الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

الإستخبارات والباراسايكلوجيا : إستشعار المخاطر وقدرة على تجنيد المصادر. بقلم بشير الوندي

مارس 01, 2018

بشير الوندي، باحث في علوم الاستخبارات

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا

مدخل

يتألف مصطلح الباراسيكولوجي من شقين , أحدهما البارا (Para) ويعني قرب أو جانب أو ما وراء، أما الشق الثاني فهو سيكولوجي (Psychology) ويعني علم النفس، وكان الفيلسوف الألماني ماكس ديسوار أول من استخدم هذا المصطلح في عام 1889م، ليشير من خلالهِ إلى الدراسة العلمية للإدراك فوق الحسي والتحريك النفسي (الروحي) والظواهر والقدرات الأخرى ذات الصلة.

ان علم الباراسيكولوجي يدرس القدرات فوق الحسية الخارقة كالتخاطر والتنبؤ والجلاء البصري والاستشفاء وتحريك الأشياء والتنويم الإيحائي (التنويم المغناطيسي) وفق المنهج العلمي الحديث في محاولة للاجابة عن الأسئلة الحائرة التي تشمل دراسة القدرات غير المالوفة التي يحوزها بعض الأشخاص , وتفسير الإدراك بدون أستعمال الحواس الخمس .

ولقد اثار هذا الباب – الجديد نسبياً – شهية الاجهزة الاستخبارية العالمية , لما يحققه لها من نتائج باهرة , فسعت الى الاهتمام بتطويره بمختبرات سرية وتجارب تجريها على الاشخاص ذوي القدرات الخارقة , والتركيز على تطوير القدرات تلك اكثر من الاهتمام بتفسيرها .

اقسام الباراسايكولوجي ومدياته

من العوامل التي فتحت شهية الاجهزة الاستخبارية المحترفة مبكراً على افاق الباراسايكولوجي هو تنوع الظواهر الباراسايكولوجية التي تقع تحت اطار هذا المسمى .

ومن هنا كانت صعوبة تصنيف الظواهر الباراسيكولوجية بسبب تعقيدها ومحدودية المعرفة العلمية عنها وتنوع تأثيراتها سواء بالتحريك عن بعد , والرؤية عن بعد , والجلاء السمعي , والجلاء البصري , والاستبصار , والإحساس بلمس الأشياء , والتواجد في مكانين في الوقت ذاته , والانتقال الآني للمادة , والحمل والانتقال غير الطبيعي للاشياء , واشعال الحرائق ذهنيا , وتجربة الخروج من الجسد أو الإسقاط النجمي , والأدراك الحسي الفائق , والتخاطر , وقراءة الأفكار , والتأثير عن بعد , والاقتراب من الموت , والتنويم المغناطيسي , واللمس العلاجي , والقراءة النفسية الخارقة , ورؤية المستقبل الخارقة , وغيرها من اشكال تلك الظواهر .

و يمكن تصنيف القدرات الباراسايكولوجية الى قسمين رئيسيين هما :

1– التحريك الخارق Psychokinesis :هي القدرة العقلية على تحريك الأجسام من غير لمسها بشكل مباشر , فالشخص الذي لديه قدرة التحريك الخارق غالبا يستطيع تحريك الأجسام عن بعد بالقيام بنوع من التركيز العقلي ، ولذلك فان هذه الظاهرة يشار أليها أيضا بالعبارة الشهيرة ” العقل فوق المادة” Mind over matter , ويدخل تحت هذا الباب كافة اشكال التأثير على الاخرين دون تواصل مباشر.

2- الإدراك الحسي الفائق Extrasensory Perception : أول مرة استخدم هذا الاصطلاح بشكل واسع على يد جوزيف راين في عام 1934 بكتابه المشهور الذي أسماه باسم ” الإدراك الحسي الفائق” , وهو حصيلة سنين من تجاربه العلمية على هذه الظواهر في جامعة ديوك , حيث ساعد في التعريف بهذه الظواهر وبين كيفية إخضاعها للبحث العلمي باستخدام أساليب ومناهج البحث العلمية التقليدية, وتقسم ظواهر الإدراك الحسي الفائق الى ثلاثة أنواع :

أولا: توارد الأفكار Telepathy : وهي ظاهرة انتقال الأفكار والصور العقلية بين شخصين من دون الاستعانة بأية حاسة من الحواس الخمس , ولقد اهتم الباحثون بهذه الظاهرة بشكل استثنائي في تجاربهم , ويعتقد غالبية العلماء أن توارد الأفكار هي ظاهرة شائعة بين عدد كبير من الناس العاديين الذي ليست لهم قدرات خارقة .

فمعظم الناس يعتقدون أن حوادث قد مرت بهم تضمنت نوعا من توارد الافكار بينهم وبين أفراد آخرين , والتي تحدث بشكل أكبر بين الأفراد الذين تربط بينهم علاقات عاطفية قوية ، كالأم وطفلها .

ثانيا: الإدراك باختراق الزمان : هو على نوعين , احدهما الادراك الاستباقي , اي القدرة على توقع أحداث مستقبلية قبل وقوعها, والثاني هو الإدراك الاسترجاعي , اي القدرة على معرفة أحداث الماضي من دون الاستعانة بأي من الحواس أو وسائل اكتساب المعلومات التقليدية , ويعتقد علماء الباراسيكولوجيا أن هاتين الظاهرتين تمثلان تجاوزا على حاجز الزمن .

ثالثا : الاستشعار Chairsentience :هو القدرة على تجاوز حاجز المكان , حيث يستطيع من يمتلك تلك القدرة على وصف اماكن بعيدة مكانياً ومايدور فيها بدقة كبيرة دون ان يكون قد رآها سابقاً مهما كانت سريتها .

صراع حول السلاح الجديد

من خلال ماسبق من اشكال وآفاق الظواهر الباراسايكولوجية , فقد تسابقت الاجهزة الاستخبارية العالمية في مجال الافادة من هذا الباب الجديد , الا ان الاجهزة الاستخبارية الامريكية كانت السباقة قبل السوفيت لاسباب ايديولوجية بحكم اصطدام ذلك العلم بالنظرة المادية الماركسية التي ترتكز على ماهو علمي محسوب بصرامة .

ومع ذلك فقد لحق السوفيت في سبعينات القرن الماضي بهذا العلم بعد اكثر من عقد على الاهتمام الاستخباري الامريكي به وابدعوا فيه وتوصلوا الى نتائج مذهلة كشفها بعض المنشقين عن الاتحاد السوفيتي قبيل انهياره .

ودخلت اختبارات الافادة من علم الباراسايكولوجي استخبارياً في الصراع بين المخابرات الأمريكية والمخابرات السوفييتية , وقام كل منهما باختبارات عدة , الغرض منها الافادة من هذا العلم واستقطاب ذوي القوى الخارقة لتحقيق اغراض عديدة اهمها : بيان مدى الافادة من هؤلاء الاشخاص للتحكم عن بعد بافراد العدو وكشف اسراره , وكذلك كشف جواسيسه والتجسس على العدو , بالاضافة الى فتح افاق استخدامات لاحصر لها من قبيل فك الالغاز الغامضة .

واقامت الاجهزة الاستخبارية العالمية مختبرات متطورة لمحاولة الوصول الى سيطرة فيزيائية على الظواهر الباراسايكولوجية لدى افراد لديهم قدرات غير طبيعية , ويكشف تقرير صدر عن المخابرات المركزية عن تأسيس الاتحاد السوفييتي مختبر سري للباراسيكولوجي يعمل فيه فريق مكون من 300 شخص ما بين عالم فيزيائي وطبيب وعالم كيمياء حياتية ومهندس .

واشتعل الصراع منذ سبعينات القرن الماضي بين القوتين العظميين في مجالين :

1- محاولة كل منهما الحصول على اسرار تقدم المختبرات الباراسايكولوجية والمشاريع الباراسايكولوجية الاستخبارية السرية للاخر.

2- السعي لتطبيق نتائج تلك المشاريع السرية ضد الاخر .

الامر الذي انعكس على تشديد السرية على تلك المشاريع الطموحة , فقد احيطت السرية التامة بالانشطة الاستخبارية في مجال الباراسايكولوجي بشكل مبالغ فيه , ويرى مؤلفا كتاب (الاكتشافات السوفييتية الجديدة الخارقة للطبيعة) وليم ديك وهنري كريس أن السوفيت اختاروا الباراسيكولوجي كطريق مهم يوازي اختبارات الذرة والصواريخ الاستراتيجية .

ففي عام 1953 اطلقت السي آي أي مشروع (أم . كي . ألترا) , وكان ذلك المشروع يتكلم عن سلاح سري غير مألوف وهو سلاح الحواس غير المألوفة , وتقوم فكرة المشروع على تنمية قدرات أشخاص من ذوي القدرات الخاصة يمكن استخدامهم في أعمال غير مألوفة للتأثير الايحائي النفسي على الاجانب (العدو ) عن بعد , ومن تلك الأبحاث التي أجريت , تحديد أماكن غواصات العدو وتدميرها من خلال هؤلاء الأشخاص.

وقد نجح الأمريكان علم 1958 في إتمام عملية تخاطر بين شخصين احدهما في غواصة في أعماق البحر ،حيث إستطاع الشخص الموجود على الأرض تسجيل أفكار نظيره البعيد عنه!! كما أجرت المخابرات الأمريكية تجارباً على الإسقاط الوهمي أو التجارب خارج نطاق الجسم ، تحت إشراف العالمين “هارولداي بتوف” و ” راسيل تارح” حيث أستطاع احد الأشخاص من مسافات بعيدة وصف منشآت عسكرية شديدة السرية ،واصفاً الملفات الشخصية لهذه القواعد.

وفي سبعينات القرن الماضي تم ايقاف المشروع واتلاف جميع وثائقه للحفاظ على السرية بالتوازي مع اطلاق مشروع اكثر طموحاً اسمه (بوابة النجوم )لاغراض اهمها : استخدام الظواهر فوق الحسية للحصول على معلومات عن الاهداف الموجودة في الاراضي التي ينشأ منها الخطر كالاتحاد السوفيتي , والتحقق من دقة الابحاث فوق الحسية التي يقوم بها الاتحاد السوفيتي , ودراسة الظواهر الفوق حسية وكشف ابعادها الفسيولوجية .

وتولى هارولد باتهوف مدير المشروع والاستاذ في معهد ستانفورد والذي اقر بوجود ادلة واضحة على قدرة الانسان على تلمس اشياء بعيدة زماناً ومكاناً , كما اقرت جيسيكا بوتس – عالمة النفس المتعاقدة مع الاستخبارات الامريكية في المشروع – بوجود الظواهر الحسية بشكل موثوق .

ورداً على البرنامج الامريكي اطلق السوفيت برنامج فينيكس السري في وحدة سرية اسمها 10003 في نهاية ثمانينيات القرن الماضي , الغرض منه اختيار اناس لهم قدرات فوق حسية لتطوير قدراتهم , وتحليل سير الاعمال المتعلقة بالحروب فوق الحسية في الولايات المتحدة وحلف الناتو, ووضع واعتماد طرق غير حسية باستخدام ذوي القدرات الخارقة .

واستمر الصراع حتى تفكك الاتحاد السوفيتي , الا ان الامر لايعني ان روسيا قد تخلت عن برامجها .

سلاح سري مذهل

استخدمت الاجهزة الاستخبارية كافة الاختبارات المتعلقة بأية ظواهر باراسايكولوجية كالتخاطر والتنويم المغناطيسي والتأثير عن بعد وغيرها , بغية استخدام من يجري تطوير قدراتهم – من الخاضعين لتلك التجارب – في العمليات الاستخبارية وبرمجة العقول للسيطرة عليها .

وكان ولوج الاجهزة الاستخبارية لمجال الافادة من الباراسايكولوجي والاهتمام بكل من له قدرة خارقة يتأتى في تعطش الاجهزة الاستخبارية للمعلومات وللامكانات الهائلة للافادة من هؤلاء الاشخاص تاركين امر تفسير تلك الامكانات الى رجال العلم , شريطة التيقن من النتائج .

فالجهاز الاستخباري الذي يلتقط شخص بقدرات خارقة كقابلية التخاطر بين عدة عقول وظاهرة البحث عن الأشياء المفقودة ومخاطبة العقل اللاواعي بالتنويم المغناطيسي أو وصف الأماكن البعيدة دون أن يكون صاحب القدرة الباراسيكولوجية قد رآها من قبل وغيرها من الظواهر الأخرى، لايدير ظهره لتلك الامكانات بحجة ان العلم يراها قدرات غامضة لابد من جلاء تفسيرها اولاً , وانما يسعى للافادة من تلك الامكانات وتطويرها في مختبرات سرية , واعتبار نتائج تلك التجارب والمختبرات من اسرار الدولة العليا .

ومن هنا انشأت الاستخبارات العالمية دوائر خاصة معنية بالخوارق , ومن اهم تلك الاجهزة الاستخبارية التي اهتمت بهذا المجال هي المخابرات الامريكية والسوفيتية

ووفق تقارير للمخابرات الأمريكية وتصريحات منشقين من الكتلة السوفيتية(سابقاً) توجد معامل سرية تضم العديد من العلماء في تخصصات شتى لدراسة الباراسيكولوجي محاولة للوصول إلى أسس فيزيائية للطاقة ما فوق الطبيعية ، و الميزانيات المخصصة لهذه الدراسات كبيرة , كما ان المراكز المتخصصة اكثر من عشرين مركزاً سرياً عالي المستوى.

وقد أثبتت الأبحاث أن العلماء السوفييت في وسعهم التأثير عن طريق التخاطر في سلوك الناس المستهدفين لذلك ، والتأثير على صناع القرار في الأماكن الحساسة مثل محطات إطلاق الصواريخ وإصابتهم بالقلق والعصبية وتشتيت أفكارهم .

وهو ذات الامر الذي قامت به مختبرات ال KGB بذات التجربة التي وصفها نائب رئيس المخابرات السوفيتية (نيكولاي شام )حيث تم تنويم شخص مغناطيسياً وترحيل عقله الى احد المختبرات السرية في سيبيريا , فتمكن من وصف المكان بدقة متناهية , كما كشف عن مشروع سري للباراسايكولوجي تابع لوزارة الدفاع السوفيتية اسمه (المشروع 10003.).

ويصف نائب رئيس المخابرات السوفيتية السابق في مقابلة تلفزيونية كيف افاد من احد الرجال ذوي القدرات الخارقة – استاذ جامعي – لحل لغز جريمتي قتل غامضتين لعالمين سوفيتيين حيرتا المخابرات , ويعترف في اللقاء الى علاج احد رواد الفضاء – الذي مرض في الفضاء- من الارض من خلال التأثير على فعالياته الحيوية من الارض , وان تطوير القدرات في المختبرات السرية وصل الى حد التأثير على مجموعة بشرية وجعلهم يصابون بالاسهال او التبول اللاارادي!!!, وحين سأله المذيع عن الفائدة من ذلك قال ساخراً : لك ان تعرف جدواها ضد التظاهرات المضادة , انظر:

خلاصة

ان الاجهزة الاستخبارية لاتترك باباً يمكنها من تطوير قدراتها الا وطرقته , وقد كان للقدرات الباراسايكولوجية بريقاً لايمكن الاغماض عنه وتجاهله , فاعتمدت الاجهزة الاستخبارية الكبرى في العالم على علوم الباراسايكولوجي ضمن برامج سرية طموحة حققت نتائج اشد سرية منها , مما جعل المعلومات عنها شحيحة للغاية , الا ان تفكك الاتحاد السوفيتي ابرز حقائق مذهلة عن المشاريع الاستخبارية السرية سواء الامريكية او السوفيتية في هذا المجال الجديد نسبياً .

ان اعتماد الاجهزة الاستخبارية على هذه الظاهرة لم يعد سراً , الا ان المديات التي وصل اليها استخدام هذا العلم هو الذي لايعرف عنه الا القليل , الا ان الاكيد ان الاهتمام الاستخباري بعلم الباراسايكولوجي كان له الاثر الكبير في تطويره , والله الموفق.

* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

رابط مختصر  https://wp.me/p8HDP0-bpH

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...