أمن أوروبا ـ الإنتربول الأوروبي، المهام وشراكات أمنية

يناير 27, 2023

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا

بون ـ إعداد وحدة الدراسات والتقارير “24”

تتزايد التهديدات والمخاطر الأمنية في أوروبا، خاصة وأن الإرهاب الحالي والجريمة المنظمة والخطيرة هي ظاهرة ديناميكية ومعقدة ومبتكرة ومتنقلة وغالباً ما تكون عابرة للحدود، ما فرض واقعاً يتطلب استجابة قوية وتعاوناً أكثر فعالية وتنسيق أمني مضاعف من الاتحاد الأوروبي بمعية أجهزة وهياكل أمنية داخل أوروبا، مع سلطات وهيئات إنفاذ القانون الدولية مثل الهيئة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول).

الإنتربول.. مكافحة الجريمة والإرهاب

تعد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية – الإنتربول (Interpol)، ومقرها ليون – فرنسا، أكبر منظمة شرطة دولية في العالم، وتضم (190) دولة عضو، ويمثل كل منها مكتباً مركزياً وطنياً. ويسهل الانتربول التعاون الشرطي الدولي من خلال نظام الاتصال الشرطي العالمي وقواعد البيانات والتدريب والمساعدة الخاصة في العمليات عبر الحدود. طوّر الإنتربول، عبر مكتبه المركزي الوطني، شبكة عالمية من الخبراء في المجالات المتعلقة بأنشطة الشرطة المتخصصة. تعمل أمانته العامة من خلال مجموعة واسعة من الوحدات المتخصصة، مثل السلامة العامة والإرهاب، والاتجار بالبشر، الجريمة المنظمة والجرائم المالية وجرائم التكنولوجيا العالية، والاتجار بالمخدرات، وجرائم الملكية الفكرية ومكافحة الفساد.

يتمثل أحد العناصر الحاسمة في عرض الإنتربول في قدرته الهائلة على قاعدة البيانات، التي تحتوي على تفاصيل من قوات الشرطة حول العالم، عن المجرمين، مثل الصور وبصمات الأصابع وملفات الحمض النووي والأنشطة الإجرامية، بما في ذلك الإرهاب. تساعد البيانات البيومترية والبيانات من ساحات المعارك أجهزة الشرطة على تحديد هوية الإرهابيين، بما يعزز الجهود الرامية إلى تبيان مكان تواجد الإرهابين وفتح التحقيقات بشأنهم وملاحقتهم قضائياً بشكل ناجح.

تحتوي قواعد بيانات الإنتربول على تفاصيل عن نحو (135,000) مقاتل إرهابي أجنبي، ما يجعل الإنتربول أكبر هيئة في العالم تجمع مثل هذه المعلومات التي يمكن أن تكون بالغة الأهمية في تحديد هوية المقاتلين العائدين. وتُجمع البيانات من عدد من النقاط الساخنة بما في ذلك الحدود وساحات المعارك والسجون، ما يساهم في منع الارهابيين من التنقل. التهديدات الإرهابية الجديدة.. دور الانتربول في مكافحة الإرهاب البيولوجي

الإنتربول والاتحاد الأوروبي

يتعاون الإنتربول بالفعل مع الاتحاد الأوروبي في العديد من الأمور ذات الاهتمام المشترك، وتقاسم الموارد والخبرات. وبشكل أكثر تحديداً، يعد الإنتربول الشريك الرئيسي للاتحاد الأوروبي في مجال الأمن الخارجي، ومنع الهجرة غير النظامية، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة الجريمة المنظمة.

يتخذ مكتب الممثل الخاص للإنتربول لدى الاتحاد الأوروبي من بروكسل مقراً له، ويحرص في عمله على تناول المخاوف التي تبديها أجهزة إنفاذ القانون حول العالم بشكل كاف في مبادرات الاتحاد الأوروبي والمقررات السياساتية التي يتخذها. وفيما يلي أبرز مجالات التعاون :

الهجرة غير المشروعة: يسخّر الإنتربول خبراته في مركز الاتحاد الأوروبي لتبادل المعلومات والبيانات الاستخباراتية بشأن شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في وسط البحر الأبيض المتوسط مع الدول الأعضاء في جميع أنحاء العالم.
الأدلة من ساحات المعارك: أبرم الإنتربول اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي تدعم بموجبه المنظمة تبادل المعلومات بشأن المشتبه بهم من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وهي معلومات تم جمعها من الأراضي التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو في أعقاب حالات نزاع أخرى في العراق.
غرب أفريقيا: يعمل الإنتربول عن كثب مع الاتحاد الأوروبي لدعم العمل الشرطي الذي تؤديه القوة المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، فنساعد خمس دول في المنطقة على التعاون بشكل فعال في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المهاجرين. كما ويسعى إلى تحديث تكنولوجيا الاتصالات الخاصة بهذه البلدان وتطوير خبراتها البيومترية.

الاتحاد الأوروبي والإنتربول لديهما بالفعل تعاون طويل الأمد في مجموعة من المجالات المتعلقة بإنفاذ القانون من خلال التنفيذ التشغيلي لدورة سياسة الاتحاد الأوروبي/ EMPACT (المنصة الأوروبية متعددة التخصصات لمكافحة التهديدات الإجرامية)، ومن خلال دعم أنشطة الدول الأعضاء في التعاون مع وكالات الاتحاد الأوروبي؛ مثل وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (Europol)، والوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل (Frontex)، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتدريب على إنفاذ القانون (CEPOL)، وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية ( Eurojust)، ومركز المراقبة الأوروبي للمخدرات والإدمان.

أعلنت يوروبول في 5 يوليو 2022، اعتقال عشرات الأشخاص بتهمة الاتجار بالبشر، في عملية أمنية نسقتها “ولوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل” (Frontex)، بالشراكة مع الإنتربول و بمشاركة (22 ) دولة.

قامت فرونتكس والإنتربول في أبريل 2022 بإطلاق نظام فرونتكس-إنتربول لوثائق المكتبة الإلكترونية (FIELDS). وهو نظام يوفر معلومات حول وثائق السفر، مثل ميزات الأمان الخاصة بها. تم جمع هذه المعلومات من قبل فرونتكس وتستخدم مباشرة لمراقبة الحدود وفحص الوثائق من قبل سلطات إنفاذ القانون في الدول الأعضاء. أمن الاتحاد الأوروبي ـ التعاون الأمني و تبادل المعلومات

تحديات التعاون بين الاتحاد الأوروبي والإنتربول الدولي

تحتوي قواعد بيانات الإنتربول الـ (19) على معلومات وبيانات قيمة يمكن الوصول إليها مباشرة من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كدول أعضاء في الإنتربول ولكن ليس من قبل وكالات الاتحاد الأوروبي.

تدعو استراتيجية الاتحاد الأمني للاتحاد الأوروبي لعام 2020 الدول الأعضاء إلى تكثيف التعاون بين الاتحاد الأوروبي والإنتربول. ومع ذلك لم يوقع الإنتربول بعد اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي. وكانت قد تبنت المفوضية الأوروبية في أبريل 2021 توصية بشأن قرار من المجلس يأذن بفتح مفاوضات مع الإنتربول يهدف إلى إقامة تعاون معزز بين الاتحاد الأوروبي والإنتربول، بما في ذلك الوصول إلى قواعد بيانات الإنتربول وتعزيز التعاون العملياتي.

إلا أن لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية (LIBE) وضعت خطوطًا حمراء في مجالات مختلفة ، بما في ذلك حماية البيانات والتعويضات القانونية ونقل البيانات. على سبيل المثال ، يجب تحديد الأغراض التي من أجلها يمكن نقل البيانات إلى الإنتربول بوضوح ، كما يُحظر إساءة استخدامها لأغراض أخرى. يجب أن تكون الهيئات المسؤولة عن حماية البيانات مستقلة. يجب ألا يخزن الإنتربول البيانات التي تنشأ في الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة جداً. إذا تم نقلهم إلى أطراف ثالثة ، فلا يجوز استخدامهم هناك لفرض عقوبة الإعدام أو تنفيذها. يجب على الإنتربول أيضاً اتخاذ تدابير لسحب حقوق الوصول إلى أنظمته من روسيا وبيلاروسيا. بالإضافة إلى ذلك، يدعو برلمان الاتحاد الأوروبي المفوضية للتفاوض بشأن إجراء ملزم للتعامل مع طلبات الأشخاص المطلوبين من الإنتربول. من المفترض أن يمنع الإنتربول إساءة استخدام التنبيهات الخاصة بالاضطهاد السياسي لشخصيات المعارضة في الدول الاستبدادية.

وافق البرلمان الأوروبي في 5 يوليو 2022 على تقرير توصيات أعدته لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية لتعزيز قدرة الإنتربول على منع الأنظمة الاستبدادية من إساءة استخدام أدواته، مما يبرز الحاجة إلى مزيد من الشفافية والإجراءات الفعالة لمنع إساءة استخدام النشرة الحمراء. ما يعني أن المفاوضات لاتفاقية التعاون مع الإنتربول لم تصل لتفاهم وبوادر إيجابية إلى الآن. أمن الاتحاد الأوروبي ـ التعاون الأمني و تبادل المعلومات

التقييم

يُعد الإرهاب والجريمة المنظمة من أخطر التحديات الأمنية العالمية في الوقت الحاضر. يعمل المجرمون بانتظام على المستويات الدولية وعبر الولايات القضائية، وهذا يتطلب استجابة قوية وتعاوناً أعمق بين الإتحاد الأوروبي والإنتربول، ما من شأنه أن يساعد في تعزيز الأمن وإنشاء الإطار اللازم للتصدي للجريمة الدولية.

يتعاون الإنتربول بالفعل مع وكالات إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي على مستويات مختلفة وفي مشاريع مختلفة، بما في ذلك “الإدارة المتكاملة للحدود” بالإضافة إلى مجالات المسؤولية الفعلية للمنظمة. ومع ذلك، لا تزال هناك مجالات يمكن فيها تعزيز هذا التعاون ، وقبل كل شيء، إضفاء الطابع الرسمي عليه، حيث لم يوقع الإنتربول بعد على اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي.

اتفاقية التعاون بين الإتحاد الأوروبي والإنتربول مهمة لربط قواعد بيانات الإنتربول بأنظمة معلومات الاتحاد الأوروبي الجديدة. سيتم إطلاق “نظام الدخول / الخروج” (Entry/Exit System) في مايو 2023 وذلك في جميع دول الاتحاد الأوروبي، والذي يجمع البيانات البيومترية لجميع المسافرين ويقارنها بقواعد البيانات ذات الصلة، وبهذه الطريقة يتم الاستعلام عن ملفات الانتربول. ومع ذلك، بدون اتفاق إطاري، فإن هذا الترابط غير ممكن من الناحية القانونية. لذلك، تقع مفوضية الاتحاد الأوروبي في الواقع تحت ضغط كبير لإبرام الاتفاقية، وبالتالي أصبح متوقعاً أن تستمر المفاوضات لإبرام الإتفاقية.

بات متوقعاً استمرار التعاون بين وكالات الاتحاد الأوروبي والإنتربول في مكافحة الجريمة والإرهاب على كافة المستويات، وتماشياً مع التطورات الديناميكية للنشاط الإجرامي والإرهابي الدولي.

رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=86349

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات