وكالة العدل الأوروبية “يوروجست”،هيئة لمتابعة المقاتلين الأجانب قضائيا
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد : جاسم محمد ، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار ـ بون
مازالت دول الأتحاد الأوروبي تسعى، لسد الثغرات وتسريع التعاون داخل منظومة وكالات الإستخبارات الأوروبية، الوطنية والأتحاد من أجل تعزيز التعاون الامني وتبادل المعلومات حول عناصر الجماعات الاسلاموية المتطرفة ابرزها تنظيم داعش، وتسريع تنفيذ أوامر قضائية بالتحري او مقاضاتهم. وممكن وصف خطوة الاتحاد الاوروبي في اعتماد سجل مكافحة الارهاب من قبل “يوروجست” خطوة بالاتجاه الصحيح، وضمن مساعي الاتحاد في إيجاد سياسات إستباقية في مكافحة التطرف والإرهاب، لكن رغم ذلك هي لا تعتبر سياسات كاملة. آليات التعاون الامني القضائي داخل الاتحاد الاوربي
دعت الهيئة الأوروبية المسؤولة عن تنسيق المتابعات القضائية والأحكام “يوروجاست” يوم 24 مايو 2020 الى ملاحقة الجهاديين العائدين إلى بلادهم والذين قاتلوا في صفوف داعش في العراق وسوريا، على المستوى الدولي بجرائم حرب. مكاهحة الارهاب
والكثير من هؤلاء المقاتلين لا يواجهون حالياً سوى اتهامات بحكم القوانين الوطنية حول الإرهاب، وفق ما جاء في تقرير صادر عن الهيئة و”جينوسايد نيتوورك” وهي هيئة أنشأها الاتحاد الأوروبي بهدف تأمين التعاون بين المحققين الوطنيين والملاحقات بجرم الإبادة أو بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية ينبغي أن يُعتبر وفق القانون الدولي الإنساني بمثابة “طرف في نزاع مسلح غير دولي في العراق وسوريا”. وكتبت يوروجاست “بالتالي، قد يُحمّل أعضاؤه والمقاتلون الإرهابيون الأجانب مسؤولية ارتكابهم جرائم حرب وجرائم دولية أساسية أخرى”.
أطلق الاتحاد الأوروبي يوم 05 أوغست 2019 أول سجل قضائي أوروبي لمكافحة الإرهاب، بناء على مبادرة من وكالة العدل الأوروبية “يوروجست” التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً لها، وتتلقى الدعم من المؤسسات الاتحادية في بروكسل. وسيتم تبادل المعلومات بين المدعين والقضاة حول المشتبه بهم والمتورطين في جرائم الإرهاب، للتحرك بشكل استباقي وتفادي إفلات هؤلاء من العقاب. ودخل السجل الخدمة في الأول من سبتمبر 2019 من اجل تقديم الدعم الى السلطات القضائية الوطنية.
وكانت فكرة تأسيس سجل قضائي يدعم الدول الاوروبية في تتبع المطلوبين ومقاضاتهم عام 2015، في اعقاب تفجيرات باريس 13 نوفمبر من ذات العام.جوليان كينغ مفوض الاتحاد الأوروبي للأمن أكد في أعقاب ذلك وجود 1300 مواطن أوروبي أ من نصفهم أطفال محتجزون في سوريا والعراق.مكاهحة الارهاب
السجل القضائي الجديد سيقتصر على دول الاتحاد، على أن يكون التعاون مع أطراف خارجية، ومنها دول عربية، في إطار اتفاقيات منفصلة لتعزيز العمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. وستجمع قاعدة البيانات الجديدة معلومات من كل دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين بشأن التحقيقات الجارية والمحاكمات والإدانات المتعلقة بالمتشددين، وستسهل التعاون بين أجهزة الادعاء. ومن المتوقع أن يسهم ذلك في إدانة.
ماهي مهام وكالة “اليوروجست” العدل الأوروبية
ـ منع حدوث هجمات جديدة ، تساهم الوكالة من خلال سجل مكافحة الإرهاب هذا بمنع حدوث هجمات جديدة في أوروبا، إذ سيحصل المدعون على صلاحية الاطلاع على المزيد من المعلومات عن المشتبه بهم، واجراء تحريات اوسع حول المشتبه بهم.
ـ التعاون وتبادل المعلومات حول المطلوبين والملاحقين قضائيا من تنظيم داعش والجماعات المتطرفة بين دول الاتحاد الوطنية.
ـ التعاون وتبادل المعلومات حول المطلوبين والملاحقين قضائيا من تنظيم داعش والجماعات المتطرفة مع دول المنطقة خاصة سوريا والعراق.
ـ رصد ومتابعة وتحييد النازحين نحو التطرف داخل دول أوروبا، اي اجراء التحري وجمع المعلومات حول المشتبه بهم، وهذا مايمثل خطة إستباقية في محاربة التطرف والارهاب.
ـ عمل السجل مع منصات تبادل المعلومات بين دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، من خلال الترابط اداريا وعادة مايتم ذلك اليكترونيا.
منصات تشغلية لادارة وتبادل المعلومات
حسب تقرير للمجلس الأوروبي في 14 يونيو2018 فإن المنصات و النظم التي أقرتها إحدى لوائح الاتحاد الأوروربي تتمثل في : نظام الدخول والخروج ( EES) ، ونظام معلومات التأشيرة (VIS) ، والنظام الأوروبي لمعلومات السفر والتفويض (ETIAS) ، ونظام معلومات شنغن (SIS) والسجلات الجنائية الأوروبية نظام المعلومات لمواطني البلدان الثالثة (ECRIS-TCN)،نظام اليوروبول للمعلومات EIS فضلا عن بيانات اليوروبول وبعض قواعد بيانات الإنتربول بشأن وثائق السفر. مكاهحة الارهاب
هل توجد سياسة أوروبية موحدة للتعامل مع المقاتلين الاجانب ؟
يقول جيل ديكروشوف، المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب: “الدول الأعضاء تريد أن تحدد بنفسها ما تراه مناسباً للتعامل مع ملف المحاكمة الدولية، أو استقبال المقاتلين العائدين من سوريا والعراق، ولا توجد سياسة موحدة أوروبية للتعامل مع هذا الملف، ولكن نستطيع أن نساعد ويكون لنا دور، وأظهرنا الاستعداد للتعاون، وقمنا باتصالات عدة بالفعل، ومن المهم أنه في حال عاد هؤلاء الأشخاص أن يكون لدينا سجل قضائي يتضمن كل المعلومات بشأنهم.”
أما فيما يتعلق بملف محاكمة دولية للمقاتلين الأجانب في مناطق الصراعات، أو استقبال أوروبا لأعداد منهم، فلا يوجد قرار حتى الآن في هذا الصدد، كما لا توجد سياسة أوروبية موحدة في هذا الملف.
ووجاء اعتماد سجل مكافحة الإرهاب محاولة من اجل تعزيز التعاون الامني القضائي داخل الاتحاد الأوروبي ومؤسساته ، اهمها وكالة العدل الأوروبية. التعاون الامني داخل الاتحاد الاوربي
تسريع إستجابة الوكالات الأوروبية بالتعامل مع المعلومات حول المطلوبين
يسعى الأتحاد الأوروبي الى إيجاد أنظمة معلومات تسهل عملية تبادل المعلومات وتسريع إستجابة الوكالات الأستخبارية الوطنية لدول أوروبا واجهزة الشرطة من أجل، منع وقوع عمليات إرهابية، يخطط لها من قبل عناصر منطرفة داخل دول الاتحاد الاوروبي . مساعي دول الاتحاد الاوروبي تاتي ضمن جهودها في سد الثغرات، بعد سنوات من الجهود المكثفة في لمواجهة تهديدات تنظيم داعش والتنظيمات الاسلاموية واليمينية المتطرفة، خاصة في اعقاب تفجيرات باريس 13 نوفمبر 2015. مكاهحة الارهاب
تقييم عمل هيئة المتابعة القضائية
بدون شك، لم تعد خطوة كافية : كون تحديات الجماعات المتطرفة والتهديدات الامنية في تصاعد، التطرف موجود دائما في المجتمعات، مالم يتم ردعه من خلال جملة اجراءات وسياسات احترازية. هناك اجماع لدى علماء النفس والاجتماع، يقولون يجب “ردع التطرف في مكامنه قبل ظهوره” اي لا ندع التطرف ان يظهر.
إن جهود الأتحاد الاوروبي هذه يمكن وصفها بالجهود الأستباقية لمنع التطرف محليا، والاهم انها ربطت التعاون في سياسة محاربة الارهاب والتطرف باهمية التعاون وتبادل المعلومات مع دول المنطقة، في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف.
تبقى مسالة إستعادة مقاتلين داعش قائمة، بحد الان لا يوجد سياسة اوروبية موحدة لاستعادتهم، وهناك اجماع، على إستعادة اطفال تنظيم داعش اقل من عشر سنوان، وربما بعض عائلات مقاتلي تنظيم داعش، ولايبدو حلا في الافق، رغم الضغوطات الامريكية على دول أوروبا، والتي مازالت تتحجج في اجراءات قنصلية وجمع الشواهد والادلة. المشكلة تتعقد أكثر عندما تنظير دول أوروبا الى القضية، بانها قضية جنائية تحتاج الى شواهد وادلة ضد المطلوبين من المقاتلين الاجانب في مناطق النزاع ابرزها سوريا والعراق، فاغلب دول اوروبا لا تعاقب من التحق في القتال بصفوف داعش ؟! مكاهحة الارهاب
وكان عناصر تنظيم داعش ذهبوا هناك في نزهة سياحية، ولم يكن تحت رايات ومظلة”خلافة داعش”، وهذا الموقف يعكس مدى تعامل دول اوروبا البيروقراطي مع قضايا التطرف والارهاب، ويؤخر كثيرا المساعي الدولية في محاربة الارهاب والتطرف. اهمية الوحدات الرقمية في أجهزة الإستخبارات
هذه السياسات الاوروبية تضر ايضا في دول المنطقة، كون عدم إستعادة اوروبا مقاتليها الاجانب يعني تدويرهم داخل التنظيمات المتطرفة من جديد، وهذا ماحصل بالتحاق اعداد منهم الى المجموعات التي تدعمها تركيا شمال شرق سوريا. السياسات الاوروبية تجاه المقاتلين الاجانب ربما تمثل موقف سياسي اكثر ماتكون لاسباب فنية، وهذا يعني انه لاحل يلوح بالافق في قضية إستعادة المقاتلين الاجانب وعائلاتهم.ورغم منافع، سجل مكافحة الارهاب من قبل وكالة “اليوروجست”، فانها تتحدد في منافع محلية اوروبية، لاتصب كثيرا في الجهود الدولية ودول المنطقة.
التوصيات
ماينبغي ان تقوم به دول أوروبا، ان تنهض بمسؤوليتها القانونية والاخلاقية، وان تقوم بمهامه في محاربة التطرف دوليا، وان لا تنظر الى الارهاب نظرة “وطنية” او “انانية” بما يتعلق في المقاتلين الاجانب، بقدر النظر الى الأرهاب والتطرف نظرة كاملة من جميع الجوانب ، كون الأرهاب لم يعد محدودا في دولة او جغرافية وغير مقيد بحدود.
نشر في رؤية الإخبارية
رابط نشر مختصر …https://www.europarabct.com/?p=69324
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات