفتوح لعام 2022، تداعيات الحرب الأوكرانية والتغيرات المناخية، ورفع (1000) مسجد شعار” ندرة الموارد – مسؤولية كبيرة” للتوعية بالأزمة الاقتصادية. وفي الفترة من 14 إلى 17 مارس 2022، دعا المجلس رجال دين وأئمة وسياسيين للمشاركة في أسابيع مناهضة العنصرية، لاستعادة ثقة السياسيين بشأن مكافحة التطرف والالتزام بالدستور عقب انتقاده لعلاقته بالإخوان. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية الإسلام والإسلام السياسي. ملف

دعم الحكومة للمجلس الإسلامي

على مدار السنوات الماضية توطدت العلاقة بين المجلس ووزارة الداخلية بتمويل مشروعات مكافحة التطرف ودعم دمج المسلمين والتواجد سويا في مؤتمرات سنوية مثل مؤتمر ” الإسلام في ألمانيا” الذي يقام تحت رعاية الداخلية. وفي نهاية 2019 طالب مسؤولو المجلس الحكومة بتوفير التمويل للمساجد وأئمة من الداخل للمسلمين بالجيش الألماني وتأهيل الأئمة لحماية الجالية من التطرف. وجاءت استجابة الداخلية بتنفيذ برنامج تدريب الأئمة بمشاركة المجلس، وتقديم مخصصات لـ (50) مسجد تصل إلى (7) ملايين يورو على مدار (3) أعوام.

 مهام المجلس الإسلامي  

انبثق المجلس من مجموعة العمل الإسلامية بألمانيا في 1994، ويضم نحو (10) آلاف شخص و (10) منظمات متعددة الانتماءات و(4) اتحادات إسلامية لمتابعة شؤون الجالية الدينية والاجتماعية وقضايا التعليم الإسلامي ومناقشة تحديات إدماجهم سياسياً واجتماعياً وتأهيل الأئمة مع المؤسسات الألمانية. ومن أشهر الجمعيات التي ضمها “التجمع الإسلامي” و”المركز الإسلامي في آخن” و”المركز الإسلامي في هامبورغ”، ومجلس الأئمة والعلماء بألمانيا. وتدريجياً ومع اتهام هيئة الاستخبارات لهذه الجمعيات بالتعاون مع الإخوان، شكل المجلس هيكل غير مركزي، وأعلن في 31 يناير 2022 إنهاء علاقته بأهم أعضائه “التجمع الإسلامي” . ويسعى المجلس للتأكيد على موقفه المناهض للعنصرية، لضمان استمرار الدعم المقدم من الحكومة والحفاظ على دوره كالصوت الأوحد للجالية والأقرب لصناع القرار.

 مؤتمرات مشتركة

انطلق مؤتمر “الإسلام الألماني ” في7 ديسمبر 2022 تحت رعاية الداخلية وبحضور (160) ممثلاً للجالية المسلمة والوزارات والمؤسسات الدينية. ويعد منتدى رئيسي للحوار بين الحكومة والجالية حول قضايا الأئمة والمساجد ومكافحة الإسلاموفوبيا.

الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

الإجراءات الحكومية لا تستهدف فقط تقويض عمل الإخوان، بل ترتبط بأهمية الفصل بين الإخوان والمساجد والمؤسسات الإسلامية لتتمكن من دمج المسلمين بالمجتمع، لذا تتجه إلى استحداث سجل مركزي للجمعيات لمتابعة التمويل في 2024. وكان عام 2022 نقطة فاصلة في الإجراءات ضد الإخوان بألمانيا برصد الاستخبارات في 10 يناير 2022 ارتفاع الجمعيات الداعمة للإخوان إلى (960) جميعة، وقدم حزبي البديل من أجل ألمانيا واليسار طلبات إحاطة للبرلمان لتشديد مراقبة أموال الإخوان خلال شهري مارس ويوليو 2022، وكشفت وثيقة للبرلمان في 9 يونيو 2022 عن تلقي الإخوان دعم من بعض الأحزاب ومؤسسات حكومية. وفي 18 سبتمبر 2022 أعلنت الداخلية وقف عمل لجنة خبراء ” الإسلام السياسي” التي تأسست في 2021 لمتابعة أنشطة الإخوان بألمانيا.

الاندماج مسؤولية مشتركة

ينص الدستور الألماني على حرية ممارسة الشعائر الدينية، وطُبقت مبادرة تدريس الإسلام بولايات “بافاريا” و “شمال الراين وستفاليا” و ” سارلاند”. وارتبط يوم المسجد المفتوح بمقولة الرئيس الأسبق كريستيان فولف ” الإسلام الآن ينتمي لألمانيا أيضا”، الأمر الذي يفعل دور المساجد في تناول القضايا المجتمعية ويعزز دمج الجالية كمسؤولية مشتركة بين المؤسسات الإسلامية والحكومة. وسمح المؤتمر الإسلامي السنوي فتح حوار مؤسسي منتظم بين الجالية والحكومة، لإعداد ورش عمل لتحقيق الاندماج وإتاحة الفرصة للألمان لمشاركة المسلمين مناسباتهم ومشاركة الجالية مناسبات الألمان. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية التكامل والاندماج الأجتماعي . بقلم داليا عريان

دور المؤسسات الإسلامية في النمسا في محاربة التطرف

المجلس الإسلامي في النمسا

يعد المجلس الإسلامي هو الممثل الرسمي للمسلمين بالنمسا، وتقدر أعداد المسلمين نحو (8%) من بين عدد السكان. فدوره متابعة شؤون الجالية والخدمات المجتمعية وتنظيم التعليم الديني في المدارس. ويضم المجلس أكثر من (250) جمعية إسلامية تتوزع في (8) مقاطعات نمساوية من أصل (9) مقاطعات. وبحسب الدستور النمساوي تنقسم أهداف المجلس إلى تنظيم الشؤون الداخلية للجالية وأمورهم الدينية، والربط بين مؤسسات الدولة والجالية وتصحيح الصورة النمطية المغلوطة عن الإسلام مع تزايد الهجمات الإرهابية على أوروبا وغياب مشاركة المسلمين بالفعاليات.

 دعم الحكومة للمجلس

ينظم القانون النمساوي العلاقة بين الدولة والمجلس ويلزم المساجد بأن تكون التمويل محلي وتوافق التعاليم الدينية مع القانون الفيدرالي، ويسمح للجمعيات التابعة للمجلس العمل في الأماكن العامة والتعاقد على الخدمات دون الحصول على مساهمات معفاة من الضرائب. وتعد الوزارة الاتحادية النمساوية للتعليم والفنون والثقافة هي شريك أساسي للمجلس في تنفيذ المسؤوليات تجاه الجالية من توفير الخدمات والرعاية الدينية وتأهيل الطلاب بالمدارس.

مهام المجلس الإسلامي

يتولى المجلس مسؤولية توعية الجالية عبر مبادرات الحوار بين الأديان وبرامج التعليم الإضافية وتشجيع الشباب المسلم على المشاركة في المشروعات المجتمعية والتواصل مع مؤسسات غير حكومية ذات صلة بحوار الثقافات. وعلى مدار أعوام 2003 و2005 و2006 و2010 تعاون المجلس مع الخارجية في تنظيم مؤتمرات ” إمام النمسا” للتأكيد على حوار الأديان ودمج المرأة في هذا الحوار.

تغلغل الإسلام السياسي

تكمن خطورة الإخوان بالنمسا في استغلال القوانين التي تسمح بالتعاون بين الدولة والمجتمعات الدينية، ومن ثم الاقتراب من دوائر صناع القرار والمؤسسات الحكومية والإعلامية لإبعاد شبهة العنف عنهم وكسب الثقة وتقديم أنفسهم في صورة الضحية، لذا نجحوا في 2015 في استقطاب عدد كبير من المسلمين وتمويل مشروعاتهم، خاصة وأن تاريخ الانتشار بالنمسا يعود للستينيات على يد ” يوسف ندى” الذي تولى إدارة الأموال المالية وجعل النمسا حاضنة للتطرف ونقطة تواصل بين إخوان أوروبا وإخوان الشرق الأوسط، بعد أن تحولت إلى مركز جمع الأموال للتنظيم الدولي لاسيما وأن بناء المساجد كان بهدف الحصول على تمويل، وانتقلت هذه الفكرة من النمسا إلى لندن وألمانيا وباقي دول أوروبا. واخترق الإخوان المجلس الإسلامي عبر منظمات “الشباب النمساوي المسلم” و”جمعية المللي جروس” و”أكاديمية التربية الدينية” التي استغلت الأهداف الإنسانية المعلنة لعمل المجلس لنشر التطرف وتعطيل تعديلات قانون تمويل المنظمات الإسلامية.

مؤتمرات مشتركة

أقيم منتدى ” فيينا الثاني لمكافحة التطرف” في 5 ديسمبر 2022، بتنظيم وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب ومشاركة نحو (150) سياسياً ودبلوماسيا من أوروبا، وركز المؤتمر على التعاون الدولي على المستويين السياسي والمهني بشأن شبكات الإسلام السياسي ومكافحة أنشطتهم في أوروبا.

الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

بعد حظر النمسا لشعارات الإخوان في الأماكن العامة في 2021، توالت الإجراءات لتحقيق اندماج المسلمين بالمجتمع ومكافحة التطرف، وخصصت النمسا ميزانية (4.7) مليار يورو لمكافحة الإرهاب، مع تجهيز وحدات متطورة لمواجهة أي تهديدات، وفي 9 ديسمبر 2022 شدد مركز ” توثيق الإسلام السياسي” (حكومي) من مراقبة أنشطة الإخوان داخل المجلس الإسلامي ومسجد الهداية بفيينا، بعد نحو عام من نشر “خريطة الإسلام” التي وضعت (623) مسجداً وهيئة إسلامية تحت الرقابة وتحديد علاقاتها بالخارج.

الاندماج مسؤولية مشتركة

عقب إقرار البرلمان في 25 فبراير 2015 تشريعا بشأن منح المزيد من الحقوق للمسلمين وحظر تمويل الأئمة من الخارج، بات الاندماج مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الإسلامية والحكومة، ما دفع أكثر من (300) إمام مسجد من إصدار بيان لنبذ العنف في 14 يونيو 2017. وأجبر “هجوم فيينا 2020” النمسا لاتخاذ إجراءاتها لرقابة عمل المؤسسات الإسلامية وتعميق التعاون معها لتحقيق اندماج المسلمين بالمجتمع وتجنب استقطاب الإخوان لهم عبر “صندوق الاندماج النمساوي”. الاندماج في أوروبا ـ خريطة الإسلام  في النمسا، الدلالات والتداعيات

**

2- محاربة التطرف – دور المؤسسات الإسلامية في فرنسا وبلجيكا

تشابهت الإجراءات الأخيرة في فرنسا وبلجيكا بشأن مكافحة التطرف نظراً لوجود علاقات تجمع بين الشخصيات والجمعيات المرتبطة بالإخوان في البلدين، الأمر الذي يفسر تشابه الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس في 2015 والهجمات التي وقعت في بروكسل في 2016، لذا أصبحت مراقبة أنشطة الإخوان وتتبع مصادر تمويلهم وتحركاتهم أولوية قصوى لدى المؤسسات الرسمية.

دور المؤسسات الإسلامية في فرنسا في محاربة التطرف

دور المجلس الإسلامي

تأسس اتحاد المنظمات الإسلامية في 1983 (أقدم المنظمات الإسلامية بفرنسا) لمتابعة أوضاع المسلمين والإشراف على الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا، وينتمي إلى اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية منذ 2003. ولجأ في 2017 لتغير اسمه إلى ” مسلمي فرنسا” كمحاولة للتعميم على أي علاقات تجمع أعضائه بالإخوان والتأكيد على أنه الممثل الشرعي لمسلمي فرنسا، حيث يضم نحو (250) جمعية. وأيضا يقوم المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي تأسس في 2003، بدور الوسيط بين المسلمين والمؤسسات الحكومية، ويشارك مع الحكومة في وضع “ميثاق مبادئ حول الإسلام” لمنع التدخل الأجنبي في تعيين الأئمة والخطاب بالمساجد عقب الانتقادات لقانون “الانعزالية الإسلامية”.

دعم الحكومة للمجلس

عقب الهجوم على كاتدرائية نيس (نوفمبر 2020)، كثفت فرنسا من دعمها للمؤسسات الإسلامية والمساجد لمواجهة الإخوان، وفي 22 نوفمبر 2021 أسست فرنسا “مجلس وطني للأئمة” بمشاركة “مسجد باريس الكبير” و”تجمع المسلمين في فرنسا” و”اتحاد مسلمي فرنسا” مع إلزام جميع الجمعيات الإسلامية بالكشف عن تمويلها. وأسست المجلس الفرنسي الإسلامي في إطار منع التمويل الأجنبي للمساجد، فالتمويل العمومي لدور العبادة في فرنسا محظور بقانون 1905، واعتمدت في جمع الأموال على أنشطة المجلس الاقتصادية والضريبة على المنتجات الحلال وتبرعات الجالية التي بلغت (80%) من تمويل المساجد وقد تصل إلى مليون يورو في شهر رمضان.

مهام المؤسسات الإسلامية

يبرز دور المؤسسات الإسلامية في فرنسا المتمثلة في اتحاد المنظمات والمجلس الفرنسي، لضم فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا وتقدر بنحو (6) ملايين مسلم  وأقدم المساجد “المسجد الكبير في باريس”، لذا تتولى تنظيم الأمور الدينية ودروس التعريف بالدين وتدريب الأئمة وإصلاح الجمعيات الثقافية التي تمول نحو (90%) من المساجد وإجبارها على التحول إلى جمعيات دينية لضمان شفافية التمويل، وفتح المساجد أمام الفرنسيين المسلمين وغير المسلمين لمناقشة قضايا مجتمعية وثقافية والتعريف بالإسلام بعد الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا.

تغلغل الإسلام السياسي

انتشر الإخوان بفرنسا عبر (51) مؤسسة من أصل (250)، ومن بينها ” المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية” و”مركز الدراسات والبحوث حول الإسلام” و”التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا”، و”جمعية الإيمان والممارسة” وجمعية ” فيميسو FEMYSO ” تضم ( 32) منظمة، إضافة إلى اتحاد المنظمات الإسلامية. وتمكنوا من تكوين قاعدة بالمؤسسات الدينية والتعليمية والمجالس البلدية معتمدين على علاقاتهم بالمؤسسات الإسلامية وحزبي اليسار الإسلامي والخضر، ليخترقوا نحو (600) جمعية دينية و(150) مسجداً ما منحهم وضع مميز داخل التنظيم الدولي منذ سبعينيات القرن الماضي. الاختراق الممنهج للإخوان أدى لتوتر العلاقات مع الحكومة بداية من 1989، ومع تصاعد الهجمات الإرهابية زاد عمق الخلاف بين الحكومة والمؤسسات المرتبطة بالإخوان، لذا أصبحت أنشطتهم محل رقابة من الجهات الرسمية وانتقاد من جانب السياسيين لرصد خطابهم المحرض ضد المجتمع الفرنسي.

مؤتمرات مشتركة بين الحكومة والمؤسسات الإسلامية

رغم تقلب العلاقة بين فرنسا والمؤسسات الإسلامية، إلا أنه في 5 نوفمبر 2022، عقد الاجتماع الأول لمنتدى ” الإسلام في فرنسا” بمشاركة أئمة ومسؤولي الجمعيات لتجاوز الخلافات بالتأكيد على أن الإسلام يتوافق مع سياسة الدولة. وجاء إطلاق المنتدى بعد انتقاد قانون “الانعزالية الإسلامية” وبعد نحو (19) عاماً من تأسيس المجلس الفرنسي الإسلامي، ليصبح البديل للمجلس في متابعة شؤون المسلمين عقب الانقسامات التي طرأت عليه العامين الماضيين.

وناقش المنتدى تنظيم مهام الأئمة وتشكيل سلطة دينية لمتابعة المرشدين المسلمين في المستشفيات والسجون والجيش وتوفير حماية المساجد ومناهضة الأفكار المعادية للإسلام، وتفعيل قانون ” مبادى الجمهورية” لنقل المساجد والجمعيات من قانون 1901 إلى 1905 الخاص بعلمانية فرنسا وحصر دور الجمعيات الدينية في العبادة فقط.

أهمية الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

عملت فرنسا العام الماضي على تطبيق “ميثاق المبادئ” وتوظيف دور “المجلس الوطني للأئمة” لمنع استغلال الإسلام من قبل الإخوان ولتعزيز دور الدستور في دمج المسلمين، لجعل المجتمع أكثر تسامحاً في ظل صعود اليمين المتطرف بالتوازي مع الهجمات الإرهابية، لذا انتهجت استراتيجية رقابة (100) مسجد من أصل (2623)، وأغلقت (24) مسجداً من أصل (99) خلال العامين الماضيين. وفي 12 يناير 2022 أغلقت مسجد في “كان” جنوب فرنسا لدعمه جمعيتي ” بركة سيتي” و ” ضد رهاب الإسلام بفرنسا” ذات الصلة بالإخوان، وفي 24 سبتمبر 2022 أغلقت مسجد “أوبيرناي” شمال شرقي فرنسا لأنشطته المتطرفة. وتتابع فرنسا الإخوان عبر خرائط تفاعلية وأدلة سرية لمراقبة الترابط بين شبكة الجماعة في أوروبا، مع استمرار تحقيقات حول مصادر الجمعيات المرتبطة بالإخوان وتروج لـ ” إسلام انفصالي”.

الاندماج مسؤولية مشتركة

يصبح التواصل بين الدولة الفرنسية والمؤسسات الإسلامية مهمة ملحة في مجابهة الإخوان وتحقيق دمج المسلمين، لذا يؤكد المسؤولون على دور المسلمين الفعال في المجتمع الذي يتطلب تفعيله عبر أهداف منتدى الإسلام ومكافحة الخطاب المتطرف المحرض ضد علاقة المسلمين بالدولة، وهنا يأتي دور المؤسسات الإسلامية في الكشف عن الجمعيات والأعضاء بداخلها ومصادر التمويل منعا لتكرار سيناريو اختراق الإخوان للمجلس الفرنسي الإسلامي، بجانب تبادل المسلمين وفئات المجتمع حضور المناسبات، حيث تفتح المساجد أبوابها في رمضان والأعياد الدينية أمام المجتمع الفرنسي.

دور المؤسسات الإسلامية في بلجيكا لمحاربة التطرف

دور الهيئة الإسلامية

تعد الهيئة التنفيذية الإسلامية هي الممثل الرسمي لمسلمي بلجيكا وتأسست في 1996 لإدارة شؤون العبادة وتقديم دروس الدين الإسلامي في المدارس، وبعد 3 أعوام من إنشائها اعترفت بلجيكا بها كجهة رسمية تمثل الجالية المسلمة التي تقدر أعدادها ما بين (700) إلى (800) ألف نسمة ما تشكل (7-8%)من نسبة السكان وموزعة بين بروكسل وفالونيا والفلاندر. وتدريجيا تولت الهيئة مسؤولية التواصل بين الدولة والجالية في أمور الاعتراف بالمساجد وإنشاء الجمعيات الإسلامية وطقوس الذبح وتوفير المقابر.

ـ دعم الحكومة للهيئة

حرصت بلجيكا على تقديم تمويل للهيئة التنفيذية الإسلامية بمبلغ يقدر بنحو (600) ألف يورو سنويا، وفي 2005 تم تخصيص (4.5) ملايين يورو كرواتب لأئمة (120)مسجدا معترف به، ومن بعدها أصبح تمويل المساجد والمدارس الإسلامية والتعليم الإسلامي مسؤولية الدولة، ما يؤكد على الاهتمام الكبير الذي تحظى به الجالية المسلمة.

ـ مهام الهيئة التنفيذية الإسلامية

تولت الهيئة التنفيذية مسؤولية إدارة “المسجد الكبير” أكبر المساجد في بلجيكا إضافة إلى (90) مسجداً، لذا تعد الممثل الرسمي للعبادة الإسلامية في بلجيكا بتأهيل الأئمة والمعلمين لدروس الدين بالمساجد والمدارس، وبعد الاعتراف الرسمي بالهيئة أصبحت المحاور الرسمي للمسلمين مع الحكومة وتمكنت من زيادة الجمعيات الإسلامية المسؤولة عن متابعة شؤون المسلمين، ما خلق لهم حضور قوي سياسيا وجعلهم أكثر الأقليات اندماجا في المجتمع البلجيكي حتى عام 2016.

تغلغل الإسلام السياسي

استغلت جماعة الإخوان المساحة التي حصلت عليها الهيئة الإسلامية في بلجيكا لتخترق الجمعيات والمساجد والأحزاب السياسية، واستقدمت الأئمة من الخارج إلى المسجد الكبير، ما أدى لإنشاء جمعيات تربطها علاقة بالإخوان وفي 1992 أسسوا “المركز الإسلامي البلجيكي” الذي أغلق في 2002. بينما في 1997 أنشئت “رابطة مسلمي بلجيكا” في عدة مدن وسيطرت على (10) مساجد. ويعد مسجد “السلطان أحمد” في هوسدن زولدر أحد مراكز التشدد في بلجيكا ويديره “محمد أوستن” رئيس الهيئة الإسلامية. ونطرا للعلاقة القوية بين إخوان بلجيكا وإخوان فرنسا ظهر ” التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” في بروكسل في فبراير 2021 بعد أن تم حله في فرنسا لاتهامه بأنه ذراع للإخوان ويحرض ضد سياسية الحكومات الأوروبية الخاصة بالاندماج المجتمعي.

أهمية الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

قوبلت إجراءات فرنسا في مواجهة تغلغل الإخوان داخل المجتمع والمؤسسات الإسلامية برفض قاطع من جانب المتشددين الذين اخترقوا عمل المؤسسات الإسلامية، ما يعرقل عمل الدولة الفرنسية في مواجهة التطرف ويؤكد على تمدد الإخوان على نطاق واسع داخل المؤسسات الممثلة لمسلمي فرنسا لذا أصبحت الغلبة في أيديهم أكثر من باقي الأعضاء، وهذا الأمر يفسر تباين دور المؤسسات الإسلامية في فرنسا بين المتابعة الجادة لشؤون المسلمين ومحاولات الدمج داخل المجتمع، والتساهل في قبول تبرعات خارجية واختراق الإخوان، لذا تواجه هذه المؤسسات تحد للتحرر من التأثيرات الخارجية المسببة للانشقاقات بداخلها والخلافات مع الدولة حول بعض الإجراءات، ومن هنا يصبح التعاون مع الدولة بشأن تتبع اختراقات الإخوان للمساجد هي النقطة التي تعيد هذه المؤسسات لدورها الحقيقي وتضع حد للتطرف.

**

3-  محاربة التطرف – دور المؤسسات الإسلامية في بريطانيا وهولندا

يصبح ملف مكافحة أنشطة الإخوان تحدياً كبيراً أمام مؤسسات الدولة في بريطانيا وهولندا، وربما نفوذ الإخوان الممتد على مدار عقود طويلة في الدولتين كان سبباً رئيسياً وراء صعوبة تتبع أنشطة الإخوان واتخاذ إجراءات جادة ضدهم، خاصة وأن العلاقات بين الإخوان والسياسيين والأحزاب في هولندا وبريطانيا متشابكة ما عرقل تفعيل آليات مكافحة التطرف، وربما كانت الأعوام القليلة الماضية التي اتخذت فيها الدولتان إجراءات متقدمة نوعا ما تجاه معضلة محاربة التطرف.

دور المؤسسات الإسلامية في بريطانيا التطرف

دور المجلس الإسلامي

يعد المجلس الإسلامي من أكبر المؤسسات الإسلامية في بريطانيا لضمه نحو (500) مسجداً ومدرسة وجمعية خيرية وشبكة مهنية، أفُتتح في 1997 بلندن وتولى مهام إدارة العلاقة بين الحكومة البريطانية والجالية والجمعيات الخيرية وتقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المحلية في حالة الأزمات، فهو الممثل الفعلي للمسلمين في بريطانيا والمسؤولة عن توضيح الرؤية عن الإسلام والمسلمين أمام الرأي العام البريطاني. ­

 دعم الحكومة للمجلس

يعتمد المجلس الإسلامي على التبرعات من الأفراد والمؤسسات ورسوم انضمام الأعضاء كمصادر للتمويل عبر مؤسسة خيرية مستقلة، بينما تحظى هيئة الإغاثة الإسلامية بدعم حكومي منذ تأسيسها كأول جميعة خيرية إسلامية في 1984، وتمثل الدعم في منح مالية لمشاريع الهيئة في أفريقيا خلال تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى منح الحكومة لها في 2013 نحو (3) مليون جنيه إسترليني والدعم المالي السنوي في شهر رمضان للهيئة.

 مهام المجلس

تنقسم مهام المجلس الإسلامي البريطاني إلى جانبين، الجانب الأول التواصل مع الإعلام والسياسيين وصناع القرار بخصوص التمثيل المناسب للمسلمين في كافة مؤسسات الدولة، ويمتد دوره في دعم المشاريع المجتمعية والمبادرات لتمكين الجالية من الحصول على فرص متساوية مع باقي فئات المجتمع البريطاني بتأسيس الشركات وتأهيلهم مهنيا. والجانب الثاني يتعلق بالأمور الدينية من ضمان ممارسة الشعائر الدينية بالمساجد وعمل المدارس الدينية.

 تغلغل الإسلام السياسي

تمددت جماعة الإخوان في بريطانيا لتصبح الراعي الرسمي لها في أوروبا، فالعلاقة التاريخية التي تعود إلى 1928 سمحت للإخوان بتأسيس منظمات تحت ستار العمل الخيري والتنموي، ومن بينها “الرابطة الإسلامية البريطانية” التي توغلت بـ (11) فرع في بريطانيا و”هيئة الإغاثة الإسلامية” و”مجلس شورى الرابطة الإسلامية”، واخترقوا “المجلس الإسلامي” ممثل الجالية، ومن هنا تكمن الخطورة لوجود غطاء رسمي لأنشطة الجماعة حيث بلغت ثرواتها في بريطانيا ما بين (8 – 10)  مليارات دولار، مع تأسيس (39)  مؤسسة تعليمية وإعلامية وسياسية و(13) جمعية خيرية وأيضا اقتصادية تركز على قطاعات الأموال والتجارة.

وتعد هيئة الإغاثة نموذجا لتغلغل الإخوان وسط دوائر السياسة والإعلام وصناع القرار، ما يزيد المخاوف لاسيما وأنها ضمن أجندة المساعدات الدولية والأممية في تقديم المساعدات الإنسانية رغم كشف بعض أعضائها علاقتهم بالإخوان، ويتعقد الموقف بتأسيس الهيئة فروع كثيرة في باقي أوروبا وحصولها على ملايين الدولارات من جهات رسمية وغير رسمية كتمويل لدورها الإنساني. واستغل الإخوان المجلس الإسلامي باعتباره مؤسسة مسؤولة عن الطلاب المسلمين والمساجد لنشر أفكاره المتطرفة بسهولة.

 مؤتمرات مشتركة بين المجلس والحكومة

أقامت الحكومة البريطانية في 5-6 يوليو 2022 مؤتمر وزاري دولي حول “حرية الدين والمعتقد” في لندن بحضور ممثلي الديانات والمجتمع المدني. ويستهدف الحدث المشترك بين الحكومة والهيئات الممثلة للديانات وفي مقدمتهم المجلس الإسلامي، تعزيز التعاون الدولي لضمان حرية المعتقد.

أهمية الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

على مدار الـثلاث أعوام الماضية، تعالت الأصوات داخل دوائر السياسة ببريطانيا لتشديد الإجراءات ضد المؤسسات والأشخاص ذات الصلة بالإخوان بعد وصول أعداد الإسلاميين في بريطانيا لـ (25)  ألف شخص، وانتقال قادة الجماعة من مصر بعد منتصف 2013 إلى لندن وجعلها نقطة لأنشطتهم واجتماعاتهم، لتصبح العلاقة بين الجالية المسلمة وخطوات دمجهم في المجتمع مهددة، لذا منح المسؤولون بعض أبناء الجالية جائزة الخدمات التطوعية على دورهم في العمل الإنساني. كما قدمت بريطانيا في 2022 مقترح مشروع لقانون فحص التدابير الأمنية لمواجهة أي تهديدات إرهابية، لتقدر مجموعة “العمل المالي فاتف” نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في بريطانيا النظام الأقوى بين (100) دولة.

الاندماج مسؤولية مشتركة

تصبح عملية مكافحة الإسلاموفوبيا هي أساس دمج المسلمين بالمجتمع بعد تسجيل نصف جرائم الكراهية في بريطانيا ضد المسلمين في الإعلام والعمل السياسي، ما يلقي على المساجد والمؤسسات الإسلامية الدور التوعوي بمخاطر الإسلاموفوبيا مثل مسجد ” فينسبوري بارك” الذي يتعاون مع السلطات بهذا الشأن لتقديم الدعم للمتضررين، وتصبح عملية مشاركة البريطانيين المناسبات الإسلامية ومشاركة المسلمين مناسبات المجتمع البريطاني جزء رئيسي من تحقيق الاندماج ومنع انعزال الجالية عن باقي فئات المجتمع.

دور المؤسسات الإسلامية في هولندا في محاربة التطرف

دور المجلس الإسلامي

تأسست المؤسسة الإسلامية في 1982 بهدف خدمة المسلمين وتعريفهم بالأمور الدينية والتعليم وممارسة الشعائر، وتعد المؤسسة التي تضم (148) مسجداً من أكبر المؤسسات الاجتماعية في هولندا، وتعمل على تطوير الأنشطة الاجتماعية خارج المساجد لمساعدة الجالية على الاندماج والحفاظ على هويتها في نفس الوقت، بجانب دعم العلاقة بين الجالية والحكومة باعتبارها المظلة الرئيسية للمؤسسات والمدارس والمنصات الإعلامية الإسلامية.

دعم الحكومة للمجلس الإسلامي

تعتمد المؤسسات الإسلامية والمساجد على التمويل الخارجي بشكل أكبر بجانب الدعم الحكومي الذي توقف بشكل تدريجي خلال العام الماضي، نظرا لوجود صلة داخل هذه المؤسسات الإسلامية بالإخوان، وبجانب التمويل الخارجي والحكومي تستند المؤسسة الإسلامية والجمعيات على تمويل خدماتها عبر رسوم التسجيل ومبيعات الكتب والتبرعات والمنح والعائد من العقارات المخصص للإنفاق على صيانة المساجد.

 مهام المجلس

نظرا لأن المسلمون أكبر أقلية أجنبية في هولندا ويشكلون ما بين (6-8%) من سكان هولندا، يبرز دور المؤسسة الإسلامية في الجانب الروحي بإرشاد المسلمين داخل المساجد وتعلم الشعائر الدينية وطقوس الصوم والحج وحفظ القرآن، والجانب المجتمعي بدعم الجزء الثقافي بترجمة ونشر الكتب وتوفير التطوير المهني للمتطوعين عبر التعاون مع “المنظمات الإسلامية” و”هيئة رئاسة الشؤون الدينية” و”المركز الإسلامي الثقافي” في هولندا. وتأتي عملية الإدماج ضمن واجبات المؤسسة بالتواصل مع الجالية وشرح آليات التعامل مع الثقافات المختلفة بالمجتمع الهولندي.

تغلغل جماعات الإسلام السياسي

رغم أن تاريخ الإسلام السياسي في هولندا حديث مقارنة بباقي دول أوروبا، حيث بدأ الإخوان في اختراق المؤسسات والمساجد في 1996، إلا أنهم حصلوا على موطئ قدم قوي في هولندا بتوسع نفوذهم سياسيا واجتماعيا عبر حزبي العمل واليساري الأخضر. وتسلل الإخوان إلى “رابطة المجتمع المسلم” في لاهاي وتضم بداخلها منظمة ” اليوروب تراست نيديرلاند” و” المعهد الهولندي للعلوم الإنسانية” و” هيئة الإغاثة الإسلامية” و” مركز السلام الإسلامي الثقافي” و” مركز الوسطية”، ويتبع الإخوان في أمستردام “الحزب الإسلامي الإقليمي” والمسجد الأزرق وحزب ” دينك”، و” حزب نداء الإسلامي” الذي خاض انتخابات المقاطعات في شمال هولندا في مارس 2019. وبرزت أسماء قيادات الجماعة منها “إبراهيم عكاري”، و”محمد عكاري”، و”علي أزوزي”، و”نورالدين العوالي”. ولم يقتصر توغلهم داخل الأحزاب فقط، بل امتد إلى النشاط الاقتصادي المتمركز في أمستردام ولاهاي وروتردام عبر كيانات اقتصادية في مجال العقارات ليتمكنوا من السيطرة على مساجد وخلق مساحة لنشر التطرف.

 الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص

تعمل الحكومة الهولندية على دمج المسلمين في مجتمع متعدد الثقافات وفقا للدستور الذي يوفر حرية الاعتقاد، ونظرا لوجود بعض التحديات المتعلقة بالاندماج الاقتصادي والاجتماعي لأسباب قانونية والتمييز القائم في بعض الأحيان، لذا تجد هولندا أن سن تشريعات لمكافحة التطرف هي البداية لمواجهة أي حالات تمييز وتحقيق تكافؤ الفرص وضمان تنفيذ عملية الدمج دون معوقات. وفي 21 أكتوبر 2022 قدم البرلمان مقترح تشريعي لتعديل قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بحظر المعاملات النقدية بقيمة (3000)  يورو أو أكثر ومراقبة المعاملات بشكل مشترك مع البنوك مع إلزام الأطراف المسؤولة تقديم بيانات بشأن مخاطر غسل الأموال.

الاندماج مسؤولية مشتركة

تدفع المواقف العنصرية التي تتباها حركات اليمين المتطرف في هولندا، المؤسسات الإسلامية والحكومة إلى التعاون في تبني سياسات واضحة لتسريع عملية اندماج المسلمين في المجتمع خاصة وأن هناك بعض الفئات في الجالية تعاني من صعوبة التأقلم مع باقي الثقافات وتظل على هامش المناسبات والفعاليات المشتركة. وعلى مدار العقود الماضية سارت عملية الدمج بطيئة للغاية، رغم تقديم الحكومة تسهيلات للوافدين وإقرار قانون لمشاركة الأجانب انتخابات البلدية في 1990، إلا أن هذه الإجراءات ربما لم تكن كافية، لتبدأ الحكومة الهولندية في فبراير 2019 برفع الأذان لأول مرة خارج أسوار المسجد الأزرق بأمستردام، وفي المقابل استخدم المركز الإسلامي اللغة الهولندية كلغة للتواصل ونظم المسجد الأزرق المؤتمر الشبابي.

**

التقييم

لجأ الإخوان مع تشديد ألمانيا إجراءاتها القانونية ضد أنشطة الجمعيات والأشخاص المتطرفة هناك إلى استراتيجية تغير مسميات الجمعيات التي تقع تحت سيطرتهم بهدف نشر التطرف تحت ستار العمل الإنساني والخيري بالإضافة إلى اتباعهم سياسة ” المراوغة والتضليل” داخل المؤسسات الإسلامية وفي التعامل مع مؤسسات الدولة لإبعاد شبهة العنف عن أنشطتهم، لذا وبكشف ألمانيا عن علاقة الإخوان ببعض الجمعيات ضمن تشكيل المجلس الإسلامي تزداد الضغوط على المجلس لتطوير مهامه بما يواكب مستجدات المشهد الراهن، ما يفرض عليه مراجعة أنشطة أعضائه واتخاذ مواقف صارمة تجاه الأعضاء المتواصلين مع الإخوان نظراً لأن هذه التحركات الإخوانية تضعف من دور المجلس أمام السلطات الألمانية من جانب والجالية المسلمة من جانب آخر. وتعد خطواته الأخيرة بشأن شطب جمعيات وشخصيات من عضويته مؤشر لمراجعة سياساته، ما يتطلب منه إعادة النظر في مصادر التمويل وخطاب المساجد خاصة عبر الأئمة الأجانب. وربما يحتاج المجلس للتواصل بشكل فعال أكثر مع الجالية لتفادي محاولات الاستقطاب من الإخوان، لا سيما وأن اهتمامه انصب على تحسين صورته أمام الرأي العام دون الالتفاف إلى أهمية إزالة العوائق التي تقف أمام دمج المسلمين وجعل الدمج جزء من مكافحة التطرف بالمجتمع.

ونظراً لتشعب الإخوان داخل النمسا وبناء تواصل تاريخي مع مؤسسات الدولة وتكوين علاقة مع إخوان بريطانيا وألمانيا، يصبح تطوير أداء المجلس الإسلامي ضرورة نظرا لاستغلال الإخوان القوانين لصالح نشر أفكارهم المتطرفة داخل هذه المؤسسات الإسلامية، ما يؤكد على أهمية مراجعة ” خريطة الإسلام السياسي” وما رصدته من محاولات اختراق للإخوان عبر المساجد والهيئات الإسلامية، ومن ثم مراقبة تمويل المساجد والجمعيات الإخوانية وتطبيق توصيات المؤتمرات المشتركة مع المؤسسات النمساوية بشكل يحفظ حقوق المسلمين بالقوانين ويمنع اختراق الإخوان للمؤسسات التعليمية والدينية لا سيما وأن الجمعيات التابعة له تنتشر في أغلب المقاطعات، ويصبح تعاون المجلس مع مركز توثيق الإسلام السياسي خطوة مهمة للحد من أنشطة الإخوان ومن ثم إنقاذ الجالية المسلمة والمجتمع النمساوي من تداعيات انتشار التطرف.

العلاقة القديمة بين ” يوسف ندى” مؤسس الإخوان بالنمسا و”سعيد رمضان” المؤسس بألمانيا وتشابه نشأة الجماعة في الدولتين ببناء علاقات مع السياسيين والابتعاد عن شبهة العنف، يفرض على البلدين التعاون في مكافحة التطرف عقب كشف ألمانيا دور الإخوان في الدولتين في هجمات أوروبا عامين 2020 و2021، لذا يجب: –

  •  تشديد الرقابة على سياسات الإخوان في تغيير مسميات الجمعيات التابعة لهم بهدف الانتشار مجددا تحت نفس الكيانات بمسمى جديد.
  •  رصد الثغرات القانونية والمجتمعية والسياسية التي يستخدمها الإخوان لاختراق المؤسسات الإسلامية.
  •  دعم التمويل المحلي للمؤسسات الإسلامية وتشديد الرقابة على أنشطتها ومنع التمويل الخارجي.
  •  تسليط الضوء على الدور المجتمعي للجالية المسلمة ونشر نماذج إيجابية كوسيلة للتشجيع على المساهمة المجتمعية.
  •  مراجعة معايير اختيار الأئمة وطبيعة الخطاب الديني والكشف عن الجمعيات والشخصيات ذات الصلة بالإخوان.
  •  مراقبة تحركات الإخوان داخل المؤسسات التعليمية والدينية وإخضاع التعليم الديني تحت إشراف المؤسسات الإسلامية غير المنتمية للإخوان.

**

نظراً لأن الشخصيات والجمعيات ذات الصلة بإخوان بلجيكا اعتمدوا على إخفاء هويتهم، ومن ثم سهل عليهم اختراق المؤسسات الإسلامية والمناصب السياسية عبر الأحزاب والقوانين التي تتيح مشاركة كافة فئات المجتمع بالمشهدين السياسي والاجتماعي، بجانب تأسيسهم جمعيات مناهضة لخطوات بلجيكا في مكافحة التطرف، توترت العلاقة بين الهيئة الإسلامية والسلطات البلجيكية ما سيؤثر سلبا على دور الهيئة خاصة وأن فرصة العودة باتت ضئيلة أمامها بعد قرار سحب الاعتراف منها، ورغم ما حظيت به من دعم حكومي ولعبها دور الراعي الرسمي للجالية المسلمة، إلا أن هذا الدور دارت حوله شُبهات كثيرة عقب هجوم 2016 والكشف عن اختراق الإخوان للمساجد، ما يتطلب إعادة النظر في المسؤولين عن الهيئة وطبيعة دورهم وتجنب استغلال الإخوان تقلب العلاقة بين الهيئة والحكومة وفرض سيطرتهم على ممثل الجالية المسلمة في بلجيكا من ناحية، والانتباه لمحاولات إخوان بلجيكا في استضافة شخصيات إخوانية من دول أخرى مثل فرنسا لتأسيس كيانات جديدة تعمل في العمل الإنساني من ناحية أخرى.

تواجه فرنسا وبلجيكا مهمة جسيمة للحفاظ على دمج المسلمين في وقت مواجهة اختراق الإخوان للمؤسسات الإسلامية المسؤولة عن الجالية المسلمة، لذا يجب: –

  • مراقبة العلاقة بين إخوان فرنسا وإخوان بلجيكا وأي محاولات مستترة لبناء كيانات جديدة في الدولتين.
  • صياغة قوانين تسمح بتتبع الإخوان في ظل سياساتهم المضللة للحكومتين.
  • مراجعة للهيئات الإسلامية ومدى تغلغل الإخوان في أنشطتها والتأكيد على دورها في متابعة الشؤون الدينية ودمج المسلمين.
  • متابعة أوضاع المساجد بشكل يضمن ممارسة الشعائر الدينية ويمنع الخطاب المتطرف.
  • تفعيل توصيات المؤتمرات المشتركة بين الجالية المسلمة والدولة.
  • التعاون المشترك بين الدولتين في مكافحة احتراق الإخوان لمؤسسات الدولة.
  • مراقبة علاقات الأحزاب السياسية بالإخوان.

**

استغل الإخوان العلاقات التاريخية التي ربطت الحكومات البريطانية بالتنظيم الدولي للجماعة والدعم المالي المقدم لها، وجعلوا من الجمعيات الإنسانية والاجتماعية بوابة للانتشار في المجتمع البريطاني والمناصب السياسية، خاصة وأن المؤسسات الإسلامية في بريطانيا تحظى بمساحة للعمل والتواصل بين الجالية المسلمة والحكومة لطبيعة الدعم المقدم من الحكومة ولقدرتها على الانخراط مع دوائر صناع القرار، ورغم نجاح المجلس الإسلامي في دمج المسلمين بالمجتمع والذي تًرجم على أرض الواقع بوصول الكثيرين منهم إلى مناصب سياسية وحزبية ما يعني قيامه بدور الوسيط بين المجتمع والجالية بشكل جيد، تساهل في انخراط الإخوان بداخله لتزيد الشكوك حول أدائه ومصادر تمويله وبالتالي يهدد دوره في عملية الاندماج وعلاقته بالدولة مع ظهور مطالبات بتحجيم وجود الإخوان في بريطانيا.

بينما توغل الإخوان في هولندا عبر الأحزاب والجمعيات التنموية والكيانات الاقتصادية والقوانين التي تسمح بالمشاركة المجتمعية والسياسية، ما منحهم صقل رغم انتشارهم في هولندا هو الأحدث بين دول أوروبا، بل استغلوا تحركات اليمين المتطرف العنصرية ليطالبوا بمنح المسلمين مساحة أكبر على الصعيدين السياسي والمجتمعي لا سيما وأن الجالية هناك تعاني من مشاكل في الاندماج في مجتمع متعدد الثقافات، ما يضعف دور المؤسسة الإسلامية في هولندا ويجعلها في مرمى الانتقادات نظراً لأن دورها في توطيد العلاقة بين الجالية والمجتمع يشوبه الكثير من أوجه القصور من جانب، ولتنامي  نفوذ الإخوان داخل المؤسسات الثقافية والمساجد والجمعيات الخيرية التابعة للمؤسسة من جانب آخر، ما يهدد دورها في متابعة الأمور الدينية ونشر الجانب الثقافي بين الجالية والذي قامت به بشكل متوازن حتى تغلغل الإخوان لأنشطتها، لذا تتحمل المؤسسة الإسلامية مسؤولية ترتيب المهام من جديد وإعطاء الأولوية لخطوات دمج المسلمين بالمجتمع وتحسين العلاقة بينها وبين مؤسسات الدولة وتجنب اختراق الإخوان لعملها.

نفوذ الإخوان سياسياً في بريطانيا وهولندا وارتباط أعضاء الجماعة في البلدين ببعضهم البعض، يجعلنا أمام مشهدين متقاربين نوعا ما في طبيعة التحديات، ما يتطلب:

  •  تشديد الرقابة على وسائل الإخوان في اختراق المؤسسات الإسلامية وممثلي الجالية.
  •  مراجعة الجمعيات الخيرية والمساجد وحصر الأعضاء ذات الصلة بالإخوان باتخاذ إجراءات التتبع والرصد.
  •  مراقبة الأحزاب السياسية وطبيعة العلاقة والمصالح التي تجمعها بالإخوان.
  •  متابعة العلاقة بين إخوان بريطانيا وإخوان هولندا وحجم تمددهما داخل المجتمعين وطبيعة الأنشطة التي تجمعهما.
  •  الشفافية في نتائج التحقيقات الخاصة بتورط مؤسسات وجمعيات مع الإخوان.
  •  إقرار التشريعات المقترحة بشأن مكافحة التطرف وتفعيلها على أرض الواقع.
  • العمل على دمج المسلمين في كافة قطاعات المجتمع تجنبا لأي محاولات استقطاب من جانب الإخوان.
  • محاربة أي محاولات لتمدد اليمين المتطرف ومفهوم الإسلاموفوبيا خاصة في هولندا.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=86447

جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

German Islam Conference contributes to social cohesion
https://bit.ly/3XnJviV

هل أحرقت ألمانيا لحاف «الإخوان»؟
https://bit.ly/3iJrHzK

قلق بشأن النفوذ المستمر لجماعة الإخوان المسلمين في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
https://bit.ly/3krEHu8

deutsche-islam-konferenz
https://bit.ly/3GSjLE8

Islamic Religious Authority of Austria / Islamische Glaubensgemeinschaft in Österreich (IGGiÖ)
https://bit.ly/3WphnKH

The Muslim Brotherhood in Austria
https://bit.ly/3kvVaO1

 **

منتدى الإسلام في فرنسا: هل يفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الدولة ومواطنيها المسلمين؟
https://bbc.in/3HwZ2Y6

المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية “يحتضر” ويتجه نحو الزوال على وقع انقسامات داخلية حادة
https://bit.ly/3Hz1blV

بعد إغلاق 23 مسجدا خلال عامين.. فرنسا تغلق مسجدا جديدا
https://bit.ly/3HeZTew

The Forum for the Islam of France (FORIF): A New Beginning in Relations Between the State and Muslims?
https://bit.ly/3Y3EI5Q

L’Exécutif des Musulmans de Belgique
https://www.embnet.be/

Belgium revokes recognition and funding of Muslim Executive
https://bit.ly/3HzLHy1

**

MCB’s Impact
https://bit.ly/40cSfu0

تاريخ المنظمات الإسلامية في المملكة المتحدة: بدءًا من سلمان رشدي حتى اليوم
https://bit.ly/3WNddg7

لماذا يجب على مسلمي بريطانيا إعادة التفكير في نهج إنهاء الإسلاموفوبيا؟
https://bit.ly/3DoIQpl

About the London 2022 International Ministerial Conference on Freedom of Religion or Belief
https://bit.ly/3JoaeaH

De Islamitische Stichting Nederland (ISN)
https://bit.ly/3Hk4I6n

تنامي نفوذ الإخوان المسلمين في هولندا: مخاوف استخبارية
https://bit.ly/3Y8TecP

 

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...