الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

بعد مقتل البغدادي- داعش والحرب الدائمة. بقلم أدهم كرم

داعش
نوفمبر 04, 2019

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

إعداد : ادهم كرم ـ محلل مختص في الشؤون الاستخبارية

أبو بكر البغدادي خليفة داعش الذي سيطر في وقت سابق على 240 الف كلم مربع بين سوريا والعراق وتحكم في مصير قرابة سبعة ملايين نسمة قتل الشهر المنصرم في عملية عسكرية امريكية خاصة في قرية باريشا التابعة الى محافظة ادلب السورية حسب اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب ,وهو بالتأكيد ضربة قاصمة وموجعة للتنظيم ككل لما يمر به سلفاً من انهيار عسكري ولوجستي بعد فقدان اراضي خلافته السابقة.

ولكن هل يعني مقتل البغدادي نهاية التنظيم ؟ ان تنظيم داعش هو تنظيم عقائدي متطرف يثبت ويدعم اركانه بأفكار دينية متشددة وقد يتأثر قليلا او كثيراً بمقتل احدى قياداته (وان كان الخليفة) الا ان البنية الفكرية والهيكلية العقائدية له سيولد قيادة جديدة ليظهر عادة الى العلن بعد عدة ايام اوشهور من مقتل قائد التنظيم. ولكن مقتل ابو بكر البغدادي ولما كان يحمله من كاريزما ومكانة خاصة في التنظيم سيصعب حتماً على اللجان والمجالس المختصة فيها من اختيار خليفة جديدة له ,لذا فأن اختيار  وظهور الخليفة او القائد الجديد للتنظيم اما ان يتاخر كثيراً عما كان عليه في السابق او سيتم بسرعة فائقة قد يفوق تصور المحللين الامنيين والاستخباريين , ولكلا التأخير والاستعجال في اختيار الخليفة الجديد للتنظيم اسبابه ودوافعه  الخاصة التي تخضع لامور عدة متعلقة اغلبها بالظروف ,التنظيمية,الميدانية ,والاستراتيجية , فقد يكون من اسباب التأخر في اختيار الخليفة الجديد عوامل عدة اهمها:

1.صعوبة ايجاد قيادة جديدة يمتلك شخصية متمكنة كشخصية الارهابي ابو بكر البغدادي الذي تمكن من تحويل تنظيم امني الى جيش عسكري تحكم بمقدرات العديد من المحافظات والمدن لما يقارب اربعة سنوات , وحيث ان اغلب القيادات التي عملت مع البغدادي تأثرت به كثيراً وهولاء سوف يبحثون عن مواصفات مشابهة للبغدادي في  شخصية قائدهم الجديد مما يؤخر الاختيار والبيعة اكثر فاكثر.

2.الكثير من القيادات العسكرية والشرعية التي كانت مرشحة لخلافة البغدادي اما ان قتلت او تم القاء القبض عليها في سوريا والعراق.

3.لا يمكن أختيار اية شخصية داخل التنظيم حتى وان كانت من قيادات الصف الاول لشغل منصب الخلافة الا اذا توافرت فيه شروط شرعية خاصة واهمها ارجاع نسبه الى النسب الهاشمي القريشي .

4.قد يحدث بعض النزاعات الفكرية بين القيادات الحالية خلال اقتراب اللحضات الحاسمة لاختيار القيادة الجديدة وقد يبدأ او يتعمق هذه الخلافات او النزاعات بين العراقيين او غير العراقيين ولكن ليس من المرجح ان تحصل انشقاقات كبيرة في صفوف التنظيم , وان حصل بعض الانشقاقات فستكون انشقاقات غير مؤثرة وستأخذ شكل خروج او التحاق بعض من القيادات المنشقة الى تنظيمات اخرى تعبيرا عن رفضها للواقع الجديد داخل تنظيم داعش.

5.قد تظهر محاولات من تنظيم القاعدة بقيادة (ايمن الظواهري) من استغلال الاوضاع التي يمر بها تنظيم داعش بعد مقتل البغدادي من خلال دعوة او استمالة البعض من قياداته للعودة او للانظمام مجددا الى صفوف التنظيم الام , حيث انه كان هنالك  مؤشرات استخبارية سابقة اكدت حصول لقاءات بين قيادات داعشية واخرى من تنظيم القاعدة في سوريا , ولا يخفى ان مقتل الارهابي ابو بكر البغدادي كان في قرية باريشا وتحديدا داخل منزل (ابو محمد الحلبي) احد القيادات المعروفة في تنظيم (حراس الدين) التابع الى تنظيم القاعدة والمناوىء لتنظيم داعش الارهابي مما يؤكد تقاربات وتفاهمات نظرية ترجح احد الامرين :

  1. تأكيد وجود واستمرار المفاوضات والتفاهمات بين تنظيم داعش وتنظيم القاعدة للتصالح وتوحيد الجبهات او حتى اعادة مبايعة ايمن الظواهري من قبل ابو بكر البغدادي وحيث ان الوسيط كان الارهابي (ابو محمد الحلبي).
  2. مبايعة ابو محمد الحلبي نفسه مؤخراً لابو بكر البغدادي وانضمامه الى صفوف داعش , وهو الذي اوى الخليفة في منزله بل قاتل ومات مع اسرته دفاعاً عنه اثناء هجوم القوات الامريكية .

إستراتيجية تنظيم داعش بعد مقتل البغدادي

يؤكد بعض الباحثين في شؤون الجماعات المتطرفة بأن مقتل ابو بكر البغدادي لا تمثل الا مقتل قيادة ضعيفة ومنهكة ومستهلكة  ترأست التنظيم خلال الفترة الماضية وسيتم اختيار الخليفة القادم كما حصل بعد مقتل الزرقاوي 2006 وابو عمر البغدادي 2010 .

وهذا التحليل هو تحليل واقعي خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار السياق التأريخي لنشأءة وتكوين التنظيم ,فموت او زوال قيادة ارهابية يتم استبداله وفق اليات شرعية معينة متبعة من قبل التنظيم ولكنه تحليل غير دقيق فيما يخص شخصية القيادة السابقة .

ولكن يمكن القول بأن الارهابي ابو بكر البغدادي ومكانته والمنجزات التي حققها لهذا التنظيم يختلف اختلافاً كبيراً عما فعله اسلافه,هذه من ناحية ,ومن ناحية اخرى فان توقيت  وظروف مقتل هذا الارهابي يختلف عن الازمنة والظروف التي رافقت مقتل ابو مصعب الزرقاوي مثلاً , فالتنظيم ايام ابو مصعب الزرقاوي كان في اوج قوته وكان محتفظاً بالكثير من قياداته , وكذلك الحال ايام مقتل ابو عمر البغدادي وان بدى التنظيم ضعيفا في عهده الا انها كانت تمتلك خزينا كبيرا من الانصار والقيادات العراقية والعربية, فضلاً من ان التنظيم كان تنظيماً محلياً غير عابراً للحدود وكانت هنالك تنظيمات ارهابية اخرى تنازع تنظيم الدولة الاسلامية بل وتتغلب عليها في بعض المناطق احياناً.

أن الارهابي ابو بكر البغدادي كان يختلف اختلافاً كبيراً عن ابو مصعب الزرقاوي او ابو عمر البغدادي , فهو كان ارهابياً ذو نظرة استراتيجية تطبيقية آمن بالتطور التنظيمي اكثر من اسلافه الاخريين ,فما ان تسلم زمام  القيادة عام 2010 حتى احكم سيطرته على التنظيم بقبضة من حديد واستطاع تغيير معادلة الصحوات التي نشأت ضد التنظيم قبل عام 2010 (والتي كانت سبباً في انهاك التنظيم سابقاً )من خلال استمالة العشائر العراقية من جديد وكسب ولاء العديد منها ,واظهر تفوقاً واضحاً على سلفيه من ناحية استغال بؤر التوتر  والنفور الطائفي في العراق ,فبدأ بتوسيع نفوذه على مدينة الموصل ووسع من أتاواته وقدراته المالية وخلاياه التنظيمية وبعدها تمكن من فتح السجون وهرب الالاف من السجناء معززا قدراته البشرية حتى استطاع اجتياح مدينة الموصل بأكملها غير مكترث للتغيرات الاقليمية والدولية بل تمكن من تأمين وعقد اتفاقات مع دول اقليمية بعينها مثل تركيا حتى اوجد موطىء قدم له في سوريا الذي رزحت مدن ومناطق عديدة فيها تحت قبضته خلال شهور عديدة فقط ,فالبغدادي تمكن بترأسه الف مقاتل من تأسيس ما يشبه الدولة بين العراق وسوريا,لذا فأن دراسة اتساع وتمدد تنظيم داعش في عهد الارهابي ابو بكر البغدادي لا يمكن بمعزل عن دراسة شخصية خليفته المقتول ولا يمكن التوقف عن تحليل تلك الحقبة لمجرد مقتل البغدادي.

هل سيستلم قيادة داعش شخصية غير عراقية

أفادت وكالة “رويترز” للأنباء، مؤخراً، بأن تنظيم “داعش” أعلن مبايعة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، خلفا لأبو بكر البغدادي، الذي تمت تصفيته في الـ27 من أكتوبر, الا ان هذا الخبر لم يتم تأكيده بصورة قطعية من قبل المواقع القريبة من داعش(الا تسجيل صوتي نسب اليهم) ولا من الوكلات الاخبارية الاخرى , ولا يعرف المراقبون والمحللون حتى هذه اللحظة معلومات كاملة عن القيادة الجديدة, فهل هو شخصية ارهابية عراقية ام عربية ؟ وهل يمكن اختيار خليفة للتنظيم من غير العراقيين لتولي قيادة التنظيم؟

من المحتمل ان يحاول بعض القيادات الارهابية العربية (كالسعودية والتونسية والسورية)تسلم منصب الخلافة بعد البغدادي المقتول والذي قد تؤدي الى :

1.حدوث نزاعات داخل التنظيم بين القيادات العراقية والغير العراقية في حال عدم قبولهم او بيعتهم للخليفة الجديد.

2.اما في حال بيعة القيادات العراقية الرئيسية للخليفة الغير العراقي فأنه سيؤدي الى نفور تنظيمي ومناطقي في المستقبل مما يؤثر على القوة التمكينية له ويؤدي الى اضعاف الخلايا الميدانية ايضاً, كما حصل في فترة ترأس الزرقاوي للتنظيم والذي ادى الى ظهورخلافات ونفور من جانب بعض القيادات الارهابية العراقية مما  حدى بالزرقاوي الى تقريب وترشيح (عبد الله رشيد البغدادي) لترأس مجلس شورى المجاهدين قبل ان يتحول الى تنظيم “دولة العراق الاسلامية” انذاك.

لذا فأن تولي التنظيم قيادة غير عراقية في الوقت الراهن سيساهم في اضعافه اكثر مما هو ضعيف ومشتت .

ولا يمكن لشخصيات ارهابية من قوميات اخرى غير عربية من تولي منصب الخليفة داخل التنظيم فمنصب الخليفة هو حكر على قيادات عربية من نسب قريشي هاشمي حسب ايديولوجيات التنظيم المعتمدة في اختيار القيادة .

يمكن للقيادات الغير العربية ان يكونوا قواداً او امراء او ولاة ,الا ان منصب الخليفة (في حال ابقاء التنظيم  على هذه التسمية) لن يكون الا لشخصية عربية ,اما ما يتداوله بعض المحللين الامنيين حول ترشح شخصية تركمانية لهذا المنصب فهو امر مستبعد الا اذا قلب التنظيم هيكليته واستراتيجية بصورة كاملة .

أنهيار التنظيم لا يعني نهايته

لا جدال ان تنظيم داعش ليس هو ذاك التنظيم  في عام 2014 من كافة النواحي المالية ,اللوجستية,القيادية,الدعائية والتنظيمية ايضاً, فالتنظيم خسر وفقد الكثير من قياداته وامواله بخسران الاراضي التي كانت يسيطر عليه في العراق وسوريا, وهو حالياً عبارة عن مجاميع مشتتة تعمل بصورة ميدانية  لامركزية لا تقوى في اغلب الاحيان على شن هجمات فتاكة كالسابق, وعلى الرغم من كل الهزائم التي مني بها التنظيم والتي توجت اخرها بمقتل خليفتها المزعوم (ابو بكر البغدادي) الا انه لا يمكن القول بان التنظيم قد انتهى وقضي عليه ,فقد تختل الموازين من جديد ويتمدد التنظيم كما في السابق خاصة مع بقاء خلاياه الارهابية داخل العديد من المحافظات العراقية والسورية ,فضلاً عن وجود تنظيمات ارهابية مازالت متمسكة ببيعتها لتنظيم داعش في اسيا وافريقيا.

تأتي صعوبة القضاء على تنظيم داعش من كون التنظيم تنظيمياً ذو بنية ايديولوجية وهيكلية مرنة تستطيع التكيف مع المتغيرات المحيطة به, وما يعزز الحالة التنظيمية لخلايا التنظيم هو اكتسابها للخبرة القتالية والعسكرية والامنية خلال السنوات السابقة , الا انه يمكن القول بان التنظيم يمر بأسوء مراحله وهو منهار بصور عامة وما يمنع القضاء عليها هو الايديولوجية الطائفية التي كانت ومازالت تغذي اركان بقائه وهذه الاركان تتمثل  بالاركان : الفكرية ,التنظيمية, الدعائية, الامنية-العسكرية, والمعنوية, فلقد اصاب التنظيم انهيار امني وعسكري  بعد فقدان أرض الخلافة مما ادى بالتالي الى اضعاف قدراته التنظيمة العامة والخاصة ,وانخفضت معنويات قياداته وتنظيماته الى الحضيض مؤخراً بمقتل ابو بكر البغدادي,واصابت آلته الاعلامية الشلل بعد مقتل ابو حسن المهاجر المتحدث الرسمي للتنظيم والذي تزامن مع مقتل خليفة التنظيم, الا ان الايديولوجية الارهابية مازالت سليمة وان تأثرت هي الاخرى الى حد ما,الا ان القضاء عليها تحتاج الى جهود متكاملة وجبارة من كافة النواحي السياسية والامنية والتربوية والاقتصادية ايضاً.

ليس من المرجح ان يطرأ على هيكلية التنظيم (خاصة الامنية والميدانية) اية تغييرات جذرية في الوقت الحاضر,حيث ان المجاميع والخلايا الارهابية المتوزعة والمنتشرة في العراق وسوريا تعمل بصورة لامركزية وتعتمد على قدراتها الميدانية وتحاول ايجاد بدائل للتمويل الذاتي,وهي لا تتواصل مع الولاة او قيادات الصف الاول والثاني الا بصعوبة بالغة ولفترات زمنية متباعدة.

التوصيات:

  1. قد تمثل المرحلة الحالية مرحلة مهمة وحساسة جداً من مراحل مكافحة الارهاب يمكن معها العمل على اضعاف التنظيم كثيراً, والعمل ايضاً على القضاء عليه او ادخاله في سبات تنظيمي يمكن ان يمتد لعدة سنوات.
  2. تسخير كافة الجهود الاستخبارية لجمع وتحليل المعلومات حول القيادة الارهابية الجديدة من كافة النواحي بغية القضاء عليه او استغلال نقاط الضعف في الهيكلية القيادية الجديدة ومحاولة اختراقهم والقاء القبض على اكبر عدد منهم, حيث ان القيادة الارهابية الجديدة قد تكون لها رؤية متغايرة عن سلفها وقد تنهض بالتنظيم من جديد وتحوله الى تنظيم اكثر دموية وفتكاُ من سابقته .
  3. لا يجب الاستهانة بالقدرات القتالية والهجومية للتنظيم وخلاياه الارهابية وخاصة في العراق على الرغم من التفكك والضعف الذي المت بها , فالتنظيم لايزال يشن هجمات وان كانت غير مؤثرة للغاية والتي تصل الى معدل 5 هجمات يومياً في مختلف ارجاء البلد, ولا يزال يمتلك قوة بشرية تتراوح بين 15-20 ارهابي موزعين بين العراق وسوريا, ولا يمكن ايضاً اغفال ان خليفة البغدادي سيرث تنظيماً وان كان ضيعفاً الا انه قد يكون اقوى من التنظيم الذي تسلمه البغدادي عام 2010.

رابط مختصر.. http://bit.ly/33h8KqY

حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...