الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

نشأة حركة الهُوِيّة “المتطرفة” بين أوروبا وألمانيا

مارس 04, 2018

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا

ثوبٌ جديدٌ للعنصرية.. حركة الهُوِيَّة والاعتداء على المساجد في ألمانيا (1)

مسجد ريجنسبورج بين الحوار المجتمعي وحركات التطرف

مرصد الأزهر ـ  25 فبراير 2018 ـ أثارت نيّة الاتحاد الإسلامي التركي (DITIB) بناءَ مسجدٍ بمئذنةٍ ومركزٍ ثقافي في شرق مدينة ريجنسبورج البافارية عددًا من ردود الأفعال، تراوحت بين القَبول والرفض؛ على سبيل المثال، رحّب القسّ الإنجيلي المتقاعد د. جوستاف روزنشتاين (Gustav Rosenstein) مؤسّس مجموعة “أديان من أجل السلام” والرئيس السابق لها بهذا المشروع معتبرًا إيّاه “داعمًا للاندماج.

وفي المقابل اشتكى بعض سكان شرق المدينة من كثرة دُور العبادة الإسلامية في منطقتهم والتي بلغ عددها خمسًا حتى الآنَ، ويرى بعض هؤلاء أن وصول نسبة الأجانب في شرق المدينة إلى 42% لا يساعد على الاندماج؛ نظرًا لتَرَكُّز الأجانب في منطقةٍ واحدة.

هذه الحوارات المجتمعية والخلاف في وجهات النظر ومناقشة الرأي والرأي المضاد له من ضرورات التفاهم والتعايش السلمي في المجتمعات المتحضّرة والمعاصرة، طالما بقي الخلاف في الرأي سلميًّا وعلى المستوى اللفظي.

جديرٌ بالذكر؛ أن عدد سكان المدينة وصل في عام 2017 إلى 165 ألف نسمة تقريبًا، 12% منهم أجانبُ ومعظمهم من تركيا ودول وسط وشرق أوروبا.

ولكن الحوار والتنوع والاختلاف في الرأي مصطلحاتٌ لا تعرفها قواميس المتطرفين في كلّ مكانٍ، فبدلًا من الانخراط في هذا الحوار المجتمعي حول بناء المسجد والمركز الثقافي واتّباع الطرق القانونية للاعتراض عليه.

فضّلت حركة الهُويّة اليَمينيّة (IdentitäreBewegung) في ولاية بافاريا أن تقوم في عطلة نهاية الأسبوع الثاني من فبراير لعام 2018 في حركةٍ احتجاجية، بوضع 30 صليبًا في موضع البناء وكَتبت على كل صليبٍ منها اسمًا من أسماء ضحايا العمليات الإرهابية التي قامت بها الجماعات الإسلامية المتطرفة، في محاولةٍ واضحةٍ لربط المساجد عامّةً والدين الإسلامي كله بالإرهاب والعمليات الإجرامية المتطرفة.

وقد أصدرت الحركة بيانًا مكتوبًا تتبنّى فيه هذه الفعلة ومقطعًا مصوَّرًا لنشطاء الحركة أثناء قيامهم بهذا العمل.

أثار هذا الفعل عددًا من ردود الأفعال، كان من أبرزها بيان الاتحاد الإسلامي التركي، والذي صرّح بإدانة هذا العمل بوصفه معاديًا للإسلام، وقال الاتحاد: “إننا نشعر بالفزع جرّاءَ ربط الجريمة الإرهابية التي وقعت في بروكسل ببناء مسجدٍ جديد.”[1]

كما عبّرت عمدة المدينة المنتمية للحزب الديمقراطي الاشتراكيSPD،جيرترودمالتس-شفارتسفيشر(Gertrud Maltz-Schwarzfischer) عن فزعها جرّاءَ هذا الفعل، وتواصلت مع الاتحاد الإسلامي التركي، وأكدت التعاون المتميّز مع الاتحاد الإسلامي التركي عبْرَ السنوات.

وقالت: إن الجالية الإسلامية التركية مُرَحَّبٌ بها في مدينة ريجنسبورج، وأنها من الجاليات المندمجة في المدينة، وأضافت: أنها تعتزم اتخاذ إجراءات بحق أنشطة حركة الهُوِيَّة، وأنها ستعقد اجتماعًا مع كافّة الأحزاب والجبهات الممثلة في مجلس المدينة، بالإضافة إلى الاتحاد الإسلامي التركي.

وبعد أن ألقينا الضوء على هذا الحادث، نعرض للحركة التي قامت به؛ فما هي حركة الهُوِيّة؟ ومتى نشأت؟ ومن هم أعضاؤها؟ وما هي أفكارها ومبادؤها؟ وما هو موقعها على خارطة اليمين الأوروبي عامّةً والألماني خاصّةً؟

نشأة حركة الهُوِيّة بين أوروبا وألمانيا

نشأت حركة الهُوِيّة في فرنسا في عام 2003 تحت مُسَمّى “Bloc Identitaire” وزعمت أن هدفها أن تكون تجمُّعًا للشباب الأوروبي الفخور بجذوره وتراثه، وأعلنت أنها حركةٌ معارضة للإمبريالية الأمريكية والإسلامية، ومن فرنسا انتشرت الحركة إلى بلدانٍ أخرى في شمال ووسط أوروبا، ودخلت إلى البلدان الناطقة بالألمانية في النمسا وألمانيا في عام 2012.

نشأت الحركة في ألمانيا وَفْقًا للهيئة الاتحادية للتعليم السياسي من رحم النازيين الجُدُد بوصفها جزءًا من المشهد اليميني المتطرف؛ حيث عملت الحركة بالتعاون مع حركة بيجيدا المعادية للاجئين، ولها صِلاتٌ بحزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للاجئين والمهاجرين.

ففي خريف عام 2016، قال أليكساندرجاولاند (Alexander Gauland) نائب رئيس الحزب آنذاك والرئيس الحالي للكتلة البرلمانية للحزب في البرلمان الاتحادي حاليًّا بقوله: “إنه لا يرى مانعًا للتعاون مع حركة الهُوِيّة”، ويتوقّع مشاركةَ “كلِّ مَن يفكّر مثل: حزب البديل من أجل ألمانيا”.[2]

وفي سبتمبر من عام 2017 استأجرت حركة “1 في المائة” المتحالفة مع حركة الهُوِيَّة مكتبًا لصالح توماس تيلشنايدر (Hans-Thomas Tillschneider)، النائب عن الحزب في برمان ولاية “ساكسونيا-أنهالت،”[3] وهذا يوضّح لنا حجم التعاون والتحالف بين الحركة وبين المعارضة البرلمانية وغير البرلمانية المنتمية لليمين الألماني والصِّلات التي تجمع هذه الهيئات سويًّا.

على عكس ما يدّعيه شباب حزب البديل مثلًا من قطْع العَلاقات مع هذه الحركات اليمينية المتطرفة، وتخضع الحركة لرقابة هيئة الأمن القومي؛ بوصفها مهدِّدةً للنظام الديمقراطي الحُرّ.

أيدولوجية الحركة وأنشطتها

تكمن أيدولوجية هذه الحركة في رفضها للتعددية الثقافية وإيمانها بما تسميه التعددية العِرْقية، وتعني التعددية العرقية بالنسبة لهذه الحركة النقاء العرقي والثقافي للدول، وبهذا يُعتبر الأجانب من الأعراق والثقافات المختلفة تهديدًا لدول أوروبا.

ولهذا يرفضون مسار التعددية الثقافية وإدماج المهاجرين الذي تَبَنّته الحكومة الألمانية على مدار أعوامٍ طويلة، كما يرفضون الليبرالية السياسية بما تُنادي به من تسامُحٍ مع كافّة طوائف المجتمع ويُعادون أيضًا المساواة بين الجنسين.[4]

وتُقدِّر هيئة الأمن القومي الألمانية أعضاء الحركة بحوالي 400 عضوٍ في ولاية بافاريا، وتُعَوِّض نقْص عدد أعضائها باعتمادها على الفعاليات والأنشطة اللافتة للانتباه الإعلامي؛ فعلى سبيل المثال اشتهرت الحركة الفرنسية بتوزيع ما يُعرف بـ “حساء الهُوِيّة” وهو حساء لحم الخنزير؛ بهدف إظهار إقصائهم للمسلمين واليهود من المجتمع الفرنسي.

وفي ألمانيا احتلت الحركة بشكلٍ مؤقّتٍ مقرّات الحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD في مدينتي هامبورج وبرلين في عام 2015 وبوابة براندبورج في عام 2016، وهي فعالياتٌ جذبت الانتباه الإعلامي للحركة على نحوٍ ملحوظ، إلى جانب ذلك تُسَوِّق الحركة لنفسها على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

فصفحة جناح الحركة في ولاية بافاريا على سبيل المثال، حيث يوجد حوالَي 400 عضوٍ كما ذكرنا، بها 14 ألف مُتابِع، بما يحقّق لهم انتشارًا واسعًا على الشبكة وتصل أنشطتهم وآراؤهم إلى العديد والعديد من المتابعين والمتعاطفين معها، كما أن الحركة مُسَجَّلة في ولاية بافاريا بوصفها جمعيةً مسجّلة، ويحقّ لها جمع التبرعات على حسابٍ بنكيٍّ شرعيٍّ، وعلى حسابٍ على البنك الإلكتروني PayPal.

تُحاول الحركة جذْبَ الشباب إليها من خلال تبنّيها المواضيعَ ذاتَ الشعبية بينهم وتحاول التواصل معهم بلغتهم وأسلوبهم؛ فعلى سبيل المثال تستمدّ الحركة شعارها من الشعار الذي ارتداه المقاتلون الإغريق الثلاثمائة عند مواجهتهم لجيوش الفرس، وهذه القصة صوّرها الفيلم الشهير “300” الصادر في عام 2006.

وهذا إلى جانب كونه تواصُلًا مع الشباب من خلال صناعة الأفلام المؤثّرة في هذه الفئة العمرية، فهو أيضًا تعبيرٌ عمّا يزعمونه من كونهم أقليّةً تقاوم الإمبريالية العالمية والإسلامية التي تغزو أوروبا وتقضي على ثقافتها وتراثها، وتحاول الحركة الابتعاد عن اليمين المتطرف التقليدي بهذه الشعارات،.

ولكن الملاحظ أنّ ما يقومون به هو مجرّد إعادةِ صياغةٍ للأفكار العنصرية القديمة بمصطلحاتٍ معاصرة وحديثة، وإلّا فما الفارق بين التعددية العِرْقيّة من مفهومهم وبين مفهوم الأعراق النازي والذي كان يؤمن بنقاء العِرْق الآريّ، ويرفض الاختلاطَ به، كما يحاول أعضاء الحركة التقليل من أهمية مذابح النظام النازي تُجاهَ اليهود وغيرهم، فما تقدّمه الحركة هي ذاتُ الأفكار العنصرية القبيحة في ثوبٍ عصريٍّ جديد يَروق للشباب ويجذبهم إلى بوتقتها.

بعد أن عرضنا نشأة هذه الحركة وأفكارها وشبكة عَلاقاتها في اليمين الأوروبي والألماني، سوف نُقدِّم في المقال القادم مسألة اهتمام الحركة بالظهور الإعلامي، والذي تحاول به تعويض نقْص عدد أعضائها.

حيث نُقدِّم تحليلًا لمقطعٍ مصوّرٍ للحركة تُقدِّم به نفسَها للجمهور، ومقطعٍ مصوّرٍ آخَرَ لوضع الصلبان في موضع بناء مسجد ريجنسبورج؛ حتى نستطيعَ التعمُّق أكثرَ في أساليب عمل هذه الحركة وكيف ترى نفسها، وما هي الأفكار الكامنة وراء خطابها للجمهور.

رابط مختصر :https://wp.me/p8HDP0-bqR

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...