أمن دولي ـ حرب غزة، الدعم الأوروبي لإسرائيل في الدفاع والأمن

نوفمبر 08, 2023

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (3)

دعمت العديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إإسرائيل منذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويشمل الدعم دعما دبلوماسيا، وعسكريا، واستخباراتيا، ومن بين الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، الشراكات الاقتصادية وكسب المزيد من الأصوات الانتخابية، ما أدى إلى خسارة واشنطن والغرب دورهم كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن كانوا راعيين لاتفاق السلام في الشرق الأوسط.

دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل

تبنّى مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات بقيمة (14) مليار دولار لإسرائيل، في الثالث من نوفمبر 2023، تخصص لأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي بما في ذلك القبة الحديدية الإسرائيلية. تساعد قوات العمليات الخاصة الأمريكية الجيش الإسرائيلي في عمليات التخطيط والاستخبارات، بالإضافة إلى تسريع شحن الذخائر، والصواريخ الاعتراضية. تعمل الولايات المتحدة على إقناع شركات الدفاع الأميركية بتسريع تسليم طلبات الأسلحة الخاصة بإسرائيل، وعلى رأسها الحصول على ذخائر لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “القبة الحديدية”. أعادت واشنطن توجيه حاملة الطائرات “جيرالد آر فورد” للإبحار نحو إسرائيل، وطلبت وزارة الدفاع الأميركية طائرات حربية إضافية لدعم أسراب الطائرات ” A-10 وF-15 وF-16″ الموجودة في قواعدها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل في العام 2022 حوالى (3.8) مليار دولار، أي حوالى (16%) من الميزانية العسكرية الإسرائيلية. خصص مشروع قانون التمويل الحكومي الذي وقعه “جو بايدن” الرئيس الأمريكي في العام 2022، (500) مليون دولار لتطوير القبة الحديدية و (72.5) مليون دولار للتعاون الأمريكي الإسرائيلي في مجال مكافحة الطائرات بدون طيار واكتشاف الأنفاق. أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل عدد من التدريبات والمناورات العسكرية كان أكبرها في يناير 2023، وتتبادل الدولتان المعلومات الاستخبارية.

عرضت الولايات امتحدة الأمريكية على إسرائيل في العاشر من أكتوبر 2023 التخطيط للقيام بعمليات خاصة، وكذلك الدعم الاستخباراتي كجزء من الجهود المبذولة لإنقاذ الرهائن الذين تحتجزهم حركة “حماس”. لن يشمل الدعم وجود قوات أمريكية على الأرض في إسرائيل، وبدلا من ذلك، ستأتي المساعدة في شكل معلومات استخباراتية ومراقبة واستطلاع”. نشر خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) المدربين على تدابير الاستجابة للأزمات في إسرائيل لتقديم المساعدة لقوات الأمن الإسرائيلية التي تعمل على تحديد أماكن الرهائن.

وصل “لويد أوستن ” وزير الدفاع الأمريكي إلى إسرائيل في 13 أكتوبر 2023، في زيارة تهدف إلى إظهار تضامن الولايات المتحدة مع إسرائيل، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن الزيارة تهدف إلى التشديد على “الدعم الراسخ من الولايات المتحدة لشعب إسرائيل والتزامها أن توفر لإسرائيل ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها”. كما وصل “أنتوني بلينكن” وزير الخارجية الأميركي في 3 نوفمبر 2023 في ظل التصعيد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أجل التأكيد عن الدعم الأميركي المستمر لإسرائيل. أجرى “جو بايدن ” الرئيس الأمريكي محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو” للتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، و”تضامن واشنطن مع تل أبيب والالتزام الصارم بأمنها” في 18 أكتوبر 2023.

الدعم الأوروبي لإسرائيل

قرر “ريشي سوناك ” رئيس الوزراء البريطاني في 13 أكتوبر 2023 إرسال سفينتين حربيتين، وطائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لتقديم “دعم عملي” لإسرائيل، وضمان “الردع”، وتعزيز الأمن الإقليمي، ومنع أي تصعيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يشمل الدعم طائرة من طراز “بي 8” وسفينتين تابعتين للبحرية الملكية، وثلاث مروحيات من طراز “ميرلين” وسرية من مشاة البحرية الملكية. أكدت فرنسا في 16 أكتوبر 2023 تقديم “معلومات استخبارية” لإسرائيل. لفتت باريس أنه لم يُطلب منها تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، وأن المشاركة في العمليات العسكرية “غير واردة” بالنسبة لها. وضعت وزارة الدفاع الألمانية طائرتين مسيرتين حربيتين – الطائرتين من طراز “هيرون تي بي”- تحت تصرف إسرائيل في ظل تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أمن دولي ـ واقع علاقات وتعاون دول أوروبا مع فلسطين

أكد “إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلى تل أبيب تضامن فرنسا الكامل” مع إسرائيل، كا أكد المستشارُ الألمانيُّ “أولاف شولتس” على تضامنِ ألمانيا الكامل على هامش زيارةٍ له إلى إسرائيل وأضاف، “إن أمنَ إسرائيل ومواطنيها مصلحةٌ وطنيةٌ ألمانية. وإن مسؤوليتنا المنبثقة عن “الهولوكوست” لتُملي علينا أن ندافع عن وجود دولة إسرائيل وأمنها”. أعلن “ريشي سوناك” رئيس الوزراء البريطاني خلال زيارته لإسرائيل تضامنه مع تل أبيب ودعمة الكامل لها بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل.

لاتزال دول الاتحاد الأوروبي في 27 أكتوبر 2023، غير قادرة على الخروج بموقف موحد أو اتخاذ إستراتيجية واضحة للتعامل مع تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بالرغم من حرص عدد من الدول الأوروبية على إظهار دعم سياسي وعسكري واستخباراتي مطلق لإسرائيل. ظهر ذلك في تباين وجهات النظر بين دول دعمت إسرائيل كما هو الحال بالنسبة لألمانيا، وأخرى توجّه انتقادات، كما هو الأمر بالنسبة لإسبانيا. وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي نفسه.

ظهر التباين الواضح بين رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” الداعمة وبقوة لإسرائيل وبين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية “جوزيب بوريل”. كتب موظفو الاتحاد الأوروبي وثيقة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، ينتقدون فيها “دعمها غير المشروط” لإسرائيل. “نشعر بالحزن إزاء العرض الواضح للمعايير المزدوجة التي تعتبر الحصار”المياه والوقود” الذي تفرضه روسيا على الشعب الأوكراني بمثابة عمل إرهابي، بينما يتم تجاهل العمل المماثل الذي قامت به إسرائيل ضد شعب غزة تماما”.

أسباب الدعم الغربي لإسرائيل

تعد الاصوات الانتخابية من بين الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الدعم السياسي والعسكري الغربي لإسرائيل، فعلى سبيل المثال يدعم نسبة كبيرة من الفرنسيين الهجمات الإسرائيلية على غزة حسب أرقام استطلاعات الرأي في 26 أكتوبر 2023، وتدخل هذه الأرقام في حسابات النخب السياسية الأوروبية، بحيث يتفادون أن تكلفهم الكثير انتخابيا. اتسع النفوذ العالمي الهائل لـ”اللوبي اليهودي”، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. يتمتع هذا اللّوبي بتأثير كبير على صناعة القرار بسبب نفوذه السياسي والاقتصادي والإعلامي، خصوصاً إذا تعلق الأمر بسياسات هذه الدول تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يعد الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأكبر بالنسبة لإسرائيل، والأمر لا يختلف أيضا بالنسبة للولايات المتحدة. تتعدد مصالح واشنطن الاستراتيجية في “تل أبيب” بدءا من تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون في مكافحة الإرهاب، إلى الجهود المشتركة في الدفاع الصاروخي والطائرات المسيرة. أصبح الجيش الأمريكي يعتمد بشكل متزايد على الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، بما فيها أنظمة الحرب السيبرانية وتكنولوجيات التجسس.

الغرب يخسر الوساطة في إيجاد حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

استخدمت الولايات المتحدة حق “الفيتو” في 18 أكتوبر 2023 لإفشال مشروع القرار الذي يدعو إلى “هدنة إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق” إلى غزة. كما تنكرت الولايات المتحدة بشكل تام لمعظم قرارات الأمم المتحدة المؤيدة للحقوق الفلسطينية، ووفرت لإسرائيل الغطاء والحماية لأجل التنصل من تنفيذ هذه القرارات أو الالتزام بها. وهي تسارع دائما إلى توفير الغطاء السياسي اللازم لحماية إسرائيل وكل ما تفعله خلال أنها تطالب جميع الأطراف بضبط النفس، في حين ترد على الهجمات على إسرائيل بالشجب والاستنكار. أمن دولي ـ واقع علاقات وتعاون دول أوروبا مع إسرائيل

أعلنت وزارة الداخلية الألمانية في الثاني من نوفمبر 2023 حظر حركة حماس وشبكة صامدون. ووصفت وزارة الداخلية الألمانية شبكة صامدون بأنها شبكة دولية تنشر دعاية معادية لإسرائيل واليهود تحت غطاء ما يسمى بمنظمة التضامن مع الأسرى في مختلف الدول، ونتيجة للحظر، تصادر ألمانيا أي أصول محتملة، ويتم حظر أي ظهور على الإنترنت أو أنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي. ترى ألمانيا أنها تتحمل “مسؤولية خاصة”، تجاه إسرائيل وأن هذه المسئولية هو أكثر من مجرد هدف سياسي؛ إنه جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية.

يقول “كارلو ماسالا” الأستاذ في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ “في ألمانيا، لم يتم توضيح ما يعنيه هذا بالفعل”. ويضيف: “إذا كان يُقصد بجدية حقًا “جزء من” المصلحة الوطنية في ألمانيا، فهناك تبعات أخلاقية وسياسية، وبطريقة ما دستورية” لهذا الأمر. فإذا كان هناك تهديد وجودي لإسرائيل فعلا، وهو ليس كذلك حاليا، فستكون ألمانيا ملزمة بـ “الدفاع بنشاط” عن إسرائيل – مما يعني المشاركة العسكرية المباشرة، وأضاف “هذا هو الاستنتاج المنطقي” في 17 أكتوبر 2023. أمن دولي ـ موقف ألمانيا من الشعب الفلسطيني وحق إقامة دولته

تقييم وقراءة مستقبلية

– قدمت العديد من الدول الغربية دعما لإسرائيل منذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تراوح هذا الدعم بين دعما دبلوماسيا، وعسكريا كتزويدها بمعـدات وذخائر عسكرية ونشر سفن حربية، وتقديم معلومات استخبارية، ولايشمل الدعم وجود قوات على الأرض في إسرائيل.

– يمكن القول أن الهدف من الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي والأوروبي لإسرائيل هو إرسال رسالة ردع إلى إيران وأذرعها في المنطقة لعدم استغلال التصعيد وشن هجمات على إسرائيل.

– تعد الاصوات الانتخابية، والشراكات الاقتصادية، كذلك اتساع النفوذ الدولي لـ”اللوبي اليهودي” بسبب نفوذه السياسي والاقتصادي والإعلامي، وتنامي تأثيره على صناعة القرار، أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الدعم السياسي والعسكري الغربي لإسرائيل

– تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد يعرض مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية للخطر على المدى الطويل، في ضوء احتمالية تجميد التقارب بين إسرائيل وبعض دول المنطقة وتعليق المفاوضات النووية مع إيران.

– خسرت الولايات المتحدة والغرب دورهم كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد ان كانت واشنطن راعية لاتفاق السلام في الشرق الأوسط، أعطت ظهرها للقضية الفلسطينية والأن تشترك مع إسرائيل من داخل غرفة عمليات أركان الدفاع الإسرائيلية. كذلك ألمانيا كانت وسيط مابين حزب الله وإسرائيل، اليوم خسرت ألمانيا هذا الدور بوضع “حزب الله وحماس” على قائمة الإرهاب.

– من المؤكد أن تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تهدد فقط الأمن الإقليمي، بل إنها قد تؤثر في توازن القوى العالمي أيضا، ومن المحتمل أن تؤدي إلى استنزاف الموارد الأمريكية والأوروبية، وفي الوقت ذاته تخفف الضغط على روسيا في حرب أوكرانيا، وتقدم فرصا جديدة للصين لتوسيع نفوذها في المنطقة.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=91990

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات