الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ ما علاقة الصراع في السودان مع حرب أوكرانيا؟

الصراع الروسي الأميركي
مايو 19, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

بون ـ  إعداد: اكرام زيادة، باحثة في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

أمن دولي ـ ما علاقة الصراع في السودان مع حرب أوكرانيا؟

تتزايد المخاوف من أن السودان الآن في “حرب باردة” بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث يوسع الكرملين نفوذه غرباً في نفس الوقت الذي وسع فيه الناتو نفوذه شرقاً مع انضمام فنلندا إلى الحلف. إذ بات جلياً في الآونة الأخيرة المساعي المشتركة للغرب وروسيا لكسب دوائر تأثير جديدة في إفريقيا، ومنها السودان بطبيعة الحال، وهو ما تعزز بشكل ملحوظ منذ بِدء الحرب الروسية – الأوكرانية.

ويمثل السودان حلقة استراتيجية مهمة تربط بين منطقتي شرق إفريقيا والساحل والصحراء، فهناك مخاوف من الاشتباكات المتواصلة بين القوات المسلحة وبين قوات الدعم السريع ألا تقتصر على الداخل السوداني بل تمتد إلى مستويات إقليمية ودولية، رغم المواقف الدولية المعلنة التي تشدد على ضرورة إبقاء الأزمة في إطارها السوداني، ورفض التدخلات الخارجية. لكن الأهمية الجيواستراتيجية التي يتمتع بها السودان خصوصاً في ظل سعي أطراف الصراع إلى توفير داعمين إقليميين ودوليين يمكن أن يتحول السودان إلى ساحة استقطاب دولي بين روسيا والغرب .

التنافس الغربي الروسي على إفريقيا

شكلت الحرب الأوكرانية أحد محددات التدافع الغربي – الروسي على إفريقيا منذ بدايتها في 24 فبراير 2022؛ إذ يسعى الجانب الروسي إلى كسر العزلة الدولية المفروضة عليه بفعل العقوبات الغربية عبر تعزيز شبكة العلاقات والتفاعلات الخارجية مع الدول الإفريقية لبناء تحالفات استراتيجية. وفي المقابل، يسعى الغرب لتعويض النقص الحاد في إمدادات مصادر الطاقة الروسية عبر تعزيز الصلات مع دول القارة الإفريقية، التي تذخر بنحو (8%) من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم؛ ففي عام 2021 بلغ إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في إفريقيا ما يزيد عن (620) تريليون قدم مكعبة، كما تمتلك نحو (12%) من احتياطيات النفط في العالم؛ ففي عام 2021 قُدِّر احتياطي القارة من النفط الخام بنحو (125.3) مليار برميل.

سعت الولايات المتحدة لتعزيز الصلات مع إفريقيا لمناوأة الوجود الروسي – الصيني المتنامي خلال السنوات الأخيرة، ولعل هذا ما جعل إدارة الرئيس الأميركي “بايدن” تدشن استراتيجية جديدة تجاه إفريقيا، وهي الاستراتيجية التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي خلال جولته الإفريقية في أغسطس 2022، كما سعت الإدارة الأميركية لتعزيز صلاتها بإفريقيا عبر عقد “القمة الأميركية – الإفريقية” الثانية التي استضافتها العاصمة الأميركية “واشنطن” في ديسمبر 2022.

على نفس السياق،  تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في إفريقيا عبر التركيز على تقديم نفسها كبديل استراتيجي مناسب للنفوذ الغربي، وتحديداً الفرنسي ، الذي تراجع بشكل ملحوظ في العديد من مناطق النفوذ التقليدية، من قبيل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وغيرها، وتعتمد في ذلك على العديد من الأدوات الرئيسية، وعلى رأسها شركات الأمن الخاصة، وتحديداً مجموعة “فاجنر”، كما تسعى روسيا إلى عقد “القمة الروسية – الإفريقية” في نسختها الثانية في الفترة المقبلة في العواصم الإفريقية؛ وذلك بعدما عقدت النسخة الأولى في “منتجع سوتشي” في روسيا خلال أكتوبر 2019، التي كانت بمنزلة الإطار التنظيمي الأول من نوعه على المستوى المتعدد الأطراف الذي يربط روسيا بإفريقيا

ترسم وثيقة الاستراتيجية الجديدة التي أعلنت عنها روسيا مؤخراً، ملامح عقيدة جديدة في السياسة الخارجية قوامها تصنيف الغرب على أنه “تهديد وجودي” لروسيا. وتكشف الوثيقة بأن الصراع في أوكرانيا ليس سوى جبهة من جبهات مواجهة واسعة النطاق بين روسيا والغرب. وتكشف الوثيقة التي تقع في أكثر من (40) صفحة، بأن “الحرب الهجينة” تحل محل الحرب الباردة، في استراتيجية روسيا التي تقدم نفسها “حصناً” للعالم الناطق بالروسية، في مواجهة “هيمنة الغرب” ومحاولاته “تفكيك روسيا الاتحادية”. أمن دولي ـ ما تداعيات حرب السودان على الأمن الإقليمي والدولي؟

الأهمية الجيوسياسية للسودان ـ الصراع الروسي الأميركي

إن فهم الطبيعة الأعمق للصراع الذي يهز السودان يتطلب دراسة الأنشطة الروسية في المنطقة. هكذا تحدث وزير الداخلية الإيطالي السابق ماركو مينيتي، رئيس مؤسسة Med-Or، مسلطاً الضوء على العلاقة بين الحرب في أوكرانيا وإفريقيا.

لدى روسيا والقوى الغربية الكبرى  على حد سواء مصالح سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة في السودان. تخشى روسيا مثلاً من أن يؤثر الصراع الحالي على التصديق على الاتفاقية بين موسكو والخرطوم، بشأن إنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية في السودان والذي يخطط له لكي يصبح قاعدة أو مركز لوجستي مهم للبحرية الروسية، لأنها تتيح إمكانية الوصول المباشر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى غير الساحلية ومنطقة الصحراء والساحل حيث تعمل شركات التعدين الروسية.

كما أن السودان يمثل الكنز المدفون للدول الكبرى فهو يعني (200) مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة و(11) نهر جاري و(102) مليون رأس ماشية و(400) مليار متر مكعب أمطار سنوية، و(1.4) مليون طن من اليورانيوم و(6.8) مليار برميل من النفط و(85) مليار متر مكعب من الغاز.

يحتل السودان الثاني في إنتاج الذهب على مستوى القارة الإفريقية إذ يبلغ إنتاجه السنوي أكثر من (90) مليون طن بقيمة تصل لخمسة مليارات دولار. وقد عرف أيضا بسلة غذاء العالم. تتعدد موارده من فضة ونحاس وغير ذلك بالتوازي مع موقع جيوسياسي حيث يعتبر البوابة للقرن الإفريقي. لذلك، فهنالك حرب خفية بين روسيا والصين من ناحية والغرب – أميركا وحلفاؤها الأوروبيون – على السيطرة والتواجد في دول إفريقية عديدة من بينها السودان وليبيا وإفريقيا الوسطى وموزمبيق ومالي.

كشفت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية، عن أن روسيا استعدَّت للمقاطعة والعقوبات الغربية بأطنان من الذهب المستجلب من السودان، وهو ذهب يمثل (23%) من الاحتياطي الروسي، أي ما قيمته (144) مليار دولار، وذلك بعد ما كشفت الصحيفة في تقريرها أن الكرملين هو المستفيد الأول من الذهب السوداني الذي يتم تصديره من السودان بواقع (30) طناً سنوياً عبر طائرات صغيرة إلى روسيا بعدما منح المكون العسكري امتيازات للروس عبر الترخيص لشركات روسية في الاستثمار في الذهب.

فيما تخطط الولايات المتحدة لمزيد من الانتشار في البحر الأحمر حيث أرسلت فعلاً بعض القوات الخاصة البرية والقطع البحرية تحت مسمى الإجلاء، فيما تشير تقارير استخبارتية إلى أنها تخطط لإبقائها، خاصة بعد تواصل بلينكن وحميدتي الذي دعا إثرها إلى التدخل الدولي. فالولايات المتحدة تدعم حميدتي وهناك أخطار من انفصال إقليم دافور الغني والذي يمتد على مساحة مليون كلم مربع غنية بخام البترول واليورانيوم والغاز ومناجم كبيرة لاستخراج الذهب، ما سيسمح أيضا بتوسيع نفوذ حميدتي ومن ثم الولايات المتحدة حتى مناجم الذهب في تشاد وإفريقيا الوسطى.  أمن دولي- مخاطر انزلاق السودان نحو الفوضى على الأمن الإقليمي والدولي. بقلم آندي فليمستروم

مصالح سياسية عسكرية – حرب الممرات والمضائق

تعد المصالح الروسية في السودان هي بالدرجة الأولى أمنية، وكذلك في مجال الدعم العسكري التقني، لأن السودان هو ثاني أكبر مشتري للأسلحة الروسية في إفريقيا بعد الجزائر وهو يتفوق حتى على مصر التي تأتي في المرتبة الثالثة. كذلك يوجد (16) اتفاقية بين روسيا والسودان، هذه الاتفاقيات منحت روسيا قواعد مجانية وأتاحت لها الحرية باستخدام المطارات السودانية لنقل الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية اللازمة للقاعدة والسماح بإرسال عدد محدود من السفن و (300) فرد كحد أقصى إلى الميناء، وهو أول مركز بحري لروسيا في إفريقيا.

تسعى روسيا لأن يكون لها قاعدة عسكرية بحرية تضمن لها وجوداً في المياه الدافئة أي منطقتي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، المليئة بالثروات والكنوز والمواد الخام. كما أنها تسعى لمنع أميركا من السيطرة على مداخل البحار والمحيطات. ولذا تسعي أن تكون لها قاعدة في بورتسودان حتى لا تسمح للولايات المتحدة بالسيطرة على هذه المنطقة البحرية والمضائق والتي تتواجد فيها أصلاً أغلب القوى الكبرى. هذا جزء من صراع النفوذ الحالي في العالم وهو معلن حتى في الاستراتيجية التي تحدث عنها بوتين مؤخراً. فيما يتردد أن الصين موافقة على التحركات الروسية والهدف المشترك هو تشكيل العالم الجديد من عدة أقطاب.

قبيل اندلاع المعارك في السودان زار محمد حمدان دقلو (حميدتي) موسكو على رأس وفد رفيع في زيارة استغرقت (8) أيام لتكون الأطول لمسؤول سوداني كبير إلى روسيا الطامحة لنفوذ أكبر في السودان. ولاحقاً خلال زيارة إلى العاصمة السودانية الخرطوم في فبراير2023، ناقش وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسألة القاعدة مع قادة السودان وهدف استكمالها بحلول نهاية عام 2023، وذلك وفقًا لوثيقة استخباراتية أميركية، تعد جزءًا من وثائق ديسكورد (وثائق البنتاجون) التي يُزعم أنها تسربت عبر الإنترنت بواسطة عضو في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس. ومن وجهة النظر الروسية، فإن قاعدة ميناء بورتسودان لها أهمية سياسية أكثر منها عسكرية لأننا لا ننسى أن روسيا لديها قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري، يعني هذا أنه في حال إنشاء قاعدة في السودان ستستطيع روسيا إن اقتضى الأمر أن تحكم السيطرة أو تقطع مداخل قناة السويس سواء من البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط.

وفي ظل مواجهة موجة هجرة غير نظامية غير مسبوقة، لاحظ وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني في تصريحات أدلى بها مؤخرا بأن “الكثير من المهاجرين يصلون من مناطق تسيطر عليها مجموعة فاغنر”. بينما حذر زميله وزير الدفاع غويدو كروزيتو من أن “الهجرة غير المنضبطة والمتواصلة ، أصبحت وسيلة لضرب أكثر الدول عرضة، وفي مقدمتها إيطاليا، وخياراتها الجيوستراتيجية”. وتعتبر الهجرة غير النظامية وتدفق موجات اللاجئين، إحدى الأساليب التي استخدمتها موسكو للضغط على الإتحاد الأوروبي على واجهات جغرافية عديدة وبتواطؤ مع حلفاء إقليميين، فيما يعتبره الأوروبيون أداة مؤثرة في “حرب هجينة” تخوضها روسيا ضد العواصم الأوروبية.

“فاغنر” على خط الأزمة

ركزت تقارير عديدة في وسائل الإعلام أميركية وبريطانية وألمانية على عمليات دعم تقدمها قوات “فاغنر” لقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، انطلاقاً من قواعد عسكرية بليبيا (قاعدتي الخروبة شرقاً والجفرة جنوباً) تحت سيطرة خليفة حفتر، تم رصدها عبر أقمار اصطناعية، تظهر عمليات نقل جوي ودعم لقوات “الدعم السريع” بعتاد عسكري وصواريخ وتدريبات وربما نقل مقاتلين مرتزقة من الجنجويد شاركوا سنة 2019 مع قوات حفتر في الهجوم على العاصمة طرابلس، نفت قوات حفتر انحيازها لأي طرف في الصراع المسلح الدائر بالسودان.

ذكر سفراء بريطانيا والنروج والقائمة بالأعمال الاميركية في الخرطوم في بيان مشترك في 21 مارس 2023 إن مجموعة “فاغنر” الأمنية تنخرط ايضاً في أنشطة “غير مشروعة” منها التضليل الاعلامي وتعدين الذهب في السودان. ومع اشتعال الاشتباكات، في 15 إبريل2023، تحدثت وسائل إعلام ومصادر دولية أن قوات حميدتي تتلقى أسلحة ومساعدات تقنية من “فاغنر”، التي تربطها بها علاقات وثيقة ترقى إلى التحالف، وتعود إلى عدة أعوام.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في 23 إبريل2023، وثائق استخباراتية سرية أميركية مسربة، تشير إلى أن مجموعة “فاغنر” تسعى إلى إنشاء “اتحاد كونفيدرالي” من الدول المعادية للغرب في إفريقيا، وأنه من أجل تحقيق هذا الهدف تعمل على إذكاء الصراعات، عبر استخدام الإمكانات شبه العسكرية، عطفاً على القدرات الخاصة بنشر معلومات كاذبة تقوي شوكة حلفاء موسكو في القارة.

أكد وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، في 24 ابريل 2023 أ أن ثمة مخاطر من أن تستفيد مجموعة “فاغنر” الروسية من الأزمة الراهنة في السودان، وقال هافيستو “ليس من العدل أن يغادر جميع الأجانب البلاد في هذه الظروف. إذا غادرنا، فإننا نترك أيضا بعض المجال لقوات “فاغنر” وروسيا للعب هذه اللعبة”.

بالنظر إلى التصريحات الروسية الرسمية، فإنه وحسب مؤسس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين، لا توجد عناصر لشركته في السودان منذ أكثر من عامين، لكن هناك مؤشرات لوجود مصالح لهذه الشركة أو بمعنى أصح لروسيا لأن الشركات العسكرية الخاصة هي أداة لتنفيذ مهام ما من دون توريط الدولة بشكل مباشر ولذلك ليس من المستبعد أن يكون لروسيا مصالح أو حتى وجود عبر مجموعة “فاغنر” بالسودان.

ولفت الانتباه أخيراً تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة في 25 ابريل 2023، ، بقوله إن السلطات السودانية لها الحق في استخدام مجموعة “فاغنر”، وذلك في إطار رده على الاتهامات بمشاركة المرتزقة في معارك السودان. وبذلك لم يترك المسؤول الروسي أي مجال للشك في صحة المعلومات المتداولة حول هذا الأمر.

وكان قد تم نشر قوات “فاغنر” في السودان، في ديسمبر 2017، لتقديم الدعم السياسي والعسكري للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير. وجاء ذلك بعد مفاوضة البشير لموسكو على سلسلة من الصفقات الاقتصادية والأمنية، لبناء شراكة تضمنت خصوصاً مجموعة من امتيازات تعدين الذهب لشركة “أم انفست” المرتبطة بـ”فاغنر”.

أكثر ما يزعج واشنطن هو أمن البحر الأحمر، وبالتالي فإن وجود قاعدة روسية في بورتسودان يدفعها إلى التحرك من أجل قطع الطريق على ذلك، ولا سبيل أمامها إلا بإنهاء نفوذ “فاغنر” في السودان. وقد بدأت باستقدام قوات تدخل سريع وقوات خاصة إلى جيبوتي. ومن الواضح أن واشنطن سوف تضع ثقلها إلى جانب البرهان لحسم الحرب ضد خصمه حميدتي، إلا أنه ليس هناك ضمانات لنجاح هذا المسعى بسرعة. وقد تجد أميركا نفسها متورطة في حرب أهلية، وهذا بعض مما تطمح له روسيا. أمن دولي ـ انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي. ملف

تقييم وقراءة مستقبلية

– تشبه الأحداث الدامية حالياً في السودان صراعاً نموذجياً على السلطة في الدول الهشة، حيث توجد أكثر من مجموعة مسلحة قوية، وتتنافس كل منها على السيطرة. ومع ذلك، فإن الصراع السياسي والمواجهة العسكرية المتصاعدة هي في الواقع أكثر تعقيداً بكثير من الصراع التبسيطي على السلطة، ويرجع ذلك لأهمية موقع السودان الجيوسياسية ي ظل استقطابات دولية خلفتها الحرب الأوكرانية.

– هناك تواجد عسكري روسي في إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان وتتطلع روسيا إلى بناء قاعدة في الساحل السوداني المطل على البحر الأحمر لزيادة تأثيرها في القرن الإفريقي وتوسيع حضورها في مضيق باب المندب. حيث تخشى الولايات المتحدة الأميركية من تزايد النفوذ الروسي أو الصيني في السودان وهي ترى في احتمال سيطرتهما عليه ليس مجرد تحذير من تهديد محتمل لمصالحها في المنطقة فحسب، بل مؤشر يدفعها إلى إعادة تقييمها لمصلحتها في السودان. لهذا السبب قام مسؤولون عسكريون أميركيون كبار بزيارة السودان خلال الفترة القليلة الماضية.

– سيؤثر الصراع المستمر على السلطة في السودان، على مستقبل مصالح القوى الكبرى في السودان وإفريقيا بشكل عام، وخاصة الولايات المتحدة، وروسيا، التي تحاول حتى الآن ممارسة الحياد، بانتظار تبيان الموقف الميداني. وتعمل مجموعة “فاغنر” من أجل أن تميل الكفة لصالح روسيا في هذا النزاع، خاصة وأنها حاضرة أكثر من غيرها على الأرض، وتحتفظ بقدرات عسكرية وأمنية في السودان يمكن توظيفها لصالح قوات الدعم السريع. ومن المرجح أن تستقدم “فاغنر” المزيد من الدعم اللوجستي من قواعدها في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو. وتشكل ليبيا أهم محطة دعم في قارة إفريقيا بفضل القواعد العسكرية التي تسيطر عليها في المناطق الواقعة تحت نفوذ اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

– إن السودان سيشهد حالة من التنافس المحتمل على كسب النفوذ بين الغرب وروسيا، شأنه في ذلك شأن العديد من المناطق في إفريقيا. ويعزز من احتمالات ذلك السباق المحتدم بين الطرفين على تعزيز الوجود في إفريقيا على كافة المستويات منذ بداية الحرب الروسية–الأوكرانية من ناحية، واستمرار حالة عدم التوافق السياسي الداخلي بين المكونين العسكري والمدني من ناحية أخرى، وهو ما يفرض معه على السودان محاولة موازنة المصالح المتبادلة مع كلا الطرفين في هذه المرحلة بما يخدم منظومة الأهداف الذاتية السودانية، المرتبطة في الأساس بإيجاد حل سريع وفعال قائم على تبني صيغة سياسية داخلية متوازنة بين الأطراف الداخلية الفاعلة لتجاوز المرحلة الانتقالية.

– إذا طال أمد الصراع ولم يتم التوصل إلى تسوية، ومن الممكن أن تتحول اتهامات الأطراف لبعضها البعض بمساعدة أطراف أخرى في المنطقة تصبح حقيقة وتتحول إلى حرب طويلة متشابكة ومعقدة

– يجب أن تكون أزمة السودان بمثابة تحذير لأوروبا، التي لا يزال يتعين عليها اتخاذ خطوات إلى الأمام نحو علاقة قوية مع إفريقيا، وفهم أن مصائر القارتين مرتبطة ارتباطا وثيقاً.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=88401

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

هوامش

How Does the Conflict in Sudan Affect Russia and the Wagner Group?
https://bit.ly/3pTZ4CN

The Russian link between Sudan and Ukraine. Med-Or’s Minniti speaking
https://bit.ly/3WebDoM

اشتباكات السودان: هل يشارك مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في القتال على الأرض؟
https://bbc.in/3Wb0LYR

تحليل: عبر ليبيا والسودان.. فاغنر سلاح بوتين الفتّاك بأفريقيا
https://bit.ly/3Wb0Pb3

Opinion| US-Russia conflict over the lands of Sudan
https://bit.ly/3pO7Y54

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...