الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

ملف أزمة أوكرانيا و تداعياتها على الأمن الدولي

أزمة أوكرانيا
مارس 12, 2022

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

إعداد: وحدة الدراسات والتقارير

يمكنكم الأطلاع على الملف نسخة    pdf على الرابط التالي http://bit.ly/3I6pgOb

ملف أزمة أوكرانيا و تداعياتها على الأمن الدولي

أمن دولي ـ تداعيات الأزمة الأوكرانية على سياسات أوروبا الدفاعية

حشدت روسيا عشرات الآلاف من القوات على طول الحدود الأوكرانية، في عمل يمكن أن يتحول إلى أكبر صراع عسكري على أراضي أوروبا منذ عقود. فمن ناحية تُمثل الأزمة الأوكرانية  مسرحاً أكبر لروسيا لمحاولة إعادة تأكيد نفوذها في أوروبا والعالم. ومن ناحية أخرى تتصاعد المخاوف داخل الاتحاد الأوروبي المتعلقة بأمن أوروبا واقتصادها، كذلك توافقها الجغرافي والسياسي إذا استمرت الأزمة الأوكرانية لفترة أطول.

التحول الأوروبي الألماني في السياسات الخارجية و الدفاعية 

زودت عدة دول أوروبية أوكرانيا بالأسلحة، حتى ولو لم يكن ذلك كافياً بالنسبة للحكومة في كييف. وأرسلت تركيا طائرات بدون طيار (طائرات بيرقدار) تم استخدامها ضد الانفصاليين في الشرق. أما بريطانيا العظمى فقد مدت أوكرانيا بمدافع مضادة للدبابات ومتخصصين لتدريب القوات الأوكرانية، إضافة إلى عربات مدرعة. علاوة على ذلك هناك أيضاً مساعدات عسكرية قدمتها دول البلطيق وجمهورية التشيك.

وفي إطار توفير المعدات والمنصات العسكرية وتعزيز إمكانات ومرونة القوات المسلحة الأوكرانية تم تخصيص مبلغ  (450) مليون يورو للجيش الأوكراني من قبل الاتحاد الأوروبي في 28 فبراير 2022. أزمة أوكرانيا ـ مابعد أعتراف روسيا بإقليمي “دونيتسك ولوغانسك”، هل من حرب محتملة ؟

تخلت ألمانيا عن نهج “التريّث في تعزيز قدراتها العسكرية” رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا. ويعكس هذا النهج مدى التحوّل الكبير في السياسة الألمانية الخارجية والدفاعية. وبالرغم من الحظر الذي تفرضه ألمانيا على تصدير الأسلحة الفتاكة إلى مناطق النزاع،  أعلنت الحكومة الألمانية في 27 فبراير 2022 أنها بصدد تسليم أوكرانيا (1000) صاروخ مضاد للدبابات و(500) صاروخ أرض – جو من نوع “ستينغر” من مخزون الجيش الألماني، كذلك تعزيز قواتها المنتشرة شرقاً في إطار حلف شمال الأطلسي، لا سيّما في سلوفاكيا.

خصصت الحكومة الألمانية (100) مليار يورو لقواتها المسلحة فيما تتطلع إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا عبر استثمار أكثر من (2%) من ناتجها المحلي الإجمالي على الجانب الدفاعي كل عام.  لا يزال حلف الناتو يدعم أوكرانيا عبر تقديمه المزيد من أنظمة الدفاع الجوي، والمزيد من الأنظمة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات والذخيرة في 27 فبراير 2021 بالإضافة إلى تأييده لانضمام كييف إلى الحلف.

ولأول مرة في تاريخه تم تفعيل قوة الرد التابعة له في 25 فبراير 2022 وذلك عبرتنشيط القوة متعددة الجنسيات المكونة من قوات برية وجوية وبحرية وقوات العمليات الخاصة من الحلفاء والتي تتكون من (40) ألف جندي دون ذكر عدد القوات المقرر تنشيطها كإجراء دفاعي رداً على روسيا.

أسباب التحول الأوروبي الألماني 

هناك العديد من النقاشات الأوروبية حول كيفية إدارة التحديات الأمنية التي تفرضها الصراعات على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ومدي تأثيرها على أمن الاتحاد الأوروبي. فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في 27 فبراير 2021  إلى أنّ (7) ملايين أوكراني سوف ينزحون من بلادهم على خلفية الغزو الروسي.

كذلك تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشير إلى أنّ أكثر من (368) ألف لاجئ فرّوا من أوكرانيا في اتّجاه الدول المجاورة. ما قد يتحوّل إلى الأزمة أمنية وأنسانية في أوروبا. فهناك تفكير في مؤيّدة لفكرة تفعيل “آلية الحماية المؤقتة” في الاتحاد لتأمين المأوى للذين سوف يصلون إلى الدول الأروبية المجاورة.

يري “بريندان سيمز” مدير مركز الجغرافيا السياسية في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة في 15 يناير 2022 أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التحول لأن يكون دولة واحدة برئيس واحد وبرلمان واحد حتى يصبح لاعباً جيوسياسياً قوياً، فعن طريق الوحدة تمكنت الولايات المتحدة التي كانت تتألف من خمسين ولاية في تشكيل دولة واحدة وتجميع قوتها. بيد أن سيمز أقر بأن تحقيق بلدان الاتحاد الأوروبي هذه الوحدة الكاملة يعد أمراً غير مرجح حدوثه حالياً، مضيفاً “للأسف مع استمرار هذا الوضع ، لن يكون الاتحاد الأوروبي قادراً على فعل ما يريد إذ ستظل قوته مشتتة”.

لماذا لن تتدخل واشنطن عسكرياً ؟

قدمت الولايات المتحدة أكثر من (2.5) مليار دولار من المساعدات العسكرية لأ وكرانيا منذ عام 2014 وقدمت لكييف زوارق دورية ومدرعات، وبنادق، وطائرات مسيرة وأنظمة رادار أو أجهزة للرؤية الليلية، ولكن كل المؤشرات والبيانات الرسمية تؤكد عدم تدخل واشنطن عسكرياً في الأزمة الأوكرانية ورجع ذلك لعدة أسباب منها.

  • لا توجد معاهدة ملزمة تحمل إلتزامات تجبر الولايات المتحدة على الإقدام على هذه المخاطرة في أوكرانيا.
  •  لا توجد مصالح أمريكية ترتبط بالأمن القومي الأمريكي في أوكرانيا. فأوكرانيا ليست جارة للولايات المتحدة، وليس بها قاعدة عسكرية أمريكية، ولا يوجد بها احتياطات استراتيجية من البترول كما أنها ليست شريكاً تجارياً رئيسياً.
  •  سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن لاتتبنى سياسة التدخل العسكري، وذلك يعود إلى غريزة الرئيس بايدن القائمة على “عدم التدخل عسكريا”. لاسيما أن حرباً بين أكبر قوتين نوويتين في العالم لن تكون أمراً سهلاً على المستوى الإقليمي والدولي.
  •  أظهر استطلاع للرأي – أجراه مركز AP-NORC في 25 فبراير 2022- أن (72%) من الأمريكيين قالوا إن بلادهم يجب أن تلعب دوراً “محدوداً” في الصراع الروسي – الأوكراني، أو لا تتدخل مطلقاً. أزمة أوكرانيا ـ “غزو” القوات الروسية إلى شرق أوكرانيا ـ هل من مواجهة محتملة مع الناتو؟

استنزاف بايدن لروسيا وأوروبا

تكمن المعضلة الألمانية والأوروبية في كون الارتدادات العكسية الناتجة عن فرض العقوبات على روسيا كبيرة، وذلك بالمقارنة مع ارتدادتها على واشنطن لاختلاف مدى الارتباط الاقتصادي مع روسيا. لاسيما أن روسيا لا تزال تحتل المركز الخامس بين كبريات الأسواق التي يصدر لها الاتحاد الأوروبي، كما تعتبر روسيا ثالث الموردين للتكتل بعد الصين والولايات المتحدة. بالتالي فإن أي عقوبات جدية جديدة من شأنها أن تضر بأوروبا وتضع الاقتصاد الروسي تحت ضغط العقوبات الأوروبية.

الأزمة الأوكرانية قد تحقق لواشنطن العديد من الأهداف منها تأزم العلاقات بين موسكو ودول التكتل الأوروبي ، وإعادة تقييم العلاقات مع موسكو. وقد تتخذ أوروبا مواقف متشددة تجاه موسكو. بالإضافة إلى وضع حد لطموحات الرئيس الروسي  فلاديمير بوتين لتمدد الخارجي والهيمنة على أوروبا عبر استراتيجية دبلوماسية الغاز التي تضر بالمصالح الأمريكية في أوروبا. والمكسب الأكبر لواشنطن هو التفرغ لمواجهة نفوذ الصين المتصاعد.

**

أزمة أوكرانيا، نقطة تحول لقواعد الغرب في مكافحة الإرهاب

أسست الأزمة الأوكرانية تحولات مهمة على مستوى القارة الأوروبية، أبرزها إحياء مفهوم الأمن الأوروبي، والاتجاه إلى إمكانية اختفاء بعض الظواهر الأوروبية مثل الحياد الفنلندى والسويدى، والتحول الأهم في هذا السياق تمثل في خروج ألمانيا عن أحد ثوابت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والمتمثل في تحجيم الإنفاق العسكري وعدم التورط في أي أعباء عسكرية خارجية. كما خلقت الأزمة سياقاً جديداً لإعادة النقاش حول فكرة الجيش الأوروبي الموحد، وتعميق الشراكة عبر الأطلنطي. ملف: أمن دولي – أزمة أوكرانيا و الرهان على الدور الأوروبي

التحولات في الأمن الأوروبي

تغير الأمن الأوروبي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا أكثر مما تغير في السنوات الـثلاث والثلاثون السابقة، فقد جاءت التغييرات السياسية والدفاعية للدول والمؤسسات الأوروبية مفاجئة ودرامتيكية، لقد كان تحول غير مسبوق، لكنه أيضاً وقت غير مسبوق – حرب وأزمة لاجئين في أوروبا تعمل على تفكيك نظام ما بعد الحرب الباردة. علاوة على ذلك، أثبتت الإرادة الأوكرانية للقتال أنها حاسمة في التأثير على التغييرات في السياسة الأوروبية. وتتثمل أبرز هذه التحولات في:

 التغيير الأهم، أعلنت الحكومة الألمانية عن استثمار إضافي بقيمة (100) مليار يورو في الدفاع، وبأنها سترسل مساعدات دفاعية إلى أوكرانيا.  جاء ذلك في أعقاب إجراءات غير عسكرية، وعقوبات اقتصادية يما في ذلك وقف خط أنابيب نورد ستريم (2)، وعزل روسيا عن نظام سويفت المالي. وبذلك، تكون الحكومة الجديدة قد قلبت عقوداً من السياسة الوطنية الدبلوماسية المتسقة.  في حين يمكن اعتبار هذه الزيادة في الإنفاق بمثابة تراجعاً لسنوات من الإنفاق الدفاعي المنخفض، والتي يمكن أن تغير التوازن العسكري الأوروبي بشكل كبير.

أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة دعم عسكري بقيمة (500) مليون يورو لأوكرانيا، والتي وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها “لحظة فاصلة”. لتشكل قفزة في السياسة الدفاعية والخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي وذلك بعد تفاعل بطيئ في بداية هذه الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، وافقت جميع الدول الأعضاء على استقبال اللاجئين الأوكرانيين لمدة ثلاث سنوات دون أوراق لجوء، مع توقعات بنزوح سبعة ملايين أوكراني، مما يدل على الدعم القاطع في منطقة حساسة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. كذلك خطوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتقدم رسمياً بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي وناشد بتسريع العملية.

تراجعت فنلندا والسويد، الدولتان غير المنتسبتين تاريخياً إلى الناتو، لأول مرة عن رفضهما الانضمام إلى المنظمة، وأنهتا فعلياً حيادهما بإرسال مساعداتهما العسكرية إلى أوكرانيا، من جهة أخرى، حولت سويسرا وإيرلندا حيادهما ودعمتا العقوبات التي تستهدف روسيا.  كل هذه تمثل تحولات مهمة لعقود من السياسة الوطنية المتسقة.

اقتربت السويد وفنلندا من الانضمام إلى حلف الناتو، الأمر الذي سيجعل سبعة من الأعضاء الثمانية في مجلس القطب الشمالي أيضاً أعضاء في الناتو. حيث طلبت كوسوفو إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية دائمة وعضوية الناتو. علاوة على ذلك، يعمل الحلف بشكل كبير على تعزيز تواجده المتقدم في دول البلطيق، وقد أنشأ قوة جديدة بقيادة فرنسية في رومانيا، ونشر عناصر من فرقة العمل ذات الجاهزية العالية جداً للمرة الأولى.الناتو ـ تحديات تصدع العلاقة مابين ضفتي الاطلسي

كانت الميزة الاستراتيجية الحقيقية الوحيدة لروسيا هي تعزيز سيطرتها على بيلاروسيا، مما يمثل تهديداً إضافياً لأوروبا فيما يتعلق بوضع الأسلحة النووية في القواعد الأمامية وتسليح الهجرة نحو أوروبا.

ألمانيا الجديدة، تحول دراماتيكي في سياسات الدفاع

اتبعت ألمانيا خلال الحرب الباردة، التي بدأت في أواخر الستينيات، سياسة “السياسة الشرقية” – مبدأ “الأوستبوليتيك”- أي سياسة التقارب مع موسكو وتطبيع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي التي بدأها المستشار فيلي برانت في السبعينيات، والتي لا يزال يُنظر إليها على أنها احتمال لتحقيق التقدم الديموقراطي من خلال الحوار. وهذا يعني تفضيل الدبلوماسية، ومحاولة الانخراط مع روسيا على جبهات متعددة، وتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين مثل نورد ستريم (2)، والإيمان بهذه الأدوات باعتبارها مخرجاً لأي صراع. حيث ترى ألمانيا نفسها كجسر بين الحلفاء الغربيين وموسكو، في محاولة لتحقيق التوازن بين التزاماتها تجاه الشركاء بينما تحاول أيضاً الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا.

حرصت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل من جهتها، طيلة سنواتها الـ (16) في السلطة، على المحافظة على العلاقة مع روسيا، في محاولة لفصل الخلافات الجيوسياسية عن المصالح الاقتصادية بين البلدين.  ودافع المستشار أولاف شولز، الذي تولى منصبه في ديسمبر 2021، عن السياسات التي كانت قائمة. أمن أوروبا ـ الأزمة الأوكرانية، ماذا عن الموقف الألماني ؟

  كانت الأزمة على مدار الأسابيع تنحصر بتقديم التعزيزات العسكرية الروسية لأوكرانيا، رفضت الحكومة الألمانية مراراً وتكراراً مناشدات كييف وحلفائها بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا. وبدلاً من ذلك، أرسلت إلى كييف (5000) خوذة ومستشفى ميداني بقيمة (5) ملايين دولار. كما منعت دول الناتو الأخرى من إرسال أسلحة ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، اذ علقت محاولة إستونيا لتسليم ثمانية مدافع هاوتزر قديمة إلى كييف تم شراؤها من ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة.

كان المستشار الألماني الجديد قد تعرض بالفعل لانتقادات شديدة، في الداخل والخارج، لكن شولتس رفع من نبرته واجراءاته الحاسمة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا يوم 24 فبراير 2022، إذ سارعت حكومته بإرسال (1000) سلاح مضاد للدبابات و (500) من أنظمة الدفاع المضادة للطائرات من طراز Stinger إلى أوكرانيا.  كما رفعت برلين الحظر عن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى من إرسال معدات ألمانية الصنع. وقال شولتز في بيان يوم 26 فبراير 2022 إن الغزو الروسي لأوكرانيا كان “نقطة تحول”.

أظهر شولز بعدها بيوم واحد بالضبط، مدى دراماتيكية نقطة التحول هذه، في خطاب أمام البوندستاغ – البرلمان الألماني، وصف فيه حرب بوتين بـ “تسايتنويندي” أي لحظة فاصلة، وقال إن ألمانيا ستحتاج إلى استثمار المزيد في أمنها، “من أجل حماية حريتنا وديمقراطيتنا.  ويتمثل هذا التحول بعدة خطوات جذرية:

زيادة الانفاق العسكري، حيث قدم شولتز صندوقاً خاصاً بقيمة (100) مليار يورو للاستثمارات في القوات المسلحة الألمانية “البوندسوير”. وبذلك لقد ألزم ألمانيا بإنفاق أكثر من (2%) من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع – وهو هدف وافقت جميع الدول الأعضاء في الناتو على تحقيقه، لكن ألمانيا لم تلتزم به فعلياً، إذ بلغ اجمالي نفقات ألمانيا على الدفاع في عام 2021 ما مجموعه حوالي (47) مليار يورو، بنسبة (1.5%) من ناتجها المحلي الإجمالي.

 تعزيز القوات الألمانية في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، بما في ذلك عمليات نشر جديدة في سلوفاكيا، كذلك أعرب شولتز عن استعداده للانضمام إلى الدفاع عن المجال الجوي للحلفاء بصواريخ مضادة للطائرات.

خفض الشراكة الألمانية الروسية، وضمان إمدادات طاقة أكثر أماناً بعيداً عن الاعتماد على روسيا وغازها الطبيعي، بعد أيام من تجميد العمل باتفاقية خط انابيب نورد ستريم (2). أمن دولي ـ العلاقة بين موسكو و برلين في ظل إدارة بايدن، نورد ستريم 2

بهذه الخطوات، فك شولتز عقوداً من السياسة الخارجية والدفاعية الألمانية، وهذا ما يمكن وصفه بتحول زلزالي ليس فقط بالنسبة للبلد، ولكن يحتمل أن يكون لأوروبا والعلاقة عبر الأطلسي.

وما يجعل التحول في سياسة ألمانيا أمراً بالغ الأهمية هو الدعم السياسي والشعبي الواسع له.  إذ تظهر الاستطلاعات الأولية الحية التي أجرتها شركة Civey، وهي شركة اقتراع ألمانية ، دعماً واضحاً لمسار ألمانيا الجديد، أظهر إحداها أن (74%) من المستطلعين أيدوا قرارات شولتز بزيادة الانفاق العسكري . ما يبين سرعة التحول بالرأي العام الألماني بعد غزو بوتين لأوكرانيا، ففي استطلاع للرأي سابق أجراه معهد “إينزا” لقياس الرأي لصالح صحيفة “بيلد” الألمانية بتاريخ 23 فبراير 2022 أي قبل الغزو بيوم واحد، أوضح أن غالبية كبيرة من سكان ألمانيا حوالي (68%) تعارض توريد أسلحة إلى أوكرانيا.

 تمثّل الأزمة الأوكرانية نقطة تحوّل في السياسة الدولية والأمن الدولي، وستكون تداعياتها أبعد مدىً وأعمق أثراً مما تكشف. وفيما يبدو أن أوروبا ستكون الأكثر تأثراً بها.

**

أزمة أوكرانيا، تداعيات الأزمة على دول الشرق الأوسط ومجلس التعاون الخليجي

تسعي العديد من دول الشرق الأوسط والخليج العربي  إلى موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا في ظل الغزو الروسي علي أوكرانيا، وإتخذ كتير منها موقف محايد لحين إنتهاء هذه الأزمة، لكن الأهم من ذلك أن هذا العزو سيكون له تداعيات مستقبلا على العديد من القطاعات الحيوية لاقتصادات تلك الدول، بدءا من النفط والغاز وصولا إلى الواردات الزراعية والسياحة، وربما قد نرى تداعيات إضافية ستؤدي حتما إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة وفي أماكن أخرى، إذ أن القلق الكبير من تقليص واشنطن تركيزها على الشرق الأوسط، قد يرسم معه الرد الأميركي على الأزمة في أوكرانيا معالم التصورات إزاء النوايا الأميركية في المنطقة مستقبلا، لا سيما ما يخص البلدان العربية.

ومنذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية وبدأت المخاوف من تأثير أسواق القمح والغلال العالمية تزداد من  تلك الازمة نظراً لأن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للقمح، وبالتالي فأن البلدين يمثلنا جانب مهم من صادرات القمح والغلال عالمياً. وتمر معظم هذه الصادرات عبر البحر الأسود الذي يقع في محور الأزمة الحالية، وتشكل روسيا وأوكرانيا (29%) من صادرات القمح العالمية، و(19%) من صادرات الذرة، و(80%) من الصادرات العالمية لزيت دوار الشمس. وتعتبر أوكرانيا مصدّر رئيسي للذرة التي يتجه معظمها إلى الصين والاتحاد الأوروبي، لكن الجانب الأكثر تهديداً في العالم يقع في منطقة الشرق الأوسط الذي تعتمد اعتماداً كلياً علي استرداد القمح والمواد الغذائية من روسيا وأوكرانيا، كونها المنطقة الأعلى كثافة في استيراد القمح من البلدين.

تداعيات أزمة أوكرانيا على دول منطقة الشرق الأوسط

أمنياً: تحتل قوات روسيا تحتل المركز الثاني عالمياً في السلاح والأول في السلاح النووي، ولكن ما ستسفر عنه مساعدات الدول الاوروبية لأوكرانيا هو إطالة أمد هذه الحرب واستنزاف القوات الروسية حتى تؤتي العقوبات الأوروبية والأمريكية أهدافها بالضغط على روسيا. أن الصراع العسكري الروسي الأوكراني واحد من أبرز الأزمات الدولية بين روسيا والعالم الغربي وأمريكا من بعد انتهاء الحرب الباردة. وأن هذه الأزمة سيكون لها تداعيات عدة والتأثيرات على العالم كله بشكل عام وعلى دول الجوار بشكل خاص في ظل وجود صراع آخر يجري بصورة موازية للصراع العسكري، هو صراع العقوبات والتي فرضت على روسيا، وعلى الجهة الأخرى قالت روسيا إنها ستفرض عقوبات على عدد من الدول المتداخلة في الأزمة الأوكرانية.

وسيكون لتجارة الأسلحة الروسية دون شك دورا في حسم مواقف الدول العربية، إذ عملت موسكو خلال السنوات الأخيرة على استعادة مكانتها في دول عربية كان لديها نفوذ فيها في الحقبة السوفياتية، واعتمدت على تجارة الأسلحة بشكل كبير لتحقيق هذا الهدف. إذ ضاعفت روسيا صادراتها من الأسلحة إلى الجزائر، أكبر الدول العربية والأفريقية مساحة، محافظة على مكانتها كأول مزود للجيش الجزائري الذي تبلغ ميزانيته السنوية الخاصة بالتسليح نحو عشرة مليارات دولار، تحصل روسيا على نصيب الأسد منها. كذلك عادت روسيا لتزويد العراق بالسلاح على الرغم من التحولات التي شهدها بعد الغزو الأمريكي وإعادة بناء الجيش الذي اعتمد منذ ذلك الحين على الأسلحة القادمة من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.

سياسياً: لا يتوقف تأثير الأزمة الأوكرانية على منطقة شرق أوروبا، بل إن له تداعياته على الشرق الأوسط، باعتبار أن أطراف الصراع ترتبط بمصالح حيوية بدول المنطقة، وتنخرط في صراعاتها بصورة أو أخرى وبدرجة لا تقل على الصراع القائم في أوكرانيا. وبدون شك إن دول الخليج حليفٌ مهمٌ للولايات المتحدة وأوروبا، وإيران لديها تحالفٌ مهمٌ مع روسيا والصين، وكلما احتدم الصراع في أوكرانيا، فإن صداه سيتردَّد في المنطقة باعتبارها أحد ساحات المنافسة الإستراتيجية بين القوى الكبرى. وفي هذا السياق أعلنت روسيا اعتزامها إجراء تدريبات بحرية في البحر المتوسط، وأنها نقلت قاذفات وطائرات مجهزة بصواريخ أسرع من الصوت إلى قاعدتها الجوية في سوريا، ويعد هذا مؤشراً على أن المنطقة ليست بعيدةً عن الصراع والتجاذبات التي تتجلى حاليًا في أزمة أوكرانيا، وقد تتجلى غداً في أي من بؤر التوتر والصراع في الشرق الأوسط.

اقتصادياً : أثرت الأزمة الأوكرانية على منطقة الشرق الأوسط من عدة جوانب اقتصادية ومالية، امتدت لكل دول المنطقة بحكم ارتباطاتها الوثيقة في كثير من المجالات تمثلت في الارتفاع الكبير في أسعار البترول والغاز، وهو ما سيؤدى بالضرورة إلى ارتفاع أسعار النقل والإنتاج بالنسبة لجميع السلع سواء الصناعية أو الزراعية والحيوانية لجميع الدول وخاصة بالنسبة للدول النامية. وفي خضم هذه المعضلة السياسية، فإن دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها مصر ولبنان والعراق ودول المغرب العربي، ربما تواجه مشكلة جسيمة، إذ إنها تعتمد بشكل متفاوت بين الكبير إلى المتوسط على القمح الأوكرانية والروسية، وبكميات كبرى يصعب تعويضها من السوق المفتوحة.

أثرت الأزمة علي الدول التي تعتمد بدرجة كبيرة على استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، ومنها مصر حيث تستورد منهما نحو (80%) من وارداتها من القمح، (30%) منها من أوكرانيا ولبنان إذ لا يملك البلد مكاناً كافياً لتخزين الاحتياطيات منذ دمار مخازن القمح في انفجار المرفأ عام 2020، بما جعل لبنان لا يمتلك سعة تخزينية إلا لما يتراوح حول شهر واحد.

واليمن الذي يقبع وسط أزمة غذائية حادة لا ينقصها ما يفاقمها، أصبح الوضع قاب قوسين أو أدنى من درجة عالية المخاطر، والمغرب العربي كشفت وزارة الفلاحة  التونسية عن توفر مخزون من الحبوب يكفي لتغطية الحاجيات المحلية حتى مايو 2022، وذلك رداً على انتقادات تتعلق بالانعكاسات السلبية المحتملة للأزمة، إذ إن تونس تستورد نحو نصف حاجياتها من الحبوب من روسيا وأوكرانيا. أما الجزائر فإن روسيا تعتبر هي المزود الرئيسي للقمح فيها وتليها أوكرانيا، خاصة بعدم أدى توتر العلاقات مع باريس لتراجع صادرات القمح الفرنسية إلى هذا البلد. فيما تزود كييف ليبيا بـ(43%) من وارداتها من القمح، والمغرب بـ(26%).

موقف دول الشرق الاوسط تجاه الأزمة الأوكرانية

حاولت أغلبية دول الشرق الأوسط اتخاذ موقفا محايدا من هذا الصراع بين القوى الكبرى وناشدت الأطراف المتصارعة باللجوء إلى الحوار والدبلوماسية لتسوية الخلافات والعمل على حماية الحقوق الإنسانية. وقد كان هذا المفهوم واضحا فى البيان الصادر عن اجتماع المندوبين الدائمين فى جامعة الدول العربية فى 28 فبراير 2022 والذى دعا إلى تأييد الجهود الرامية إلى حل الأزمة الأوكرانية من خلال الحوار والدبلوماسية، وأهمية احترام مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءات التهدئة وضبط النفس واستمرار التنسيق بين الدول العربية للحفاظ على أمنها وسلامتها، وسلامة الجاليات والبعثات الدبلوماسية العربية فى أوكرانيا، وإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية.

أوضحت مصر بعد التصويت بتأييد القرار بأن موقفها مبنى على إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولى ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وضرورة البحث عن حل سياسى عبر الحوار وبحث جذور الأزمة ومسبباتها، ورفض توظيف منهج العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولى متعدد الأطراف من منطلق التجارب السابقة والتى كان لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، والتحذير من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمى برمته والذى مازال يعانى من تداعيات جائحة كورونا.

ولم تستجب مصر لطلب منع السفن الحربية الروسية من قناة السويس؛ لأن ذلك لا يتفق مع اتفاقية القسطنطينية لقواعد العبور فى القناة فى حالات الحروب، شهد لبنان خلافات وتبادل اتهامات بعد بيان لوزير الخارجية اللبنانى بإدانة العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا ولم يعتمده مجلس الوزراء، وقد صوت لبنان مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى يدين التدخل العسكرى الروسى. وكان نائب رئيس السيادة السودانى اللواء حميدتى فى زيارة لموسكو عند نشوب الأزمة الأوكرانية ونسب له قوله إن من حق روسيا الدفاع عن مصالحها، ولكن صدر توضيح من السفارة السودانية فى موسكو بأنه لم يصدر تصريحات مؤيدة لطرف معين، وامتنع السودان عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الذى أدان التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا.

تداعيات الأزمة الاوكرانية على دول مجلس التعاون الخليجي

البعض يعتقد بان نقص صادارات الطاقة الروسية ممكن ان يصب  أقتصاديا في صالح الدول المصدرة للنفط والغاز، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك إيران  من الأزمة الأوكرانية ولكن ما ستحصل عليه ربما يكون أقل من الزيادات في أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى التي تستوردها. وسعت روسيا مؤخراً إلى بناء علاقات تعاون اقتصادي أقوى مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال جذب استثمارات واسعة النطاق من دول مجلس التعاون الخليجي.

– أمنياً: رفعت واشنطن تحفظاتها على صفقات سلاح كبيرة للسعودية و دولة الإمارات، بعد أن كانت الدولتان الخليجيتان تحت وطأة ضغوط حرب اليمن والصراع مع إيران، قد فتحتا قنوات تعاون عسكري مع روسيا والصين.

–  اقتصادياً: بالنسبة لدول الخليج المنتجة للغاز والنفط الأزمة تصب في صالحها اقتصادياً، حيث تتزايد أهمية مواردها من الغاز والنفط، باعتبارها بديلًا للنفط والغاز الروسي. وبالفعل قامت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بإجراء اتصالات مع عدد من الدول في منطقة الخليج، ومع شركات غربية عاملة في قطاعي الغاز والنفط، لبحث فرصِ تزويد أوروبا بإمدادات من الطاقة كبدائل للغاز الروسي، بل وفتحت أزمة أوكرانيا الباب أمام دول منطقة الخليج لتقدم نفسها لأوروبا كمصدر بديل للطاقة،  أما بالنسبة تأثر دول الخليج باضطرابات سوق القمح، استبعدت مجلة “ميد” البريطانية الاقتصادية المتخصصة في 4 مارس 2022  أن تتأثر دول الخليج باضطرابات سوق القمح الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

– سياسياً: اتصالاً بالجانب الاقتصادي فإن الأزمة تمنح هذه دول  الخليج مكانه سياسية في الترتيبات الراهنة على الساحة الدولية، من مدخل سياسات الطاقة التي ستتابعها للتخفيف من ارتفاع الأسعار، لا سيما في حال تفاقمت الأزمة ونشب الصراع وتوقفت الإمدادات الروسية، فضلاً عن أن تصاعد الصراع من شأنه أن يمنح دول الخليج فرصًا أكبر للمناورة وحرية الحركة.

موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاة الأزمة الأوكرانية

الخليج العربي وبالرغم من ارتباط الدول الست الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي بشراكة قوية بالولايات المتحدة والدول الغربية عموماً، تبنت تلك الدول موقفين مختلفين بشكل واضح من الأزمة. غير أن المملكة السعودية أبلغت حليفها الأمريكي بعجزها عن تلبية الطلب لأنها ملتزمة باتفاق أوبك لعام 2020 مع روسيا القاضي بخفض الإنتاج والحد من انهيار الأسعار. أما الإمارات فقد امتنعت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التصويت على مشروع قرار رعته واشنطن يدين تصرف روسيا ويطالب بانسحابها، اتخذت البحرين وعمان وقطر والكويت مواقف عبرت عنها في بيانات وتصريحات مختلفة بعبارات ديبلوماسية فضفاضة من قبيل “تتابع بقلق بالغ تطورات الأزمة الأوكرانية” و”تدعو طرفي النزاع الى الالتزام بالحوار وإجراء مفاوضات” و”تعبر عن مخاوفهما بشأن التصعيد العسكري” و”تدعو إلى حماية وحدة أراضي أوكرانيا” ، أصدرت الجامعة العربية بيانها يوم 28 فبراير2022 جاءت صيغته مبهمة. فلا هو أدان الغزو الروسي بصريح العبارة ولا هو أعرب عن دعمه لدولة أوكرانيا التي انتهكت سيادة أراضيها.

**

التقييم

يمكن أن تشكل الأزمة الأوكرانية منعطفًا فاصلاً للأمن الأوروبي، و تغيير الطريقة التي يفكر بها الأوروبيون بشكل كبير بشأن أمنهم. تشير التقديرات إلى أن الحرب في أوروبا لم تعد مستحيلة وأن أكبر مخاوف الأوروبيين فيما يتعلق بالأزمة تختلف من بلد إلى آخر وسط الانقسامات الأوروبية بشأن الأزمة؛ وأن الحكومات الأوروبية بحاجة إلى التخطيط لحالات طوارئ.

استنزف بايدن موسكو والدول الأوروبية في أوكرانيا لاسيما في مجال الإنفاق الدفاعي ناهيك عن الاستنزاف الاقتصادي. بايدن الأن في وضع مستريح، وأوروبا تعيش حالة انذار وتاهب وويدفع موسكو لحرب ممكن ان تقع في مستنقعها بأوكرانيا.

الأزمة الأوكرانية ما زالت في مراحلها الأولى، فما هو مؤكد أنه إذا استمرت الأزمة لوقت أطول سيكون هناك العديد من السيناريوهات الغيرمتوقعة، وتدفق العديد من اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى استنزاف موارد وقدرات الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية لمعالجة العواقب الناتجة عن الأزمة. خاصة أن أوروبا ليست مستعدة لعواقب الحرب على مجالي الطاقة والاقتصاد ، كما أنها غير مستعدة للترحيب باللاجئين بعد أزمة الهجرة في عام 2014.

**

اتخذ الاتحاد الأوروبي نهجاً حذراً تجاه أمن دول الشراكة الشرقية مع بداية الأزمة، إذ حاول الاتحاد الأوروبي الابتعاد عن الصراع الروسي الأوكراني وتجنب الدفاع عن أوكرانيا.  وبين عشية وضحاها، أصبح الاتحاد الأوروبي لاعباً رئيسياً في مواجهة التهديد الروسي.

بات متوقعا أن تؤدي حرب روسيا إلى وجود أمريكي أكبر في أوروبا، ووجود أقوى لحلف شمال الأطلسي على الجانب الشرقي، وتوثيق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والناتو

أدرك الأوروبيون الخطأ الكبير في أن تستمر ألمانيا قلباً اقتصادياً للقارة الأوروبية من غير قوة عسكرية تتحمل جزءاً يليق بها من الأعباء الأمنية في القارة التي باتت تتهددها المخاطر، لا سيما بعد انسحاب بريطانيا التي تمثل الثقل الأكبر أوروبياً على صعيد العسكرة.

أثبتت الأزمة أنه لاتزال روسيا تشكل تهديداً بارزاً للأمن الأوروبي، بالطريقة التقليدية (من خلال الانتشار العسكري) وبطريقة غير تقليدية (من خلال الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل). لذا سيكون على الاتحاد الأوروبي وألمانيا في المستقبل أن يساهم بشكل كبير في تطوير نوع القدرات الدفاعية الأوروبية اللازمة للدفاع والردع في مواجهة روسيا.  وتكثيف سياسات الأمن السيبراني وتقليل اعتماده على الطاقة الروسية.

هنالك تحول كبير ونوعي للموقف الألماني على مستوى سياسي وعسكري أمني، فإرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا أخرجت ألمانيا من سياستها شبه الحيادية، ما يعني بأن ألمانيا ودول أوروبا تشهد منعطف جديد في سياساتها الخارجية، واستنزاف اوروبا ليس في اقتصاداتها وانما في دفاعاتها، عبر التوجه نحو الإنفاق العسكري على حساب التنمية الاقتصادية.

**

من المتوقع أن تكون لهذه الأثار تداعيات وتبعات سلبية مضاعفة على مستويات الأمن العالمي سياساُ واقتصادياُ في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط، حيث كان الأمن الغذائي العالمي في خطر حتى قبل الغزو الروسي على أوكرانيا بسبب جائحة كورونا. من المتوقع اقتصادياً  أن أزمة الغاز الروسي ستؤدي إلى هزة كبيرة في أسعار الغاز العالمية وزيادة أسعاره، ما ستمتد معه الانعكاسات إلى زيادة أسعار المواد الصناعية والبتروكيماوية التي تستوردها الأسواق الأجنبية، وبعض الأسواق العربية، كما سيؤدي ارتفاع سعر الغاز إلى زيادة الطلب على المنتجات النفطية وحتى الفحم الحجري، نظراً للأجواء السلبية التي ستحول دون سرعة طاقات تنفيذ برامج الاستدامة حال ازدياد وتيرة الحرب.

 عززت الأزمة الأوكرانية من الواقعية الأمريكية في التعامل مع دول الخليج، فقد أظهر الصراع حاجة الولايات المتحدة إلى دعم حلفائها التقليديين في الخليج، لا سيما على الجانب الإستراتيجي والاقتصادي ويمكن القول إن حاجة الولايات المتحدة لدول الخليج في الصراعها، وتبقى كل هذه الآثار السياسية والاقتصادية للأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية على روسيا قائمة طالما بقي الصراع محتدماً. أما إذا أدت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا مع الوساطات والجهود الدولية إلى انفراجه في الأزمة والتوصل إلى حلول توافقية فقد يؤدى ذلك إلى تهدئة نسبية وتخفيف التصعيد بين الناتو وروسيا.

رابط مختصر….https://www.europarabct.com/?p=80575

*جميع الحقوق محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

The crisis of European security: What Europeans think about the war in Ukraine
https://bit.ly/3pmnnGE

 الاتحاد الأوروبي يستعد لاستقبال 7 ملايين لاجئ محتمل من أوكرانيا
https://bit.ly/3vpcl7m

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.. ألمانيا تدخل “حقبة جديدة”!
https://bit.ly/3K2EDZe

**

 EU agrees to give €500M in arms, aid to Ukrainian military in ‘watershed’ move
https://politi.co/3I4A5QZ

The European Union will ask states to grant asylum to Ukrainian refugees for up to 3 years.
https://nyti.ms/3tDqBa7

 Switzerland will forego “Swiss neutrality” and adopt same sanctions as EU against Russia
https://cnn.it/361uGfO

 كيف غير غزو روسيا لأوكرانيا جوانب ثابتة في السياسة الألمانية منذ عقود؟
https://bbc.in/3vMD91r

 Inside Olaf Scholz’s historic shift on defense, Ukraine and Russia
https://politi.co/375GKxb

‘A new era’: Germany rewrites its defence, foreign policies
https://bit.ly/3sNgjoy

 Live-Lagebericht: Russland-Ukraine-Krieg
https://bit.ly/3vS2rLA

استطلاع: غالبية كبيرة في ألمانيا تعارض توريد أسلحة لأوكرانيا
https://bit.ly/35T9KYx

Germany to ship anti-aircraft missiles to Ukraine — reports
https://bit.ly/3HV9PYW

**

 “سيف القمح” على رقبة الشرق الأوسط
https://bit.ly/3CwOgNd

 الأزمة الأوكرانية: أين تقف الدول العربية في التوتر بين روسيا والغرب؟
https://bit.ly/34tZiGu

 الهجوم الروسي على أوكرانيا وتداعياته على الخليج وإيران
https://bit.ly/3IcJBS9

 تداعيات غزو أوكرانيا تطال 500 مليون شخص.. خطر يهدد مصر وتونس
https://bit.ly/3t55Epz

Middle East faces severe wheat crisis over war in Ukraine
https://bit.ly/3MB1Tjd

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...