بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات
يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع التسلح والصناعة العسكرية في ألمانيا، ويستعرض الملف الاستراتيجية العسكرية الألمانية، وقدرات وامكانيات الجيش الألماني، وخطط إصلاح الجيش الألماني، كما يتطرف الملف لاستراتيجية التسلح الجماعي في أوروبا والطموحات الأوروبية لتعزيز الدفاع. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:
- أمن ألمانيا ـ استراتيجية تعزيز التسلح وسد الثغرات
- أمن ألمانيا ـ تحديات استراتيجية صناعة الأسلحة
- أمن ألمانيا ـ جيش قوي لمواجهة التهديدات المحتملة
- أمن أوروبا ـ الاتحاد الأوروبي واستراتيجية التسلح الجماعي
1- أمن ألمانيا ـ استراتيجية تعزيز التسلح وسد الثغرات
تصاعد الجدل في الوسط السياسي الألماني حول الإنفاق الدفاعي وسط تحذيرات من من التلاعب بالإنفاق الدفاعي والإنفاق الاجتماعي ضد بعضهما البعض، بالتزامن مع تركيز ألمانيا وفرنسا على التعاون الثنائي في مجال الأسلحة لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية. وسبق إلى الحكومة الألمانية أن أنشأت صندوقا خاصا لتعزيز جاهزية الجيش الألماني، بعد أن كشفت حرب أوكرانيا الثغرات في تسليح الجيش الألماني، و تخطط الحكومة الألمانية لتسريع الموافقة على مشتريات الأسلحة لتكييف صناعتها الدفاعية.
ماذا عن مسار التسليح وصناعة الأسلحة ؟
أنشأت الحكومة الألمانية صندوقا خاصا بقيمة (100) مليار يورو لجعل الجيش الألماني غير المجهز بشكل كافٍ قادرا على الدفاع عن نفسه. بيد أن هناك صعوبة لعكس مسار التسليح وصناعة الأسلحة في ألمانيا، فرغم قرار تأسيس صندوق خاص بقيمة (100) مليار يورو لتحديث الجيش الألماني، إلا أن عملية تسليم الأسلحة التي تم التعاقد لشرائها تستغرق سنوات. بالإضافة إلى أنه لايتم تصنيع جُل المعدات العسكرية داخل البلاد حيث يتم إنتاج أكثر من (120) دبابة من طراز “الدبابات ذات العجلات” من منشأة إنتاجية لشركة “راينميتال” في أستراليا.
كشفت دراسة في الخامس من أبريل 2024 عن تقلص صناعة الدفاع في ألمانيا بنسبة تصل إلى (60%) حيث باتت تمثل (100) ألف وظيفة من إجمالي قرابة (290) ألفا. تزامن هذا مع تمسك الساسة الألمان بالبقاء على مسافة بعيدة عن صناعة الأسلحة وهو ما تبلور في عبارة قالها “زيغمار غابرييل” نائب المستشارة الألمانية ” إنغيلا ميركل” عام 2014 :” أنا غير مهتم بصناعة الموت” أمن قومي ـ الجيش الألماني وتحديات التحديث والتسلح
هل من ثغرات في التسلح
تعد ألمانيا ثاني أهم مورد للأسلحة إلى أوكرانيا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، لكن إنتاج الأسلحة الألمانية لم يزد بشكل كبير بعد، سمحت الحكومة الألمانية في الفترة من يناير 2024 حتى مارس 2024 بتصدير سلع عسكرية بقيمة لا تقل عن (4.89) مليار يورو، أي ما يقرب من قيمة الأسلحة التي وافقت برلين على تصديرها في النصف الأول من عام 2023، والتي بلغ إجماليها (5.22) مليار يورو، وذهبت نسبة (72%) من قيمة هذه الصادرات لأوكرانيا.
زادت حرب أوكرانيا من ثغرات تسليح الجيش الألماني بحكم أن عددا من الأسلحة المصدرة إلى أوكرانيا جاءت من مخازن الجيش، لكن مشكلة تقادم العتاد ليست جديدة في ألمانيا، ففي عام 2018، نشرت وثائق سرية تؤكد أن كثيرا من الآليات العسكرية لا تعمل. أشار تقرير في 12 مارس 2024 أن هناك نقص في المواد من المعدات الكبيرة إلى قطع الغيار. وقد أصبح النقص أكبر بسبب التسليم إلى أوكرانيا، وعلى الرغم من سرعة عمليات الشراء، فإنه لا يمكن سد الثغرات في الذخيرة وقطع الغيار إلا على المدى المتوسط.
أشار (54%) من الألمان في استطلاع للرأي عن القطاع الذي ينبغي على ألمانيا تقليل الانفاق عليه، وهو المساعدات إلى أوكرانيا. ولكن في استطلاع آخر أكد (70%) إنه يجب الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالأسلحة والمزيد من المعدات العسكرية.
هل نجحت خطوة ادخال الطائرات بدون طيار بسد الثغرات؟
أعطى البرلمان الألماني “البوندستاغ” الضوء الأخضر لتزويد الجيش الألماني بطائرات بدون طيار مسلحة، بعد اتفاق بين أطراف الائتلاف الحاكم في العام 2022. دخلت طائرة الاستطلاع بدون طيار التابعة للجيش الألماني، والتي يمكن تجهيزها بالصواريخ، في عمليات طيران عملية في المجال الجوي في مايو 2024. وتحدث الفريق “غونتر كاتز”، المسؤول عن وحدات الطيران في القوات الجوية، عن “قفزة نوعية غير مسبوقة” مع تحسين قدرات الاستطلاع. على عكس الطراز السابق Heron 1 لحماية تحركات القوات، يمكن أيضًا تجهيز Heron TP بالأسلحة.
يرى “كريستيان مولينغ” الخبير في الشؤون السياسية “نحن حالياً نقوم فقط بسد الثغرات، ولم نبدأ في بناء قدرات إنتاجية جديدة من شأنها تمكيننا من أن نكون جاهزين في الوقت المحدد”. أوضح : “الكثير من الناس، بما في ذلك في ألمانيا، لم يفهموا أن التسلح لا يحدث بمجرد الضغط على زر ومن ثم تسقط الدبابات من الخلف في اليوم التالي”. وتابع الخبير: “يستغرق بناء مثل هذه القدرات الإنتاجية العسكرية وقتاً طويلاً للغاية. وهو ما يمكن أن تلام عليه الحكومة، ولكن أيضاً جميع الحكومات في أوروبا، وهو أنهم لم يدركوا بعد علامات التحول والبدء في إنتاج المزيد بشكل ملحوظ”.
ماذا عن التعاون الفرنسي الألماني في مجال التسليح
ركزت ألمانيا وفرنسا على التعاون الثنائي في مجال الأسلحة حيث إحرز تقدما في ذلك التعاون في 28 مايو 2024. وضع وزيرا دفاع ألمانيا وفرنسا، الأساس السياسي لنظام قتال بري مشترك. ووقعوا اتفاقا تم فيه أيضًا تحديد توزيع المهام المتنازع عليه منذ فترة طويلة للمشروع الرئيسي. تعمل ألمانيا وفرنسا أيضا على تطوير نظام قتال جوي جديد للمستقبل مع إسبانيا. ومع ذلك يبقى الموضوع صعبا. وفي نهاية المطاف، تتضمن الطلبيات البالغة قيمتها مليار دولار أيضًا مسائل تتعلق بالسياسة الصناعية. .
دعت وزيرة الخارجية “أنالينا بيربوك” ونظيريها من فرنسا وبولندا إلى زيادة التسلح في أوروبا. وأكدوا “يجب علينا استخدام الإمكانات الصناعية الكاملة لقارتنا لتحسين قدراتنا العسكرية”.أن إعادة التسلح الدائمة هذه تتطلب عقودا ملزمة طويلة الأجل بجداول زمنية واضحة و”مستوى معين من الطموح” والتزامات مالية ثابتة وضمانات شراء من الحكومات الأوروبية. وإن إنفاق (2%) من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع يمكن أن يكون مجرد نقطة بداية.
وقعت فرنسا وألمانيا اتفاقية عسكرية في 25 أبريل2024، في باريس لتصنيع دبابة قتالية جديدة. ووقع وزيرا دفاع البلدين الاتفاق الذي خطط له سابقًا، إذ سيتم تمويل المشروع بشكل مشترك. وستكون الدبابة الجديدة بديلة لدبابات “لوكلير” الفرنسية و”ليوبارد” الألمانية.
يعد المشروع المخطط له هو نظير لمشروع نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)، الذي وافقت فرنسا وألمانيا وإسبانيا بالفعل على تطويره. تتولى ألمانيا الدور القيادي في مشروع الدبابة الجديدة (MGCS) وفرنسا في مشروع النظام الجوي (FCAS). مما يؤكد خطط أوروبا لزيادة تصنيع الأسلحة. أمن قومي ـ الجيش الألماني نقطة إرتكاز الناتو في أوروبا
خطط المانية لتسريع الموافقة على مشتريات الأسلحة
تخطط ألمانيا لتسريع الموافقة على مشتريات الأسلحة وتوفير المزيد من اليقين في التخطيط لعقود الأسلحة الكبيرة في محاولة لتكييف صناعتها الدفاعية بعد حرب أوكرانيا. ويقول وزير الاقتصاد “روبرت هابيك” بعد اجتماعه مع ممثلي مصنعي الأسلحة والموردين وشركات التكنولوجيا الألمانية في ألمانيا: “إذا نظرنا إلى روسيا، في ظل هذه الخلفية التهديدية، فإننا بحاجة إلى ضمان زيادة إنتاج السلع التي تعزز القدرات الأمنية للبلاد”.
جدل داخل ألمانيا حول الإنفاق الدفاعي والاجتماعي
أثار “أولاف شولتس” المستشار الألماني ، الجدل في الوسط السياسي بقوله “هدفي هو أنه بعد انتهاء الصندوق الخاص، سنقوم بتمويل نفقات الجيش الألماني من الميزانية العامة”. حذر رئيس البوندستاغ “باربل باس” من التلاعب بالإنفاق الدفاعي والإنفاق الاجتماعي ضد بعضهما البعض. وأكد “علينا أن نضع الجيش الألماني في وضع أفضل مرة أخرى، وهو ما يعني قبل كل شيء جعله مناسبًا للدفاع الوطني والدفاع عن التحالف”. ولكن هناك أيضًا ما يكفي من مواقع البناء الأخرى مثل العدالة الاجتماعية أو المساواة التعليمية أو البنية التحتية أو التحول البيئي للصناعة. وحذر “باس” من أنه إذا تم لعب أحدهما ضد الآخر، فإن المجتمع يخاطر بالانجراف إلى التفكك. أمن قومي ـ الجيش الألماني يعاني من مشاكل في البُنى التحتية. جاسم محمد
**
2- أمن ألمانيا ـ تحديات استراتيجية صناعة الأسلحة
ازدادت الحاجة إلى الذخيرة والأسلحة في أوروبا بشكل كبير منذ الحرب الروسية الأوكرانية فبراير 2022. بينما يرى المستشار الألماني شولتس ضرورة تعزيز صناعة الأسلحة الألمانية، يرى خبراء أن الأمر ليس بهذه السهولة. كذلك تواجه صناعة الأسلحة الألمانية العديد من التحديات الاستراتيجية في البيئة الديناميكية الحالية، أهمها صعود الصين كمنافسًا رئيسيًا في صناعة الأسلحة، مما يُشكل ضغطًا على الشركات الألمانية للحفاظ على قدرتها التنافسية. كذلك يُؤدي ازدياد النزاعات والصراعات في جميع أنحاء العالم إلى زيادة الطلب على الأسلحة، لكنه يخلق أيضًا مخاطر جيوسياسية أكبر للشركات الألمانية العاملة في هذه المناطق. كما تُؤدي التطورات التكنولوجية، مثل الذكاء الاصطناعي والأسلحة ذاتية التشغيل، إلى تغيير قواعد الاشتباك، مما يتطلب من الشركات الألمانية التكيف واستثمارها في مجالات جديدة.
أبرز التحديات
تُفرض الحكومات قيودًا صارمة على صادرات الأسلحة، مما يُحد من قدرة الشركات الألمانية على بيع منتجاتها في بعض الأسواق، فضلًا عن ذلك، تتزايد الضغوط على الشركات لتُظهر مسؤولية أخلاقية أكبر في عملياتها، مع تزايد قلق المجتمع المدني بشأن استخدام الأسلحة الألمانية في الصراعات. كما تُواجه الشركات الألمانية تدقيقًا متزايدًا بشأن احترامها لحقوق الإنسان في سلاسل التوريد الخاصة بها. لذلك تُصبح دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية لاعبين رئيسيين في صناعة الأسلحة، مما يُشكل تحديًا للشركات الألمانية للحفاظ على حصتها في السوق، وتُنافس الشركات الناشئة المبتكرة الشركات الألمانية الراسخة، مما يُجبرها على التكيف وتطوير منتجات وخدمات جديدة. تُؤدي المنافسة المتزايدة إلى انخفاض الأسعار، مما يُقلل من هامش الربح للشركات الألمانية.
وتشهد قضية التسليح في ألمانيا تحولا بنحو 180 درجة، إذ بعد سقوط سور برلين عام 1989 وإعادة الوحدة الألمانية عام 1990، بات يُنظر إلى السلام باعتباره الوضع الراهن الجديد في ألمانيا. وعلى هذا الأساس تم تقليص حجم الجيش الألماني وخفض الإنفاق على المعدات العسكرية. وقد كشفت دراسة أجرتها مؤسسة (فريدريش إيبرت) التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن تقلص صناعة الدفاع في ألمانيا بنسبة تصل إلى 60% حيث باتت تمثل 100 ألف وظيفة من إجمالي قرابة 290 ألفا. يقول “مالته روشينسكي” مدير مؤسسة “بلان فور ريسك – Plan4Risk” الأمنية أن “الإستراتيجية تعكس مزاج المجتمع الألماني بخصوص المفاهيم الأمنية الحساسة، مشدداً على ضرورة أن تتضمن الإستراتيجية محاربة جذور الحروب والأزمات”. وأشار “روشينسكي” في 16 يونيو 2023 إلى “محاور مهمة تفتقدها الإستراتيجية، فضلاً عن أن الحكومة لم تحدد مناطق الأزمات والحروب”، مؤكداً أن “آسيا مثلاً لا تمثل أولوية لأمن ألمانيا، بالإضافة إلى ضرورة أن تراعي ألمانيا القدرات المحدودة لجيشها، وتأمين الموارد المالية والبشرية لتطبيق الشق المتعلق بدور ألمانيا العسكري في مناطق الأزمات”.أمن ألمانيا ـ تفعيل 900 ألف جندي احتياطي لتعزيز أمنها القومي
فرص قائمة لزيادة التسلح
تُواجه الشركات الألمانية صعوبة في جذب كبار المواهب بسبب المنافسة من قطاعات أخرى واقتصادات أخرى. كما تواجه نقصًا في القوى العاملة الماهرة بسبب شيخوخة القوى العاملة. تتطلب التطورات التكنولوجية في صناعة الأسلحة مهارات جديدة، مما يتطلب من الشركات الألمانية الاستثمار في برامج التدريب وإعادة التدريب. تُواجه الشركات الألمانية ضغطًا كبيرًا للاستثمار في البحث والتطوير للحفاظ على قدرتها التنافسية وتطوير منتجات وخدمات جديدة. تُدرك الشركات الألمانية أهمية التعاون مع الجامعات ومراكز البحث لتعزيز الابتكار. تُصبح حماية الملكية الفكرية أكثر أهمية مع ازدياد الاستثمار في البحث والتطوير. لكن بالإضافة إلى هذه التحديات، تُواجه صناعة الأسلحة الألمانية أيضًا عددًا من الفرص، مثل: النمو في سوق الدفاع العالمي، يُتوقع أن ينمو سوق الدفاع العالمي في السنوات القادمة، مما يُوفر فرصًا للشركات الألمانية لزيادة مبيعاتها. والطلب المتزايد على الأسلحة المتطورة، قد يُؤدي التهديد المتزايد من الهجمات الإلكترونية والتهديدات غير المتماثلة إلى زيادة الطلب على الأسلحة المتطورة، والتي تُعد الشركات الألمانية رائدة في إنتاجها. وزيادة الاستثمارات الحكومية في الدفاع حيث تُزيد العديد من الحكومات من استثماراتها في الدفاع، مما يُوفر فرصًا للشركات الألمانية للحصول على عقود جديدة.إستراتيجية أمن ألمانيا .. وتحديات الأمن القومي. بقلم جاسم محمد
رقم قياسي لصادرات الأسلحة الألمانية
صادقت الحكومة الألمانية على تصدير أسلحة بقيمة إجمالية تفوق 11.7 مليار يورو في عام 2023، وهو رقم قياسي غير مسبوق. تمّ منح تراخيص تصدير بقيمة 6.15 مليار يورو لأسلحة حربية و 5.67 مليار يورو لمعدات عسكرية أخرى بين يناير ونصف ديسمبر 2023. ذهبت 1.18 مليار يورو من الصادرات إلى دول أخرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي أو الناتو تخضع لقيود تصدير أسلحة مماثلة أو متساهلة. تُمثل هذه الزيادة قفزة هائلة بنسبة 25٪ عن عام 2021، و 40٪ عن العام 2022، وتُعزى الزيادة جزئيًا إلى تصدير أسلحة بقيمة 4.15 مليار يورو إلى أوكرانيا لدعمها في حربها ضد روسيا. تُشكل دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وأوكرانيا ودول أخرى ذات قيود تصدير أسلحة مماثلة أو متساهلة 90٪ من إجمالي الصادرات. وقد وجهت انتقادات لارتفاع معدلات صادرات الأسلحة، حيث دعت بعض الأصوات إلى تحويل الأموال إلى مجالات مثل البنية التحتية والتعليم، فيما دعا سياسيون آخرون إلى وقف مبيعات الأسلحة لبعض الدول.أمن ألمانيا ـ تشديد القانون الجنائي وقواعد الطرد بعد حوادث الطعن
هابيك يدعو إلى تعزيز صناعة الأسلحة والذخائر
قال نائب المستشار الألماني وزير الاقتصاد روبرت هابيك، الذي ينتمي إلى حزب الخضر، في مارس 2024، إنه لا يمكن “الاعتماد على الولايات المتحدة لسداد فاتورة كل شيء أو في توفير المواد اللازمة ما يعني ضرورة تكثيف الإنتاج العسكري خاصة في مجال الصناعات الدفاعية والتسليح حتى على الصعيد الوطني.. كل هذا يحتاج إلى إعادة تنشيط”. ودعا نائب المستشار ووزير الاقتصاد ممثلين عن صناعة الأمن والدفاع إلى وزارته، “الطيف الكامل من شركات بناء الغواصات إلى الشركات الرقمية الناشئة”، كما يقول. وجلست المستشارية ووزارة الدفاع ووزارة المالية ووزارة الخارجية أيضًا على الطاولة مع وزراء الدولة أو رؤساء الإدارات.
يقول هابيك إنه ليس من السهل الحديث عن هذه المواضيع، فالجميع يتمنى لو لم يضطروا إلى فعل ذلك. لكن هذا غير ممكن، كما يقول نائب المستشار. ويقول: “لقد تغير وضع التهديد العالمي”. “عدم التفكير فيها سيكون من السذاجة في هذه المرحلة. والسذاجة ممنوعة.” وسرعان ما يوضح هابيك ما الذي يعنيه هذا بالنسبة له في نهاية المطاف: “إذا نظرنا إلى روسيا ، فيتعين علينا أن نرى أننا نعمل أيضاً على زيادة إنتاج السلع التي تزيد من القدرة الأمنية للبلاد في ألمانيا وأوروبا”. هذه الصناعات مطلوبة في هذا الوقت. وفي مؤتمر “أوروبا 2024″، قال نائب المستشار إن أوروبا يجب أن “تقوم بواجبها في مجال الدفاع”. ويجب تعزيز صناعة الأسلحة وإعادة تنشيط السيناريوهات التشغيلية للدفاع الوطني. وقال هابيك إنهم نزعوا أسلحتهم بعد عام 1990. وكان الجيش يعتبر ضروريا فقط “لعمليات الشرطة العسكرية” في الخارج. “لكننا لسنا مستعدين لحقيقة أن الحرب البرية عادت فجأة مرة أخرى. وهذا ما يتعين علينا القيام به”.
**
3- أمن ألمانيا ـ جيش قوي لمواجهة التهديدات المحتملة
كانت حرب أوكرانيا في فبراير 2022 بمثابة نقطة تحول في السياسة الدفاعية الألمانية. فبعد ثلاثين عاماً من الانكماش العسكري، ظهرت القوات المسلحة الألمانية في وضع يتسم بالحرمان الشديد من القدرات في وقت اندلعت، للمرة الأولى منذ عام 1945، حرب شديدة الحدة شاركت فيها قوة عظمى على أبواب أوروبا. وكان رد المستشار شولتس هو تبني تغيير في “العقيدة الدفاعية الألمانية” من خلال برنامج إعادة تجهيز كبير للجيش الألماني.
إمكانيات الجيش الألماني
يعدّ الجيش الألماني واحداً من بين أكبر (30) قوّة عسكرية في العالم، وبقوامه البالغ (183.695) جندي، يُعد ثاني أكبر قوّة عسكرية في الاتحاد الأوروبي بعد فرنسا من حيث عدد الأفراد، وسابع أفضل جيش من حيث التمويل في العالم. وعلى الورق، يمتلك الجيش الألماني (284 ) دبابة قتالية من نوع “ليوبارد”، و(674) مركبة قتالية للمشاة، و (121) قطعة مدفعية من عيار “155 ملم”، و(8) فرقاطات، و(226) طائرة مقاتلة من طراز “يوروفيتر”، و”تورنادو” . ومع ذلك، فإن عدداً من هذه الآليات ليس جاهزاً للخدمة.
وبالرغم من أن ألمانيا تعد أحد أكبر مصدّري السلاح في العالم، إذ توجد في المركز الخامس بحصة (4.2%) من التصدير العالمي ما بين 2018 و2022 ، فإن تطور مبيعات الشركات الألمانية لم ينعكس إيجابياً على الجيش الألماني، الذي يعاني مشكلة كبيرة في نقص التجهيزات، وصرّح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بأن هذه الثغرات لن يتم سدها بالكامل قبل 2030.
ووفق تقرير نشر في ديسمبر 2022، فإن أقل من (30%) من السفن التابعة للبحرية الألمانية “تعمل بشكل كامل”، فيما “مقاتلات كثيرة في وضع لا يسمح لها بالطيران”. أمّا بالنسبة إلى المعدات البرية، “فلا تُعد سوى (350) مركبة قتالية من طراز “بوما” مؤهلة للحرب. كما يفتقر هذا الجيش، ليكون جاهزاً، إلى المعدات الشخصية مثل الخوذات وحقائب الظهر والسترات الواقية، وكذلك المعدات الصغيرة والكبيرة -من أجهزة الراديو والذخيرة إلى الدبابات… يفتقر البوندسوير (الجيش الألماني) إلى كل شيء تقريباً، وذلك إرث لعقود من نقص الاستثمار، وفق التقرير.
وتشتكي إيفا هوغل، مفوضة البوندستاغ لشؤون الدفاع عندما قدمت تقريرها السنوي في مارس 2024 من بطء عملية تحديث الجيش الألماني، وتضيف أنّ “القاعدة المادية للجيش أصبحت الآن أسوأ مما كانت عليه قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، إذ جرى إرسال كثير من السلاح إلى كييف”. وتقول هوغل إن “ألمانيا بحاجة إلى شراء ذخيرة بقيمة (20) مليار يورو من أجل تجهيز قواتها تماماً، والجنود لا يجري تزويدهم دائماً بالملابس اللازمة”. أمن قومي ـ الجيش الألماني وتحديات التحديث والتسلح
زيادة الانفاق العسكري والتسلح
لم تكن برلين تولي أهمية كبيرة لميزانية الدفاع، وكانت الأحزاب الألمانية منقسمة بخصوص التسليح، بل كان منها أحزاب كالحزب الاشتراكي الديمقراطي “حزب المستشار الحالي” يطالب بتوجيه الأموال إلى قطاعات أخرى. لكن الحرب الروسية لأوكرانيا غيّر الخطة. وتحدث المستشار أولاف شولتز عن نقطة تحول في بيان حكومته في 27 فبراير 2022 وأعلن عن إنفاق خاص بقيمة (100) مليار يورو للدفاع.
ويهدف الصندوق الخاص إلى تمكين شراء المعدات العسكرية على نطاق واسع. ووفقا لقائمة المشتريات التي وافقت عليها لجنة الدفاع في البوندستاغ، سيتم استخدام غالبية الأموال، التي تبلغ حوالي (41) مليار يورو، للقوات الجوية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة الشبح الأمريكية من طراز ” F-35″ وطائرات الهليكوبتر للنقل من الشركة المصنعة الأمريكية. ومن المخطط أيضًا إنتاج” بوينغ”، ونسخة “يوروفايتر” للحرب الإلكترونية، وتسليح طائرة “هيرون” بدون طيار. بالإضافة إلى ذلك، سيتم شراء طرادات جديدة وفرقاطة واحدة على الأقل للبحرية، بالإضافة إلى خليفة لمركبة المشاة القتالية “Marder” ومركبة نقل القوات “Fuchs”. وقال وزير الدفاع بيستوريوس في 26 فبراير 2023، إنه سيتم بالفعل تخصيص حوالي (30) مليار دولار للإنفاق.
وفي منتصف ديسمبر 2022، أعطى البوندستاغ الضوء الأخضر للتمويل الأول بقيمة (13) مليار يورو. ويشمل ذلك أيضًا قرار شراء بندقية هجومية جديدة خلفًا لمجموعة ” G-36″، وشراء أنظمة الإرسال اللاسلكي العسكرية، وتعديل مركبة المشاة القتالية “Puma” ومركبات جديدة فوق الثلوج.
وتخصص ميزانية ألمانيا لعام 2024 مبلغ (51.8) مليار يورو للدفاع، وهو في حد ذاته أقل من نسبة (2%) من الناتج المحلي الإجمالي القياسي لحلف شمال الأطلسي. ومع ذلك، يبدو أن ألمانيا في طريقها لتحقيق الهدف من خلال سحب صندوق الطوارئ بقيمة (100) مليار يورو حتى عام 2028، وبعد ذلك تخطط ألمانيا لتمويل الدفاع من خلال عملية الميزانية العادية وسيتطلب تحقيق ذلك زيادة بنحو (30 ) مليار يورو مقارنة بنفقات الدفاع لعام 2024.
ويدعو وزير الدفاع الألماني بيستوريوس إلى زيادة ميزانية الدفاع بما لا يقل عن ( 6.5) مليار يورو لعام 2025. ولم يؤيد المستشار الألماني شولتز حتى الآن طلب بيستوريوس بالاستثناء من كبح الديون.
نقص في القوات الألمانية ومطالب بالعودة للخدمة الإلزامية
تمتلك ألمانيا حالياً (260) ألف عنصر في الجيش، لكن فقط (181) ألف عنصر يرتدون الزي العسكري، والبقية متوزعون على الوظائف المدنية، وفق أرقام رسمية حتى ديسمبر 2023، كما أن حوالي (64) ألفاً ينتمون للقوات البرية، و(30) ألفا للقوات الجوية، و(17) ألفا للقوات البحرية، ومقارنة بعام 2022، هناك تراجع في عدد الجنود بـ (1500) فرد، بينما تريد ألمانيا الوصول إلى (200 ) ألف جندي في أفق عام 2030.
وألغت ألمانيا التجنيد الإلزامي منذ عام 2011، وشجعت بدلا منه الخدمة التطوعية، مما أدى إلى تراجع عدد أفراد الجيش بشكل واضح،. وقد أكد وزير الدفاع الألماني بيستوريوس بالفعل أنه “بحلول عام 2050، سيكون عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين (15 و24) عاما أقل بنسبة (12%) “. ومن هنا جاءت فكرة إعادة التجنيد الإجباري، مستوحاة من النموذج المعمول به في السويد، حيث تحتفظ القوات المسلحة فقط بالمجندين الذين تحتاجهم، على أساس طوعي إن أمكن.
ومع أن وزير الدفاع الحالي يدعم إعادة التجنيد الإلزامي، فإن هناك معارضة سياسية وحقوقية كبيرة، لأسباب تتعلق بحرية الاختيار، بالإضافة لما يعانيه سوق العمل في ألمانيا من نقص مهول في الكوادر، وسيزداد تأثرا في حال العودة للتجنيد.
وقد اقترح وزير الدفاع بوريس بيستوريوس رسميًا شكلاً من أشكال الخدمة العسكرية في 12 يونيو 2024،. ولن تؤدي المقترحات إلى إعادة التجنيد الإجباري كما كان الحال في النموذج الذي تم إلغاؤه فعلياً في عام 2011. وجاء في وثيقة حول المقترحات “نريد نموذجا جديدا يعتمد في المقام الأول على المشاركة التطوعية، ولكنه يتضمن أيضا عناصر إلزامية إذا لزم الأمر”.
ووفقاً للتقييمات الحالية، فإن المساهمة الألمانية في الدفاع عن حلف شمال الأطلسي سوف تتطلب نحو (460) ألف جندي على المدى الطويل. ومن بين هؤلاء، من المقرر أن يكون نصفهم نشطين والباقي احتياطيات. أمن قومي ـ الجيش الألماني يعاني من مشاكل في البُنى التحتية ـ ملف
خطط بيستوريوس لإصلاح الجيش الألماني
قدم وزير الدفاع الاتحادي بوريس بيستوريوس (SPD) في بداية أبريل 2024 خططه لـ “الجيش الألماني نقطة التحول”. النقطة المركزية هي القيادة التشغيلية الموحدة. ولهذا الغرض، سيتم دمج القيادة الإقليمية السابقة للدفاع الوطني والقيادة العملياتية للبعثات الأجنبية. وشدد بيستوريوس على أن هذا يضمن التخطيط والإدارة “من مصدر واحد”.
وتنص خطته الإصلاحية على إنشاء “قيادة عسكرية عملياتية” واحدة، والتي يأمل أن تمكن من اتخاذ قرارات سريعة والقضاء على الازدواجية. حاليًا، لدى الجيش الألماني مركزان للقيادة: أحدهما مسؤول عن تخطيط وإدارة عمليات الانتشار في الخارج والآخر للدفاع عن ألمانيا نفسها.
سيتم توسيع قسم “السايبر والمعلومات” الحالي، الذي تشمل مسؤولياته صد الهجمات السيبرانية، وحماية البنية التحتية الإلكترونية وتحليل التهديدات الهجين مثل المعلومات المضللة، ليصبح رسميًا ذراعًا رابعًا للجيش إلى جانب الجيش والقوات الجوية والبحرية.
وصرح بيستوريوس في جلسة استماع في البوندستاغ في 6 يونيو 2024 أن الجيش الألماني يجب أن يكون جاهزا “للدفاع” بحلول عام 2029. ومن أجل حل هذه المشكلة، حدد بيستوريوس (3) مشاكل رئيسية: “التكنولوجيا والأفراد والمالية”.
كما دعا إلى زيادة ميزانية وزارة الدفاع بمقدار (6.5 إلى 7) مليار يورو في العام 2025، بالإضافة إلى إقرار زيادة طويلة الأمد في الإنفاق الدفاعي الألماني.
“مبادئ توجيهية جديدة لسياسة الدفاع” الألمانية
وافق مجلس الوزراء الألماني في نوفمبر 2023 على وثيقة مفاهيمية جديدة للدفاع العسكري والمدني في ألمانيا، تحدد مسؤوليات الجيش الألماني ومنظمات الإغاثة وسلطات الدفاع المدني في حالة الكوارث والحروب.
تحل المبادئ التوجيهية الجديدة محل ورقة سابقة من عام 1989 وتتناول الآن التهديدات السيبرانية والحرب الهجينة. وتنص المبادئ التوجيهية الجديدة لسياسة الدفاع الألمانية على أن الدفاع الشامل الناجح يتطلب التنسيق الوثيق والتعاون بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين بما في ذلك الحكومة والمجتمع والصناعات، حتى في وقت السلم، وإذ تحث على تعديل رؤية القوات المسلحة والشعب، تعتبر الحرب “الواجب الأساسي” للقوات المسلحة. وبينما تصف هذه المبادئ التوجيهية بوضوح التهديدات التي تواجهها ألمانيا وأبعادها العسكرية، فإنها تعكس تقييم استراتيجية الأمن القومي بأن روسيا ستظل أكبر تهديد للأمن الأورو-أطلسي “في المستقبل القريب” وستكون بمثابة القضية الأمنية الأكثر أهمية بالنسبة للقوات المسلحة. كما تصف هذه الوثيقة القوة النووية الروسية بأنها الخصم الرئيسي وتعتبر القوات المسلحة الروسية عدواً لمهمة الردع والدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي.
تصرح هذه الوثيقة أن القدرة القتالية يجب أن تكون “المبدأ التوجيهي” للجنود الألمان. ورغم الانتقادات من داخل حزبه، حاول وزير الدفاع الألماني توظيف هذا التوجه، الذي لم يكن يُستخدم في ألمانيا من قبل، في الوثائق الرسمية. ويظهر هذا الموضوع أن القوات المسلحة ستبقى ناقصة دون إحداث تغيير معرفي في القوة العسكرية، خاصة لجهة خلق الرغبة والقدرة على القتال والانتصار على عدو مثل روسيا.
أخيراً، تأخذ هذه المبادئ التوجيهية الدفاعية في الاعتبار الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات هيكلية في وزارة الدفاع للحد من العمليات البيروقراطية البطيئة ويؤكد على أنه “ينبغي تقليل العمل الإضافي، وإزالة العلاقات غير الواضحة، ويجب تطوير هياكل شاملة أكثر كفاءة”. أمن قومي ـ الجيش الألماني نقطة إرتكاز الناتو في أوروبا
**
4- أمن أوروبا ـ الاتحاد الأوروبي واستراتيجية التسلح الجماعي
غيرت التوترات الجيوسياسية العالمية وفي مقدمتها الحرب الأوكرانية أولويات الاتحاد الأوروبي في سياساته واتجاهات إنفاقه، وأصبحت مسألة تعزيز الدفاع الجماعي في صدارة مناقشات المؤسسات الأوروبية، وبظهور احتمال تغيير الولايات المتحدة استراتيجيتها تجاه دعم حلف الناتو عسكرياً في أعقاب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2024، انصب الاهتمام الأوروبي على تشكيل سياسة دفاع موحدة، خاصة وأن الثلاثة عقود الماضية أدت إلى تراجع ميزانيات الدفاع وتقليص حجم الصناعة العسكرية، ما يجعل التحرك نحو رؤية مشتركة بشأن رفع التسلح وتحديث كفاءة الجيوش تحدياً كبيراً أمام التكتل الأوروبي.
استراتيجية التسلح الجماعي
لم تعتد دول الاتحاد الأوروبي على التعاون العسكري، بينما أجبرتها التوترات العالمية الأخيرة على مراجعة هذه السياسات، وفي 28 فبراير 2024 دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى استراتيجية جديدة لصناعة الدفاع للرد على التحديات الأمنية المتعلقة بشراء الأسلحة والذخيرة في أوروبا، وترتكز الاستراتيجية الأوروبية على زيادة الإنفاق الدفاعي، وطرح مقترح بدء محادثات حول استخدام الأرباح غير المتوقعة من الأصول الروسية المجمدة لشراء معدات عسكرية مشتركة لأوكرانيا. وضعت المفوضية الأوروبية في 5 مارس 2024، هدفاً رئيسياً يتعلق بشراء ما لا يقل عن (40%) من المعدات العسكرية بشكل مشترك بحلول عام 2030، مع تخصيص (1.5) مليار يورو للفترة من 2025 إلى 2027 لجعل الصناعة الأوروبية أكثر قدرة على التكيف.
ينظر الاتحاد إلى الاستراتيجية الجديدة باعتبارها حائط صد لمواجهة تباين المواقف في المجال العسكري، وأكدت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريت فيستاغر، أنه يجب ألا تكون هناك منافسة بين شركات تصدير الأسلحة، وأن تزود الدول جيوشها بأسلحة تتوافق مع الصناعات الدفاعية لباقي دول الاتحاد. لذا يصبح الشراء المشترك للأسلحة القاعدة في المستقبل، وسيتم تأسيس هيئة جديدة تتكون من المفوضية وممثل الشؤون الخارجية ورئيس وكالة الدفاع الأوروبية والدول الأعضاء، لتحديد احتياجات الدول عند شراء الأسلحة والتنسيق بينها. ومن المتوقع أن يتم إنفاق ما لا يقل عن (50%) من أموال الدول الأعضاء المخصصة للمعدات الدفاعية داخل التكتل بحلول 2030، وأن تصل النسبة إلى (60%) بحلول 2035.
تحذيرات أوروبية بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي
يبدو أن المخاوف من التهديدات الأمنية المحتملة، دفعت ألمانيا وفرنسا لرفع شعار “الإصلاحات أولاً”، وفي 25 أبريل حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من خطر التراجع في مواجهة منافسة القوى الكبرى وأن تصبح أوروبا مهددة بـ “الموت”، داعياً إلى حشد قوة دافعة جديدة للمشروع الأوروبي بحلول 2030. وأتفق المستشار الألماني أولاف شولتس مع رؤية ماكرون في 28 مايو 2024، مؤيداً للمقترح الفرنسي بشأن جعل أوروبا قوية بتعزيز صناعة أسلحة مشتركة وتسريع إعادة التسليح بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
رحب الأمين العام لاتحاد الصناعات الجوية والأمنية والدفاعية في أوروبا جان باي، باستراتيجية الدفاع الأوروبية، مؤكداً أن نجاحها يستند إلى إرادة الدول الأعضاء والاستعداد للتوافق على معايير مشتركة للتخطيط العسكري بشكل جماعي. واتجهت توقعات كبير الباحثين في معهد كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية ديك زاندي، ومديرة قسم شمال أوروبا بمركز المجلس الأطلسي للأبحاث آنا فيزلاندر، إلى أن الوضع الأمني الراهن يجبر الدول الأعضاء على تقليص النفقات الحكومية مقابل تعزيز الصناعات الدفاعية. ودعا رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيس وزراء إستونيا كاجا كالاس، الاتحاد إلى ضخ تمويل جديد من الاستثمار الدفاعي باستخدام أدوات الدين المجمعة بدلاً من اللجوء للميزانيات الوطنية.الاتحاد الأوروبي ـ ما حقيقة تعرض التكتل الأوروبي لخطر الانهيار الداخلي؟(ملف)
خطط الأحزاب والمؤسسات الأوروبية
حرص الاتحاد على احتواء وثيقة البرنامج الانتخابي 2024، على رؤية مستقبلية للقوة الدفاعية للتكتل، باعتماد سياسة خارجية وأمنية مشتركة، تستهدف تقوية الجبهة الأوروبية في مواجهة أي تحديات، عبر تأسيس قوة عسكرية مشتركة مسلحة مدمجة في إطار الناتو، وشددت الوثيقة على أن الأمر يتطلب العمل الجماعي تمهيداً لإنشاء إطار اتحاد أمني وعسكري معزز داخل هيكل الاتحاد، منوهة إلى احتمالية التعاون مع المملكة المتحدة، كونها قوة عسكرية أوروبية متقدمة في هذا المجال.
ركز خطاب الأحزاب الأوروبية على أهمية التعاون الأمني في الاتحاد، وأشار حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، إلى ضرورة تطوير المعدات العسكرية كالدبابات المقاتلة والطائرات بدون طيار وحاملات الطائرات، بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين برصد ميزانية طويلة الأمد، متفقين على جعل أوروبا أكثر استقلالية في الدفاع دون المساس بالشراكة عبر الأطلسي.
طموحات أوروبية لتعزيز الدفاع
قبل إطلاق الاستراتيجية بشكل رسمي، أبدى رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو في 21 فبراير 2024، تخوفه من تداعيات هذه الاستراتيجية على ميزانيات الدول، وتضارب الأدوار بين الاتحاد وحلف الناتو حول تنسيق الإنفاق الدفاعي وتشجيع التعاون بين الحلفاء لزيادة قابلية التشغيل البيني للأسلحة والكفاءة. ظهرت تساؤلات داخل التكتل حول دور “مفوض الدفاع” الذي طرحته المفوضية الأوروبية، وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل، إن “وكالة الدفاع موجودة بالفعل، ولا يجب الانتظار لعام لإنشاء هيكل جديد”، وطالب متحدث باسم الحكومة الألمانية، بالنظر إلى الغرض من دور المفوض أولاً”.
وضوح الرؤية بشأن الاستراتيجية الجديدة شجع باقي الدول للإعلان عن خطتها حول الإنفاق الدفاعي، وفي 23 مارس 2024 أعلنت الدنمارك أنها ستزيد الإنفاق على التسلح بمقدار (5.9) مليار دولار على مدار الـ (5) سنوات المقبلة، مشددة على أن الخطوة تهدف لتجنب الحرب في ضوء التحديات الحالية. وتعهدت الدنمارك في 2023 باستثمار (155) مليار كرونة دنماركية في الدفاع.
لحقت صربيا بهذا التوجه، بتوقيع صفقة لشراء (12) طائرة مقاتلة فرنسية متعددة الأغراض من طراز رافال بقيمة (3.2) مليار دولار في 9 أبريل 2024، لتعزيز التعاون مع فرنسا بهدف تقوية موقفها بشأن الانضمام للتكتل الأوروبي، والتخلي عن موردها التقليدي للأسلحة روسيا. الأمر الذي دفع فرنسا لزيادة الإنتاج العسكري بقيمة (20) مليار يورو في 2024، لتجديد مخازن الذخيرة والسلاح ودعم أوكرانيا. انضمت بولندا إلى نفس السياسية بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى (4%) من الناتج المحلي الإجمالي. وأعلنت النرويج التزامها ببرنامج لبناء السفن الحربية بهدف مضاعفة الإنفاق العسكري بقيمة (51) مليار يورو بحلول 2036.أمن دولي – الناتو وأوروبا.. سياسية دفاعية جديدة
تحديات تعزيز القوة العسكرية
تواجه زيادة الإنتاج العسكري لدول الاتحاد وتطبيق الاستراتيجية المشتركة عدة تحديات من بينها، القدرة الصناعية الأوروبية لإنتاج أسلحة واستخدام أدوات وأنظمة وبرمجيات متطورة، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها أغلب دول التكتل، ما يجعل الصناعة الدفاعية ليست من الأولويات في ظل نقص الاستثمارات الجادة في هذا المجال، بجانب طول المدة الزمنية لتسليم المصانع هذه الأسلحة، نظراً لمشكلات في سلاسل التوريد ونقص الموردين المتخصصين، ونقص المواد الخام المستخدمة لإنتاج المعدات العسكرية ما يتطلب نحو (3) سنوات لتسليم هذه الأنظمة المعقدة، والاستهلاك المتزايد لأوكرانيا في حربها الراهنة من الذخيرة والأسلحة، حيث أشارت تقارير إلى إطلاق روسيا وأوكرانيا معاً نحو (200) ألف قذيفة مدفعية أسبوعياً، ما يجعل أوروبا في سباق مع الزمن لتعويض المخزون الذي تم استنزافه خلال نحو عامين ونصف.
تشكيك بعض الدول والشركات المتخصصة في صناعة الأسلحة، بشأن إمكانية تنفيذ الاستراتيجية، قد يهدد مستقبل هذه الخطة، معتبرين الخطوة مخاطرة بالهيكل التنظيمي للاتحاد وميزانيات الدول، وقال الرئيس التنفيذي لشركة راينميتال الألمانية لصناعة الأسلحة أرمين بابرجر، إنه متشكك في قدرة بروكسل على إضافة قيمة كبيرة إلى مساعي إعادة التسلح نظراً لبطء اتخاذ القرار، في أعقاب موافقة الدول الأعضاء على المساهمة بنسبة (1.5) مليار يورو لصندوق الدفاع جزئياً، عبر خفض الإنفاق على الصحة والبحث العلمي.الاتحاد الأوروبي ـ تعزيز استراتيجيات الدفاع ودور أكبر في النزاعات الدولية(ملف)
**
تقييم وقراءة مستقبلية
– يعاني الجيش الألماني من أوجه قصور في مجال المعدات والاستعداد القتالي، بالإضافة إلى مشاكل كبيرة في عدد الأفراد، والإفراط في البيروقراطية في العمليات والهياكل في الجيش الألماني.
– أنشأت الحكومة الألمانية صندوقا بـ(100) مليار يورو لتعزيز جاهزية الجيش الألماني غير أن هناك صعوبة لعكس مسار التسليح وصناعة الأسلحة في ألمانيا.
– يمكن القول أن حرب أوكرانيا كشفت العديد من الثغرات في تسليح الجيش الألماني، لا سيما أن أن عددا من الأسلحة المصدرة إلى أوكرانيا جاءت من مخازن الجيش الألماني.
– وافق البرلمان الألماني على تزويد الجيش الألماني بطائرات بدون طيار مسلحة، بعد اتفاق الائتلاف الحاكم ويعد ذلك “قفزة نوعية غير مسبوقة” لتحسين جاهزية الجيش وتحسين قدرات الاستطلاع.
– يعكس اتفاق ألمانيا وفرنسا اعتماد نظام قتال بري مشترك و تحديد توزيع المهام المتنازع عليه، كذلك تطوير نظام قتال جوي، تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأسلحة لتحسين القدرات العسكرية.
– تدعو بعض الأحزاب الألمانية إلى تجميد الإنفاق الاجتماعي لتحسين جاهزية الجيش الألماني، بينما ترى أحزاب أخرى أنه هجوم على الأنظمة الاجتماعية ويرفضون هذا الطلب بشدة.
– بات متوقعا أن تعزز ألمانيا من جاهزية الجيش وإحراز تقدما في صناعة الأسلحة عبر إنشاء قيادة عملياتية جديدة ومشتركة وأربعة فروع للقوات المسلحة الألمانية.
– من المحتمل أن تعزز الدول الأوروبية خاصة ألمانيا من إمكاناتها الدفاعية استعداد لمواجهة التهديدات العسكرية وسد الثغرات في الذخيرة وقطع الغيار على المدى القصير.
– من المرجح أن تزيد الحكومة الألمانية من التعاون مع دول مثلث “فايمار” ـ ألمانيا وبولندا وفرنسا ـ لتطوير التعاون الدفاعي، لضمان زيادة الإنتاج الدفاعي و تعزيز القدرات الأمنية للبلاد.
**
– شهدت استراتيجية التسليح الألمانية تحولًا ملحوظًا في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022. وقد أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس عن “نقطة تحول” في السياسة الدفاعية الألمانية، تعهد بموجبها بزيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير وتحديث الجيش الألماني بشكل شامل.
– خصصت الحكومة الألمانية 100 مليار يورو إضافية لتحديث الجيش، مع رفع الإنفاق الدفاعي السنوي إلى 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كما قررت شراء أسلحة جديدة تشمل طائرات مقاتلة من طراز F-35 الأمريكية ودبابات Leopard 2 ودبابات Puma وأنظمة دفاع جوي. وتخطط ألمانيا لزيادة عدد أفراد جيشها بشكل ملحوظ. كما تُركز الاستراتيجية الجديدة على تعزيز قدرة ألمانيا على الدفاع عن نفسها والمشاركة في عمليات الناتو.
– تُشير الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي والتعهدات بشراء أسلحة جديدة إلى التزام ألمانيا بتحديث جيشها وتحسين قدراته الدفاعية. كما تُساهم خطط زيادة عدد القوات في تعزيز قدرة ألمانيا على الرد على التهديدات الخارجية.
– تُثير زيادة صادرات الأسلحة الألمانية تساؤلات حول دور ألمانيا في النزاعات الدولية وميزانيتها العسكرية، كما تُسلط الضوء على الجدل الدائر حول مبيعات الأسلحة للدول التي قد تستخدمها لقمع شعوبها أو التدخل في شؤون دول أخرى.
– ستُشكل الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي عبئًا ماليًا على الحكومة الألمانية. يُمكن أن تُعيق البيروقراطية المعقدة عمليات شراء الأسلحة وتحديث الجيش. قد تواجه ألمانيا صعوبة في العثور على عدد كافٍ من المجندين لتلبية خططها لزيادة عدد القوات. ولا تزال ألمانيا تخضع لقيود صارمة على تصدير الأسلحة، مما قد يُعيق خططها لتصبح لاعبًا أكبر في صناعة الأسلحة العالمية.
– يعاني الجيش الألماني من نقص في عدد جنوده، وهذا يعود الى عدم وجود رغبة للمواطنين بالانضمام الى الجيش في ظل حرب أوكرانيا واحتمالات توسع الحرب في أوروبا، يجعلهم يتجهون لتفضيل العمل في القطاعات الأخرى غير الجيش لتجنب المخاطر.
– من المبكر تقييم التأثير طويل المدى لاستراتيجية التسليح الألمانية الجديدة، ومع ذلك، من الواضح أن ألمانيا تسعى إلى لعب دور أكثر نشاطًا في مجال الأمن والدفاع على الصعيدين الأوروبي والعالمي.
– ستعتمد نجاح الاستراتيجية على قدرة ألمانيا على التغلب على التحديات مثل التكاليف العالية والبيروقراطية ونقص القوى العاملة.
**
ـ يواجه الجيش الألماني ، انتقادات في السنوات الأخيرة بشأن قدراته. أحد أهم الانتقادات الموجهة للبوندسفير هو افتقاده للجاهزية ونقص المعدات وصعوبات التجنيد .
– إن عودة الصراع المسلح على نطاق واسع إلى أوروبا دفعت ألمانيا إلى إعادة صياغة سياستها الأمنية بشكل كبير.وقد تعهدت الحكومة الألمانية بزيادة التمويل للبوندسوير وتحسين استعداده وقدراته خاصة مع حرب أوكرانيا . ومع ذلك ، فإن فعالية هذه التدابير لا تزال غير معروفة.
– على الرغم من التحسن في الميزانية، إلا أن الجيش الألماني لا يزال يواجه الكثير من المشاكل في مسيرته نحو تحقيق التطور المطلوب منه. فالحرب في أوكرانيا تجعل تحديث الجيش الألماني مهمة مرهقة، حيث أعرب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن اعتقاده أنه ليس من الممكن سد فجوات التسليح في الجيش قبل نهاية العقد الحالي. موضحا أن نقل أسلحة لأوكرانيا لدعمها ضد روسيا أدى إلى تفاقم الحاجة للأسلحة.
– تثار دعوات جديدة لإعادة التجنيد الإلزامي، لكن بالنسبة لسكان ألمانيا المسنين، سيكون هذا تحدياً. فمنذ إلغاء التجنيد الإلزامي في عام 2011، فضل الشباب الألماني طرقاً مهنية أخرى. كما يواجه هذا المطلب اعتراضات حقوقية باعتباره يمس الحرية الشخصية للمواطن الألماني.
– يعتقد النقاد أن ألمانيا من خلال المبادئ التوجيهية الجديدة لسياسة الدفاع الألمانية ، تستخدم الحرب لتحقيق خططها التسليحية طويلة الأمد بغية تغيير الاتجاه العسكري نحو الشرق. وكما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، فإنها تتحدث اليوم كذلك عن “استعداد الشعب الألماني من أجل الحرب” و”القدرة على الدفاع عن النفس”، بينما يتعين على شريحة العاملين أن يدفعوا ثمن جنون الحرب هذا من خلال تخفيض الأجور والخدمات الاجتماعية لتمويل المزيد من الأسلحة، وتقليص حقوقهم الديمقراطية بشكل خطير.
**
– العقيدة العسكرية التي تبنتها أغلب دول أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا بعد الحرب الباردة، جعلتها تنصرف تماماً عن مسألة تحديث جيوشها وضخ أموال في الصناعات الدفاعية، وهو الأمر الذي انعكس بالطبع على عقيدة المؤسسات الأوروبية، وبات الإنفاق العسكري في آخر اهتمامات التكتل الأوروبي، حتى أن مطلب الناتو المتعلق بزيادة الإنفاق العسكري داخل الحلف لم تلتزم به معظم دول الاتحاد الأعضاء في الحلف قبل عام 2022، وتفسر هذه المعطيات صعوبة تغيير هذه المفاهيم لدى بعض الحكومات الأوروبية، خاصة وأنه يتطلب إعادة ترتيب أولويات ميزانيات الدول في توقيت تعاني فيه بعض القطاعات من اضطرابات لنقص الأجور بشكل لا يتناسب مع تدهور الأوضاع المعيشية جراء الحرب الأوكرانية.
– خطوات الاتحاد الحالية حول سياسة الإنفاق العسكري الجماعي، تمثل مرحلة تحول في سياساته وتاريخه، ليس كونها تتعلق بالجزء الأمني فقط، بل أيضاً تتعلق بمحاولة استعادة وحدة وقوة البيت الأوروبي من جديد بعد أزمات عدة كادت تعصف به، وانقسامات في الرؤى حول إدارة العلاقة مع الناتو والولايات المتحدة، وطبيعة الدعم المقدم لأوكرانيا وتداعياته حول احتمالية الانخراط بشكل مباشر في الصراع الروسي الأوكراني، ما يترجم في شكل تباين درجة الاستجابة من الدول الأعضاء على استراتيجية الدفاع الجماعي، لاقتناع بعض الدول بأهمية بقاء مسألة الدفاع ضمن اختصاصات الناتو، وامتعاض البعض الآخر من الكلفة الاقتصادية لإنتاج الأسلحة المشترك.
– احتدام التصريحات بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي حول الحرب في أوكرانيا، ونتيجة الانتخابات الأوروبية التي سجلت تقدماً كبيراً لليمين الشعبوي، سيدفع إلى تسريع خطوات التسلح الجماعي للاتحاد وضخ الأموال المطلوبة لإعادة تشغيل مصانع إنتاج الأسلحة والذخيرة، خاصة وأن التهديدات الأمنية باتت محل نقاش أساسي في أروقة المؤسسات الأوروبية.
– العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ربما تأخذ منحى جديد، فالاتحاد ينظر إليها بالحليف القوي داخل القارة الذي يمتلك قدرات عسكرية تفتقدها بعض دول التكتل، رغم أن الجيش البريطاني أصبح يعاني من نقص الذخيرة والجنود، ويعتمد أيضاً الاتحاد على بريطانيا لعلاقاتها القوية بالولايات المتحدة وكونها عضواً مهماً داخل حلف الناتو، ما يرجح أن تشهد العلاقات بين الاتحاد وبريطانيا اتفاقيات جديدة بشأن التسلح والصناعات العسكرية.
– يضع التكتل الأوروبي في الحسبان، تداعيات الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024، ومستقبل الناتو في حال فوز المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وتنفيذه تهديد التخلي عن دول أوروبا في حالة مهاجمة روسيا لها، أو طرحه احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، ما يضع أوروبا محاصرة في حجر الزاوية ويجعلها مكتوفة الأيدي، في دعم أوكرانيا من جانب والدفاع عن نفسها من جانب آخر، وهذه النقطة ربما تعتمد عليها المؤسسات الأوروبية للترويج لمفهوم الدفاعي الجماعي.
– رغم الاستراتيجية الأوروبية الخاصة بتشجيع التسلح الجماعي، إلا أن فكرة تأسيس جيش أوروبي موازي يصعب تنفيذها، خاصة وأن أغلب الجيوش الأوروبية بحاجة إلى إعادة هيكلة وتحديث من حيث العدد والعتاد، لذا تسعى الاستراتيجية إلى تعويض المشكلات التي تعاني منها الجيوش في أوروبا، بالتعاون في إنتاج الأسلحة والذخيرة والتنسيق في شرائها.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=94645
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI
الهوامش
Germany’s Scholz calls for urgent ‘mass production’ of European arms
https://tinyurl.com/545vx9ye
Tailwind for the German arms industry?
https://tinyurl.com/2d5vv5j8
Germany to Speed Up Arms Purchases in Defense Industry Shakeup
https://tinyurl.com/yw5s9fjt
صناعة الأسلحة الألمانية والرياح العاتية التي تواجهها!
https://tinyurl.com/2cwn88rw
**
Historic German national security strategy sees beyond military
https://bit.ly/4c90bl2
Germany’s New Plans for Transforming Its Defence and Foreign Policy Are Bold. They Are Also Running Into Familiar Problems
https://bit.ly/3KAFoet
Germany’s first-ever National Security Strategy
https://bit.ly/45dRwvr
Germany pledges to make its military ‘the backbone of defence in Europe’
https://reut.rs/4eaXAZD
صناعة الأسلحة الألمانية والرياح العاتية التي تواجهها!
https://bit.ly/4aSGWeE
**
Germany pledges to make its military ‘the backbone of defence in Europe’
https://2u.pw/B7uBUSFU
German Military is ‘Aging and Shrinking:’ Parliament Report
https://2u.pw/FpaF7iom
Germany overhauls military command in quest for ‘war-capable’ force
https://2u.pw/c3coN2iE
German defense minister calls for war readiness by 2029
https://2u.pw/ERgGzd6s
ألمانيا ـ وزير الدفاع يعرب عن غضبه إزاء التباطؤ في ميزانية 2025
https://2u.pw/6e9P28cQ
**
‘Europe is mortal,’ Macron warns as he calls for more EU unity and sovereignty in landmark speech
https://bit.ly/44g5A7h
Has the time come for European defence?
https://bit.ly/3wX8z8x
-The Guns of Europe: Defence-industrial Challenges in a Time of War
https://bit.ly/4c8FHsx
Europe’s defence industrial strategy: beyond the rhetoric
https://bit.ly/3RhfFLQ