“جهاديون” ارتبطوا بأجهزة إستخبارات غربية … أبو حمزة المصري
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا- وحدة الدراسات والتقارير “4”
احتضنت العاصمة البريطانية “لندن” العديد من الجماعات والتنظيمات المتطرفة وكانت ملاذا أمنا لهم ، و يُعدّ “أبو حمزة المصري ” من أبرز رموز التطرف الإسلاموي و الذي كان أكثر الدعاة تشددا في المملكة المتحدة ، وخضع أبو حمزة المصري لمحاكمة في نيويورك بالولايات المتحدة بسبب تهم تتعلق بالارهاب، وفي ما يلي استعراض لسيرته الذاتية .
نشأة أبو حمزة المصرى
ولد مصطفى كمال مصطفى، والملقب بـ “أبو حمزة المصري ” في 15 أبريل 1958 بمدينة الإسكندرية في مصر درس الهندسة المدنية قبل أن يسافر إلى بريطانيا وكان عمره 21 عاما ، انتقل إلى المملكة المتحدة في عام 1979 ، لأنه كان “يحلم بحياة غربية على النمط الأميركي” ، و كان الغرض من انتقاله هو “كسب المال واللهو”، ودخل أبو حمزة المملكة المتحدة بتأشيرة دخول طالب ، ثم تزوج هناك من سيدة بريطانية التي اعتنقت الإسلام عام 1980 ، وحصل على الجنسية البريطانية ولكن هذا الزواج انتهى بالطلاق بعد (5) أعوام ، وانجب منها ابنه الأكبر”محمد” ، الذي أدين عندما كان في سن السابعة عشرة بمحاولة تفجير قنبلة باليمن .
وقرر” المصرى” استكمال دراسته في جامعة “برنل” ثم جامعة “برايتون بوليتكنك” اللتين حصل منهما على درجات جامعية ، و تزوج من أخرى تقابل معها عام 1984 في احتفالية إسلامية في لندن وأنجب منها سبعة أطفال ، وفي لندن، انتقل من وظيفة إلى أخرى وعمل موظف استقبال أولاً، ثم حارساً في ملهى ليلي في حي “سوهو”، وحينذاك لم يكن الدين مركز اهتمامه الأول. وقال في مقابلة “لم أكن مسلماً جيداً قبل أن أصل إلى بريطانيا”. وأضاف “كنت غير منضبط” ، حتى إنه “أدار مع شخص آخر ناديا للعراة”، وبعد أن حصل على شهادة الهندسة عمل أيضا في الأكاديمية العسكرية في”ساندهورست” الملكية، وظلت الرسومات الفنية الخاصة بتلك الكلية في منزله عند اعتقاله في عام 2004.
بدأ اهتمام “أبو حمزة المصرى” بالايدلوجيات المتطرفة” عام 1982، بتأثير من زوجته البريطانية التي كانت تريد أن تمضي مزيدا من الوقت معا ، وتأثر شديدا “بالثورة الإيرانية” ، وقد حصل على إجازة فى القرآن الكريم ، وأقلع عن التدخين، وتوقف عن العمل في الملاهي الليلية خلال شهر رمضان، وقد درس الشريعة الاسلامية ، وأعد تسعة كتب في التطرف، نشر منها خمسة كتب .
بداية تطرف أبو حمزة المصرى
التقى فى عام 1987، بـ “عبدالله عزام” مؤسس حركة الجهاد الدولية، وشخصية أساسية في الكفاح ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان ، سافر “المصري” عام 1989 إلى أفغانستان كمتطوع للمساعدة في إعادة إعمار أفغانستان وأثناء حملة لإزالة الألغام تعرض “المصري” إلى إصابات نتيجة انفجار لغم، وأدت هذه الإصابات إلى فقدانه البصر في عينه اليسرى وبتر في يده اليمنى ، الا ان روايات اخرى تؤكد انه اصيب اثناء عمله في شحنة ناسفة ، وعاد إلى بريطانيا عام 1993 لتلقي العلاج ، و ساهم في تأسيس جماعة متطرفة من “المؤيدين للشريعة”، وقرّر أن يصبح إماماً لها ، وبعد ذلك توجه إلى البوسنة لدعم المسلمين هناك، أثناء محاولتهم الانفصال عن يوغوسلافيا سابقا ، حيث بقي حتى توقيع اتفاق دايتون للسلام في عام 1995.
بدأ يلقي خطباً في مسجد فينسبوري بارك، شمال لندن منذ عام 1997 ، ودفع شبان مسلمين إلى التطرف، وإعدادهم وإرسالهم إلى معسكرات القاعدة وأكد “المصرى” في مقابلة عام 1999 إن الإرهاب “مبرر” إذا ارتُكب “باسم الدين”، وهو لا يخفي ومواقفه المناهضة لعملية غزو العراق 2003 ، وتعاطفه مع بن لادن، ووصفه بعد اعتداءات (سبتمبر) 2001 بأنه “رجل صالح”.
اقتحمت الشرطة البريطانية في يناير 2003 مسجد “فينسبوري بارك” للتحقيق والتفتيش وحسب تقارير الشرطة البريطانية فإنه تم في ذلك التفتيش العثور على “جوازات مزورة وغاز مسيل للدموع وسكاكين ومسدسات”، بالإضافة إلى ما أسمته الشرطة “موسوعة الجهاد الأفغاني” وكانت حسب وصف الشرطة “دليل يحوي على أسماء ساعة بيغ بن وبرج إيفل وتمثال الحرية كأهداف يمكن مهاجمتها” ، وتم عزل “المصري” من منصبه كأمام للجامع في 4 فبراير 2003.
تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية
حاكمته السلطات البريطانية بتهمة التحريض على القتل، وعلى الكراهية وحُكم عليه مطلع 2006، بالسجن سبع سنوات. وحاول بدون جدوى تجنّب تسليمه إلى الولايات المتحدة، وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 10 أبريل 2012 بترحيله مع أربعة آخرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، واتهم بتقديم دعم مادي لشبكة القاعدة، وبمحاولة إنشاء معسكر تدريب في أوريغون ، والضلوع في احتجاز (16) رهينة في اليمن عام 1998 ، وبالتخطيط لإنشاء مركز كمبيوتر لطالبان، وإرسال مجندين للتدرب على العمليات الإرهابية في أفغانستان. وأدانت هيئة من المحلفين في المحكمة الفيدرالية بنيويورك أبو حمزة المصري في مايو 2014 بـ “11” تهمة تتعلق بالإرهاب واحتجاز رهائن وإرسال جهاديين للتدرب في أفغانستان
اعترافات وعلاقة ” أبو حمزة المصرى” بجهاز الاستخبارات البريطانية
كانت هناك تقارير تشير إلى أن الشرطة وأجهزة الاستخبارات تراقب أبو حمزة بالفعل، بالإضافة إلى مسلحين أخرين في ذلك الوقت، ووفقا لأبوحمزة نفسه، فإن جهاز الاستخبارات البريطاني (MI5) اتصل به للمرة الأولى عام 1997، بعد فترة قصيرة من وقوع مذبحة الأقصر في مصر، والتي راح ضحيتها 68 سائحا.
ويرجّح الدكتور “نومان حنيف” المحاضر في جامعة لندن، أن تكون الاستخبارات البريطانية جنّدت أبو حمزة المصري في العام 1997، وأكد أبو حمزة المصرى تلك المعلومات عندم ااعترف أنه كان عميل لجهاز الاستخبارات البريطانى “MI5” بالإضافة إلى وجود (50) وثيقة تم الحصول عليها من مكتب “سكوتلاند يارد”، تفيد بأن موكله كان يعمل بشكل سري مع أجهزة الاستخبارات الداخلية البريطانية “MI5” ، وشرطة اسكتلانديارد من أجل توفير معلومات هدفها حفظ الأمن في شوارع لندن من أواخر 1990وحتى عام 2000.
كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية نقلاً عن عملاء في جهاز الاستخبارات البريطانية “MI5” أن الأجهزة كانت تسمح لأبو حمزة بالنشاط في مسجد “فينسبري بارك” شرط عدم تعريض الأمن البريطاني للخطر، كما نقلت عن عميل للاستخبارات البريطانية، وعن مقربين منه القول إن “أبو حمزة كان مخبراً بشكل غير مباشر” ينقل المعلومات عن المتطرفين الآخرين.
التوصيات
يجدر ببريطانيا ودول اوربا والغرب ان تتوقف عن منح اللجوء والحماية الى التنظيمات المتطرفة ومشايخها، واتخاذ إجراءات مشددة ضد دعاة الكراهية المتطرفين ، وذلك من خلال تشكيل فرق متخصصة للتصدي لجميع أشكال التطرف التي يمكن أن تحرض على استقطاب وتجنيد الشباب ، وتنفيذ العمليات الإرهابية ، وكذلك مكافحة التشدد في المدارس والمساجد وتشديد عمليات التفتيش على المواد الدعائية التى تحض على التطرف ، واعتماد برامجً جديدة لمكافحة التطرف ، ووقاية الأفراد الذين هم عرضة لخطره المباشر بل يشمل الأفراد البعيدين حاليا عن تأثيره ، وضع تشريعات جديدة تتيح لها إمكانية الوصول إلى بيانات المتطرفين .
الهوامش
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=48528
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات